
السعي بين الصفا والمروة.. قصة إلهية عظيمة تعكس صبر السيدة هاجر وإيمانها بالله
يعد السعي بين الصفا والمروة من مناسك أداء الحج أو العمرة الأساسية، ويعود هذا المنسك،الي تاريخ مع النبي إبراهيم وزوجته هاجر وابنه إسماعيل عليهم السلام.
أصل السعي.. وعلاقته بإبراهيم وإسماعيل وهاجر
يعود أول ذكر للسعي بين الصفا والمروة إلى النبي إبراهيم وابنه إسماعيل وزوجته هاجر عليهم الصلاة والسلام، وترك النبي إبراهيم زوجته هاجر وابنها إسماعيل، وعندما أخبرها أنه أمر من الله ردّت عليه بأن الله لن يضيعهما، وعندما نفد منها الماء ظلت تسعى بين الصفا والمروة سبع مرات، وقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: قال النبي صلى الله عليه وسلم: فذلك سعي الناس بينهما".
الصفا والمروة عند قريش والعرب وموقف الإسلام منها
كان على جبلي الصفا والمروة صنمان إساف ونائلة، وكان الجاهليون يمسحونهما، وكان طوافهم بهما سبعة أشواط، وكانت تقوم بذلك قريش فقط، أما غيرهم من العرب فلا يطوفون بهما، فيما كانت الصفا والمروة من المواضع التي كان لها أثر كبير في عبادة أهل مكة.
ولما قدم الأنصار مع النبي عليه الصلاة والسلام في الحج، كرهوا الطواف بين الصفا والمروة؛ لأنهما كانا من مشاعر قريش في الجاهلية، وأرادوا تركه في الإسلام، ومما ورد أن بعض الصحابة قالوا: يا رسول الله لا نطوف بين الصفا والمروة، فإنه شرك كنا نصنعه في الجاهلية". (إذ كان أهل الجاهلية إذا طافوا بين الصفا والمروة مسحوا الوثَنَين، فلما جاء الإسلام وكُسرت الأصنام، كره المسلمون الطواف بينهما لأجل الصنمين) فأنزل الله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}.
الصفا والمروة.. ماهيتهما وموقعهما
الصفا جبل صغير يقع أسفل جبل أبي قبيس من الجهة الجنوبية الشرقية من الكعبة، ويبعد عنها نحو 130 مترًا، وهو مبتدأ السعي، أما المروة فهو أيضًا جبل صغير من الحجر الأبيض، يقع في الجهة الشمالية الشرقية من الكعبة، ويبعد عنها 300 متر، وهو متصل بجبل قعيقعان، وإليه ينتهي السعي، وكان الصفا والمروة أكمة وسط مكة، تحيط بها بيوت أهل مكة والتي منها دار الأرقم ودار السائب بن أبي السائب العائذي وغيرهما.
وكان الصفا والمروة والمسعى يقعان خارج المسجد الحرام، ولم يكن لهم بناء يخصهم، وظل الحال على ما هو عليه حتى عام 1375 هـ، حيث قطع جبل الصفا للفصل عن جبل أبي قبيس، وأبقي على بعض الصخرات في نهايته علامة على موضع المشعر، وكذلك فعل بالنسبة لجبل المروة، وتم لأول مرة بناء المسعى، وضُمَّ للمسجد الحرام وأصبح جزءًا منه.
سبب التسمية
سميت الأكمة أو الجبل بالصفا جمع صفاة؛ لأن الصفا والصفوان والصفواء هو الحجر العريض الأملس، أو الصخرة الملساء القوية المختلطة بالحصى والرمل، قال الأزهري: الصفا والمروة جبلان بين بطحاء مكة والمسجد"، وقال ابن الأثير: الصفا أحد جبلي المسعى".
كما سميت المروة مفرد المرو، لأجل الحجارة البيض، الصلبة البراقة الموجودة فيها، أو لأجل الصخر القوي المتعرج وهو الأبيض الصلب.
