
تحلية المياه أولوية استراتيجية لتعزيز السيادة المائية للمملكة
بهذا الميناء ذو الأحواض العميقة، المخصص للحمولات المعدنية والطاقية وغيرها، والذي يوجد على بعد 17 كلم من الجديدة و120 كلم من الدارالبيضاء، يقف الزائر بذهول أمام هذا الموقع الشاسع، أنابيب بأحجام كبيرة ومنشآت وآليات ذات تقنيات عالية، تنصب كلها في خدمة مهمة واحدة: ضمان الولوج إلى مورد حيوي مع تخفيف الضغط على السدود والفرشات المائية.
وت عد هذه المحطة جزءا من برنامج طموح أطلقته شركة "OCP GREEN WATER"، فرع مجموعة OCP، الذي يتكفل بحلول المياه المستدامة. وتعتمد هذه الشركة، المدعومة من "البرنامج الأخضر" الجديد للمجموعة، على المياه غير التقليدية لضمان مستقبل أفضل. تحلية المياه، معالجة المياه العادمة، والطاقة الخضراء، هو مسار متكامل ص مم بعناية في إطار مقاربة مستدامة شاملة.
وبفضل إنتاج 200 مليون متر مكعب من مياه تحلية البحر سنويا، ت عد محطة الجرف الأصفر حاليا أكبر موقع من نوعه في المغرب. وت سهم هذه القدرة الإنتاجية، على الخصوص، في توفير مياه الشرب للجديدة (30 مليون متر مكعب منذ يناير 2024)، وجنوب الدار البيضاء (60 مليون متر مكعب سنويا منذ دجنبر 2024). كما تضمن الاستقلالية المائية للمركب الصناعي المحلي للمكتب الشريف للفوسفاط، بسعة تصل إلى 65 مليون متر مكعب سنويا.
وفي هذا السياق، قال المسؤول عن الإنتاج بمحطات تحلية مياه البحر "OCP GREEN WATER"، عثمان أبو سلهام، "لقد أنجزنا وحدة التحلية الجديدة المخصصة للدار البيضاء في وقت قياسي، في أقل من عام، بفضل كفاءات 100 في المائة مغربية"، مشيرا في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إلى أنه "تم فقط استيراد المعدات التقنية".
ابتكار فعال وأخضر تميز هذا الإنجاز لا يرجع إلى السرعة في التنفيذ فحسب، بل أيضا إلى الأداء الطاقي.
وفي هذا الإطار، قال السيد أبو سلهام "نستخدم تقنية التناضح العكسي، وهي عملية تتطلب ضغطا عاليا، ولكن بفضل نظام استعادة الطاقة، نغطي ما بين 40 و50 في المائة من الاحتياجات الطاقية لهذه العملية". والنتيجة: إنتاج أمثل يبلغ 3 كيلوواط في الساعة، يعمل كليا بالطاقة المتجددة.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، قالت فاطمة الزهراء أخريف، مديرة مراقبة المشاريع بشركة "OCP GREEN WATER" إنه "في إطار البرنامج الأخضر لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، نهدف إلى الوصول إلى سعة إجمالية تبلغ 600 مليون متر مكعب سنويا بحلول 2027".
وأضافت: "بلغنا اليوم 240 مليون متر مكعب بين الجرف الأصفر وآسفي"، مبرزة أن "هذا الرقم سيرتفع أكثر مع بدء تشغيل خط أنابيب الجرف-خريبكة بطول 200 كيلومتر".
ويساهم خط الأنابيب هذا، الذي بدأ تشغيله مؤخرا، في ضمان الاستقلالية في الماء الصناعي لمنجم خريبكة (35 مليون متر مكعب في السنة) وتزويد المدينة بالمياه الصالحة للشرب (10 ملايين متر مكعب في السنة).
