logo
أبو عبيدة… غزة تنزف عزاً

أبو عبيدة… غزة تنزف عزاً

يمني برس٢٠-٠٧-٢٠٢٥
«أربعة أشهر من الدم والخذلان.. وأبو عبيدة يطلّ من قلب النار، لا ليعدّ الشهداء، بل ليصفع صمتًا عربيًا مخزيًا، وليُعلي صوتًا من تحت الركام: نحن هنا، لا نركع.»
بصوت يقطر مرارة، وعينين تغليان بالحق، جاء خطابه صاعقًا للضمائر، عاصفًا على هوان المواقف. لم يكن بيانًا عاديًا، بل صرخة من قلب المجزرة، تفضح صمت الأنظمة، وتوبّخ عجز النخب، وتجلد تقاعس العلماء. لم يترك لأحد عذرًا… حمّل الجميع المسؤولية، بلا استثناء، بلا مواربة.
في هذا الخطاب، لم يكن أبو عبيدة مجرد ناطق عسكري، بل تجلّى كصوت الضمير، وصدى الشهداء، ونداء الأمة من تحت الركام: «لن نعفي أحدًا من دماء أطفالنا، فالصمت خيانة، والخذلان جريمة.»
تحدث عن مقاومة تعيد تعريف عقيدة القتال… تبدأ من الصفر، تُحفر الأرض بأظافرها، وتباغت العدو من قلب الظلال. مقاومة لا تهدأ، لا تنكسر، تخوض معركة استنزاف مفتوحة، وترسم ملامح «مقتلة محكمة»، أعينها على الجنود، وأملها في الأسر، وردّها ناري لكل محاولة إبادة.
«وإن أصرّ العدو على المضيّ في جريمة الإبادة، فليهيّئ نعوش ضباطه وجنوده…»
هكذا أعلنها أبو عبيدة، بلا تردد، بلا رتوش.
المقاومة تفاوض… نعم، لكنها تفاوض من فوق الركام، بيدٍ تمسك البندقية وأخرى تمتد بالعرض الأخير: صفقة شاملة لا تتكرر. وقد أنذر: إن تعنّت العدو، فلن تكون هناك عودة لصيغة الأسرى العشرة، ولا للجزئيات. غزة تفاوض من موقع القوّة، لا الاستجداء.
الخطاب جاء حازمًا، زلزاليًا، في توقيت بالغ الدقة، وضع النقاط على الحروف، وعرّى الضبابية التي حاول العدو تسويقها في محادثات مأزومة. كان رسالة للعدو، ولمن خلفه: المقاومة تملك زمام المبادرة، وهي ليست مجرد تنظيم، بل مدرسة عسكرية عالمية، تُعيد اختراع فن القتال، وتُربك جيوشًا مدججة، وهي اليوم على أعتاب معادلة جديدة: «الدم بالدم، والأسر بالأسر، والكرامة لا تقايَض.»
لكن أبلغ ما في الخطاب، لم يكن التهديد للعدو، بل العتب المرّ على «الأشقاء» الذين تحوّلوا إلى شهود زور على مجزرة العصر. وقف أبو عبيدة بلسان المجازر، يوبّخ العواصم المتواطئة، والأنظمة التي طبعّت، والهيئات التي ناصرت بالكلام ثم صمتت في ساعة الحسم. لم يكن صراخه استغاثة، بل مرافعة أخلاقية، كتبها بدم الأطفال، وأطلقها في وجه كل من خذل أو خان أو تواطأ بالصمت.
«من رأى المجازر وسكت، شريك في الجريمة… ومن امتلك وسيلة للفعل ولم يتحرك، خان الله والتاريخ.»
هذا الخطاب لم يسقط القناع عن العدو، بل أسقطه عن وجوه كثيرة في الجغرافيا العربية والإسلامية. أنذرهم بلسان الأحرار: لا حياد في هذه اللحظة، إمّا أن تكون مع دماء غزة، أو مع الطاعنين في خاصرتها.
ومن بين لهب الكلمات، رفع أبو عبيدة تحيةً تليق بالأحرار، من اليمن الصابر، إلى أنصار الله، إلى أحرار العالم الذين كسَروا الحصار بأجسادهم. ثم توجّه بتحية خالدة لأهل غزة، مقبِّلًا رؤوسهم فردًا فردًا، رجالًا ونساءً، شيوخًا وأطفالًا، قائلاً:
«أنتم العزّ الذي لا يُقهر، والدرع الذي لا يُثلم. أنتم الحكاية التي لن تنتهي، والراية التي لا تنكس.»
وفي ختام المشهد، جاء صوت أبو عبيدة كأنه يقرأ تعويذة المقاومة الأخيرة…
صوتٌ لا يلين، عتبٌ لا يُداوى، وخطابٌ هو في جوهره نداء استنهاضٍ للأمة جمعاء، بأن تنزل الجماهير إلى الساحات، أن تتفجّر الأصوات في وجه الصمت، وأن تعود فلسطين إلى قلب الشارع لا إلى هوامشه.
لقد قالها بصوت لا لبس فيه:
«المقاومة مستمرة، الحصار لن يكسرنا، والخذلان لن يُطفئ جذوتنا. هذه غزة… تنزف عزًا، لا تستسلم، ولا تسكت. وإن كانت وحدها، فإنها تكفي.»
رئيس مركز غزة للدراسات والاستراتيجيات
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بوضوح مصر لا تقبل المزايدة لمساعدة أهل غزة
بوضوح مصر لا تقبل المزايدة لمساعدة أهل غزة

