
على فوهة البركان
التطورات الأخيرة تشير إلى انتقال إسرائيل من منطق العمليات محدودة الأهداف السياسية إلى الاستعداد للحرب الشاملة.
قرار نتنياهو احتلال قطاع غزة بالكامل رغم تحذيرات جيشه من الكلفة البشرية والعسكرية الهائلة يأتي في إطار التصعيد المجنون الذي قد يقود المنطقة كلها إلى الانفجار.
كل الحسابات المنطقية تشير إلى تهور الخطوة التي يستعد نتنياهو لاتخاذها. لكن الدوافع الحقيقية لا تكون بالضرورة معلنة
في مشهد يكشف عمق الأزمة داخل إسرائيل حول الإجراء، اعترض رئيس الأركان الصهيوني أيال زامير على قرار احتلال قطاع غزة نظرا لخطورته، فما كان من نتنياهو الذي بدا وكأنه يعتبر القرار مسألة مصيرية هدد رئيس أركانه: نفذ القرار أو قدم استقالتك
ضوء أخضر أمريكي من ترامب يبدو أنه وراء اندفاع نتنياهو نحو إعادة احتلال القطاع متعللا بأن الحرب لن تتوقف إلا بتحقيق ثلاثة أهداف: تدمير حماس نهائيا، تحرير الرهائن، وضمان ألا تشكل غزة تهديدا لإسرائيل مستقبلا.
هذه هي أهداف نتنياهو المعلنة، أما الهدف الحقيقي من وراء إعادة احتلال غزة هو بدء تنفيذ مخطط التهجير القسري
سياسة التجويع التي اتبعها الاحتلال الإسرائيلي لم تدفع أهالي غزة لهجرة القطاع لكنها لطخت سمعة الحكومات الغربية وضاعفت الضغوط الشعبية، كما أن مشهد الأسرى الإسرائيليين الذي يعانون المجاعة شأنهم في ذلك شأن الغزاويين أضاف بُعدا جديدا للضغط الدولي.
ما يشير إلى نية الصهاينة لتصفية القضية الفلسطينية، أن الضفة الغربية تشهد حاليا بالتوازي مع التصعيد في غزة، حدثا غير مسبوق منذ نكسة 1967.
وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير قاد اقتحاما ضخما بمشاركة آلاف المستوطنين، وأقام صلاة تلمودية كاملة داخل ساحات الأقصى، في كسر واضح للوضع القائم التاريخي والقانون المستمر منذ العهد العثماني.
هذه الخطوة تمثل إعلانا عمليا بأن إسرائيل لم تعد تعترف بالخطوط الحمراء، وتتعامل مع الأقصى باعتباره هدفا مشروعا، في تمهيد مباشر لهدمه وإقامة "الهيكل الثالث" الذي يقوم عليه الفكر الصهيوني اليميني المتطرف.
هذه الجريمة كفيلة بأن تنتقل بالمنطقة إلى مستوى جديد من التصعيد.
الثابت تاريخيا أن الشعوب الإسلامية قد تصبر على الاحتلال والجوع والاستبداد، لكنها تنتفض فور المساس بالمقدسات الإسلامية.
سيناريو هدم المسجد الأقصى سيؤدي حتما إلى ولادة تنظيمات أكثر تطرفا من كل التنظيمات الإرهابية التي استغلت القضية الفلسطينية لشرعنة وجودها.
لو تعلم الحكومات العربية ما ينتظر المنطقة من أحداث كارثية حال نجاح إسرائيل في تنفيذ مخططاتها ما سمحت أبدا لدولة الاحتلال بالتمادي في هذا الجنون، لكن المؤسف، ورغم خطورة التطور، فإن ردود الفعل العربية والإسلامية بقيت محدودة، ما يعكس حالة شلل استراتيجي في مواجهة أكثر التهديدات وضوحًا للأمن القومي العربي والهوية الإسلامية.
