logo
«ذا أماتور».. جاسوسية تنقصها الجرأة في التحليل وفك الألغاز

«ذا أماتور».. جاسوسية تنقصها الجرأة في التحليل وفك الألغاز

صحيفة الخليج١١-٠٥-٢٠٢٥

نجح رامي مالك في إثبات موهبته واخترق كل المحظورات وحواجز التمييز العنصري التي يتعرض لها أي عربي يعيش ويعمل في الولايات المتحدة الأمريكية، وصار اسمه وحضوره كافيين كي يتحمس الجمهور لمشاهدة أي عمل يقدمه ويتصدر أسماء أبطاله، فمنذ أن نال جائزة الأوسكار عام 2019 عن «بوهيميان رابسودي»، وكان أول مصري بل وأول عربي ينال «أوسكار» أفضل ممثل دور أول في فيلم أمريكي طويل، ونال سمعة وشهرة كبيرتين لبطولته مسلسل مستر روبوت (2015 حتى 2019)، ومنذ ذلك الوقت ورامي (المصري الأمريكي) يجيد اختيار أعماله، ولعل الفيلم المعروض في الصالات «ذا أماتور» أو «الهاوي» أقلها قوة وتميزاً، رغم امتلاكه كل مفاتيح النجاح والمؤهلات التي كان من المفترض أن تجعله من أهم أفلام الجاسوسية والجريمة الحديثة.
فيلم «ذا أماتور» مقتبس من رواية روبرت ليتل التي تحمل الاسم نفسه الصادرة عام 1981، وحولها إلى فيلم في نفس العام روبرت ليتل وديانا مادوكس وتولى إخراج الفيلم تشارلز جاروت، وكان من بطولة جون سافاج، كريستوفر بلامر ومارث كيلر، ومع فارق الوقت والزمن وبفضل تطور التقنيات في السينما، يعتبر الفيلم الحالي أقوى من السابق، علماً أن لمسات كين نولان وغاري سبينيلي في كتابة السيناريو والحوار، وجيمس هاويس في الإخراج لم تجعل الفيلم الحديث مواكباً أو منافساً قوياً لنفس نوعية أفلام الجاسوسية والجريمة والمطاردات، لاسيما تلك التي تعتمد قصصاً دافعها الأول ومحركها الأساسي عاطفي رومانسي عائلي، حيث التيمة المعروفة انتقام الزوج لمقتل زوجته، الضحية البريئة التي تدفع ثمن عمل زوجها في جهاز أمني أو شرطي أو مخابراتي.. ما يحوّل الزوج إلى مقاتل أو قاتل شرس يبحث طوال الوقت عن قاتل حبيبته ليقتص منه.
الغضب يعمي البطل عن أي شيء غير الرغبة في الانتقام، والبطل تشارلي هيلر (رامي مالك) يعيش نفس التجربة لكنه هذه المرة لا يملك بطبيعة عمله كباحث في قسم فك التشفير والتحليل في مركز جورج بوش للمخابرات التابع لجهاز «سي آي إيه»، القدرة البدنية على الدفاع عن النفس وهو غير مدرب على القتال وإطلاق النار، لذلك يعتبر اختيار رامي مالك للقيام بدور هيلر ملائماً جداً من حيث الشكل، فهو يبدو رجل فكر وعبقري تحليل بيانات في وكالة المخابرات المركزية، يجيد التعامل مع الأرقام والشيفرة وأجهزة الكمبيوتر، نحيل انطوائي يرتدي بذلة رسمية ويحمل حقيبة الظهر كأنه طالب، على عكس زملائه العاملين في جهاز المخابرات، فبينما يبدو تشارلي نحيفاً ومتوتراً وهادئاً في نفس الوقت وقليل الكلام، فإن مدير وكالة المخابرات المركزية مور (هولت مكالاني) ضخم ويبدو أمام هيلر كأنه جدار من الطوب البشري، بملامح قاسية ونبرة صوت منخفضة خالية من أي مشاعر حتى لحظة تقديمه التعازي لهيلر في وفاة زوجته.
