logo
كيف ترى مراكز الأبحاث الإسرائيلية إيران؟ وبماذا تُوصي نتنياهو؟

كيف ترى مراكز الأبحاث الإسرائيلية إيران؟ وبماذا تُوصي نتنياهو؟

الجزيرةمنذ يوم واحد

تُبدي مراكز الأبحاث الإستراتيجية في إسرائيل اهتماما كبيرا بإيران ودورها في المنطقة والعالم، وبعد هجوم طوفان الأقصى الذي نفذته المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وشن حرب "السيوف الحديدية" من قِبل إسرائيل على قطاع غزة ، زاد الاهتمام، وتكاثرت الدراسات التي تناقش دور إيران في دعم المقاومة الفلسطينية و محور المقاومة بشكل عام، وكذلك المقترحات الخاصة بخيارات التعامل مع إيران وصولا إلى إضعاف قوتها.
النقاش الإستراتيجي حول إيران في مراكز الأبحاث الإسرائيلية"، حاول خلالها الإجابة على السؤالين التاليين:
ما أبرز الأفكار التي تداولتها مراكز الأبحاث الإستراتيجية الإسرائيلية في التعامل مع إيران منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترامب في الانتخابات؟
هل يوجد فرق في توجهات مراكز الأبحاث الإسرائيلية فيما يتعلق بالتعامل مع إيران؟
وللإجابة على السؤالين، عملت الدراسة على قراءة مجموع المقالات والدراسات التي تم نشرها على موقعين إلكترونيين لمركزين مهمين من مراكز الأبحاث الإستراتيجية الإسرائيلية المتخصصة في الأمن القومي، وهما: معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS)، ومعهد دراسات الأمن القومي والإستراتيجية الصهيونية (مسجاف).
تمهيد
نُشر على موقع مركز مسجاف قبيل إجراء الانتخابات الأميركية، وعلى وجه التحديد في شهر أكتوبر/تشرين الأول 2024، 7 مقالات، أما مركز دراسات الأمن القومي فلم ينشر في هذا الشهر أية مقالات بشأن إيران.
ويبدو من خلال استعراض الأفكار الرئيسية الواردة في الجزء التمهيدي من الدراسة أن الباحثين في الشأن الإستراتيجي في معهد مسجاف قدّروا -قبيل فوز ترامب- أن قدرة الردع الإيرانية قد ضعفت، بسبب الضربات التي تلقاها حلفاء إيران، إضافة إلى الضربة الجوية التي وجهتها إسرائيل لإيران.
ويعتقد هؤلاء الباحثون -وهم يوسي منشروف، وموشيه فوزايلوف، وإيلي كلوتشتاين، ويوسي كزفيرفيسر- أن ما أصاب قدرة إيران على الردع أو الهجوم ربما يدفعها باتجاه تسريع إنتاج القنبلة النووية كوسيلة لتعزيز الردع، لكنه في كل الأحوال وضع إيران أمام معضلة إستراتيجية ناتجة عن محدودية خياراتها، وخشيتها من ضربة إسرائيلية أميركية قد تعرّض نظامها الحاكم للخطر، إضافة إلى مشاكلها الداخلية المتفاقمة والمتعددة اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، إلى جانب ما أثارته الحالة الجديدة من أسئلة داخل إيران بشأن نظريتها الأمنية والعسكرية.
يتناول هذا المحور 9 مقالات نُشرت على موقعي مركزي الأبحاث، 6 منها على موقع معهد مسجاف، و3 على موقع معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي. أما مقالات معهد مسجاف، فقد كتب 3 منها إيلي كلوتشتاين، والرابع كتبه يوسي منشروف، أما الخامس فمن إعداد دافيد فيمبرج، والسادس من كتابة جلعاد إردان.
