
مشاهد مرعبة تتسلل إلى عقول الأطفال عبر يوتيوب.. واضطرابات نفسية تهدد براءتهم
أصبح "يوتيوب" نافذة مفتوحة أمام الأطفال، متاحًا بين أيديهم عبر الهواتف والتلفاز والألواح الذكية، لكنها لم تعد مجرد منصة ترفيهية، بل ساحة تتسلل إليها مشاهد مرعبة، مثل وجوه تخرج من المراحيض عبر مشاهد من ألعاب إلكترونية ووحوش تختبئ أسفل الأسرة، وأخرى تظهر الآباء والأمهات في صور مفزعة، حيث تتحول الأم الحنونة فجأة إلى وحش يلتهم أبناءها، أو يظهر الأب بأنه يتودد لأبنائهم ثم يبدأ بقتلهم من خلال مشاهد صنعت عبر الذكاء الاصطناعي.
وأضحت هذه المقاطع تنتشر عبر خوارزميات موجهة تستهدف الأطفال، مما يجعلها تجذب انتباههم بمشاهد ضارة تترك آثارًا نفسية عميقة ،و تؤثر على مشاعرهم وسلوكياتهم اليومية، حيث تتراكم في أذهانهم بحكم طبيعتهم البصرية، مسببة اضطرابات مثل التبول اللاإرادي، التشتت الذهني، والقلق المستمر، حتى أثناء النوم.
واستحدثت دولة الامارات ميثاقاً يعنى بجودة الحياة الرقمية للأطفال، على هامش فعاليات القمة العالمية للحكومات في دبي، تماشياً مع عام المجتمع، لتعزيز حماية الأطفال خاصة عقب ما أظهرت البيانات أن 33% منهم تعرضوا للتنمر الإلكتروني في العام 2019.
ويعزز الميثاق الأول من نوعه في المنطقة الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص لضمان بيئة رقمية آمنة ومتوازنة للأطفال والأسر، ويرسخ أسس التعاون المشترك في تطوير سياسات ومبادرات تعزز جودة الحياة الرقمية.
ويدعم الميثاق سلامة الأطفال على الإنترنت وتوفير بيئة رقمية آمنة وملائمة لهم، والحد من تعرض الأطفال للمحتوى الضار، وضمان احترام وحماية حقوق الأطفال في البيئة الرقمية، بتعزيز التعاون بين مختلف الشركاء، وكذلك التركيز على الأمن السيبراني، وحماية الأطفال من التنمر الإلكتروني.
فيما أفاد تربويون لـ"الإمارات اليوم" أن مشاهد يوتيوب المرعبة، التي تضهر للأطفال عبر خوارزميات مخصصة،ولا تقتصر على إثارة الفزع فحسب، بل تترك آثارًا نفسية عميقة تؤثر على سلوكهم، مسببة اضطرابات واضحة لدى الطفل، مؤكدين ضرورة تعزيز الرقابة وفرض حماية مشددة على المحتوى الموجه للأطفال لضمان سلامتهم النفسية.
وتفصيلاً ذكرت مريم محمد الحمادي، والدة لطفلة عمرها 8 سنوات، إنها بدأت تلاحظ تغيرات غير عادية في سلوك ابنتها، خاصة فيما يتعلق بنومها ، موضحة أن ابنتها كانت دائمًا تستمتع بمشاهدة مقاطع الفيديو على منصة "يوتيوب"، إلا أنه في الآونة الأخيرة بدأ يظهر عليها خوف مفاجئ وغير مبرر عند حلول وقت النوم.
وأوضحت"عندما سألت ابنتي مرارًا عن السبب، أخبرتني بأنها تشعر بأن شخصًا يراقبها باستمرار، وأنه يختبئ في أسفل سريرها " مشيرة إلى أن سلوك ابنتها دفعها للقلق خاصة وأنها لم تكن تعاني من هذه المخاوف سابقًا وبعد البحث في قائمة المشاهد التي كانت تشاهدها ابنتي اكتشفت انها تعرضت لمقاطع مرعبة على "يوتيوب"، تحتوي على مشاهد مخيفة لأشخاص يخرجون فجأة من أسفل الأسرة، ما جعل الطفلة تتخيل وجود شخص غير مرئي يراقبها أثناء نومها.
