
بدائل ترمب ونتنياهو: صفقة شاملة... أو احتلال كامل
وعلى الأقل تخطط إدارة الرئيس الأميركي لتغيير جذري في التعاطي مع ملف غزة، بحسب «القناة الإسرائيلية 12»، التي قالت إن انهيار محادثات وقف إطلاق النار قد يشكل نقطة تحول في سياسة إدارة ترمب.
صورة من الجانب الإسرائيلي للحدود مع القطاع لدخان يتصاعد جراء انفجار بغزة الخميس الماضي (رويترز)
وقال مصدران للقناة إن وزير الخارجية، ماركو روبيو، قال أمام مجموعة من عائلات المحتجزين، الذين التقى بهم في واشنطن، بعد انهيار الجولة الأخيرة من المفاوضات، إنه يجب «إعادة التفكير بشكل جدي للغاية».
وخلال اللقاء الذي عقد في وزارة الخارجية الأميركية، الجمعة، قال روبيو عدة مرات، إنه يجب «إعادة التفكير» في الاستراتيجية في غزة و«تقديم خيارات جديدة للرئيس».
ولم يقل روبيو ما هي الخيارات الجديدة، لكن «القناة 12» قالت إن ترمب على مدى الأشهر الستة الماضية أعطى نتنياهو حرية كاملة تقريباً للقيام بكل ما يريده في غزة، بل شجّعه على تكثيف العمليات ضد «حماس»، ورغم ذلك لم يقترب ترمب أو نتنياهو من إنهاء الحرب، ولم تكن نتائج النشاط العسكري الإسرائيلي في الأشهر الستة الماضية تختلف كثيراً عما كانت عليه من قبل، ولم يتم القضاء على «حماس».
وقالت القناة إن روبيو ألمح إلى حلّ شامل، وقال للعائلات إنه هو وترمب لم يعجبهما أبداً نوع الصفقة المرحلية التي عمل الرئيس السابق جو بايدن عليها مع نتنياهو، باعتبار هذا الشكل التدريجي غير مستدام على المدى الطويل.
وكانت إدارة ترمب مع حلّ شامل منذ البداية، لكنها تبنت في النهاية رغبة نتنياهو في الحلّ المرحلي والجزئي لأسباب سياسية داخلية، حتى لا يضطر للالتزام بإنهاء الحرب.
فلسطينيون يكافحون للحصول على الطعام من مطبخ جماعي بمدينة غزة السبت (أسوشييتد برس)
وألمح روبيو إلى أنه قد يكون الوقت قد حان لدراسة نهج أكثر شمولاً لإنهاء الحرب وإطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين في اتفاق شامل.
وأكّدت القناة أن بعض أعضاء إدارة ترمب، على الأقل، يقرون في محادثات مغلقة أن استراتيجيتهم لم تُجدِ نفعاً حتى الآن، لكنهم لم يقرروا بعد ما إذا كانوا سيغيرونها، وكيف؟
وإذا كان تغيير الاستراتيجية أحد أهم الحلول الدبلوماسية المنتظرة في الفترة المقبلة، للخروج من المأزق الحالي، فإن الحلّ الآخر يبدو عسكرياً متطرفاً.
فلسطينيون يحملون جثة شاب قُتل لدى محاولته الحصول على الغذاء بمدينة غزة السبت (أ.ب)
وقالت «القناة 12» إن نتنياهو يستعد لمسألة ما سيحدث لاحقاً في حال انهيار المفاوضات، وقد عقد اجتماعاً لمجلس الوزراء، وأصدر بياناً حول «بدائل» إعادة الرهائن، لكن المؤسسة الدفاعية تزعم أنها غير مطلعة عليه، ولا تعرف معناه.
ونقلت القناة عن رئيس الأركان، أيال زامير، قوله إن هناك خيارين فقط؛ إما أن يتلقى أمراً باحتلال القطاع بالكامل، على حساب حياة الرهائن، أو أن يستمر الوضع على ما هو عليه الآن، على أمل أن ينجح في الضغط على «حماس».
وتعمل إسرائيل منذ أسابيع على احتلال 75 في المائة من قطاع غزة، بهدف الضغط على «حماس».
