
تشيرنوبل جديدة.. هل يمكن أن تؤدي الضربات الإسرائيلية على إيران إلى كارثة نووية؟
بعد عقود من المواجهة بالوكالة والعمليات المحدودة، دخلت إيران وإسرائيل في مواجهة مباشرة ، بدأتها تل أبيب بهجوم مباغت على الجمهورية الإسلامية الجمعة، أسفر عن مقتل قادة عسكريين وعلماء ذرة وطال مواقع نووية.
ردت طهران منذ ليل نفس اليوم بإطلاق دفعات من الصواريخ البالستية والمسيرات نحو الدولة العبرية.
ورغم دعوات وقف التصعيد، يواصل الجانبان تبادل التهديدات والضربات بإحداث مزيد من الدمار وسط مخاوف من كارثة ذرية كبرى أو أقله تسرب إشعاعي من المواقع النووية الإيرانية وأبرزها: منشآت تخصيب اليورانيوم مثل موقعي نطنز و فوردو، مصانع التحويل والبحث كتلك الموجودة في أصفهان، أراك، والعاصمة طهران، ناهيك عن محطة بوشهر النووية.
رغم ذلك، قال خبراء إن صور الأقمار الاصطناعية لم تظهر بعد أضرارا كبيرة في البنية التحتية النووية لإيران.
إلى أي مدى تضررت المواقع النووية الإيرانية؟
في هذا السياق، قال الخبير النووي الأمريكي ديفيد ألبرايت من معهد العلوم والأمن الدولي: "كان اليوم الأول يستهدف أمورا يمكن تحقيقها من خلال المفاجأة، منها اغتيال القيادات، وملاحقة العلماء النوويين، وأنظمة الدفاع الجوي، والقدرة على الرد". لكنه أردف: "لا يمكننا رؤية أي أضرار ظاهرة في فوردو أو أصفهان. وهناك أضرار في نطنز". وتابع "لا يوجد دليل على تدمير الموقع الموجود تحت الأرض".
وأضاف ألبرايت أنه ربما كانت هناك أيضا ضربات بطائرات مسيّرة على أنفاق تؤدي إلى محطات أجهزة الطرد المركزي تحت الأرض، وهجمات إلكترونية لم تترك آثارا يمكن رؤيتها بالعين.
وأكد: "فيما يتعلق بالأضرار المرئية، فإننا لا نرى الكثير وسنرى ما سيحدث"، معتقدا بأن الضربات الإسرائيلية لا تزال في مرحلة مبكرة.
كما لفت هذا الخبير إلى أن وضع مخزونات إيران من اليورانيوم المخصب غير معروف وإن من المحتمل أن تكون تل أبيب قد تجنبت شن هجمات كبيرة على المواقع النووية بسبب مخاوف من إصابة مفتشين دوليين كانوا هناك.
وقال ألبرايت إن "هناك آلاف من أجهزة الطرد المركزي في محطة نطنز تحت الأرض، وإن قطع إمدادات الكهرباء عنها سوف يؤدي إلى تشغيل نظام بطاريات احتياطية" فيما أضاف أن "من المرجح أن تغلق إيران أجهزة الطرد المركزي في الموقع تحت الأرض بطريقة محكمة، وهي عملية ضخمة"، مشيرا إلى أن "البطاريات... تدوم لفترة، لكنها ستنفد في النهاية، وإذا توقفت أجهزة الطرد المركزي عن العمل بشكل لا يُمكن السيطرة عليه، فسيتعطل الكثير منها".
والإثنين، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية " ليس لدينا مؤشرات تبين وجود هجوم" على المنشأة السفلية من موقع نطنز. وتابع: "لا توجد أي مؤشرات على هجوم ملموس على قاعة السلاسل (أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم) الموجودة تحت الأرض والتي تضم جزءا من محطة التخصيب التجريبي ومحطة التخصيب الرئيسية".
وأكد رافايل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية " أن لا مؤشرات على وقوع المزيد من الأضرار في موقع فوردو حيث لم يتم رصد أضرارا في المنشأة الموجودة داخل أحد الجبال".
وأوضح: "لم يلحق ضرر إضافي بمفاعل نطنز لتخصيب الوقود منذ هجوم يوم الجمعة الذي دمر الجزء السطحي من مفاعل تخصيب الوقود التجريبي". وتابع: "في موقع أصفهان النووي، تضررت أربع بنايات في هجوم الجمعة وهي المعمل الكيميائي المركزي ومنشأة لتحويل اليورانيوم ومفاعل طهران لتصنيع الوقود... ومنشأة معالجة كانت تحت الإنشاء".
من جهته، قال جيفري لويس، خبير منع الانتشار النووي في معهد ميدلبري للدراسات الدولية، إن "الأضرار التي لحقت بمنشأة نطنز تبدو "متوسطة". وواصل: "دمرت إسرائيل محطة تخصيب الوقود، بالإضافة إلى بعض المباني المرتبطة بإمدادات الطاقة" مشيرا إلى أن الدولة العبرية قصفت أيضا مبنى للدعم، ربما لإمدادات الطاقة، قرب منشأتين نوويتين تحت الأرض لتخصيب اليورانيوم.
وأردف: "لا يبدو أن قاعات التخصيب تحت الأرض، وكذلك المنشأة تحت الأرض الكبيرة القريبة في الجبال قد تعرضت لأي ضرر".
ولم يتضح بعد حجم الأضرار التي لحقت بمنشأة فوردو النووية الرئيسية، التي تقع على عمق كبير تحت الأرض ويمكن استخدامها لتطوير أسلحة نووية.
