
من الضحية إلى القامع: إسرائيل تستبدل ذاكرة المحرقة بالملاحم التوراتية
ففي متحف "ياد فاشيم" في القدس، تُعرض صور ضحايا المحرقة وتُروى مآسي أوشفيتز وتريبلينكا، كجزء من سردية "الضحية المطلقة". لكن في غزة، حيث يموت الأطفال جوعًا، يرى مراقبون أنّ هذه السردية لم تعد تنسجم مع الواقع، بل باتت تُستخدم كقناع سياسي يُخفي ممارسات عنيفة في حق المدنيين.
هذا التبدّل في الخطاب لم يأتِ من فراغ. مع تآكل فعالية "بطاقة الضحية" دوليًا، بدأت إسرائيل في تبني خطاب ديني تلمودي يُحيي سردية "أرض الميعاد"، سواء في المحافل الدولية أو عبر رمزية العمليات العسكرية التي تستلهم نصوصًا توراتية. وفيما أطلقت على عملياتها في غزة أسماء من العهد القديم، مثل "عربات جدعون"، بات التبرير الديني بديلاً عن السردية الأخلاقية.
ويحذّر محللون إسرائيليون من هذا التحول. فقد وصف ألوف بن في صحيفة "هآرتس" توظيف الهولوكوست في السياسة بـ"الكليشيه الخطير"، لأنه يسمح بتجاهل البعد الأخلاقي. فيما كتب يوآف ليمور في "يديعوت أحرونوت": "عندما نستخدم الجوع كسلاح، لا نفقد الأخلاق فقط، بل نفقد هويتنا كضحية".
التحول الإسرائيلي نحو خطاب توراتي لا يقتصر على الداخل، بل يستهدف دعمًا مسيحيًا صهيونيًا في الغرب، ما يخلق تحالفًا دينيًا-سياسيًا يوفّر الحماية من الضغوط الدولية والمساءلة أمام القانون الدولي، خاصة في ما يتعلق بالاستيطان والحصار.
لكن هذا النهج، وفقًا لمحللين فلسطينيين ودوليين، قد يؤسس لعزلة أخلاقية متزايدة، ويكشف أزمة هوية في قلب المشروع الصهيوني: من دولة تأسست على رماد المأساة، إلى سلطة تنكر على الآخرين إنسانيتهم.
ومع تزايد المقارنات على المنصات الرقمية بين معاناة غزة والفظائع التاريخية، وتقدّم الفلسطينيين في ساحات القانون والرأي العام العالمي، يبدو أن الرواية الأخلاقية الإسرائيلية لم تعد تحظى بالحصانة التي طالما تمتعت بها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صوت بيروت
منذ 6 ساعات
- صوت بيروت
تفاصيل أولية لخطة أمريكية إسرائيلية: توسيع المساعدات مقابل تصعيد منظم
كشفت تقارير جديدة عن وجود إجماع يتشكل بين الولايات المتحدة وإسرائيل على ضرورة الانتقال من خطة محدودة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق سراح بعض الرهائن الإسرائيليين إلى حل شامل وأكثر صرامة يتضمن نزع السلاح الكامل في القطاع المحاصر. حل شامل وأكثر صرامة فقد علّق مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى على نتائج الاجتماع بين المبعوث الأميركي الخاص، ستيفن ويتكوف، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، موضحا أن الولايات المتحدة وإسرائيل اتفقتا على نقاط معينة، وفقاً لوكالة 'رويترز'. وأوضح أنهما اتفقتا على العمل لزيادة حجم المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة مع الحفاظ على وتيرة العمليات العسكرية الحالية، مشيراً إلى أن الخطة الشاملة، التي تتفق عليها الدولتان، تفترض أيضاً نزع سلاح حركة حماس بالكامل، وإطلاق سراح جميع الأسرى الإسرائيليين دفعةً واحدة، دون تقسيم العملية إلى مراحل. كذلك كشف عن أن العمل يجري على تفاصيل الخطة الجديدة، لكن لا توجد تفاصيل أكثر. جاء هذا بعدما وصل ويتكوف في 31 يوليو/تموز، إلى إسرائيل وأجرى محادثات مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وركزت المحادثات على الأزمة الإنسانية في غزة، إضافة إلى استئناف الجهود الرامية إلى وقف إطلاق النار في القطاع. بدورها، صرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، بأن ويتكوف سيتوجه إلى غزة يوم الجمعة لمناقشة إيصال المساعدات الإنسانية إلى هناك. وفي 27 يوليو/تموز، أعلنت حركة حماس في قطاع غزة، خليل الحية، أن مواصلة مفاوضات وقف إطلاق النار مع إسرائيل أمر غير مجدٍ في ظل الحصار المفروض على القطاع. سحب الوفد المفاوض يذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، كان أصدر في 24 يوليو/تموز، تعليمات بسحب الوفد الإسرائيلي من العاصمة القطرية الدوحة، حيث تجري، منذ 6 يوليو/تموز، مفاوضات تهدف إلى التسوية في قطاع غزة، وذلك على خلفية رد حركة حماس على المقترح المتعلق بوقف إطلاق النار في القطاع. من جانبه كتب المبعوث الرئاسي الأميركي الخاص، ستيفن ويتكوف، على منصة 'إكس' أن الولايات المتحدة قررت أيضاً سحب المفاوضين من الدوحة عقب رد حماس الأخير، الذي يشير بوضوح إلى عدم رغبتها في التوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة، وفق تعبيره.


