logo
حافظ الأسد وأسرار اغتيال اللواء محمد عمران

حافظ الأسد وأسرار اغتيال اللواء محمد عمران

الجزيرة٢٤-٠٧-٢٠٢٥
في أواخر عهد الاحتلال الفرنسي، برز حزب البعث في سوريا بوصفه أحد أبرز اللاعبين الصاعدين في الساحة السياسية في البلاد، وفي عام 1954 حقق الحزب اختراقا سياسيا ملحوظا بحصوله على 17 مقعدا في البرلمان السوري.
أدخل هذا النجاح الحزب في صدام مباشر مع نواب حزب الشعب حول قضايا تتعلق بتشريعات تخص الحرفيين والعمال، مما أدى إلى اتساع نطاق التوتر ليشمل المؤسسة العسكرية، ونتيجة لذلك، بسط عدد من الضباط البعثيين سيطرتهم على معسكر قطنا قرب العاصمة دمشق، في خطوة عكست اتجاها متزايدا نحو عسكرة المشروع البعثي.
سعى هؤلاء الضباط إلى الحصول على تفويض من القيادة التاريخية للحزب، ممثلة في ميشيل عفلق و صلاح الدين البيطار ، لتنفيذ انقلاب يتيح لهم الإمساك بالسلطة، غير أن هذه القيادة رفضت المشروع الانقلابي بشكل قاطع.
كشفت هذه المواجهة مبكرا عن هوة ثقة عميقة بين الجناح العسكري للحزب وقيادته السياسية، وهي أزمة تفاقمت لاحقا عقب حل حزب البعث في أثناء مشروع الوحدة مع مصر.
بدأ هؤلاء الضباط الإعداد الفعلي للاستيلاء على الحكم، وهو ما تحقق لاحقا بانقلاب عسكري عام 1963 أزاح الرموز التقليدية للفكر البعثي أمثال عفلق والبيطار، وفتح الباب أمام صعود جيل جديد من العسكريين على رأسهم صلاح جديد ، ومحمد عمران، وأمين الحافظ وسليم حاطوم، الذين أعادوا تشكيل ملامح البعث وفق رؤية أمنية وعسكرية بعيدة عن النخبة الفكرية والسياسية التي أسسته.
انقلاب على النحلاوي
مع إعلان الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958، برزت لدى القيادة المصرية، وعلى رأسها جمال عبد الناصر و عبد الحكيم عامر هواجس أمنية من نفوذ الضباط البعثيين في الجيش السوري ، مما دفعهم إلى اتخاذ خطوة احترازية تمثلت في نقل عشرات الضباط السوريين معظمهم بعثيون إلى مواقع مختلفة داخل الإقليم الجنوبي (مصر).
جاء هذا التحرك من عبد الناصر بهدف تقليص تأثيرهم على مجريات الأمور في الإقليم الشمالي (سوريا) وضمان ولاء المؤسسة العسكرية هناك.
وكان من بين أبرز الضباط الذين شملهم القرار جديد الضابطان العلويان محمد عمران وصلاح جديد، وقد أسهمت البيئة العسكرية الجديدة في تعزيز روابطهم بزملائهم المنقولين، مما أفضى إلى تشكيل نواة صلبة داخل الجيش أطلق عليها لاحقا اسم "اللجنة العسكرية".
ضمت اللجنة العسكرية الجديدة المقدم محمد عمران، والرائدين صلاح جديد وأحمد المير، إلى جانب النقيبين حافظ الأسد وأحمد سويداني.
بعد انهيار الوحدة بين مصر وسوريا عام 1961، عاد الضباط البعثيون الذين كانوا قد نُقلوا إلى مصر خلال عهد الوحدة إلى دمشق، ليجدوا أنفسهم أمام واقع سياسي جديد اعتُبر مأساويا لكل من الناصريين والبعثيين على حد سواء، حيث كان الانفصال بمثابة ضربة إستراتيجية لمشروع الوحدة العربية، وأثار صدمة داخل صفوف الضباط الذين رأوا فيه انقلابا على الحلم القومي.
