
الأزهر: المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي هو من يمتلك المهارات الرقمية
جاء ذلك خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية بالمؤتمر العالمي العاشر للإفتاء، التي ألقاها نيابة عن فضيلة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف. وفي مستهل كلمته، نقل الدكتور الضويني تحياتِ فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، ورجاءه بأن يُحقق المؤتمر أهدافَه المنشودة، وأن تُثمر جلساته عن بحوث جادة ورصينة تبرز مرونة الفكر الإسلامي، وقدرته على مواكبة التغيرات التقنية، وتعزز دور المؤسسات الدينية في التفاعل الإيجابي مع أدوات العصر.
وأشاد وكيل الأزهر بجهود دار الإفتاء المصرية بقيادة الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، في اختيار موضوع المؤتمر، مؤكدًا أن اختيار عنوان "صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي" يعكس وعيًا عميقًا بضرورة إعداد المفتين إعدادًا متوازنًا يجمع بين التأصيل الشرعي والمهارات الرقمية.
وأشار إلى أن الفتوى ليست مجرد كلمة عابرة من نوع "يجوز" أو "لا يجوز"، بل هي عملية علمية مركبة تبدأ بفهم المسألة من واقع السائل، ثم تكييفها على القواعد الفقهية، وصولًا إلى إصدار الحكم بعد النظر في المآلات، مؤكدًا أن هذه الصناعة تتطلب وعيًا شرعيًّا راسخًا وبصيرةً نافذة.
ولفت الدكتور الضويني النظر إلى أن التاريخ الإسلامي حافل بتحذيرات العلماء من التجرؤ على الفتوى بلا علم، مستشهدًا بقول عبد الرَّحمنِ بن أبي ليلى، من كبار التابعين: "أدرَكتُ عِشـرينَ ومِئةً مِنَ الأنصارِ مِن أصحابِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ما مِنهم من أحَدٍ يُحَدِّثُ بحَديثٍ إلَّا ودَّ أنَّ أخاه كَفاه إيَّاه، ولا يُستَفتى عن شَيءٍ إلَّا وَدَّ أنَّ أخاه كَفاه الفتوى".
وشدَّد وكيل الأزهر على أن الذكاء الاصطناعي لا يُمكن أن يكون بديلًا عن المفتي المؤهَّل أو الراسخ الذي يحمل على عاتقه أمانة البيان عن الله تعالى، واستنباط الأحكام الشرعية من أدلتها المعتبرة بفهم عميق وإدراك دقيق لمقاصد الشريعة من ناحية، ولأحوال الناس المتجددة من ناحية أخرى.
وأوضح أن لهذه التقنيات الحديثة دورًا بنَّاءً في مجال الإفتاء، وفي خدمة العلماء والمفتين، من خلال تيسير الوصول إلى المصادر والمراجع، وترتيب البيانات وتحديثها، وتحليل كَمٍّ كبيرٍ من الفتاوى الشرعية، وإتاحة إجابات أولية سريعة مبنية على المعلومات الموثوقة والمخزنة، بما يسهم في دعم منظومة الفتوى، وإثراء محتواها وترشيدها.
وأكد الدكتور الضويني أن الذكاء الاصطناعي يمكن استثمار أدواته لزيادة دقة البحث، وسرعة الوصول إلى النصوص، وربط القضايا بنظائرها ومستجداتها، موضحًا أن العقل البشري والمَلَكة الفقهية هما الفيصل والحاكم في إصدار الفتوى؛ فصناعة الفتوى لا تقف عند حدود استخراج نصوص محفوظة، وفتاوى ثابتة، بل هي عملية اجتهادية تقتضي فقهًا دقيقًا، وبصيرة نافذة، وفهمًا لمقاصد الشريعة، وربطًا دقيقًا بين النص الشرعي والواقع الذي يمر به المستفتي، وفهمًا للمصالح والمفاسد، وإدراكًا لخصوصية الزمان والمكان.
وأوصى الدكتور الضويني بضرورة وضع ميثاق أخلاقي يضبط التعامل مع الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته، بما يضمن ألا يتحول من أداة نافعة إلى وسيلة تنتهك الخصوصية، وتُقوِّض القيم والمبادئ الأخلاقية التي يقوم عليها تماسك المجتمعات.
كما أوضح أن الأزهر الشريف يعمل حاليًّا على صياغة وثيقة أزهرية لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، من خلال لجنة عليا بإشراف فضيلة الإمام الأكبر.
وفي ختام كلمته، طرح الدكتور الضويني جملة من التساؤلات العميقة التي تعكس وعيًا بخطورة المرحلة، مؤكدًا أنَّ الذكاء الاصطناعي يفرض على العلماء والمفتين وأبناء العصر وقفة جادة، وتساءل: 'أين هِم الباحثين والمجتهدين في زمن التوسع في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي؟ وهل أصبح لزامًا علينا أن نتمسك أكثر بأصولنا العلمية والشرعية لتكون صمام أمان ضد أي تزييف أو تحيز معرفي؟'.
