logo
معلومات عن "أخطر قنابل إسرائيلية".. "غبية" و "ذكية" ومدمّرة!

معلومات عن "أخطر قنابل إسرائيلية".. "غبية" و "ذكية" ومدمّرة!

ليبانون 24٢٨-٠٣-٢٠٢٥

مع نهاية شهر كانون الثاني عام 2025، أفصح موقع "أكسيوس" الأميركي، نقلا عن ثلاثة من كبار المسؤولين الإسرائيليين، عن قرار اتخذه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يقضي برفع الحظر الذي كانت قد فرضته إدارة سلفه، جو بايدن، على إمدادات القنابل الثقيلة التي تزن ألفَيْ رطل المخصصة لإسرائيل.
ووفق ما نُقل، فإن ما يقارب 1800 قنبلة من طراز "مارك 84″، كانت ترقد في مستودعات عسكرية أميركية، قد تقرّر تحميلها على متن سفينة نقل عسكرية، في رحلة موجَّهة إلى السواحل الإسرائيلية.
وبحلول منتصف شباط، لم يبقَ الأمر سريا، إذ أعلنت وزارة الأمن الإسرائيلية استلام الشحنة بالفعل، فيما خرج وزير الدفاع الإسرائيلي ، يسرائيل كاتس، ليُعلن أن هذه القنابل تُمثِّل "إضافة إستراتيجية مهمة".
ليست هذه الواقعة إلا حلقة من سلسلة طويلة تتكرر، فبين عامي 2023-2025، وفي ظل الهجمات الجوية الإسرائيلية المكثفة على قطاع غزة، كان السلاح الأميركي حاضرا بوضوح في خلفية المشهد، وكانت قنابل "مارك 84" تتصدر هذا المشهد، حتى غدت الأكثر استخداماً.
وبلغ اتساع نطاق استخدامها حدًّا لم يعد يمكن تجاهله، وأضحى شاهدا دامغا على الخروقات الإسرائيلية المتكررة للقانون الإنساني الدولي عبر استهداف المدنيين والبنية التحتية.
وفي تشرين الأول عام 2024، أُعلنت نتائج دراسة دقيقة غاصت في تفاصيل تلك الهجمات، لتكشف أن ما بين 7 تشرين الأول و17 تشرين الثاني 2023، أسقط طيران جيش الاحتلال ما لا يقل عن 600 قنبلة من طراز "مارك 84″، كلٌّ منها تزن 2000 رطل (الرِّطْل يساوي 0.453 كيلوغرام)، على مناطق مأهولة وشديدة الحساسية، بما في ذلك المستشفيات. ليست هذه مجرد أرقام، بل هي مشاهد متكررة لأبنية منهارة، وأرواح أُزهقت تحت الركام.
وقد خلص الباحثون إلى أن إسرائيل تبنَّت نمطا ممنهجا في إسقاط هذه القنابل العملاقة قرب المستشفيات، في مسافات مدروسة تكفي لإلحاق أضرار جسيمة ووفيات مقصودة، وأوضحوا أن هذا النوع من التدمير لا يُخلِّف فقط آثارا فورية على النظام الصحي، بل يمتد أثره طويلا على كل مفصل من مفاصل الحياة في غزة.
وقنبلة "مارك 84" هي أحد أبناء سلسلة "مارك 80" الأميركية، تلك العائلة من القنابل العامة، التي تتفاوت أوزانها بين 250-2000 رطل. لكنها، دون مبالغة، تُمثِّل الشقيق الأكبر والأشد تدميرا في هذه السلسلة. صُمِّمت لتكون متعددة المهام، قادرة على الانطلاق من طائرات عسكرية مختلفة، واستهداف بنى تحتية، وهياكل أرضية ضخمة.
لكن وجهها الأكثر رعبا يظهر في لحظة انفجارها؛ فهي تُحدث انفجارا هائلا قادرا على تسوية أبنية بالأرض، وإحداث فجوات ضخمة في عمق الأرض يصل حتى 11 مترا، وبعرض يصل إلى 20 مترا، بينما تمتد موجات الضغط التي تولِّدها إلى محيط كبير، مهددةً كل ما يقع في نطاقها بالتحطم.
