logo
أخبار العالم : حكمت الهجري: من مرجعية روحية إلى أداة تفكيك سياسي بإيقاع إسرائيلي

أخبار العالم : حكمت الهجري: من مرجعية روحية إلى أداة تفكيك سياسي بإيقاع إسرائيلي

الثلاثاء 22 يوليو 2025 09:40 مساءً
نافذة على العالم - في مدينة السويداء، حيث تواجهت قوى الأمن السوري مع مجموعات مسلّحة خارجة عن القانون، حسب توصيف الحكومة، في صدام دموي، برزت لهجة استعمارية مألوفة أعاد بثّها الاحتلال الإسرائيلي، متدثّرًا بخطاب 'الحماية' بدل الاحتلال، ومتحينًا لحظة الفوضى لتوسيع نفوذه تحت عباءة الدفاع عن 'الأقليات'.
لكن اللافت أن هذا الخطاب تماهى، على نحو صادم، مع تصريحات الشيخ حكمت الهجري، أحد أبرز المرجعيات الدينية لدى طائفة الموحدين الدروز في سوريا.
خرج الهجري بمواقف متتالية هاجم فيها الحكومة السورية علنًا، ووجّه نداءات للتدخل إلى قادة أجانب، من بينهم دونالد ترامب، وبنيامين نتنياهو نفسه، المتهم بارتكاب جرائم حرب. في تصعيد سياسي يطرح أسئلة كثيرة عن موقع الهجري وتاريخ اصطفافاته.
يقدّم هذا التقرير قراءة في المسار الروحي والسياسي للشيخ حكمت الهجري، منذ توليه موقع مشيخة العقل عام 2012، وصولًا إلى تحوّله إلى فاعل في الشأن العام، وانخراطه المتصاعد في ديناميات ما بعد سقوط نظام الأسد.
النشأة والخلفية الاجتماعية
وُلد حكمت سلمان الهجري في التاسع من يونيو/حزيران عام 1965 في فنزويلا، حيث كان والده يعمل حينها. بعد فترة قصيرة، عادت العائلة إلى سوريا، وهناك أكمل الهجري تعليمه من المرحلة الابتدائية حتى الثانوية. نشأ في عائلة دينية معروفة في السويداء، توارثت المشيخة لأجيال، وكان والده الشيخ سلمان الهجري من أبرز مشايخ الطائفة.
التحق بكلية الحقوق في جامعة دمشق عام 1985، وتخرّج منها عام 1990. بعد التخرج، استقر في مسقط رأسه للعمل، ثم عاد إلى بلدته قنوات عام 1998 ليستقر فيها بشكل دائم. ومهدت البيئة التي نشأ فيها، إلى جانب خلفيته القانونية، الطريق للعب أدوار مجتمعية متقدمة داخل الطائفة، مستفيدًا من موقعه العائلي ومن شبكة علاقاته الواسعة في جبل العرب.
تسلّم حكمت الهجري منصب الرئاسة الروحية للموحدين الدروز في سوريا عام 2012، بعد وفاة شقيقه الشيخ أحمد الهجري في حادث سير من نفس العام، يُقال أنه بترتيب من نظام الأسد، لموقفه من عمليات انشقاق أبناء الطائفة الدرزية عن قوات الأسد عام 2011، وانضمام بعضهم إلى كتائب الجيش السوري الحر وقتها. حيث كان قد شغل أحمد المنصب منذ عام 1989، خلفًا لوالده الشيخ سلمان الهجري، وهو ما يعكس توارث المنصب داخل العائلة لثلاثة أجيال متتالية.
واجهت خلافة الهجري تحديات غير مسبوقة ارتبطت بتأييده السريع والعلني لبشار الأسد في الأيام الأولى لتوليه المشيخة، حيث قدم دعمه للنظام في عدة بيانات، في ظل تصاعد الغضب الشعبي في المدينة ضد السلطة في ذلك الحين، مما أدى إلى تضرر شعبيته بين العامة، بما فيها إلحاق الضرر بسمعة آل الهجري كمرجعية دينية تاريخية في السويداء.
