logo
"فجر التاريخ الأميركي": كل شيء يؤدّي إلى الموت

"فجر التاريخ الأميركي": كل شيء يؤدّي إلى الموت

العربي الجديد٠٣-٠٥-٢٠٢٥

لا يحتاج المرء إلى أكثر من بحث بسيط لفهم كثير مما يُرى في "فجر التاريخ الأميركي" (American Primeval)، مسلسل الويسترن العنيف والوحشي الجديد من إخراج بيتر بيرغ، والمعروض أخيراً في
"نتفليكس"
. عند البحث في "غوغل" عن اسم مؤلف المسلسل، مارك إل. سميث، سنجد أن الرجل كان مسؤولاً، من بين أمور أخرى، عن سيناريو "العائد" The Revenant، الفيلم الشهير من إخراج أليخاندرو غونزاليس إيناريتو وبطولة ليوناردو دي كابريو. والمصادفات واضحة. مثل الفيلم المذكور، فإن "فجر التاريخ الأميركي" مزيج من أفلام الويسترن والطريق والرعب والإثارة والصراع للبقاء. استكشاف للأصول الوحشية لأمّة متنوعة مثل الولايات المتحدة، وسلسلة من المواجهات والمطاردات والمعارك الدموية في بيئات طبيعية جميلة بقدر وحشيتها، تحاول تذكيرنا بأنه على الرغم من عقود وعقود من كونها "منارة الحضارة الغربية" و"قائدة العالم الحرّ"، تبقى الولايات المتحدة بلداً عنيفاً يسود فيه قانون الأقوى أو الأغنى دائماً.
"فجر التاريخ الأميركي"، على عكس العديد من العناوين الحديثة، يأخذ هذه الوحشية ويوزّعها بكلّ طريقة ممكنة. لا صوابية سياسية هنا، ولا تتصرّف الشخصيات، في الغالب، مثل أشخاص من القرن الحادي والعشرين نُقلوا إلى القرن التاسع عشر. هنا، نجد هجمات وحشية من قبل قبائل أصلية على رجالٍ بيض، وجماعات دينية تعمل مثل مافيا منظمة، وصائدي جوائز لا يخشون إطلاق النار على الأطفال، وامرأة تحتاج إلى مساعدة رجل للوصول إلى وجهتها (حالياً، قليلون مَن يكتبون شخصية مثل هذه)، وجيشٌ غبي. نحن أمام عالم متوحش لا يهتم فيه أحد بشيء سوى النجاة والبقاء. بقاءٌ لن يدوم طويلاً على أي حال.
المسلسل من إخراج بيرغ المسؤول عن أفلام مثل Hancock وBattleship وDeep Horizon. مخرج متخصّص في أفلام الحركة والحرب القاسية والمباشرة على حدّ سواء، وكثير منها من بطولة مارك والبيرغ، نموذج البطل الأميركي العادي. تتوافق حساسيته جيداً مع مثيلتها لدى كاتب السيناريو. يسمح المسلسل لنفسه، كما فعل The Revenant ولكن بدرجة أقل، بغنائية معيّنة، ما يظهر من خلال لقطات جوية ذات جمال بصري مذهل (يستخدم بيرغ في أكثر من مناسبة العدسات ذات الزاوية الواسعة والكاميرا المحمولة باليد المميّزة لعمل إيناريتو/ لوبيزكي)، وفي قراءات، عبر التعليق الصوتي، لمذكرات حسّاسة كتبها جنرال في الجيش. ولكن خارج هذه التوقفات التأملية، يستوي الأمر مذبحةً مفتوحة ومعركة كبيرة. الجميع يقاتل ضد الجميع من دون مراعاة.
