
إدانة لوبان: رسالة ضد اليمين المتناغم مع ترامب وبوتين؟ أم مسار داخلي مستقل؟
اعلان
في خطوة قضائية تاريخية، أصدرت محكمة الجنح في باريس حكمًا يُعيد رسم خريطة المشهد السياسي الفرنسي؛ حيث أدانت زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبن بتهمة اختلاس أموال عامة.
الحكم الذي يشمل السجن لمدة أربع سنوات
(سنتان مع وقف التنفيذ وسنتان تحت الإقامة الجبرية باستخدام سوار إلكتروني)، بالإضافة إلى غرامة قدرها 100 ألف يورو، ومنعها من الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2027، يضع نهاية مؤقتة لأحد أكثر الشخصيات السياسية جدلًا في فرنسا وأوروبا.
قضية "العقود الصورية": كيف بدأت؟
القضية التي استمرت سنوات طويلة تعود إلى اتهام تسعة نواب أوروبيين من حزب "التجمع الوطني"، بمن فيهم لوبان، بتوظيف مساعدين برلمانيين بشكل صوري، بينما كانوا يقومون بمهام لصالح الحزب وليس البرلمان الأوروبي. المحكمة قدّرت الأضرار الناجمة عن هذا الاختلاس بمبلغ 2.9 مليون يورو، واعتبرت أن هذه الممارسات شكلت استغلالًا غير مشروع للمال العام.
الحكم القضائي
جاء بعد سنوات من التحقيقات القانونية والسياسية، وشكل ذروة مواجهة بين المؤسسات القانونية الفرنسية وبين أحد أقوى التيارات الشعبوية في أوروبا. لكن ما يميز هذا الحكم هو شموله بنودًا تنفيذية فورية، مما يعني أن مارين لوبن لن تكون قادرة على الترشح حتى قبل النظر في الاستئناف، وهو ما يفتح الباب أمام نقاش واسع حول مستقبل الديمقراطية والتوازن السياسي في فرنسا.
هل هي النهاية السياسية لمارين لوبن؟
بالنظر إلى الدعم الشعبي الكبير الذي تحظى به لوبان، والتي كانت تتقدم استطلاعات الرأي بنسبة تتراوح بين 34% و37%، يبدو أن الحكم القضائي قد يعيد كتابة قواعد اللعبة السياسية في البلاد. ومع ذلك، لا يمكن اعتبار هذا الحكم نهاية سياسية مطلقة لها.
لوبان
، التي استطاعت إعادة تشكيل صورتها خلال السنوات الماضية عبر تقديم خطاب أقل تطرفاً وأكثر تركيزًا على القضايا الاقتصادية والاجتماعية، ما زالت تمثل قوة جماهيرية لا يستهان بها.
ورغم الحكم القضائي، فإن مناصريها قد ينظرون إلى القضية باعتبارها "مؤامرة" ضد اليمين المتطرف، وهو ما قد يعزز دعمهم لها ويجعلها شخصية محورية حتى من موقع المعارضة.
Related
مارين لوبان تواجه اختباراً حاسماً في محكمة باريس: هل يؤثر الحكم على مستقبلها السياسي؟
حكم القضاء الفرنسي قد يعرقل ترشح لوبان للرئاسة عام 2027
بين الاتهام والإصرار.. هل ستتمكن مارين لوبان من الصمود أمام القضاء؟
تحليل: أهمية حكم لوبان على مصير الدعم لكييف
في ظل الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة، يكتسب هذا الحكم أهمية دولية كبيرة،
خاصة فيما يتعلق بالدعم الغربي لأوكرانيا
. مارين لوبان، التي طالما اتخذت موقفًا معارضًا للعقوبات الغربية على روسيا ولإرسال الأسلحة إلى أوكرانيا، تمثل جزءًا من التيار السياسي الأوروبي الذي يدعو إلى "مراجعة العلاقة مع موسكو" وإنهاء التصعيد العسكري.
في حال تمكنت لوبان أو أي من أقطاب اليمين المتطرف من الوصول إلى السلطة في المستقبل، فإن ذلك قد يؤدي إلى تغيير جذري في السياسة الخارجية الفرنسية والأوروبية تجاه أوكرانيا.
وعدم وجود لوبان في المعادلة الانتخابية لعام 2027 يمنح الرئيس إيمانويل ماكرون وتيار الوسط الأوروبي فرصة لاستمرار توافق الدول الأوروبية على دعم كييف سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا.
ومع ذلك، فإن الحكم القضائي قد يخلق حالة من الاستقطاب داخل المجتمع الفرنسي، حيث قد يرى قطاع كبير من الناخبين أن منع لوبان من الترشح يمثل انتهاكًا لمبدأ الديمقراطية. هذا الاستقطاب قد يعزز من قوة اليمين المتطرف على المدى البعيد، ويؤدي إلى تصاعد الخطاب المناهض للنظام الليبرالي الغربي، بما في ذلك السياسات الداعمة لأوكرانيا.