وهو ما أثار خلافات كبيرة داخل الطائفة نفسها، وفتح نقاشات كثيرة حول من يملك حق الزعامة الدينية والسياسية في جبل العرب. إذ انقسمت الهيئة الروحية إلى مجموعتين: واحدة يقودها الشيخ حكمت الهجري في بلدة قنوات، والأخرى يقودها الشيخ يوسف جربوع والشيخ حمود الحناوي في مقام 'عين الزمان'، الذي يُعتبر المركز الديني الأهم للطائفة في سوريا.
علاقته بنظام الأسد وموقفه من الثورة
منذ توليه مشيخة العقل عام 2012، حافظ حكمت الهجري على موقف واضح في تأييده لنظام الأسد البائد. ففي أول ظهور علني له بعد وفاة شقيقه، ألقى كلمة أمام الأسد خلال زيارة الأخير إلى بلدة قنوات لتقديم العزاء، قال فيها: 'حضرتك الأمل، أنت بشار الأمل، بشار الوطن، بشار العروبة والعرب، الله يطولنا بعمرك'. هذا الخطاب مثّل إعلان ولاء صريح للنظام.
وبحسب دراسة صادرة عن مركز جسور عام 2020، عبّر الهجري بشكل متكرر عن اصطفافه مع النظام السوري، واستقبل وفودًا من الحشد الشعبي العراقي، وأصدر في مارس/آذار 2015 بيانًا طالب فيه بتسليح أبناء الطائفة. كما قام بالتنسيق المباشر مع القصر الجمهوري في ملفات إدارية ومحلية، من بينها الوساطة لإعادة موظفين مفصولين إلى أعمالهم.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2018، دعا أبناء الطائفة إلى الالتحاق بالخدمة الإلزامية، بعد حادثة اختطاف نفّذها تنظيم داعش، كما أشرف على تشكيل فصيل مسلح بالتنسيق مع فرع الأمن العسكري، وهو نواة الميلشيا التابعة له حاليًا.
استمر الهجري بإظهار ولائه للأسد رغم تصاعد الاحتجاجات في السويداء، ومقتل متظاهرين برصاص قوات النظام، مما عرّضه لانتقادات حادة من ناشطين محليين، اتهموه بالانحياز الكامل للنظام، لا سيما بعد تحطيم تمثال حافظ الأسد وسط المدينة، اللحظة الأبرز في تاريخ محافظة السويداء خلال سنوات الثورة السورية.
لم يقتصر موقف الهجري المؤيد للنظام على البيانات والمواقف العامة، بل شارك عام 2015، مع مشايخ آخرين، في إصدار قرار من مشيخة العقل يقضي بإبعاد الشيخ وحيد البلعوس، مؤسس رجال الكرامة، وعدد من رجال الدين المناهضين للأسد عن الطائفة، حيث اتهمهم بالخروج عن المسار الديني.
وكان البلعوس يعتبر من أبرز مشايخ الطائفة وأكثرهم حضورًا شعبيًا، وهو قائد حركة 'رجال الكرامة' التي عارضت نظام الأسد علنًا، قبل أن يُغتال في انفجار سيارة مفخخة بمدينة السويداء، أعقبه تفجير ثانٍ استهدف المستشفى الذي نُقل إليه. حيث اتهم ابنه ليث البلعوس في عام 2021، كلاً من إيران و'حزب الله' اللبناني بالوقوف وراء عملية الاغتيال.
مجددًا، وبعد أقل من عام على تلك الحادثة، ظهر الشيخ حكمت الهجري في مقابلة صحفية مدافعًا عن اللواء عصام زهر الدين، أحد أبرز الضباط في الحرس الجمهوري والمنحدر من السويداء، ووصفه بأنه 'متفانٍ في خدمة وطنه وجيشه'.
زهر الدين كان من القادة العسكريين الذين اعتمد عليهم النظام بشكل أساسي في قمع الثورة، وارتبط اسمه بانتهاكات موثقة في مناطق عدة مثل دير الزور، مسرابا، وبابا عمرو في حمص.
