logo
روح باندونغ والتعاون الصيني العربي ، طريق فريد للتعاون بين الجنوب والجنوب ، بقلم: تشانغ شين

روح باندونغ والتعاون الصيني العربي ، طريق فريد للتعاون بين الجنوب والجنوب ، بقلم: تشانغ شين

روح باندونغ والتعاون الصيني العربي ، طريق فريد للتعاون بين الجنوب والجنوب ، بقلم: تشانغ شين
كيف أصبحت الصين أكبر شريك تجاري للدول العربية في الوقت الذي فشل فيه الغرب مرارًا وتكرارًا في الشرق الأوسط ببرنامج 'التحول الديمقراطي'؟ تكمن الإجابة في اجتماع عُقد في إندونيسيا قبل 68 عامًا.
أولا. من باندونغ إلى الشرق الأوسط: لماذا تصر الصين على المساواة وعدم التدخل؟
كان المؤتمر الآسيوي الأفريقي الذي عقد في باندونغ بإندونيسيا في أبريل/نيسان 1955 بمثابة نقطة انطلاق تاريخية للبلدان النامية في حقبة ما بعد الاستعمار لمتابعة مسارها الدبلوماسي الخاص بها. وقد أرسى أحد المبادئ الخمسة للتعايش السلمي التي تم التأكيد عليها في المؤتمر، وهو 'عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى'، الأساس لقيمة علاقات الصين مع الدول العربية. لم ترمز مصافحة تشو إن لاي مع الرئيس المصري عبد الناصر في باندونغ إلى دعم الصين الراسخ لنضال العالم العربي من أجل الاستقلال الوطني فحسب، بل أعلنت أيضًا موقف الصين السياسي المتمثل في الوقوف إلى جانب 'الجنوب' العالمي. وفي السنوات الخمس التي تلت المؤتمر، أقامت الصين علاقات دبلوماسية مع ست دول عربية، متجاوزة بذلك الرقم القياسي السابق الذي لم تسجله سوى دولة عربية واحدة في السنوات الست السابقة، وهذا التسارع في الدبلوماسية هو في حد ذاته مظهر من مظاهر تأثير روح باندونغ.
والسبب في أن روح مؤتمر باندونغ يمكن أن تلعب دورًا في العلاقات الصينية العربية على المدى الطويل ينبع من التجربة التاريخية المشتركة للبلدان النامية، وخاصة الدروس السلبية التي جلبها التدخل الخارجي. إن هذا النوع من النهب الاقتصادي المغلف بغلاف أيديولوجي ليس نادرًا في العالم العربي، وقد شكل بشكل عميق حذر دول المنطقة وخيبة أملها من التدخل الغربي.
وفي الوقت نفسه، فإن منطق تصرفات الصين في الشرق الأوسط مختلف تمامًا، فبين عامي 2000 و2024، استثمرت الصين 44 مليار دولار تراكميًا في استثمارات قطاع الطاقة ومشاريع البناء في دول الشرق الأوسط مثل السعودية والعراق والإمارات والكويت وعمان. ووفقًا لبرنامج تكلفة الحرب في جامعة براون، بلغت تكلفة العمليات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط منذ عام 2001 أكثر من 6 تريليون دولار إجمالا، ولكنها فشلت في تحقيق الاستقرار في المنطقة، بل على العكس من ذلك أدت إلى تفاقم الصراع وعدم الاستقرار. وقد أدى هذا التباين إلى تزايد عدد الدول العربية التي تنظر إلى الصين شريكا موثوقا به.
كما قال عالم مصري، 'الصين هي الشريك الوحيد الذي يمكنه بناء الموانئ والسكك الحديدية دون تغيير نظامك السياسي.' إن هذا النوع من التعاون بدون شروط سياسية هو ما يجعل 'التعاون المتكافئ' ليس مجرد خطاب للمناسبات الدبلوماسية، بل المنطق العملي للبناء المشترك بين الصين والعرب لمحطات الطاقة والموانئ والطرق السريعة.
ثانيا. تقيم الصين والدول العربية شراكة حقيقية بدلا عن كونهما بدون أن تكون 'الآخر'