تتخذ الحبكة نقطة انطلاق لها حدثاً حقيقياً يُعرف باسم مذبحة ماونتن ميدوز. هذا الهجوم العنيف الدموي، الذي يحدث في منتصف الحلقة الأولى من الحلقات الستّ للمسلسل القصير، ما يجمع ويفكّك الشخصيات التي سيتبعها "فجر التاريخ الأميركي" طوال حبكته وسيخدم في رسم خريطة لما كان عليه ذلك العصر العنيف في الغرب الأميركي. تدور الأحداث عام 1857 في ولاية يوتا الحالية - كانت آنذاك إقليماً - التي كان يحكمها بريغهام يونغ، الزعيم الأعلى للمورمون. كان هجوماً نظمته مليشيا مورمونية تسمّى فيلق ناوفو بدعم بعض أعضاء قبيلة بايوت، على قافلة من المهاجرين كانوا في طريقهم إلى كاليفورنيا. أُطِّر الهجوم ضمن الأحكام العرفية التي روّج لها يونغ دفاعاً عمّا أسماه إقليم المورمون بمواجهة القوات المسلحة للولايات المتحدة التي، بدورها، اعتبرتهم انفصاليين. أكثر من 120 شخصاً لم يكن لهم أي علاقة بهذا الصراع لقوا حتفهم بسببه. يبني المسلسل العديد من القصص حول هذه الحقيقة. من ناحية، هناك سارة (بيتي غيلبين)، التي تصل إلى الحصن الوحيد في المنطقة مع ابنها ديفين (برستون موتا) وتبحث عن شخص ليأخذها إلى بلدة تقع على بُعد عدة أيام على ظهور الخيل حيث تفترض أن زوجها ينتظرهما. وبما أنها لا تستطيع إقناع أي شخص بعبور المنطقة الخطرة التي تريد المرور بها، سواء بسبب الصعوبات الطبيعية أو بسبب القبائل الأصلية التي تعيش هناك، فضلاً عن شبح الحرب المقتربة بين المورمون والحكومة، تنتهي بالانضمام إلى قافلة المسافرين هذه التي تضمّ أيضاً بعض المورمون القادمين للاستقرار في يوتا. الشخص المسؤول عن إضافتها هو جيكوب (دان دي هان)، الذي يسافر مع زوجته، أبيش (ساورا لايتفوت ليون)، إلى مدينة سولت ليك، التي كانت آنذاك - ولا تزال حتى اليوم - المركز العصبي لما يسمّى بـ"كنيسة يسوع المسيح لقدّيسي الأيام الأخيرة".
يأتي الهجوم الوحشي، وتتفرّق الشخصيات، ويتبعهم "فجر التاريخ الأميركي" في مساراتهم. ستنضم إلى سارة وابنها فتاة أصلية بكماء تهرب من قريب مسيء (شوني بورييه)، وسرعان ما ينتهي بهم الأمر إلى أن يتبنّاهم إيزاك (تايلور كيتش)، دليلٌ جبلي وحيد ومضطرب إلى حدّ ما رفض عرضهم الأوّلي، لكنه ساعدهم في الهروب بعد المذبحة. من ناحية أخرى، ينجو جاكوب وأبيش من الهجوم، لكنهما ينفصلان ويفعل جاكوب كل ما في وسعه للعثور على زوجته، التي اختطفتها فصيلة عنيفة من قبائل شوشوني، تسمّى عشيرة الذئب، بقيادة الزعيم العنيف ريد فيذر (ديريك هينكي). في الوسط، مجموعة من الرجال، يدركون أن هناك مكافأة للعثور على سارة، يبحثون عنها بقصد كسب بعض المال.
سينما ودراما
التحديثات الحية
"أنْ تقرأ لوليتا في طهران": أسلوب سينمائي فجّ
