
بعد غياب 5 سنوات.. الكمأة التونسية تعود بموسم وفير يعيد الأمل للأسر ويعزز الاقتصاد
بعد غياب تجاوز 5 سنوات، بسبب تواصل الجفاف في جنوبي تونس، ظهرت أعداد كبيرة من ثمرة "الكمأة" أو الفقع، أو كما يعرف في تونس بـ"الترفاس"، في أرياف محافظتي مدنين وتطاوين.
والكمأة من الثمار الطبيعية والبيولوجية التي لا تغرس ولا تزرع، حيث يعدها البعض 'زبدة الأرض وقوتها'، وأسعارها ترتفع كلما كبر حجمها، ولها قيمة غذائية عالية، مما يفسر شدة الإقبال على شرائها في الخارج كما في الداخل.
أسواق محافظتي تطاوين ومدين بجنوب تونس، شهدت خلال الأيام الأخيرة توفر كميات معتبرة من "الترفاس" بأسعار مرتفعة تتجاوز 150 ديناراً تونسياً للكيلوغرام الواحد، أي بنحو 50 دولاراً أمريكياً، لتشكل مصدر رزق للمئات من الأسر التونسية.
موسم نضوج هذه الثمرة في فصل الشتاء، خاصة عند نزول كميات كبيرة من الأمطار في بداية فصل الخريف، إذ تنمو بأحراش الوسط وغابات الشمال الغربي، وتستمر ثمارها في النضج حتى نهاية شهر أبريل، على شكل درنات تحت الأرض تبرز كلياً أو جزئياً فوق سطح التربة بأحجام متفاوتة.
ويعد الجنوب التونسي من أهم مواقع وجود هذه الثمرة، حيث تتعدد تقاليد استهلاكها وتختلف طرق البحث عنها وجمعها التي لا يدركها إلا من يتمتع بخبرة ومهارة، وعادة ما يوجد "الترفاس" قرب نبتة يصطلح على تسميتها بـ'عروق الترفاس'، وهي نبتة صفراء اللون تبرز إلى جانبها شقوق صغيرة على سطح الأرض، وبنبشها يتم العثور على هذه الثمرة.
وتعد هذه الثمرة وجبة مفضلة لسكان الجنوب التونسي وزوّارهم، فالبعض يستعملها للأكل بطبخها في الماء والملح بعد تنظيفها، أو طبخها مع الأكلات العادية على غرار الكسكسي، الحساء، الجلبانة، أو بالشواء على النار، والبعض الآخر يستغلها لكسب الرزق، حيث يحصد مبالغ مالية مهمة لكثرة الطلب وغلاء السعر.
ولـ'الترفاس' أنواع مختلفة باختلاف اللون والحجم، ويوجد نوعان رئيسان ينبتان في منطقة الجنوب التونسي ويعرفان في هذه المناطق باسم 'الترفاس الأحمر' و'الترفاس الأبيض'.. كما ثبتت العديد من الفوائد الصحية لتناولها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 6 ساعات
- Independent عربية
عيد السودان... طعم الأضاحي مستحيل في الحرب
في ظل الأوضاع المعيشية والاقتصادية التي أفرزتها الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" منذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، لا تزال ملامح عيد الأضحى تغيب في السودان وسط وضع إنساني مأزوم جراء النزوح وتفشي البطالة وانخفاض قيمة العملة الوطنية وتصاعد معدل التضخم، فضلاً عن أزمة السيولة المتفاقمة، في وقت تكابد الأسر لإدخال الفرحة والسعادة إلى قلوب أفرادها بتأمين خروف العيد على رغم المغالاة في الأسعار هذا العام. وتشهد أسواق المواشي في ولايات البحر الأحمر والقضارف وكسلا ونهر النيل والنيل الأبيض والنيل الأزرق وسوق تمبول شرق ولاية الجزيرة حركة نشطة مع اقتراب عيد الأضحى، إذ بلغت أسعار الخراف الكبيرة 700 ألف جنيه سوداني (ما يعادل 250 دولاراً)، والمتوسطة تراوح أسعارها بين 