صفة نسك السعي بين الصفا والمروة
إذا أراد الحاج أو المعتمر السعي يتوجب عليهما البدء من الصفا ويستحب أن يقرأ: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}، ثم يرقى على الصفا، ويسن أن يستقبل الكعبة ويرفع يديه ويحمدَ الله ويدعو بما شاء أن يدعو، وكان النبي يدعو في هذا الموضع: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده"، وكان يكررها ثلاث مرات ويدعو بعدها. ثم ينزل من الصفا إلى المروة ماشيًا حتى يصل إلى العمود الأخضر ( الانارة الخضراء )، فإذا وصله أسرع إسراعًا شديدًا بقدر ما يستطيع إن تيسر له بلا أذية أحد، حتى يصل العمود الأخضر الثاني.
ثم يمشي على عادته حتى يصل المروة، فيرقى عليها ويستقبل القبلة، ويرفع يديه ويقول ما قاله على الصفا، ثم ينزل من المروة إلى الصفا يمشي في موضع مشيه، ويسرع في موضع العلمين، فيصعد على الصفا ويستقبل القبلة ويرفع يديه ويقول مثل ما قال أول مرة، يكرر هذا سبعة أشواط يبدأ من الصفا وينتهي في المروة، والصعود على جبلي الصفا والمروة، والركض الشديد بين العلمين الأخضرين كلها سنة وليست بواجبة.
ولا يشرع التنفل بالسعي بين الصفا والمروة، وإنما هو مشروع للحاج أو المعتمر مرة واحدة، ولم يسعى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم بعد طواف نفل أبدًا، وإنما سعى في عمرته بعد طواف العمرة، وفي حجته بعد طواف القدوم على قول من قال إنه كان مفردًا، كما سعى بعد طواف الإفاضة.
السعي.. والمسعى
السعي في اللغة من سعى يسعى سعيًا، أي عدا، وسعى في مشيه أي هرول، والسعي في الشرع هو قطع المسافة الكائنة بين الصفا والمروة سبع مرات ذهابا وإيابا عقب طواف نسك حج أو عمرة، أما المسعى: فهو الطريق الذي يقع فيه المسعى، قال المباركفوري: المسعى مكان السعي وهو بطن الوادي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البوابة
منذ 20 دقائق
- البوابة
اقتداءً بسنة النبي.. انطلاق تفويج حجاج دول العالم الإسلامي إلى منى لقضاء يوم التروية
بدأت اليوم بعثات الحج من مختلف دول العالم الإسلامي في تفويج حجاجها إلى مشعر منى، لقضاء يوم التروية، اقتداءً بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، إيذانا ببدء مناسك الحج لهذا العام. الذهاب الى التروبة ويتوافد ضيوف الرحمن إلى منى في أجواء روحانية تحيط بها الايمان والخشوع، وسط تنظيم دقيق وإشراف مباشر من السلطات في المملكة العربية السعودية، التي سخرت كل إمكاناتها البشرية والتقنية لتيسير حركة الحجاج وضمان راحتهم وسلامتهم. ويعد يوم التروية أحد أيام الحج التي يحرص الحجاج على الالتزام بها اتباعًا لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، حيث يستقرون في مشعر منى ويؤدون الصلوات الخمس قصرًا دون جمع، استعدادًا للانتقال في صباح الغد الخميس إلى صعيد عرفات لأداء الركن الأعظم من الحج. الى الترويه الجدير بالذكر ان المملكة العربية السعودية وضعن نظام صارم هذا العام لتسيير عمليات التفويج بسهولة عبر دفعات منتظمة ومتابعة دقيقة من بعثات الحج، التي تشيد بالتسهيلات الكبيرة التي وفرتها المملكة لضيوف الرحمن، بما يضمن أداءهم للمناسك بكل يسر وأمان. خطه التفويج


الاتحاد
منذ ساعة واحدة
- الاتحاد
كبار المواطنين.. بأيد أمينة