وراء هذه القصص الشخصية والخيالية بالتأكيد ثمة صراع سياسي كان موجوداً بالفعل، ولكنه ينمو ويصبح متوتراً بعد المذبحة. يريد قادة فيلق نوفو إخفاء مشاركتهم في هذا الفعل (ارتكبوه وهم يرتدون أقنعة جماعة كو كلوكس كلان)، وإلقاء اللوم على السكان الأصليين، لذلك ليس من مصلحتهم أن يكون هناك ناجون. يتدخّل الجيش، محاولاً معرفة المسؤول وما الموقف الواجب اتخاذه بشأنه. في خضم كل هذا، يحاول الشوشونيون حسم موقفهم بمواجهة التهديدات، بين فصيلين داخليين أحدهما مسالم والآخر راغب في الحرب. في الوقت نفسه، تواصل السلطات المورمونية، بدءاً من بريغهام يونغ نفسه (كيم كوتس)، محاولة السيطرة على المنطقة باستخدام أساليب الضغط "الاقتصادية"، ما سيقودهم إلى فتح جبهة أخرى من الصراع مع جيم بريدجر (شيا ويغهام)، الذي يدير الحصن في المنطقة التي تحمل اسمه. كل شيء يؤدّي إلى ما يمكن تخيّله: فوضى وعنف وموت ودماء.
تتضمّن كل حبكة فرعية مواجهات عنيفة وغير متوقعة، بعضها من الطبيعة نفسها (مشاكل مع الذئاب والخيول)، ولكن في أغلبها، مرتبطة باليأس البشري والوحشية. تحدث كل أنواع الأشياء لمجموعة إيزاك وسارة والطفلين، ويعود بقاؤهم على قيد الحياة إلى نزوات السيناريو أكثر من أي منطق، لأنهم عادة ما يخرجون سالمين من مواقف مستحيلة مختلفة. في غضون ذلك، يصبح بحث جيكوب يائساً ودموياً بتزايد، كما هي الحال مع تجارب أبيش المتغيّرة. مشاهد مؤلمة وصادمة ومبالغة أحياناً تتشكّل في متوالية لا تنقصها القتامة، من رؤوس مقطوعة وأرجل مكسورة ومكشوفة وقطع حلوق وضربات فؤوس وجروح سكاكين من جميع الأنواع والألوان.
وكما كان متوقعاً، تفاعلت كنيسة المورمون بسوء مع "فجر التاريخ الأميركي". فرغم أن المسلسل يقدّم عالماً قاسياً لا يرحم ولا يخرج منه أحد سالماً، فالمورمون هم أشرار العمل، إذ يصوَّر الجيش على أنه أقل قسوة ــ وإن كان غير فعّال تماماً ــ ويناقش السكان الأصليون على الأقل المواقف ويبرّرون لأنفسهم بمنطق الدفاع عن النفس. لا تحاول المذبحة المرتكبة كشف أسلوب عمل المورمون في ذلك الوقت فحسب، بل وأيضاً التدابير الوحشية التي اتخذوها بعد ذلك لتجنب معرفة أنهم مرتكبوها، والإجراءات المفاجئة التي اتبعوها في سبيل تحقيق هدفهم: الاستيلاء على حصن بريدجر. وفي تصوير المسلسل ليونغ وحاشيته (جو تيبيت وأليكس برو يجسّدان ذراعيه المسلّحان) يظهر المورمون طائفةً عنيفة وثرية تستخدم الدين ذريعةً لفرض سلطتها وسيطرتها في يوتا.
لكن بعيداً من الجدالات التاريخية، يصوّر "فجر التاريخ الأميركي" عملية تشكيل الولايات المتحدة بوصفها حدثاً دموياً ومدمّراً. يبني شخصياته على طرازات كلاسيكية (الحبكة الكاملة لسارة وإيزاك، بدءاً من أسماء الشخصيات ذاتها، توضّح ارتباطهما بالكتاب المقدّس)، ورغم إفراط محتواه الدموي، تلتزم مواجهاته قواعد وتقاليد أفلام الويسترن الحربية. خبرة بيرغ في صناعة أفلام الحركة واضحة في الإخراج والوتيرة المكثّفة للمسلسل، ولكن ما يظلّ محفوراً بعد مشاهدة المسلسل هي "البدائية" التي يشير إليها العنوان، حتى إن اختلفت الحقائق. المؤكد، أن تاريخاً أميركياً من العنف يمتد عبر القرون.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"فرانكلين" على نتفليكس... دراما المختصر المُفيد
"فرانكلين" على نتفليكس... دراما المختصر المُفيد