400 و500 ألف جنيه سوداني (142 و178 دولاراً)، والصغيرة 300 ألف (ما يعادل 107 دولارات). وأرجع تجار المواشي ارتفاع الأسعار إلى تحديات معقدة أبرزها توقف حركة الوارد من مناطق الإنتاج في كردفان ودارفور بسبب الطرق غير الآمنة نتيجة لاشتداد المعارك بين طرفي الحرب، بالتالي انحصر الإنتاج داخل الولايات الآمنة. وسط هذه المؤشرات يخشى كثير من المواطنين مع حلول العيد تزايد صعوبة توفيق الأوضاع بين الاحتياجات الأساسية وكلفة الأضحية، لكن يبقى الأمل في الشراء أو الاكتفاء بعدد من الكيلوغرامات. انهيار القطاع وأدت الحرب المستعرة بين الجيش و"الدعم السريع" إلى انهيار قطاع الثروة الحيوانية بنسبة 95 في المئة، بسبب توقف حركة البيع والصادر وعمليات السلب والنهب الواسعة التي تعرضت لها المواشي بواسطة قوات "الدعم السريع"، إلى جانب قتل أعداد كبيرة من الملاك والرعاة أثناء دفاعهم عن مواشيهم خلال رحلة تجوالهم بحثاً عن المراعي، فضلاً عن نهب سلال الأبقار والخراف والماعز ونفوق المواشي وفقدان حملات اللقاحات التي كانت تنظمها منظمة "الفاو" العالمية للمواشي بولايتي كردفان ودارفور بسبب انعدام الأمن، علاوة على انقطاع الخدمات البيطرية وتدمير المعامل التي تنتج الأمصال، بخاصة المعمل المركزي بسوبا في ولاية الخرطوم وهجرة كوادره الفنية، إضافة إلى الدمار الذي لحق بالمراعي الطبيعية ومصادر المياه، مما أسهم في انتشار الأمراض. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) في الأثناء كشفت وزارة الثروة الحيوانية الاتحادية عن أن الرعاة في كردفان ودارفور والجزيرة وسنار والبطانة ظلوا يدعمون الاقتصاد السوداني بنحو مليار دولار سنوياً من عائدات صادرات المواشي، إلى جانب منطقة رهيد البردي في ولاية جنوب كردفان التي تضم أكبر سوق تغذي العاصمة الخرطوم. مغالاة فاحشة يقول حيدر الماحي من مواطني مدينة عطبرة بولاية نهر النيل، إن "عيد الأضحى من الشعائر الدينية التي تعود المواطنون السودانيون على اتباعها، على رغم الأوضاع الاقتصادية التي يعانونها قبل اندلاع الصراع، لكن الحرب المشتعلة لأكثر من عامين فاقمت الوضع المعيشي وحالت دون استقرار السكان، بل وضعتهم على حافة الفقر بسبب النزوح وفقدان مصادر الدخل وأزمة السيولة، بالتالي تراجع مستويات الشراء". وأضاف الماحي "تعودنا التحضير لعيد الأضحى قبل فترة وجيزة من حلوله، إذ إن الفضول قادني للسؤال عن أسعار الأضاحي هذا العام، ووجدت الأمر يفوق الخيال من ناحية الارتفاع الجنوني لأسعار المواشي، في ظل واقع إنساني مرير يعيشه المواطن في شتى مناحي الحياة". وتابع "كانت لدي رغبة أكيدة في إسعاد أفراد أسرتي وإخراجهم من الضغوط النفسية، بخاصة الأطفال الذين تتجلى فرحتهم بعيد الأضحى في الإصرار على مرافقتي لسوق المواشي، لكن تبدد الأمل هذا العام نظراً إلى المغالاة في الأسعار، فالخروف الذي كنا نشتريه قبل الحرب بنحو 150 ألف جنيه سوداني (ما يعادل 53 دولاراً) أصبح الآن بنحو 300 ألف، في وقت تنعدم الأعمال في كل المجالات، لذلك لن أتمكن من شراء الأضحية هذا العام، وسأكتفي بشراء بضع كيلوغرامات من