
الإرهاب بوجوه مختلفة
الإرهاب اليوم أصبح يهدد الوجود الإنساني في العالم، ويهدد السلم العالمي والمجتمعي؛ سواء المجتمعات المنتجة والمفرخة للإرهاب أو تلك التي تُؤوي أو تتعرض للضربات حيث تعاني من الإرهاب في كل مكان. وتتنوع أوجه الضربات بين تفخيخ وتفجير وانتحار وطعن وذبح بالسكاكين ودهس وسحل بالعربات. هنا وهناك، ضربات الإرهاب الغادرة كثيرة ومتعددة ومتنوعة في العدد والحجم ونوع الضحايا، فمن قُتل في فرنسا كان شرطياً مسلماً يدافع عن ضحايا باريس من آخر متطرف تلبّس بمفهوم خاطئ للدين، ليؤكد أنه ليس حكراً على دين أو طائفة أو مكان يمكن أن يكون موطناً افتراضياً له.
الإرهاب لا موطن ولا دين له، ولكن تحكمه ظروف وأسباب ومسببات وتقاطع مصالح يمكن استغلالها فيه، فالإرهاب أصبح اليوم بضاعة عالمية وليست محلية، ويمكن تدويره وتصديره واستخدامه سلاحاً للضغط على الدول لتمرير سياسات محددة، وذلك بالتساهل مع هذه الجماعات أو احتضانها.
الإرهاب أكثر دموية، حتى أصبحت القرى والبلدات تستيقظ كل صباح على مذبحة مختلفة؛ من قطع رؤوس وتهشيم أعضاء بالسكاكين والسيوف والفؤوس، لأطفال ونساء وشيوخ. أساليب مختلفة بين تفجير أو حاجز مزيف أو ذبح لسكان قرية نائمة، تنوعت فيها الضحايا. واستمرت العمليات الإرهابية وكبر حجم ضحاياها، حتى أصبحت بعض الدول في حالة حرب مع هذه الجماعات الضالة التي تنتهج المنهج التكفيري وتختبئ في كهوف الجبال، ولم يكن معلوماً مصادر تمويلها ولا من يحرّكها.
الإرهابي تتفاوت الغرائز الدافعة لسلوكه بين البشر، نتيجة البناء السيكولوجي للفرد، مثل الرغبة السادية في القتل ورؤية الدم، وغياب أو تغييب الثقافة، ومصادرة حق المرجعية العلمية في التفسير والفتوى، حتى عمّت فوضى الفتوى، ونتج عنها جنوح أو غلوّ في فهم الدين، مثل التأثر بتفسير النص الديني، وجعله في مقام النص في حرمة التخطئة؛ إذ قد تدفع إلى الإرهاب، ومنها حالة التمرد والاستهانة بالقيم الدينية؛ مما قد يتسبّب في حالة العنف دفاعاً عن تلك القيم المهانة.
ولعل ما ساعد على انتشار حالات الإرهاب هو دخول مناطق مضطربة أصلاً، مثل الشرق الأوسط، في صراعات سياسية أقحمها في مشروع توطين الفوضى «الخلاقة» التي سُمّيت بـ«الربيع العربي»؛ مما تسبّب لاحقاً في فراغ سياسي في دول عدة، وخلق الفوضى العارمة؛ مما أدى إلى تكاثر الميليشيات، كما حدث في ليبيا والعراق واليمن، بوصفها نموذجاً لظاهرة الميليشيات المؤدلجة خاصة، التي دفعها التعصب إلى مبدأ فكري أو ديني للجوء إلى استعمال العنف وممارسة الإرهاب للوصول إلى السلطة.
تفاقم ظاهرة الإرهاب ليس مسؤولاً عنه فقط حالة الفراغ السياسي وغياب السلطة المركزية التي تسبّب فقدانها في ظهور حالات العنف وانتشار جماعات التكفير والغلو. بل حتى تكبر الدول العظمى وتعزّز نفوذها وسطوتها وهيمنتها على الدول الضعيفة قد تسعى لإزالة ما يعوق تقدمها، ولو أدى ذلك إلى استخدام أيادٍ إرهابية، خصوصاً إذا كان الإرهاب ممنهجاً بشكل سياسي.