هل إسرائيل قادرة على تدمير المواقع النووية تحت الأرض؟
وقال مارك دوبويتز، محامي أمريكي سابق ورئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: "الجميع يتفق أن إسرائيل قد لا تملك الأسلحة اللازمة لتدمير فوردو دون دعم عسكري أمريكي".
تعقيبا لذلك، قال العميد الركن المتقاعد صالح الشراب العبادي خبير عسكري واستراتيجي أردني، إن الضربة التي يجري التلميح لها للمواقع النووية الإيرانية تحت الأرض "ليست كأي ضربة تقليدية، بل هي بمثابة المقامرة الكبرى"، حيث إن "منشآت مثل فوردو ونطنز لم تُبنَ على سطح الأرض، بل تحت جبال وسلاسل صخرية مصممة لتحمل الزلازل والحروب. وهذا يعني أن ضربها يتطلب قدرات خارقة لا تمتلكها إسرائيل بمفردها".
وأوضح لفرانس24 بأن هذه المواقع تمثل "قلاعا هندسية عميقة تحت الأرض، تم تصميمها خصيصا لتحصين البرنامج النووي الإيراني ضد أي ضربة جوية. وهو ما يجعل استهدافها تحديا عسكريا كبيرا لكنه محفوف بمخاطر قد تتجاوز الحرب التقليدية إلى كارثة نووية بيئية شاملة تتعدى إيران إلى معظم الدول الحدودية".
والولايات المتحدة مجهزة بشكل أفضل من الإسرائيليين لتدمير مثل هذه الأهداف باستخدام قنابلها الأقوى الخارقة للتحصينات التي تزن 30 ألف رطل (14 ألف كلغ). وقال دوبويتز" إذا قررت طهران عدم التفاوض بشأن الاتفاق النووي، فإن واشنطن قد تستخدم قاذفاتها من طراز بي-2 وتلك القنابل لتدمير منشأة فوردو".
يشرح الخبير العسكري الأردني صالح الشراب العبادي في هذا الشأن بأن الولايات المتحدة تحتكر حتى اللحظة "القنابل الخارقة للتحصينات العميقة، وعلى رأسها قنبلة GBU-57 MOP، وهو سلاح استراتيجي بالغ التخصص يتطلب طائرات ثقيلة مثل B-2 أو B-52 لإطلاقه. إسرائيل لا تملك مثل هذه القنابل ولا المنصات المطلوبة ما يضعها أمام خيارين: إما طلب الدعم المباشر من واشنطن، بما يحمله ذلك من تبعات سياسية كبرى، أو البحث عن بدائل ميدانية أقل كفاءة، وأكثر مخاطرة. يمكن ذلك تقنيا، ولكن سياسيا واستراتيجيا فالثمن باهظ للغاية. حيث إن استخدامها يعرض الولايات المتحدة لمسؤولية أخلاقية وتاريخية ضخمة، خصوصا إن أدت الضربة إلى انهيار أنظمة التبريد في المنشآت النووية الإيرانية أو إطلاق مواد مشعة".
تشيرنوبل جديدة في الشرق الأوسط؟
وتجدر الإشارة إلى أن ضرب المواقع النووية هو سلاح ذو حدين في هذه الحرب. فقد يؤدي فعلا إلى تعطيل طموحات الإيرانيين بدخول النادي النووي الدولي ولو من باب الاستخدامات المدنية لهذه الطاقة، لكنه قد يؤدي إلى كارثة قد تعادل حسب خبراء ما حدث في تشيرنوبل بشمال أوكرانيا في 26 أبريل/نيسان 1986.
في هذا الإطار، طمأن غروسي بأنه لا توجد مستويات إشعاع مرتفعة في نطنز. لكنه دعا في بيان جميع الأطراف إلى "التحلي بأقصى درجات ضبط النفس لتجنب المزيد من التصعيد". مؤكدا بأن "أي عمل عسكري يُعرّض سلامة وأمن المنشآت النووية للخطر يُنذر بعواقب وخيمة على شعب إيران والمنطقة وما هو أبعد من ذلك".
وأضاف: "أبلغت السلطات المعنية باستعدادي للسفر في أقرب وقت ممكن لتقييم الوضع وضمان السلامة والأمن ومنع الانتشار النووي في إيران".
وتخصب إيران اليورانيوم بدرجة نقاء تصل إلى 60 بالمئة، وهي درجة قريبة من مستوى 90 بالمئة اللازم لصنع الأسلحة النووية في المحطة التجريبية. لكنها تنتج كميات أقل من اليورانيوم المخصب مقارنة بمنشأة فوردو. وهو موقع محفور في جبل قال خبراء عسكريون إنه سيكون من الصعب على إسرائيل تدميره بالقصف.
وأفاد معهد دراسات الحرب في تقرير الأحد نقلا عن خبير عسكري قوله "إن إسرائيل إذا لم تجعل محطة فوردو لتخصيب الوقود غير صالحة للعمل، فستكون إيران قادرة على إنتاج ما يكفي من اليورانيوم المستخدم في صنع تسعة أسلحة نووية بحلول نهاية الشهر الأول باستخدام مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمئة قبل الهجوم".
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية السبت إنه لم يتم رصد أي أضرار في محطة فوردو لتخصيب الوقود أو مفاعل خونداب للماء الثقيل قيد الإنشاء في إيران. وأضافت أنه لم يتم رصد أي أضرار أخرى في نطنز، وهو أحد الأهداف النووية التي قصفتها إسرائيل الجمعة.