إعادة التدوير لضمان الاستدامة وفي إطار مقاربتها التي ترتكز على الابتكار والاستدامة، لا تتوقف "OCP Green Water" عند عملية تحلية المياه، بل تعمل الشركة أيضا على تطوير إعادة استعمال مياه البحر المستخدمة في عملية التحلية. حاليا، توجد ثماني محطات قيد التشغيل، من آسفي إلى مراكش مرورا بالفقيه بن صالح، بقدرة إجمالية تبلغ 35 مليون متر مكعب سنويا. وقد تم تشغيل أحدث محطة في مراكش في 17 يونيو 2024، وتعالج وحدها 12 مليون متر مكعب سنويا.
وتعد هذه الإنجازات ثمرة جهود مشتركة، بتنسيق وثيق مع الوزارات المعنية والسلطات المحلية، ووحدات مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، مثل شركة JESA Manufacturing. كما أنها ترتكز على شراكة متينة مع جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية (UM6P)، التي تواكب OGW في أعمال البحث والتطوير المتعلقة بتجويد العمليات والابتكار في مجال المياه.
وأشارت السيدة أخريف إلى أن "جميع أنظمتنا مصممة للعمل حصريا بالطاقة الخضراء"، مبرزة أن "هذا الاختيار الهيكلي يعكس التزامنا بنموذج النمو الدائري، بما يتماشى مع الرؤية الملكية لمغرب قادر على الصمود في مواجهة تغير المناخ".
استراتيجية وطنية في تقدم مستمر تأتي هذه الدينامية التي تم إطلاقها في ظل حالة الجفاف المقلقة التي عرفتها بلادنا في السنوات الأخيرة، تجسيدا للاستراتيجية الوطنية للماء وتنزيلا للتوجيهات الملكية السامية الرامية إلى الحفاظ على الموارد المائية. في عام 2022، قامت شركة OCP Green Water بتفعيل مخطط استعجالي في وقت قياسي، لتأمين تزويد مواقعها الصناعية، بالإضافة إلى مدينتي آسفي والجديدة باحتياجاتها المائية. وشك لت هذه الاستجابة نقطة تحول مهمة، إذ لم تعد تحلية المياه حلا تكميليا، بل أضحى ركيزة أساسية للسيادة المائية للبلاد.
وفي خضم هذا النجاح، أشرف صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن، على تدشين محطة تحلية مياه البحر للدار البيضاء، حيث انطلقت أعمال البناء في 10 يونيو 2024، بجماعة لمحرزة الساحل، التابعة لإقليم الجديدة. وت عتبر هذه المحطة الأكبر من نوعها في أفريقيا.
وتندرج محطة تحلية مياه البحر للدار البيضاء في إطار البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027، الذي أطلقه جلالة الملك. وتهدف هذه المحطة إلى تعزيز وتأمين التزويد بالمياه الصالحة للشرب بالدار البيضاء الكبرى ومدن سطات وبرشيد والبير الجديد والمناطق المجاورة. وهو مشروع شراكة بين القطاعين العام والخاص، ويهدف إلى تلبية احتياجات مياه الشرب والزراعة بشكل مستدام في منطقة تعاني من ضغط مائي كبير.
ويشكل هذا المشروع أيضا جزءا من سلسلة من المبادرات المماثلة التي أطلقتها جهات أخرى، منها على الخصوص، جهة الدار البيضاء-سطات، التي تعمل على إحداث حوالي ثلاثين محطة لتحلية المياه، في إطار التدابير المتخذة لمواجهة الإجهاد المائي وانخفاض التساقطات المطرية خلال السنوات الأخيرة.
ويهم الأمر، 28 محطة أحادية الكتلة لتحلية مياه البحر وإزالة المعادن وتنقيتها، تهدف لضمان تزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب، خاصة في المناطق القروية.
وتطلبت هذه المشاريع، التي تسهر على تنزيلها الشركة الجهوية متعددة الخدمات للدار البيضاء-سطات، تعبئة استثمارية قدرها 400 مليون درهم، موزعة بين مساهمة الدولة (272 مليون درهم)، ومساهمة الجهة (128 مليون درهم).