واحتلال القطاع بشكل كامل سيعني الدخول إلى مناطق يعتقد الإسرائيليون أن المحتجزين موجودون فيها، وهو ما يعرّض حياتهم للخطر فوراً.
وقالت مصادر إسرائيلية مطلعة لهيئة البث الرسمية «كان» إنه توجد جملة من الخيارات التي يدرسها الجانب الأميركي والإسرائيلي، من بينها السماح لإسرائيل بتوسيع عملياتها العسكرية في غزة، وصولاً إلى السيطرة الكاملة أو فرض حصار شامل، أو تقديم دعم أميركي مباشر لعمليات كوماندوز لتحرير المخطوفين من أنفاق «حماس».
طفل فلسطيني يأكل على الأرض بعد حصوله على غذاء من مطبخ خيري في مخيم النصيرات الجمعة (د.ب.أ)
كما تدرس واشنطن إمكانية ممارسة ضغوط على قطر ومصر وتركيا لطرد قادة «حماس»، أو منح إسرائيل الضوء الأخضر لاستهداف قيادات التنظيم في الخارج، بل ربما تهدد هي نفسها بذلك، إلى جانب احتمال عقد تفاهمات أميركية مباشرة مع «حماس» لتأمين إطلاق سراح مختطفين أميركيين، كما حدث في السابق مع الجندي عِيدان ألكساندر.
وقال المعلق العسكري، في قناة «i24NEWS»، يوسي يهوشوع، إنه يوجد لدى الجيش الإسرائيلي 3 سيناريوهات: «صفقة، وتطويق غزة، واحتلال القطاع».
وأضاف: «اقتراح رئيس الأركان تطويق مدينة غزة، والمعسكرات المركزية، وممارسة الضغط من الخارج، والاستنزاف الجوي، وممارسة النفوذ للضغط على (حماس)».
مع ذلك، لم يُستبعد أن تكون التصريحات المتشددة من نتنياهو وترمب جزءاً من أدوات الضغط في إطار التفاوض، وليست خروجاً عنه، بهدف دفع «حماس» إلى تقديم تنازلات قبل اتخاذ خطوات تصعيدية جديدة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوطن
منذ 8 دقائق
- الوطن
رسوم ترمب الجمركية.. ضغط سياسي أم هيمنة اقتصادية؟
رفع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب برفع الرسوم الجمركية على السلع الأجنبية إلى أعلى مستوى لها منذ ما قبل الحرب العالمية الثانية، وذلك في إطار تنفيذ أجندته الحمائية الشاملة. وفي حين يرى البعض أن هناك ضغوط سياسية تقف وراء إجراءات ترمب، إلا أن محللين اقتصاديين أمريكيين، أكدوا أن ترمب أعاد هندسة الحماية التجارية الأمريكية. وقد أدى جدار الرسوم الذي أعلنه الرئيس منذ توليه منصبه مرة أخرى في يناير الماضي إلى رفع مستوى التعريفة الجمركية الفعلية في البلاد إلى ما يقدر بنحو 17.3%، وفقًا لمختبر الميزانية بجامعة ييل. ويؤدي هذا الرقم، الذي يتضمن أحدث صفقة تم الاتفاق عليها مع الاتحاد الأوروبي في نهاية الأسبوع، إلى ارتفاع إجمالي الرسوم الأمريكية إلى ما يقرب من 20% وهو المستوى الذي شوهد آخر مرة خلال الزيادات الواسعة النطاق في التعريفات الجمركية في السنوات التي أعقبت قانون سموت-هاولي عام 1930. اتسمت فترة حكم ترمب بالتهديدات بفرض رسوم جمركية، تلتها تراجعات وتراجعات، لكنه أبرم حتى الآن اتفاقيات تفرض رسومًا جمركية مرتفعة جدا على ما يقرب من 45% من إجمالي الواردات الأمريكية. ويهدد جدار الرسوم الجمركية هذا بإعادة تنظيم التجارة العالمية. وقال إيسوار براساد، أستاذ السياسة التجارية والاقتصاد في جامعة كورنيل: "لقد هندس ترمب حقبة جديدة من الحماية التجارية الأمريكية والتي من شأنها في نهاية المطاف أن تتردد أصداؤها في جميع أنحاء النظام التجاري العالمي". هل كانت سياسة فوضوية؟ تميزت عملية طرح سياسة ترمب التجارية الفوضوية بسلسلة من التراجعات، فضلاً عن الإعفاءات للمنتجات والقطاعات الأساسية، حيث سارعت الدول إلى التفاوض مع واشنطن. في أبريل، اضطر ترمب إلى تعليق أعلى مستويات التعريفات الجمركية "المتبادلة" بعد إثارة الاضطرابات في أسواق الأسهم العالمية وإثارة عمليات بيع حادة في سندات الخزانة الأمريكية. منذ بدء ولايته الثانية كرئيس، أبرم ترمب صفقات محدودة أو عرض استثناءات كبيرة على البلدان التي تغطي 60% من واردات الولايات المتحدة التي كانت خاضعة للتعريفات الجمركية المتبادلة، ما أدى إلى إضعاف القوة الكاملة للرسوم الأعلى التي هدد بفرضها. ويستثني هذا الواردات من المكسيك وكندا، والتي تتأثر بنظام تعريفات منفصل قال ترمب إنه يهدف إلى معالجة تهريب الفنتانيل وأمن الحدود. الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي يعد الأكبر في سلسلة من الاتفاقات السريعة التي أشاد بها ترمب، على الرغم من أن الاتفاقات مع ست دول بالإضافة إلى بروكسل لم تحقق هدف الرئيس المتمثل في 90 اتفاقا خلال فترة توقف متبادلة مدتها 90 يوما. وبالإضافة إلى التكتل، عرض ترمب إعفاءات مؤقتة على المملكة المتحدة وإندونيسيا والفلبين واليابان وفيتنام. وقد تفاعلت الأسواق بشكل إيجابي مع هذه الاتفاقيات، في حين أشاد بها زعماء العالم: فقد وصفت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، اتفاق الاتحاد الأوروبي بأنه "اختراق" حقق "اليقين في أوقات غير مؤكدة". ضغط سياسي واقتصادي يرى بعض المحللين أن إجراءات ترمب الجمركية هي وسيلة ضغط على اقتصادات كبرى مثل الصين التي تلقى سلعها رواجا كبيرا في الولايات المتحدة، كما أن ذلك سمح لترمب لإجراء المفاوضات التي يريد وحسبما يريد. ولكن هذه الإجراءات تركت الدول المعنية تواجه تعريفات جمركية أعلى بكثير على سلعها مقارنة بما كانت عليه قبل بداية ولاية ترمب الثانية. وفقًا لأحدث تقديرات جامعة ييل، يُعدّ معدل التعريفات الجمركية الفعلي للولايات المتحدة، والبالغ 17.3%، الأعلى منذ عام 1935، حين كان 17.5%. وقد يرتفع هذا الرقم أكثر إذا نفّذ ترامب تهديده بفرض رسوم جمركية متبادلة كاملة على الدول التي لا تتوصل إلى اتفاق معه بحلول الأول من أغسطس. وقال آلان وولف، وهو زميل بارز في معهد بيترسون للاقتصاد الدولي، إن الرسوم الجمركية من شأنها أن تتسبب في "تحولات في أنماط التجارة" مع قيام بعض الشركات بنقل سلاسل التوريد. تشكيك في جودة السوق الأمريكية الولايات المتحدة، أفضل سوق في العالم من وجهة نظر ترمب، لم تعد بنفس الجودة التي كانت عليها سابقًا. قد تبحث الشركات عن أسواق أخرى لبيع منتجاتها، حيث لم تتأثر قدرتها على الوصول إليها. ومن بين الاتفاقيات التي توصل إليها ترمب، لم يتم إصدار بيانات مكتوبة مشتركة أو نصوص إلا للصفقات مع المملكة المتحدة وإندونيسيا، في حين تضمنت بعض الصفقات روايات مختلفة للتفاصيل بين الجانبين. ولم يؤكد المسؤولون الفيتناميون موافقتهم على معدلات التعريفات الجمركية التي أعلنها ترمب، في حين قدم المسؤولون اليابانيون والأمريكيون تفسيرات مختلفة لتعهدات الاستثمار الموضحة في اتفاقهم. الأزمة مع الصين كانت الولايات المتحدة قد وافقت بشكل منفصل على خفض الرسوم الجمركية مع الصين في مايو بعد أن رفع ترامب الرسوم الإضافية إلى 145%، مما أثار مخاوف من فرض حظر تجاري