ويتضح من مجموعة مقالات معهد مسجاف أنها ركّزت على تعدد وتنوع وشمول المشاكل الداخلية الضاغطة على إيران، والتي تمتد من أزمة الطاقة إلى ضعف الخدمات الصحية وقلّة الإقبال على المشاركة في الانتخابات، بالإضافة إلى الاحتجاجات الشعبية وإبداء الرغبة العلنية في تغيير النظام، والتي يمكن لها مجتمعة أن تولِّد لدى القيادة الإيرانية قابلية للتنازل إذا ما مُورست عليها ضغوط هائلة، وذلك من أجل الحفاظ على بقاء النظام.
وجاءت مقالات معهد دراسات الأمن القومي في هذا المحور في 3 مقالات، واحد من إعداد داني سيترونيفيتش، واثنان منها من إعداد راز تسيمت.
ويتضح من المقالات الثلاثة أن باحثي مركز دراسات الأمن القومي ركّزوا على الأزمات الاقتصادية الداخلية في إيران، وتأثير هذه الأزمات على النظام، لكنها اختلفت عن مقالات مركز مسجاف، حيث أبرزت ضغوطا متناقضة يتعرض لها النظام الإيراني، فمن جهة تتعرض القيادة الإيرانية لاعتراض الرأي العام، ومن جهة أخرى فإنها تتعرض لضغوط القاعدة الثورية الأيديولوجية للنظام، والتي تطالب باتخاذ مواقف متشددة إزاء إسرائيل.
كما تطرقت إلى وجود تصدعات داخل القاعدة الأيديولوجية للنظام، حيث يتفق التيار البراغماتي والتيار الراديكالي التقليدي على ضرورة خفض التصعيد، في حين يشدد التيار الراديكالي الثوري على ضرورة التصعيد، لكن في النهاية فإن المقالات سابقة الذكر لا ترى في الأزمات الداخلية تهديدا آنيا للنظام الحاكم في إيران، وأنها ربما تشكّل تهديدا على المدى البعيد.
المحور الثاني: الانكشاف الإيراني على الصعيد الأمني والعسكري والسياسي
يتناول هذا المحور 3 مقالات من إعداد باحثي معهد مسجاف: اثنان من إعداد يوسي منشروف، والثالث من إعداد إيلي كلوتشتاين.
تؤكد المقالات الثلاثة على أن الأرض باتت تهتز تحت أقدام إيران بفعل التهديدات، ويرى باحثو مسجاف أن التحولات السياسية منذ فوز ترامب، إضافة إلى الضربات العسكرية الإسرائيلية، قد أظهرت إيران مكشوفة أمنيا وعسكريا، وأن مواصلة الضغط سيحقق المزيد من المكاسب.
المحور الثالث: رسم صورة ذهنية سلبية لإيران
يشمل هذا المحور 9 مقالات، 8 منها منشورة على موقع معهد مسجاف، والتاسع على موقع معهد دراسات الأمن القومي. وكتب يوسي منشروف 4 من مقالات مسجاف، وكتبت نواه لزيمي اثنين، وإيلي كلوتشتاين كتب مقالا واحدا، وكتب دافيد فينبرج مقالين، وأحد المقالات السابقة مشترك بين يوسي منشروف ونواه لزيمي، أما مقال معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي فهو من إعداد راز تسيمت.
ويبدو من خلال استعراض المقالات الثمانية أن هناك توجها لدى باحثي مركز مسجاف نحو رسم صورة ذهنية سلبية عن إيران، تدعم اتجاه الحسم معها، وقد أوضح أحد هذه المقالات -قبل سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد- أن إيران تخطط للهجوم على إسرائيل من الجولان، ومقال آخر أوضح أن إيران لا تتوقف عن تهريب الأسلحة لحلفائها.
وبعد بدء المفاوضات بين أميركا وإيران، ركّزت المقالات على أن مشاركة إيران في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 لا تقتصر على التدريب والتخطيط، بل إن إيران شاركت فعلا في الهجوم، وتم توجيه نداء للحكومة بتوظيف هذه الأدلة من أجل إدانة إيران، التي وصفوها باستغلال وقت المفاوضات لتطوير قدراتها النووية وإيصالها إلى نقطة اللاعودة، إضافة إلى تطوير قدراتها الدفاعية والهجومية، وأنه يجب عدم منح إيران هذه الفرصة.