بوابة الأهرام

timeمنذ 22 دقائق

  • بوابة الأهرام

بوضوح مصر لا تقبل المزايدة لمساعدة أهل غزة

لو أن دول العالم أجمع اجتمعت وحصرت ما تم تقديمه من مساعدات غذائية ودوائية وعلاجية لأهل غزة منذ بداية حرب العدو الصهيونى عليهم منذ ما يقرب من عامين سوف يتبين أن ما قدمته مصر قد فاق كل ما قدمته جميع دول العالم, فلماذا المزايدة على مصر؟ فى ظل سياسة التجويع التى تمارسها إسرائيل على أهل غزة يقف العالم عاجزا إلا مصر التى نجحت فى إدخال مئات الشاحنات الغذائية بشكل يومى إلى جانب المستلزمات الصحية والطبية التى تقدمها مصر يوميا لأهلنا فى غزة. مصر هى الدولة الوحيدة فى العالم التى حملت على عاتقها مسئولية القضية الفلسطينية منذ عام 1948 وحتى الآن وضحت بالغالى والنفيس وتحملت وحدها تبعات مساندتها الشعب الفلسطينى على مدى تاريخ القضية الفلسطينية. ويأتى اليوم الذى نسمع فيه البعض ليلقى باللوم على مصر ومطالبا بضرورة فتح معبر رفح لإدخال المساعدات لأهل غزة مع أن مصر لم تغلق المعبر من الجانب المصرى وتناسى هؤلاء أن الإغلاق يأتى من الجانب الآخر فى كرم أبو سالم الذى تسيطر عليه إسرائيل. مصر لا تقبل المزايدة من أحد لمساعدة أهل غزة, فمساعدة مصر لأهل غزة نابعة من الضمير المصرى وإيمان القيادة المصرية بأن القضية الفلسطينية برمتها هى قضية كل مواطن مصرى, فمصر لم تغلق معبر رفح وتجوع أهل غزة كما يدعى البعض كذبا والجيش الإسرائيلى الموجود على الجانب الآخر هو الذى يمنع دخول المساعدات، ارحموا مصر يرحمكم الله واتركوها تساعد أبناء الشعب الفلسطينى.

السيناريو الذى لم يكمله «الحيّة»
السيناريو الذى لم يكمله «الحيّة»

بوابة الأهرام

timeمنذ 22 دقائق

  • بوابة الأهرام

السيناريو الذى لم يكمله «الحيّة»