في هذا المناخ المضطرب، برز اسم العقيد محمد عمران بوصفه لاعبا رئيسيا على الساحة العسكرية، حين قاد تحركا انقلابيا عام 1963 استهدف إسقاط سلطة قائد الانفصال عن مصر العقيد عبد الكريم النحلاوي، مما أدى إلى طرده من الجيش وهروبه إلى خارج البلاد.
بالموازاة مع ذلك، كان المشهد العسكري يشهد تصدعا داخليا، فقد احتدم الصراع بين أبرز الضباط البعثيين وعلى رأسهم صلاح جديد وحافظ الأسد، إذ تنافسا على السيطرة على مفاصل الجيش، في ظل عداوة معلنة بين محمد عمران وصلاح جديد، وقد أدى هذا التوتر إلى انقسام الجيش إلى 3 كتل متصارعة، كل منها تسعى إلى تثبيت نفوذها.
ولمواجهة هذا التشظي بادرت القيادة القومية لحزب البعث إلى تشكيل تحالف سياسي عسكري جديد انضم إليه العقيد محمد عمران لاحقا، وقد ضم هذا التكتل شخصيات قيادية من أبرز رموز الحزب، مثل ميشيل عفلق، وصلاح البيطار، ومنيف الرزاز، وأمين الحافظ.
حاول هذا التحالف استعادة التوازن داخل الحزب والمؤسسة العسكرية، وبناء جبهة قادرة على مواجهة المد العسكري المتصاعد من الجناح المتطرف الذي مثّله صلاح جديد وحافظ الأسد.
لكن مع مطلع عام 1964، بدأت ملامح الانقسام داخل النواة الصلبة لحزب البعث في سوريا تتكشف بوضوح، وبرز التوتر بشكل خاص بين محمد عمران من جهة، وبين صلاح جديد وحافظ الأسد من جهة أخرى.
كان جوهر الخلاف يدور حول الموقف من قضية الوحدة العربية، وتحديدا العلاقة مع الرئيس المصري جمال عبد الناصر، حيث أظهر عمران تمسكا صريحا بخيار الوحدة، وانحاز بذلك إلى الرؤية التي تبناها كل من ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار وأمين الحافظ.
كانت الرؤية تتركز على أولوية إعادة بناء الوحدة مع مصر، وإعطاء الجناح السياسي المدني للحزب دورا أوسع في إدارة الدولة.
في المقابل، كان جديد والأسد يفضلان إرساء دعائم نظام بعثي مستقل في سوريا يخضع لسيطرة الجناح العسكري ويبتعد عن التبعية لعبد الناصر في مصر أو تقديم تنازلات لصالح القيادة المدنية التقليدية في الحزب.
وأُضيف إلى هذا الانقسام عامل شخصي وسياسي آخر يتمثل في تصاعد نفوذ محمد عمران داخل الجيش وشعبيته الواسعة، إلى جانب جرأته على خوض مغامرات انقلابية مثل مشاركته في إسقاط حكم الانفصال عام 1963.
إلى السجن
آلت السيطرة على اللجنة العسكرية إلى صلاح جديد وحافظ الأسد، ومع تفاقم الضغوط عليه قرر عمران الانسحاب وفضّل العودة إلى كنف القيادة القومية للحزب، حيث وضع ثقته في عفلق والبيطار.
وكما أشار الصحفي البريطاني باتريك سيل في كتابه "الصراع على سورية"، فقد أفصح عمران لقيادة الحزب عن الأسرار التنظيمية للجنة العسكرية، الأمر الذي اعتبره خصومه خيانة سياسية لا تُغتفر.
وردا على هذه الخطوة، تم تهميش عمران داخل المؤسسة العسكرية وجُرِّد من صلاحياته، ثم أُبعِد عن دمشق بتعيينه سفيرا لسوريا في إسبانيا، وبررت القيادة البعثية هذا الإجراء باتهامه بالتحريض الطائفي داخل الجيش.