العلاقات الصينية-العربية ليست نموذج 'تعاون' بقدر ما هي امتداد لـ 'فلسفة التعايش'. تظل الصين دائمًا 'ندًا' وليس 'مُلقنًا' من احترام المواقف السياسية إلى التعاون الاقتصادي المتبادل. وقد ثبتت هذه الفلسفة في الممارسة العملية، خاصة في مجالات رئيسية مثل البنية التحتية والطاقة والتبادلات الثقافية.
في موقع مشروع منطقة الأعمال المركزية في العاصمة الإدارية الجديدة في مصر، أصبح شعار 'تكنولوجيا صينية + عمال مصريون = أطول مبنى في أفريقيا' حقيقة واقعة. هذا المشروع الذي شيدته شركة تشاينا كونستراكشون لم يكمل فقط العقدة المستهدفة قبل الموعد المحدد، بل خلق أيضًا 12000 فرصة عمل محلية بشكل مباشر، وقدم مستوى الأجور أعلى بنسبة %15 من متوسط سعر السوق. هذا التأثير الثلاثي 'البناء – التوظيف – نقل التكنولوجيا'، على النقيض الصارخ من برنامج الشراكة الأمريكية في الشرق الأوسط الذي استثمر 3 مليارات دولار أمريكي لكنه فشل في تحسين وضع بطالة الشباب.
في قطاع الطاقة، يتميز التعاون الصيني العربي بـ ' عدم المشروطية'. على سبيل المثال، في عقد مشروع فوتوفولطائي واسع النطاق في السعودية، لا ترتبط الشركات الصينية بأي إصلاح سياسي أو متطلبات مؤسسية، بل ستكون محور شروط التعاون في نقل التكنولوجيا، وتدريب الكوادر؛ وفي مجال التسوية، يمكن للطرفين أيضًا اختيار المبادلة بين اليوان الصيني والريال السعودي لتجنب الاعتماد الكبير على الدولار الأمريكي. هذه المرونة جذابة للغاية للدول العربية التي تسعى لمزيد من الاستقلالية.
وبالإضافة إلى البعد الاقتصادي، فإن التفاهم الثقافي بين الصين والدول العربية يظهر تدريجياً مزايا تكاملية في التعاون بين الجانبين. فالثقافة الصينية التقليدية تؤكد على 'الوسطية' و'الانسجام بين الاختلافات'، وهو ما يتطابق مع روح الشورى في العالم الإسلامي. أجرت وكالة العلاقات العامة ASDA 'ABCW ومقرها دبي في عام 2023 استطلاعاً شمل 3600 شاب تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً في 18 دولة عربية. وقد أظهرت نتائج الاستطلاع أن %80 من المشاركين في الاستطلاع اعتبروا الصين 'حليفة' لبلدانهم، وصنفوها من بين الدول الأكثر صداقة. من هذا الاستطلاع، يمكننا أن نرى أن المزيد والمزيد من الشعوب العربية، وخاصة جيل الشباب، يعتبرون الصين صديقًا مخلصًا وودودًا وجديرًا بالثقة.
وقد علق الباحثون السعوديون على ذلك بالقول: 'الصين لا تقول 'يجب عليك' بل تسأل 'ما الذي تحتاجه'. فجوهر العلاقات الصينية العربية ليس فقط تآزر السياسات وتلاقي المصالح، بل أيضاً نوع من الرنين الإنساني والتوافق التنموي الذي يتجاوز 'التعاون الآلي' بين الدول. وفي هذا النوع من العلاقات، التي لا تُـنظَّم أو تُـصنَّف، يتسع مدلول التعاون بين الجنوب والجنوب باستمرار، مما يقدم مساراً أكثر تنوعاً واستدامة للتنمية.
ثالثا. بناء نموذج للتعاون بين الجنوب والجنوب: مهمة جديدة للتعاون الصيني العربي
في هذه الصورة الواقعية للتعاون في مجال 'إزالة التدخل'، لم تعد الشراكة الصينية العربية تقتصر على 'التعاون بين الجنوب والجنوب' بالمعنى التقليدي. فقد أُعطيت لها دلالات جديدة، واتخذت تدريجياً سمات جديدة من حيث مفاهيم التنمية والمسارات التقنية وحتى الاستكشاف المؤسسي، مثل التقدم والتراجع المشترك، والمنفعة المتبادلة والربح المشترك للجانبين. إن مستقبل هذا التعاون ليس مسألة مصالح ثنائية فحسب، بل هو أيضا، إلى حد ما، استجابة لتطلعات بلدان الجنوب العالمي إلى 'نظام جديد'.