كما دعا إلى الانتقال من موقع المفعول به إلى موقع الفاعل والمؤثر في إدارة هذه التقنية، حتى لا نصبح أسرى للشاشات، ولا تُدار عقولنا من وراء البحار.
واختتم فضيلته كلمته بالتأكيد على ضرورة إعداد قائمة بالكفاءات والمهارات العلمية والعملية التي يجب أن تتوفر فيمن يتصدر للإفتاء باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، محذرًا في الوقت ذاته من ذوبان الهوية وضياع الشخصية في الفضاء الرقمي.
وحول القضية الفلسطينية، أدان الدكتور الضويني ما يقوم به الإرهاب الصهيوني من هدم وتخريب متعمد داخل الأراضي الفلسطينية، واستمراره في الاعتداءات الدموية ضد الشعب الفلسطيني الشقيق، مؤكدًا أن تلك الأعمال الوحشية تعد مظاهر ضد الإنسانية قبل أن تكون ضد القضية الفلسطينية.
وثمن دور مصر الداعم للقضية الفلسطينية وجهود الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لوقف العدوان الإسرائيلي على غزة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الجزائرية
منذ 44 دقائق
- الشرق الجزائرية
الخطيب: لتحصين الوحدة الوطنية ومواجهة أي عمل مشبوه للفتنة
استقبل نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى العلامة الشيخ علي الخطيب، في مقر المجلس في حارة حريك وفد علماء 'حزب الله' في منطقة بيروت، حيث تم البحث في تطورات الأوضاع في لبنان في ظل استمرار الاحتلال والعدوان الصهيوني ضد لبنان. واكد الخطيب 'ضرورة تحصين الوحدة الوطنية بين اللبنانيين بالتعاون والتشاور وعدم افساح المجال أمام أي عمل مشبوه للفتنة ، والعمل على منع أي صدام بين الجيش والمقاومة' ، داعياً الى 'تطبيق القرار الدولي 1701 الذي تنتهكه إسرائيل يومياً وتعتدي على اللبنانيين '، مشدداً على 'التحرك الجاد والفاعل على كل المستويات لدحر الاحتلال عن الجنوب ولجم عدوانه وعودة النازحين وتحرير الأسرى وإعادة اعمار ما هدمه العدوان'. وادلى الشيخ الدكتور ياسر فلحه بتصريح، أكد فيه 'تأييد مواقف العلامة الخطيب الوطنية والإسلامية الجامعة'، وقال: 'وهذه الدار هي لكل اللبنانيين ولكل المظلومين (..)'، مشيرا الى العلامة الخطيب 'أكد ضرورة حفظ هذا الوطن وأهل هذا الوطن والدفاع عن المظلومين وإعادة الناس إلى قراها وإعادة الإعمار وان يعود الأسرى (…)'. واستقبل الخطيب وفدا من مؤسسة الشيخ الدكتور محمد يعقوب للتنمية برئاسة الدكتور علي يعقوب يرافقه امين عام اللقاء الاسلامي المسيحي حول سيدتنا مريم الدكتور ناجي الخوري، وقد سلمه دعوة لمناسبة الذكرى 47 لاختفاء الإمام السيد موسى الصدر والوالد الشيخ محمد الذي سيكون هذا العام تحت شعار صبر ورجاء في بطركية الروم الكاثوليك في الربوة في الأول من أيلون إن شاء الله عصراً'.


صدى البلد
منذ ساعة واحدة
- صدى البلد
شيخ الأزهر: التعريف بالقضية الفلسطينية وتاريخ القدس واجب ديني وأخلاقي
استقبل الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، اليوم الأربعاء، بمقر مشيخة الأزهر، وفد وزراء الأوقاف والمفتين ورؤساء المجالس الإسلامية العليا، وممثلي الهيئات الإسلامية، المشاركين في مؤتمر دار الإفتاء المصرية بعنوان «صناعة المفتي الرشيد في عصر الذكاء الاصطناعي»، وذلك بحضور فضيلة أ.د/ نظير عياد، مفتي الجمهورية، وفضيلة أ.د/ محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف. ميثاق أخلاقي وفي مستهل اللقاء، رحَّب الإمام الأكبر بالوزراء والمفتين والوفود المشاركة، داعيًا المولى -عز وجل- أن يوفق العلماء في مناقشة هذا الموضوع المهم، والإسهام في توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي لخدمة المفتين وتيسير عملهم، مع وضع ميثاق أخلاقي ينظِّم استخدام هذه التقنيات، بما يحفظ كرامة الإنسان ويحمي خصوصيته. تشويه صورة الإسلام وشدد شيخ الأزهر على وجوب التصدي للحملات الممنهجة التي تستهدف تشويه صورة الإسلام ووصمه زيفًا بالعنف، وهو ما أسهم في تصاعد موجات الخوف