هكذا، في بلد حيث تعتبر كل قطرة ماء مهمة، أثبتت المملكة أن التكنولوجيا، المدعومة برؤية وطنية والتزام محلي، يمكن أن تحول إشكالية الإجهاد المائي إلى محرك للابتكار.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


هبة بريس
منذ 17 دقائق
- هبة بريس
أخنوش: توسيع مصنع 'ستيلانتيس' بالقنيطرة سيمكن من مضاعفة الطاقة الإنتاجية
هبة بريس أكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، اليوم الأربعاء بمدينة القنيطرة، أن توسيع مصنع مجموعة 'ستيلانتيس' (Stellantis) بالقنيطرة سيمكن من مضاعفة الطاقة الإنتاجية، مع بلوغ نسبة إدماج محلي مستهدفة تصل إلى 75% في أفق سنة 2030. وأوضح أخنوش، خلال حفل تدشين توسعة المصنع، أن هذا المشروع يمثل استثماراً ضخماً بقيمة 1,2 مليار يورو، منها 702 مليون يورو موجهة للاستثمار لدى الممونين والموردين. وأشار إلى أن هذا المشروع يعزز مكانة المغرب كقوة صناعية رائدة على مستوى القارة الإفريقية في قطاع صناعة السيارات، بطاقة إنتاجية سنوية إجمالية مرشحة لبلوغ مليون سيارة في أفق 2030، كما يُكرّس المغرب كمنصة مستقبلية للاستثمار في مجالات التنقل المستدام، التنقل الكهربائي، وسلاسل التوريد المبتكرة. وأضاف رئيس الحكومة أن هذه التوسعة لن تقتصر على الأثر الاقتصادي فقط، بل ستُحدث أيضًا فرص عمل جديدة، من خلال خلق 3100 منصب شغل مباشر، خاصة لفائدة شباب الجهة، مما ينسجم مع أهداف خارطة طريق التشغيل التي تحظى بأولوية لدى الحكومة. وأكد أخنوش أن هذا المشروع يُجسد طموحات الميثاق الجديد للاستثمار والسياسات الصناعية للمملكة، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مشيرًا إلى أن هذه التوسعة ستُسهم في الرفع من جودة الإنتاج الوطني، وتعزيز الاندماج المحلي، وتطوير نسيج اقتصادي منظم وتنافسي. كما أبرز أن المشروع يُعزز تموقع المغرب في سلسلة القيمة العالمية للسيارات الكهربائية، من خلال الرفع من الطاقة الإنتاجية السنوية للسيارات الكهربائية ومحطات الشحن. وأشار رئيس الحكومة إلى أن التوسعة تتضمن أيضًا وحدة خاصة بمحركات السيارات، ما سيعزز تموقع القطاع في مجالات استراتيجية لصناعة السيارات ذات القيمة المضافة العالية. وأكد أن إنجاز هذا المشروع هو ثمرة التزام قوي وتعاون مثالي بين مختلف الفاعلين العموميين والخواص، سواء على الصعيد الوطني أو الجهوي. واعتبر أخنوش أن هذا التوسع يُعد خطوة متقدمة في الشراكة النموذجية وطويلة الأمد التي تجمع المملكة المغربية بمجموعة 'ستيلانتيس'. وذكّر بأن هذه الشراكة انطلقت في يونيو 2015 من خلال توقيع بروتوكول اتفاق، تحت الرئاسة الفعلية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، يتعلق بإحداث وحدة صناعية بالمغرب تابعة لمجموعة PSA، التي أصبحت لاحقًا 'ستيلانتيس'، وقد تُوج هذا المشروع بتدشين المصنع من طرف جلالة الملك في يونيو 2019. وأشار إلى أنه منذ ذلك الحين، تطوّر حول هذا المشروع نسيج صناعي متكامل وفعّال، يرتكز على الابتكار والإنتاجية، مما يعزز موقع المغرب في صناعة السيارات العالمية.