اللحم حتى نشعر بفرحة اليوم الأول". وأشار المواطن إلى أن "الأوضاع المعيشية المزرية التي فرضتها الحرب وتأثرت بها الولايات بالكاد نستطع معها تلبية الاحتياجات الأساسية، فضلاً عن أن الأسر أصبحت في حال يقين وتلاشت الرغبات، لذلك ما لم تقف الحرب لن تعود الحياة لطبيعتها، لا سيما أننا ما زلنا موجودين في مناطق النزوح، لأن العاصمة الخرطوم لم تعد صالحة للعيش بالنظر إلى تفشي الأوبئة والانفلات الأمني". ملامح غائبة يرى محمود السر، الذي يعمل موظفاً في ولاية كسلا شرق البلاد، أن "الأسعار في سوق مستورة للمواشي بولاية كسلا إلى حد ما معقولة، وهناك خراف بنحو 200 ألف جنيه سوداني، لكنها صغيرة الحجم، وبصورة عامة فإن الأزمة الاقتصادية والغلاء الفاحش في المواد الاستهلاكية ربما يحولان دون فرحة العيد بخاصة داخل الأسر التي تعاني الفقر". وأردف "في السابق وقبل اندلاع الحرب في العاصمة كنا نسافر لقضاء عطلة العيد مع أهلنا في الأقاليم بعيداً من زخم العاصمة، وهذا العيد يعرف في المجتمعات السودانية بالعيد الكبير، وهي عادة اجتماعية نتبعها سنوياً، لكن من المؤسف الحرب أسهمت في فقدانها نتيجة للنزوح وهجرة السكان قسراً، إلى جانب أن موت وفقدان الأحباب يجعل الفرحة ناقصة، علاوة على ارتفاع الأسعار وعدم مراعاة أحوال الأسر المعيشية، بخاصة النازحة". ولفت إلى أن "العيد في العاصمة الخرطوم له مذاق خاص ويرتبط بالطقوس السودانية والعادات والتقاليد من خلال التنقل من منزل إلى آخر، فضلاً عن استمرار الذبائح حتى اليوم الرابع من العيد والاستمتاع بالمأكولات، مع احتساء المشروب الشعبية (الشربوت) المصنوع من البلح الذي لا تكتمل مائدة الأضحية إلا بوجوده، إذ بتنا نفتقد هذه الروابط بسبب الحرب ونأمل أن تعود هذه الأيام السعيدة باستقرار سكان العاصمة، ومن المؤكد أنها لن ترجع إلا بإخماد نيران الحرب". تحديات وأخطار في السياق أوضح تاجر المواشي محمد عبدالقيوم، العامل في سوق سيدون بمدينة عطبرة، أن "سوق المواشي تضررت بسبب الحرب واتساع رقعتها، بالتالي تأثرت الولايات المنتجة في كردفان ودارفور التي كانت تغذي الأسواق الرئيسة في العاصمة بمدنها الثلاث: الخرطوم وبحري وأم درمان، باعتبارها تشكل أكبر قوة شرائية، لا سيما أنها تضم أعلى نسبة من السكان". وواصل عبدالقيوم "المغالاة في الأسعار جاءت نتيجة لارتفاع كلفة أعلاف المواشي وشراء الماء بأثمان باهظة، إلى جانب استئجار الحظائر، فضلاً عن انهيار قطاع البيطرية في الخرطوم الذي كان يوفر الأدوية والتطعيمات للمواشي، علاوة على ارتفاع رسوم النقل أثناء الحرب، إذ خاطرنا بجلب الخراف الصغيرة من ولاية النيل الأبيض بمدينتي كويتي وربك، وشرعنا في تربيتها مع ندرتها بسبب نفوق معظمها جراء المعارك، كما كان يجري في الغالب نهبها وسرقتها في ظل الأوضاع الأمنية المتردية، مما قاد معظم تجار المواشي لحصر تربية القطيع في الولايات الآمنة". ونوه إلى أن "ظروف الحرب جعلت المواطنين في أوضاع مادية صعبة، لذلك لا نتوقع أن يكون حجم الإقبال على الشراء كبيراً كما كان في السابق، فاستمرار الحرب عقد الأوضاع وجعلها تسوء أكثر".