الإرهاب يستهدف أسس المجتمعات، ويهدد قيم السلام والعدالة، فالإرهاب يزداد أيضاً بالنظر إلى الأعداد الكبيرة جداً من المنظمات الإرهابية التي تمارس نشاطاتها، وتتوزع جغرافياً حول العالم وحسب معتقداتها، وأحياناً هي بنادق مستأجرة لا معتقد لها سوى المال.
حتى الجماعات «الثورية» التي استخدمت العنف وسيلة هي جماعات إرهابية لا تختلف عن تلك الآيديولوجية الدينية المتطرفة، فحتى «الثورية» هي الأخرى آيديولوجية، ومتى استخدمت العنف وسيلة للتغيير تصبح إرهابية.
ليست هناك مجتمعات أو مكان آمن أو محصّن من ضربات الإرهاب، ما دام هناك من يُنتجه أو يُؤويه، وبالتالي المعالجة تبدأ من محاربة الفكر المنتج للإرهاب ثم التمويل والمأوى، وهذا يحتاج إلى تكاتف دولي، وليس محاربة فردية تنتهي بالفشل بالمعالجة والتشخيص الخاطئ.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة سبق
منذ 35 دقائق
- صحيفة سبق
ويتكوف: ترامب "شرطي العالم".. و10 دول على أعتاب التطبيع مع إسرائيل
كشف ستيف ويتكوف المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، عن ملامح تحركات سياسية واسعة في المنطقة والعالم، مؤكداً أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تعمل على توسيع اتفاقيات السلام وتثبيت الاستقرار الدولي. وقال ويتكوف في مقابلة مع قناة فوكس نيوز إن المفاوضات مع حركة حماس التي كانت متعثرة 'بدأت تعود إلى مسارها'، مشيرًا إلى أن اتفاقيات إبراهيم للسلام ستتوسع، مضيفًا: 'لن يكون مفاجئًا إذا انضمت نحو 10 دول بنهاية العام' إلى مسار التطبيع مع إسرائيل. وفي الملف النووي الإيراني، أكد ويتكوف أن المفاوضات مع طهران ستعود لمسارها، بينما أشار بخصوص سوريا إلى أن التوترات الأخيرة في طريقها للتسوية. كما لفت إلى أن المفاوضات حول الأزمة الأوكرانية – الروسية ستعود بدورها إلى مسارها بهدف التوصل إلى تسوية. وأوضح المبعوث الأميركي أن الرئيس ترامب يلعب دورًا محوريًا على الساحة الدولية، قائلاً: 'ترامب هو شرطي العالم حاليًا وهذا مهم لأنه يجلب النظام والاستقرار'، معربًا عن أمله في تحقيق سلام دائم في غزة والشرق الأوسط قبل نهاية ولاية ترامب الرئاسية. وختم ويتكوف بالإشارة إلى أن نجاح مهمته سيكون مرهونًا بتحقيق اتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا، وتوسيع اتفاقيات إبراهيم، وتحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط، معتبرًا أن هذه الإنجازات ستشكل علامة فارقة للإدارة الأميركية الحالية.