هبة بريس
منذ 17 دقائق
- هبة بريس
أخنوش: توسيع مصنع "ستيلانتيس" بالقنيطرة سيمكن من مضاعفة الطاقة الإنتاجية
هبة بريس أكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، اليوم الأربعاء بمدينة القنيطرة، أن توسيع مصنع مجموعة 'ستيلانتيس' (Stellantis) بالقنيطرة سيمكن من مضاعفة الطاقة الإنتاجية، مع بلوغ نسبة إدماج محلي مستهدفة تصل إلى 75% في أفق سنة 2030. وأوضح أخنوش، خلال حفل تدشين توسعة المصنع، أن هذا المشروع يمثل استثماراً ضخماً بقيمة 1,2 مليار يورو، منها 702 مليون يورو موجهة للاستثمار لدى الممونين والموردين. وأشار إلى أن هذا المشروع يعزز مكانة المغرب كقوة صناعية رائدة على مستوى القارة الإفريقية في قطاع صناعة السيارات، بطاقة إنتاجية سنوية إجمالية مرشحة لبلوغ مليون سيارة في أفق 2030، كما يُكرّس المغرب كمنصة مستقبلية للاستثمار في مجالات التنقل المستدام، التنقل الكهربائي، وسلاسل التوريد المبتكرة. وأضاف رئيس الحكومة أن هذه التوسعة لن تقتصر على الأثر الاقتصادي فقط، بل ستُحدث أيضًا فرص عمل جديدة، من خلال خلق 3100 منصب شغل مباشر، خاصة لفائدة شباب الجهة، مما ينسجم مع أهداف خارطة طريق التشغيل التي تحظى بأولوية لدى الحكومة. وأكد أخنوش أن هذا المشروع يُجسد طموحات الميثاق الجديد للاستثمار والسياسات الصناعية للمملكة، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، مشيرًا إلى أن هذه التوسعة ستُسهم في الرفع من جودة الإنتاج الوطني، وتعزيز الاندماج المحلي، وتطوير نسيج اقتصادي منظم وتنافسي. كما أبرز أن المشروع يُعزز تموقع المغرب في سلسلة القيمة العالمية للسيارات الكهربائية، من خلال الرفع من الطاقة الإنتاجية السنوية للسيارات الكهربائية ومحطات الشحن. وأشار رئيس الحكومة إلى أن التوسعة تتضمن أيضًا وحدة خاصة بمحركات السيارات، ما سيعزز تموقع القطاع في مجالات استراتيجية لصناعة السيارات ذات القيمة المضافة العالية. وأكد أن إنجاز هذا المشروع هو ثمرة التزام قوي وتعاون مثالي بين مختلف الفاعلين العموميين والخواص، سواء على الصعيد الوطني أو الجهوي. واعتبر أخنوش أن هذا التوسع يُعد خطوة متقدمة في الشراكة النموذجية وطويلة الأمد التي تجمع المملكة المغربية بمجموعة 'ستيلانتيس'. وذكّر بأن هذه الشراكة انطلقت في يونيو 2015 من خلال توقيع بروتوكول اتفاق، تحت الرئاسة الفعلية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، يتعلق بإحداث وحدة صناعية بالمغرب تابعة لمجموعة PSA، التي أصبحت لاحقًا 'ستيلانتيس'، وقد تُوج هذا المشروع بتدشين المصنع من طرف جلالة الملك في يونيو 2019. وأشار إلى أنه منذ ذلك الحين، تطوّر حول هذا المشروع نسيج صناعي متكامل وفعّال، يرتكز على الابتكار والإنتاجية، مما يعزز موقع المغرب في صناعة السيارات العالمية. تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X


كواليس اليوم
منذ 41 دقائق
- كواليس اليوم
عيد العرش.. رؤية ملكية رائدة من أجل مغرب متقدم ومزدهر
