
دراسة: الأنهار تسرّب كمية هائلة من الكربون المخزّن
كشفت دراسة جديدة أن الكربون المخزن في أعماق تضاريس الأرض منذ آلاف أو حتى ملايين السنين، يشق طريقه مرة أخرى إلى الغلاف الجوي على شكل ثاني أكسيد الكربون المنبعث من أسطح الأنهار.
وفي دراسة أجراها علماء من جامعة بريستول، وجد فريق بحثي دولي أن الأنهار حول العالم تُطلق الكربون، ليس فقط من مواد عضوية حديثة، بل أيضا من مصادر أقدم بكثير. يأتي هذا الكربون القديم من طبقات التربة العميقة، وحتى من الصخور المتآكلة.
ومن المرجح أن يغير هذا الاكتشاف فهمنا لدورة الكربون العالمية، ويشير إلى أن النباتات والتربة تلعب دورا أكبر في إزالة الكربون من الهواء مما كان يعتقد سابقا.
وقال المؤلف الرئيسي جوش دين، الأستاذ المشارك في الكيمياء الحيوية الجيولوجية في جامعة بريستول: "لقد فاجأتنا النتائج لأنها تبين أن مخازن الكربون القديمة تتسرب إلى الغلاف الجوي أكثر بكثير مما أشارت إليه التقديرات السابقة".
وافترض العلماء في السابق أن الغازات المنبعثة من الأنهار -الميثان وثاني أكسيد الكربون- تأتي في الغالب من المواد النباتية الحديثة التي تحللت وانجرفت إلى المياه خلال السنوات السبعين الماضية.
لكن هذه الدراسة وجدت شيئا مختلفا، حيث يأتي نحو 60% من ثاني أكسيد الكربون المنبعث من الأنهار في الواقع من الكربون المدفون تحت الأرض منذ قرون أو آلاف السنين.
وقال دين "قد تكون لهذه النتائج آثار هائلة على فهمنا لانبعاثات الكربون العالمية. فالنباتات والأشجار تمتص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، ثم يمكنها حبسه في التربة لآلاف السنين".
وأشار إلى أن النتائج تشير إلى أن بعض هذا الكربون القديم، فضلًا عن الكربون القديم من الصخور، يتسرب بشكل جانبي إلى الأنهار ويشق طريقه عائدا إلى الغلاف الجوي.
ورغم أنه من غير الواضح كيف يؤثر النشاط البشري على إطلاق الكربون القديم، فقد وجد الباحثون أن النباتات والأشجار تمتص حاليا المزيد من الكربون الجوي لتعويض هذا الإطلاق غير المعترف به.
إعادة تقييم دورة الكربون
وقام فريق البحث بفحص أكثر من 700 مجرى نهر من 26 دولة عبر كل قارة باستثناء القارة القطبية الجنوبية، وباستخدام تقنيات تأريخ الكربون المشع المتقدمة، قاموا بقياس عمر ثاني أكسيد الكربون والميثان المنبعثين من الأنهار.
ومن خلال تحليل كمية "الكربون-14″، وهو النظير الذي يساعد العلماء في تحديد عمر العينة، تمكنوا من التمييز بين الكربون "الحديث" والمصادر القديمة.
وقال المؤلف المشارك بوب هيلتون، أستاذ الجغرافيا الرسوبية في جامعة أكسفورد: "اكتشفنا أن حوالي نصف الانبعاثات حديثة العهد، في حين أن النصف الآخر أقدم بكثير، وتنطلق من طبقات التربة العميقة وتآكل الصخور التي تشكلت منذ آلاف وحتى ملايين السنين".
وغالبا ما يتم تجاهل الأنهار في المناقشات المتعلقة بالمناخ، ولكنها تلعب دورا حاسما في دورة الكربون، مثلما توضح الدراسة، وتُطلق الأنهار حول العالم حوالي مليار طن من الكربون سنويا. وبالمقارنة، يُصدر النشاط البشري ما بين 10 و15 غيغا طن سنويا.