العربي الجديد

timeمنذ 6 ساعات

  • العربي الجديد

"فرانكلين" على نتفليكس... دراما المختصر المُفيد

من إنتاج "إيغل فيلمز"، عرضت منصة نتفليكس أخيراً مسلسل "فرانكلين" كتابة شيرين خوري وإخراج حسن المنباوي. منذ حلقاته الأولى، يبدو العمل بوليسيًا مشوقًا بإيقاع سريع، بعيدًا عن التطويل أو النمطية، ويكشف عن قدرة لافتة للمخرج المصري حسن المنباوي على كسر قوالب هذا النوع من المسلسلات، وفتح أفق درامي يبتعد عن التكرار المعتاد في دراما "المافيا" وتزوير الأموال. قصة المسلسل تدور حول عالم تزوير العملة، وهي فكرة ليست جديدة كليًا، خصوصًا أن مسلسل "تحت سابع أرض" للممثل تيم حسن تناول موضوعًا مشابهًا قبل شهرين، بإخراج سامر البرقاوي. ومع ذلك، فإن "فرانكلين" يقدّم اختلافًا واضحًا في الأسلوب والتنفيذ، حيث ننتقل إلى مستوى عالمي من الجريمة المنظمة، لا يقتصر على بيئة محلية، بل يعكس دينامية "مافيوية" تتجاوز الحدود. يتنافس العمل ضمن موجة من إنتاجات المنصات العربية والعالمية، التي عادت إلى تصدير "مسلسلات الألغاز والجرائم" بعد سنوات من الغياب النسبي. في "فرانكلين"، نجد أنفسنا أمام "آدم" (محمد الأحمد)، والد لطفلة يُجبر على العودة إلى مهنة والده (منير) – التي يجسّدها فايز قزق – في عالم تزوير العملة، وذلك بعد تهديد مباشر من الهاشم (جورج شلهوب)، زعيم العصابة الباردة والقاسية. يلتقي "آدم" مجددًا بـ"يوليا" (تؤديها دانييلا رحمه) التي تعود إلى بيروت بعد فراق طويل، لتشاركه مهمة خطيرة لإنقاذه وإنقاذ ابنته من قبضة رئيس المافيا. وتتحول يوليا إلى عنصر حاسم في مسار القصة، حيث تظهر بشخصية مختلفة كليًا عن أدوارها السابقة، أكثر قوة وإقناعًا، بعيدًا عن العاطفة والميلودراما، وتنجح منذ الحلقة الأولى في تقمّص شخصية الفتاة اللعوب، الذكية، التي تسكن منطقة رمادية بين الحب والخداع. الإيقاع السريع للمسلسل يمنحه نضارة خاصة، ويتخلله ربط محكم بين الماضي والحاضر، لا سيما عبر شخصية منير، الأب الذي عاش طويلاً في كنف عصابة تزوير، ثم ورّث مهنته الممنوعة لابنه من دون إرادة حقيقية منه. الصراع يتصاعد مع مرض منير بالسرطان، ما يضاعف التوتر العائلي ويجعل مهمته في إنقاذ ابنه وحفيدته أكثر إيلامًا وإنسانية. في كل حلقة، تتحول المهنة المحظورة إلى عبء عائلي ينهش كرامة شخصياته ويجرّهم نحو هاوية غير مضمونة. من أبرز خطوط العمل أيضًا شخصية زين (طوني عيسى)، الذي لا يعرف أن والده الحقيقي هو منير، ويدخل في علاقة حب مع "نسمة" (سمارة نهرا)، ما يضيف طبقة جديدة من الدراما الإنسانية وسط دوامة الجريمة والتزوير. فايز قزق بدوره يقدّم أداءً مؤثّرًا في دور الرجل المهزوم، الذي يخوض صراعًا داخليًا بين المرض والندم ومحاولات التكفير عن أخطاء الماضي. أداؤه يضيف بعدًا عاطفيًا وإنسانيًا يوازن الجوانب البوليسية الباردة في السرد. من الجيد أن تتجه الدراما العربية نحو أعمال مشوقة ومختصرة، تبتعد عن الحشو، وتُبنى على نصوص ذات قيمة فنية واضحة. "فرانكلين" نموذج لهذه المقاربة: دراما بوليسية مكثفة، بسيناريو مفهوم، وتنفيذ بصري محكم، وتصاعد درامي جذاب يعكس نضوجًا في الصناعة الدرامية العربية الحديثة.

"خواطر سيئة"... نتفليكس واللعب مع "الشكل"
"خواطر سيئة"... نتفليكس واللعب مع "الشكل"

العربي الجديد

timeمنذ 2 أيام

  • العربي الجديد

"خواطر سيئة"... نتفليكس واللعب مع "الشكل"