ومع كل هذه القدرات التدميرية، تبقى "مارك 84" قنبلة "غبية"، أي إنها لا تحتوي على أنظمة توجيه ذكية، بل تعتمد على السقوط الحر، فبمجرد أن تُلقى من الطائرة، تتبع مسارا قوسيا بفعل الجاذبية، وهو ما يجعلها أقل دقة، خاصة عندما تُلقى من ارتفاعات شاهقة.
من مفارقات هذه القنبلة أيضا أن بساطة تصميمها وقلة تكلفتها مقارنة بالذخائر الذكية الموجهة تجعلها خيارا مفضلا للدول التي تسعى لتقليل نفقات الحرب، حتى لو كان الثمن حياة المدنيين.
والواقع أن أحد التقارير الاستخباراتية الأميركية كشف أن نصف القنابل التي أسقطتها إسرائيل فوق غزة كانت من هذا النوع غير الموجَّه، رغم الكثافة السكانية الهائلة في القطاع، في مؤشر على نية متعمَّدة للإضرار بالمدنيين.
وتتكون "مارك 84" من هيكل فولاذي انسيابي، يخبئ في داخله نحو 429 كيلوغراما من مادة "تريتونال" شديدة الانفجار، وهي مزيج من ثلاثي نترو التولوين (TNT) ومسحوق الألمنيوم، يضاعف قدرة القنبلة على توليد الحرارة والانفجار.
وتتفجر هذه القنبلة عند ارتطامها بالهدف، أو بعده بلحظات، لتخترق الخرسانة أو طبقات الأرض، قبل أن تُطلق جحيمها.
لكن استخدامها في غزة، وهي منطقة مكتظة بالبشر، لا يتماشى مع ما صُنعت له، إذ صُمِّمت هذه القنابل بالأساس لتُستخدم في ساحات قتال مفتوحة، ضد أهداف عسكرية كبيرة، وليس فوق أحياء سكنية أو بالقرب من المستشفيات.
ولمزيد من فهم الآثار التدميرية لهذا النمط من استخدام القنابل، دعنا نقارن بين احتمالات سقوط قنبلة غير موجَّهة على منطقة ما، وأخرى موجَّهة. وفي الحالة الأولى يمكن أن تدمر القنبلة أي مكان تقع عليه ضمن منطقة مساحتها تصل إلى 125 ألف متر مربع، بما يساوي مساحة نحو 18 ملعب كرة قدم، بينما تنخفض تلك المساحة مع القنابل الذكية لتصل إلى 314 متراً مربعاً.
ذخيرة الهجوم المباشر
وإلى جانب القنابل "الغبية" التي ترميها المقاتلات الإسرائيلية على قطاع غزة، هناك نوع آخر لا يقل خطراً، بل يتفوق عليها دقة وفعالية، يُعرف باسم "ذخيرة الهجوم المباشر المشترك" (JDAM)، وهي من إنتاج أميركي، لكنّها ليست قنبلة بحد ذاتها، بل عقل إلكتروني يُضاف إلى جسد قنبلة تقليدية ليحوِّلها إلى أداة قتل ذكية ومدمرة.
هذه المنظومة التقنية لا تُميّز بين قنبلة صغيرة تزن 250 رطلا، أو أخرى ثقيلة مثل "مارك 84" بوزن ألفَيْ رطل، فبمجرد أن تُزوَّد القنبلة بجهاز التوجيه هذا، تتحول إلى قنبلة ذكية، فمثلا إن وضعت تلك الأجهزة على "مارك 84" تتحول إلى قنبلة سُميت "بي إل يو 109" (BLU-109/MK 84K) قادرة على إصابة أهدافها بدقة عالية، حتى في الظلام، أو في الطقس العاصف.
وتقوم الفكرة على تزويد القنبلة بجهاز ملاحة متطور يعتمد على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وملاحة بالقصور الذاتي (INS)، وتُضاف زعانف توجيهية في الذيل لتُصحح مسار القنبلة أثناء سقوطها.