ويجعل هذا انبعاثات الأنهار جزءًا كبيرًا من تدفق الكربون الطبيعي، وهو ما يدرك العلماء الآن أنه أكثر ديناميكية مما كان يعتقد في السابق.
قالت جيما كوكسون، الأستاذة المشاركة في علم المياه بجامعة بريستول والمؤلفة المشاركة: "إن انبعاثات الأنهار هذه كبيرة على نطاق عالمي، ونظهر أن أكثر من نصف هذه الانبعاثات قد يكون مصدرها مخازن الكربون التي اعتبرناها مستقرة نسبيًا".
وأضافت "هذا يعني أننا بحاجة إلى إعادة تقييم هذه الأجزاء الأساسية من دورة الكربون العالمية".
ويثير هذا الاكتشاف أسئلة جديدة: إذا كان الكربون القديم يتسرب بانتظام إلى الغلاف الجوي عبر الأنهار، فكيف يمكن أن يتغير هذا التدفق بمرور الوقت – لا سيما مع ارتفاع درجة حرارة المناخ وإعادة تشكيل الأرض بفعل النشاط البشري؟
ويخطط الفريق لمواصلة أبحاثه من خلال التحقيق في كيفية تغير عمر انبعاثات الكربون النهرية في المناطق التي لم يتم التقاطها في الدراسة الحالية، وما إذا كانت هذه الأنماط قد تغيرت تاريخيًا.
ومن خلال إعادة تشكيل فهمنا لمصادر انبعاثات الكربون، تؤكد هذه الدراسة أيضًا على الدور الحيوي للنظم البيئية الطبيعية في موازنة تلك الانبعاثات.
وبحسب الباحثين، فإن النباتات والتربة ربما تكون بالفعل قادرة على تعويض هذا المصدر غير المتوقع عن طريق سحب ما يقرب من مليار طن إضافي من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي كل عام.
وتسلط النتائج الضوء على الحاجة إلى ميزانيات كربون أكثر دقة في الوقت الذي يعمل فيه صناع السياسات والعلماء على معالجة تغير المناخ.
إن فهم المصادر والمصارف الخفية للكربون في البيئة ليس مجرد نشاط علمي، بل هو أمر ضروري لبناء إستراتيجيات فعالة للحد من الغازات المسببة للاحتباس الحراري وحماية مستقبل كوكبنا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 14 ساعات
- الجزيرة
الابتسام تحت الماء.. كيف تتواصل الدلافين بتعابير الوجه؟
عندما نرى نحن البشر تعابير وجه، مثل أفواه مفتوحة ومسترخية، فإن وجوهنا تحاكيها تلقائيًا في غضون أجزاء من الثانية. يُسمى هذا "تقليد الوجه السريع"، وهو رد فعل لا إرادي يبدأ دون أن نفكر فيه. يساعد هذا التقليد، البشر وكثيرا من الحيوانات على مزامنة الحركات أثناء اللعب. ومع ذلك، ظل دور تعابير الوجه في إدارة اللقاءات المرحة بين الحيوانات البحرية لغزًا حتى الآن. لكن الدلافين قارورية الأنف أو ذات الأنف الزجاجي أحدثت ضجة أخيرًا، إذ اكتشف العلماء أنها "تبتسم" أثناء اللعب، ووثقوا في دراستهم وجود تعبيرات وجه، مفتوحة الفم تشبه تلك التي تستخدمها الحيوانات الأخرى، ما قد يقدم رؤى جديدة عن تطور الثدييات، بما فيها البشر. ووفقًا للدراسة الحديثة التي نُشرت في مجلة "آي ساينس"، فإن هذا التعبير الذي يُشبه الابتسام لدى البشر تستخدمه للتواصل مع بعضها بعضا أثناء اللعب، ويُلاحظ غالبًا أثناء تفاعلاتها المرحة مع الدلافين الأخرى، خاصةً عندما يكون المُرسِل ضمن مجال رؤية المُستقبِل. من التواصل السمعي إلى البصري الدلافين التي تعيش في المياه