لطالما كان 'التنمية' سردًا من الأعلى إلى الأسفل يركز على هيكل أحادي الاتجاه من 'المانح- المتلقي'. ومع ذلك، فقد كسرت التفاعلات الصينية-العربية على منصات التواصل الاجتماعي هذا السيناريو. فعلى سبيل المثال، حاز مقطع فيديو قصير صوّره أحد مستخدمي الإنترنت في دبي، يتعلم فيه مهندس صيني الرقص على رقصة عربية تقليدية، على ملايين الإعجابات. كما ُظهر تحليلات النصوص أن كلمة 'الفوز المشترك' تظهر تكرارًا ومرات في البيان الصيني العربي المشترك. ويشير الاستخدام المتكرر لهذه العبارة إلى أن الصين تروج بوعي لخطاب يركز على 'التعاون' بدلاً من 'التدخل'.
في مجال الطاقة الجديدة والطاقة الرقمية، لا يقتصر التعاون الصيني العربي على تعويض النواقص فحسب، بل يهدف أيضًا إلى 'الاستحواذ المشترك على الريادة'. يخطط مشروع مدينة نيوم المستقبلية في 'رؤية السعودية 2030' لتحقيق هدف صفر الكربون من خلال مشروع مشترك صيني سعودي في مجال الطاقة الكهروضوئية، وبناء أول نظام حضري 'مدفوع بالكامل بالطاقة الخضراء' في العالم. فيما يتعلق بالسيادة الرقمية، يتعمق التعاون الصيني العربي، وقد شاركت شركات التكنولوجيا الفائقة الصينية مثل هواوي بشكل واسع في مجال الطاقة الرقمية والاتصالات في السعودية ودول عربية أخرى. على سبيل المثال، ساعدت شركة هواوي مدينة نيوم المستقبلية في السعودية على بناء شبكة الجيل الخامس، وشبكة النقل الأساسية، ومركز البيانات، ومنصة السحابة والذكاء الاصطناعي، مما ساعد في بناء مدينة رقمية رائدة عالميًا. تظهر هذه المشاريع أن الصين والسعودية تحاولان الخروج من النمط التقليدي 'المركز-الهامش' فيما يتعلق بالتقنيات الناشئة وتصميم المؤسسات، وتشكلان نموذج تنمية جديدًا يتميز بخصائص الجنوب العالمي.
يمكن القول إن التعاون الصيني العربي ينتقل من 'التنمية التكميلية' إلى 'التنمية المشتركة الإبداعية'، وقد تجاوزت دلالته منذ زمن بعيد نطاق التعاون الاقتصادي البحت، وهو يشكل نموذجًا جديدًا للتعاون بين دول الجنوب يجمع بين الاستقلال التكنولوجي، واحترام الثقافة، والابتكار المؤسسي.
من 'السعي لإيجاد نقاط مشتركة والحفاظ على نقاط الاختلاف' في باندونغ إلى 'مجتمع المستقبل المشترك' اليوم، كشف تاريخ التعاون الصيني العربي الممتد على مدى 70 عامًا عن الحقيقة التي مفادها أن الشراكة الحقيقية لا تتطلب تسلسلًا هرميًا من الأسياد والمرؤوسين، وأن الحق في التنمية يجب أن يكون في يد المرء نفسه. هذه المشاهد المجازية للتعاون — تقاسم التكنولوجيا في الألواح الكهروضوئية، والعمل التعاوني على سكك الحديد الصحراوية، والمساواة في البيانات المشتركة – تقوم بتفكيك نظام 'المركز والهامش' المتبقي من الحقبة الاستعمارية. هذا ليس تحولًا عشوائيًا في الجغرافيا السياسية، بل هو ازدهار حتمي لروح باندونغ في العصر الرقمي. – تشانغ شين – باحثة مساعدة في قسم دراسات الشرق الأوسط لمعهد الدراسات الإقليمية والدولية بجامعة صن يات سان
إقرأ مزيداً من الأخبار حول الصين … إضغط هنا للمتابعة والقراءة