من جهتها، أكدت أم عبدالله، والدة الطفل حسن (9 سنوات)، أنها لاحظت في الآونة الأخيرة تغيرًا ملحوظًا في سلوك ابنها، خاصة فيما يتعلق بالذهاب إلى الحمام، إذ لم يكن يعاني من أي مشكلة من قبل ، وقال "في الفترة الأخيرة، أصبح حسن يرفض الذهاب إلى الحمام بمفرده، ويشعر بخوف شديد، كما كان يعبر عن خجله وقلقه من هذا الطلب اذ يهمس لي في اذني خوفاً من أن يسمعه اقرانه فيعيرونه بها".
وأشارت إلى أنها بعد التحدث مع ابنها وفهم سبب هذا التغير، اكتشفت أنه تعرض لمحتوى مرعب على يوتيوب، اذ كان يظهر فيه رؤوس مرعبة تخرج فجأة من المراحيض، وهو ما أثر بشكل كبير على نفسيته وأدى إلى تزايد خوفه من الحمام ، منوهاً أنها استنتجت بأن ابنها يعتقد أن ما شاهده قد يحدث له، ولذلك بدأ يتهرب من الذهاب إلى الحمام ويشعر بالارتباك عند الاقتراب منه".
إلى ذلك قالت رئيس قسم الدراسات والبحوث في جمعية الإمارات لحماية الطفل، بدرية الظنحاني، أن " اليوتيوب يعرض مشاهد مرعبة تظهر الآباء والأمهات في صور الوحوش التي لا تأتمن ، الأمر الذي يهز عاطفة الأطفال ويشوه مفاهيم الأمان والحب لديهم ، اذ تتمثل هذه المشاهد المعدة عبر الذكاء الاصطناعي في الأب القاتل والأم التي تتحول فجأة إلى وحش مرعب تلتهم أطفالها بعد أن كانت تطعمهم وتهتم بهم ، وهذه المشاهد في الحقيقة تتسلل بذكاء إلى عقول الأطفال عبر خوارزميات موجهة، ما يجعلهم غير قادرين على التمييز بين الخيال والواقع.
وقالت " أثر هذه المشاهد يتجلى في اضطرابات عديدة، منها التبول اللاإرادي، التردد في إظهار المشاعر، وزيادة العدوانية، بالإضافة إلى تراجع القدرة على التركيز في المدرسة، ونتيجة الجلوس لساعات طويلة امام التفاز أو اللوح الذكي فإن الأطفال يتعرضون لتحفيز بصري مستمر، ما يجعلهم يفكرون في تلك المشاهد بشكل مكثف، ما يؤثر على سلامتهم النفسية والجسدية متمثلة في فرط الحركة وكثرة الكلام ، فضلاً عن وجود مشاعر القلق المستمرة والتشتت الذي يعانون منه، مما يجعلهم يتجهون لتفريغ مشاعرهم بطريقة غير صحية، مثل إظهار العدوانية تجاه الآخرين أو الانسحاب العاطفي.
وبدلاً من الانغماس في عالم الشاشات، نصحت بتوجيه الأطفال إلى الأنشطة البدنية والفكرية التي تسهم في تنمية مهاراتهم الاجتماعية والذهنية ، مؤكدة أن قضاء الوقت في أنشطة رياضية أو يدوية مع العائلة بديلاً مثاليًا للجلوس أمام شاشات التلفاز أو الهواتف الذكية، حيث يعزز تواصلهم الاجتماعي ويساهم في تطوير شخصياتهم.
وفي السياق ذاته أكد نائب لجنة الدراسات والبحوث في جمعية الإمارات لحماية الطفل، الدكتور حمد البقيشي، أن المقاطع المرعبة ليست عشوائية بل يتم توجيهها عبر خوارزميات تستهدف الأطفال بشكل دقيق، لذا وجب التدخل سواء من السلطات المختصة أو الشركات المالكة لتلك المنصات ، مطالباً بضرورة تعزيز أدوات المراقبة والتصفية للمحتوى الموجه للأطفال بشكل أكبر، وتطبيق إجراءات حماية أقوى لضمان سلامة الأطفال النفسية.
