
إيران.. بين طاولة التفاوض وميادين النفوذ
فبين إشارات إلى استعداد إيراني للحوار مع الولايات المتحدة ، وتحركات عسكرية وسياسية في سوريا والعراق واليمن ولبنان، تقف طهران في مفترق طرق حساس يُعيد تشكيل توازنات المنطقة.
وفي هذا السياق، استضافت " غرفة الأخبار" على قناة سكاي نيوز عربية عددًا من الخبراء والمحللين لتفكيك المشهد وتقديم قراءات معمقة في هذا الملف الشائك.
من طهران إلى واشنطن، ومن بيروت إلى صنعاء، تتحرك إيران وفق أجندة مزدوجة: واحدة تبحث عن مكاسب تفاوضية تعيدها إلى الساحة الدولية كلاعب شرعي، وأخرى تعمل على ترسيخ حضورها الإقليمي بقوة السلاح والميليشيات.
كيف تفكر طهران ؟ وما الذي تريده واشنطن ؟ وكيف يقرأ الخبراء هذه المرحلة؟ التقرير التالي يسلّط الضوء على هذه المعطيات بتحليل موسع لتصريحات نخبة من الضيوف البارزين.
طهران جاهزة ولكن بشروط
استهل المحلل الخاص لسكاي نيوز عربية محمد صالح صدقيان خلال حديثه الى غرفة الاخبار مداخلته بالتأكيد على أن إيران لا تمانع في العودة إلى المفاوضات مع الولايات المتحدة، لكنه شدد على أن "طهران ليست في موقف الضعف كما يروّج البعض"، مشيرا إلى أن إيران "لن تدخل أي مفاوضات قبل أن تتأكد من وجود نية أميركية حقيقية".
يرى صدقيان أن الظروف الدولية الحالية تدفع الطرفين إلى مراجعة حساباتهما، لكن دون وجود آلية واضحة للوساطة، تبقى الخطابات متأرجحة.
وأوضح أن "الموقف الإيراني يعتمد على البراغماتية أكثر من الأيديولوجيا في هذه المرحلة"، مبينا أن القيادة الإيرانية تسعى إلى "حفظ ماء الوجه داخليا من خلال تصوير أي حوار مع واشنطن على أنه انتصار للممانعة، لا تراجع عن الثوابت".
وأضاف أن "الضغوط الاقتصادية ليست كافية لكسر الإرادة الإيرانية"، في إشارة إلى العقوبات الأميركية المشددة، لكنه لم يغفل أن "الاقتصاد الإيراني يُعاني بشدة"، مما يجعل من خيار التفاوض "إجراء ضروري لكن غير مشروط".
وفي قراءته للتحركات الإيرانية في العراق و سوريا و لبنان ، قال صدقيان: "إيران لا ترى تناقضًا بين التحرك الميداني والسعي للتفاوض، بل تعتبر أن حضورها على الأرض يعزز أوراقها على الطاولة".
هذا التصريح يفتح الباب أمام فهم أعمق للنهج الإيراني الذي يوظف أدواته الإقليمية كوسيلة ضغط لا تقل أهمية عن الرسائل الدبلوماسية.
طهران في مأزق أخلاقي واستراتيجي
من جانبه، الكاتب والباحث السياسي عبد الله الجنيد، قدّم مقاربة أكثر تشددا في توصيف السلوك الإيراني، معتبرا أن "إيران تعيش حالة من الانفصام بين خطابها الثوري ومصالحها الواقعية".
وأوضح أن "ما يحدث اليوم هو محاولة التفاف إيرانية على ضغوط الداخل من خلال تصدير الأزمة إلى الخارج"، مشيرًا إلى أن النظام الإيراني "يوظف التوترات الإقليمية كأداة لتأجيل الاستحقاقات السياسية والاقتصادية الداخلية".