فعال. وفي حين أشاد ترمب بمحادثات لندن باعتبارها "صفقة"، فإن البلدين لم يحققا أي تقدم في حل الخلافات الاقتصادية والتجارية الأساسية التي كانت قائمة قبل أن يبدأ ترمب حربه التجارية. في غضون ذلك، عرض ترمب استثناءات كبيرة على المكسيك وكندا، وهما من أكبر الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، على الرغم من أنه لم يبرم صفقات معهما منذ توقفه في الثاني من أبريل. رحّب المستثمرون بسلسلة اتفاقيات الرسوم الجمركية الأمريكية، مراهنين على تجنّب خطر اندلاع حرب تجارية شاملة. وسجّلت الأسهم في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان مستويات قياسية مرتفعة في الأيام الأخيرة، مُتوّجةً انتعاشًا سريعًا بعد تراجع السوق في أبريل. قال جيري فاولر، رئيس استراتيجية الأسهم الأوروبية في بنك يو بي إس: "الأمر كله مجرد ارتياح. التوصل إلى اتفاق أفضل من عدم التوصل إلى أي اتفاق". لكن فاولر أشار إلى أن هذه الارتفاعات قد تُسبب بعض الألم للمستثمرين بمجرد استيعابهم لواقع الرسوم الجمركية المرتفعة. وأضاف أن الأسواق أبدت ارتياحًا لانخفاض المخاطر في الأيام القليلة الأولى بعد التوصل إلى اتفاق، "لكن السوق يعود بعد ذلك إلى العوامل الأساسية". شرح تعريفات ترمب الجمركية 15 % على واردات الاتحاد الأوروبي 30 % على الواردات الصينية 19 % على السلع من فيتنام وإندونيسيا (بدءًا من 1 أغسطس) 35 % متوقعة على بنغلاديش 15 % - 20 % على الدول غير المتفقة مع واشنطن السلع • القهوة البرازيلية ستواجه رسومًا بنسبة 50% • القهوة الفيتنامية 20% • زيت الزيتون الأوروبي (من إيطاليا، إسبانيا، واليونان) يخضع لـ 15% السيارات • 15 % للاتحاد الأوروبي واليابان • 10 % للمملكة المتحدة


الشرق السعودية
منذ 8 دقائق
- الشرق السعودية
محكمة استئناف أميركية تؤيد قراراً يمنع اعتقال المهاجرين في لوس أنجلوس
أيدت محكمة استئناف فيدرالية أميركية، مساء الجمعة، قرار محكمة أدنى درجة يمنع مسؤولين بالحكومة الأميركية مؤقتاً من تنفيذ اعتقالات متعلقة بالهجرة في لوس أنجلوس دون سبب مقبول. ورفضت هيئة الاستئناف المكونة من 3 قضاة طلباً لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتعليق قرار المحكمة الابتدائية مؤقتاً، وقضت بأن المشتكين سيتمكنون على الأرجح من إثبات أن المسؤولين الفيدراليين نفذوا اعتقالات بناء على مظهر الأشخاص ولغتهم ومكان إقامتهم أو عملهم. واستدعى ترمب قوات الحرس الوطني ومشاة البحرية الأميركية إلى لوس أنجلوس في يونيو الماضي، لمواجهة احتجاجات ضد مداهمات تستهدف المهاجرين، في استخدام استثنائي للقوة العسكرية لدعم عمليات الشرطة المدنية داخل الولايات المتحدة. وانضم مجلس مدينة لوس أنجلوس ومجالس محلية أخرى في جنوب ولاية كاليفورنيا إلى دعوى قضائية رفعها الاتحاد الأميركي للحريات المدنية في يونيو الماضي، تتهم مسؤولين فيدراليين باستخدام أساليب غير قانونية شرطية مثل التنميط العنصري لتلبية العدد المطلوب من عمليات توقيف المهاجرين الذي حددته الإدارة الأميركية. ومنع قاض في كاليفورنيا، الشهر الماضي، إدارة ترمب من استخدام التنميط العنصري ضد المهاجرين في وقت تسعى فيه لتحقيق أهداف الترحيل، وكذلك من حرمان المهاجرين من حقهم في الوصول إلى محامين أثناء احتجازهم. وفي القرار غير