ونوه أن تعزيز الوعي المجتمعي في طبيعة المشاهد التي تظهر للاطفال له دور كبير في حماية الأطفال، حيث يجب على أولياء الأمور أن يكونوا على دراية كاملة بالمخاطر التي قد يتعرض لها أطفالهم أثناء استخدام الإنترنت ، مشيراً إلى أن رغم ما يقدمه الإنترنت من فوائد، إلا أن المخاطر المرتبطة به لا يمكن تجاهلها، ما يستدعي ضرورة مراقبة سلوك الأطفال على الإنترنت وتفعيل إعدادات الأمان المناسبة.
من جهة أخرى أكدت المستشارة التربوية النفسية في لجنة المستشارين الأسريين بجمعية الفجيرة الاجتماعية الثقافية، حنين الحجار، أن تأثير المشاهد المرعبة التي يتعرض لها الأطفال عبر الإنترنت يمتد إلى مجالات عدة في حياتهم اليومية، لا سيما في أداء الواجبات المدرسية والتفاعل الاجتماعي.
وترى الحجار أن الاضطرابات النفسية التي يعاني منها الأطفال بسبب هذه المشاهد تؤثر أيضًا على سلوكهم الاجتماعي، حيث يتراجع تفاعلهم مع زملائهم في المدرسة، ويتجنبون المشاركة في الأنشطة الجماعية ، لافتة إلى أن الأثر النفسي قد يصل إلى درجات أكبر من القلق والخوف، مما يجعل بعض الأطفال غير قادرين على أداء الأنشطة اليومية البسيطة، مثل الذهاب إلى دورة المياه بمفردهم في المنزل أو أثناء وجودهم في المدرسة، وهو ما يعكس حجم التأثير السلبي على حياتهم اليومية ، مؤكدة أن الرقابة الأبوية تشكل عاملاً مهماً في الحفاظ على الصحة النفسية للأطفال.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البوابة
٢٣-٠٤-٢٠٢٥
- البوابة
بث مباشر.. نقل جثمان البابا فرانسيس إلى كاتدرائية القديس بطرس
تقدم البوابة نيوز بثًا مباشرًا من صفحة "الفاتيكان" على يوتيوب، اليوم الأربعاء، لمراسم نقل جثمان البابا فرانسيس بابا الفاتيكان إلى كاتدرائية القديس بطرس للسماح للجمهور بتوديعه. ومن المقرر أن يسجى جثمان البابا لمدة ثلاثة أيام حتى يتمكن المؤمنون من إلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليه. يذكر، أن الفاتيكان قد أعلن في بيان أن البابا فرانسيس بابا الفاتيكان تُوفي بسبب سكتة دماغية وقصور القلب، عن عمر ناهز 88 عامًا. ومن المقرر أن يحضر الجنازة زعماء من مختلف أنحاء العالم قبل انعقاد المجمع الشهر المقبل لانتخاب رئيس جديد للكنيسة الكاثوليكية الرومانية.