حول هذا الموضوع، قال الباحث والخبير جان-ماري كولين مدير فرع فرنسا لـ "الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية" (آيكان) ، إن كل الدلائل تشير إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي في صدد اتباع "استراتيجية مواجهة شاملة مع إيران، مواصلا بذلك النهج المتشدد الذي اتبعه في قطاع غزة".
وأوضح لفرانس24 بأنه ورغم وجود "مخاوف مشروعة تحيط ببرنامج طهران النووي" إلا أن "الوكالة الذرية ولا أي دولة أخرى (باستثناء إسرائيل)، لم تؤكد بشكل قطعي بأن إيران على وشك امتلاك أسلحة نووية خلال أسابيع".
وتابع الباحث والخبير الفرنسي إن "احتمال توجيه ضربات مباشرة للمنشآت النووية الإيرانية "يشكل خطرا جسيما". موضحا بأن "مهاجمة مواقع تخصيب اليورانيوم قد يؤدي إلى انبعاثات إشعاعية، ذات عواقب وخيمة ودائمة على المدنيين والبيئة. كما أن أي عملية عسكرية تستهدف محطة بوشهر للطاقة النووية قد تكون كارثية، تُضاهي تكرار مأساة تشيرنوبيل".
وأضاف جان-ماري كولين أن "هذه المخاوف ليست جديدة، بل تذكرنا بتلك التي ترافقت مع ضرب روسيا المنطقة المحيطة بمحطة الطاقة النووية الأوكرانية في زابوريجيا قبل بضعة أشهر. فعلاوة على ذلك، يجب التذكير بأن أي هجوم على المنشآت النووية محظور بموجب القانون الدولي وقرارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية".
ماذا سيحدث لو قصفت مفاعلات نطنز وفوردو؟
واعتبر مدير حملة آيكان فرنسا بأن "محطة بوشهر للطاقة النووية المدنية، التي قد تُسهم بشكل غير مباشر في إنتاج اليورانيوم (لأن الوقود المستهلك لا يزال بحاجة إلى إعادة المعالجة)، هي الأكثر إثارة للقلق، لكنها في الوقت نفسه تبدو أقل استهدافا. إلا أن المواقع التي يرجح استهدافها بشكل أكبر، هي: محطتا نطنز وفوردو، وهما الموقعان الرئيسيان لتخصيب اليورانيوم".
ويشرح مدير آيكان في معرض تصريحاته أنه "في حال وقوع انفجار، فإنه سيكون داخليا نظرا لوقوعه في أعماق الأرض (حيث يقع الموقعان في قلب منطقة جبلية)، وبالتالي لن يُسفر عن "انفجار نووي"، بل على الأرجح عن انتشار إشعاعي. إذا تأثرت مواقع التخصيب بشدة، فسيكون هناك انتشار إشعاعي على نطاق جغرافي يعتمد على الظروف الجوية؛ فالغبار الإشعاعي لا يقتصر على حدود الدولة!".
وتساءل الخبير النووي الفرنسي: "لنفترض، كما تدعي إسرائيل، أن إيران تمتلك ترسانة نووية. ففي حال شنت إسرائيل ضربات على هذه الترسانة، قد يتساءل المرء عن عواقب مثل هذا العمل. هل تتمتع هذه الأسلحة كما في فرنسا أو الولايات المتحدة مثلا بمستوى من الأمان يمنع عادة أي انفجارات غير مقصودة؟ هل ستنفجر هذه الأسلحة، مسببة تلوثا إشعاعيا كبيرا؟".
من جهته، يتساءل صالح الشراب العبادي في حال حصول مثل هذا التسرب الإشعاعي "فأين سنصل؟ هل الخليج العربي مستثنى؟ هل تركيا وباكستان ستكونان بمنأى عن الإشعاع؟ نتحدث عن احتمال تكرار مشهد تشرنوبل أخر في قلب الشرق الأوسط، ولكن هذه المرة، بقرار سياسي لا بخطأ هندسي".
ويشرح الخبير العسكري الأردني أن إسرائيل قد تلجأ إلى "خطط بديلة لتفادي مثل هذا التصعيد" إن خاطرت بضرب المواقع النووية بهذه القوة، مشيرا إلى أن "ضربات إلكترونية، وتفجيرات من الداخل، أو عمليات خاصة تشل البنية الهندسية للمواقع النووية دون تدميرها كليا".
للإشارة، يحضر البرلمان الإيراني مشروع قانون للانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، رغم أن البلاد لا تزال تعارض تطوير أسلحة الدمار الشامل، وفق ما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية إسماعيل بقائي الإثنين.