الموقع، الجمعة، رفض قضاة محكمة الاستئناف بالدائرة التاسعة إلى حد كبير طعن الإدارة الأميركية على الأمر المؤقت الذي يحد من عمليات الاعتقال. واتفق القضاة مع المحكمة الأدنى درجة في منع المسؤولين الفيدراليين من احتجاز الأشخاص على أساس "المظهر أو العرق"، أو التحدث بالإسبانية أو الإنجليزية ذات اللكنة أو التواجد في مواقع مثل "موقف الحافلات أو مغسلة السيارات أو ساحة حجز السيارات أو موقع تجمع العمالة اليومية أو موقع زراعي، وغيرها من الأماكن". ووصفت رئيسة بلدية لوس أنجلوس كارين باس الحكم بأنه "انتصار للمدينة". وقالت في بيان: "سيظل الأمر التقييدي المؤقت الذي يحمي مجتمعاتنا من عملاء الهجرة الذين يستخدمون التنميط العنصري وغيره من الأساليب غير القانونية عند تنفيذهم لمداهماتهم وحملاتهم القاسية والعدوانية سارياً في الوقت الحالي". ورحب محمد تاجسار المحامي في مؤسسة الاتحاد الأميركي للحريات المدنية في جنوب كاليفورنيا بالحكم في بيان قائلاً: "هذا القرار هو تأكيد إضافي على أن الغزو شبه العسكري الذي قامت به الإدارة الأميركية في لوس أنجلوس انتهك الدستور وتسبب في ضرر لا يمكن إصلاحه في أنحاء المنطقة".


الشرق الأوسط
منذ 8 دقائق
- الشرق الأوسط
ما الحد الذي بلغه التوتر في العلاقات المصرية - الإسرائيلية؟
في حين تشهد العلاقات المصرية - الإسرائيلية توتراً ملحوظاً ومتصاعداً، أكد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» أن هذا التوتر وصل إلى حد «الفتور الرسمي على مستوى القيادة السياسية والحكومية والدبلوماسية، لكن الاتصالات تستمر فيما يتعلق بالملفات الأمنية المشتركة وقضية الحرب في غزة». وبحسب المصدر، فإنه «لا توجد حالياً اتصالات على مستوى الرئاسة ولا الحكومة، حتى وزارة الخارجية مع إسرائيل، والتنسيق يتم بين البلدين عبر اللجنة العسكرية المشتركة بخصوص تنفيذ البنود الأمنية في اتفاقية السلام فقط، وتنسيق بشأن الوساطة المنخرطة فيها مصر لوقف إطلاق النار في غزة أيضاً». وشدّد المصدر على أن «القاهرة بجانب غضبها من جرائم الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة من قتل وتجويع وحصار، فهي غاضبة من الاستفزازات الإسرائيلية وتهديد تل أبيب للأمن القومي المصري عبر دفع الغزيين إلى الحدود ومحاولة إجبارهم على الفرار إلى الأراضي المصرية وفرض سيناريو التهجير، مع محاولة تلفيق جريمة منع المساعدات عن غزة لمصر، فضلاً عن التعنت الإسرائيلي خلال مفاوضات وقف إطلاق النار بغرض إفشالها، بجانب احتلال مناطق حدودية تخلّ بمبادئ حسن الجوار التي نصّت عليها اتفاقية السلام بين البلدين». وكان لافتاً أن القاهرة باتت أخيراً تصدر بيانات حادة ضد إسرائيل، وآخرها الخميس، حينما فنّدت «الخارجية المصرية» الادعاءات بشأن إغلاق معبر رفح ومنع وصول المساعدات إلى غزة، وهي الحجة التي نظّم بها متظاهرون احتجاجات ضد السفارات والبعثات الدبلوماسية المصرية بالخارج، ومنها سفارة مصر في تل أبيب، حيث أكّدت «الخارجية المصرية» أن تلك الادعاءات هي تشويه ممنهج ومتعمد للدور المصري في القضية الفلسطينية، وتصبّ في صالح الاحتلال الإسرائيلي وتقدم له هدية مجانية، عبر تخفيف الضغوط الدولية المتصاعدة خلال الفترة الأخيرة على إسرائيل للتوقف عن الانتهاكات السافرة التي ترتكبها بحقّ الشعب