البوابة
٠٧-٠٤-٢٠٢٥
- البوابة
الصحة: فحص 10 ملايين مواطن بالمجان ضمن مبادرة الكشف المبكر عن الأورام السرطانية
أعلنت وزارة الصحة والسكان، تقديم خدمات مبادرة رئيس الجمهورية للكشف المبكر عن الأورام السرطانية (الرئة، البروستاتا، القولون، عنق الرحم) لـ10 ملايين و247 ألف مواطن بالمجان، منذ إطلاقها في يونيو 2023، وحتى اليوم، تحت شعار «100 مليون صحة». وأكد الدكتور حسام عبدالغفار المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان، أن نتائج الاستبيان المخصص لتحديد عوامل الخطورة للإصابة بالأورام، يتم من خلاله إحالة المرضى لإجراء الفحوصات المتقدمة وبدء العلاج المناسب، حيث تستهدف المبادرة المواطنين من سن 18 عامًا فأكثر، بهدف الكشف عن الأورام في المراحل المبكرة، مما يساهم في تقليل نسبة الوفيات الناجمة عن المرض، وتقليل العبء المادي الذي يسببه تشخيص الأورام في المراحل المتأخرة، بإلإضافة إلى خدمة المساعدة في الإقلاع عن التدخين. وأوضح «عبدالغفار» أن الحصول على خدمات المبادرة، يبدأ بتوجه المواطن إلى الوحدة الصحية، وملىء استبيان يتضمن عددًا من الأسئلة حول الأعراض المرضية لجميع الأورام التي تشملها المبادرة، ويتم من خلال نتيجة الاستبيان معرفة المرض المستهدف الكشف عنه لدى المواطن. وتابع، أنه بعد تحديد المرض المستهدف الكشف عنه لدى المواطن، يتم تحويله إلى المستشفيات التي تعمل ضمن المبادرة، لإجراء الأشعة والفحوصات المعملية اللازمة، وفي حالة سلبية الفحص يتم إبلاغ المواطن بالمتابعة الدورية لحالته الصحية حسب نوع الورم المستهدف الكشف عنه، أما في حالة إيجابية الفحوصات يتم عرض المريض على لجنة متعددة التخصصات لاتخاذ قرار العلاج اللازم . ولفت «عبدالغفار» إلى أن العمل بالمبادرة وإحالة المرضى يتم من خلال منظومة إلكترونية تربط الوحدات الصحية والقوافل الطبية والمستشفيات، بالنظام الإلكتروني للاستبيان، لتيسير حصول المواطنين على خدمات المبادرة. وتؤكد وزارة الصحة والسكان، حرصها على إمداد المواطنين بالمعلومات، والرد على الاستفسارات الخاصة بمبادرات الصحة العامة من خلال الخط الساخن 15335، أو زيارة الموقع الإلكتروني: أو من خلال صفحات الوزارة الرسمية على منصات وسائل التواصل الاجتماعي (فيسبوك، تويتر، انستجرام، يوتيوب، لينكدإن).


الإمارات اليوم
٠١-٠٤-٢٠٢٥
- الإمارات اليوم
مشاهد مرعبة تتسلل إلى عقول الأطفال عبر يوتيوب.. واضطرابات نفسية تهدد براءتهم
أصبح "يوتيوب" نافذة مفتوحة أمام الأطفال، متاحًا بين أيديهم عبر الهواتف والتلفاز والألواح الذكية، لكنها لم تعد مجرد منصة ترفيهية، بل ساحة تتسلل إليها مشاهد مرعبة، مثل وجوه تخرج من المراحيض عبر مشاهد من ألعاب إلكترونية ووحوش تختبئ أسفل الأسرة، وأخرى تظهر الآباء والأمهات في صور مفزعة، حيث تتحول الأم الحنونة فجأة إلى وحش يلتهم أبناءها، أو يظهر الأب بأنه يتودد لأبنائهم ثم يبدأ بقتلهم من خلال مشاهد صنعت عبر الذكاء الاصطناعي. وأضحت هذه المقاطع تنتشر عبر خوارزميات موجهة تستهدف الأطفال، مما يجعلها تجذب انتباههم بمشاهد ضارة تترك آثارًا نفسية عميقة ،و تؤثر على مشاعرهم وسلوكياتهم اليومية، حيث تتراكم في أذهانهم بحكم طبيعتهم البصرية، مسببة اضطرابات مثل التبول