وترى الجمهورية الإسلامية أن من حقها استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية، إلا أن برنامجها لتخصيب اليورانيوم الذي يتقدم بسرعة، أثار حسب مراقبين، مخاوف في الغرب عموما وفي منطقة الخليج خصوصا، من تطلعها إلى تطوير سلاح نووي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


يورو نيوز
منذ 8 ساعات
- يورو نيوز
تقرير: العالم يتجه نحو سباق تسليح نووي جديد
أفاد تقرير حديث أصدره "معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام" (SIPRI) أن العالم يشهد للمرة الأولى منذ عقود ارتفاعاً في مخزونات الأسلحة النووية، ما يعكس تحولاً دراماتيكياً في الاتجاه العالمي الذي كان يميل إلى تقليص هذه الأسلحة منذ نهاية الحرب الباردة. وكان عدد الرؤوس الحربية النووية يتراجع سنوياً خلال العقود الماضية بفضل عمليات تفكيك كبيرة قادتها الولايات المتحدة وروسيا، متجاوزا عدد الرؤوس الجديدة التي يتم تصنيعها. لكن التقرير الجديد كشف عن انقلاب هذا الاتجاه، حيث من المتوقع تسجيل زيادة في المخزونات النووية العالمية في السنوات المقبلة نتيجة تباطؤ وتيرة التفكيك وتصاعد نشر الأسلحة الحديثة. قال هانس إم. كريستنسن، الزميل الكبير في برنامج "أسلحة الدمار الشامل" التابع للمعهد: "إن عصر خفض عدد الأسلحة النووية في العالم، والذي استمر منذ نهاية الحرب الباردة، يقترب من نهايته". وأضاف: "نرى اليوم اتجاهًا واضحًا نحو زيادة مخزونات الأسلحة النووية، وتصاعد الخطاب النووي، وتخلي الدول عن الاتفاقيات الخاصة بالرقابة على الأسلحة". وتضم قائمة الدول المسلحة نووياً تسع دول هي: الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وروسيا، وفرنسا، والصين، وباكستان، والهند، وإسرائيل، وكوريا الشمالية. وتشير البيانات إلى أن جميع هذه الدول تعمل حالياً على تحديث الأسلحة الموجودة لديها، فضلاً عن إضافة رؤوس حربية جديدة إلى مخزوناتها. وبحسب تقرير عام 2025 الصادر عن SIPRI، بلغ العدد الإجمالي للرؤوس النووية في العالم حوالي 12,241 اعتباراً من الأول من يناير 2025. ومن بين هذه الرؤوس، يُقدّر أن نحو 9,614 رأساً موجودة في المخزون العسكري وجاهزة للاستخدام المحتمل، منها أكثر من 2,100 رأس نووي على حالة تأهب قصوى – معظمها لدى الولايات المتحدة وروسيا. من بين الدول النووية، تتصدر الصين المشهد بزيادة ترسانتها بنسبة 20% خلال عام واحد فقط ، لتصل إلى ما يُقدر بـ 600 رأس نووي . وتشير التوقعات إلى أن بكين قد تتمكن من تحقيق توازن مع مستويات المخزونات الأمريكية والروسية بحلول عام 2030. في الوقت نفسه، تعمل كل من الهند وباكستان وإسرائيل على توسيع أو تحديث قدراتها النووية بشكل نشط، مما يثير مخاوف حول احتمال تصعيد النزاعات الإقليمية وتحولها إلى أزمات نووية. وفي تعليقه على التوترات الأخيرة في عام 2025 بين الهند وباكستان، قال مات كوردا، الباحث الزميل في SIPRI: إن الضربات ضد البنية التحتية العسكرية المرتبطة بالنووي قد تحوّل النزاع التقليدي إلى أزمة نووية، مضيفاً أن "هذه الحالات يجب أن تكون تحذيراً صارماً للدول التي تسعى لزيادة الاعتماد على الأسلحة النووية". وتأتي هذه التطورات في ظل تصاعد الهجمات بين إيران وإسرائيل، وبعد أسابيع قليلة من تعثر مفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا. وشملت الأهداف الإسرائيلية الأخيرة في إيران مواقع عسكرية وعلماء بارزين يعملون في المجال النووي. وفي سياق متصل، أعربت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن قلقها البالغ إزاء التصعيد بين إسرائيل وإيران في منطقة الشرق الأوسط، مؤكدة أنها تراقب الوضع "بشكل دقيق"، وأشارت إلى أن مستويات الإشعاع لا تزال مستقرة بعد القصف الأخير لمصنع تخصيب اليورانيوم في نطنز بإيران. وقال مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل ماريانو غروسي: "الوكالة جاهزة للرد على أي طارئ نووي أو إشعاعي خلال ساعة واحدة"، مضيفاً: "للمرة الثانية خلال ثلاث سنوات، نشهد صراعاً دراماتيكياً بين دولتين عضوين في الوكالة، تُضرب فيه المنشآت النووية وتتعرض سلامتها للخطر".