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

المقاومة بحاجة الى الثبات الإستراتيجي والمناورة التكتيكية
المقاومة بحاجة الى الثبات الإستراتيجي والمناورة التكتيكية

قدس نت

timeمنذ ساعة واحدة

  • قدس نت

المقاومة بحاجة الى الثبات الإستراتيجي والمناورة التكتيكية

بقلم: راسم عبيدات بقلم راسم عبيدات:- ويتكوف على خطى "مسيلمة الكذاب" بلينكن،وزير الخارجية الأمريكي السابق ،نفس السياسة ونفس المنهاج،ونفس الإدارات وان اختلفت التسميات إدارات ديمقراطية او جمهورية،يجمعها العشق الأبدي لإسرائيل والمفاخرة بصهيونيتها،وليس ادل على ذلك، سفير الإدارة الأمريكية السابقة ديفيد فريدمان، شارك وزراء وقادة اسرائيليين افتتاح نفق من سلوان الى البلدة القديمة،واستخدم مطرقة ثقيلة في التكسير للصخور،ووزيرة الأمن الداخلي الأمريكي الحالية كريستي نوم،شاركت بصلوات وطقوس تلمودية وتوراتية فيما يعرف بذكرى توحيد القدس ، استكمال احتلال القسم الشرقي من المدينة ،وكذلك فعل السفير الأمريكي الحالي في اسرائيل مايك هاكابي. وويتكوف على خطى "مسيلمة الكذاب" بلينكن،وزير الخارجية الأمريكي السابق، بعد مفاوضات مطولة مع حماس ،جرى الإتفاق على ورقة وافقت عليها حماس، تتضمن وقف مؤقت لإطلاق النار لمدة 60 يوماً،وخلال تلك الفترة تجري مفاوضات،من أجل الإتفاق على إنهاء شروط الحرب،بما يضمن انسحاب اسرائيلي شامل من القطاع ووقف إطلاق نار دائم،وفتح المعابر وتدفق المساعدات الإنسانية الى القطاع،وعقد صفقة لتبادل الأسرى، تتضمن إطلاق عشرة اسرى اسرائيليين احياء ، 5 منهم في اليوم الأول وخمسة اخرين في اليوم الستين،وأن يصار الى هدنة طويلة الأمد،وأن يكون هناك حكومة تكنوقراط تتولى إدارة شؤون القطاع،وان تكون مرجعيتها السلطة الفلسطينية. الورقة او المقترح المتوافق عليه بين الإدارة الأمريكية وحركة حماس،والتي اجرت عدت لقاءات سابقة مع ويتكوف وبولر مسؤول ملف الأسرى في الإدارة الأمريكية في الدوحة،أفضت الى قيام حركة حماس بإطلاق سراح الجندي مزدوج الجنسية الأمريكية – الإسرائيلية عيدان الكسندر،على امل ان يقود ذلك الى ضغط أمريكي على اسرائيل لفتح المعابر وادخال المساعدات الإنسانية،والقبول بوقف لإطلاق النار،ولكن هذا الرهان سقط،بعدما لم يتطرق ترامب اثناء زيارة "الإستحلاب" المالي التي قام بها الى ثلاث دول خليجية،منتصف هذا الشهر،وكنا نتوقع أن يتم اعطاء ترامب ترليونات المال العربي والهدايا من طائرات واقلام وشراء اسلحة بقيمة 142 مليار دولار، الى مقايضة ذلك بوقف العدوان على قطاع غزة،وفتح المعابر وادخال المساعدات الإنسانية،ولكن كما يقول المأثور الشعبي " تمخض الجبل فولد فأراً". المقترح والإتفاق نقله ويتكوف الى وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر،والذي اجرى عليه تعديلين جوهريين، الأول شطب الفقرة التي تقول بإستمرار بوقف القتال بعد الستين يوماً،اذا لم يتم انجاز الإتفاق حول شروط إنهاء الحرب،أي استمرار المفاوضات ،أما التعديل الأخر فهو،ان يتم اطلاق سرح العشرة اسرى الإسرائيليين في الأسبوع الأول من الإتفاق ،5 منهم في اليوم الأول والخمسة الأخرين في اليوم السابع. ويتكوف تبنى الموقف الإسرائيلي،ولذلك نتنياهو،ابلغ اهالي الأسرى بموافقة المجلس السياسي والأمني المصغر الموافقة على المقترح الأمريكي،وهذا المقترح الذي جرى تبنيه،لم يجعل كالعادة بن غفير وسموتريتش يهددان بالإنسحاب من الحكومة،فهم يعرفان جديداً، بأن ثمن الموافقة،ليس فقط إطلاق أيديهم في عمليات التهويد والضم في الضفة الغربية واغراقها بالمستوطنين،وشرعنة المزيد من المستوطنات واقامة المزيد منها،واستمرار عمليات الطرد والتهجير والعدوان بحق وعلى سكان مدن وبلدات وقرى ومخيمات الضفة من قبل زعران المستوطنين المنفلتين من عقالهم بلا حسيب او رقيب. كذلك هذا المقترح يخرج نتنياهو من مأزقه الداخلي، فسيف التهديد بإسقاط حكومته من داخلها من قبل بن غفير وسموتريتش رفع،وضغوط المعارضة