وفي وقت كانت فيه صراعات الهوية والانتماء تعمق الشرخ بين مكونات النظام، وتدفع بالحزب إلى مزيد من الانغلاق العسكري الأمني على حساب مشروعه السياسي القومي الأول، عاد عمران إلى البلاد ليُعين وزيرا للدفاع في ديسمبر/كانون الأول 1965، في عهد رئيس الجمهورية آنذاك أمين الحافظ.
لكنه لم يلبث طويلا، إذ قادت اللجنة العسكرية بقيادة جديد والأسد انقلابا في 23 شباط/فبراير 1966 وأطاحت السلطة الجديدة بالقيادة القومية التقليدية لحزب البعث، واعتُقل إثر ذلك وزير الدفاع محمد عمران والرئيس الحافظ وعدد من كبار الضباط الموالين للجناح السياسي داخل الحزب وتم اقتيادهم إلى سجن المزة العسكري.
وأما القياديون المدنيون في القيادة القومية، وعلى رأسهم ميشيل عفلق وصلاح البيطار، فقد احتُجزوا في استراحات سياحية سابقة جرى تحويلها إلى مراكز احتجاز شبه رسمية.
في تلك الفترة، كان حافظ الأسد الذي تولى منصب وزير الدفاع بعد الانقلاب، يلعب دور الوسيط الظاهري بين الجانبين، حيث كان يزور المحتجزين بانتظام ويعرض عليهم فكرة الوصول إلى صيغة تفاهم تنظيمي تُنهي الصراع بين القيادة العسكرية والقيادة السياسية، وهي مبادرة بدت حينها كغطاء لتهدئة الاحتقان الداخلي ضمن الحزب.
يروي القيادي البعثي أحمد أبو صالح وهو أحد الذين اعتُقلوا بعد الانقلاب في شهادته أن صلاح جديد حاول استمالته إلى خطة للهروب من السجن مع محمد عمران، بزعم التوجه إلى القاهرة وطلب الحماية من الرئيس جمال عبد الناصر غير أن أبو صالح أدرك أن العرض لم يكن سوى فخ محكم، الهدف منه تصفية الرجلين جسديا خلال محاولة الفرار، في خطوة كانت ستظهر كأنها عملية أمنية بحتة لا علاقة لها بالقيادة الحزبية الجديدة.
بعد مضي نحو عام ونصف عام على انقلاب 23 فبراير/شباط 1966، اندلعت حرب يونيو/حزيران 1967 التي هزّت النظام السوري وعرّضت شرعيته العسكرية والسياسية لهزة عنيفة، وفي مواجهة هذا الضغط اضطرت القيادة البعثية الجديدة التي تهيمن عليها اللجنة العسكرية إلى الإفراج عن اللواء محمد عمران والرئيس السابق أمين الحافظ، إضافة إلى عدد من أعضاء القيادة القومية الذين كانوا محتجزين منذ الانقلاب.
مع خروجه من السجن، غادر عمران سوريا متوجها إلى لبنان حيث استقر في مدينة طرابلس، خاصة في أحد أحيائها الشعبية التي يسكنها أبناء أصول فلاحية، قريبا من خلفيته الاجتماعية حيث ينحدر من قرية المخرم في ريف حمص.
ورغم ذلك، فلم يفقد عمران مكانته في أوساط الجيش رغم إبعاده القسري، فقد بقي يتمتع بشعبية ملحوظة بين شريحة واسعة من الضباط، الذين اعتبروا أنه يمثل الامتداد الوطني لحزب البعث، في مقابل الجناح العقائدي العلوي المتشدد الذي مثّله صلاح جديد والجناح الأمني الذي كان بقيادة حافظ الأسد.
حتى بعد ما سُميت "الحركة التصحيحية"، وهو الانقلاب الذي قاده حافظ الأسد في أكتوبر/تشرين الأول 1970 وأطاح فيه بصلاح جديد، ظل اللواء محمد عمران يحتفظ بنفوذه داخل بعض دوائر الجيش، مما أثار قلق النظام الجديد.