يبدأ المخرج جيمس هاويس الفيلم بتقديم تشارلي هيلر في منزله، زوجته ساره (ريتشل بروسنان) تستعد للسفر من أجل المشاركة في مؤتمر في لندن، يُظهر لنا المخرج شدة حبهما لبعضهما من خلال تفاصيل صغيرة، هو يساعدها في إعداد حقيبتها ثم يجهز لها قهوتها المفضلة فتقول له «لا أعرف كيف سأقضي العشرة أيام من دون قهوتك»، تطلب منه مرافقتها ولو لمرة في سفرها، فيعدها بأن يفعل ذلك المرة المقبلة، ثم تصل سيارة الأجرة لنراها مغادرة وهيلر يرافقها ماشياً بجانب نافذة السيارة إلى أن تنطلق بعيداً ويعود هو إلى سيارته وعمله في قسم فك التشفير والتحليل، حيث يكتشف عن طريق الصدفة ملفاً شديد السرية تم إخفاؤه، ليخرجه ويعرف أنه يتعلق بعملية هجوم بطائرة «درون» أودت بحياة 116 شخصاً، قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية وزعمت أنها عملية تفجير قام بها انتحاري لتوهم العالم بأشياء غير حقيقية، معلومة يبقيها سرية لأنها تشكل خطراً عليه، لكنه يعرف كيف يستغلها لاحقاً.
مور نائب مدير وكالة المخابرات المركزية يأخذ هيلر للتحدث إلى رئيسة الوكالة أوبراين (جوليان نيكلسون)، فيشعر هيلر بقلق من أن يكونا على علم باكتشافه تلك المعلومات السرية، لكنه يعيش الصدمة الكبرى حين يبلغاه أن هجوماً قام به مسلحون على مكان إقامة المؤتمر في لندن احتجزوا فيه رهائن وقتلوا اثنين من بينهما زوجته سارة، رد فعل هيلر يبدو بارداً، لم نشعر بعمق حزن الزوج رغم شدة حبه لزوجته وتعلقه بها، لم نفهم لماذا أراد المخرج أن تبدو ملامح هيلر أكثر صمتاً مما هو متوقع؟ لم تصلنا مشاعر الزوج المكلوم بشكل يمكننا من التعاطف معه سوى في لقطة صغيرة حين وصل جثمانها مغلفاً بكرتون وكأنه بضاعة مستوردة تخرج من الطائرة، واستلامه أغراضها الشخصية التي وجد فيها هدية كانت اشترتها له وضعت معها بطاقة باسمه كتبت فيها أنها اشترت له لعبة أحجية صعبة. يطلب هيلر من رؤسائه مساعدته في معرفة هوية القتلة، وبسبب تباطؤهم في التحقيقات يقرر أن يبتزهم بالمعلومات السرية التي يعرفها، بمن فيهم مور، ويطلب منهم تسليمه المعلومات الاستخباراتية وكل ما يعرفونه عن مجموعة الخاطفين وتدريبه على القتال من أجل الدفاع عن نفسه إذا تعرض لمطاردات وهجوم، وكلف روبرت هندرسون (لورانس فيشبورن) القيام بالمهمة.
هيلر يتحول إلى متمرد يطارد المتهمين وينفذ الحكم فيهم بنفسه، ما يعني طبعاً أنه تحوّل إلى هدف وعنصر شغب يزعج جهاز المخابرات وعليهم مطاردته والتخلص منه.. كل تلك النوعية من الأفلام تجعل البطل ضحية بحثه عن الحق والعدالة، ويصبح مطارداً من أعدائه ومن زملائه ورؤسائه، فيتحول الفيلم إلى مجموعة مشاهد أكشن ومطاردات، هنا يمكن القول بأن الميزة في عمليات المطاردة هذه أن هيلر يستخدم فيها حل الألغاز وذكاءه في التفكير والتخطيط لكيفية الوصول إلى كل شخص من هؤلاء المجرمين، وكيفية تهديده والتخلص منه بطرق مبتكرة وغير متوقعة، الوسائل التي يستخدمها أكثر إثارة من عمليات المطاردة في الفيلم.
شخصيات مساندة
«ذا أماتور» يتمايل بين الجاسوسية والبوليسية، فلا يتألق بالأول ولا يبهرنا بالثاني، تنقصه جرأة أكبر في الغوص في التحليل واتباع خيوط الألغاز على طريقة «شارلوك هولمز» مثلاً، ويحتاج إلى المزيد في الإتقان والإبهار في إخراج المطاردات وعمليات التفجير والتشويق في كيفية تعامل البطل للانتقام من قاتلي زوجته، لذا يتحمل المخرج والكاتبان مسؤولية ضعف الحبكة وعدم إبراز كل قدرات رامي مالك في تجسيد دور العبقري والقاتل السري، وهو ما يلمسه المشاهد من خلال أداء مالك وكأنه مقيّد بينما هو يملك الكثير ليقدمه، في حين تبدو الشخصيات الأخرى مساندة ليس أكثر، وحضور ريتشل بروسنان مميز وكانت تستحق مساحة أكبر.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