شبكة عيون
منذ 15 ساعات
- شبكة عيون
ارتفاع أسعار النفط 1.50% في تسوية الثلاثاء
ارتفاع أسعار النفط 1.50% في تسوية الثلاثاء ★ ★ ★ ★ ★ مباشر: ارتفعت أسعار النفط في نهاية تعاملات الثلاثاء، في ظل توتر الأوضاع العسكرية على الجبهة الروسية الأوكرانية، ومخاوف المستثمرين تجاه تعثر المفاوضات النووية بين إيران والولايات المتحدة. زادت العقود الآجلة لخام برنت القياسي تسليم أغسطس بنسبة 1.50% أو ما يعادل دولاراً واحداً إلى 65.63 دولار للبرميل عند التسوية. وارتفعت العقود الآجلة لخام نايمكس الأمريكي تسليم يوليو بنسبة 1.40% أو 89 سنتاً إلى 63.41 دولار للبرميل. مباشر (اقتصاد) مباشر (اقتصاد) الكلمات الدلائليه أسعار اقتصاد


Independent عربية
منذ يوم واحد
- Independent عربية
المصريون "ضحايا الأضحية"... أسعارها عالية وأياديهم قصيرة
على بعد نحو 80 كيلومتراً من القاهرة، في مدينة الصف الواقعة جنوب محافظة الجيزة، حيث يقطن محمد علوان، اعتاد الرجل الذي بلغ عقده الخامس كل عام على شراء عجل كأضحية مع اقتراب عيد الأضحى المبارك من أجل توزيعه على الفقراء والمحتاجين من أبناء قريته، لكنه فوجئ أثناء جولته على عدد من محال الجزارة بارتفاع كبير في أسعار الأضاحي مقارنة بالأعوام الماضية، بصورة تمثل عبئاً على موازنته، مما أجبره على تغيير خطته وطقوسه المعتادة باللجوء إلى حل بديل يضمن له تحقيق المعادلة بين خفض الكلفة المالية، والحرص على أداء الشعيرة الدينية. يقول علوان، الذي يعمل موظفاً بإحدى شركات الاتصالات الخاصة ويعول أسرة مكونة من زوجة و3 أبناء، "أسعار الأضاحي الحية أصبحت جنونية، والتجار يرفعونها بصورة غير مبررة، ولم يعد بإمكان الشخص المتوسط الحال أن يتحمل سعر ذبيحة الأضحية بمفرده". يستشهد علوان بمثال، فـ"قبل 3 سنوات كان سعر العجل يصل إلى 50 ألف جنيه (نحو ألف دولار)، وكنت حريصاً على تلك العادة، ولكن الأسعار تضاعفت حالياً ثلاث مرات، وأصبح سعر العجل يراوح في بعض الأحياء ما بين 100 و150 ألف جنيه، ما سيضغط على موازنة المنزل وحاجات الأسرة ومتطلباتها، بالتالي كان لا بد من مشاركة أشخاص آخرين لخفض الكلفة المالية ومواصلة ذبح الأضحية". اتفق علوان مع أربعة آخرين من أقاربه على شراء عجل من أحد محال الجزارة القريبة من قريته بسعر 120 ألف جنيه (2411 دولاراً)، بحيث يتحمل كل فرد قرابة 24 ألفاً (نحو 482 دولاراً)، ليتم تقاسم الكلفة بينهم. "على رغم الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة، والقفزات المتوالية في أسعار غالب السلع والمنتجات، ومتطلبات المنزل والأبناء التي لا تنتهي، فإنني لم أفكر يوماً في الانقطاع عن تلك العادة تحت أي ظرف من الظروف"، بحسب علوان. ومنذ عام 2016 تشهد سوق الصرف في مصر تغيرات كبيرة تزامنت مع إعلان الحكومة تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي بدأ بتحرير سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدولار (التعويم)، وخلال الأعوام الماضية خُفض الجنيه المصري خمس مرات فقد خلالها نحو 84.6 في المئة من قيمته أمام الدولار. لا أضحية على عكس "علوان" قرر أحمد المحمدي، الذي يعمل معلماً بإحدى المدارس الخاصة ويقطن بحي فيصل بالجيزة (جنوب القاهرة)، التخلي خلال العام الحالي عن ذبح الأضحية التي اعتاد عليها طوال السنوات الخمس الماضية، بسبب ارتفاع سعر الأضاحي، ولعدم توافر الملاءة المالية لديه، ومن أجل تلبية متطلبات وحاجات منزله الشهرية. يقول الرجل الذي يعول زوجة وطفلين لـ"اندبندنت عربية"، "كنت أداوم كل عام على شراء خروف الأضحية وكان سعره قبل ثلاثة أعوام لا يزيد على 6 آلاف جنيه (120 دولاراً)، ولكن تضاعف سعره على مدى العامين الماضيين ليصل لـ12 ألفاً (241 دولاراً)، وهو أمر يفوق طاقتي، لا سيما أن دخلي الشهري لا يتخطى 9 آلاف جنيه (180 دولاراً)، وهو ما كان سيجبرني على الاستدانة لتوفير مبلغ الذبيحة". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) يقول المحمدي، "سأحرص على استكمال تلك العادة أملاً في نيل الثواب العام المقبل، وسأبدأ الدخول في جمعية لتوفير الكلفة المالية وحتى أكون قادراً على تنفيذ تلك الشعيرة". استجاب عمرو إسماعيل إلى نصيحة أحد زملائه المقربين، بالتواصل مع أحد مشرفي المؤسسات الأفريقية الموجودة بمصر عبر "فيسبوك"، والتي تتوسط بين الراغب في شراء الأضحية ومقر المؤسسة في تنزانيا لحجز خروف العيد، واتفق على تحويل مبلغ مالي للمؤسسة عبر وسائل الدفع الإلكتروني، على أن ترسل المؤسسة مقطع فيديو متضمناً اسمه بمجرد الانتهاء من تنفيذ الأضحية. يقول إسماعيل، الذي يعمل موظفاً بإحدى الشركات الحكومية، إنه بعد تفكير عميق وجد أن تلك الوسيلة هي الملاذ المناسب له، كونها رخيصة الكلفة مقارنة بأسعار الأضحية في مصر، ولتوفير عناء الذبح، وكذلك تساعد في إتمام الشعيرة الدينية، وتتلاءم مع دخله الشهري. ويضيف "لاحظت أن هناك فارقاً كبيراً بين سعر خروف الأضحية في تلك الدولة الأفريقية التي توجد بها غالبية مسلمة، إذ بلغت قيمته هناك 2700 جنيه (54.26 دولار)، في حين تخطى سعره في مصر الـ10 آلاف جنيه (200.97 دولار)، وهو ما جعلني أميل إلى تلك الفكرة من أجل نيل الثواب". وكانت دار الإفتاء المصرية حذرت عبر صفحتها الرسمية بمنصة "إكس"، في يونيو (حزيران) من العام الماضي، من انتشار مثل هذه الجمعيات المجهولة، بصورة أصبحت تمثل ظاهرة خطرة في ظل غياب الرقابة عليها، مما يجعلها مثار شبهات، بخاصة مع وصول عدد من الشكاوى للدار عن عمليات نصب تمت تحت اسم ذبح الأضاحي والعقائق أو حفر الآبار. مطالبة بعدم الانسياق وراء هذه الدعوات