المحور الرابع: التحالفات الإسرائيلية الإقليمية والدولية لضرب إيران
يشمل هذا المحور 17 مقالا، 13 من بينها على موقع معهد مسجاف، و4 على موقع معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، وكتب مقالات معهد مسجاف نواه لزيمي، ويوسي منشروف، وإيلي كلوتشتاين، ودافيد فينبرج، وزكي شالوم، أما جلعاد إردان، ومئير بن شابات، ورفائيل بن ليفي فقد أسهموا بمقال واحد لكل منهم.
وركّزت المقالات الواردة في هذا المحور على أن هناك حاجة ماسة لبناء تحالف دولي وإقليمي لمواجهة أنشطة إيران المتعلقة بتسريع تخصيب اليورانيوم، أو تطوير منظومات الدفاع والهجوم.
وفيما يتعلّق بالمفاوضات الدائرة بين الولايات المتحدة وإيران فإنها يجب ألا تقتصر على وقف البرنامج النووي وتفكيك كل ما له علاقة به من أسلحة ومعدات، بل يجب أن يشمل الاتفاق منع تطوير الصواريخ، بالإضافة إلى قطع إيران علاقتها مع حلفائها.
والتأكيد على أن إيران لا يمكن أن تتوقف عن المناورة، ولهذا يجب تحقيق نصر حاسم معها، يؤدي إلى تغيير النظام الحاكم، وأن اللحظة الراهنة مناسبة للقيام بذلك بعد ما أصاب إيران ومحورها من ضعف، وأن التفاوض لن يأتي بنتائج جيدة إلا إذا تم تطبيق النموذج الليبي في الاتفاق، أما نموذج اتفاق 2015 في عهد الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما، فإنه سيُبقي إيران قادرة على مواصلة تخصيب اليورانيوم والحصول على القنبلة النووية في أي لحظة في المستقبل.
وبخصوص المقالات الأربعة التي نشرها موقع دراسات الأمن القومي، فأحدها من إعداد داني سيترونيفيتش، والثاني من إعداد إلداد شابيط وسيما شاين، أما الثالث فمن إعداد تامير هايمان وراز تسيمت، والمقال الرابع من إعداد إلداد شابيط.
ويبدو من خلال استعراض مضمون المقالات الأربعة أنها تؤكد أن إيران قادرة على الوصول إلى القنبلة النووية، لكنها لم تتخذ القرار بعد، وهذا يعني أنها تفتح الباب أمام الحل الدبلوماسي، كما تشير المقالات إلى ضرورة التعاون الدولي (خاصة الأميركي الإسرائيلي) من أجل التوصل لاتفاق، وضمان تنفيذ هذا الاتفاق.
الخاتمة والاستنتاجات
يتضح من مجمل المقالات التي تناولتها هذه الدراسة أن هناك جملة من الأفكار التي يدور حولها النقاش ، وتشكّل أرضية للبدائل التي تفكر فيها نخبة الخبراء الإسرائيليين في الشأن الإيراني، وهي:
قدّر باحثو معهد مسجاف -قبيل فوز ترامب- أن قدرة الردع الإيرانية قد ضعفت، بسبب الضربات التي تلقتها إيران وحلفاؤها.
يعتقد هؤلاء الباحثون أن ما أصاب قدرة إيران على الردع أو الهجوم ربما يدفعها باتجاه تسريع إنتاج القنبلة النووية وسيلة لتعزيز الردع، لكنه في كل الأحوال وضع إيران أمام معضلة إستراتيجية ناتجة عن محدودية خياراتها، وخشيتها من ضربة إسرائيلية أميركية قد تعرّض نظامها الحاكم للخطر، إضافة إلى مشاكلها الداخلية المتفاقمة.
عبّر باحثو معهد مسجاف عن تطلعهم إلى استمرار سعي إسرائيل لإضعاف إيران.
يعتقد هؤلاء الباحثون أن المشاكل الداخلية المتنوعة في إيران قد تولّد لدى القيادة الإيرانية قابلية للتنازل إذا ما مُورست عليها ضغوط هائلة، وذلك من أجل الحفاظ على بقاء النظام.