وتستخدم إسرائيل مجموعة أخرى من أطقم القنابل دقيقة التوجيه التي طورتها شركة "رافائيل" لأنظمة الدفاع المتقدمة، تسمى "سبايس"، ومثل ذخيرة الهجوم المباشر المشترك، فهي طقم توجيه إضافي يمكن ربطه بالقنابل "البسيطة" العادية مثل فئة "مارك" (84 و83 و82)، مما يحولها إلى قنابل ذكية عالية الدقة، تبدأ أسعارها من 50 إلى 150 ألف دولار.
في مقدمة القنبلة، تُثبَّت كاميرا كهروضوئية تُغذَّى سلفا بصور مفصلة للهدف، أشبه ما تكون بذاكرة قاتلة. وبفضل دمجها بين نظام تحديد الموقع العالمي (GPS) ونظام الملاحة بالقصور الذاتي (INS)، تستطيع هذه القنابل أن تُصيب أهدافها حتى في غياب إشارات الأقمار الصناعية، أو في أجواء مشوشة.
ويُقاس نجاح القنابل الموجَّهة بما يُعرف بـ"احتمال الخطأ الدائري"، أي المسافة بين النقطة المقصودة ونقطة السقوط، وهنا، تتفاخر "سبايس" بدقة تُقاس بأقل من 3 أمتار.
وفي صباح الثالث عشر من تموز 2024، في منطقة مواصي خان يونس، حيث خُيّل للنازحين أنها "منطقة آمنة"، انقضّ صاروخ من طراز "سبايس 2000″، يزن طنين من الحُمم، على خيام المدنيين.
وبحسب شهادات ثلاثة خبراء تحدثوا إلى صحيفة "نيويورك تايمز"، واستنادا إلى نمط الشظايا وعمق الحفر، تأكد أن القنبلة التي استُخدمت في تلك المجزرة كانت من هذا الطراز، وبلغ عدد الشهداء ما لا يقل عن 90 فلسطينيا، بينما امتلأت المستشفيات بمئات المصابين، حسب وزارة الصحة في غزة.
ورغم أن القنبلة مُصمَّمة لتكون دقيقة، فإن استخدامها في مناطق مكتظة بالسكان يفقدها أي قيمة أخلاقية أو قانونية، فحتى لو أصابت هدفها المحدد، فإن محيطها يمتلئ بالبشر الآمنين، ولم يتردد جيش الاحتلال في استخدامها بكثافة، حتى في المناطق التي طلبت من سكانها مسبقا النزوح إليها بحجة أنها "مناطق إنسانية".
سبايس-2000
القنبلة نفسها، "سبايس 2000″، شُوهدت مجددا في سماء بيروت، في أكتوبر/تشرين الأول 2024، أُبلغ عن غارة إسرائيلية استهدفت مبنى في حي الطيونة، أسفرت عن تسوية مبنى مكوّن من عشرة طوابق بالأرض.
ورغم أن شركة "رافائيل" هي الجهة المنتجة لـ"سبايس"، فإن الحرب تتطلب نهما لا تُشبعه المخازن المحلية. لذلك، في وقت مبكر من العدوان على غزة، وتحديداً في تشرين الأول 2023، أرسلت الولايات المتحدة إلى إسرائيل شحنات ضخمة من هذه القنابل، عُرفت بـ"مجموعات قنابل طائرة شراعية من طراز سبايس فاميلي"، بقيمة 320 مليون دولار ، بحسب ما أفادت "نيويورك تايمز".
وتبدأ تكلفة القنبلة الواحدة من 50 ألف دولار، وقد تصل إلى 150 ألفاً، حسب نوع الهدف والمهمة، لكنها تظل، في رأي البعض ، أرخص من إطالة أمد الحرب أو فشل المهمة العسكرية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تكتيك الحرب على «حزب الله» يتكرَّر في إيران
تكتيك الحرب على «حزب الله» يتكرَّر في إيران