المعتدلة والاستوائية في العالم، بما فيها السواحل الأفريقية، توسع شبكتها الاجتماعية بعدما تكون الأم رفيقة اللعب الأولى، وتلعب مع الدلافين الأخرى في الأسابيع الأولى من حياتها. وتعتمد الدلافين بشكل كبير على الإشارات البصرية للتنقل في عوالمها الاجتماعية، لكن حركات عضلات وجهها المحدودة تجعل دراسة تعابيرها أمرًا صعبًا للغاية. ومع ذلك، فإن السلوك الاجتماعي المرح للدلافين وطريقة توجيهها للإشارات إلى المجال البصري إلى بعضها بعضا تُشبه ما تفعله الثدييات الأخرى، وهذا يشير إلى أنها قد تستخدم تعابير الوجه لنقل المعلومات، ما يجعلها نموذجًا مثاليًا لدراسة كيفية تواصل الحيوانات باللعب. وإلى جانب ذلك، تتواصل الدلافين عبر أحد أكثر الأنظمة الصوتية تعقيدًا في عالم الحيوان، حيث تستخدم صفارات عالية النبرة للتعرف إلى بعضها بعضا والتفاعل اجتماعيًا. ربما تطوَّر هذا لأنها تعيش في مياه عكرة حيث تكون الرؤية منخفضة، مما يُجبرها على الاعتماد على الصوت، ومع ذلك، يُمكن للصوت أيضًا أن يُعرّضها للحيوانات المفترسة أو المتنصتين. عندما تكون الدلافين في مياه صافية أو عندما تكون قريبة من بعضها بعضا، فإنها تستطيع التحول إلى التواصل البصري. وقد افترض الباحثون أن هذا سيجعل تعابير الوجه أساسية للتبادلات السريعة بين الطرفين. عندما تلعب الدلافين معًا، يساعدها مزيج من الصفير والإشارات البصرية على التعاون وتحقيق الأهداف، وتُعد هذه الإستراتيجية مفيدة، خاصة أثناء اللعب الاجتماعي عندما تكون أقل حذرًا من الحيوانات المفترسة. وقد أظهرت أبحاث سابقة أن الدلافين، عند تواصلها مع أنواع أخرى، تُبدي اهتمامًا بالغًا بمعرفة ما إذا كان جمهورها منتبهًا أم لا، ويشير هذا إلى أنها تدرك تركيز مُتلقيها، وتُعدّل سلوكها وفقًا لذلك. وعلى الرغم من أن الدراسات السابقة تناولت التواصل السمعي بين الدلافين، إلا أن القليل منها ركز على أساليب أخرى للتواصل، مثل لغة الجسد. ما تكشفه "ابتسامات" الدلافين وتسلِّط الدراسة الجديدة الضوء على قدرات التواصل المتطورة التي تتجاوز مجرد الإشارات الصوتية لدى الدلافين، وتلقي ضوءًا جديدًا على كيفية استخدامها لإشارات وجهية دقيقة أثناء اللعب الاجتماعي. في حديقتين للحياة البرية (زومارين روما في إيطاليا وبلانيت سوفاج في فرنسا)، صوَّر الباحثون 22 دولفينًا من فصيلة قارورية الأنف لمدة 80 ساعة على مدار 60 يومًا. خلال هذه الفترة، خاضت الدلافين 837 جلسة لعب حر، أدّت فيها حركات بهلوانية بمفردها، ولعبت أيضًا مع البشر، ومع أنواع أخرى من الدلافين، فهي حيوانات اجتماعية للغاية، وغالبًا ما يمكن رؤيتها في مجموعات تصل إلى 15 دلفينا. وعند تحليل تسجيلات هذه الثدييات البحرية الاجتماعية فائقة الذكاء، أحصى الباحثون ما مجموعه 1288 حالة فم مفتوح أو "ابتسامة" خلال جلسات اللعب. وفي حين أن الغالبية العظمى من هذه "الابتسامات" حدثت أثناء لعب الدلافين مع بعضها بعضا، إلا أنها لا تميل إلى إصدارها في مواقف أخرى، فالقليل منها حدث أيضًا أثناء اللعب مع البشر أو بمفردها. كما كانت