السياسية وأهالي الأسرى ستتراجع بشكل كبير،وكذلك الضغوط الدولية،والتي باتت تنظر الى اسرائيل كدولة مجرمة تقتل الأطفال والنساء. هذا المقترح يضع حماس والمقاومة الفلسطينية في مأزق وموقف حرج،سواء لجهة رفض المقترح او القبول به،أو حتى صيغة اللعم على رأي الرئيس الراحل ابا عمار ،فهو أصلاً صيغ بهذه الطريقة،لكي يتم رفضه، ولكي تقول المقاومة لا ويتمّ تحميلها مسؤولية إفشال التفاوض ومنح استمرار الحرب والتجويع غطاء كافياً لمنح نتنياهو جائزة كبرى، أو أن تقول المقاومة نعم، فتقبل بوقف نار لمدة سبعة أيام بحيث يمكن لنتنياهو إنهاء الهدنة بعد تسلم الدفعة الثانية من الأسرى ويعود للحرب بألف ذريعة، وبين خياري القبول المذلّ والمهين الذي يفرط بأهم ورقة بيد المقاومة وهي الأسرى ومن دون الحصول على هدنة معقولة وليس على وقف الحرب نهائياً، أو الرفض الذي يمنح نتنياهو شرعيّة سياسيّة لمواصلة الحرب وجرائم الإبادة والتجويع. الأسابيع القادمة بعد موافقة حماس على مقترح ويتكوف،كنا ننتظر ولادة اتفاق ينهي هذه الحرب،وينقذ شعبنا من براثين القتل والحصار والتجويع،ولكن تعقد الموقف بتبني ويتكوف للمطالب الإسرائيلية،التي تذكر بمواقف بلينكن وبايدن،واللذان كانا يقدمان المقترح ،وبعد موافقة حماس والمقاومة عليه،ورفضه من قبل نتنياهو وحكومته،واضافة شروط تعجيزيه عليه،ترفضها حماس والمقاومة، يعودان لتحميل المقاومة وحماس المسؤولية عن فشل الإتفاق وعدم اتمام صفقة التبادل،ونذكر هنا ما عرف بمبادرة الرئيس الأمريكي بايدن،في أيار /2024،والتي هي بالأساس مقترح اسرائيلي،حيث تبناها بايدن واصبحت مبادرة امريكية،صادق عليها مجلس الأمن الدولي تحت قرار رقم 2735 في 11حزيران/2024،ووافقت عليها حماس والمقاومة في 2/تموز /2024،والتي رفضها نتنياهو وذهب الى معركة رفح. من بعد ذلك كان مبادرة امريكية أخرى من ثلاثة مراحل ،جرى الإتفاق عليها بضمانة وواسطة امريكا ،والتي هي ليست بضامن ولا وسيط ،بل شريك في 17/كانون ثاني/2024،لم ينفذ منها نتنياهو سوى المرحلة الأولى بدون تنفيذ البرتوكول الإنساني،لا مساعدات إنسانية غذائية وطبية كافية دخلت ولا معدات اعمار ولا أليات ثقيلة ولا منازل متنقلة ولا خيام للنازحين،ومن بعد ذلك طلبت اسرائيل،تمديد المرحلة الأولى ،بفترة انتقالية دون الولوج في المرحلة الثانية،وامريكا،كما فعلت في لبنان،فعلت في غزة وقبل الذرائع والحجج الإسرائيلية،واتهمت حماس والمقاومة بعدم الإلتزام بالإتفاق،واطلق ترامب تهديداته، بان أبواب جهنم ستفتح على حماس والمقاومة،اذا لم يجر إطلاق سراح كل الأسرى خلال فترة محددة،أي قبل دخوله للبيت الأبيض وتنصيبه رئيساً،وتكرر نفس السيناريو من التهديدات وفتح أبواب جهنم بعد تنصيبه. هذا المنعطف يفرض نفسه على قيادة المقاومة،ويدفعها إلى التمييز بين حاجات الثبات استراتيجياً والحاجة إلى المناورة تكتيكياً. نحن ندرك بأن أهل مكة أدرى بشعابها،والقدرة على تقدير وتقييم الموقف، دون أن تلتفت الى المتحذلقين والمتفذلكين وتجار الدم والوطن،واذا ما قالت حماس والمقاومة نعم ولكن،أو لعم على غرار سياسة الرئيس الراحل عرفات،فهي تدرك طبيعة العناصر التي تقبل بها او لا تقبل بها، على سبيل المثال تأخذ حماس العناصر التي تتحدث عن الحل المستدام كهدف، وتؤكد على قبوله وتأخذ إطار الستين يوماً وتقبل به، ومعه بنود إدخال المساعدات وتقبل بها، وبند الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين وتضع له مفاتيح غائبة عن المقترح، ثم تطرح في نص مكتوب أسئلة حول أسباب تعديل بنود مثل استمرار وقف النار ما لم يتمّ التوصل إلى اتفاق، وتوزيع الإفراج عن الأسرى بين اليومين الأول والستين، وتطلب إجابة خطّية حول درجة التزام الجانب الأميركي بإنهاء الحرب وتقديمه ضمانات تؤكد أن هذا الهدف سوف يتحقق بنهاية مرحلة تبادل الأسرى، في اليوم الستين، أو في نهاية مسار التفاوض إذا تمّ تمديده. جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت

بعد مقترح ويتكوف الإسرائيلي ، المقاومة بحاجة الى الثبات الاستراتيجي والمناورة التكتيكية ، بقلم : راسم عبيدات
بعد مقترح ويتكوف الإسرائيلي ، المقاومة بحاجة الى الثبات الاستراتيجي والمناورة التكتيكية ، بقلم : راسم عبيدات

شبكة أنباء شفا

timeمنذ 16 ساعات

  • شبكة أنباء شفا

بعد مقترح ويتكوف الإسرائيلي ، المقاومة بحاجة الى الثبات الاستراتيجي والمناورة التكتيكية ، بقلم : راسم عبيدات

بعد مقترح ويتكوف الإسرائيلي ، المقاومة بحاجة الى الثبات الإستراتيجي والمناورة التكتيكية ، بقلم : راسم عبيدات ويتكوف على خطى 'مسيلمة الكذاب' بلينكن،وزير الخارجية الأمريكي السابق ،نفس السياسة ونفس المنهاج،ونفس الإدارات وان اختلفت التسميات إدارات ديمقراطية او جمهورية،يجمعها العشق الأبدي لإسرائيل والمفاخرة بصهيونيتها،وليس ادل على ذلك، سفير الإدارة الأمريكية السابقة ديفيد فريدمان، شارك وزراء وقادة اسرائيليين افتتاح نفق من سلوان الى البلدة القديمة،واستخدم مطرقة ثقيلة في التكسير للصخور،ووزيرة الأمن الداخلي الأمريكي الحالية كريستي نوم،شاركت بصلوات وطقوس تلمودية وتوراتية فيما يعرف بذكرى توحيد القدس ، استكمال احتلال القسم الشرقي من المدينة ،وكذلك فعل السفير الأمريكي الحالي في اسرائيل مايك هاكابي. وويتكوف على خطى 'مسيلمة الكذاب' بلينكن،وزير الخارجية الأمريكي السابق، بعد مفاوضات مطولة مع حماس ،جرى الإتفاق على ورقة وافقت عليها حماس، تتضمن وقف مؤقت لإطلاق النار لمدة 60 يوماً،وخلال تلك الفترة تجري مفاوضات،من أجل الإتفاق على إنهاء شروط الحرب،بما يضمن انسحاب اسرائيلي شامل من القطاع ووقف إطلاق نار دائم،وفتح المعابر وتدفق المساعدات الإنسانية الى القطاع،وعقد صفقة لتبادل الأسرى، تتضمن إطلاق عشرة اسرى اسرائيليين احياء ، 5 منهم في اليوم الأول وخمسة اخرين في اليوم الستين،وأن يصار الى هدنة طويلة الأمد،وأن يكون هناك حكومة تكنوقراط تتولى إدارة شؤون القطاع،وان تكون مرجعيتها السلطة الفلسطينية. الورقة او المقترح المتوافق عليه بين الإدارة الأمريكية وحركة حماس،والتي اجرت عدت لقاءات سابقة مع ويتكوف وبولر مسؤول ملف الأسرى في الإدارة الأمريكية في الدوحة،أفضت الى قيام حركة حماس بإطلاق سراح الجندي مزدوج الجنسية الأمريكية – الإسرائيلية عيدان الكسندر،على امل ان يقود ذلك الى ضغط أمريكي على اسرائيل لفتح المعابر وادخال المساعدات الإنسانية،والقبول بوقف لإطلاق النار،ولكن هذا الرهان سقط،بعدما لم يتطرق ترامب اثناء زيارة 'الإستحلاب' المالي التي قام بها الى ثلاث دول خليجية،منتصف هذا الشهر،وكنا نتوقع أن يتم اعطاء ترامب ترليونات المال العربي والهدايا من طائرات واقلام وشراء اسلحة بقيمة 142 مليار دولار، الى مقايضة ذلك بوقف العدوان على قطاع غزة،وفتح المعابر وادخال المساعدات الإنسانية،ولكن كما يقول المأثور الشعبي ' تمخض الجبل فولد فأراً'. المقترح والإتفاق نقله ويتكوف الى وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر،والذي اجرى عليه تعديلين جوهريين، الأول شطب الفقرة التي تقول بإستمرار بوقف القتال بعد الستين يوماً،اذا لم يتم انجاز الإتفاق حول شروط إنهاء الحرب،أي استمرار المفاوضات ،أما التعديل الأخر فهو،ان يتم اطلاق سرح العشرة اسرى الإسرائيليين في الأسبوع الأول من الإتفاق ،5 منهم في اليوم الأول والخمسة الأخرين في اليوم السابع. ويتكوف تبنى الموقف الإسرائيلي،ولذلك نتنياهو،ابلغ اهالي الأسرى بموافقة المجلس السياسي والأمني المصغر الموافقة على المقترح الأمريكي،وهذا المقترح الذي جرى تبنيه،لم يجعل كالعادة بن غفير وسموتريتش يهددان بالإنسحاب من الحكومة،فهم يعرفان جديداً، بأن ثمن الموافقة،ليس فقط إطلاق أيديهم في عمليات التهويد والضم في الضفة الغربية واغراقها بالمستوطنين،وشرعنة المزيد من المستوطنات واقامة المزيد منها،واستمرار عمليات الطرد والتهجير والعدوان بحق وعلى سكان مدن وبلدات وقرى ومخيمات الضفة من قبل زعران المستوطنين المنفلتين من عقالهم بلا حسيب او رقيب. كذلك هذا المقترح