ليبانون 24
منذ 8 ساعات
- ليبانون 24
هآرتس عن مصدر إسرائيلي: لا يوجد مناخ مناسب في هذه الفترة للعودة إلى المفاوضات بشأن غزة
هآرتس عن مصدر إسرائيلي: لا يوجد مناخ مناسب في هذه الفترة للعودة إلى المفاوضات بشأن غزة Lebanon 24


ليبانون 24
منذ 11 ساعات
- ليبانون 24
العينُ على "الضفة الغربية" في فلسطين.. ما هي قصتها؟
قالت صحيفة "تايمز" البريطانية إن الضفة الغربية ستشكّل قلب الدولة الفلسطينية في حال الاعتراف بها، مشيرة إلى أن ضم الضفة لإسرائيل سيقضي على فكرة الدولة الفلسطينية في إطار "حل الدولتين"، باعتبار أن مساحة غزة وحدها لا تكفي لإقامة دولة فلسطينية عليها. وذكر التقرير أن قرار فرنسا وبريطانيا بالاعتراف بالدولة الفلسطينية قد يكون سببه المجاعة في غزة، مشيراً إلى أن الغرب تدخل على صعيد القضية الفلسطينية في ظل استمرار تهديد الحكومة الإسرائيلية بفرض سيادتها على الضفة المحتلة، ومحاولات تسمية المنطقة بـ"يهودا والسامرة" وتصاعد العنف في مناطق مثل الخليل ورام الله ونابلس. الصحيفة قالت إنَّ الاهتمام العالمي انصب على غزة منذ هجمات 7 تشرين الأول 2023، مما أتاح لحملة الاستيطان في الضفة بالتصاعد في الخفاء. وأوضح أنَّ "المستوطنين نفّذوا اعتداءات متكررة على قرى فلسطينية، كان آخرها قتل مستوطن يوم الاثنين الفلسطيني عودة الهذالين أحد المساهمين في إنتاج فيلم (لا أرض أخرى) الحائز على جائزة أوسكار". وترى الصحيفة أنَّ "هذا العنف أدى إلى تطرف شباب فلسطينيين وانضمامهم لفصائل مسلحة، مما وفر ذريعة للمزيد من الحملات العسكرية الإسرائيلية في الضفة". ومن جانبه، يرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه لا فرق بين حركة حماس في غزة والسلطة الفلسطينية في الضفة، رغم تعاون الأخيرة مع إسرائيل ، مما ينذر بتعميم العمليات العسكرية الإسرائيلية على كل الأراضي الفلسطينية. ولفت التقرير إلى أن فرنسا وبريطانيا، بحكم تاريخهما الاستعماري في رسم حدود المنطقة، تعتبران هذا المسار تهديداً خطيراً يجب وقفه قبل فوات الأوان. وفعلياً، يواصل نتنياهو المراوغة بشأن حل الدولتين، إذ يرفضه أمام ناخبيه، بينما يتجنّب رفضه علناً أمام واشنطن للمحافظة على الدعم الأميركي. التقرير قال أيضاً إن وزراء مثل وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن إيتمار بن غفير لا يشاركونه هذه الحذر، بل يعبّرون صراحة عن رغبتهم في ضم الضفة. (الجزيرة نت)