بدأت منصة نتفليكس أخيراً استكشاف مسارات جديدة في عالم الكوميديا، فتخلّت عن الصيغ التقليدية وراحت تجرّب أنماطاً مبتكرة وغريبة أحياناً. بين استضافة بودكاست "Kill Tony: إما أن تقتل أو تُقتل" ذي الصيغة الشبيهة ببرامج المسابقات، وعرض خاص لآدم راي يقلد فيه شخصية الطبيب فيل أمام الطبيب نفسه، ووصولاً إلى عروض تفاعلية مع الجمهور كما قدمها الكوميديان الشاب مات رايف، يبدو أن المنصة تفتح أبوابها لأنواع متعددة من الكوميديا. آخر هذه التجارب كان المسلسل غير النمطي "خواطر سيئة" (Bad Thoughts) للكوميديان توم سيغورا. يعتمد العمل على حلقات قصيرة مقسّمة إلى اسكتشات متصلة تنبثق جميعها من عوالم سيغورا نفسه، أو بالأدق، من داخله. أفكار سوداوية وسيناريوهات ساخرة، سبق أن قدّم بعضها على المسرح، لكنها تظهر الآن مجسّدة بصرياً، مثل النكتة الشهيرة عن ستيفن سيغال. يُضيف سيغورا طبقة أخرى من الكوميديا بتقديمه فواصل مباشرة أمام الكاميرا، تُشبه وقفات التقاط الأنفاس بين اسكتش وآخر، أو ربما محاولة لتخفيف وطأة بعض المشاهد المفرطة في عبثها أو عنفها. الشكل نفسه هو بيت القصيد، إذ يذكّرنا بالبرنامج المسائي Saturday Night Live منذ السبعينيات، ويماثل في جرأته ما قدّمه ديف شابيل في برنامجه الشهير هذا مطلع الألفية. لكن سيغورا يتمايز بأن اسكتشاته متصلة بخيط داخلي، يظهر خلالها أحياناً نسخة متخيلة من نفسه، يتحدث عن حياته، يكسِر الجدار الرابع، ويخاطب الكاميرا مباشرة. يبدو المشروع مزيجاً بين عرض كوميدي ومونولوغ داخلي مضطرب، مصاغ بنمط يصلح للتقطيع والنشر كـ"ريلز" على وسائل التواصل الاجتماعي. هذا التوجه الجديد – كتابةً وإخراجاً – لم يعد يكتفي بعرض العمل على الشاشة، بل يهدف أيضاً إلى ضمان انتشاره عبر منصات التواصل الاجتماعي، وهو ما يبرر تفكك الحلقات، وعدم ترابط الاسكتشات عند مشاهدتها منفردة. لكن هذا ما جلب للعمل أيضاً انتقادات قاسية، بوصفه "غير مضحك" أو "مُقززاً" أحياناً، لأنه لا يقدم بناءً درامياً متماسكاً أو تسلسلاً منطقياً، بل يعتمد على النكات القصيرة والصدمة وسيلة للإضحاك. سينما ودراما التحديثات الحية منى زكي في "رحلة 404": في تمثيلها حِرفيّة تتفوّق على سابقاتها أُنتج المسلسل عبر شركة YMH التي يملكها سيغورا وزوجته، ووصفته مجلة سليت بأنه "عكس بلاك ميرور"، أي تجربة ساخرة، مرعبة ومضحكة في آن، تقف في وجه ثقافة "الصوابية السياسية"، كغيره من رفاق جو روغان في المشهد الكوميدي الأميركي. لكن هذا التوجه بدا خجولاً وغير واضح، إذ إن سيغورا يراهن على المفارقات الصادمة والعنيفة، لا على بناء خطاب نقدي حقيقي. في إحدى الحلقات، نشاهد حكاية موسيقي يختطف معجبيه ويعذبهم بحثاً عن الإلهام، بينما تأتي اسكتشات أخرى بلا أي قيمة فنية أو نقدية، بل تكتفي بإثارة الاشمئزاز، كما في الاسكتش الغريب حول لعبة أطفال تتعرض لغزو فضائي. نقطة الالتباس الكبرى تتعلق بالصّيغة: فالاسكتش القصير والسريع يتنافر مع نموذج الإفراط في المشاهدة خلال جلسة واحدة (binge watching) الذي صنع مجد "نتفليكس". هنا، لا استغراق في المشاهدة، بل إيقاع سريع يقطع التماهي، ويُعيد الكوميديا إلى منطق النكتة المنفصلة التي قد تعمل بشكل أفضل حين تُروى لا حين تُؤدى. وإن كان هذا الشكل قابلاً للتطور، إلا أن الرهان عليه ما زال مبكراً، خصوصاً حين تفشل بعض الاسكتشات في أن تكون طريفة أو حتى مثيرة للاهتمام. "خواطر سيئة" تجربة هجينة تخلط الكوميديا السوداء بالهواجس الداخلية، وتقدّم شكلاً غير معتاد في منصة لم تعتد على الاسكتش صيغةَ عرض. وبين محاولة كسر أنماط المشاهدة التقليدية، والإبحار في كوميديا مفككة تُبنى للنشر السريع، يبدو أن "نتفليكس" تخوض اختباراً غير مضمون النتائج، وربما لهذا السبب تحديداً، يستحق أن يُشاهد. ولو لمجرد اكتشاف إلى أي مدى يمكن للكوميديا أن تتحول إلى تجربة بصرية لا تُضحك لكنها تثير التفكير.