يخرج نتنياهو من مأزقه الداخلي، فسيف التهديد بإسقاط حكومته من داخلها من قبل بن غفير وسموتريتش رفع،وضغوط المعارضة السياسية وأهالي الأسرى ستتراجع بشكل كبير،وكذلك الضغوط الدولية،والتي باتت تنظر الى اسرائيل كدولة مجرمة تقتل الأطفال والنساء. هذا المقترح يضع حماس والمقاومة الفلسطينية في مأزق وموقف حرج،سواء لجهة رفض المقترح او القبول به،أو حتى صيغة اللعم على رأي الرئيس الراحل ابا عمار ،فهو أصلاً صيغ بهذه الطريقة،لكي يتم رفضه، ولكي تقول المقاومة لا ويتمّ تحميلها مسؤولية إفشال التفاوض ومنح استمرار الحرب والتجويع غطاء كافياً لمنح نتنياهو جائزة كبرى، أو أن تقول المقاومة نعم، فتقبل بوقف نار لمدة سبعة أيام بحيث يمكن لنتنياهو إنهاء الهدنة بعد تسلم الدفعة الثانية من الأسرى ويعود للحرب بألف ذريعة، وبين خياري القبول المذلّ والمهين الذي يفرط بأهم ورقة بيد المقاومة وهي الأسرى ومن دون الحصول على هدنة معقولة وليس على وقف الحرب نهائياً، أو الرفض الذي يمنح نتنياهو شرعيّة سياسيّة لمواصلة الحرب وجرائم الإبادة والتجويع. الأسابيع القادمة بعد موافقة حماس على مقترح ويتكوف،كنا ننتظر ولادة اتفاق ينهي هذه الحرب،وينقذ شعبنا من براثين القتل والحصار والتجويع،ولكن تعقد الموقف بتبني ويتكوف للمطالب الإسرائيلية،التي تذكر بمواقف بلينكن وبايدن،واللذان كانا يقدمان المقترح ،وبعد موافقة حماس والمقاومة عليه،ورفضه من قبل نتنياهو وحكومته،واضافة شروط تعجيزيه عليه،ترفضها حماس والمقاومة، يعودان لتحميل المقاومة وحماس المسؤولية عن فشل الإتفاق وعدم اتمام صفقة التبادل،ونذكر هنا ما عرف بمبادرة الرئيس الأمريكي بايدن،في أيار /2024،والتي هي بالأساس مقترح اسرائيلي،حيث تبناها بايدن واصبحت مبادرة امريكية،صادق عليها مجلس الأمن الدولي تحت قرار رقم 2735 في 11حزيران/2024،ووافقت عليها حماس والمقاومة في 2/تموز /2024،والتي رفضها نتنياهو وذهب الى معركة رفح. من بعد ذلك كان مبادرة امريكية أخرى من ثلاثة مراحل ،جرى الإتفاق عليها بضمانة وواسطة امريكا ،والتي هي ليست بضامن ولا وسيط ،بل شريك في 17/كانون ثاني/2024،لم ينفذ منها نتنياهو سوى المرحلة الأولى بدون تنفيذ البرتوكول الإنساني،لا مساعدات إنسانية غذائية وطبية كافية دخلت ولا معدات اعمار ولا أليات ثقيلة ولا منازل متنقلة ولا خيام للنازحين،ومن بعد ذلك طلبت اسرائيل،تمديد المرحلة الأولى ،بفترة انتقالية دون الولوج في المرحلة الثانية،وامريكا،كما فعلت في لبنان،فعلت في غزة وقبل الذرائع والحجج الإسرائيلية،واتهمت حماس والمقاومة بعدم الإلتزام بالإتفاق،واطلق ترامب تهديداته، بان أبواب جهنم ستفتح على حماس والمقاومة،اذا لم يجر إطلاق سراح كل الأسرى خلال فترة محددة،أي قبل دخوله للبيت الأبيض وتنصيبه رئيساً،وتكرر نفس السيناريو من التهديدات وفتح أبواب جهنم بعد تنصيبه. هذا المنعطف يفرض نفسه على قيادة المقاومة،ويدفعها إلى التمييز بين حاجات الثبات استراتيجياً والحاجة إلى المناورة تكتيكياً. نحن ندرك بأن أهل مكة أدرى بشعابها،والقدرة على تقدير وتقييم الموقف، دون أن تلتفت الى المتحذلقين والمتفذلكين وتجار الدم والوطن،واذا ما قالت حماس والمقاومة نعم ولكن،أو لعم على غرار سياسة الرئيس الراحل عرفات،فهي تدرك طبيعة العناصر التي تقبل بها او لا تقبل بها، على سبيل المثال تأخذ حماس العناصر التي تتحدث عن الحل المستدام كهدف، وتؤكد على قبوله وتأخذ إطار الستين يوماً وتقبل به، ومعه بنود إدخال المساعدات وتقبل بها، وبند الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين وتضع له مفاتيح غائبة عن المقترح، ثم تطرح في نص مكتوب أسئلة حول أسباب تعديل بنود مثل استمرار وقف النار ما لم يتمّ التوصل إلى اتفاق، وتوزيع الإفراج عن الأسرى بين اليومين الأول والستين، وتطلب إجابة خطّية حول درجة التزام الجانب الأميركي بإنهاء الحرب وتقديمه ضمانات تؤكد أن هذا الهدف سوف يتحقق بنهاية مرحلة تبادل الأسرى، في اليوم الستين، أو في نهاية مسار التفاوض إذا تمّ تمديده. فلسطين – القدس المحتلة