من الإسلام وكراهية الإسلام والمسلمين، نتيجة الجهل التام بتعاليمه السمحة ورسالة السلام التي يحملها، موضحا أن كثيرًا من المفكرين الغربيين الذين درسوا الإسلام دراسة علمية منصفة، قد أبرزوا حقيقته الناصعة في مؤلفاتهم، وهو ما يحمِّل الهيئات الإسلامية في الغرب مسؤوليةً مضاعفةً في كشف زيف الروايات المغلوطة عن هذا الدين الحنيف. وأشار إلى أن الأزهر مستعد لتقديم كل أشكال الدعم للمراكز الإسلامية في الغرب، انطلاقًا من رسالته العالمية وحرصه على وحدة المسلمين امتثالًا لقوله تعالى: «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا». التعريف بالقضية الفلسطينية وتابع أن المؤسسات الدينية والتعليمية في عالمنا العربي والإسلامي تتحمل واجبًا دينيًّا وأخلاقيًّا يتمثل في التعريف بالقضية الفلسطينية وتاريخ القدس، خاصة في ظل ما تشهده غزة من عدوان غاشم متواصل منذ ما يقارب العامين، مستنكرًا عدم معرفة الكثير من أبناء الأمة أبسط الحقائق التاريخية المتعلقة بفلسطين، داعيًا إلى وضع استراتيجية تعليمية في مختلف دول عالمنا الإسلامي، تستهدف رفع وعي النشء والشباب بتاريخهم، وبخاصة فلسطين، وترسيخ اعتزازهم بهويتهم العربية والإسلامية، والتصدي لمحاولات تزييف التاريخ التي يروّجها الآخرون، والأزهر في أتم الاستعداد للتعاون مع كل الدول لوضع هذه الاستراتيجية التي تخدم وعي الأمة وفكرها وقضاياها. من جانبهم، أعرب وزراء الأوقاف والمفتون ورؤساء المجالس الإسلامية عن بالغ سعادتهم بلقاء فضيلة الإمام الأكبر، وتقديرهم العميق لجهوده الكبيرة في الدفاع عن قضايا الإسلام والمسلمين حول العالم، مؤكدين أن الأزهر الشريف هو ضمير الأمة وملاذ المسلمين على اختلاف مذاهبهم، وتحظى مواقفه دائمًا بالترحيب والإشادة والسير خلفها، لما يتمتع به من تقدير وثقة كبيرة لدى كل المسلمين حول العالم. وأشاد وفد الإفتاء العالمي بجهود الأزهر الشريف وفضيلة الإمام الأكبر في تعزيز وحدة الصف الإسلامي ومواجهة الأفكار المتطرفة، مؤكدين أن مبادرات الأزهر العلمية والفكرية تمتد آثارها الإيجابية إلى مختلف أنحاء العالم، وأنه المؤسسة الوحيدة القادرة على الجمع بين الأصالة والمعاصرة في معالجة قضايا الأمة، لما يتمتع به الأزهر من خبرة واسعة وتاريخ ممتد لأكثر من ألف عام في نشر علوم الشريعة واللغة وتصدير العلماء الثقات إلى كل أرجاء العالم.


ليبانون 24
منذ 2 ساعات
- ليبانون 24
الحريري: على الجيش بسط سيطرته على كافة الأراضي اللبنانية
أكد بهاء رفيق الحريري ، أن بناء دولة المؤسسات يشكل الأساس لتحقيق الاستقرار في لبنان ، مشيراً إلى أن "الحريرية الوطنية هي مشروع وطني يعتمد على دولة المؤسسات، التي تمثل الضامن الوحيد للبنان ولدول الجوار". وشدد الحريري في حديث له، على أهمية تعزيز الثقة في الطائفة السنية، قائلاً: "الطائفة السنية فقدت الثقة وهي في حالة يأس، وهي تريد أن تعود الأمور إلى طبيعتها". ورأى أن العلاقات بين المسلمين والمسيحيين في لبنان علاقة ألفية، مشيراً إلى أن "الفقه الشيعي ابتدأ من جبل عامل ثم انتقل إلى النجف"، مؤكدا أن "المكون الشيعي جزء أساسي بالمعادلة اللبنانية ولديه امتداد كبير". هذا وتطرق إلى المؤسسة العسكرية، قائلاً: "رحمة الله على شهداء الجيش، ونتمنى أن تبسط المؤسسة العسكرية سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية ونتمنى لها النجاح". كما شدد على الالتزام بمسيرة والده الشهيد رفيق الحريري، وأضاف: "ما رح قلك كيف مات رفيق الحريري، بدي قلك كيف عاش… أنا ما بسوى ضفر الوالد بكل معنى الكلمة، لكن فيني قول للعالم إنني عندي الصدق والأمانة والالتزام بهذه المسيرة، وإن شاء الله بكون عند حسن ظنكم". إلى ذلك، أشار الحريري إلى علاقته بمفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان قائلاً: "علاقتنا قديمة من أيام الوالد، وأنا شخصياً أحبه، وقلبه محروق على البلد وعلى الطائفة السنية".