logo
كنيسة الدويلعة والخوف المسيحي من الإسلام المشوّه

كنيسة الدويلعة والخوف المسيحي من الإسلام المشوّه

وطنا نيوزمنذ 4 ساعات

بقلم المهندس باسل قس نصر الله
'وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ' (البقرة: 190).
ها هي كنيسةٌ تُستهدف، إنها كنيسة مار إلياس في الدويلعة بدمشق. تفجيرٌ استهدف حَجَراً ومَن صلى فيه، لكنه في العمق يُعيد فتح الجراح القديمة التي لم تُشفَ بعد، ويبعث القلق الكامن في قلب المسيحي، ذاك الذي يسكن الشرق منذ قرونٍ طويلة، لا ضيفاً ولا طارئاً، بل جزءاً أصيلاً من نسيجه.
إن المسيحي – في المجتمعات ذات الغالبية الإسلامية – يُدرك أن 'الديمقراطية' هي حكمُ الأكثرية، وبالتالي فهو في موقعٍ هشّ، مهدد بخسارة مكتسباتٍ حضارية أو حياتية، تحت وطأة خطاب ديني متشدد، لا يرى فيه إلا 'آخرَ' يجب تقليصه أو تحجيمه، وربما 'تطهيره'.
الخوف المسيحي هذا ليس وليد الأمس. هو تراكمٌ تاريخي منذ المجازر العثمانية، منذ صور الجَزْر السكاني والاضطهاد في مناطقَ عدّة، ومنذ أن بدأ صوتُ التطرف الإسلامي يعلو، ويسعى لتكفير كلِّ مختلف. وليكون بديلاً عن الدولة باسم 'الحاكمية'.
والخطر الأكبر أن التطرف لم يعد فردياً، بل أصبح منظومة فكرية خلف من يحمل القنابل والأحزمة الناسفة. ليست المشكلة في من فجر كنيسة مار إلياس، بل في ذاك الذي علّمه أن دم المصلين مباح، ثم قدّم له ذلك مغلفاً بشعار 'نصرة الإسلام'.
قال الله تعالى: 'وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا' (المائدة: 32)، فكيف يستقيم إذاً أن تُزهق الأرواح باسم دينٍ جاء رحمة للعالمين؟
نعم، المسيحي الشرقي خائف. لكنه لا يخاف من المسلم، بل من الأمية الإسلامية، من الإسلام المغشوش، من الإسلام الذي خطفه الجهلة ليقيموا نظاماً يُقصي كل مختلف. هذا الخوف دفعه إلى الانكماش، أو إلى الهجرة. وفي الغربة، لا ولن يعود.
والمؤلم أن الحكومات – بعض الحكومات – لم تُبحر إلى عمق الخوف المسيحي، بل استخدمته كورقة سياسية. فاستخدمت رجال دين – من المسلمين والمسيحيين على حد سواء – لعرض مسرحيات الحوار بين الأديان، فيما الواقع في الشوارع والأسواق والجامعات والمناطق الفقيرة كان ينضح بالعكس.
هل من الغريب إذًا أن تُصبح الهجرة اليوم نزيفاً دائماً؟ وأن يُصبح الوجود المسيحي في المشرق مهدداً لا من مسلمي الشارع، بل من الخطاب المتشدد، ومن غياب الطمأنينة؟
الخوف لا يُعالج بكرنفالات، بل بتربية، وتعليم، وخطاب ديني حقيقي، وإعلامٍ واعٍ، وعدالةٍ اجتماعية، بتصحيح العلاقة مع الفقر والتهميش، وبمشاركة المسيحي كمواطن لا كضيفٍ على موائد الوطن.
إنّ محاربة الإرهاب لا تكون بقمعه فقط، بل بتجفيف منابعه، بالعمل على تلك الأحزمة الفقيرة التي تُنتج الكراهية. فالمتطرف لا يولد متطرفاً، بل يُصنع في بيئات الجهل والبطالة والتهميش. ولو كان فيهم علمٌ أو فهم، لعلموا أن النبي ﷺ قال للأعرابي الذي دعا بالرحمة له وحده: 'لقد حجّرتَ واسعاً يا أخا العرب'.
ونحن، نحنُ المسيحيين المشرقيين، باقون. لكننا نريد طمأنينة لا شعارات. نريد ضمانة من إيمانٍ عميق، لا فقط من نُطق الشهادتين. نريد أن نعيش معًا في نور الله، لا في ظلام من يدّعون نُصرته.
إن الإيمان بالله لا يفرّق بين رسله، ولا بين عباده، وقد قال سبحانه:
'آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ۚ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ' (البقرة: 285)
وفي الختام، نقول كما قال موسى لربه:
'أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا؟' (الأعراف: 155)
فلا تهلكونا يا إخوتنا، بما يفعل منكم السفهاء.
هل يعقل أن تُفجّر كنيسة في الدويلعة، ثم يُنادى على وسائل التواصل 'اللهم ارحم موتى المسلمين فقط'؟ ألم يقل القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} وليس يا أيها المسلمون؟ وورد قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} (89 مرة)، ولم يقل 'يا أيها الذين أسلموا'، لأن الإسلام بلا إيمانٍ ليس كافياً، كما جاء في قوله: 'قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ' (الحجرات: 14)، ولكن هناك من يجتهد ويقول أنه يكفي ان تكون مسلماً فهذا يعني ان تكون مؤمناً.
هل تفجير كنيسة الدويلعة و' استشهاد' العشرات .. هو من العمل الصالح؟
اللهم اشهد بأنني بلّغت