شهد هذا الوضع تحولاً تدريجياً مع بداية عام 2021، حين أُهين الشيخ الهجري على يد ضابط من جهاز الأمن العسكري التابع للنظام، ما أثار استياءً واسعاً في أوساط أهالي السويداء، وانتهى الأمر بتقديم دمشق اعتذاراً رسمياً.
اعتُبرت تلك الواقعة منعطفاً حاسماً في موقف الهجري، إذ بدأ بعدها يوجّه انتقادات متزايدة لسياسات النظام، وعبّر بوضوح عن تأييده لمطالب احتجاجات عام 2023 التي رفعت شعارات تدعو إلى تغيير سياسي جذري وخروج النظام من المحافظة.
دوره في الأحداث الجارية
مع سقوط الأسد وهروبه أواخر عام 2024، وجد حكمت الهجري نفسه خارج المعادلة السياسية التي تشكّلت. إذ لم تعترف الحكومة المؤقتة بقيادة أحمد الشرع بأحقيته كممثل للطائفة الدرزية بأكملها، فعملت على تحجيم حضوره واستبعاده من الوفود الرسمية التي زارت دمشق والتقت بالرئيس الجديد.
في المقابل، أُعطي الاهتمام الرسمي لشخصيات وطنية أخرى مثل سليمان عبد الباقي، قائد 'تجمع أحرار جبل العرب'، وليث البلعوس، نجل الشيخ وحيد البلعوس وقائد مضافة الكرامة. حيث ظهر كلاهما في لقاءات مع الحكومة الجديدة، ضمن مسعى واضح لتفكيك الهيمنة التي لطالما ارتبطت بعائلة الهجري.
الأمر الذي دفع الهجري للتصعيد من لهجته تدريجيًا، حيث بدأ برفض مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، ووجّه انتقادات متكررة للإجراءات الحكومية، قبل أن يطرح دعوات علنية لتدخّل دولي لضمان 'الانتقال السياسي'، كما قال.
وفي 17 شباط/فبراير 2025، أصدر بيانًا يصف العلاقة مع الحكومة بأنها 'قائمة على الشراكة'، في محاولة متأخرة لإثبات حضوره.
وفي 6 آذار/مارس، شهدت السويداء مظاهرات رفعت صور الهجري وأعلام الطائفة، مرددة هتافات ضد حكومة الشرع، شارك فيها حزب اللواء السوري، والمجلس العسكري في السويداء، وتيارات علمانية وفيدرالية تطالب بالحكم الذاتي أو الانفصال.
وعلى وقع هذه الأحداث، أعلن الهجري في 15 آذار/مارس أنه 'لا وفاق ولا توافق' مع الحكومة، واصفًا الحكومة بـ'المتطرفة والمطلوبة للعدالة'، ومؤكدًا أن البلاد في مرحلة 'نكون أو لا نكون'.
فيما جاءت دعوات الهجري العلنية لتدخل خارجي، وتواصله مع قادة أجانب، من بينهم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التحول الجذري الأخطر في موقعه. إذ فتح الهجري بذريعة 'حماية الدروز'، الباب أمام تدخلات إسرائيلية مباشرة، ترافقت لاحقًا مع قصف استهدف العاصمة دمشق، ما أثار موجة غضب شديدة في الأوساط الوطنية السورية، بما في ذلك داخل الطائفة الدرزية نفسها.
بهذا المسار، يكون الهجري قد تجاوز موقع المرجع الديني المحلي، ليصبح فاعلًا متشابكًا مع مشاريع خارجية تهدد وحدة البلاد. فيما يبدو أن تحوّله من مؤيد لنظام الأسد إلى خصم للحكومة الجديدة، لم يكن تعبيرًا عن استقلال سياسي، بل اصطفافًا ضمن شبكة تدخلات إقليمية باتت تتعامل معه كواجهة داخلية تُستخدم تحت لافتة الطائفة، بينما هي تستهدف السيادة الوطنية في الصورة الأعم.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عندما تلبس إسرائيل ثوب الفضيلة والصدق على حساب مصر
عندما تلبس إسرائيل ثوب الفضيلة والصدق على حساب مصر