«ديزني» تؤجل عرض فيلمين من سلسلة «أفينجرز»
«ديزني» تؤجل عرض فيلمين من سلسلة «أفينجرز»

الإمارات اليوم

timeمنذ 9 ساعات

  • الإمارات اليوم

«ديزني» تؤجل عرض فيلمين من سلسلة «أفينجرز»

أعلنت شركة والت ديزني تأجيل موعد عرض الفيلمين التاليين من سلسلة أفلام «أفينجرز» الناجحة التي تنتجها استوديوهات مارفل التابعة لها. وتقرر تأجيل عرض فيلم «أفينجرز: دومزداي» (المنتقمون: يوم القيامة) إلى 18 ديسمبر 2026، أي بعد نحو سبعة أشهر من موعده السابق في الأول من مايو. وسيعيد هذا الفيلم الممثل روبرت داوني جونيور إلى السلسلة في دور الشرير «دكتور دوم». كما أرجأت «ديزني» الخميس الماضي موعد عرض فيلم «أفينجرز: سيكريت وورز» (المنتقمون: حروب سرية) إلى 17 ديسمبر 2027 بدلاً من الثاني من مايو من العام نفسه. وقال مصدر مطلع إن التأجيل جاء لإتاحة المزيد من الوقت لإكمال فيلمي سلسلة الأبطال الخارقين، وهما من بين أضخم أفلام ديزني على الإطلاق. وفيلم «أفينجرز: دومزداي» قيد الإنتاج بالفعل. وحقق فيلم «أفينجرز: إندغيم» (أفينجرز: لعبة النهاية) لدى عرضه في عام 2019 ثاني أعلى إيرادات لفيلم على الإطلاق إذ بلغت 2.8 مليار دولار من مبيعات التذاكر العالمية، وذلك بعد فيلم الخيال العلمي «أفاتار» الذي حقق 2.9 مليار دولار.

فيديو محمد رمضان مع نجله يثير الجدل بعد أزمة دار الرعاية
فيديو محمد رمضان مع نجله يثير الجدل بعد أزمة دار الرعاية