التي تعد فرصة لنهب أموال من يرغبون في أداء شعيرة الأضحية وفعل الخيرات. بدائل المصريين رئيس النقابة العامة للجزارين في مصر يوسف البسومي يرى أن المواطن أصبح أمامه خيارات وبدائل مختلفة في ظل الظروف المعيشية الحالية لمواصلة شعيرة الأضحية، أبرزها مشاركة آخرين في ثمن الذبيحة لتقاسم الكلفة المالية بينهم، أو اللجوء إلى الجمعيات الأفريقية التي تغري المصريين بأسعارها الزهيدة مقارنة بمصر، علاوة على التوجه نحو الذبيحة قليلة الكلفة، فـ"من كان يضحي بخروف أصبح يضحي بجدي"، منوهاً بأن كلفة الخروف الحي في السوق تراوح حالياً ما بين 12 ألف جنيه (241.16 دولار) و15 ألفاً (301.45 دولار)، أما الجدي فما بين 6 آلاف (120.58 دولار) و8 آلاف جنيه (160.77 دولار)، موضحاً أن كثيراً من المصريين قرروا العزوف عن ذبح الأضحية هذا العام في ظل الضغوط المعيشية الراهنة. ويضيف البسومي لـ"اندبندنت عربية" أن أسعار الأضاحي ارتفعت بنسبة طفيفة تصل إلى 5 في المئة مقارنة بالعام الماضي، وهو ما انعكس سلباً على حجم الطلب والإقبال في محال الجزارة، مرجعاً ذلك إلى ضعف القدرة الشرائية لدى المواطن، علاوة على زيادة كلف الإنتاج وارتفاع أسعار الأعلاف بنسبة 7 في المئة. يوافقه الرأي رئيس شعبة الجزارة بالغرفة التجارية بالقاهرة هيثم عبدالباسط، موضحاً أن سوق الأضاحي تشهد ركوداً في حركة البيع والشراء بمحال الجزارة بنسبة تصل إلى 60 في المئة رغم استقرار الأسعار نسبياً، مشيراً إلى أن هناك وفرة في حجم المعروض من اللحوم، سواء في محال الجزارة أو المجمعات الاستهلاكية. ويضيف عبدالباسط أن "سعر كيلو العجل البقري في محال الجزارة يبدأ من 190 جنيهاً (3.82 دولار) إلى 200 جنيه (4.02 دولار)، والخراف البلدي الحية من 230 جنيهاً (4.6 دولار) إلى 240 جنيهاً (4.82 دولار)، وكيلو اللحوم البلدي يبدأ من 420 جنيهاً (8.44 دولار) إلى 470 جنيهاً (9.45 دولار). وكل مواطن بحسب مستواه الاقتصادي، فالرجل الغني سيكون قادراً على الذهاب إلى محال الجزارة لشراء اللحوم البلدية، أما البسطاء في المناطق الشعبية فسيلجأون إلى المجمعات الاستهلاكية، أو يبحثون عن بدائل أخرى للشراء". قبل أيام أعلنت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي في بيان عن خطة استعداداتها لاستقبال عيد الأضحى المبارك من خلال توفير أكثر من 12 ألف رأس من الأضاحي البلدية الحية (الأبقار والجاموس والأغنام والماعز) بأسعار مخفضة من خلال المزارع المنتشرة بمحافظات الجمهورية، وضخ كميات كبيرة من الأضاحي الحية واللحوم البلدية في مختلف المحافظات بأسعار مناسبة تقل عن مثيلاتها في الأسواق بنسبة تصل إلى 20 في المئة، وذلك بالمنافذ التابعة للوزارة ومزارع القطاعات الإنتاجية المختلفة. وبحسب تصريحات صحافية للمتحدث باسم الوزارة محمد