كبار المواطنين.. بأيد أمينة بتوجيهات سامية من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، «أم الإمارات»، أطلقت مؤسسة التنمية الأسرية، بالتعاون مع دائرة تنمية المجتمع، دليل تهيئة المنازل الآمنة لكبار المواطنين، وهي الخطوة المباركة لرعاية الإنسان، مواطناً، ومقيماً، والاهتمام بشأنه وشجنه والعناية بحاله ومآله، ووضعه، ومضجعه، والذهاب به إلى موائل السكينة، والطمأنينة، وهذه هي سيرة وطن تتحمل مسؤولية رفاهيته حكومة عاهدت الله بأن تكون الحضن، والسكن لإنسان وضع حياته على كفوف الراحة، ونام مستقراً، هانئاً، تزين أحلامه صورة المكان الملون بالحب، وبذخ الحياة، وراحة البال. هذه مدرسة زايد الخير، طيب الله ثراه وأسكنه فسيح جناته، تتطور نسلاً جليلاً من أعمال البر والعرفان، والأيادي البيضاء ممدودة بامتداد المدى، والحلم الزاهي يعم كل بيت من بيوت هذا الوطن المعطاء، والقافلة تمر من هنا.. من جهة القلب في صدر كل إنسان يعيش على هذه الأرض، والخير يكبر بعظم الجبال الشم، والوطن يسترخي على أريكة السعادة، والطير والشجر في امتنان دائم لما تقدمه القلوب الرحيمة، والعناية بكبار المواطنين، هو انتباهة إلى التاريخ وما يحمله بين طياته من خطوات مرت على الرمال الصفراء، تبغي العيش الهانئ، خطوات نحتت على طين الأرض صورة الإنسان الذي بذل، واجتهد، وعاهد الله أن يكون ملتحماً بقيادته، كما هي الضلوع في الصدر وكما هي الروح بالجسد، واليوم والإمارات تمر بأزهى حالاتها، يعيش الجميع على مائدة الخير منعمين بالحب، وعافية التواد، والتواصل، والدفء، والرحمة. توفير المسكن الآمن لكبار المواطنين، يجعلهم في منأى عن الحاجة، وأن ما فعلته صروف الدهر، وعواتي الزمن، تريحه هذه المكرمات من لدن كرماء، لهم في أعمال الخير سيرة، ومسار، وسبر، ولا يختلف اثنان على بياض السريرة، كون القيادة أصبحت اليوم بالنسبة لكل مواطن ومواطنة، الصدر الحنون، الذي تميل إليه أرواحهم، وعندما تداهمهم معضلة، وعندما يشكون من مشكلة، ففي الإمارات، ليست حاكماً ومحكوماً، بل هي ولي أمر، وابن يعرف مسؤولياته تجاه نفسه، ووطنه. هذه سجية النبلاء، وهي سمة النجباء، وهذه هي الإمارات، بنت الشمس التي طهرت ترابها من ضباب الليل، ونقت ضمائر أهلها من دنس الأفكار السوداوية، هذه هي الإمارات، تعتني كثيراً بالشكل، كما تهتم بالمضمون، والإنسان هو الشكل، والمضمون لوطن نشأ على الحب، وتلاقت أواصره على التعاون، وتعانقت مشاعره منسوجة من أهداب النهار، وما أسدله من خيوط الحرير على غصن وفن. فشكراً لبلد وضع الإنسان بين الرموش، وشكراً لقيادة أيدها الله بحب الإنسان أينما كان.


الاتحاد
منذ 2 ساعات
- الاتحاد
تعزيز ممارسات الترشيد في استهلاك المياه والكهرباء
تعزيز ممارسات الترشيد في استهلاك المياه والكهرباء تُعدُّ دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجاً رائداً في التنمية الاقتصادية والعمرانية، حيث شهدت نمواً متسارعاً خلال العقود الماضية. ومع هذا التقدم، برزت تحديات كبيرة تتعلق بإدارة الموارد الطبيعية، وخاصة الكهرباء والمياه، في ظل الطلب المتزايد عليها. لذا، أصبح تعزيز ممارسات الترشيد في استهلاك هذه الموارد أولوية وطنية لضمان الاستدامة البيئية والاقتصادية. وتعتمد الإمارات في هذا المجال على إطار قانوني متين، ومبادرات مبتكرة، ورؤى استراتيجية متكاملة، مما يجعلها نموذجاً يُحتذى به. وقد وصف صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، المحافظة على الموارد الطبيعية بأنها: «مسؤولية وطنية تتطلب تضافر الجهود من الجميع، حكومات وأفراداً، من أجل بناء مستقبل مزدهر ومستدام»، وأكد سموه أن: «الاستدامة ليست مجرد خيار، بل هي ضرورة لضمان مستقبل