صحيفة الخليج

timeمنذ 9 ساعات

  • صحيفة الخليج

فيديو محمد رمضان مع نجله يثير الجدل بعد أزمة دار الرعاية

انتشر خلال الساعات الماضية فيديو للفنان المصري محمد رمضان وهو يظهر مع نجله في موقف أثار تفاعلاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة بعد الأزمة الأخيرة التي تعرض لها ابنه وأدت إلى إيداعه إحدى دور الرعاية. رمضان يردد كلمات أغنيته مع ابنه علي نشر الفنان محمد رمضان على حسابه الشخصي إنستغرام مقطع فيديو له مع نجله علي، في ظهوره الأول بعد قرار المحكمة إيداعه دار رعاية على إثر مشاجرة بينه وبين طفل في أحد النوادي الشهيرة. ظهر رمضان في الفيديو وهو يقود سيارته بصحبة نجله، مرددًا معه كلمات أغنيته الجديدة «لسه بدري عليه»، التي تضمنت عبارات لافتة وجدها البعض تحمل رسائل، سلبية. وجاءت كلماتها:«وسع يلا من هنا، وسع يلا ماتجيش عندنا، وسع علشان صدعتنا، مش في دماغنا..انت في رجلنا». الأمر الذي أثار الجدل بين متابعيه حول مضمون الرسائل التي جاءت في الفيديو. الجدل يشتعل بسبب عبارات الأغنية الأخيرة أثارت عبارات الأغنية الأخيرة التي رددها محمد رمضان استفزاز كثيرين خاصة أنها تناولت فكرة حقد من حوله عليه في حين أنه يرى نفسه قامة أكبر من الحاقدين. وكشف الفيديو عن ردود فعل متباينة بين الجمهور، مما أدى إلى اشتعال الجدل على منصات التواصل الاجتماعي. وقد احتوت كلمات الأغنية على عبارات وصفها البعض بأنها مثيرة للجدل أو غير مناسبة، خاصة في ظل المحنة التي يتعرض لها ابنه. ورأى متابعون أن الأغنية تعبّر عن موقف جريء وشجاع، بينما اعتبرها آخرون تجاوزاً للحدود المقبولة من الناحية الأخلاقية أو الاجتماعية، علماً بأنه رفع قدمه بالحذاء في الكاميرا وهو يقود السيارة أثناء ترديده للأغنية. أول ظهور بعد قرار الإيداع في دار رعاية يبدو أن محمد رمضان كان يحاول دعم نجله معنوياً، حيث ظهر وهو يبتسم ويرقص معه، في محاولة لتخفيف الضغوط النفسية التي يمر بها الابن، أو ليبرهن أن أزمة ابنه لم تؤثر فيه أو تحبطه. وكانت المحكمة قد قررت إيداعه في دار رعاية بعد حادثة التعدي على زميله في النادي، والتي أثارت جدلاً واسعاً في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. محكمة مستأنف الطفل تنظر الطعن في يونيو أعلنت الجهات القضائية أن محكمة مستأنف الطفل ستبدأ في النظر في الطعن المقدم بشأن قضية نجل الفنان محمد رمضان في شهر يونيو القادم. تفاصيل القضية: جاء الطعن بعد صدور قرار سابق بإيداع نجل محمد رمضان في دار رعاية، على خلفية حادثة التعدي على زميله في النادي. يمثل الطعن محاولة قانونية لإعادة النظر في القرار وإمكانية تعديل أو إلغاء الإيداع. من المتوقع أن تستمع المحكمة إلى مرافعات الدفاع والادّعاء. قد يتم استعراض مستجدات الحالة النفسية والاجتماعية للطفل وتأثير الإيداع عليه. وقد علق محمد رمضان على الحكم قائلاً إن أهالي الأولاد في النادي نعتوا ابنه بالأسود وهو ما أثار غضب نجله واستفزه.

«المرأة الحديدية».. خطر يفتك بالأسر وزيجات على المحك
«المرأة الحديدية».. خطر يفتك بالأسر وزيجات على المحك