ردود فعل دولية
الحكم لم يكن حدثًا داخليًا فرنسيًا فقط، بل أثار ردود فعل دولية. رئيس الوزراء البولندي فيكتور أوربان، الحليف التقليدي للحركات الشعبوية في أوروبا، استنكر الحكم باعتباره "ضربة للديمقراطية".
وفي الكرملين، أعرب المتحدث باسم الرئيس الروسي ديمتري بيسكوف عن أسفه لما وصفه بـ"انتهاك الأعراف الديمقراطية"، في حين اعتبرت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن الحكم "دليل على احتضار الديمقراطية".
مستقبل التيار اليميني المتطرف في فرنسا
ومع غياب
لوبان
عن الساحة الانتخابية في 2027، يبرز السؤال حول مستقبل حزب "التجمع الوطني" الذي تقوده. هل سيتمكن الحزب من العثور على قائد جديد قادر على الحفاظ على شعبيته واستقطاب المزيد من الناخبين؟ أم أن الحكم القضائي سيضعف من قوة الحزب ويجعله في موقع الدفاع بدلاً من الهجوم؟
والحكم على مارين لوبان ليس مجرد قضية محلية فرنسية، بل هو حدث سياسي له انعكاساته على مستوى أوروبا والعالم. فهو يطرح أسئلة حول دور القضاء في الحياة السياسية، ومدى تأثير القرارات القضائية على المسار الديمقراطي. كما أنه يثير النقاش حول كيفية التعامل مع التيارات الشعبوية التي تتحدى النظام الليبرالي التقليدي.
اعلان
بينما يرى البعض في الحكم ضربة لليمين المتطرف، يعتقد آخرون أنه قد يكون نقطة تحول تقوي هذا التيار وتزيد من استقطاب المجتمع الفرنسي.
وفي كلتا الحالتين، فإن الحكم على لوبان يعكس تعقيدات المشهد السياسي الحالي، ويعكس أيضًا مدى تداخل القضايا المحلية بالملفات الدولية الكبرى مثل الحرب في أوكرانيا والصراع بين الاتحاد الأوروبي وروسيا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


فرانس 24
منذ 2 ساعات
- فرانس 24
فرنسا: توقيف أربعة أشخاص يشتبه بأنهم ينتمون لشبكة تهريب مهاجرين من مصر
أوردت نيابة العاصمة الفرنسية باريس السبت بأنه تم اعتقال أربعة أشخاص ضمن تحقيق بشأن شبكة تهريب للمهاجرين من مصر إلى الولايات المتحدة عبر فرنسا. وإذ أكدت معلومات أوردتها صحيفة لو باريزيان، أوضحت النيابة أنها "فتحت في آذار/مارس تحقيقا يتناول شبكة للهجرة غير القانونية بين مصر والولايات المتحدة، عبر فرنسا وبعض الدول في فضاء شنغن ودول أخرى في أمريكا اللاتينية". هذا، ووجه قاض يتولى التحقيقات منذ حزيران/يونيو 2024 اتهامات إلى خمسة أشخاص في الآونة الأخيرة. وأضافت النيابة أن هؤلاء متهمون بالمساعدة في دخول أجانب إلى فرنسا أو إلى دولة طرف في اتفاقية شنغن والإقامة فيها بشكل غير قانوني، وبإدارة مجموعة تقدم هذا النوع من المساعدة، علاوة على التزوير واستخدام وثائق مزورة، وغسل الأموال، والتهرب الضريبي. كما أشارت إلى توقيف أربعة من المتهمين الخمسة احتياطيا. "أكثر من 1600 شخص" وقال المصدر نفسه إن "التحقيقات أتاحت الاشتباه بأن عبورا من مصر إلى أوروبا قدرت كلفته بعشرة آلاف يورو، وأن عبورا آخر من أوروبا إلى الولايات المتحدة قدرت كلفته بستة آلاف يورو"، مشيرا إلى أن "أكثر من 1600 شخص كانوا معنيين بهذه الرحلات المدفوعة بكلفة إجمالية قدرت بأكثر من 900 ألف يورو منذ الأول من شباط/فبراير 2023". وولد المتهمون الخمسة في القضية جميعا في مصر وأعمارهم على التوالي هي 24 و30 و38 و43 و72 عاما. كما يشتبه بأن أحد المتهمين كان يقود الشبكة، فيما يتولى آخر التهريب، واثنان آخران غسل الأموال، ويدير خامس وكالة كانت تبيع تذاكر سفر على أنها لرحلات ترفيهية. وقد وأوقف المشتبه بهم في 12 أيار/مايو خلال عملية شارك فيها شرطيون أمريكيون.