الدستور

timeمنذ ساعة واحدة

  • الدستور

عندما تلبس إسرائيل ثوب الفضيلة والصدق على حساب مصر

دعت جماعة تُعرف بـ «اتحاد أئمة المساجد فى الداخل الفلسطيني» إلى مظاهرة احتجاجية ضد مصر، أمام سفارتها فى تل أبيب، السبب المزعوم وراء هذه الدعوة هو اتهام مصر بإغلاق معبر رفح وتجويع أهل غزة. إن الهجوم على مصر من قِبل هذه الجماعة الوقحة، يبدو كأنه جهد متعمد لصرف الأنظار عن الكيان الصهيونى وممارساته القمعية، فبدلًا من الإشارة إلى الجرائم التى ارتكبها الاحتلال الإسرائيلى فى غزة، والتى تجلت بوضوح فى قتل الأطفال وتجويع المدنيين، فُرضت هذه الرواية المعاكسة التى تُلقى اللوم على مصر، مما يعكس مستويات من التوظيف السياسى الرخيص، حيث تُلبس إسرائيل ثوب الفضيلة وتبرأ من أفعالها، فى وقت يتعرض فيه أبناء غزة لأبشع الممارسات. لقد أصبح من الواضح أن الأسلوب الذى تنتهجه بعض الجماعات فى الوقت الراهن يُظهر بشكل جلى استهداف مصر وتشويه صورتها ومحاولة تقديمها كعدو لفلسطين، إن هذا التوجه يُعبر عن استراتيجية مدروسة من قبل العدو الصهيونى وإدارته الأمريكية وأتباعهم، حيث تُعتبر مصر بمثابة آخر حائط صد يقف فى وجه تمدد الكيان الصهيونى، الذى يسعى إلى تحويل المنطقة إلى إمبراطورية صهيونية تمتد من المحيط إلى الخليج. تاريخيًا، تُعتبر مصر أحد أبرز الداعمين للقضية الفلسطينية، حيث تعود جذور هذا الدعم إلى زمن صلاح الدين الأيوبى، الذى تمكن من تحرير القدس من براثن الصليبيين، منذ تلك اللحظة، أصبحت فلسطين بالنسبة لمصر قضية مركزية، كانت مصر حاضرة بقوة فى معارك فلسطين ضد الاحتلال الإسرائيلى، حيث شاركت فى العديد من الغارات والحروب، وقدمت العديد من الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من أجل الدفاع عن فلسطين، وقد شهد التاريخ على المواقف البطولية التى اتخذتها مصر فى دعم الكفاح الفلسطينى، سواءً على المستوى العسكرى أو الدبلوماسى، فمصر توأم الروح والشقيقة الوفية لفلسطين، إن أمن مصر واستقرارها مرتبطان ارتباطًا وثيقًا بأمن واستقرار فلسطين، فنحن نتحدث هنا عن وطن واحد يجسد روحًا متحدة، إن ارتباط المصريين بفلسطين يعادل ارتباطهم بمصر ذاتها، وهذه العلاقة تمتد بجذورها الروحية والتاريخية والجغرافية عبر الآلاف من السنين. الاتحاد هو الحل بدلًا من توجيه أصابع الاتهام لمصر، وتقسيم الصفوف وتعزيز الفتن، ينبغى أن تتجه الأنظار نحو دعوة الأمة الإسلامية إلى وحدة الصف والارتباط القوى، باعتباره السبيل الأفضل لمواجهة الأعداء، تصرخ غزة اليوم بين أنين الأمهات ودموع الجياع وصراخ الأطفال، هذه الأصوات لا تعبر عن الألم فقط، بل تدعو أيضًا إلى التحرك الفورى من قبل المسلمين فى جميع أنحاء العالم، إذ يقع على عاتق الأمة الإسلامية عبء الانتقال من مرحلة الإدانات والشعارات السطحية إلى مرحلة الأفعال والمواقف الجادة التى ترضى الله ورسوله، فكل مسلم يُطلب منه أن يتحرك لمناصرة قضية فلسطين، وأن يستشعر مسئولية هذا العمل النبيل، وهو أمر ينطلق من واجب دينى وأخلاقى، فقد قال الله عز وجل فى كتابه الكريم: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا» كما تشير الآيات الكريمة فى القرآن إلى أن الله تعالى قادر على استبدال القوم الذين يقصرون فى واجباتهم، حيث يقول الله: «وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ» وهذا تذكير قوى للمسلمين بضرورة الانتباه إلى مسئولياتهم نحو إخوانهم فى فلسطين، وأن اللا مبالاة أو التفريط قد يؤديان إلى فقدان المكانة والكرامة.