صحيفة الخليج

timeمنذ 11 ساعات

  • صحيفة الخليج

«المرأة الحديدية».. خطر يفتك بالأسر وزيجات على المحك

فرضت الحياة المعاصرة وطبيعتها وما يسمى ب«لايف ستايل» على سيدات في البيوت دور «المرأة الحديدية» القادرة على تحمل مسؤوليات ليست من أبجديات واجباتها. المسؤوليات عززتها فرضيات كثيرة ومعززات ودوافع تجلَّت في أغنيات جابت الدول العربية على شاكلة: «البنت القوية» و«البنت زي الولد» و«مسيطرة».. وغيرها، علاوة على أمثال متداولة في المجتمع على رأسها «لحالي أحلالي» وكثيرة أخرى، كل ذلك دفع المرأة لأن تكون القوية و«السوبر ويمن» والتي لا يشق لها غبار كما تحدث مطلعون. قانونيون ومراقبون اجتماعيون حذروا من تبعاتٍ وعواقبَ لعب المرأة وتقمُّصها دور «المرأة الحديدية» وحمل أعباء ثقيلة على عاتقها، داخل المنزل وخارجه، تنوبُ في بعضُها عن «الرجل»، زوجاً كان أو أخاً أو ابناً، مُلتفِتين إلى أن بعض تلك الحالات تُشعل في نهاية المطاف خلافات أسرية وعائلية، تنتهي في أروقة المحاكم وتهدم بيوتاً وتفكك أسراً وتدفع للطلاق. المستشار القانوني والمحامي الدكتور يوسف الشريف يُعرِّف المرأة الحديدية بأنها الزوجة، التي تعتمد على نفسها في كل شيء، وتتحمل أعباء قد تتجاوز دورها الطبيعي في الأسرة. ويرى أن هذا السلوك قد يبدو إيجابياً في البداية، حيث يعكس قوة المرأة واستقلاليتها ولكن مع مرور الوقت، يمكن أن يؤدي إلى العديد من المخاطر على الأسرة والمجتمع. ويوضح الشريف: عندما تتحمل المرأة كافة المسؤوليات، بما فيها تلك التي تخص الرجل، فإنها تستنزف طاقتها وتغفل عن أدوارٍ أخرى مهمة، كالأمومة أو العناية بنفسها. وهذا يؤدي إلى حالةٍ من الإرهاق المستمر، مما يؤثر سلباً في صحتها النفسية والجسدية. يُضيف: قد يعتاد الرجل على هذا الوضع ويتخلى عن دوره الأساسي، ما يؤدي إلى خلل في التوازن الأسري، وهنا قد تشعر المرأة بأنها مُفرطة في التنازل، بينما يفقد الرجل إحساسه بالمسؤولية تجاه بيته وأسرته. ويرى الشريف أن هذا النموذج يضر بالعلاقة الزوجية ويؤدي إلى انعدام «التعاون المتبادل» بين الزوجين، ما ينعكس سلباً على استقرار الأسرة وتربية الأطفال ومن الضروري إعادة توزيع الأدوار بشكل عادل، يحفظ توازن العلاقة الزوجية. ويقول: غالباً ما لا تكون هذه الحالات سبباً مباشراً للطلاق في المحاكم ولكن تأتينا العديد من الاستشارات من نساء يشتكين من تحملهن ل«الأعباء المزدوجة» داخل المنزل وخارجه، دون دعم من أزواجهن، مما يؤدي إلى ضغوط نفسية كبيرة، تؤثر في حياتهن الزوجية وفي بعض تلك الحالات، تشعر المرأة بالإرهاق الشديد و«الاختناق النفسي»، ما يدفعها للتفكير في الطلاق، كحلٍ أخير. الطلاق والتعويض ويستطرد: لكن من الناحية القانونية، مثل هذه الأعباء لا تُعتبر سبباً مباشراً أو كافياً للحصول على الطلاق في معظم الحالات وبدلاً من ذلك قد تلجأ المرأة إلى المطالبة بالتعويض عن المبالغ المالية، التي تكبدتها نتيجةً لتحمل مسؤوليات مالية إضافية، مثل الصيانة المنزلية أو التعاقد مع العمال والمقاولين والتي تُعَدُّ من «مسؤوليات الزوج» وفي بعض الحالات، يتم النظر في تلك المطالبات من قبل المحكمة ولكن الطلاق يحتاج إلى أسباب قانونية أقوى، مثل الضرب، أو الهجر، أو عدم الإنفاق، والإهمال الجسيم، أو الخيانة. داخل المنزل وخارجه حالات «المرأة الحديدية» ليست ظاهرة بالمعنى العلمي الدقيق، لأن استخدام هذا المصطلح يحتاج إلى دراسات وأبحاث متعددة من اختصاص عُلماء الاجتماع، لكنها بلا شك هناك حالات موجودة في بعض المجتمعات وتتزايد بين الزوجات اللاتي يتحملن مسؤوليات متعددة، داخل المنزل وخارجه. يُنبه الشريف: في المجتمعات