يعتقد باحثو مركز دراسات الأمن القومي أن الأزمات الاقتصادية الداخلية في إيران مؤثرة على سلوك النظام الإيراني.
أوضح باحثو مركز مسجاف أن فوز ترامب ولّد ذعرا لدى الإيرانيين، تم التعبير عنه بالميل للتفاوض والتصالح، وأن استمرار الضغط على إيران هو الذي سيحقق الأهداف وليس التفاوض.
تكثر في كتابات باحثي معهد مسجاف محاولات رسم صورة ذهنية سلبية لإيران، بدءا من إمداد حلفائها بالأسلحة، والمشاركة عمليا في هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وأن إيران تستغل وقت المفاوضات لتطوير قدراتها النووية والصاروخية والدفاعية، وتطالب بالحسم مع إيران.
طالب باحثو معهد مسجاف ببناء تحالف دولي وإقليمي لمواجهة أنشطة إيران المتعلقة بتسريع تخصيب اليورانيوم، أو تطوير منظومات الدفاع والهجوم.
طالبت الدراسات بألا يقتصر الاتفاق المتوقع إبرامه بين إيران والولايات المتحدة على وقف البرنامج النووي، بل يجب أن يشمل الاتفاق منع تطوير الصواريخ، بالإضافة إلى قطع إيران علاقتها مع حلفائها.
أكد الباحثون أن إيران لا يمكن أن تتوقف عن المناورة، ولهذا يجب تحقيق نصر حاسم معها، يؤدي إلى تغيير النظام الحاكم، وأن اللحظة الراهنة مناسبة للقيام بذلك.
أكد باحثو معهد دراسات الأمن القومي أن إيران قادرة على الوصول إلى القنبلة النووية، لكنها لم تتخذ القرار بعد، وهذا يعني أنها تفتح الباب أمام الحل الدبلوماسي.
أشار هؤلاء الباحثون إلى أن إسرائيل تتابع المفاوضات وتستعد لخيار عسكري في حال فشل التفاوض، أو جاءت بنتائج غير مرضية لحكومة إسرائيل.
أبدت دراسات المركز شكوكا إزاء قدرة الردع والتفاوض على الوصول إلى اتفاق يُرضي أميركا وإسرائيل، لكنها لم تتحمس للخيار العسكري، وأوصت الحكومة الإسرائيلية بأخذ مصالح ترامب بعين الاعتبار، وهذه نقطة خلاف جوهرية مع ما يطرحه باحثو معهد مسجاف الذين يرون أن الحل يتمثل في واحد من اثنين: إما صفقة على النموذج الليبي، أو ضربة عسكرية تؤدي إلى إسقاط النظام الإيراني.
أبدى باحثو معهد دراسات الأمن القومي تحفظا على التعويل على الضربة العسكرية، ويرون أنها يمكن أن تأتي بنتائج عكسية، لأنها لن تُسقط النظام، بل قد تدفعه للسعي الحثيث نحو امتلاك القنبلة النووية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

متى يتدخل حلفاء إيران الإقليميون والدوليون في الحرب؟ محللان يجيبان
متى يتدخل حلفاء إيران الإقليميون والدوليون في الحرب؟ محللان يجيبان

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

متى يتدخل حلفاء إيران الإقليميون والدوليون في الحرب؟ محللان يجيبان