اللاإرادي، التشتت الذهني، والقلق المستمر، حتى أثناء النوم. واستحدثت دولة الامارات ميثاقاً يعنى بجودة الحياة الرقمية للأطفال، على هامش فعاليات القمة العالمية للحكومات في دبي، تماشياً مع عام المجتمع، لتعزيز حماية الأطفال خاصة عقب ما أظهرت البيانات أن 33% منهم تعرضوا للتنمر الإلكتروني في العام 2019. ويعزز الميثاق الأول من نوعه في المنطقة الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص لضمان بيئة رقمية آمنة ومتوازنة للأطفال والأسر، ويرسخ أسس التعاون المشترك في تطوير سياسات ومبادرات تعزز جودة الحياة الرقمية. ويدعم الميثاق سلامة الأطفال على الإنترنت وتوفير بيئة رقمية آمنة وملائمة لهم، والحد من تعرض الأطفال للمحتوى الضار، وضمان احترام وحماية حقوق الأطفال في البيئة الرقمية، بتعزيز التعاون بين مختلف الشركاء، وكذلك التركيز على الأمن السيبراني، وحماية الأطفال من التنمر الإلكتروني. فيما أفاد تربويون لـ"الإمارات اليوم" أن مشاهد يوتيوب المرعبة، التي تضهر للأطفال عبر خوارزميات مخصصة،ولا تقتصر على إثارة الفزع فحسب، بل تترك آثارًا نفسية عميقة تؤثر على سلوكهم، مسببة اضطرابات واضحة لدى الطفل، مؤكدين ضرورة تعزيز الرقابة وفرض حماية مشددة على المحتوى الموجه للأطفال لضمان سلامتهم النفسية. وتفصيلاً ذكرت مريم محمد الحمادي، والدة لطفلة عمرها 8 سنوات، إنها بدأت تلاحظ تغيرات غير عادية في سلوك ابنتها، خاصة فيما يتعلق بنومها ، موضحة أن ابنتها كانت دائمًا تستمتع بمشاهدة مقاطع الفيديو على منصة "يوتيوب"، إلا أنه في الآونة الأخيرة بدأ يظهر عليها خوف مفاجئ وغير مبرر عند حلول وقت النوم. وأوضحت"عندما سألت ابنتي مرارًا عن السبب، أخبرتني بأنها تشعر بأن شخصًا يراقبها باستمرار، وأنه يختبئ في أسفل سريرها " مشيرة إلى أن سلوك ابنتها دفعها للقلق خاصة وأنها لم تكن تعاني من هذه المخاوف سابقًا وبعد البحث في قائمة المشاهد التي كانت تشاهدها ابنتي اكتشفت انها تعرضت لمقاطع مرعبة على "يوتيوب"، تحتوي على مشاهد مخيفة لأشخاص يخرجون فجأة من أسفل الأسرة، ما جعل الطفلة تتخيل وجود شخص غير مرئي يراقبها أثناء نومها. من جهتها، أكدت أم عبدالله، والدة الطفل حسن (9 سنوات)، أنها لاحظت في الآونة الأخيرة تغيرًا ملحوظًا في سلوك ابنها، خاصة فيما يتعلق بالذهاب إلى الحمام، إذ لم يكن يعاني من أي مشكلة من قبل ، وقال "في الفترة الأخيرة، أصبح حسن يرفض الذهاب إلى الحمام بمفرده، ويشعر بخوف شديد، كما كان يعبر عن خجله وقلقه من هذا الطلب اذ يهمس لي في اذني خوفاً من أن يسمعه اقرانه فيعيرونه بها". وأشارت إلى أنها بعد التحدث مع ابنها وفهم سبب هذا التغير، اكتشفت أنه تعرض لمحتوى مرعب على يوتيوب، اذ كان يظهر فيه رؤوس مرعبة تخرج فجأة من المراحيض، وهو ما أثر بشكل كبير على نفسيته وأدى إلى تزايد خوفه من الحمام ، منوهاً أنها استنتجت بأن ابنها يعتقد أن ما شاهده قد يحدث له، ولذلك بدأ يتهرب من الذهاب إلى الحمام ويشعر بالارتباك عند الاقتراب منه". إلى ذلك قالت رئيس قسم الدراسات والبحوث في جمعية الإمارات لحماية الطفل، بدرية الظنحاني، أن " اليوتيوب يعرض مشاهد مرعبة تظهر الآباء والأمهات في صور الوحوش التي لا تأتمن ، الأمر الذي يهز عاطفة الأطفال ويشوه مفاهيم