تعميق الشراكة الاستراتيجية بين الصين وآسيان ومجلس التعاون الخليجي يساهم في العالم كله ، بقلم : تشو شيوان
تعميق الشراكة الاستراتيجية بين الصين وآسيان ومجلس التعاون الخليجي يساهم في العالم كله ، بقلم : تشو شيوان

شبكة أنباء شفا

timeمنذ 16 ساعات

  • شبكة أنباء شفا

تعميق الشراكة الاستراتيجية بين الصين وآسيان ومجلس التعاون الخليجي يساهم في العالم كله ، بقلم : تشو شيوان

تعميق الشراكة الاستراتيجية بين الصين وآسيان ومجلس التعاون الخليجي يساهم في العالم كله ، بقلم : تشو شيوان في ظل التحولات الجيوسياسية والاقتصادية المتسارعة التي يشهدها العالم، برزت القمة الثلاثية بين رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) والصين ومجلس التعاون الخليجي، التي عقدت في كوالالمبور يومي 27 و28 مايو 2025، كحدث استثنائي يعكس إدراكاً مشتركاً لأهمية التعاون الإقليمي في مواجهة التحديات العالمية، ومن الواجب أن ننظر للقمة على أنها لم تكن مجرد اجتماع دبلوماسي روتيني، بل كانت خطوة استراتيجية نحو تشكيل شراكة اقتصادية قادرة على إعادة رسم خريطة القوى في نظام دولي يتجه نحو التعددية القطبية. جاءت القمة في وقت تواجه فيه العديد من دول آسيان تحديات اقتصادية جراء الرسوم الجمركية الأمريكية التي تراوحت بين 10% و49%، مما أثر على صادراتها، ومن هنا أكد رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم على أهمية هذه الشراكة الثلاثية لتعزيز المرونة الاقتصادية وبناء أسواق بديلة تقلل من الاعتماد على الاقتصادات الغربية، وهذه النقطة تحديداً أجدها من أهم النقاط التي جاءت في القمة فكما يبدو أن هناك نهج عالمي يقول أنه من الواجب تقليل الاعتماد على الاقتصادات الغربية طالما لنا فرص وأهداف مشتركة بين دول الشرق والجنوب. من حيث الأرقام فإن حجم التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون وآسيان بلغ 137 مليار دولار في 2022، بينما تجاوزت التجارة بين الصين وآسيان 700 مليار دولار، مما يجعل هذه الكتلة الاقتصادية قوة لا يستهان بها في النظام التجاري العالمي، وقد لعبت الصين دوراً محورياً في القمة، حيث سعت إلى تعزيز شراكتها مع كل من آسيان ومجلس التعاون الخليجي عبر مبادرات مثل مبادرة الحزام والطريق التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ، والتي دعمت مشاريع بنية تحتية كبرى في جنوب شرق آسيا، كما أعلن رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ عن استعداد الصين لإنشاء منطقة تجارة حرة بين الأطراف الثلاثة، مما سيعزز التكامل الاقتصادي ويسهل تدفق السلع والاستثمارات، وأن توجد القمة مشاريع كبرى مثل المناطق الحرة المشتركة أجده أمراً مهماً سيدفع بالنمور الاقتصادي في كلاً من دول الآسيان ودول مجلس التعاون الخليجي وأيضاً الصين. إن المصالح والأهداف المشتركة هي الضامن الأكيد لنجاح مثل هذا التعاون، فالصين بوصفها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، تسعى لتوسيع شراكاتها التجارية والاستثمارية في كل من منطقة جنوب شرق آسيا والخليج، وهما منطقتان غنيتان بالموارد الطبيعية وتشهدان نموًا اقتصاديًا عالياً، وفي المقابل تتطلع دول آسيان ومجلس التعاون الخليجي إلى الاستفادة من السوق الصيني الضخم والتكنولوجيا المتقدمة التي تمتلكها الصين، بالإضافة إلى تنويع شراكاتها الاقتصادية بعيدًا عن الاعتماد التقليدي على القوى الغربية، ومع تحقق هذه المصالح المشتركة سنشهد علاقات أكثر ترابطاً في المستقبل. إلى جانب الجانب الاقتصادي، تحمل هذه القمة دلالات سياسية مهمة. ففي عالم تسوده التوترات الجيوسياسية، يمثل تعزيز الحوار والتفاهم المتبادل بين الحضارات المختلفة ضرورة ملحة، وفي هذا الجانب قد أكد رئيس مجلس الدولة الصيني على أهمية 'إدارة الخلافات بشكل فعال من خلال التفاهم المتبادل، واستكشاف مسار جديد للتقدم الشامل لمختلف الحضارات'، وهذه التصريحات تشير إلى رغبة مشتركة في بناء نظام عالمي أكثر توازنًا وتعددية، بعيدًا عن الهيمنة القطبية الواحدة التي باتت عبئاً سياسياً واقتصادياً على العديد من دول العالم. في الختام، يمكن القول إن القمة الثلاثية في ماليزيا تمثل خطوة هامة نحو بناء شراكة استراتيجية متينة بين الصين وآسيان ومجلس التعاون الخليجي، وإن نجاح هذه القمة يعتمد على قدرة الأطراف الثلاثة على تحويل الخطط إلى واقع ملموس، والمؤشرات إيجابية خاصة مع توقعات بأن يتجاوز حجم التجارة بين مجلس التعاون وآسيان والصين 500 مليار دولار بحلول 2030، وهذه الشراكة ليست فقط خطوة نحو تعافي اقتصادات المنطقة، بل أيضاً رسالة واضحة بأن العالم لم يعد أحادي القطبية، وأن الشراكة قادرة على صياغة مستقبل أكثر توازناً، وأجد أن القمة الثلاثية نموذجاً للتعاون في عالم متعدد الأقطاب، حيث تبرز قوى جديدة تقودها مصالح مشتركة ورؤى استراتيجية بعيدة المدى، والدرس الأهم هنا هو أن التعاون الإقليمي لم يعد خياراً، بل ضرورة في عالم مليء بالتحديات. إقرأ مزيداً من الأخبار حول الصين … إضغط هنا للمتابعة والقراءة

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store