دخلت الحرب الإسرائيلية الإيرانية مرحلة حرجة وشديدة الغموض، وأثيرت تساؤلات عن حلفاء إيران الإقليميين والدوليين، وإمكانية دخولهم على خط المواجهة ردا على التدخل الأميركي المحتمل، كما يقول محللان. فقد رفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤشر التهديد إلى سقف غير مسبوق، وطالب إيران بالاستسلام غير المشروط، ملوحا بإمكانية قتل المرشد الأعلى للبلاد علي خامنئي ، الذي قال إن الولايات المتحدة تعرف أين يعيش. في الوقت نفسه، تزايدت المؤشرات على قرب اتخاذ ترامب قرارا بالتدخل المباشر في الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل، وتحديدا من أجل تدمير منشأة فوردو النووية. وحرّكت الولايات المتحدة العديد من قِطَعها العسكرية الإستراتيجية إلى المنطقة أو بالقرب منها، ووضعت أخرى في حالة تأهب بما في ذلك القاذفة الإستراتيجية "بي 52″، حسب ما أكدته الصحافة الأميركية. خيارات متدرجة ولو دخلت أميركا الحرب بشكل مباشر، فإن ذلك قد يدفع الإيرانيين لضرب الكثير من المصالح الأميركية في المنطقة وخصوصا قواعدها العسكرية في العراق والخليج العربي، كما يقول الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي. لكن ضرب هذه القواعد الأميركية لن يكون سهلا -حسب ما قاله مكي في تصريحات للجزيرة- لأنها محصنة بقوة صاروخية كبيرة يمكنها الدفاع عنها، ما يعني أن فشل إيران في استهداف هذه القواعد سيدفعها لتحريك "أذرعها" لضرب كل مصالح واشنطن في المنطقة بما فيها آبار النفط مثلا. وبناء على هذا، فإن الإيرانيين سيستخدمون قدراتهم العسكرية بحكمة -على الأرجح- لأنها تعتبر محدودة إذا قيست بالدعم الأميركي المفتوح لإسرائيل، وفق مكي، الذي قال إن هدم بلد عريق تاريخيا وسياسيا بحجم إيران لن يكون أمرا سهلا. لكن الخبيرة في الشؤون الإيرانية والباحثة في مركز الجزيرة للدراسات الدكتورة فاطمة الصمادي لا تعتقد أن إيران ضعيفة إلى الحد الذي يجعل قادتها يستجيبون لمطالب ترامب بالاستسلام، لأنها رفضت بالفعل كل الرسائل التي وصلتها خلال اليومين الماضيين عبر وسطاء إقليميين وأوروبيين وكانت كلها تعني الاستسلام تحت مظلة العودة للمفاوضات. الاستسلام ليس مطروحا ووفقا للصمادي، فإن الاستسلام ليس مطروحا لأن الإيرانيين لن يقبلوا اليوم بما رفضوه من قبل ودفعوا من أجله ثمنا باهظا من الدماء والعلماء، فضلا عن أن طهران لديها حلفاء في المنطقة لن يتخلوا عنها. ومن بين هؤلاء الحلفاء المليشيات الشيعية العراقية والأفغانية إلى جانب أنصار الله (الحوثيين) في اليمن والذين أعلنوا أنهم سيدخلون الحرب دعما لإيران كما دخلوا حرب غزة دفاعا عن الفلسطينيين، وحزب الله في لبنان، الذي تستبعد الصمادي أن يكون قد خرج بشكل نهائي من المعادلة. وكان حزب الله قد تلقى ضربات قوية من إسرائيل، ردا على مساندته للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وتمكنت إسرائيل من اغتيال كبار قادة الحزب وعلى رأسهم أمينه العام السابق حسن نصر الله وكبار مساعديه، كما استهدفت إسرائيل الآلاف من مقاتلي الحزب فيما يعرف بعملية البيجر. واضطر الحزب وبعد الخسائر التي لحقت به، وأمام الضغوط الدولية والإقليمية لسحب قواته من مناطق حدودية مع إسرائيل، فيما تقول الدولة اللبنانية إنها تمكنت من وضع يدها على جزء كبير من أسلحته. وتُقِر الخبيرة في الشؤون