الجمهورية

timeمنذ 42 دقائق

  • الجمهورية

تكتيك الحرب على «حزب الله» يتكرَّر في إيران

حتى الآن، تطبّق إسرائيل في إيران 4 تكتيكات أساسية سبق أن نفّذتها في الحرب على «حزب الله»، العام الفائت: 1- استهداف الهيكلية القيادية أو «الرؤوس». ففي لبنان، عمدت منهجياً إلى تصفية القيادات والمسؤولين الفاعلين في «الحزب»، بهدف شل قدرته على القيادة والسيطرة وتنسيق العمليات. وفي إيران، هي كذلك تستهدف المسؤولين العسكريين الكبار والعلماء في مجال الطاقة النووية. 2- ضرب البنية التحتية والقدرات النوعية. ففي الحرب على «حزب الله»، تركّزت الضربات الإسرائيلية على تدمير مخازن الأسلحة، ولاسيما منها الصواريخ الدقيقة ومراكز القيادة والتحكم والأنفاق ومواقع الإطلاق. وفي إيران، تُستهدف كذلك المنشآت النووية ومخازن الصواريخ الباليستية ومواقع إنتاج الطائرات المسيَّرة. 3- تقويض القدرات من دون السعي إلى احتلال الأرض. فبمعزل عن الأهداف الاستراتيجية التي يقال إنّها تتضمن احتلال أجزاء واسعة من الأراضي اللبنانية، فإنّ إسرائيل انسحبت من مساحات واسعة من أرض الجنوب، كانت قد سيطرت عليها فعلاً في الحرب (على رغم احتفاظها ببضع نقاط حدودية حالياً). وكذلك، بدا أنّ هدف الولايات المتحدة ليس احتلال أراضٍ في إيران، وفق النموذج الذي شهده العراق في العام 2003. 4- الضغط لخلق واقع جديد للتفاوض. في النموذجين، الهدف من الضربات العسكرية هو خلق واقع جديد على الأرض، يدفع «حزب الله» وإيران إلى تقديم تنازلات على طاولة المفاوضات. طبعاً، هذا لا ينفي وجود وجوه اختلاف جوهري بين نموذجي لبنان وإيران. فـ«الحزب» هو تنظيم مسلح ضيّق النطاق ترعاه إيران، فيما هي قوة إقليمية ودولة ذات سيادة. كما أنّ الولايات المتحدة التي دخلت مباشرة إلى جانب إسرائيل في حربها على إيران، تجنّبت مشاركتها في ضرب «حزب الله»، على رغم من الدعم المطلق الذي قدّمته لها. ويسود اقتناع في واشنطن بأنّ إخضاع النظام الإيراني سيكون كافياً لإضعاف «الحزب» ووكلاء إيران كافة تلقائياً. هل الاقتناع الأميركي بتغيير سلوك النظام في محله فعلاً؟ حتى اليوم، أثبت هذا النظام قدرة هائلة على التصدّي للضغوط، سواء كانت داخلية أو خارجية. ويرجع ذلك جزئياً إلى طبيعته الأيديولوجية، وقدرته على إعادة التكيّف مع الظروف الصعبة، وإيجاد بدائل (مثل التحول نحو الصين وروسيا) عند إغلاق الأبواب الغربية. كما أنّ إيران غالباً ما اعتمدت استراتيجية «الإنهاك» ضدّ خصومها. فهي تنتظر تراجع الضغط الغربي بفعل عامل الوقت والمتغيّرات السياسية الداخلية في الدول الغربية، أو الأكلاف الاقتصادية المستمرة، أو ظهور أزمات دولية أخرى تحوِّل الانتباه عنها. فقد أظهرت إيران قدرة على الانطلاق مجدداً عند تراجع الضغوط عنها، كما حدث بعد الاتفاق النووي عام 2015، إذ استعادت جزءاً من عافيتها الاقتصادية. وبعد انسحاب دونالد ترامب من الاتفاق عام 2018، عادت إلى تخصيب اليورانيوم بتسارع، فيما تبدّلت الأولويات في الديموقراطيات الغربية. ويعيش الغرب دائماً سراب خسارة إيران قدرتها على التحمّل، والرهان على انتفاضة داخلية. للتذكير، أظهر أيضاً «حزب الله» قدرة لافتة على التأقلم بعد كل أزمة: فهو استعاد المبادرات بعد انتفاضتي 2005 و2019، فلم تتمكن المعارضة من كسر سيطرته على الدولة التي استفاد غالباً من ضعفها وفراغها، مدعوماً بقاعدة شعبية مرتبطة به ومعبأة أيديولوجياً. ولذلك، بقي يتمسك بسلاحه. ومن دون أوهام، إنّ «الحزب» الذي خرج من حرب مدمّرة العام الفائت، ووقّع في تشرين الثاني الماضي اتفاقاً لوقف النار يقضي بتسليمه السلاح إلى الدولة، استطاع أن يتنصل من توقيعه، علماً أنّه لم يعد يُحكِم سيطرته على رئاسة الجمهورية والحكومة، ويتعرّض لضغوط إسرائيلية وأميركية شرسة. وهو يرفض علناً تسليم سلاحه إلى الدولة. وإذا كان هذا هو حال «الحزب» في بيئة ضيّقة كلبنان، فإنّ الضغط على النظام الإيراني يُفترض أن يتسم بمستويات أعلى من النَفَس الطويل، لأنّه يمتلك كثيراً من الهوامش التي تسمح له بعدم الانهيار سريعاً. ولذلك، تقتضي استراتيجية الضغط استيعاب أنّ هذا النظام ليس مجرد حكومة عادية يمكن الضغط عليها اقتصادياً أو عسكرياً، بل هو يتمتع بعقيدة أيديولوجية عميقة، وقاعدة شعبية (وإن تآكل جزء منها)، وقدرة على التكيّف الداخلي. وهذا ما يجعل «كسر إرادته» تحدّياً هائلاً لأي طرف إقليمي أو دولي. وهذا يعني أنّ الحرب مع النظام الإيراني لا يمكن أن تكون «حرباً صغيرة»، أو «حرباً غير مكتملة». ووفق مقولة «كل ضربة لا تميتني تقوّيني»، يمكن للنظام أن ينهض من أي حرب ناقصة وأن يستعيد جزءاً كبيراً من المبادرة. ولذلك، ستكون إدارة ترامب أمام تحدّي الانصياع للطرح الإسرائيلي بالذهاب إلى تحقيق الهدف الأقصى، أي تغيير النظام، إذا تبينت لها عبثية رهانها على تغيير سلوكه. لكن واشنطن تدرك جيداً أنّ الوصول إلى تغيير النظام ليس سهلاً على الإطلاق، لاعتبارات كثيرة، وأنّ تحقيقه يتجاوز شن الضربات العسكرية الساحقة على الأهداف الاستراتيجية، ويستلزم خطة معقّدة وحسّاسة تُنفَّذ في الداخل الإيراني. ولذلك، كبيرة وخطرة هي التحدّيات التي تواجه الجميع في الحرب الدائرة حالياً.