ورأى الجنيد أن إيران تسعى إلى تحويل مناطق النزاع إلى أوراق مساومة، لكنه شدد على أن "المجتمع الدولي بدأ يفهم هذا الأسلوب الإيراني جيدًا، وهو ما يُفسر التبدل في نبرة بعض العواصم الغربية تجاه طهران".
وحذر من الرهان الإيراني على ضعف الإدارة الأميركية أو انشغالها بالملفات الداخلية، قائلا: "واشنطن ليست غافلة عمّا تفعله إيران، لكنها تعمل وفق إيقاع مختلف، وأحيانا أكثر تعقيدا".
وأضاف: "إيران لم تعد قادرة على الاستمرار في خطاب المقاومة التقليدي في ظل كشف الغطاء الشعبي عن وكلائها في المنطقة، كما حدث في لبنان والعراق"، معتبرًا أن هذه التحولات قد تُجبر طهران على إعادة ترتيب أولوياتها في المرحلة المقبلة.
قدّم عضو مجلس الشيوخ المصري عبد المنعم سعيد ، قراءة متأنية للمشهد، محذرا من تبسيط الموقف الأميركي. وأشار إلى أن إدارة الرئيس دونالد ترامب في ولايته الثانية "لا تسعى إلى إبرام اتفاق مع طهران بأي ثمن، كما كانت تفعل إدارة أوباما"، موضحا أن هناك "تغييرا بنيويا في مقاربة واشنطن للملف الإيراني".
وأكد سعيد أن إدارة ترامب ترى في إيران "قوة مزعزعة للاستقرار لا يمكن الوثوق بها دون إجراءات عملية ملموسة"، مضيفًا: "الولايات المتحدة تراقب بدقة سلوك إيران الإقليمي، وتعتبره مقياسًا لأي تفاهم مستقبلي".
وتطرق إلى عنصر الضغط الشعبي داخل إيران، قائلاً: "لا يمكن إغفال أن النظام الإيراني بات محاصرًا داخليًا بأزمة ثقة متفاقمة، والشباب الإيراني لم يعد يؤمن بشعارات الثورة كما في السابق"، مضيفًا أن "الاحتجاجات المتكررة رغم القمع توضح أن الشارع لم يعد يرضى بالخطاب التقليدي".
واعتبر سعيد أن أي مفاوضات مقبلة ستكون أكثر صرامة، وأن الطرف الإيراني "لن يستطيع المناورة كثيرًا في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية المتسارعة".
أما الدبلوماسي السابق مسعود معلوف ، فاختصر المشهد بقوله: "نحن أمام طرفين يجيدان المناورة، لكن الإيرانيين بارعون في كسب الوقت".
وأوضح أن "واشنطن ربما ترغب في التفاهم، لكنها لا تملك بعد خارطة طريق واضحة تجاه الملف الإيراني، فيما طهران تراهن على تآكل الضغوط مع الوقت".
وأشار معلوف إلى أن "التحرك الإيراني في سوريا واليمن ولبنان ليس فقط تكتيكا عسكريا، بل هو استثمار طويل المدى لضمان بقاء طهران ضمن معادلة النفوذ الإقليمي"، لكنه تساءل إن كانت هذه الاستراتيجية قابلة للاستمرار في ظل الضغوط الاقتصادية والتعب الإقليمي من التدخلات الإيرانية.
وأكد أن "الولايات المتحدة تدرك أن الملف الإيراني لم يعد يقتصر على النووي، بل بات قضية أمن إقليمي ودولي"، مشددا على أن أي اتفاق مستقبلي يجب أن يشمل بنودًا تتعلق بدور إيران في الشرق الأوسط.
وأنهى معلوف مداخلته بتحذير من "الفراغ الدبلوماسي" الذي قد يتحول إلى تصعيد ميداني إذا لم يتم ملؤه بمبادرات واقعية، قائلا: "غياب المفاوضات لا يعني غياب الأزمة، بل يجعلها أكثر خطورة".