ورغم أن الأسد رسخ سلطته بعد تلك الحركة الانقلابية، فإن حضور عمران ظل يشكل تهديدا محتملا، خصوصا في ظل تقارير تحدثت عن سعيه لتشكيل تيار عسكري معارض وربما التخطيط لمحاولة انقلابية مضادة.
تزايدَ هذا القلق داخل دائرة الحكم، ودارت أحاديث داخل المؤسسة الأمنية عن ضرورة "إغلاق الملف" قبل أن يتوسع خطره، ووفق روايات متعددة، فقد كلّف حافظ الأسد شقيقه رفعت الأسد بمهمة تصفية اللواء عمران، الذي كان هدفا مكشوفا منذ خروجه من السجن.
وفي مناخ سياسي اتسم بتصفية الخصوم، كان اغتيال محمد عمران عام 1972 في طرابلس تتويجا لمسار طويل من الصراع داخل البعث، وصورة مكثفة لمرحلة اتسمت بالعنف والانقلابات والتصفيات السياسية.
كان الخوف على حياة اللواء محمد عمران حاضرا بقوة في الأشهر التي سبقت اغتياله، لا سيما بين أوساط المقربين منه وبعض وجهاء الطائفة العلوية المقيمين في طرابلس الذين كانوا يدركون حجم التهديد الذي يمثله وجوده المستمر خارج البلاد بالنسبة للسلطة الجديدة في دمشق.
كان عمران برصيده العسكري وتاريخه السياسي وشبكة أنصاره داخل الجيش، يشكل نقطة توتر حقيقية للنظام الذي أسسه حافظ الأسد بعد "الحركة التصحيحية" عام 1970.
وتؤكد عدة روايات أن مخابرات الأسد كانت تتابعه عن كثب، وأن عناصر من سرايا الدفاع التشكيل العسكري الذي كان يشرف عليه رفعت الأسد، كُلِّفوا بمراقبته وتحديد تحركاته.
View this post on Instagram
A post shared by الجزيرة الوثائقية (@aljazeeradocumentary)
روايتان للاغتيال
روى مدير مكتب عمران الشخصي في طرابلس تفاصيل واحدة من أكثر الروايات تداولا عن اغتياله، إذ يقول إن امرأة فقيرة اعتادت زيارة منزل اللواء عمران طلبا للمساعدة، وفي إحدى المرات خرج بنفسه ليعطيها بعض المال.
عادت المرأة نفسها بعد عدة أيام، لكنها لم تكن وحدها هذه المرة، بل كان يرافقها رجلان من منظمة "الصاعقة"، وهي فصيل بعثي موالٍ لسوريا، وعندما فتح عمران الباب، أطلق أحد الرجلين عليه النار بـ6 رصاصات من بندقية كانت مخبأة داخل سلة، ليسقط قتيلا أمام منزله.
ولكن رواية أخرى ذكرها عبد الحليم خدام، أحد أبرز رموز النظام السوري السابق لاحقا، تقول إن حافظ الأسد أوفد ضابطا من جهازه الأمني إلى طرابلس في محاولة لإقناع عمران بالعودة إلى سوريا، غير أن اللقاء لم يسر على ما يرام، ويؤكد خدام أن مشادة كلامية نشبت بين الطرفين، وانتهت بقتل الضابط السوري، في تطور دفع الأسد إلى اتخاذ قرار نهائي بتصفية عمران.
سواء كانت إحدى الروايتين أدق من الأخرى، فإن المؤكد أن اغتيال اللواء محمد عمران في الرابع من مارس/آذار 1972 لم يكن حدثا عابرا، بل تتويجا لصراع طويل بين جناح العسكر في حزب البعث، ومن بقي على ولائه لمشروع قومي وحدوي تقوده القيادة المدنية القديمة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حماس تدين إبعاد مفتي القدس وتدعو للتحرك لحماية الأقصى
حماس تدين إبعاد مفتي القدس وتدعو للتحرك لحماية الأقصى