يورو نيوز
منذ 4 ساعات
- يورو نيوز
"أوقفوا الكاش": وزير العدل الفرنسي يقترح وقف التعاملات النقدية لمكافحة تجارة المخدرات
في مواجهة تحديات الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات، طرح وزير العدل الفرنسي جيرالد دارمانان فكرة الحد من استخدام الأموال النقدية كأداة لتعقب تمويل الجرائم. جاء ذلك خلال جلسة استماع أمام لجنة تحقيق في مجلس الشيوخ الفرنسي، حيث اقترح الوزير دارمانان، تقليصا كبيرا أو حتى إلغاء التعامل بالأموال النقدية كوسيلة للحد من تجارة المخدرات والعمليات المالية المرتبطة بالجريمة المنظمة. وقال دارمانان إن "الأموال النقدية تمثل وسيلة رئيسية لتشغيل الجريمة المنظمة، والدعارة، وتجارة البشر"، موضحًا أن حجم السيولة المستخدمة سنويًا في تجارة المخدرات في فرنسا يتراوح بين 4 إلى 6 مليارات يورو، بينما لا يتم سوى مصادرة بضع ملايين منها فقط. وقال دارمانان: "لقد أجبت يوم الخميس على سؤال اللجنة البرلمانية حول الإجراءات الواجب اتخاذها لإنهاء تجارة المخدرات وأشكال الجرائم المالية المرتبطة بالجريمة المنظمة". وشدد وزير العدل خلال مقابلة يوم الجمعة 23 مايو على إذاعة RTL على ضرورة إجراء نقاش مجتمعي موسع حول هذه الفكرة، وقد يكون الوقت المناسب لذلك خلال الحملة الانتخابية الرئاسية المقبلة.


فرانس 24
منذ يوم واحد
- فرانس 24
ترامب يهدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 % على المنتجات الأوروبية اعتبارا من الأول من يونيو
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاتحاد الأوروبي الجمعة إنه يوصي بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 % على المنتجات الأوروبية المستوردة إلى الولايات المتحدة اعتبارا من الأول من حزيران/يونيو، قائلا إن المفاوضات الجارية "تراوح مكانها". وكتب ترامب في منشور على منصته الاجتماعية تروث سوشال "من الصعب جدا التعامل مع الاتحاد الأوروبي الذي أُنشئ في المقام الأول لاستغلال الولايات المتحدة تجاريا (...) مناقشاتنا تراوح مكانها. وفي ظل هذه الظروف، أوصي بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 % على الاتحاد الأوروبي، اعتبارا من الأول من حزيران/يونيو. وما من رسوم جمركية على المنتجات المصنعة في الولايات المتحدة". ومن جملة الأمور التي ندد بها الرئيس الأمريكي، "الحواجز الجمركية والضريبة على القيمة المضافة والعقوبات السخيفة على الشركات والحواجز غير الجمركية والمضاربات المالية والملاحقات غير المبررة والمجحفة في حق الشركات الأمريكية"، ما تسبب في "عجز تجاري بأكثر من 250 مليون دولار في السنة، وهو أمر غير مقبول بتاتا". وأشار ترامب مرارا إلى العجز التجاري للولايات المتحدة في المبادلات الثنائية مع أوروبا والذي يراوح بين 300 و350 مليار دولار بحسب تقديره. وبناء على معطيات ممثل البيت الأبيض لشؤون التجارة، يقدّر العجز التجاري للولايات المتحدة في هذا المجال بحوالى 235 مليار دولار لسنة 2024، لكن المفوضية الأوروبية تعترض على هذا المجموع وتفيد من جانبها بعجز يبلغ 150 مليار يورو (حوالى 160 مليار دولار) للسلع فحسب وينخفض إلى 50 مليار يورو بعد حساب الفائض التجاري الأمريكي من حيث الخدمات. وفي المعدل، تبلغ الرسوم الجمركية المفروضة على المنتجات الأوروبية حاليا 12,5 %، مع نسبة 2,5 % كانت معتمدة قبل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض أضيفت إليها 10 % منذ مطلع نيسان/أبريل إثر إقرار رسوم جمركية "متبادلة". وأراد البيت الأبيض في بادئ الأمر فرض رسوم بنسبة 20 % على المنتجات الأوروبية، قبل الإعلان عن فترة سماح لتسعين يوما للرسوم الجمركية التي تتخطى نسبتها 10 % ريثما تمضي المفاوضات قدما. ومن حيث المبدأ، تنتهي هذه الفترة مطلع تموز/يوليو. وخلال الأسابيع الأخيرة، أجرى المفوض الأوروبي لشؤون التجارة ماروس سيفكوفيتش عدة محادثات مع وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت ووزير التجارة هوارد لوتنيك وممثل التجارة جيميسون غرير، لكن من دون إحراز تقدم يُذكر. وفور تهديد الرئيس الأمريكي بالرسوم الجديدة بنسبة 50 % على المنتجات الأوروبية، هبطت البورصات في أوروبا وتراجعت خصوصا أسهم شركات السلع الفاخرة والسيارات. كما تكبدت بورصة وول ستريت خسائر. واعتبرت برلين أن تهديدات ترامب "لا تخدم أحدا"، إذ انتقدها وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول محذرا من أن مثل هذه الإجراءات ستكون ضارة على جانبي الأطلسي. وقال فاديفول في مؤتمر صحافي في برلين "مثل هذه الرسوم الجمركية لا تخدم أحدا، بل تضر فقط باقتصادات السوقين". وأضاف "نواصل الاعتماد على المفاوضات" التي تجريها المفوضية الأوروبية، في حين اعتبر الرئيس الأمريكي أن المناقشات الحالية "تراوح مكانها". فرانس24/ رويترز / أ ف ب