هذه الثدييات المائية أكثر ميلاً لاستخدام تعابير الوجه المفتوحة (ما يقرب من 90% منها) عندما يتمكن رفاقها من رؤية وجوهها. فوجئ الباحثون باكتشاف، أن الدلافين لا تستخدم فقط تعابير الفم المفتوح أثناء اللعب، بل إنها قادرة أيضًا على التقليد السريع لتعابير وجوه الآخرين. كان هذا إحدى أبرز نتائج هذه الدراسة، إذ لم يكن أحد يعلم بوجود هذا التقليد لدى الدلافين. وتقول إليزابيتا بالاجي، الباحثة المشاركة في الدراسة وخبيرة الرئيسيات المعرفية بجامعة بيزا في إيطاليا، في بيان: "تظهر إشارات الفم المفتوح والتقليد السريع بشكل متكرر عبر التصنيف الحيوي للثدييات، مما يشير إلى أن التواصل البصري لعب دورًا حاسمًا في تشكيل التفاعلات الاجتماعية المعقدة، ليس فقط لدى الدلافين، ولكن لدى العديد من الأنواع على مر الزمن". كما بحثت الدراسة أيضًا في مسألة ما إذا كانت ابتسامات الدلافين المفتوحة تُعدّ استعدادًا للعضّ وليست إشارة. ومع ذلك، عندما كانت تبتسم لرفاقها، كانت تتلقى "ابتسامة" مماثلة في أكثر من ثلث الحالات (33.16%). إعلان وفي 66.84% من الحالات الأخرى، لم يُبادِل المُستقبِل الابتسامة، ولم يعضّ الدلفين المُبادر رفيقه، ويشير هذا إلى أن هذا السلوك ربما يكون قد تطوّر من إستراتيجية منع العض إلى شكل من أشكال التواصل، حيث تحوّلت الوظيفة الأصلية إلى إشارة اجتماعية. ما لم تقله الدراسة على الرغم من أن الباحثين لاحظوا أن الدلافين تُصدر تعبيرًا بفتح الفم أثناء اللعب، إلا أنه ليس من الواضح ما يعنيه هذا السلوك، ولا سبب "الابتسامة"، كما لا يعلم الباحثون ما إذا كانت "الابتسامة" تعني للدلافين الشيء نفسه الذي تعنيه للبشر. وقد لوحظت كائنات أخرى، مثل الذئاب والقطط وإنسان الغاب، تُصدر تعبيرًا مشابهًا بفتح الفم أثناء اللعب، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أنها تشعر أو تُعبّر عن حالة مزاجية معينة. لم يُحلل الباحثون أيضًا ما إذا كانت الدلافين تُصدر أصواتًا أثناء ابتسامها، لذا يُحتمل أنها كانت ببساطة تفتح أفواهها لإصدار أصوات. ركزت الدراسة حصريًا على رصد التواصل البصري للدلافين في بيئات مُتحكّم بها، ما أتاح للباحثين فهم تفاعلاتها الدقيقة، لذا يبقى السؤال مطروحًا، هل الدلافين البرية (الدلافين الموجودة في بيئتها الطبيعية في المحيطات والأنهار) "تبتسم" أيضًا لبعضها بعضا، وإذا كان الأمر كذلك، ففي أي سياقات. على عكس الدلافين التي خضعت للدراسة، تتمتع الدلافين الحرة بمساحات أكبر بكثير للتفاعل ومطاردة بعضها بعضا أثناء اللعب، وكثيرًا ما توجد في مياه ذات رؤية محدودة. في هذه الظروف، قد لا تكون الإشارات البصرية بنفس فعالية الإشارات الصوتية. يمكن إجراء أبحاث مستقبلية على الدلافين البرية، ويتطلب هذا استخدام الذكاء الاصطناعي، ومراقبة طريقة نظر الدلافين إلى بعضها بعضا (تتبع حركة العين)، وتسجيلات الموجات فوق الصوتية. من شأن هذا أن يُحسّن فهم العلماء للتواصل متعدد الوسائط والاختلافات بين الدلافين التي تلعب مع بعضها بعضا، وتلك التي تلعب مع الأنواع الأخرى.