كان للصديق العزيز الدكتور أحمد مرسى، أستاذ الأدب العربى، وأبرز رواد أساتذة التراث، مثلٌ عامى يردده إذا احتدم حوار حول مسألة مهمة حافلة بالإحباطات والسلبيات وتجاهل الحق: «خلى زكايب الهمّ مربوطة»، وهو مثل مناسب تمامًا للتعليق على ما قاله خليل الحيّة، رئيس «حماس» عن مصر وشعبها وجيشها. غير أن الأمر قد يقتضى فتح الزكايب– جمع زكيبة، وهى الكيس الضخم الذى يعبئ فيه الفلاحون والتجار الحبوب– ولو بمقدار ثقب صغير. وأبدأ بملاحظة شكلية، قد تبدو فى نظر البعض تافهة، أو تدخلًا فى نطاق شخصنة المسائل، وهى أننى طالما راقبت قادة حماس وهم يطلقون خطبهم المتأججة، متأملًا وجوههم ولحاهم وأجسادهم، وحدث ذلك مع «الحيّة» خلال خطبته الأخيرة، ولاحظت امتلاء البدن- بسم الله ما شاء الله - وتهذيب اللحية والشعر، بل كان منهم من قفز كرشه أمامه - مثل هنية رحمه الله - وربما كان الاستثناء البدنى الوحيد هو السنوار، رحمه الله. وقد بدا خليل ممتلئًا صحة وحيوية، وكذلك يبدو مشعل دومًا «مانيكان» خرج لتوه من حمام البخار، وتفنن الحلاق البارع فى ترتيب شعر رأسه ولحيته، وهى ملاحظة لا تحتاج لشرح أو تعليق! ثم إن الشىء بالشىء يذكر، إذ أعاد كلام الحية إلى ذهنى واقعة حدثت فى طرابلس الغرب «عاصمة ليبيا أيام كانت جماهيرية شعبية عظمى»، إذ كنت عام 1982 ضمن وفد مصرى نشارك فى مؤتمر حمل اسم «قوى المعارضة العربية»، وحضر عشرات الشخصيات السياسية من مختلف التوجهات ومن العديد من البلاد العربية. وفيما كنت فى استراحة بين جلستين، فإذا بمن يستدعينى لمقابلة المقدم عبدالله حجازى، الذى لم أعرفه من قبل، وعرفت من بعد أنه من قادة الثورة، وأحد الضباط الوحدويين الأحرار، وله مسئولية نضالية قومية. ودخلت وجلست، وبغير مقدمات دخل حضرته فى الموضوع، وبلهجة تأنيب واستنكار وقرف قال: أنتم انهزاميون انتهازيون كسالى.. لماذا لا تشكلون فرقًا كبيرة من الرجال والشباب والنساء وتقودونهم نحو فلسطين وتهجمون بالحشود على الصهاينة الذين مهما كانت قوتهم فلن يبيدوا مئات الألوف، وإذا أبادوا فسيبقى من يستطيعون الوصول إلى عمق الكيان الصهيونى ليدمروه؟! وبدأت ردى بسؤاله: هل اطلعت على أى ملف يخص من استدعيته لتقول له هذا الكلام.. هل عرفتنى من أنا وتاريخى وأفكارى؟ فأجاب بالنفى، فقلت: عندك حق، ويجب أن نقوم بذلك، ولأجل ذلك نطلب منكم كثورة ودولة أن يطير كل سلاح الجو الليبى محملًا بكامل حمولته من المتفجرات والقنابل والصواريخ، فى طلعة انتحارية أو استشهادية «ترشق» فى عاصمة العدو ومدنه وقواعده.. وتبحر كل البحرية الليبية لطلعة استشهادية لتدك كل بحرية والشواطئ والمدن المطلة على البحر فى الأرض المحتلة منذ 1948.. وأن تتحرك السفن والبواخر الليبية محملة بآلاف الرجال والشباب والنساء الثوريين الليبيين، مزودين بالسلاح والعوامات للزحف من مياه البحر نحو الأرض الفلسطينية.. فإذا فعلتم ذلك، وتم التنسيق، فستخرج الملايين وليس الألوف من مصر باتجاه فلسطين! واضطر الأخ حجازى لإنهاء المقابلة بدون مصافحة مغادرة! والشيء يذكر بالشىء أيضًا، حيث لا يسقط من ذاكرة المعاصرين لمسار القضية منذ الأربعينيات أو الخمسينيات للآن- وأنا منهم- كل ما فعلته مصر بعد ثورة 1952 وبقيادة جمال عبدالناصر، وعندما قبلت مصر مبادرة روجرز، وكان الهدف- غير المعلن وغير المعروف آنذاك- هو التمكن من إنشاء خط الدفاع الصاروخى المصري؛ خرجت المظاهرات فى عمّان الأردن، ومنها مظاهرة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وضعوا فيها حمارًا ألبسوه قطعة قماش مكتوبًا عليها شتائم بذيئة للرئيس عبدالناصر، الذى تحمّل كل ذلك وقضى نحبه وهو فى قمة الإنهاك على كل الأصعدة.. صعيد الاستمرار فى حرب الاستنزاف وتمكين الجيش المصرى من استكمال استعداداته لحرب التحرير الشامل.. وصعيد استمرار مسيرة التنمية والوفاء باحتياجات شعب مصر، واستمرار البناء والخدمات، وصعيد العلاقات الخارجية مع الاتحاد السوفيتى والقوى الدولية، وصعيد الخلافات العربية وما جرى بين الأردن وبين المقاومة.. ومع ذلك لم يكفر الرجل ولا شعب مصر بالقضية الفلسطينية، واستمر التأكيد بأنها قضية أمن مصر القومى. ولقد كان المتوقع من الحية «رئيس حماس» أن يتمتع بصدق وأمانة المناضلين من أجل الحق، وبشرف المقاتلين ضد الاحتلال والظلم، فيقول إن المعبر أو المنفذ مغلق من الجانب الآخر، الذى يسيطر عليه الصهاينة، وأنهم هم والفصائل الفلسطينية الأخرى سيركزون قتالهم عند المعبر لفتحه والسيطرة عليه وتحريره من قبضة نيتانياهو وعصابته، وعندئذ تتدفق المساعدات، ويتم تأمين كل من يريد أن يذهب معها ليتضامن أو يقاتل هناك. أو كان المتوقع منه أن يكون صادقًا وشريفًا، فيعلن أنهم يريدون أن تعم الكارثة المأساوية التى يفعلها الصهاينة فى غزة كل مناطق الجوار، بأن تقدم المبررات والمسوغات للعدو لكى يزعم بأن خطرًا عليه قد أتى من مصر، وأن طيرانه ودباباته وكل آلته الحربية ضربت وستضرب كل الحشود المتجهة للمعبر، وإذا لزم الأمر فسيتم ضرب الجسور والأنفاق المؤدية لسيناء ومن ثم لغزة. وليكمل الحية فحيحه بتساؤل استنكاري: لماذا لا نورط مصر فى حرب مع إسرائيل والولايات المتحدة والغرب، ليحدث للشعب المصرى ما حدث لشعب فلسطين فى غزة.. وهل المصريون أفضل منا كغزاويين؟! لماذا لا نورط مصر فيتم تهديد بل تهديم ما أنجزته فى بنيتها الأساسية، وتتوقف عجلة البناء والتنمية، وتشتعل الأزمات الاقتصادية والخدمية، ويعم الظلام ودوى صفارات الإنذار مدن مصر وقراها، ويجد التنظيم الأم للإخوان المسلمين الفرصة المواتية للانقضاض مرة أخرى، وليبدأ التهجير الفلسطينى من غزة والضفة إلى سيناء ومصر، لأن الأرض تحت السيطرة الإخوانية المرتقبة ستكون أرض الله الواسعة، وأرض الإسلام لا فرق بين هنا وهناك.. ثم يملك الحية الشجاعة للإعلان عن انتصار المشروع الصهيونى بيد فلسطينية إسلامية!.