لقد انعدمت ردود الفعل العربية إلا من خطاب للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي شكل تحولا كبيرا في الموقف المصري المعلن، مؤكدا على تعبير "الإبادة الجماعية" لوصف ما تقوم به إسرائيل في قطاع غزة، وكرر الاتهام ثلاث مرات بشكل صريح: الحرب في غزة تجاوزت أي منطق أو مبرر وأصبحت حربا للتجويع والإبادة الجماعية وأيضا تصفية القضية الفلسطينية.. نرى أن هناك إبادة ممنهجة في القطاع.. هناك إبادة ممنهجة لتصفية القضية."
هذا الخطاب بمثابة خطوة سياسية وقانونية مهمة، ويعيد تعريف الصراع في لغة المجتمع الدولي من نزاع مسلح إلى "جريمة إبادة ممنهجة"، ويعكس مدى التعثر التفاوضي وخطورة المخطط الإسرائيلي لفرض التهجير والاحتلال الكامل.
حديث الرئيس السيسي يوجه الرسالة الصحيحة في الوقت المناسب، لكن المطلوب اليوم هو "مضاعفة هذه الرسالة وتوسيع نطاقها" مستفيدين من موجة التعاطف الشعبي الدولي والغضب الرسمي تجاه إسرائيل، عبر خطة عمل متكاملة تشمل: أولا تكثيف الرسالة الإعلامية عبر تكرارها في تصريحات رسمية من كبار المسؤولين والناطقين باسم الدولة، وباستخدام نقاط حديث منسقة ومتجددة تناسب تطورات الأحداث.
ثانيا: تحريك السفارات المصرية عالميا لتكثيف المقابلات والاتصالات مع الحكومات والبرلمانات والشخصيات العامة والصحافة والمجتمع المدني، ليس فقط لتوضيح الموقف المصري، بل للمطالبة بمواقف وتحركات محددة تجاه إسرائيل.
ثالثا: تفعيل التحرك الجماعي بالعمل مع الدول العربية والإسلامية وحركة عدم الانحياز، والتنسيق مع مجموعة لاهاي ومؤتمر بوجوتا، والضغط على الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي لتطوير مواقفهما بما يتناسب مع حجم الجرائم الإسرائيلية.
رابعا: مضاعفة الضغط الأممي عبر أجهزة الأمم المتحدة ومنظماتها الدولية والإقليمية لاستصدار قرارات، وتشكيل لجان تحقيق، واتخاذ إجراءات عملية تجاه إسرائيل.
خامسا: التحرك القانوني المباشر سواء بالانضمام الى القضايا المرفوعة حاليا أمام محكمة العدل الدولية، أو رفع دعاوى جديدة بشأن الجرائم المستجدة في غزة أو الانتهاكات الإسرائيلية لالتزاماتها تجاه مصر.
ليس بعد حرق الزرع جيرة كما يقول المثل الشعبي، وإسرائيل بمخططاتها تمثل التهديد الأول للأمن القومي المصري وأمن الإقليم كله
هذه الخطوات تمثل الحد الأدنى للتحرك الفاعل، دون التلويح بالعمل العسكري، ومن شأنها أن تعزز الموقف المصري والعربي أمام المجتمع الدولي، وتضع إسرائيل تحت ضغط سياسي وقانوني متصاعد، وتنفي المزاعم حول أن الدول العربية صامتة لأنها متواطئة مع مخططات الاحتلال.