الجزيرة
منذ 17 ساعات
- الجزيرة
دراسة: الأنهار تسرّب كمية هائلة من الكربون المخزّن
كشفت دراسة جديدة أن الكربون المخزن في أعماق تضاريس الأرض منذ آلاف أو حتى ملايين السنين، يشق طريقه مرة أخرى إلى الغلاف الجوي على شكل ثاني أكسيد الكربون المنبعث من أسطح الأنهار. وفي دراسة أجراها علماء من جامعة بريستول، وجد فريق بحثي دولي أن الأنهار حول العالم تُطلق الكربون، ليس فقط من مواد عضوية حديثة، بل أيضا من مصادر أقدم بكثير. يأتي هذا الكربون القديم من طبقات التربة العميقة، وحتى من الصخور المتآكلة. ومن المرجح أن يغير هذا الاكتشاف فهمنا لدورة الكربون العالمية، ويشير إلى أن النباتات والتربة تلعب دورا أكبر في إزالة الكربون من الهواء مما كان يعتقد سابقا. وقال المؤلف الرئيسي جوش دين، الأستاذ المشارك في الكيمياء الحيوية الجيولوجية في جامعة بريستول: "لقد فاجأتنا النتائج لأنها تبين أن مخازن الكربون القديمة تتسرب إلى الغلاف الجوي أكثر بكثير مما أشارت إليه التقديرات السابقة". وافترض العلماء في السابق أن الغازات المنبعثة من الأنهار -الميثان وثاني أكسيد الكربون- تأتي في الغالب من المواد النباتية الحديثة التي تحللت وانجرفت إلى المياه خلال السنوات السبعين الماضية. لكن هذه الدراسة وجدت شيئا مختلفا، حيث يأتي نحو 60% من ثاني أكسيد الكربون المنبعث من الأنهار في الواقع من الكربون المدفون تحت الأرض منذ قرون أو آلاف السنين. وقال دين "قد تكون لهذه النتائج آثار هائلة على فهمنا لانبعاثات الكربون العالمية. فالنباتات والأشجار تمتص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، ثم يمكنها حبسه في التربة لآلاف السنين". وأشار إلى أن النتائج تشير إلى أن بعض هذا الكربون القديم، فضلًا عن الكربون القديم من الصخور، يتسرب بشكل جانبي إلى الأنهار ويشق طريقه عائدا إلى الغلاف الجوي. ورغم أنه من غير الواضح كيف يؤثر النشاط البشري على إطلاق الكربون القديم، فقد وجد الباحثون أن النباتات والأشجار تمتص حاليا المزيد من الكربون الجوي لتعويض هذا الإطلاق غير المعترف به. إعادة تقييم دورة الكربون وقام فريق البحث بفحص أكثر من 700 مجرى نهر من 26 دولة عبر كل قارة باستثناء القارة القطبية الجنوبية، وباستخدام تقنيات تأريخ الكربون المشع المتقدمة، قاموا بقياس عمر ثاني أكسيد الكربون والميثان المنبعثين من الأنهار. ومن خلال تحليل كمية "الكربون-14″، وهو النظير الذي يساعد العلماء في تحديد عمر العينة، تمكنوا من التمييز بين الكربون "الحديث" والمصادر القديمة. وقال المؤلف المشارك بوب هيلتون، أستاذ الجغرافيا الرسوبية في جامعة أكسفورد: "اكتشفنا أن حوالي نصف الانبعاثات حديثة العهد، في حين أن النصف الآخر أقدم بكثير، وتنطلق من طبقات التربة العميقة وتآكل الصخور التي تشكلت منذ آلاف وحتى ملايين السنين". وغالبا ما يتم تجاهل الأنهار في المناقشات المتعلقة بالمناخ، ولكنها تلعب دورا حاسما في دورة الكربون، مثلما