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

منشور ترمب الذي انهى حرب الـ 12 يوما
منشور ترمب الذي انهى حرب الـ 12 يوما

خبرني

timeمنذ ساعة واحدة

  • خبرني

منشور ترمب الذي انهى حرب الـ 12 يوما

خبرني - اعلن الرئيس الاميركي دونالد ترمب عن وقف مؤقت لإطلاق النار ينهي الحرب بين طهران وتل أبيب. جاء ذلك في منشور على منصة تروث التي يمكلها ترمب قال فيه : مبروك للجميع! لقد تم الاتفاق الكامل والنهائي بين إسرائيل وإيران على وقف إطلاق نار كامل وشامل (سيبدأ بعد حوالي 6 ساعات من الآن، حين تُنهي إسرائيل وإيران ما تبقى لديهما من مهام عسكرية أخيرة)، لمدة 12 ساعة، وعندها سيتم اعتبار الحرب منتهية! رسميًا، ستبدأ إيران وقف إطلاق النار، وبعد مرور 12 ساعة ستبدأ إسرائيل وقف إطلاق النار، وعند الساعة 24، سيتم إعلان النهاية الرسمية لحرب الـ12 يومًا، وسيحتفي بها العالم. خلال كل فترة وقف إطلاق النار، يلتزم الطرف الآخر بالبقاء مسالمًا ومحترمًا. بافتراض أن كل شيء سيسير كما يجب، وهو ما سيحدث، أود أن أهنئ البلدين، إسرائيل وإيران، على امتلاكهما القدرة، والشجاعة، والذكاء لإنهاء ما ينبغي أن يُسمى 'حرب الـ12 يومًا'. هذه حرب كان من الممكن أن تستمر لسنوات، وأن تدمر الشرق الأوسط بأكمله، لكنها لم تفعل، ولن تفعل أبدًا! ليبارك الله إسرائيل، وليبارك الله إيران، وليبارك الله الشرق الأوسط، وليبارك الله الولايات المتحدة الأمريكية، وليبارك الله العالم! دونالد ج. ترامب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية

ترامب يعلن وقفا مؤقتا لإطلاق النار ينهي الحرب بين طهران وتل أبيب
ترامب يعلن وقفا مؤقتا لإطلاق النار ينهي الحرب بين طهران وتل أبيب

سرايا الإخبارية

timeمنذ 2 ساعات

  • سرايا الإخبارية

ترامب يعلن وقفا مؤقتا لإطلاق النار ينهي الحرب بين طهران وتل أبيب

سرايا - أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب التوصل إلى اتفاق "كامل وشامل" بين إسرائيل وإيران لوقف إطلاق النار، مؤكدًا أن الاتفاق يدخل حيز التنفيذ خلال نحو 6 ساعات، وسيمتد مبدئيًا لـ12 ساعة، "ثم تُعتبر الحرب منتهية رسميًا." وقال ترامب في بيان رسمي: "بعد مرور 24 ساعة من سريان الاتفاق، سيحيي العالم نهاية رسمية لحرب الأيام الـ12." وأضاف: "أود تهنئة إسرائيل وإيران على امتلاكهما القدرة على التحمل والشجاعة والذكاء لإنهاء الحرب." وشدد على أن هذا الاتفاق "منع حربًا مدمرة كانت قد تستمر لسنوات وتهدد استقرار الشرق الأوسط بأكمله." وختم بالقول: "حفظ الله إسرائيل وإيران.. لقد أوقفنا حربًا مدمرة للمنطقة."

قطر تؤكد استقرار الأوضاع الأمنية في البلاد
قطر تؤكد استقرار الأوضاع الأمنية في البلاد

الوكيل

timeمنذ 2 ساعات

  • الوكيل

قطر تؤكد استقرار الأوضاع الأمنية في البلاد

10:17 م ⏹ ⏵ تم الوكيل الإخباري- قالت وزارة الداخلية القطرية، الاثنين، إن الأوضاع الأمنية في البلاد مستقرة وإنه لا يوجد ما يدعو للقلق، وذلك بعد هجوم إيراني على قاعدة العديد الجوية. اضافة اعلان وشددت الوزارة في بيانها عبر منصة إكس "على ضرورة عدم الانسياق خلف الشائعات أو تداول معلومات غير دقيقة". وأضافت أنها تواصل "بالتنسيق مع الجهات ذات الصلة، استعدادها وجاهزيتها التامة لمتابعة المستجدات واتخاذ ما يلزم لضمان سلامة المواطنين والمقيمين، واستمرار الحياة العامة بصورة طبيعية". وكانت وزارة الدفاع القطرية قد أعلنت، مساء الاثنين، أن الدفاعات الجوية القطرية اعترضت هجمة صاروخية استهدفت قاعدة العديد الجوية. وقالت الوزارة في بيان لها، "بفضل الله ويقظة القوات المسلحة والإجراءات الاحترازية لم ينتج عن الحادث أي وفيات أو إصابات". وأكدت على أن أجواء وأراضي دولة قطر آمنة وأن القوات المسلحة القطرية على أهبة الاستعداد دائما. وتابعت "ننصح المواطنين والمقيمين بأخذ التوجيهات وآخر التطورات من المصادر الرسمية". وسمع دوي انفجارات في أنحاء الدوحة مساء الاثنين، بعيد إغلاق قطر مجالها الجوي بسبب التطورات في المنطقة، وفي وقت أعلنت طهران بدء رد "قوي" على الضربات الأميركية على منشآتها النووية. وسُمع دوي الانفجارات وسط العاصمة القطرية وفي لوسيل الواقعة شمال الدوحة، فيما شوهدت مقذوفات في الجو.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store