خطاب الرئاسة المصرية حول غزة
خطاب الرئاسة المصرية حول غزة

الدستور

timeمنذ ساعة واحدة

  • الدستور

خطاب الرئاسة المصرية حول غزة

عادة ما ينتظر الناس خطابا كبيرا في اللحظات الحساسة الخطرة، لا أقل من الرئيس نفسه يوجهه لمواطنيه والأمة والعالم، ولقد وجه رئيسنا المصري خطابه الأخير حول غزة هكذا، خاطبنا وخاطب العرب وخاطب العالم، وبينما الأعداء الداخليون والخارجيون ينتظرون الصمت كان الكلام، وبينما ينتظرون كلاما يمكنهم الالتفاف له على حنق، والطعن فيه، كان الكلام واضحا وقاطعا ونافذا، بل لا يمكن تقديم خطاب أفضل في الوقت الراهن؛ فلكل ظرف سطوره المناسبة، كما أن لكل حادثة حديثا... تمركز الخطاب الرئاسي حول نقاط ثلاث: - إيقاف الحرب. - إدخال المساعدات إلى القطاع. - الإفراج عن الرهائن. تأتي مسألة إيقاف الحرب في المقدمة بالبداهة؛ فلا فائدة من شيء ما دامت النيران مشتعلة على الأرض، والسماء تجللها طائرات القتال الصارخة بالرعب القاصف لا طيور الله المغردة الساعية على رزقها، وفي هذا الشأن كان لا بد من مناشدة كبار العالم، الولايات المتحدة الأمريكية تحديدا، أن تبذل قصارى جهدها لإحياء حل الدولتين (فلسطين وإسرائيل) وإحلال السلام بمنطقة الشرق الأوسط عموما، وهو ما فعله الرئيس السيسي (قد تبدو المناشدة قولا لا طائل منه نظرا لتحالف الأمريكان التاريخي الذائع مع الإسرائيلين، إلا أنها مناشدة ذكية فعلا، وتضع الكيان المناشد أمام مسؤولياته على مرأى من الأمم قاطبة ومسمع منها)، وكان لا بد أيضا من شكر العرب المتعاونين مع مصر ومع أمريكا لجعل موضوع التفاوض بين الإسرائيليين وحماس قائما ومستمرا، وعلى الرأس من هؤلاء قطر، وهو ما فعله الرئيس أيضا، واصفا إياها بالبلد الشقيق، بصرف النظر عن أية خلافات ماضية أو محتملة. بالنسبة إلى إدخال المساعدات إلى قطاع غزة عن طريق المعابر، وهي نقطة حيوية تماما، استغلها الإخوان المسلمون الكاذبون مروجين حولها إشاعات هدفها تشويه مصر ووصمها بالعار وإيقاع الفتن بين حاكميها ومحكوميها؛ فقد أشار الرئيس إلى أن معبري رفح وكرم أبي سالم، أي المعبرين اللذين بين مصر وغزة، مفتوحان باستمرار (لا سيما معبر الأفراد رفح) وكل ما هنالك أن الجانب الآخر عليه أن يكون مستعدا لاستقبال ما يرسله المصريون من المدد الغذائي والطبي وما إليهما، وسامحا به، فالتفاهم بين الطرف المرسل والطرف المقابل في الجهة الأخرى يجب أن يكون على أكمل وجه، لا تمنعه موانع ولا تحيط به شكوك، حتى يتم الأمر ببساطة وسرعة تنجدان المستغيثين الملهوفين، وقال إن المساعدات يجب أن تكون وافرة، وإن الواجب الإنساني والأخلاقي لمصر يضاد التخلي عن قيمها الأصيلة. تبقى نقطة الإفراج عن الرهائن، وأظن الرئيس وضعها في الآخر عامدا؛ لأنها خلافية شيئا ما عن النقطتين الأوليين، خلافية، للأسف، لأن الحرب بالأساس مبنية على عدم الثقة، تنظيم حماس لا يريد التفريط بالكامل فيمن لديه من الأسرى خوفا من غدر بشع متوقع بعد أن يكون سلم الأوراق التي يحتمي خلفها برمتها، وإسرائيل غامضة كعادتها، ولا تبدو جادة في مسار واحد من المسارات التي تتطلب الجدية؛ ففي الوقت الذي تفاوض فيه حماس، كأنها تعترف بها وبوجودها وسلطتها، تعامل الأسرى بوحشية، وتدلي بتصريحات تؤكد نواياها السود تجاه التيار المقاوم الذي يعتبر نفسه ممثل الفلسطينيين كلهم في الدفاع عن القضية وحفظها من الاندثار. مصر تفعل فوق ما في وسعها كي تحتوي الموقف المتأزم، وهي لا تتفضل على فلسطين وأهلها، حاشاها، إنما تقوم بدورها الطبيعي في حماية أمن الجارة الغالية الذي هو أمنها نفسه من الناحية الشرقية. لا مزايدة على مصر، وشعبها وجيشها ورئيسها وكل قواها، في ما يخص فلسطين بالذات؛ فتضحياتنا من أجل القضية الفلسطينية مشهودة وموثقة وسرمدية، ولن تكف مصر عن القيام بكل ما يمكنها القيام به، من أجل أن تدرك ساعة بلا تهديد ولا رصاص ولا دماء، ساعة طويلة يعيش الأطفال والنساء والبشر أجمعون في رحبتها راحة حقيقية وطمأنينة طالما تطلعوا إليها في أثناء عناء متواصل مهين.