بين انفتاح محدود على التفاوض وتصعيد محسوب على الأرض، تظل إيران لاعبا يرفض الخروج من الميدان دون تحقيق مكاسب حقيقية. لكن ما لم تراجع طهران سياساتها الإقليمية وتعالج مأزقها الداخلي، فإن أي مفاوضات لن تكون أكثر من هدنة مؤقتة.
في المقابل، تبدو واشنطن أكثر برودا في تعاملها، غير مستعدة لتقديم تنازلات دون مقابل واضح. وبين هذا وذاك، تدفع شعوب المنطقة كلفة لعبة النفوذ. السؤال لم يعد ما إذا كانت هناك مفاوضات، بل هل ستحمل هذه المفاوضات حلاً حقيقيًا أم مجرد تأجيل للأزمة؟
وإلى أن تُفتح قنوات التواصل الفعلي، سيبقى الشرق الأوسط رهينة الحسابات الإيرانية والردود الدولية المتباينة، في معادلة معقدة تتطلب أكثر من مجرد نوايا طيبة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الخليج
منذ 21 دقائق
- صحيفة الخليج
ترامب يأمر بالتحقيق في أكبر «فضيحة سياسية» بأمريكا.. وبايدن يهاجمه
أمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأربعاء بفتح تحقيق للاشتباه بأنّ مستشارين لسلفه جو بايدن «تآمروا» للتستّر على «الحالة العقلية» للرئيس الديمقراطي والاستيلاء على صلاحياته، في خطوة سارع الأخير للتنديد بها وتسخيفها. وقالت الرئاسة الأمريكية في بيان إنّ ترامب كلّف محامي البيت الأبيض بـ«التحقيق، ضمن حدود القانون، بشأن ما إذا كان بعض الأفراد قد تآمروا للكذب على الرأي العام بشأن الحالة العقلية لبايدن، وممارسة صلاحيات الرئيس ومسؤولياته خلافاً للدستور». التوقيع الآلي وشدّد ترامب على أنّه «يتّضح بشكل متزايد أنّ مستشارين سابقين للرئيس بايدن استولوا على سلطة التوقيع الرئاسية من خلال استخدام نظام توقيع آلي». وأضاف أنّ «هذه المؤامرة تُمثّل واحدة من أخطر الفضائح وأكثرها إثارة للقلق في التاريخ الأمريكي». واعتبر الرئيس الجمهوري أنّ مثل هكذا أفعال، إذا ما ثبتت صحّتها، «ستؤثر في قانونية وصحة العديد من القرارات» التي صدرت بتوقيع سلفه الديمقراطي. وبالنسبة لترامب فإنّ التحقيق الذي أمر بإجرائه ينبغي أن يحدّد أيضاً «الوثائق التي استُخدم فيها التوقيع الآلي»، وبخاصة قرارات العفو والأوامر التنفيذية. بايدن يرد لكنّ ردّ بايدن لم يتأخّر، إذ سارع الرئيس السابق إلى التنديد بقرار سلفه، معتبراً المزاعم والاتهامات التي ساقها «سخيفة وكاذبة». وقال بايدن في بيان تلقّته وكالة فرانس برس «دعوني أوضح: أنا من اتّخذ القرارات خلال رئاستي. أنا من اتّخذ القرارات المتعلقة بالعفو والأوامر التنفيذية والتشريعات والإعلانات. أيُّ تلميح إلى أنّني لم أفعل ذلك هو أمر سخيف وكاذب». وكرر ترامب اتهامه لإدارة بايدن، بخيانة الدولة، قائلاً إن «الوثائق التي وقعتها آلة الأوتوبن في عهده سهلت دخول المهاجرين بشكل جماعي إلى الولايات المتحدة». وكتب ترامب على موقع «تروث سوشيال»: «إلى جانب تزوير الانتخابات الرئاسية لعام 2020، تعتبر آلة الأوتوبن، أكبر فضيحة سياسية في تاريخ أمريكا». ما هي الأوتوبن؟ وتعد آلة الأوتوبن في الولايات المتحدة، الجهاز المستخدم لتوقيع الوثائق رسمياً باسم شخص معين، وغالباً ما يكون الرئيس أو كبار المسؤولين عندما لا يكون ذلك الشخص متاحاً للتوقيع بنفسه، وقد استخدمتها إدارة ترامب نفسه عدة مرات. وأشار ترامب إلى أن إدارة بايدن وقعت أوامر بالعفو عن 2500 شخص، بواسطة آلة الأوتوبن دون علم بايدن، معتبراً أن هذه الأوامر ليست قانونية، متهماً مسؤولي الإدارة السابقة بالخيانة. تحقيقات في وزارة العدل والثلاثاء، تلقت وزارة العدل الأمريكية أمراً بالتحقيق في قرارات عفو بايدن عن أفراد من عائلته، فضلاً عن تخفيف أحكام الإعدام الصادرة بحق 37 سجيناً. وبحسب المصادر، فإن جهات التحقيق ستتقصى حول مدى كفاءة بايدن عند توقيع هذه الوثائق، وسيحددون ما إذا كان أشخاص آخرون قد وقعوا سراً على قرارات العفو باستخدام الأوتوبن. وقبيل نهاية ولايته الرئاسية، أصدر بايدن عفواً استباقياً عن شقيقيه فرانسيس وجيمس، وزوجته سارة، وشقيقته فاليري وزوجها جون، وقبلها وقع أمراً تنفيذياً بالعفو عن ابنه هانتر، رغم وعده المتكرر سابقاً بعدم القيام بذلك. وقبل أيام، أعاد ترامب نشر ادعاء مثير للجدل على موقع تروث سوشيال، يفيد بأن بايدن تم إعدامه عام 2020 واستبدل بنسخة أخرى أو روبوتات. وفقاً لشبكة إن بي سي، أشار المنشور الأصلي وهو لمستخدم مجهول على موقع تروث سوشيال ينشر ادعاءات غريبة إلى أن بايدن تم استبداله بنسخة طبق الأصل و«كيانات روبوتية بلا روح وعقل». نشر ترامب رابطاً للمنشور لمتابعيه الذين يقارب عددهم 10 ملايين دون إضافة أي سياق أو تفسير ويزيد عدد متابعي حساب الناشر الأصلي على 5000 متابع بقليل، ولم يستجب البيت الأبيض فوراً لطلب التعليق الأحد، موضحاً سبب مشاركة ترامب للمنشور وما إذا كان يعتقد أن بايدن تم إعدامه عام 2020. لطالما لجأ ترامب إلى نشر نظريات مؤامرة غير مثبتة على مر السنين، ويكرر الرئيس الأمريكي ادعاءات حول فوزه في الانتخابات الرئاسية لعام 2020، مما دفع بعض أنصاره إلى مهاجمة مبنى الكابيتول في 6 يناير 2021، في محاولة لقلب فوز بايدن.


سكاي نيوز عربية
منذ ساعة واحدة
- سكاي نيوز عربية
إدارة ترامب تبحث تصنيف تنظيم الإخوان جماعة إرهابية
أبوظبي - سكاي نيوز عربية قالت مصادر أميركية إن ادارة الرئيس دونالد ترامب تبحث تصنيف تنظيم الإخوان كمنظمة إرهابية. ونقل موقع واشنطن فري بيكون إن أعضاء الكونغرس يناقشون التهديد المتزايد لنفوذ الاخوان داخل الولايات المتحدة.


سكاي نيوز عربية
منذ ساعة واحدة
- سكاي نيوز عربية
ترامب يؤكد أن بوتين أبلغه بعزم روسيا الرد على "أوكرانيا"
أبوظبي - سكاي نيوز عربية كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبلغه بلهجة قوية عزم موسكو الرد على الهجوم الأوكراني الذي استهدف مطارات في العمق الروسي.