توضح الدراسة، وتُطلق الأنهار حول العالم حوالي مليار طن من الكربون سنويا. وبالمقارنة، يُصدر النشاط البشري ما بين 10 و15 غيغا طن سنويا. ويجعل هذا انبعاثات الأنهار جزءًا كبيرًا من تدفق الكربون الطبيعي، وهو ما يدرك العلماء الآن أنه أكثر ديناميكية مما كان يعتقد في السابق. قالت جيما كوكسون، الأستاذة المشاركة في علم المياه بجامعة بريستول والمؤلفة المشاركة: "إن انبعاثات الأنهار هذه كبيرة على نطاق عالمي، ونظهر أن أكثر من نصف هذه الانبعاثات قد يكون مصدرها مخازن الكربون التي اعتبرناها مستقرة نسبيًا". وأضافت "هذا يعني أننا بحاجة إلى إعادة تقييم هذه الأجزاء الأساسية من دورة الكربون العالمية". ويثير هذا الاكتشاف أسئلة جديدة: إذا كان الكربون القديم يتسرب بانتظام إلى الغلاف الجوي عبر الأنهار، فكيف يمكن أن يتغير هذا التدفق بمرور الوقت – لا سيما مع ارتفاع درجة حرارة المناخ وإعادة تشكيل الأرض بفعل النشاط البشري؟ ويخطط الفريق لمواصلة أبحاثه من خلال التحقيق في كيفية تغير عمر انبعاثات الكربون النهرية في المناطق التي لم يتم التقاطها في الدراسة الحالية، وما إذا كانت هذه الأنماط قد تغيرت تاريخيًا. ومن خلال إعادة تشكيل فهمنا لمصادر انبعاثات الكربون، تؤكد هذه الدراسة أيضًا على الدور الحيوي للنظم البيئية الطبيعية في موازنة تلك الانبعاثات. وبحسب الباحثين، فإن النباتات والتربة ربما تكون بالفعل قادرة على تعويض هذا المصدر غير المتوقع عن طريق سحب ما يقرب من مليار طن إضافي من ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي كل عام. وتسلط النتائج الضوء على الحاجة إلى ميزانيات كربون أكثر دقة في الوقت الذي يعمل فيه صناع السياسات والعلماء على معالجة تغير المناخ. إن فهم المصادر والمصارف الخفية للكربون في البيئة ليس مجرد نشاط علمي، بل هو أمر ضروري لبناء إستراتيجيات فعالة للحد من الغازات المسببة للاحتباس الحراري وحماية مستقبل كوكبنا.


الجزيرة
منذ 20 ساعات
- الجزيرة
"شيطان الغبار" يظهر على سطح المريخ أثناء التقاط صورة "سيلفي"
التقطت المركبة الجوالة "بيرسيفيرانس" صورة "شيطان غبار" ظهر بشكل مفاجئ في لقطة نادرة أثناء التقاط صورة ذاتية عالية الدقة على كوكب المريخ. وفيما توقفت مركبة ناسا الجوالة في العاشر من مايو/أيار لالتقاط صورة ذاتية احتفالية، تصاعدت على مسافة بعيدة وعبر المشهد المحيط بالعربة الجوالة، سحابة ملتوية من الغبار الأحمر، والمعروف لدى العلماء باسم "شيطان الغبار". و"شياطين الغبار" هي دوامات من الرياح العاصفة المليئة بالغبار، وتنشأ عن تسخين سطحي قوي، حيث تكون أصغر حجما وأقل شدة من الأعاصير، وتحدث على الأرض في معظم أنحاء العالم، وخصوصا في الصحاري. أما على المريخ، حيث تبلغ كثافة الغلاف الجوي حوالي 1% فقط، فيمكن أن ترتفع إلى مئات الأمتار، وتظل شفافة حتى تلتقط الغبار المحمر. أكثر من صورة تذكارية تُخلّد هذه الصورة ذكرى 1500 يوم مريخي لاستكشاف الكوكب