هذه ليست لحظة بيانات أو حسابات ضيقة، بل لحظة تحرك دبلوماسي وقانوني وإعلامي مكثف، لإيقاف التوحش الإسرائيلي، وحماية الأمن القومي المصري والعربي، ومنع تغيير معالم المنطقة للأبد.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليوم السابع
منذ 24 دقائق
- اليوم السابع
عصر التحديات.. وسقوط الأقنعة
فى اعتقادى أن ما شهدته مصر على مدى السنوات القليلة الماضية - ولازالت تشهده - يمثل عصرا من التحديات، لم تشهده الدولة الوطنية المصرية فى تاريخها الحديث. وفى يقينى أنه لا يمكن مقارنة تلك التحديات التى شهدتها مصر منذ ثورة يونيو المجيدة عام 2013 حتى اليوم بأى عصر آخر لأن المخططات ومحاور تنفيذها وأطرافها الإقليمية والدولية، أكبر من أن تدخل فى مقارنات، بما حدث فى أزمنة وظروف أخرى. وسط أزمات إقليمية متلاحقة وتطورات جيوسياسية متسارعة، تواصل مصر تثبيت أركان استقرارها الداخلى وتعزيز دورها المحورى فى محيط إقليمى يموج بالاضطرابات. فى تصريحات حملت الكثير من الدلالات والرسائل، حدد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى أن ما تمر به المنطقة من توترات يكشف صواب المسار المصرى خلال العقد الأخير، وأن ما تحقق لم يكن صدفة، بل نتاج رؤية استراتيجية عميقة ونهج واضح فى إدارة الأزمات. خلال زيارة تفقدية للأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية الجديدة أمس، شدد الرئيس السيسى على أن الدولة المصرية، رغم التحديات، تسير بخطى واثقة نحو المستقبل. وقال: "ما نحققه اليوم هو ثمرة سنوات من العمل والصبر والإرادة"، وأن مصر واجهت أزمات وجودية، كادت أن تعصف بها، لكنها تجاوزت تلك اللحظات الحرجة بفضل وعى الشعب وجهود مؤسسات الدولة. ووضع الرئيس الشعب المصرى فى محور التنفيذ الفعلى على الأرض وأعاده، فى تأكيده على أن تقارير المؤسسات الدولية تشير بوضوح إلى أن مصر تسير فى الاتجاه الصحيح، فى وقت تتعثر فيه أنظمة إقليمية كثيرة أمام أزمات سياسية واقتصادية وأمنية متلاحقة. على الجانب الآخر، وفى مشهد عبثى لم يعد خافيًا على أحد، خرجت عناصر من جماعة الإخوان الإرهابية وأنصار حركة حماس فى تظاهرات أمام السفارة المصرية فى تل أبيب، رافعين شعارات "نصرة فلسطين"، بينما كانت الأعلام الإسرائيلية ترفرف فى الخلفية، وسط حماية أمنية واضحة من قوات الاحتلال، مشهدٌ كاشف ومُريب، لم يكن يحتاج إلى كثير من التأويل، بل كشف صراحة عن تحالف خفى قذر، بين أطراف اعتادت التلون باسم الدين، وأخرى تجاهر بعدائها لمصر صراحة. هذه المسرحية - التى وصفها البعض بأنها من إخراج صهيونى محترف - لم تكن سوى محاولة رديئة لزرع الفتنة والتشويش والتأثير على الدور المصرى الحقيقى فى دعم القضية الفلسطينية، لا سيما بعد تدخلات القاهرة فى عملية التهدئة، وإعادة إعمار غزة، وفتح معبر رفح لتقديم المساعدات الإنسانية. ما حدث أمام السفارات المصرية بالخارج، من محاولات تعطيل العمل الدبلوماسى وتخويف وإرهاب الجاليات، خاصة فى فترات الاستحقاقات الانتخابية، يأتى ضمن خطة ممنهجة هدفها ضرب الثقة فى الدولة المصرية وزعزعة صورتها فى الخارج. فى اعتقادى أن كل هذه المحاولات محاولات فاشلة، تصطدم دومًا بوعى الشعب المصرى، وبالاستجابة القوية للمصريين فى الخارج خلال الاستحقاقات الانتخابية. لكن الصدمة الكبرى للرأى العام حقيقة، حين ظهر أنصار الإخوان فى تل أبيب يلوحون بالعلم الإسرائيلى، وكأنهم يعترفون بتحالف صريح مع العدو التاريخى لمصر وللقضية، فى مشهد لا يمكن وصفه إلا بأنه "مساخر تجار الدين". أمام هذا المشهد الإقليمى شديد التعقيد، تبقى مصر، قيادة وشعبًا، فى موقع الثبات. فبينما تتكسر أمواج الفوضى على صخرة الاستقرار المصرى، يواصل الشعب المصرى تقديم نموذج فريد من الوعى والصلابة فى مواجهة التزييف والتحريض والتشويه. أثبتت الأحداث أن الوعى الشعبى هو السلاح الأقوى فى معركة البقاء والبناء، وأن مصر، بقيادتها ومؤسساتها، باقية فى موقعها الطبيعى كصمام أمان للمنطقة، وعاصمة للاستقرار، ومركز لصياغة الحلول لا إشعال الأزمات. فى وقت تتساقط فيه أقنعة كثيرة، وتتعرى فيه تحالفات مشبوهة، تقف مصر شامخة، واثقة فى شعبها، مؤمنة بدورها، ماضية فى طريقها، لا تلتفت إلى صغائر المزايدين، ولا تنكسر أمام ألاعيب الحاقدين. وكما قال الرئيس: "ما تحقق هو ثمرة سنوات طويلة من العمل"، وكما يشهد الواقع: ما هو قادم سيكون أعظم، طالما بقيت مصر على عهدها... وطن لا يُباع، وقضية لا تُنسى، وقيادة لا تساوم. مصر باقية بقوتها وحضورها.. رغم أنف الحاقدين..