الفلسطيني. رئيس أركان الجيش المصري قرب حدود إسرائيل نهاية العام الماضي (المتحدث العسكري المصري) وزير الخارجية المصري الأسبق، محمد العرابي، قال إن «العلاقة بين مصر وإسرائيل حالياً تعتمد من جانب القاهرة على سياسة السلام البارد، وتعمل في أدنى مستوى وللضرورة، لأن إسرائيل خرجت عن محددات الإقليم، وأصبحت عبئاً على العالم كله، وليس على مصر أو المنطقة العربية فقط». لكن العرابي، وهو رئيس «المجلس المصري للشؤون الخارجية» أضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «الحديث عن قيام مصر بقطع العلاقات مع إسرائيل ووقف أي تواصل، هو كلام نظري وغير واقعي، لأنه لن يوقف العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة أو التهديدات الإسرائيلية للمنطقة»، منوهاً في الوقت ذاته أن «الولايات المتحدة تدعم إسرائيل بشكل منقطع النظير، والعالم كله للأسف أصبح يرزح في عصر قانون القوة، وليس قوة القانون». ومنتصف الشهر الماضي، تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن تحذيرات مصرية لإسرائيل بضرورة التراجع عن خططها العسكرية في رفح، وأن الوفد الأمني المصري الذي شارك في الوساطة حول غزة أعرب عن معارضته الشديدة لخريطة الانتشار العسكري الإسرائيلي المقدمة أخيراً في قطاع غزة، مؤكداً أن «هذه الخطط تهدد الأمن القومي المصري». وبحسب التقارير الإسرائيلية، فإن القاهرة تعدُّ مشروع «مدينة الخيام» المزمعة «قنبلة بشرية موقوتة» على حدودها الشرقية، حيث من المزمع نقل مئات الآلاف من النازحين الفلسطينيين إلى هذه المنطقة الحدودية، بحسب ما تنوي إسرائيل تنفيذه. وأفادت وسائل إعلام عبرية بأن الانتشار العسكري المصري في سيناء كان بمثابة رسالة لتل أبيب، وأن مصر قد تعيد النظر في اتفاقية السلام إذا أدركت أن انتهاكات إسرائيل تُشكل تهديداً واضحاً لأمنها. عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، رخا أحمد حسن، يرى أن «العلاقات المصرية - الإسرائيلية باتت فاترة ومتعكرة ومتوترة وعلى مستوى منخفض، حيث إن مصر استدعت سفيرها من إسرائيل، ولا يوجد سوى قائم بالأعمال في تل أبيب، وكذلك لا يوجد سفير لإسرائيل حالياً في القاهرة، وإنما قائم بالأعمال، والتواصل بين البلدين في حدود التنسيق الأمني ونقل رسائل وفود فيما يتعلق بمفاوضات غزة». ونوّه رخا لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا توجد اتصالات رفيعة المستوى من القاهرة إلى تل أبيب، سواء على مستوى الرئيس أو رئيس الحكومة حتى وزير الخارجية، كما أن القاهرة لا تتفاعل مع أي اتصالات بهذا المستوى، وتكتفي بالحوار ونقل الرسائل فقط بخصوص التنسيق الأمني، أو على مستوى وفود الوساطة الخاصة بغزة، لأنه لا بد من وجود هذا التواصل للتوصل إلى وقف الحرب التي تهدد الأمن القومي المصري، ومن أجل وقف معاناة الشعب الفلسطيني». إسرائيل منحت ترخيصاً لمظاهرة أمام السفارة المصرية بتل أبيب لمحاولة تحميل القاهرة مسؤولية تجويع أهل غزة (متداولة) مستشار «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور محمد السعيد إدريس، قال إن «العلاقات بين مصر وإسرائيل حالياً وصلت إلى الجمود، لكنها لم تصل إلى القطيعة، حيث لا يوجد حالياً سفراء للبلدين، ولن تصل المسألة لقطع العلاقات إلا في حالة الاحتكاك العسكري المباشر».