مزدهر للأجيال القادمة». وانطلاقاً من هذه الرؤية العميقة، تُولي دولة الإمارات العربية المتحدة قضايا الاستدامة البيئية وترشيد استهلاك الموارد الطبيعية أهمية بالغة، وذلك ضمن رؤيتها الوطنية الطموحة الهادفة إلى بناء مستقبل مستدام للأجيال القادمة، بما يتماشى مع توجهات القيادة الرشيدة التي جعلت من حماية البيئة وترشيد الموارد جزءاً لا يتجزأ من السياسات التنموية. ولتحقيق هذه المستهدفات وضعت دولة الإمارات قوانين وأنظمة تهدف إلى ترسيخ ثقافة الترشيد بين الأفراد والمؤسسات. ومن أبرز هذه الجهود استراتيجية الإمارات للطاقة 2050، التي أُطلقت لتحقيق أهداف طموحة تشمل زيادة مساهمة الطاقة النظيفة في مزيج الطاقة الوطني إلى 50% بحلول عام 2050، مع خفض البصمة الكربونية بنسبة 70%. وليست هذه الاستراتيجية مجرد خطة مستقبلية، بل هي إطار قانوني ملزم يدعم الترشيد من خلال تعزيز كفاءة الطاقة وتقليل الهدر. كذلك، أدخلت هيئة كهرباء ومياه دبي (ديوا) نظامَ تعرفةٍ متدرجاً في عام 2011، حيث تتزايد التكلفة مع ارتفاع الاستهلاك. ويشجع هذا النظام المستهلكين على تقليل استهلاكهم للكهرباء والمياه من خلال ربط السلوك الاستهلاكي بالتكلفة المالية، مما يعزّز الوعي بأهمية الترشيد. كما أُطلقت العديد من المبادرات لتحقيق أهداف الترشيد، منها «استراتيجية دبي المتكاملة للطاقة 2030»، التي تسعى لخفض استهلاك الطاقة بنسبة 30% بحلول عام 2030. وتشمل هذه الاستراتيجية تركيب أنظمة الطاقة الشمسية على أسطح المباني، واستخدام تقنيات حديثة مثل الإضاءة الموفرة للطاقة، مما يُسهم في تقليل الاعتماد على الموارد التقليدية. بالإضافة إلى ذلك، أطلقت وزارة الطاقة والبنية التحتية حملة «رشِّد لتدوم»، وهي حملة وطنية تهدف إلى تعزيز الترشيد في قطاعات متعددة مثل المباني والنقل والزراعة. وتركز الحملة على رفع الوعي العام واستخدام تقنيات مبتكرة لتحقيق الاستدامة في استهلاك الموارد. ولم تقتصر جهود دولة الإمارات على التوعية فقط، بل عزّزت هذه التوجهات من خلال مجموعة من القوانين واللوائح التي تنظم استخدام الموارد وتُلزم الأفراد والمؤسسات باعتماد ممارسات ترشيدية. ومن أبرز هذه المبادرات: اللائحة التنفيذية للمرسوم بقانون اتحادي رقم (9) لسنة 2017 بشأن الوقاية من الهدر في الموارد المائية، والتي تهدف إلى تقنين استخدام المياه في الزراعة والسقي، والمواصفات الإماراتية للمباني الخضراء، التي ألزمت المطورين العقاريين باستخدام أنظمة إنارة وتكييف موفّرة للطاقة، وأجهزة ترشيد المياه. كما تُعد التكنولوجيا أحد العوامل الرئيسية التي اعتمدت عليها الإمارات في سعيها نحو الترشيد. فقد أُطلق العديد من التطبيقات الذكية التي تتيح للمستهلكين متابعة استهلاكهم اللحظي، وتلقي تنبيهات عن أي تجاوز غير طبيعي في الاستخدام. كما تم تركيب العدادات الذكية في مختلف أنحاء الدولة، مما يعزّز الشفافية ويحفّز المستهلك على تعديل سلوكه بناءً على بيانات دقيقة. إن تعزيز ممارسات الترشيد في استهلاك الكهرباء والمياه في دولة الإمارات يمثل ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة، بفضل الإطار القانوني المتقدم، والمبادرات الاستراتيجية، ودعم قادة الدولة، وهو ما أتاح الفرصة لتحقيق تقدم كبير في هذا المجال. ومع ذلك، يبقى دور الأفراد حاسماً في استكمال هذه الجهود، حيث يتعين على الجميع المساهمة في الحفاظ على الموارد لضمان مستقبل مزدهر. *صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.