فالنسيا يُهاجم منصة نتفليكس بسبب وثائقي فينيسيوس: "افتراء وظلم"
فالنسيا يُهاجم منصة نتفليكس بسبب وثائقي فينيسيوس: "افتراء وظلم"

العربي الجديد

timeمنذ 3 أيام

  • العربي الجديد

فالنسيا يُهاجم منصة نتفليكس بسبب وثائقي فينيسيوس: "افتراء وظلم"

لا تزال قضية نجم ريال مدريد البرازيلي فينيسيوس جونيور (24 عاماً)، مع جماهير نادي ملعب الميستايا تصنع الحدث في إسبانيا، بعد صدور وثائقي أنتجته " نتفليكس " حول النجم البرازيلي، تطرّق فيه إلى القضية، الأمر الذي تسبب في غضب شديد لدى نادي فالنسيا الذي أصدر بياناً، اليوم الاثنين، أعرب فيه عن استيائه، موضحاً أن الروايات الواردة تتضمّن أكاذيب وتشويهاً للواقع. وسلّط الوثائقي الضوء، على نحوٍ موسّع، على الحادثة التي شهدها ملعب الميستايا في مايو/ أيار 2023، التي تعرّض خلالها النجم البرازيلي لهتافات عنصرية من بعض الجماهير الحاضرة، الأمر الذي استدعى توقيف المباراة حينها، وأثار جدلاً واسعاً بشأن تفشي ظاهرة العنصرية في الملاعب الإسبانية، في بيانه، طالب فالنسيا بتصحيح فوري من منتجي الوثائقي، مؤكداً أن ما عُرض "لا يعكس الحقيقة، ويسيء إلى جماهير النادي"، مضيفاً أيضاً "نحتفظ بحق اتخاذ الإجراءات القانونية، لأن الحقيقة والاحترام لمشجعينا يجب أن يسودا". 🦇 Ante la injusticia y falsedades cometidas con la afición del Valencia CF, desde el Club hemos exigido por escrito una rectificación inmediata a la productora del documental por lo ocurrido en Mestalla y que no se corresponde con la realidad. La verdad y el respeto a nuestra… — Valencia CF (@valenciacf) May 19, 2025 وكشف موقع "RMC" الفرنسي أن الخلاف يتمحور حول مشهد يظهر فيه بعض الجماهير تردد كلمة "tonto" التي تعني "أحمق"، بينما ظهرت في الوثائقي على الشاشة بـ"mono"، التي تعني "قرد"، وهو ما يُعدّ إهانة عنصرية في اللغة الإسبانية، الأمر الذي اعتبره النادي الإسباني تلاعباً مقصوداً من أجل تضليل الرأي العام. من جانبه، عبّر فينيسيوس في الوثائقي عن حجم معاناته، قائلاً: "كان من المحزن جداً أن أتعرض لهذا خلال المباراة، عادةً أكون مركزاً، لكنّني فقدت الرغبة في اللعب كثيراً. الحكم وزملائي طلبوا مني البقاء"، وإلى جانب شهادة فينيسيوس، قدّم زملاؤه في ريال مدريد مداخلات داعمة، مثل المدافع إيدير ميليتاو (28 عاماً)، الذي قال: "بعد تنفيذ ركنية، أخبرني فيني أن أحدهم ناداه بـ"قرد"، كما أشار أحد أصدقائه إلى أنّه كلّما لمس الكرة، كانوا يصرخون ويشتمونه". بعيدا عن الملاعب التحديثات الحية بين الهبوط والصعود: فينيسيوس يتفوق على مبابي في إدارة الأندية ورغم مرور عامَين على الحادثة، لا تزال القضية تشغل الرأي العام في إسبانيا، ويبدو أنها لن تُطوى قريباً في ظل تمسّك كل طرف بموقفه، إذ يواصل فينيسيوس سعيه للدفاع عن نفسه بعد ما تعرّض له في تلك المباراة التي شكّلت له صدمة تكررت لاحقاً في ملاعب مختلفة، في المقابل، يعمل نادي فالنسيا على اتخاذ خطوات قانونية لحماية سمعته وسمعة جماهيره، رافضاً ما اعتبره تشويهاً متعمداً لصورته في الوثائقي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store