ترامب يشعل الذاكرة بـحرب الأيام الـ12
ترامب يشعل الذاكرة بـحرب الأيام الـ12

بيروت نيوز

timeمنذ 43 دقائق

  • بيروت نيوز

ترامب يشعل الذاكرة بـحرب الأيام الـ12

أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب على الحرب بين إسرائيل وإيران اسم 'حرب الأيام الـ12' عبر وسائل التواصل الاجتماعي، في إشارة تُذكّر بحرب الشرق الأوسط عام 1967، المعروفة لدى البعض باسم 'حرب الأيام الستة'، والتي خاضت فيها إسرائيل حربًا ضد مجموعة من الدول العربية، بينها مصر والأردن وسوريا. تحمل هذه التسمية دلالة عاطفية قوية في العالم العربي، ولاسيما لدى الفلسطينيين. ففي حرب عام 1967، استولت إسرائيل على الضفة الغربية والقدس الشرقية من الأردن، وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء من مصر، ومرتفعات الجولان من سوريا. وعلى الرغم من أن إسرائيل أعادت لاحقا سيناء إلى مصر، فإنها لا تزال تحتفظ ببقية الأراضي، مما مهد الطريق لعقود من الصراع لا تزال تداعياتها قائمة حتى اليوم. وفي وقت سابق، أعلن الرئيس الأميركي الاتفاق على على وقف كامل لإطلاق النار بين إسرائيل وإيران. وقال ترامب في منشور على حسابه في 'تروث سوشيال'، إنه 'بعد مرور 24 ساعة تكون النهاية الرسمية للحرب بين إسرائيل وإيران'. وأضاف أن إيران ستلتزم وقف النار 'بعد حوالي ست ساعات من الآن'، تليها إسرائيل بعد 12 ساعة من ذلك. ووفق ترامب فإن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران 'يبدأ رسميا الساعة 4 من فجر الثلاثاء بتوقيت غرينتش'. وتابع الرئيس الأميركي قائلا: 'منعنا حربا كانت ستمتد سنوات'.

ترامب من شعار "أميركا أولاً" إلى "إسرائيل أولاً"!
ترامب من شعار "أميركا أولاً" إلى "إسرائيل أولاً"!

النهار

timeمنذ ساعة واحدة

  • النهار

ترامب من شعار "أميركا أولاً" إلى "إسرائيل أولاً"!

