
من أنطاليا إلى واشنطن.. خطوات جديدة في التنسيق التركي الأمريكي (تقرير)
شهدت العاصمة الأمريكية واشنطن، يوم الثلاثاء، اجتماعاً مهماً للجنة العمل المشتركة بين تركيا والولايات المتحدة، خُصص لمناقشة التطورات الأخيرة في الملف السوري.
يأتي هذا الاجتماع كأول لقاء من نوعه بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفع العقوبات عن سوريا، مما يعكس تحولاً بارزاً في السياسة الأمريكية تجاه دمشق.
واكتسب الاجتماع أهمية إضافية كونه يعقب لقاءً ثلاثياً جمع وزراء خارجية تركيا وسوريا والولايات المتحدة في أنطاليا، على هامش اجتماع وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي 'الناتو'.
وأصدر الجانبان التركي والأمريكي بياناً مشتركاً أكدا فيه التزامهما برؤية موحدة لسوريا 'مستقرة ومسالمة مع نفسها ومع جوارها'.
وشدد البيان على أولوية الحفاظ على وحدة الأراضي السورية، مشيراً إلى أن سوريا موحدة وخالية من التنظيمات الإرهابية ستسهم في تعزيز الأمن والازدهار الإقليميين.
وقاد الاجتماع نائب وزير الخارجية التركي نوح يلماز ونظيره الأمريكي كريستوفر لاندو، بحضور سفيري البلدين، حيث ركز النقاش على تنفيذ قرار رفع العقوبات وفق توجيهات الرئيس الأمريكي، مع التركيز على تعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب بجميع أشكاله.
وتصدرت قضية مكافحة تنظيم 'داعش' الإرهابي والتنظيمات الإرهابية الأخرى جدول أعمال الاجتماع.
واستعرض الوفدان الدعم التركي الأخير للحكومة السورية في هذا المجال، إلى جانب الجهود الإقليمية التي تقودها أنقرة. كما تطرق النقاش إلى إمكانيات التعاون بشأن إدارة مخيمات شمال شرقي سوريا، مع استعراض الجانب الأمريكي لخطوات إعادة تنظيم قواته العسكرية في سوريا.
وأكد الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم قيسون، في حديث لـ 'وكالة أنباء تركيا'، أن 'الملفات المشتركة بين تركيا والولايات المتحدة تشمل قضايا حساسة مثل تشكيل الجيش السوري الجديد، إخراج المقاتلين الأجانب، وتطوير التسليح'.
وأضاف أن 'التشاور بين الجانبين قد يتناول استبدال بعض الفاعلين العسكريين. كما أن دور تركيا كوسيط إقليمي، بدعم من أذربيجان، يجعلها الخيار الأمثل لواشنطن لتنظيم الأوضاع في سوريا'.
وذكر أن 'النقاط المشتركة تشمل أيضاً إنشاء قواعد دفاعية مشتركة بين سوريا وتركيا، وهي خطوة استراتيجية مهمة'.
ويأتي هذا الاجتماع في سياق مسار تواصل مباشر بين قادة الولايات المتحدة وسوريا، مما يعزز من دلالاته السياسية والاستراتيجية.
وأكد البيان المشترك التزام تركيا والولايات المتحدة بتهيئة الظروف الملائمة لعودة ملايين اللاجئين السوريين إلى ديارهم، مع التركيز على استقرار سوريا أمنياً وسياسياً.
وناقش الوفدان فرص التعاون في إعادة هندسة التوازنات في شمال شرقي سوريا، لا سيما في ظل الحديث عن إعادة هيكلة الوجود العسكري الأمريكي، وإمكانية إعادة توزيع مناطق النفوذ أو إعادة تدوير الفاعلين المحليين.
وأشار الباحث المساعد في مركز حرمون للدراسات المعاصرة، إبراهيم خولاني في حديث لـ 'وكالة أنباء تركيا'، إلى أن 'هذا الاجتماع يمثل لحظة مفصلية في مسار الملف السوري'.
وأوضح أن اللقاء يعكس تحولات سياسية كبيرة، خاصة بعد لقاء الرئيسين السوري والأمريكي في السعودية، وقرار رفع العقوبات، حسب تعبيره.
وأضاف أن الاجتماع يؤشر إلى بداية مسار جديد بين أنقرة وواشنطن، بعد سنوات من الخلاف حول شمالي سوريا وملف تنظيم PKK/PYD الإرهابي.
ولفت إلى أن التركيز على التعاون الأمني ومكافحة الإرهاب يشير إلى رغبة مشتركة في إعادة صياغة التوازنات شمال شرقي سوريا، وربما إعادة توزيع النفوذ، وفق كلامه.
ويمثل هذا الاجتماع خطوة استراتيجية لتعزيز التنسيق بين تركيا والولايات المتحدة في الملف السوري، مع تركيز واضح على مكافحة الإرهاب، استقرار سوريا، وعودة اللاجئين.
وتسعى تركيا إلى لعب دور قيادي في إعادة إعمار سوريا، مستفيدة من خبرتها في التنمية الاقتصادية والبنية التحتية.
ووفقاً لتصريحات المسؤولين الأتراك، فإن أنقرة ترى في استقرار سوريا فرصة لتعزيز نفوذها الإقليمي، خاصة من خلال مشاريع إعادة الإعمار التي قد تشمل شركات تركية في قطاعات البناء والطاقة.