الإيرانية أن حلفاء طهران بالمنطقة تلقوا ضربة لكنهم لم يضعفوا على النحو الذي يتصوره البعض، وخصوصا الحوثيين الذين أعربت عن اعتقادها بأنهم لم يستنفدوا قوتهم القصوى بعد. وكان الحوثيون قد واصلوا استهداف إسرائيل بالصواريخ، لإجبار الأخيرة على وقف عدوانها على غزة المتواصل منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، كما طالت صواريخ الحوثيين الكثير من السفن في البحر الأحمر التي كانت تتجه لموانئ إسرائيل. وتعرض الحوثيون في اليمن لعشرات الضربات الصاروخية من قبل إسرائيل والولايات المتحدة، لكن الأخيرة توصلت لاتفاق مع الجماعة بالكف عن استهدافها مقابل تعهد الحوثيين بالتوقف عن استهداف السفن الأميركية في البحر الأحمر. ومن بين الحلفاء كذلك المليشيات العراقية التي لم تدخل الحرب بعد، فيما لا يمكن اعتبار حزب الله اللبناني خارج المعادلة بشكل كامل، كما تقول الصمادي التي أكدت أن هذه الأمور كلها تمثل أوراق قوة بيد الإيرانيين. وخلصت الصمادي إلى أن المسألة "ليست بهذه السهولة لأن رفع كلفة استهداف إيران لن يكون سهلا على العالم وليس المنطقة فقط، لأنها قد تحدث فوضى في مسار الطاقة، وهذا ستكون له تداعيات كبيرة على دول مثل الصين التي تعتمد على نفط المنطقة". وحتى القواعد الأميركية بالخليج ووسط آسيا فهي محيطة بإيران كالسوار بالمعصم وليست بعيدة عن الاستهداف رغم جاهزيتها الدفاعية، وسبق أن بعثت طهران رسالة بأنها قادرة على إحداث الضرر عندما ضربت قاعدة عين الأسد في العراق، وفق الصمادي. الدعم الدولي غير جاد أما الحلفاء الدوليون مثل روسيا والصين وباكستان، فلم يظهروا حتى الآن ما يشي بأنهم سيقدمون الدعم الذي كان متوقعا منهم، كما يقول مكي، الذي أشار إلى أن الصين لم يصدر عنها ما يؤشر لعزمها بالدفاع عن مصالحها الاقتصادية الحالية والمستقبلية مع طهران، والممثلة بخط الحرير التجاري. وقال إن تصفية إيران وأذرعها بالمنطقة -في حال حدوثها- يعني أن طريق مومباي الهندي سيكون بديلا لطريق الحرير، الذي يعتبر مشروعا اقتصاديا مستقبليا لبكين التي لم تقدم أي دعم للإيرانيين حتى اللحظة. والأمر نفسه تقوم به روسيا تقريبا كونها لم تفعل سوى التنديد ودعوة إيران للتفاوض رغم أن إيران دافعت عنها وزوّدتها بطائرات "شاهد" المسيرة التي ساعدتها في ضرب أوكرانيا، وفق مكي، الذي لفت إلى الثمن السياسي الذي دفعته طهران خصوصا في علاقتها مع أوروبا نظير دعمها لموسكو. وخلص إلى أن إيران حظيت بدعم خطابي وإعلامي تمثل في إدانة العدوان الإسرائيلي عليها، لكنها لم تحظ بدعم عسكري حقيقي، حتى من باكستان التي أشار مكي إلى أن مسؤوليها عادوا وخففوا من تصريحات وزير الدفاع التي قال فيها إن "باكستان تقف مع إيران بما أوتيت من قوة" وأكدوا أن الوزير يعني الدعم الدبلوماسي. لذلك قال مكي إن "أذرع" إيران هم الذين قد يتحركون لمساندتها في الحرب التي تشن ضدها من قبل إسرائيل وأميركا لاحقا، دون أن يتوقع ذلك من الحلفاء الدوليين.