خالد الجندي: هناك 5 مقاصد شرعية و3 مصالح لصناعة الفتوى
خالد الجندي: هناك 5 مقاصد شرعية و3 مصالح لصناعة الفتوى

الدستور

timeمنذ 2 ساعات

  • الدستور

خالد الجندي: هناك 5 مقاصد شرعية و3 مصالح لصناعة الفتوى

قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن الإفتاء ليس مجرد رأي يُقال بل هو علم متراكم عبر الأجيال منذ عهد النبي (صلى الله عليه وسلم)، يدرسه المتخصصون بدقة وفهم واسع للقرآن والسنة والتفسير والحديث واللغة، إضافة إلى إدراك أحوال المستفتي والمفتي والفتوى ذاتها. المقاصد بمثابة دستور لا يجوز المساس بها أو الإضرار بها وأضاف الجندي، خلال برنامج "لعلهم يفقهون" المذاع على قناة "dmc"، أن المفتي حين يتلقى السؤال يعرضه أولًا على خمس قواعد أساسية تُعرف بـ "المقاصد الشرعية"، وهي: حفظ الدين، وحفظ العقل، وحفظ العرض، وحفظ المال، وحفظ النفس، مؤكدًا أن هذه المقاصد بمثابة دستور لا يجوز المساس بها أو الإضرار بها. وأوضح عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أنه بعد النظر في المقاصد، ينتقل المفتي إلى تقييم المسألة من خلال ما يُعرف بـ "المصالح"، وهي ثلاثة أنواع: مصالح ضرورية، وحاجية، وتحسينية، وتختلف حسب ظروف السائل. اختلاف الأشخاص يؤدي إلى اختلاف الحكم وأشار عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إلى أن اختلاف الأشخاص يؤدي إلى اختلاف الحكم، ضاربًا مثالًا بثلاثة سائلين يطلبون قرضًا لأسباب مختلفة: أحدهم لعلاج ابنته المريضة (مصلحة ضرورية)، والثاني لتحديث سيارته (مصلحة تحسينية)، والثالث لشراء شقة أوسع (مصلحة حاجية)، لافتًا إلى أن "الحكم لا يمكن أن يكون واحدًا للجميع". وأكد عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن المفتي يُجري خمسة عشر تصورًا ذهنيًا في كل فتوى (نتيجة المزج بين المقاصد الخمسة والمصالح الثلاثة)، يتم هذا التقدير في لحظة خاطفة، بفضل التدريب والعلم، تمامًا كما يتخذ الطبيب قراره في جزء من الثانية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store