وأشار الرئيس السوري أحمد الشرع إلى أن 'تركيا يمكن أن تنقل خبرتها في التنمية الاقتصادية إلى سوريا'، مما يعكس رغبة دمشق في الاستفادة من العلاقات الوثيقة مع أنقرة لدعم الاقتصاد السوري المنهك بعد سنوات الحرب.
وتشير تحليلات الخبراء إلى أن الاجتماع قد يمهد لتحولات جذرية في التوازنات السياسية والأمنية بالمنطقة، مع تعزيز دور تركيا كوسيط إقليمي وشريك استراتيجي لواشنطن.
وعلى الرغم من التقدم في التنسيق التركي- الأمريكي، تواجه سوريا تحديات كبيرة في استقرارها، إذ تشير تقارير إلى أن استمرار نشاط تنظيم 'داعش' الإرهابي في بعض المناطق، إلى جانب التوترات المحتملة بسبب استمرار الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه على سوريا، قد يعرقلان جهود الاستقرار، ومع ذلك، فإن قرار رفع العقوبات ودعم التعاون الإقليمي يفتحان الباب أمام فرص جديدة لإعادة بناء سوريا، شريطة التنسيق الفعال بين الأطراف الدولية والإقليمية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المشهد العربي
منذ 38 دقائق
- المشهد العربي
المستشار الألماني من ليتوانيا: روسيا تهديد لنا جميعا
حذّر المستشار الألماني فريدريش ميرتس اليوم الخميس من أن روسيا تهدد أمن أوروبا، وذلك أثناء زيارة قام بها إلى ليتوانيا للاحتفال بتأسيس أول وحدة عسكرية دائمة ألمانية في الخارج منذ الحرب العالمية الثانية، تهدف إلى تعزيز خاصرة حلف شمال الأطلسي (ناتو) الشرقية في مواجهة روسيا. وجاء قرار تأسيس أول كتيبة مدرعة تضم 5000 عنصر في ليتوانيا على مدى السنوات المقبلة ردا على الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا عام 2022. وقال أثناء مؤتمر صحافي في فيلنيوس "هناك تهديد لنا جميعا من روسيا... نحمي أنفسنا من هذا التهديد، لهذا السبب نحن هنا اليوم".


البورصة
منذ 2 ساعات
- البورصة
تراجع أسهم شركات الطاقة الشمسية فى أمريكا بسبب قانون ضريبى جديد
تراجعت أسهم شركات توليد الطاقة الشمسية في أمريكا خلال تعاملات الخميس، بعدما أقر مجلس النواب مشروع قانون يدعمه الرئيس 'دونالد ترامب' قد يُنهي العديد من فرص دعم الطاقة الخضراء. وانخفض سهم 'صن ران' بنسبة 40% إلى 6.5 دولار، مع تراجع سهم 'فرست سولار' بنسبة 3.65% إلى 157.41 دولار. بالإضافة إلى تراجع أسهم كل من 'إنفاس' بنسبة 16.4% إلى 39.54 دولار، و'سولار إيدج' بنسبة 24.6% إلى 14.69 دولار، و'ماكسيون سولار' بنسبة 7.19% إلى 3.05 دولار. أفاد محللو 'جيفريز' في مذكرة للعملاء، أن مشروع القانون الجمهوري يُمثل أحد أبرز المخاطر التي كانت تخشاها صناعة الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة، إذ يُشكّل ضربة قاضية لقانون خفض التضخم الذي أقره الرئيس السابق 'جو بايدن'. ومن المقرر أن يُلغي القانون في حال إقراره من قبل مجلس الشيوخ، التمويل المُخصص بموجب قانون خفض التضخم الذي أصدرته إدارة 'بايدن'، مع إنهاء المنح المُخصصة للحد من تلوث الهواء وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري. : الأسهم الأمريكيةالطاقة

مصرس
منذ 3 ساعات
- مصرس
ترامب يعرب عن تعازيه لعائلات ضحايا الهجوم على المتحف اليهودي
أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عن تعازيه لعائلات ضحايا الهجوم الذي وقع قرب المتحف اليهودي في العاصمة واشنطن، ذلك في منشور له على منصة "تروث سوشيال". وقال ترامب - حسبما نقلت شبكة "سي إن إن" الأمريكية اليوم الخميس إنه يجب أن تنتهي عمليات القتل المروعة التي تستند بوضوح إلى معاداة السامية، مضيفا أن الكراهية والتطرف ليس لهما مكان في الولايات المتحدة، معربا عن حزنه العميق لوقوع مثل هذا الحادث.وكانت وسائل إعلام أمريكية، قد أفادت في وقت سابق بأن المشتبه فيه بالهجوم على المتحف اليهودي في العاصمة الأمريكية (واشنطن)، يبلغ من العمر 21 عاما وهو رهن الاحتجاز.ووفق المصادر الإعلامية، فإن القتيلين هما دبلوماسي إسرائيلي يعمل في السفارة وزوجته، وقد تم إطلاق النار عليهما عند خروجهما من المتحف اليهودي ويبدو أن الهجوم كان مخططا له مسبقا.اقرأ ايضاً : سباق بين المستوردين الأمريكيين لإنشاء مستودعات جمركية في ظل رسوم ترامب