الفلاحي: إسرائيل لم تسيطر على أجواء إيران ودخول أميركا يعني حربا شاملة
الفلاحي: إسرائيل لم تسيطر على أجواء إيران ودخول أميركا يعني حربا شاملة

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

الفلاحي: إسرائيل لم تسيطر على أجواء إيران ودخول أميركا يعني حربا شاملة

قال الخبير العسكري والإستراتيجي العقيد الركن حاتم كريم الفلاحي إن إسرائيل لا يمكنها من الناحية العسكرية أن تفرض سيطرتها على الأجواء الإيرانية. وأضاف أن ما تردده يدخل في إطار الحرب النفسية التي تحاول إسرائيل فرضها على الإيرانيين. كما تحدث -في تحليله للتطورات الحالية- عن مؤشر الحرب بين إيران وإسرائيل. وتعني السيطرة الجوية -حسب العقيد الفلاحي- منع الطيران المعادي من الطيران ومن إطلاق الصواريخ من الأرض، وهذا لا يتفق مع الواقع الحالي حيث ما زالت إيران تطلق الصواريخ باتجاه إسرائيل. وواصل الحرس الثوري الإيراني الثلاثاء إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل، حيث أعلن عن إطلاق الموجة العاشرة من الهجمات بالصواريخ والمسيّرات صوب إسرائيل، وقال إنه استهدف فيها قواعد جوية إسرائيلية تستخدم لمهاجمة إيران. وأطلقت إسرائيل صفارات الإنذار وحذرت مواطنيها من الموجة الصاروخية الإيرانية، التي استهدفت مواقع في شمال إسرائيل. وقال العقيد الفلاحي إن التفوق الجوي يمكن أن يُؤَمن في مناطق محددة ولأهداف محددة، مؤكدا أنه من الصعب جدا تأمين الطيران لمدة 5 ساعات فوق الأراضي الإيرانية، كما أن هذه الطائرات تحتاج إلى التزود بالوقود. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية) قد زعم أن إسرائيل "تسيطر على أجواء طهران"، وأن "الطريق أصبح ممهدا" أمام إسرائيل نحو العمق الإيراني. وفي السياق نفسه، جاءت تصريحات للرئيس الأميركي دونالد ترامب قال فيها "باتت لدينا الآن سيطرة كاملة وشاملة على سماء إيران". ويؤكد العقيد الفلاحي أن إيران تمتلك قوة صاروخية كبيرة وطائرات مسيّرة على عكس إسرائيل التي تمتلك القوة الجوية، مشيرا إلى أن الصواريخ التي تطلقها إيران استطاعت أن تتجاوز منظومات الدفاع الإسرائيلية، وتحدث عن المراحل التي اعتمدتها طهران في المواجهة العسكرية الحالية مع تل أبيب. فقد قامت في البداية بتشتيت منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية بإطلاق أنواع مختلفة وكبيرة من الصواريخ باتجاه أهداف إسرائيلية، ما أدى إلى إشغال تلك المنظومات وأثر عليها في مسألة التصدي. كما قامت طهران بعملية تمويه للدفاعات الإسرائيلية من خلال استخدام الطائرات المسيّرة بالتزامن مع إطلاق الصواريخ البالسيتية ، وهو ما يسبب حالة استنزاف لمنظومة الدفاعات الإسرائيلية ويؤثر على فعاليتها في التصدي للصواريخ الإيرانية. ثم جاءت المرحلة الثالثة بإطلاق الصواريخ الفرط صوتية ، وهي صواريخ دقيقة وذكية وتحمل كميات كبيرة جدا من المتفجرات، ويقول العقيد الفلاحي إن تلك الصواريخ استطاعت الوصول إلى أهدافها دون أن تتمكن منظومات الدفاع الإسرائيلية من التصدي لها، ما أسفر عن خسائر كبيرة في الداخل الإسرائيلي. وعن مؤشر حالة الاشتباك في الحرب بين إسرائيل وإيران، يقول العقيد الفلاحي إن الاشتباك الحالي هو بين القوتين الجوية والصاروخية والضربات متبادلة بين الطرفين. وقال إن الحرب الآن مفتوحة، ولكن عندما تدخل الولايات المتحدة الأميركية فيها تتحول من حرب مفتوحة إلى حرب شاملة، ورجح أن تدخل أطراف أخرى في الحرب منها حلفاء إيران في المنطقة. وأوضح أن مؤشر الحرب يتراوح حاليا بين حرب مفتوحة وحرب شاملة. وأشار إلى أن الولايات المتحدة تمتلك إمكانيات كبيرة جدا وباستطاعتها تدمير البرنامج النووي الإيراني، خاصة منشأة فوردو التي يحتاج قصفها إلى قنابل خاصة لا تملكها سوى واشنطن وهي "جي بي يو 52".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store