الهجوم الذي أعلنت به إسرائيل الحرب على إيران، الجمعة 13 حزيران (يونيو)، مؤشر واضح إلى أزمة السياسة الأميركية في عهد الرئيس دونالد ترامب، إذ تَبَدَّلَ شعار "أميركا أولاً" إلى "إسرائيل أولاً". وبدلاً من "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" وسخريته من سلفه جو بايدن الذي اندلعت في عهده الحرب على أوكرانيا، وجد ترامب نفسه يمضي على خطى أسلافه مثل جورج بوش الإبن الذي تورط مباشرة في حربي أفغانستان والعراق. وبدلاً من استراتيجية "نحو آسيا" والتوجه نحو مزاحمة الصين عند أكنافها وإعادة تأسيس علاقة جديدة مع منطقة الشرق الأوسط، قائمة على التوازن أمام روسيا والصين، والتي كان الاتفاق مع إيران جزءاً منها، انزلقت إدارة ترامب في مستنقع إسرائيل. وبدلاً من الاستفراد بالحوار مع إيران ثنائياً وذلك بتهميش بقية أطراف الاتفاق النووي ضمن مجموعة 5+1، عادت المحادثات تلوذ بهذه الأطراف، سواء الترويكا الأوروبية أم روسيا التي استغلت هذه الحرب لتقويض أحلام الأوروبيين في أوكرانيا، وأصبحت مفتاحاً للمحادثات مع إيران وبات نجاحها ينتظر لقاء وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مع الرئيس فلاديمير بوتين. وبدلاً أيضاً من بناء الثقةِ مع إيران التي راهن معسكرها المعتدل على الحوار مع الغرب من أجل الخروج من العزلة الدولية برفع العقوبات، وهو ما كان سينعكس على المحيط الإقليمي في إطار أولوية المصالح الاقتصادية، فقدَ الإيرانيون الثقة بالغربيين وثبتت صحة رؤية المتشددين بأن المحادثات النووية ما هي إلا فخ لبلادهم. وبدلاً من تصحيح الاتفاق النووي الذي غادره عام 2018 بعدما تساءل أين مكاسب بلاده من هذا الاتفاق، وجد ترامب سياسته أسيرة للرؤية الإسرائيلية التي لا تَقبلُ إلا تدمير القوة الإيرانية صاروخياً ونووياً واقتصادياً، ولم يستطع حتى تحصيل جزء مما حققه سلفه باراك أوباما الذي كان يضع إيران أمام خياري الحرب أو الحوار، لكنه فضل في النهاية الانتصار للديبلوماسية لأن استراتيجيته القائمة على الحرب بالوكلاء بدلاً من التورط المباشر لم تنجح بعد فشل الثورة الخضراء عام 2009 في إطاحة النظام في إيران. كل هذا لأن ترامب لم يتعلم من دروس الماضي سوى السخرية ولم يستطع حتى الآن إنهاء حرب واحدة، سوى التفاخر بإنهاء الأزمة بين الهند وباكستان التي لا تزال ناراً تحت الرماد، بل حتى حليفته الهند تُشككُ في كلامه الذي يعتبره كافياً للحصول على جائزة نوبل للسلام! كل هذا الفشل لأن ترامب يفكر بطريقة سماسرة المال الذين يجنون المكاسب بطريقة خاطفة وسريعة، ولا يفهمون ديناميكية المنطقة بشكل حقيقي وببعد نظر، فهو يرسل مبعوثه رجل الأعمال ستيف ويتكوف لحل أزمات الشرق الأوسط وأوروبا، بينما وزير خارجيته ماركو روبيو يلتقط بجواره الصور في البيت الأبيض. وكذلك يتجاهل تقارير مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، النافية امتلاك إيران أسلحة نووية، ليتورط في السردية الإسرائيلية بأنها تسعى إلى امتلاك السلاح النووي ويجب إسقاط نظامها أو على الأقل تدمير منشآتها النووية! وماذا عنا أيضاً؟ إن كانت إيران قد فقدتْ الثقة بمؤسسات النظام الدولي والولايات المتحدة بصفتها راعياً لاستقرار هذا النظام، فإن هذه الحرب حتى وإن سقط النظام في إيران ستصنع تغييراً في رؤية الإقليم، لأنها حرب كاشفة بأن إسرائيل تخطت دورها من شرطي أميركي إلى قوة إقليمية لن تبرح حتى تُدجن بقية القوى الأخرى وتخضعها لرؤيتها نحو إدارة المنطقة، وهو ما يعني عدم استقرار النظام الإقليمي بسقوط نظام الملالي، بل هو بداية لتأكيد وجهة النظر المحافظة الرافضة للسلام مع إسرائيل!

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store