على الطريق عملاء وخونة وصفاقة منقطعة النظير
على الطريق عملاء وخونة وصفاقة منقطعة النظير

بوابة الأهرام

timeمنذ 22 دقائق

  • بوابة الأهرام

على الطريق عملاء وخونة وصفاقة منقطعة النظير

العالم كله يتظاهر ضد إسرائيل التى قتلت وشردت مئات الآلاف من فلسطينيى غزة على مدى عامين بعد أن دمرت منازلهم ومدارسهم والمستشفيات ومنعت عنهم المساعدات الإنسانية وأصبحوا مهددين بالموت جوعا. تقارير الأمم المتحدة تؤكد فى وثائق منشورة وأخرها للحقوقية الإيطالية فرانشيسكا ألبانيزى مقررة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فى فلسطين،أن إسرائيل (مسئولة عن واحدة من أكثر عمليات الإبادة وحشية فى التاريخ الحديث). ولكن، وفى صفاقة لا مثيل لها على مر التاريخ، قرر بعض العملاء والخونة ممن يحملون أسماء عربية ويعيشون فى إسرائيل تنظيم مظاهرة اليوم الخميس أمام السفارة المصرية فى (تل أبيب) احتجاجا على غلق مصر معبر رفح باعتبار ذلك هو سبب المآسى التى يعانيها الفلسطينيون حاليا. تنظيم المظاهرات يحتاج لموافقة سلطات الاحتلال، فقد تقدم دعاة الرحمة والإنسانية (أذلهم الله) بطلب رسمى لتنظيم المظاهرة دفاعا عن حقوق الفلسطينيين المظلومين الذين يعانون ويلات الحرب والقصف والجوع والتشرد والتهجير بسبب غلق مصر معبر رفح. سبحان الله. هؤلاء المرتزقة ومنهم من يدعى أنه رجل دين وآخر من المحامين لم تتفتق قريحتهم إلا عن هذه الفكرة المبتذلة لدعم (إخوانهم الفلسطينيين) .. لم يفكروا فى التظاهر ضد جيش الاحتلال الذى يقتل طالبى المساعدات الإنسانية أو السفارة الأمريكية التى تمد إسرائيل بالأسلحة التى تذبح أهالى غزة، ولكنهم اختاروا السفارة المصرية. معبر رفح مفتوح مفتوح مفتوح ومصر هى الوحيدة التى تقف ضد التهجير ولكن ماذا نقول لمن يبيع أهله من أجل متاع الحياة الدنيا أو حفنة دولارات؟

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store