الجزيرة

timeمنذ 34 دقائق

  • الجزيرة

حماس تدين إبعاد مفتي القدس وتدعو للتحرك لحماية الأقصى

قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن إبعاد مفتي القدس الشيخ محمد حسين عن المسجد الأقصى يمثل إجراء تعسفيا من الاحتلال، لفرض السيطرة على المسجد الأقصى. واتهمت الاحتلال باستهداف أئمة وخطباء المسجد الأقصى بالاعتقال والإبعاد. ودعت العرب والمسلمين للتحرك العاجل لحماية الأقصى والمقدسات من التهويد، مؤكدة أن الأقصى يتعرض لحملة تهويد مسعورة من حكومة الاحتلال والمستوطنين. وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قد سلمت -اليوم الأربعاء- مفتي القدس الشيخ محمد حسين قرار إبعاد عن الأقصى لمدة 6 أشهر. وقالت محافظة القدس -في منشور لها على فيسبوك – إن قائد منطقة القدس بشرطة الاحتلال أمير أرزاني أصدر قرارا نهائيا بإبعاد المفتي عن المسجد الأقصى فور انتهاء مدة إبعاده التي استمرت 8 أيام. وفي تعليق له على القرار، قال مفتي القدس الشيخ محمد حسين إن قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي بإبعاده 6 أشهر عن المسجد الأقصى غير مبرر، ولا يستند إلى أي مبررات قانونية. وأفاد حسين -في حديثه للجزيرة نت- بأن القرار الإسرائيلي جاء على خلفية خطبة ألقاها في المسجد الأقصى ، حيث اتهمته شرطة الاحتلال بتشكيل خطر على جمهور المسجد الشريف. وأوضح أنه رفض التوقيع على وثيقة تُحمّله مسؤولية التحريض أو الخطر، مشيرا إلى أنه يعمل في المسجد الأقصى منذ أكثر من 55 عاما، منها 43 عاما خطيبا، وآخرها مديرا للمسجد المبارك. وكانت قوات الاحتلال اعتقلت الشيخ محمد حسين في 25 يوليو/تموز الماضي من داخل المسجد الأقصى، عقب إلقائه خطبة جمعة استنكر فيها سياسة التجويع التي تنتهجها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. وتواصل شرطة الاحتلال استهداف أئمة وخطباء المسجد الأقصى بالاعتقال والإبعاد، حيث اعتقلت يوم الجمعة الماضي قاضي قضاة القدس الشيخ إياد العباسي أثناء خروجه من المسجد، عقب إلقائه درسا تحدث فيه عن التجويع والإبادة في غزة.

عمليات دهم واعتقالات واسعة بالضفة ومواجهات في رام الله
عمليات دهم واعتقالات واسعة بالضفة ومواجهات في رام الله

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

عمليات دهم واعتقالات واسعة بالضفة ومواجهات في رام الله

أفادت مصادر فلسطينية بأن الجيش الإسرائيلي اعتقل 30 فلسطينيا في حملة دهم واعتقال طالت مدنا وبلدات عدة، كما أفادت مصادر للجزيرة باندلاع مواجهات بين فلسطينيين وقوات الاحتلال إثر اقتحامها بلدة كوبر شمال غرب رام الله. وشرعت قوات الاحتلال في تنفيذ عمليات هدم في ضاحية الزراعة، قرب مخيم الجلزون شمال مدينة رام الله، حيث اقتحمت المنطقة المحاذية للمخيم، وحاصرت عدة منشآت وشرعت في هدمها بذريعة البناء دون ترخيص، وذلك وسط انتشار عسكري واسع وقيود مشددة على حركة المواطنين في المنطقة ومحيطها. وقالت مصادر للجزيرة إن قوات الاحتلال هدمت بناية سكنية قيد الإنشاء في قرية دار صلاح شرق بيت