و م ع يحتفل المغاربة في 30 يوليوز المقبل بعيد العرش المجيد. وهي مناسبة للاحتفاء، بكل فخر واعتزاز، بالرؤية الاستباقية، والمتبصرة، والرائدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، والتي جعلت من المملكة بلدا صاعدا، متقدما ومزدهرا. ويشكل الاحتفال بعيد العرش المجيد لحظة قوية تجسد الوحدة الوطنية، ومناسبة للوقوف على التقدم الذي حققته المملكة، والتطلع إلى مستقبل أكثر إشراقا في ظل التلاحم المكين والثابت بين العرش العلوي المجيد والشعب المغربي الأبي. وتحل ذكرى اعتلاء جلالة الملك العرش هذه السنة، في وقت بدأت فيه المملكة تجني ثمار 26 سنة من العمل الدؤوب، في إطار مشروع حداثي تمت بلورته تحت قيادة ملك متبصر. فقد مكنت مجموعة من المشاريع المهيكلة من إحداث تحولات عميقة بالمغرب على المستويات الاقتصادية، والاجتماعية والثقافية والرياضية والمؤسساتية، وذلك بفضل دينامية الإصلاحات التي شملت جميع القطاعات الحيوية في مجموع التراب الوطني، وهو ما أكده رئيس الحكومة الإسبانية الأسبق خوسيه لويس رودريغيز ثباتيرو في حديث لمكتب وكالة المغرب العربي للأنباء بمدريد حيث قال إن المملكة تُعد اليوم، أكثر من أي وقت مضى، 'نموذجا في التحديث الاقتصادي والاجتماعي والمؤسساتي'. وبالفعل، فقد أضحت المملكة تتوفر على بنيات تحتية حديثة في مجالات متنوعة من قبيل الطرق السيارة والسريعة، بشبكة تمتد لأزيد من 2000 كيلومتر، والتي يتوقع أن تصل إلى 3000 كيلومتر في 2030، وخط للقطار فائق السرعة، الأول في إفريقيا، وموانئ مثل طنجة المتوسط، المصنف من بين أفضل 20 ميناء للحاويات في العالم والأول على مستوى البحر الأبيض المتوسط والقارة الإفريقية، فضلا عن المشاريع الطموحة لمينائي الناظور غرب المتوسط والداخلة الأطلسي. وفي مجال الطاقة والانتقال الطاقي، أصبح المغرب، برأي الملاحظين، قطبا رائدا على المستويين الإفريقي والعالمي في مجال الطاقات المتجددة، حيث يتوفر على محطات للطاقة الشمسية والريحية، ومشاريع طموحة لإنتاج الهيدروجين الأخضر. اقتصاديا، أصبح المغرب قطبا صناعيا ولوجستيا ذي سمعة عالمية، لاسيما في القطاعات ذات القيمة الاستراتيجية الكبرى من قبيل صناعة السيارات والطيران، والصناعات الغذائية. فالمملكة توجد اليوم في موقع جيد لولوج نادي أفضل 50 دولة في تصنيف البنك الدولي 'ممارسة الأعمال' (دووينغ بيزنيس). هذا المجهود الجبار تواكبه إصلاحات هامة على المستوى الاجتماعي وفي مجال التنمية البشرية، وهو ما يؤكد الحس الإنساني والاجتماعي لجلالة الملك، الذي ما فتئ يولي اهتماما بالغا لهذا المجال قصد جعل الفئات الاجتماعية المحرومة تستفيد من ثمار التنمية. وفي هذا الصدد أكد الخبير الجيوسياسي الفرنسي فريدريك إنسيل في حديث خص به مكتب وكالة المغرب العربي للأنباء بباريس أن المغرب يشهد، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، دينامية تنموية 'مبهرة' تجعل منه، دون أدنى شك، 'بلدا صاعدا حقيقيا'. وتندرج مواصلة برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وتعميم التغطية الاجتماعية في صلب هذا الجهد الاجتماعي، الذي هم أيضا المشاريع الرائدة لمراجعة مدونة الأسرة، ورقمنة الخدمات العمومية وإصلاح قطاع التعليم. من