فرانس 24
منذ 11 ساعات
- فرانس 24
الحرب بين اسرائيل وايران : قصف يطال التلفزيون الإيراني وطهران ترد بوابل من الصواريخ
في اليوم الخامس من الحرب الجوية بين إيران و إسرائيل ، أعلنت تل أبيب أنها قصفت مبنى هيئة الإذاعة والتلفزيون الرسمي في طهران، في وقت حذرت فيه الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أضرار "جسيمة" في موقع نطنز، أكبر منشأة لتخصيب اليورانيوم في إيران. بالتوازي، دعت طهران واشنطن إلى التدخل لفرض وقف لإطلاق النار. وبثت وسائل الإعلام الإيرانية مشاهد مصورة أظهرت مذيعة أخبار تهرع من مقعدها داخل الاستوديو لحظة الانفجار، فيما أكد الجيش الإسرائيلي أن المبنى كان يُستخدم أيضا كمركز اتصالات من قبل القوات المسلحة الإيرانية. ومع اقتراب منتصف الليل، دوت صفارات الإنذار في تل أبيب بالتزامن مع إطلاق دفعة جديدة من الصواريخ من الأراضي الإيرانية باتجاه إسرائيل. وتقول السلطات الإسرائيلية إن 24 مدنيا قتلوا منذ بدء الهجمات، فيما أعلنت طهران أن عدد ضحاياها تجاوز 224 قتيلا، معظمهم من المدنيين. إيران تطلب وساطة خليجية… وعراقجي: مكالمة واحدة كافية وفي سياق المساعي لاحتواء التصعيد، أكدت مصادر إيرانية وإقليمية لوكالة رويترز أن طهران طلبت من قطر والسعودية وسلطنة عمان الضغط على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإقناع إسرائيل بقبول وقف فوري لإطلاق النار. وأوضحت أن إيران مستعدة لإبداء مرونة في المفاوضات النووية مقابل التهدئة العسكرية. وفي رسالة إلى أربعة من نظرائه الأوروبيين قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إن بلاده "جادة في الجهود الدبلوماسية"، لكنها "تركز حاليا على مواجهة العدوان". وفي منشور على منصة "إكس"، أضاف عراقجي: "إذا كان الرئيس ترامب جادا في الدبلوماسية ومهتما بوقف هذه الحرب، فإن الخطوات التالية ستكون مهمة، على إسرائيل وقف عدوانها، وفي غياب وقف كامل للعدوان العسكري علينا، ستستمر ردودنا. كل ما يتطلبه الأمر هو مكالمة هاتفية واحدة من واشنطن لإسكات شخص مثل نتانياهو". نتانياهو يتمسك بالموقف… وترامب: أعطيناهم 60 يوما وردا على سؤال عما إذا كان سيقبل بالدخول في محادثات إذا طلب ترامب ذلك، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو: "نحن ملتزمون بإزالة تهديدات الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية. وإذا أمكن تحقيق ذلك بطريقة أخرى، فلا بأس. لكننا أعطينا الأمر فرصة لمدة 60 يوما". وكان ترامب قد قال في مقابلة مع "رويترز" يوم الجمعة، وهو اليوم الأول للهجوم الإسرائيلي، إنه منح الإيرانيين مهلة مدتها 60 يوما للتوصل إلى اتفاق بشأن وقف تخصيب اليورانيوم، لكن المهلة انتهت دون اتفاق. وأضاف لاحقا من قمة مجموعة السبع في كندا: "كما قلت سابقا، أعتقد أنه سيتم توقيع اتفاق، أو سيحدث شيء ما، لكن سيتم توقيع اتفاق، وأعتقد أن إيران ستكون حمقاء إذا لم توقّع". "أعتقد أن إيران في الأساس على طاولة المفاوضات". وكان من المقرر عقد لقاء بين مسؤولين أمريكيين وإيرانيين في سلطنة عمان الأحد، لكن طهران ألغته، مشيرة إلى أن "لا مفاوضات ممكنة في ظل القصف". الوكالة الذرية: منشأة نطنز تضررت بشدة من جانبه، أكد المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية، أن الأضرار التي لحقت بمنشأة نطنز كانت "بالغة"، موضحا أن نحو 15 ألف جهاز طرد مركزي على الأرجح "تضرر بشدة أو دُمر" نتيجة انقطاع التيار الكهربائي الناجم عن غارة إسرائيلية. في المقابل، وصف الأضرار في منشأة فوردو بـ"المحدودة للغاية أو المعدومة". وقالت إسرائيل إنها قصفت طائرات مقاتلة إيرانية من طراز F‑14 في مطار طهران، وإنها عطلت اثنتين من ثلاث محطات تخصيب عاملة في إيران، مؤكدة أنها "تسيطر حاليا على المجال الجوي الإيراني". ضربات إيرانية على تل أبيب وحيفا… والحرس الثوري يتحدث عن 'تكتيك جديد ' في المقابل، أعلن الحرس الثوري الإيراني تنفيذ "أكبر وأعنف هجوم صاروخي حتى الآن"، استهدف مدنا إسرائيلية بينها تل أبيب وحيفا، وأسفر عن مقتل ثمانية أشخاص على الأقل. وأوضح أن الهجوم اعتمد "أسلوبا جديدا" أدى إلى إرباك منظومات الدفاع الإسرائيلية، عبر دفعها إلى استهداف بعضها البعض، ما سمح للصواريخ باختراقها. وأعلنت مجموعة "بازان" للطاقة في حيفا أن إحدى منشآت توليد الكهرباء التابعة لها تعرضت لأضرار جسيمة، ما أدى إلى مقتل ثلاثة موظفين وإغلاق منشآت تكرير النفط في الموقع. أزمة إنسانية في طهران… ونقص في البنزين والسيولة في الداخل الإيراني، بث التلفزيون الرسمي مشاهد لمبان منهارة وشوارع مدمرة في طهران، وسط محاولات سكان العاصمة الفرار إلى الخارج. وأفادت وسائل إعلام محلية بوقوف المواطنين في طوابير للحصول على البنزين أو السحب من أجهزة الصراف الآلي التي نفدت منها النقود. وقال غلام رضا محمدي، موظف حكومي يبلغ من العمر 48 عامًا، لرويترز من داخل العاصمة: "أنا يائس. طفلاي خائفان ولا يستطيعان النوم بسبب دوي الدفاعات الجوية والانفجارات. لا نملك مكانا نلجأ إليه… اختبأنا تحت طاولة الطعام". في الأسواق، سجل سعر برميل النفط تراجعًا بنحو دولار واحد، في ظل تداولات متقلبة وسط تقارير عن رغبة إيران في التوصل إلى هدنة. هذا التراجع خفف من المخاوف بشأن تعطل محتمل لإمدادات النفط الخام من الشرق الأوسط. ومع ذلك، ترى أوساط مراقبة أن اغتيال عدد كبير من القادة العسكريين الإيرانيين وفقدان السيطرة على المجال الجوي يمثلان اختبارًا خطيرًا للنظام الإيراني، يُعد الأوسع منذ الثورة الإسلامية عام 1979.