الدستور
منذ 28 دقائق
- الدستور
الكرملين: تم الاتفاق على مكان اللقاء المرتقب بين بوتين وترامب والتحضيرات جارية
أعلنت الرئاسة الروسية "الكرملين"، مساء اليوم الخميس، أنه تم الاتفاق على مكان اللقاء المرتقب بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأمريكي دونالد ترامب. وصرح يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي، بأن التحضيرات بدأت لعقد اللقاء خلال الأسبوع المقبل. وأضاف أوشاكوف أن تحديد الموعد النهائي للقاء ما يزال مرهونا بجهوزية الأطراف، مشيرا إلى أن التحضيرات قد تستغرق عدة أيام، مضيفا أن موسكو ستعلن عن مكان الاجتماع في وقت لاحق. ولفت مساعد الرئيس الروسي إلى أن لقاء بوتين بموفد الرئيس الأمريكي، ستيف ويتكوف، كان بناء، وناقش إمكانية توسيع التعاون في سبيل إيجاد مخرج للأزمة الأوكرانية. كما تطرق ويتكوف، خلال اللقاء، إلى احتمال عقد اجتماع ثلاثي بين بوتين وترامب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إلا أن موسكو امتنعت عن التعليق على هذا الاقتراح في الوقت الحالي. وفي السياق ذاته، أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولاين ليفيت، أن الرئيس ترامب منفتح على لقاء مشترك مع بوتين وزيلينسكي، مشيرة إلى أن الروس أبدوا استعدادهم لعقد لقاء مع ترامب. وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن احتمال عقد الاجتماع الثلاثي طرح في مكالمة هاتفية بين ترامب وزيلينسكي، بمشاركة قادة أوروبيين، من بينهم رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، والرئيس الفنلندي ألكسندر ستوب، إلى جانب الأمين العام لحلف الناتو مارك روته. توقعات بفرض عقوبات ثانوية على شركاء روسيا التجاريين وعلى الرغم من هذه الأجواء الإيجابية، نقل مسؤول أمريكي كبير أن واشنطن ستفرض، الجمعة، عقوبات ثانوية على شركاء روسيا التجاريين، في خطوة تهدف إلى تضييق الخناق على قدرة موسكو في مواجهة العقوبات الغربية، وهو ما قد يضع عراقيل أمام الجهود الدبلوماسية الجارية. وكان ترامب قد أمهل موسكو حتى نهاية الأسبوع الجاري لإحراز تقدم في مسار التهدئة، وإلا فإنها ستواجه حزمة جديدة من العقوبات الأمريكية.