الحديثة، خصوصاً مع زيادة مشاركة المرأة ضمن القوى العاملة، نرى أن العديد من الزوجات يتولَّينَ مهاماً إضافية، تتجاوز الأدوار التقليدية، سواءً بسبب غياب دعم الزوج أو بفعل ثقافة الاعتماد على الذات، التي قد تُزرع فيهن منذ الصغر، هذه الحالات شائعة بشكل أكبر بين النساء العاملات والمتعلمات، اللاتي يشعرن بضغط مُضاعف تحقيقاً للتوازن بين العمل والمسؤوليات العائلية. وفقاً ليوسف الشريف: على الرغم من عدم وجود أرقام رسمية تُصنّفها كظاهرة، إلا أن هذه الحالات كثيراً ما تكون مصدراً للتوتر بين الزوجين وتظهر بشكل مُتزايد في الاستشارات القانونية أو الأسرية، كموضوع يحتاج إلى إعادة تنظيم الأدوار الزوجية، لضمان توازن العلاقة. تحدٍ من نوعٍ خاص بدوره يقول المحامي سالم الكيت: إن ظاهرة «المرأة الحديدية» باتت مُنتشرة بشكل كبير وكأن النساء في تحدٍ خاص تحت شعار (من تفوز بلقب المرأة الحديدية الأكثر شهرة؟)، من خلال دعمها الجبار للزوج، وتحمُّلها مسؤولية الأسرة بأكملها، حتى يكاد دور الزوج في الأسرة أن يتلاشى. ويعتقد الكيت أن هذه الظاهرة، كما يصفُها، تُفرز الكثير من المخاطر، بدايةً من تغيّر الأدوار بين الزوجين، حتى يصل الوضع إلى تشويش الأدوار لدى الأبناء، فلا يعرفون من هو رُبّان سفينتهم، بالإضافة إلى الإنفاق بشكل غير موزون، مما يضر بميزانية الأسرة. نهايات مُؤسفة وتعج المحاكم، كما يقول الكيت، بهذا النوع من القضايا والتي تصل في أغلب الحالات للأسف إلى الطلاق بين الزوجين، بسبب المشاكل المالية، التي تظهر بعد سنوات من تحمل الزوجة مصاريف الأسرة والقيام بدور الزوج، ما يضع الزوجة تحت ضغط جسدي ونفسي، تلجأ فيه إلى الطلاق، للهروب من تلك المسؤولية، التي خاضتها بناءً على رغبتها. ثقافات الشعوب د. طلعت مطر، استشاري الأمراض النفسية، في مستشفى العريبي برأس الخيمة، يُبيّن أن المقصود ب«المرأة الحديدية»، في هذا السياق، المرأة، التي تضطلع بأعمال الرجل. ويتساءل: من قال إن هناك أعمالاً خاصةً بالرجل وأخرى للمرأة، مؤكداً أن الأمر يعود إلى «ثقافات الشعوب»، فقديماً كان الرجل يقوم بأعمال الصيد والقنص وكانت المرأة تتولى أعمال الزراعة والعناية بالبيت وتربية الأطفال ولما تطورت الثقافات أصبحت المجتمعات «ذكورية»، فأصبح الرجل مسؤولاً عن كسب المال وتأمين معيشة الأسرة ولزمت المرأة المنزل لتربية الأولاد. ولكن الزمن تطور، بحسب مطر وتحررت المرأة وأصبح لها حق التعليم والعمل وباتت تشارك الرجل في كسب العيش، بالتالي ليست هناك الآن أعمال من اختصاص الرجال وأخرى من اختصاص النساء ولكن هناك أنواع من الشخصيات، قد تكون رجولية أو نسائية، تريد أن تتحمل كل الأعباء، ولأن ثقافتنا «رجولية»، فنحن لا نستغرب أن يكون الرجل هكذا. ويُضيف: ولكن أن تكون الشخصية أنثوية، هنا يتولّد الاستغراب، لأننا لم نعتد، ولم نرَ ذلك في أُمهاتنا أو بين الأجيال القديمة ولذلك أطلقنا عليها «المرأة الحديدية» وسوف يأتي الوقت حين نعتاد على رؤية مثل تلك «الشخصيات» بين النساء ولن تلفت أنظارنا، وسوف نكتفي بالقول هذه «شخصية حديدية»، بغض النظر عن نوع الجنس. العمل والسفر خلف سالم عنبر، مدير عام جمعية الإمارات للتنمية الاجتماعية في رأس الخيمة، يرى أن القيام بالمسؤوليات واستكمال الأولويات في حال غياب الزوج، خلال فترات العمل أو السفر، يضطر المرأة لتولي المهام الموكلة إليه، لإنجازها في الوقت المناسب، إلى أن تعتاد وينطبق عليها وصف «المرأة الحديدية». وحول مخاطر هذا المفهوم والسلوك على الأسرة والمجتمع، ألقى خلف سالم الضوء على وصية الرسول، صلى الله عليه وسلم، للرجل تجاه المرأة «رفقاً بالقوارير»، أي يجب الحفاظ على المرأة ومنحها الحق في أن تمارس دورها ك«امرأة»، فيما يجب أن تدعم هي الرجل من الجانب المعنوي، كونها شريكة أساسية في حياة الأخ، الأب، الزوج والابن.. لا أن تقوم بأدوارهم الأساسية. ويُحذر: يكمن الخطر حين يعتاد الرجل على أن المسؤوليات، المُلقاة على عاتقه، سيتم القيام بها من قبل المرأة، التي تتحمل أعباء وأثقالاً فوق طاقتها، فتترتب على ذلك مشاكل نفسية واجتماعية، تُسهم بشكل مباشر في خلق المشاكل الاجتماعية، كالتفكك الأسري والطلاق. أين الرجل؟ ويُنبه مدير عام جمعية الإمارات للتنمية الاجتماعية برأس الخيمة: نشهد في الآونة الأخيرة بشكلٍ ملحوظ وجود المرأة في الأماكن التي يتوجب على الرجل الوجود بها، لإتمام المهام، مما يعكس صورةً سلبية، ليتوارد إلى الأذهان السؤال المُلح: «أين الرجل»؟ ويُشدد خلف على أن المرأة تسند نفسها بنفسها، في حال غياب الرجل من حياتها، مُضطرةً لإنجاز كافة الأعمال والمهام والاعتماد على ذاتها ولكن تلك المسؤوليات لا تكون ضمن نطاق مسؤولياتها في حال وجود من يسندها (الزوج تحديداً) والذي ينصب دوره الأساسي على القيام بتلك المهام. مغالبة «الأُنوثة» مهرة محمد بنت صراي، الناشطة الاجتماعية، تقول: البعض يُطلق على بعض النساء لقب «المرأة الحديدية»، لكن هي من الداخل سيدة بالغة الرقة والضعف في بعض الجوانب والمواقف، لذا ينبغي على المرأة المتزوجة أو غيرها ألا تُغالب أُنوثتها وتُوازن بين مهامها ومسؤولياتها الأسرية والشخصية والاجتماعية ولا تبغي على نفسها ويبقى ما للرجل للرجل وما للمرأة للمرأة.. نصف المُجتمع مريم الشحي، رئيسة مفوضية مرشدات رأس الخيمة: «المرأة الحديدية» في الحقيقة تتسم بصفة التحمل وهي منذ أن بلغت مرحلة النضج تحمل أصعب المهام وهى الأمومة وهذه المسؤولية بحد ذاتها كبيرة جداً، لذلك دائماً ما نحكم على الأبناء وتربيتهم من خلال (الأُم) وهى نصف المجتمع وتربي النصف الآخر. وتُضيف: لكن بعد أن خرجت المرأة إلى مجالات العمل وتعاونت مع الرجل، وتشاركت مع الرجال في كل المجالات، خارج بيتها وأسرتها، أصبحت الأعباء عليها أكبر، في ما لديها اليوم القدرة الكاملة على تأدية كل تلك المهام، فهي تقود السيارة وتصطحب أبناءها إلى المدارس والأسواق وكل ما كان يقوم به الرجل في الماضي وهو واجب عليه، لكنه تحول إلى «دور نسائي»، بإرادتها أحياناً وأحياناً أخرى بسبب غياب الرجل، سواءً للعمل في مكان بعيد، أو لأسباب مختلفة، بينما «الُمطلقة» و«الأرملة» ومن لا يوجد لديها مُعيل مُجبرة على حمل أعباءها، لتواجه مُتطلبات الحياة، لذلك نراها مُوجودة وحاضرة ومُتحملة وصابرة.. وتُوجه الشحي رسالتها إلى «الرجل» باختصار: لذلك أقول يجب على الرجل، الذي يريد امرأةً غير «حديدية» إن جاز التعبير، أن يقوم بنفسه بكل واجباته تجاه أسرته، لتكون في هذه الحالة هي السيدة، التي تؤدي فقط ما أمرها به رب العباد. أخلصت له فخانها يضرب المحامي سالم الكيت مثلاً بإحدى القضايا في المحاكم والتي لا ينساها، وفق تعبيره، حيث كانت رغبة الزوجة تنصب على مساعدة زوجها في مصاريف الأطفال والبيت ومشاركة عائلته في بعض النفقات، حتى اكتشفت علاقة الزوج بأخرى وتحويله الكثير من المبالغ المالية لها. ويقول الكيت: من وجهة نظري، تنتشر الظاهرة بين الزوجات بشكل كبير، لرغبتهنَّ في منافسة الأخريات، في توفير الكماليات للأسرة والإمساك بزمام الأمور في أُسرهنّ، ورغبتهن في الحد من سيطرة الزوج والسماح لهن بالخروج بدون استئذان، بحكم الحاجة الملحة للخروج المتكرر في أوقات متفرقة من اليوم وتشجيع بعضهن لبعض على إنجاز المهام العائلية بنجاح.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store