الأمان والحب لديهم ، اذ تتمثل هذه المشاهد المعدة عبر الذكاء الاصطناعي في الأب القاتل والأم التي تتحول فجأة إلى وحش مرعب تلتهم أطفالها بعد أن كانت تطعمهم وتهتم بهم ، وهذه المشاهد في الحقيقة تتسلل بذكاء إلى عقول الأطفال عبر خوارزميات موجهة، ما يجعلهم غير قادرين على التمييز بين الخيال والواقع. وقالت " أثر هذه المشاهد يتجلى في اضطرابات عديدة، منها التبول اللاإرادي، التردد في إظهار المشاعر، وزيادة العدوانية، بالإضافة إلى تراجع القدرة على التركيز في المدرسة، ونتيجة الجلوس لساعات طويلة امام التفاز أو اللوح الذكي فإن الأطفال يتعرضون لتحفيز بصري مستمر، ما يجعلهم يفكرون في تلك المشاهد بشكل مكثف، ما يؤثر على سلامتهم النفسية والجسدية متمثلة في فرط الحركة وكثرة الكلام ، فضلاً عن وجود مشاعر القلق المستمرة والتشتت الذي يعانون منه، مما يجعلهم يتجهون لتفريغ مشاعرهم بطريقة غير صحية، مثل إظهار العدوانية تجاه الآخرين أو الانسحاب العاطفي. وبدلاً من الانغماس في عالم الشاشات، نصحت بتوجيه الأطفال إلى الأنشطة البدنية والفكرية التي تسهم في تنمية مهاراتهم الاجتماعية والذهنية ، مؤكدة أن قضاء الوقت في أنشطة رياضية أو يدوية مع العائلة بديلاً مثاليًا للجلوس أمام شاشات التلفاز أو الهواتف الذكية، حيث يعزز تواصلهم الاجتماعي ويساهم في تطوير شخصياتهم. وفي السياق ذاته أكد نائب لجنة الدراسات والبحوث في جمعية الإمارات لحماية الطفل، الدكتور حمد البقيشي، أن المقاطع المرعبة ليست عشوائية بل يتم توجيهها عبر خوارزميات تستهدف الأطفال بشكل دقيق، لذا وجب التدخل سواء من السلطات المختصة أو الشركات المالكة لتلك المنصات ، مطالباً بضرورة تعزيز أدوات المراقبة والتصفية للمحتوى الموجه للأطفال بشكل أكبر، وتطبيق إجراءات حماية أقوى لضمان سلامة الأطفال النفسية. ونوه أن تعزيز الوعي المجتمعي في طبيعة المشاهد التي تظهر للاطفال له دور كبير في حماية الأطفال، حيث يجب على أولياء الأمور أن يكونوا على دراية كاملة بالمخاطر التي قد يتعرض لها أطفالهم أثناء استخدام الإنترنت ، مشيراً إلى أن رغم ما يقدمه الإنترنت من فوائد، إلا أن المخاطر المرتبطة به لا يمكن تجاهلها، ما يستدعي ضرورة مراقبة سلوك الأطفال على الإنترنت وتفعيل إعدادات الأمان المناسبة. من جهة أخرى أكدت المستشارة التربوية النفسية في لجنة المستشارين الأسريين بجمعية الفجيرة الاجتماعية الثقافية، حنين الحجار، أن تأثير المشاهد المرعبة التي يتعرض لها الأطفال عبر الإنترنت يمتد إلى مجالات عدة في حياتهم اليومية، لا سيما في أداء الواجبات المدرسية والتفاعل الاجتماعي. وترى الحجار أن الاضطرابات النفسية التي يعاني منها الأطفال بسبب هذه المشاهد تؤثر أيضًا على سلوكهم الاجتماعي، حيث يتراجع تفاعلهم مع زملائهم في المدرسة، ويتجنبون المشاركة في الأنشطة الجماعية ، لافتة إلى أن الأثر النفسي قد يصل إلى درجات أكبر من القلق والخوف، مما يجعل بعض الأطفال غير قادرين على أداء الأنشطة اليومية البسيطة، مثل الذهاب إلى دورة المياه بمفردهم في المنزل أو أثناء وجودهم في المدرسة، وهو ما يعكس حجم التأثير السلبي على حياتهم اليومية ، مؤكدة أن الرقابة الأبوية تشكل عاملاً مهماً في الحفاظ على الصحة النفسية للأطفال.