القرش فإن أسعار الأضاحي بها تبدأ من 155 جنيهاً (3.11 دولار) إلى 160 جنيهاً (3.22 دولار) للكيلو الجاموسي، و170 جنيهاً (3.42 دولار) لكيلو البقري، وتراوح أسعار الأغنام والماعز وسلالة البرقي من 200 جنيه (4.02 دولار) إلى 220 جنيهاً (4.42 دولار) للكيلوغرام. الجزارة خارج المنظومة يعتقد عبدالباسط أن كثيراً من أصحاب محال الجزارة القدامى اضطروا إلى الخروج من المنظومة وترك المهنة بأكملها خلال الآونة الماضية، بسبب ضعف القوة الشرائية وتراجع نسب الإقبال، مردفاً "الجزار ليس مسؤولاً عن الأوضاع الاقتصادية أو قلة الإنتاج أو تعويم الجنيه، وما يشغل باله هو بيع اللحوم وتصريف بضاعته كي لا يتعرض لخسائر". وفق عبدالباسط، فإن 40 في المئة من حجم إنتاج مصر من اللحوم محلي، والباقي مستورد من الخارج، منوهاً بأن الإنتاج السنوي من المواشي (الأبقار والعجول والأغنام والماعز) يصل إلى198 ألف طن، مرجعاً زيادة أسعار اللحوم إلى ارتفاع كلفة الأعلاف المستوردة التي تشكل نحو 70 في المئة من السوق، فضلاً عن عوامل موسمية مرتبطة بموسم عيد الأضحى. وأظهر حصر للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء (جهة حكومية) أن أعداد رؤوس الماشية الحية بلغت 8.3 مليون رأس عام 2022، مقابل 7.5 مليون في 2021 بنسبة زيادة قدرها 10 في المئة، وبلغ إجمالي أعـداد رؤوس الماشية والحيوانات المذبـوحـة 4.6 مليون رأس عام 2022، مقابل 4.2 مليون رأس في 2021 بنسبة زيادة قدرها 10.2 في المئة. وفي تقدير رئيس شعبة الجزارة، فإن هناك محاولات من الحكومة لضبط الأسعار، سواء من خلال تكثيف الرقابة أو التوسع في استيراد لحوم الأضاحي، موضحاً أن هناك لحوماً من السودان وجيبوتي مطروحة في المجمعات الاستهلاكية بأسعار تبدأ من 285 جنيهاً (5.73 دولار) للكيلو، لتوفير بدائل للمواطنين محدودي الدخل. وأشار إلى أن الدولة تبذل جهوداً كبيرة لتعزيز الإنتاج المحلي، منها تخصيص 350 ألف فدان على طريق مصر - الإسكندرية الصحراوي لإنشاء مزارع أعلاف ومحطات تصنيع، إضافة إلى استيراد رؤوس ماشية لتربية العجول والبقر الحلاب. وكان وزير الزراعة واستصلاح الأراضي المصري علاء فاروق أعلن في تصريحات صحافية أنه تم خلال الفترة الأخيرة استيراد 149380 طناً من اللحوم المجمدة لطرحها في الأسواق بأسعار مخفضة، و158035 رأساً من العجول الحية، إضافة إلى46613 رأساً من الجمال، و16579 رأساً من الأغنام. وأعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال مؤتمر صحافي قبل أيام أن الدولة تستورد 50 في المئة من حاجاتها من اللحوم من دول أفريقية وآسيوية ومن أميركا اللاتينية والولايات المتحدة، و"لا توجد شحنة لحوم واحدة تدخل مصر إلا وتجري مراجعتها من الدولة التي ترد منها للتأكد من الذبح الحلال على الطريقة الإسلامية".