الشرق السعودية
منذ 35 دقائق
- الشرق السعودية
مصدر: ستارمر يدعو لاجتماع وزاري لمناقشة غزة على الأرجح
ذكر مصدر في الحكومة البريطانية، الأحد، أن رئيس الوزراء كير ستارمر سيعقد اجتماعاً لمجلس الوزراء خلال أيام لمناقشة الوضع في غزة على الأرجح، وسط تزايد الضغوط عليه للاعتراف بدولة فلسطينية. وقالت صحيفة "فاينانشال تايمز"، التي كانت أول من نشر الخبر، إن الوزراء البريطانيين الذين يقضون عطلة صيفية حتى أول سبتمبر سيجتمعون لمناقشة الوضع في غزة. ولم يرد مكتب ستارمر بعد على طلب من "رويترز" للتعليق. ويأتي هذا الاستدعاء بعد أن قال ستارمر، الجمعة، إن الحكومة لن تعترف بدولة فلسطينية إلا في إطار اتفاق سلام تفاوضي، ما خيب آمال الكثيرين في حزب العمال الذي ينتمي إليه والذين يريدون منه أن يحذو حذو فرنسا في اتخاذ إجراءات أسرع. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخميس، إن فرنسا ستعترف بالدولة الفلسطينية، وهي خطة قوبلت باستنكار قوي من إسرائيل والولايات المتحدة، وذلك بعد خطوات مماثلة من إسبانيا والنرويج وأيرلندا العام الماضي. وبعث أكثر من 220 عضواً في البرلمان البريطاني، يمثلون نحو ثلث أعضاء مجلس العموم ومعظمهم من حزب العمال، برسالة إلى ستارمر، الجمعة، يحثونه فيها على الاعتراف بدولة فلسطينية. وقالت حكومات بريطانية متعاقبة من قبل إنها ستعترف رسمياً بدولة فلسطينية في الوقت المناسب، دون أن تضع جدولاً زمنياً أو تحدد شروطاً لذلك. ووصل الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الجمعة، إلى اسكتلندا، ما عقد من موقف ستارمر حيال المسألة في وقت يبني فيه أواصر علاقة أوثق مع ترمب. ونادراً ما تتخذ بريطانيا مواقف في السياسة الخارجية تتعارض مع سياسة الولايات المتحدة.


عكاظ
منذ ساعة واحدة
- عكاظ
رابطة العالم الإسلامي: مؤتمر «حلّ الدولتين» يُعيد الأمل بإحياء مسار السلام
أعربت رابطةُ العالم الإسلامي عن تطلّعها بأملٍ كبيرٍ، مثلما تتطلع الأمّتان العربية والإسلامية وجميع شعوب العالم المُحبّة للعدالة والسلام، إلى المؤتمر الدوليّ رفيع المستوى لتسوية القضية الفلسطينية بالحلول السلمية وتنفيذ حلّ الدولتين، الذي ترأسه المملكة العربية السعودية بالشراكة مع الجمهورية الفرنسية. وقال الأمين العام رئيس هيئة علماء المسلمين الشيخ الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى في بيانٍ للأمانة العامة: «إن هذا الحدث التاريخي الذي ينعقد هذا الأسبوع، بمقرّ الأمم المتحدة في مدينة نيويورك بمشاركة دولية واسعة، يُعيد الأمل بإحياء مسار السلام وفق قرارات الشرعية الدولية الحاسمة، وثوابت الحقّ التاريخيّ والقانونيّ للشعب الفلسطيني، الذي كان وسيبقى السبيل الوحيد لتحقيق السلام الشامل العادل والدائم في المنطقة». وأضاف أن «على دول العالم كافة، تحمّل مسؤوليتها التاريخية في هذا المنعطف المهم في مظلومية الشعب الفلسطيني التي طال أمدها، واغتنام هذه الفرصة التي يمنحها المؤتمر، بالوقوف على الجانب الصحيح من التاريخ، واتخاذ الموقف الشرعيّ المسؤول، دعماً للحق والعدالة، وانتصاراً للشرعية الدولية، ووضْع حدٍّ لهذه المأساة الإنسانية المؤلمة، وتداعياتها الخطيرة على المنطقة والمجتمع الدولي والعالم ككلّ». وأكد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، تثمين الرابطة وشعوب العالم الإسلامي الموقفَ الثابت للمملكة العربية السعودية تجاه القضية الفلسطينية، ولاسيما الحراك الدؤوب والمحوري الذي اضطلعت به بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وبمتابعة حثيثة من ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، من خلال التحالف الدولي لتنفيذ حلّ الدولتين الذي أطلقته المملكة، وكذا رئاستها اللجنة الوزارية العربية الإسلامية المشتركة. وجدَّد التأكيدَ لعدالة القضية الفلسطينية ومركزيتها في الوجدان العربي والإسلامي وكل ضمير حي، استناداً إلى ثوابت الحق التاريخي والقانوني. أخبار ذات صلة