لحم جنوبي الضفة. واقتحمت قوات الاحتلال القرية مصحوبة بآليات هدم ثقيلة، وشرعت في هدم العمارة المكونة من 5 طوابق بذريعة البناء دون ترخيص. كما هدمت جرافات الاحتلال منشأة تجارية في بلدة خربثا المصباح جنوب غرب مدينة رام الله في الضفة الغربية. وذكرت مصادر للجزيرة أن قوات الاحتلال مصحوبة بجرافات الهدم، اقتحمت المنطقة وشرعت بهدم مقهى شعبي، على طريق بين بلدتي خربثا المصباح وبلدة بيت لقيا، وسط الضفة الغربية وذلك بذريعة البناء دون ترخيص. وفي القدس المحتلة، هدمت جرافات الاحتلال منزلا في حي واد قدوم ببلدة سلوان في القدس بذريعة البناء دون ترخيص. وأفادت مصادر للجزيرة أن قوات الاحتلال حاصرت المنزل وطلبت من العائلة إفراغه من محتوياته قبل البدء بعملية الهدم. وفي الخليل ، اقتحمت قوات الاحتلال مدينة دورا جنوب الخليل بالضفة الغربية، في إطار حملات الاقتحامات والتوترات المستمرة بالمنطقة. كما اقتحمت قوة كبيرة من جيش الاحتلال ، مساء الأربعاء، مدينة الخليل وبدأت استعداداتها لهدم منزل يعود لأسير فلسطيني. وأفاد شهود عيان بأن الجيش اقتحم حي وادي أبو كتيلة في الخليل، وفرض طوقا عسكريا حول منزل يعود لعائلة الهيموني، مشيرين إلى أن القوات الإسرائيلية أحضرت معدات تُستخدم عادة في التحضير لتفجير المنازل. وقال تلفزيون فلسطين (حكومي) إن "الاحتلال يدفع بتعزيزات إضافية نحو منزل الأسير عبد الرحمن الهيموني، استعدادا لتفجيره، في منطقة أبو كتيلة بمدينة الخليل". وفي 24 يونيو/حزيران الماضي، أعلن الجيش الإسرائيلي نيته هدم الشقة السكنية التي كان يقيم فيها الأسير الهيموني، متهما إياه بالمشاركة، مع آخرين، في هجوم استهدف محطة القطار الخفيف بمدينة تل أبيب مطلع أكتوبر، وأدى إلى مقتل 7 أشخاص وإصابة 15 آخرين، وفق بيان رسمي. وفي 5 مارس/آذار الماضي، فجر الجيش منزلين لاثنين من المتهمين بالمشاركة في نفس العملية، وهما أحمد الهيموني ومحمد مسك. وآنذاك، أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، مسؤوليتها عن "عملية يافا البطولية التي نفذها المجاهدان القساميان محمد راشد مسك وأحمد عبد الفتاح الهيموني من مدينة الخليل". وبحسب تقرير لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، نفذ الجيش الإسرائيلي خلال يوليو/تموز الماضي 75 عملية هدم في الضفة الغربية، طالت 122 منشأة، بينها 60 منزلا مأهولا، و11 منزلا غير مأهول، و22 منشأة زراعية، و26 مصدر رزق. وبموازاة الإبادة في قطاع غزة ، صعد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة بما فيها القدس الشرقية ، مما أسفر عن استشهاد ما لا يقل عن 1013 فلسطينيا، وإصابة نحو 7 آلاف، إضافة إلى اعتقال أكثر من 18 ألفا و500، وفق معطيات فلسطينية. ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ترتكب إسرائيل بدعم أميركي إبادة جماعية في غزة تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة، بدعم أميركي 61 ألفا و158 قتيلا فلسطينيا و151 ألفا و442 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.