مصراوي
منذ 36 دقائق
- مصراوي
لماذا يرتعد الاتحاد الأوروبي كـ"فأر" أمام ترامب؟
كتبت- أسماء البتاكوشي: على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي يمثل كيانًا سياسيًا واقتصاديًا ضخمًا على الساحة الدولية، فإن مواقفه المتكررة أمام إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، يدفع كثيرين للتساؤل: لماذا يتراجع الاتحاد؟ ولماذا لا يظهر ثقله عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع واشنطن؟ "لماذا يرتعد الاتحاد الأوروبي أمام ترامب كالفأر".. كان هذا السؤال محور مقال نشرته صحيفة الجارديان للكاتب ألكسندر هيرست، الذي استعرض فيه جوانب الضعف الأوروبي في مواجهة خطاب ترامب الشعبوي، وسلوك إدارته القائم على الضغوط. استعاد الكاتب الحملات الساخرة التي أطلقتها دول أوروبية لتعرف ترامب بنفسها خلال ولايته الأولى، وعلى رأسها الفيديو الهولندي الشهير الذي خاطبه قائًلا: "نفهم أن أمريكا أولًا... لكن هل يمكن أن نكون ثانيًا؟". ورغم الطابع الهزلي، يبدو أن الرسالة الأوروبية كانت أكثر من مجرد مزحة؛ إذ تعكس عقلية استرضائية لا تزال حاضرة في مؤسسات الاتحاد. ويوضح هيرست أن الدول الأوروبية، قررت أن تُغرق سفينتها طوعًا، خشية إثارة المتاعب خلال مفاوضاتها التجارية مع إدارة ترامب، كان يمكنهم التمسك باستقلالية القرار الأوروبي، فضّلوا الاستجابة لضغوط البيت الأبيض، وضخوا أموالًا ضخمة في صفقات أسلحة أمريكية، تراجعوا عن مواقف بيئية، ووافقوا على استيراد الغاز الأمريكي، ولم يقابلوا الحرب التجارية الأمريكية بخطوات حاسمة. وسلط الكاتب الضوء على الصفقة التجارية التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الشهر الماضي، قائلًا لماذا يعتقد الاتحاد الأوروبي العملاق أنه "فأر"، لماذا لا يفعل مثلما فعلت الصين التي قابلت ترامب بالرسوم الجمركية حتى تراجع. يرى الكاتب أن الاتحاد الأوروبي، رغم قدرته على التأثير، فإنه لا يستخدم أدواته، فلو أراد، يمكنه عبر "آلية مكافحة الإكراه" أن يمنع صادرات حيوية للولايات المتحدة، أو يفرض ضرائب على شركات وادي السيليكون، أو يهدد بإلغاء حماية الملكية الفكرية. لكن رغم هذا النفوذ، تواصل أوروبا التراجع بدلًا من استخدام أوراقها، حيث يرى الكاتب أن الولايات المتحدة ستخسر أكثر من أوروبا في حال قررت الأخيرة مجابهة نفوذ ترامب، موضحًا أن الرأي العام الأوروبي الذي يرفض ترامب قد يوفّر غطاء سياسيًا لأي تصعيد قد يحدث. وانتقد هيرست نظرة أوروبا لنفسها، إذ ما زالت تعتبر واشنطن حليفًا يمكن احتواؤه واسترضاؤه، بينما يتعامل ترامب معها باعتبارها طرفًا ضعيفًا يمكن إخضاعه. المقال يرى أن العالم يتجه إلى منطق "مناطق النفوذ" بدلًا من الالتزام بالقانون الدولي، وأن ترامب يستغل هذا التحول دون امتلاكه رؤية متماسكة، وفي المقابل، تظل أوروبا من بين الأطراف القليلة التي تؤمن بالقانون والمؤسسات. ويشير هيرست إلى أن الاتحاد الأوروبي رغم إيمانه بالقانون والمؤسسات، يظل مكبلًا برواية أمريكية تحد من قدرته على اتخاذ مواقف قوية، سواء تجاه أوكرانيا أو غزة. ودعا الكاتب في ختام مقاله، الاتحاد الأوروبي للانتقال من دور المستهلك إلى صانع القرار، عبر خطوات ملموسة مثل: فرض ضرائب عادلة على الشركات، تطبيق ضرائب على الثروة، تسعير الكربون، والاستثمار في التكنولوجيا والفضاء، مشيرًا إلى أن ميزانية "ناسا" وحدها تفوق نظيرتها الأوروبية بكثير.