الأحمر، ويعادل اليوم المريخي (سول) 24 ساعة و39 دقيقة أرضية، أي أن المدة التي قضتها المركبة الجوالة وقت التقاط الصورة تعادل ما يقارب 4 سنوات وشهرين بتقويم الأرض منذ هبوطها على سطح المريخ في فبراير/شباط 2021. وقطعت المركبة في هذا الوقت، أكثر من 35 كيلومترا، حفرت خلالها 37 هدفا صخريا، وجمعت 26 عينة أساسية، وأرسلت إلى الأرض تفاصيل لا تضاهى حول الكوكب الأحمر. ولا تقتصر أهمية الصورة على تخليد تلك اللحظة المدهشة، إذ تمنح مثل هذه الصورة الفريدة فرصة للعلماء لمشاهدة التضاريس، ورصد أجهزة العربة الجوالة. أما من الناحية التشغيلية، فتُعدّ كل صورة من هذه الصور بمثابة فحص سلامة، تساعد فرق المهمة على تتبع الغبار على الألواح الشمسية، والتحقق من أي تلف، والتأكد من سلامة الكابلات والمفاصل، بحسب ما صرح جاستن ماكي، رئيس مهمة التصوير لمركبة "بيرسيفيرانس" في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا جنوب كاليفورنيا، في بيان صحفي. كيف فعلت المركبة الجوالة ذلك؟ تم تجميع هذه الصورة (السيلفي) الأحدث للمركبة، وهي الصورة الخامسة منذ بدء المهمة، وقد التقطت بواسطة كاميرا رئيسية مسؤولة عن هذه الصور الفسيفسائية تسمى "واتسون"، (المستشعر الطبوغرافي واسع الزاوية للعمليات والهندسة)، مثبتة في نهاية الذراع الروبوتية للمسبار الذي يبلغ طوله نحو مترين. والتُقطت الصور أثناء وقوف العربة الجوالة ذات الـ6 عجلات على جزء مرتفع من الحافة الغربية لفوهة جيزيرو، المعروفة باسم تلة "ويتش هازل،" وقد خضعت هذه النقطة المتميزة لدراسة الفريق العلمي على مدار الأشهر الخمسة الماضية. وللحصول على مظهر السيلفي هذا، يجب أن يكون لكل صورة "واتسون" مجال رؤية فريد خاص بها، ويترجم هذا إلى إجراء 62 حركة دقيقة وشاقة للذراع الروبوتية و62 إطارا متداخلا، لإكمال هذه العملية التي تستغرق بأكملها حوالي ساعة، ثم تجميعها معا فيما بعد على الأرض. وتمنح شياطين الغبار على سطح المريخ العلماء دليلا على أن الغلاف الجوي الرقيق المكون من ثاني أكسيد الكربون على الكوكب لا يزال يحمل طاقة مدهشة. مهمة واعدة لمركبة بيرسيفيرانس حددت ناسا هدفا علميا مباشرا لمركبة "بيرسيفيرانس" هو البحث عن علامات على وجود حياة قديمة على كوكب المريخ، وتأمل ناسا استعادة العينات الـ26 التي تم حصرها حتى الآن إلى الأرض في مهمة مستقبلية. وسيحلل العلماء على الأرض هذه العينات بحثا عن أحافير جزيئية، ودلائل نظائرية، وتاريخ معادن لا تستطيع التجهيزات على المريخ اكتشافها، وقد تكشف هذه العينات مجتمعةً ما إذا كانت الميكروبات قد ازدهرت على الكوكب الأحمر. وسوف تستكشف مركبة "بيرسيفيرانس" منطقة جديدة مثيرة للاهتمام، يُطلق عليها اسم "كروكوديلين"، والتي قد تحتوي على بعض أقدم الصخور على المريخ، وكانت هذه المنطقة على قائمة أمنيات الفريق العلمي للمركبة الجوالة إذ تُمثل حدا فاصلا مهما بين أقدم صخور حافة فوهة جيزيرو وصخور السهول الواقعة خلفها.