كيف تستعد تركيا للحرب مع إسرائيل؟
كيف تستعد تركيا للحرب مع إسرائيل؟

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

كيف تستعد تركيا للحرب مع إسرائيل؟

نشرت أكاديمية الاستخبارات الوطنية التركية دراسة موسعة عن الحرب "الإسرائيلية"- الإيرانية، ليس بسبب أهميتها كمواجهة إقليمية كبيرة وحسب، ولا بحسبها مواجهة زاخرة بالدروس المستفادة، ولكن كذلك من حيث إن تركيا قد تكون مستهدفة مستقبلا بحروب مشابهة، كما دلت الدروس المستخلصة لها من قبل الأكاديمية. التقييم أسست أكاديمية الاستخبارات الوطنية في يناير/ كانون الثاني 2024، وأعلن عنها رئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم كالين في احتفال الذكرى الـ 97 لتأسيس الجهاز في أكتوبر/ تشرين الأول من العام نفسه. وكان الهدف المعلن من إنشاء الأكاديمية، التي تعمل كمؤسسة تعليم عالٍ ضمن بنية جهاز الاستخبارات، إضفاء بعد أكاديمي على عمل جهاز الاستخبارات من خلال التعليم العالي والبحوث العلمية ونشر الدراسات في مجال الاستخبارات والأمن القومي. ولذلك فهي تستهدف بتقاريرها المنشورة الرأي العام والأكاديميا التركية وأيضا منتسبي جهاز الاستخبارات سواء بسواء. نشرت الأكاديمية في الأول من أغسطس/ آب الجاري تقريرا مطولا من 58 صفحة حول الحرب "الإسرائيلية"- الإيرانية بعنوان "حرب الـ 12 يوما ودروس لتركيا". تتكون الدراسة من مقدمة ثم ثلاثة فصول رئيسة هي تقنيات الحرب التقليدية والهجينة، التقييمات والدروس المستخلصة، والسيناريوهات المحتملة، قبل أن تختم بفصل مستقل بعنوان: "النتائج والخطوات الواجب على تركيا اتخاذها". في تقديمه للدراسة، أطّرَ رئيس الأكاديمية الدكتور طلحة كوسة الحرب "الإسرائيلية"- الإيرانية ضمن سياقين رئيسين؛ الأول هو تأثيرات عملية السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 (عملية "طوفان الأقصى" وما بعدها)، والثاني هو فشل المفاوضات الإيرانية- الأميركية في التوصل لاتفاق حول المشروع النووي الإيراني. وفق الدراسة، أظهرت الحرب أن كلا من إيران وإسرائيل قد غيرتا إستراتيجياتهما السابقة، وبالتالي شكّلت الحرب بدورها منعطفا جديدا في المنطقة في مرحلة ما بعد السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وغيرت معادلات المنطقة إلى حد بعيد. وخلصت إلى عدة تقييمات في مقدمتها أن إيران خرجت من الحرب بضربات وخسائر أكبر بسبب تقنية الهجوم المفاجئ الذي انتهجته إسرائيل، وتفوقها العسكري الكبير، وتقنيات الاستخبارات التي استخدمتها، ودعم الحلفاء (في إحالة على الولايات المتحدة) الذي حظيت به. ويضاف لذلك أن توقعات إسرائيل بحصول حركة شعبية في الداخل الإيراني تؤدي إلى تغيير النظام لم تتحقق، حيث وقف الإيرانيون في الخارج في عمومهم مع شعبهم واستقلال دولتهم، مع إشارة إلى أن "مستقبل الوحدة الداخلية الإيرانية" مرتبط إلى حد ما بمسارات المواجهة ونتائجها على المدى البعيد. كما أثبتت الحرب، وفق الدراسة، أهمية القوة الجوية في الحروب القصيرة، ولا سيما بين الدول التي لا تملك حدودا برية مشتركة، وهو ما عمل لصالح إسرائيل بشكل ملحوظ، فيما حاولت إيران ردم هذه الهوة من خلال صواريخها الباليستية الفرط صوتية. كما ركزت الدراسة على أهمية وتأثير عناصر أخرى لا تقل أهمية عن البعد العسكري المباشر، مثل الهجمات السيبرانية وحرب المعلومات والبروباغندا، والشبكة الاستخباراتية والعملياتية التي أنشأتها إسرائيل داخل إيران، فضلا عن عناصر الدفاع المدني من قبيل منظومات الإنذار المبكر والملاجئ. وضعت الدراسة ثلاثة سيناريوهات رئيسة لمستقبل التصعيد بين إيران وإسرائيل ومن خلفها الولايات المتحدة الأميركية؛ العودة لطاولة المفاوضات، وفشل مسار التفاوض، واستمرار حالة التوتر، والعودة لحرب موسعة بين الجانبين. بهذا المعنى، تناولت الدراسة الحرب الأخيرة بين إسرائيل وإيران كنموذج لتغير الحروب في العصر الحديث، وتحولها لحروب هجينة تتضافر فيها عناصر عديدة ولا تقتصر على توازنات القوة المادية أو العسكرية المباشرة. لكن دروس تركيا المستخلصة من الدراسة لا توحي فقط بقراءة في حرب يمكن الاستفادة