فرانس 24
منذ 21 ساعات
- فرانس 24
تشيرنوبل جديدة.. هل يمكن أن تؤدي الضربات الإسرائيلية على إيران إلى كارثة نووية؟
بعد عقود من المواجهة بالوكالة والعمليات المحدودة، دخلت إيران وإسرائيل في مواجهة مباشرة ، بدأتها تل أبيب بهجوم مباغت على الجمهورية الإسلامية الجمعة، أسفر عن مقتل قادة عسكريين وعلماء ذرة وطال مواقع نووية. ردت طهران منذ ليل نفس اليوم بإطلاق دفعات من الصواريخ البالستية والمسيرات نحو الدولة العبرية. ورغم دعوات وقف التصعيد، يواصل الجانبان تبادل التهديدات والضربات بإحداث مزيد من الدمار وسط مخاوف من كارثة ذرية كبرى أو أقله تسرب إشعاعي من المواقع النووية الإيرانية وأبرزها: منشآت تخصيب اليورانيوم مثل موقعي نطنز و فوردو، مصانع التحويل والبحث كتلك الموجودة في أصفهان، أراك، والعاصمة طهران، ناهيك عن محطة بوشهر النووية. رغم ذلك، قال خبراء إن صور الأقمار الاصطناعية لم تظهر بعد أضرارا كبيرة في البنية التحتية النووية لإيران. إلى أي مدى تضررت المواقع النووية الإيرانية؟ في هذا السياق، قال الخبير النووي الأمريكي ديفيد ألبرايت من معهد العلوم والأمن الدولي: "كان اليوم الأول يستهدف أمورا يمكن تحقيقها من خلال المفاجأة، منها اغتيال القيادات، وملاحقة العلماء النوويين، وأنظمة الدفاع الجوي، والقدرة على الرد". لكنه أردف: "لا يمكننا رؤية أي أضرار ظاهرة في فوردو أو أصفهان. وهناك أضرار في نطنز". وتابع "لا يوجد دليل على تدمير الموقع الموجود تحت الأرض". وأضاف ألبرايت أنه ربما كانت هناك أيضا ضربات بطائرات مسيّرة على أنفاق تؤدي إلى محطات أجهزة الطرد المركزي تحت الأرض، وهجمات إلكترونية لم تترك آثارا يمكن رؤيتها بالعين. وأكد: "فيما يتعلق بالأضرار المرئية، فإننا لا نرى الكثير وسنرى ما سيحدث"، معتقدا بأن الضربات الإسرائيلية لا تزال في مرحلة مبكرة. كما لفت هذا الخبير إلى أن وضع مخزونات إيران من اليورانيوم المخصب غير معروف وإن من المحتمل أن تكون تل أبيب قد تجنبت شن هجمات كبيرة على المواقع النووية بسبب مخاوف من إصابة مفتشين دوليين كانوا هناك. وقال ألبرايت إن "هناك آلاف من أجهزة الطرد المركزي في محطة نطنز تحت الأرض، وإن قطع إمدادات الكهرباء عنها سوف يؤدي إلى تشغيل نظام بطاريات احتياطية" فيما أضاف أن "من المرجح أن تغلق إيران أجهزة الطرد المركزي في الموقع تحت الأرض بطريقة محكمة، وهي عملية ضخمة"، مشيرا إلى أن "البطاريات... تدوم لفترة، لكنها ستنفد في النهاية، وإذا توقفت أجهزة الطرد المركزي عن العمل بشكل لا يُمكن السيطرة عليه، فسيتعطل الكثير منها". والإثنين، قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية " ليس لدينا مؤشرات تبين وجود هجوم" على المنشأة السفلية من موقع نطنز. وتابع: "لا توجد أي مؤشرات على هجوم ملموس على قاعة السلاسل (أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم) الموجودة تحت الأرض والتي تضم جزءا من محطة التخصيب التجريبي ومحطة التخصيب الرئيسية". وأكد رافايل غروسي، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية " أن لا مؤشرات على وقوع المزيد من الأضرار في موقع فوردو حيث لم يتم رصد أضرارا في المنشأة الموجودة داخل أحد الجبال". وأوضح: "لم يلحق ضرر إضافي بمفاعل نطنز لتخصيب الوقود منذ هجوم يوم الجمعة الذي دمر الجزء السطحي من مفاعل تخصيب الوقود التجريبي". وتابع: "في موقع أصفهان النووي، تضررت أربع بنايات في هجوم الجمعة وهي المعمل الكيميائي المركزي ومنشأة لتحويل اليورانيوم ومفاعل طهران لتصنيع الوقود... ومنشأة معالجة كانت تحت الإنشاء". من جهته، قال جيفري لويس، خبير منع الانتشار النووي في معهد ميدلبري للدراسات الدولية، إن "الأضرار التي لحقت بمنشأة نطنز تبدو "متوسطة". وواصل: "دمرت إسرائيل محطة تخصيب الوقود، بالإضافة إلى بعض المباني المرتبطة بإمدادات الطاقة" مشيرا إلى أن الدولة العبرية قصفت أيضا مبنى للدعم، ربما لإمدادات الطاقة، قرب منشأتين نوويتين تحت الأرض لتخصيب اليورانيوم. وأردف: "لا يبدو أن قاعات التخصيب تحت الأرض، وكذلك المنشأة تحت الأرض الكبيرة القريبة في الجبال قد تعرضت لأي ضرر". ولم يتضح بعد حجم الأضرار التي لحقت بمنشأة فوردو النووية الرئيسية، التي تقع على عمق كبير تحت الأرض ويمكن استخدامها لتطوير أسلحة نووية. هل إسرائيل قادرة على تدمير المواقع النووية تحت الأرض؟ وقال مارك دوبويتز، محامي أمريكي سابق ورئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: "الجميع يتفق أن إسرائيل قد لا تملك الأسلحة اللازمة لتدمير فوردو دون دعم عسكري أمريكي". تعقيبا لذلك، قال العميد الركن المتقاعد صالح الشراب العبادي خبير عسكري واستراتيجي أردني، إن الضربة التي يجري التلميح لها للمواقع النووية الإيرانية تحت الأرض "ليست كأي ضربة تقليدية، بل هي بمثابة المقامرة الكبرى"، حيث إن "منشآت مثل فوردو ونطنز لم تُبنَ على سطح الأرض، بل تحت جبال وسلاسل صخرية مصممة لتحمل الزلازل والحروب. وهذا يعني أن ضربها يتطلب قدرات خارقة لا تمتلكها إسرائيل بمفردها". وأوضح لفرانس24 بأن هذه المواقع تمثل "قلاعا هندسية عميقة تحت الأرض، تم تصميمها خصيصا لتحصين البرنامج النووي الإيراني ضد أي ضربة جوية. وهو ما يجعل استهدافها تحديا عسكريا كبيرا لكنه محفوف بمخاطر قد تتجاوز الحرب التقليدية إلى كارثة نووية بيئية شاملة تتعدى إيران إلى معظم الدول الحدودية". والولايات المتحدة مجهزة بشكل أفضل من الإسرائيليين لتدمير مثل هذه الأهداف باستخدام قنابلها الأقوى الخارقة للتحصينات التي تزن 30 ألف رطل (14 ألف كلغ). وقال دوبويتز" إذا قررت طهران عدم التفاوض بشأن الاتفاق النووي، فإن واشنطن قد تستخدم قاذفاتها من طراز بي-2 وتلك القنابل لتدمير منشأة فوردو". يشرح الخبير العسكري الأردني صالح الشراب العبادي في هذا الشأن بأن الولايات المتحدة تحتكر حتى اللحظة "القنابل الخارقة للتحصينات العميقة، وعلى رأسها قنبلة GBU-57 MOP، وهو سلاح استراتيجي بالغ التخصص يتطلب طائرات ثقيلة مثل B-2 أو B-52 لإطلاقه. إسرائيل لا تملك مثل هذه القنابل ولا المنصات المطلوبة ما يضعها أمام خيارين: إما طلب الدعم المباشر من واشنطن، بما يحمله ذلك من تبعات سياسية كبرى، أو البحث عن بدائل ميدانية أقل كفاءة، وأكثر مخاطرة. يمكن ذلك تقنيا، ولكن سياسيا واستراتيجيا فالثمن باهظ للغاية. حيث إن استخدامها يعرض الولايات المتحدة لمسؤولية أخلاقية وتاريخية ضخمة، خصوصا إن أدت الضربة إلى انهيار أنظمة التبريد في المنشآت النووية الإيرانية أو إطلاق مواد مشعة". تشيرنوبل جديدة في الشرق الأوسط؟ وتجدر الإشارة إلى أن ضرب المواقع النووية هو سلاح ذو حدين في هذه الحرب. فقد يؤدي فعلا إلى تعطيل طموحات الإيرانيين بدخول النادي النووي الدولي ولو من باب الاستخدامات المدنية لهذه الطاقة، لكنه قد يؤدي إلى كارثة قد تعادل حسب خبراء ما حدث في تشيرنوبل بشمال أوكرانيا في 26 أبريل/نيسان 1986. في هذا الإطار، طمأن غروسي بأنه لا توجد مستويات إشعاع مرتفعة في نطنز. لكنه دعا في بيان جميع الأطراف إلى "التحلي بأقصى درجات ضبط النفس لتجنب المزيد من التصعيد". مؤكدا بأن "أي عمل عسكري يُعرّض سلامة وأمن المنشآت النووية للخطر يُنذر بعواقب وخيمة على شعب إيران والمنطقة وما هو أبعد من ذلك". وأضاف: "أبلغت السلطات المعنية باستعدادي للسفر في أقرب وقت ممكن لتقييم الوضع وضمان السلامة والأمن ومنع الانتشار النووي في إيران". وتخصب إيران اليورانيوم بدرجة نقاء تصل إلى 60 بالمئة، وهي درجة قريبة من مستوى 90 بالمئة اللازم لصنع الأسلحة النووية في المحطة التجريبية. لكنها تنتج كميات أقل من اليورانيوم المخصب مقارنة بمنشأة فوردو. وهو موقع محفور في جبل قال خبراء عسكريون إنه سيكون من الصعب على إسرائيل تدميره بالقصف. وأفاد معهد دراسات الحرب في تقرير الأحد نقلا عن خبير عسكري قوله "إن إسرائيل إذا لم تجعل محطة فوردو لتخصيب الوقود غير صالحة للعمل، فستكون إيران قادرة على إنتاج ما يكفي من اليورانيوم المستخدم في صنع تسعة أسلحة نووية بحلول نهاية الشهر الأول باستخدام مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 بالمئة قبل الهجوم". وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية السبت إنه لم يتم رصد أي أضرار في محطة فوردو لتخصيب الوقود أو مفاعل خونداب للماء الثقيل قيد الإنشاء في إيران. وأضافت أنه لم يتم رصد أي أضرار أخرى في نطنز، وهو أحد الأهداف النووية التي قصفتها إسرائيل الجمعة. حول هذا الموضوع، قال الباحث والخبير جان-ماري كولين مدير فرع فرنسا لـ "الحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية" (آيكان) ، إن كل الدلائل تشير إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي في صدد اتباع "استراتيجية مواجهة شاملة مع إيران، مواصلا بذلك النهج المتشدد الذي اتبعه في قطاع غزة". وأوضح لفرانس24 بأنه ورغم وجود "مخاوف مشروعة تحيط ببرنامج طهران النووي" إلا أن "الوكالة الذرية ولا أي دولة أخرى (باستثناء إسرائيل)، لم تؤكد بشكل قطعي بأن إيران على وشك امتلاك أسلحة نووية خلال أسابيع". وتابع الباحث والخبير الفرنسي إن "احتمال توجيه ضربات مباشرة للمنشآت النووية الإيرانية "يشكل خطرا جسيما". موضحا بأن "مهاجمة مواقع تخصيب اليورانيوم قد يؤدي إلى انبعاثات إشعاعية، ذات عواقب وخيمة ودائمة على المدنيين والبيئة. كما أن أي عملية عسكرية تستهدف محطة بوشهر للطاقة النووية قد تكون كارثية، تُضاهي تكرار مأساة تشيرنوبيل". وأضاف جان-ماري كولين أن "هذه المخاوف ليست جديدة، بل تذكرنا بتلك التي ترافقت مع ضرب روسيا المنطقة المحيطة بمحطة الطاقة النووية الأوكرانية في زابوريجيا قبل بضعة أشهر. فعلاوة على ذلك، يجب التذكير بأن أي هجوم على المنشآت النووية محظور بموجب القانون الدولي وقرارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية". ماذا سيحدث لو قصفت مفاعلات نطنز وفوردو؟ واعتبر مدير حملة آيكان فرنسا بأن "محطة بوشهر للطاقة النووية المدنية، التي قد تُسهم بشكل غير مباشر في إنتاج اليورانيوم (لأن الوقود المستهلك لا يزال بحاجة إلى إعادة المعالجة)، هي الأكثر إثارة للقلق، لكنها في الوقت نفسه تبدو أقل استهدافا. إلا أن المواقع التي يرجح استهدافها بشكل أكبر، هي: محطتا نطنز وفوردو، وهما الموقعان الرئيسيان لتخصيب اليورانيوم". ويشرح مدير آيكان في معرض تصريحاته أنه "في حال وقوع انفجار، فإنه سيكون داخليا نظرا لوقوعه في أعماق الأرض (حيث يقع الموقعان في قلب منطقة جبلية)، وبالتالي لن يُسفر عن "انفجار نووي"، بل على الأرجح عن انتشار إشعاعي. إذا تأثرت مواقع التخصيب بشدة، فسيكون هناك انتشار إشعاعي على نطاق جغرافي يعتمد على الظروف الجوية؛ فالغبار الإشعاعي لا يقتصر على حدود الدولة!". وتساءل الخبير النووي الفرنسي: "لنفترض، كما تدعي إسرائيل، أن إيران تمتلك ترسانة نووية. ففي حال شنت إسرائيل ضربات على هذه الترسانة، قد يتساءل المرء عن عواقب مثل هذا العمل. هل تتمتع هذه الأسلحة كما في فرنسا أو الولايات المتحدة مثلا بمستوى من الأمان يمنع عادة أي انفجارات غير مقصودة؟ هل ستنفجر هذه الأسلحة، مسببة تلوثا إشعاعيا كبيرا؟". من جهته، يتساءل صالح الشراب العبادي في حال حصول مثل هذا التسرب الإشعاعي "فأين سنصل؟ هل الخليج العربي مستثنى؟ هل تركيا وباكستان ستكونان بمنأى عن الإشعاع؟ نتحدث عن احتمال تكرار مشهد تشرنوبل أخر في قلب الشرق الأوسط، ولكن هذه المرة، بقرار سياسي لا بخطأ هندسي". ويشرح الخبير العسكري الأردني أن إسرائيل قد تلجأ إلى "خطط بديلة لتفادي مثل هذا التصعيد" إن خاطرت بضرب المواقع النووية بهذه القوة، مشيرا إلى أن "ضربات إلكترونية، وتفجيرات من الداخل، أو عمليات خاصة تشل البنية الهندسية للمواقع النووية دون تدميرها كليا". للإشارة، يحضر البرلمان الإيراني مشروع قانون للانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، رغم أن البلاد لا تزال تعارض تطوير أسلحة الدمار الشامل، وفق ما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية إسماعيل بقائي الإثنين. وترى الجمهورية الإسلامية أن من حقها استخدام الطاقة النووية لأغراض سلمية، إلا أن برنامجها لتخصيب اليورانيوم الذي يتقدم بسرعة، أثار حسب مراقبين، مخاوف في الغرب عموما وفي منطقة الخليج خصوصا، من تطلعها إلى تطوير سلاح نووي.