جهة أخرى، نجح المغرب منذ اعتلاء جلالة الملك العرش، في تعزيز مكانته الجيو – سياسية، من خلال دبلوماسية مؤثرة، حازمة واستباقية، مكنت المملكة من مضاعفة نجاحاتها فيما يتعلق بقضية الوحدة الترابية للمملكة. وهكذا، أشاد الباحث في القانون الدستوري والسيناتور البلجيكي السابق، فرانسيس دولبيريه، في حديث خص به مكتب وكالة المغرب العربي للأنباء ببروكسل، بالنجاحات الدبلوماسية التي حققتها المملكة بفضل الرؤية المتبصرة لجلالة الملك، والتي مكنت من حشد دعم واسع، لاسيما من قبل القوى العالمية الكبرى، لصالح حل نهائي للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، على أساس مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب. وشهدت القضية الوطنية الأولى، خلال السنوات الأخيرة، تطورات هامة بفضل الزخم القوي والانخراط المباشر لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي أرسى أسس الموقف المغربي بشأن قضية الصحراء المغربية. فبعد الولايات المتحدة الأمريكية، جاء دور إسبانيا وفرنسا، ومؤخرا المملكة المتحدة، للانخراط في هذه الدينامية الدولية. وفي المجمل، أعربت ما لا يقل عن 123 دولة عن دعمها للمبادرة المغربية للحكم الذاتي. وعلى مستوى القارة الإفريقية، تواصل المملكة جهودها من أجل تعزيز حضورها وصورتها في القارة، كبلد إفريقي يعمل من أجل الأفارقة. فبعد العودة المظفرة إلى الاتحاد الإفريقي في 2017، ما فتئ المغرب يضاعف المبادرات لصالح إفريقيا، والتي تظل أهمها المبادرة الملكية الأطلسية الرامية إلى تيسير ولوج دول منطقة الساحل إلى المحيط الأطلسي ومسلسل الدول الإفريقية الأطلسية وكذا أن أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي. وتعد الرياضة أيضا من المجالات التي نجح فيها المغرب في السنوات الأخيرة. وتؤكد النتائج التي حققها الأبطال والمنتخبات الوطنية توهج الرياضة المغربية بفضل الرؤية الملكية المتبصرة. فالمغرب، الذي أبهر العالم كأول بلد إفريقي وعربي يصل إلى نصف نهائي كأس العالم سنة 2022 في قطر، يراكم الإنجاز تلو الآخر، سواء في المسابقات الرياضية أو من حيث البنيات التحتية التي أنشأها وبرامج التدريب الرياضي التي ينخرط فيها. وكنتيجة مباشرة لهذه المكانة التي أصبحت تحظى بها الرياضة الوطنية، تم اختيار المملكة من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لاستضافة كأس العالم 2030، في إطار تنظيم مشترك مع كل من إسبانيا والبرتغال. وهي المرة الأولى التي يتم فيها تنظيم هذه المسابقة العالمية بين قارتين، ما يشكل تأكيدا على دور المغرب كحلقة وصل بين الشمال والجنوب. وفي هذا الصدد، أعرب السيد ثاباتيرو عن ثقته في قدرة المغرب على استضافة كأس العالم 2030 بنجاح بمعية إسبانيا والبرتغال، مسلطا الضوء على 'الاحترافية' و'البنيات التحتية' التي تتمتع بها المملكة، فضلا عن 'شغف' الشعب المغربي بكرة القدم. والأكيد أن عيد العرش هو مناسبة مجيدة يحتفي فيها المغاربة قاطبة بجميع هذه النجاحات، التي تعكس نضج مشروع مجتمعي تمت بلورته وقيادته بفضل ملك متبصر يصغي دوما لانشغالات شعبه.