منها، بل تتخطى ذلك بوضوح لـ "دروس تركيا" من الحرب بعدّها دولة إقليمية قد تتعرض لحالة مشابهة. يتسق ذلك مع تصريح الرئيس التركي مع بداية الحرب حين أكد على ضرورة تطوير بلاده صناعاتها الدفاعية وقدراتها على حماية أراضيها ومواطنيها، فضلا عن تصريحات سابقة وضعت تركيا كجهة مستهدفة من التطورات الإقليمية ولا سيما بسبب اعتداءات إسرائيل المتكررة والمستمرة في المنطقة ضد عدة أطراف. في مقدمة الدروس التركية من الحرب، وفق الدراسة، أهمية القوة الجوية في حروب من هذا النوع، ما يؤكد على ضرورة الاستمرار في تطوير الصناعات الدفاعية التركية، والدمج والتنسيق بين الأنظمة البشرية وغير البشرية (المسيّرات وغيرها)، وكذلك تحديث أسطولها الجوي الذي تسعى له بشكل حثيث في الآونة الأخيرة. حيث تسعى تركيا لشراء العشرات من مقاتلات "إف-16" من الولايات المتحدة الأميركية (بعد إخراجها من مشروع مقاتلات "إف-35" الذي لم تفقد الأمل منه تماما)، ومقاتلات يورو فايتر من مصادر أوروبية، فضلا عن صيانة وتحديث ما لديها من مقاتلات "إف-16" حاليا. وتدعو الدراسة بناء على دروس الحرب الأخيرة إلى امتلاك تركيا منظومات دفاع جوي متعددة الطبقات ومنتشرة على مساحة الأراضي التركية، فضلا عن ضرورة الاهتمام بتطوير منظومة الصواريخ الفرط صوتية التي أظهرت فاعليتها فيها. ولم تهمل الدراسة الإشارة إلى أن الأهمية لا تقتصر على التفوق التقني وإنما تمتد لكمية وحجم ترسانة الأسلحة التي تمتلكها الدولة، ما يعزز أهمية تسريع التصنيع إضافة لفاعلية الأنظمة نفسها. ومما يعزز هذه القراءة في الدراسة الحالية تكرر المعنى في دراسة حديثة، صدرت الشهر الفائت، للباحث في الشؤون العسكرية مراد أصلان في مركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية "سيتا" بعنوان "حاجة تركيا للطائرات الحربية واستيرادها"، حين أكد على ضرورة استعداد بلاده لاحتمال التعرض لهجوم جوي على جبهتين، قاصدا بهما اليونان وإسرائيل. وأما الدرس الثاني المهم لتركيا من الحرب فهو ضرورة تأمين الداخل التركي عبر منظومة دفاع مدني متقدمة تناسب منطق الحروب الحديثة، وعلى رأس الأولويات المشار لها أنظمة الإنذار المبكر، والملاجئ المنتشرة والمؤمنة من جميع النواحي والمناسبة لحرب من هذا النوع. حيث رصدت الدراسة أن افتقار إيران لهذا النوع من المنظومات وامتلاك إسرائيل لها كان السبب الرئيس خلف الخسائر المدنية الكبيرة بشكل لافت في الجانب الإيراني. كما أشارت الدراسة لخطورة الحرب الإلكترونية وشبكات التجسس وحرب المعلومات، مؤكدة على ضرورة إيجاد بدائل محلية لأنظمة الاتصال والتواصل وتبادل المعلومات، ولا سيما بالنسبة لمؤسسات الدولة والموظفين والعاملين في مراكز حساسة. وأخيرا، كان ثمة إشارة لأهمية تماسك الجبهة الداخلية في أي دولة تخوض حربا من هذا النوع تشترك فيه القوة النارية مع شبكات التجسس وحرب المعلومات والبروباغندا الساعية للتأثير على الجماهير وتوجيهها. ولعله من المهم الإشارة إلى أن المسار السياسي الأخير في تركيا لإنهاء المسألة الكردية أو ما أسمي "مشروع تركيا بلا إرهاب" كان من أهم دوافعه "تمتين الجبهة الداخلية" وفق تعبير أردوغان بعد التطورات المتسارعة في المنطقة. في الخلاصة، رغم أن تركيا تابعت حرب الـ 12 يوما بين إسرائيل وإيران من كثب مع حرص لافت على عدم الانخراط أو التورط فيها، والسعي للعب دور الوسيط، ولا سيما بين طهران وواشنطن على ما أعلن لاحقا وزير الخارجية هاكان فيدان، فإن أكاديمية الاستخبارات الوطنية أكدت على فكرة أن تركيا باتت ترى نفسها طرفا مستهدفا بحرب أو عدوان مشابه في المستقبل، ولا سيما من قبل إسرائيل، وإن لم تقل الدراسة ذلك بشكل واضح ومباشر. يزيد ذلك من أهمية استخلاص أنقرة الدروس من الحرب الأخيرة ليس فقط كدولة إقليمية مهتمة بالتطورات في المنطقة، ولكن كذلك كطرف يمكن أن يكون طرفا في حرب مشابهة، ومما يؤكد على ذلك أن مجمل الدروس المستخلصة بالنسبة لتركيا – وفق الدراسة – ترتبط بتعزيز قدرات الأخيرة الهجومية والدفاعية مقابل إسرائيل وليس إيران.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store