
فاعليات اقتصادية: اتفاقية الشراكة مع الإمارات نقلة نوعية في مسار التعاون الاقتصادي
تاريخ النشر : 2025-05-18 - 11:04 am
أكدت فاعليات اقتصادية أن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الأردن والإمارات العربية المتحدة، تُعد محطة مفصلية في تعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية، ونقلة نوعية نحو شراكة استراتيجية طويلة الأمد تسهم في تحفيز الاستثمار ورفع حجم التبادل التجاري ودعم القطاعات الحيوية، لا سيما الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تمثل العمود الفقري للاقتصاد الوطني.
وقالوا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) إن البنود المتعلقة بنقل المعرفة والتحول الرقمي وتطوير البنية التحتية، لها أثر مباشر في تعزيز تنافسية الاقتصاد الوطني وتوفير فرص عمل مستدامة.
ودخلت اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الأردن ودولة الإمارات العربية المتحدة حيز التنفيذ رسمياً الخميس الماضي.
وتستهدف الاتفاقية تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين في مختلف المجالات الاقتصادية وبما يعظم الاستفادة من الفرص المتاحة ويعزز إمكانية تحقيق التكامل في العديد من القطاعات.
وكان جلالة الملك عبدالله الثاني وسمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، شهدا في تشرين الأول من العام الماضي توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين حكومتي البلدين.
ويستهدف كل من الأردن والإمارات من خلال هذه الشراكة؛ زيادة قيمة التجارة الثنائية غير النفطية إلى أكثر من 8 مليارات دولار بحلول عام 2032 بعد أن وصلت قيمتها إلى 5.6 مليار دولار العام الماضي.
وبموجب الاتفاقية سيتم إلغاء أو تخفيض الرسوم الجمركية وإزالة الحواجز التجارية، ما يحسّن الوصول إلى الأسواق ويوطّد سلاسل التوريد الإقليمية والعالمية.
وقال رئيس مجلس الأعمال الأردني في دبي الدكتور أحمد الهنداوي لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، إن الاتفاقية تتميز في أنها الأولى من نوعها التي تبرمها الإمارات مع دولة عربية، وأول اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة تدخل حيز التنفيذ على مستوى الاتفاقيات التي وقعتها الإمارات مع دول العالم، ما يضفي عليها أهمية استراتيجية خاصة.
وأشار إلى أن التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين سجل في 2023 نموًا بنسبة تجاوزت 34 بالمئة، ليصل إلى 5.6 مليار دولار، بزيادة تفوق 120 بالمئة مقارنة بسنة الأساس 2019 قبل دخول جائحة كورونا، وهو ما يعكس متانة العلاقات الاقتصادية واهتمام القطاعين العام والخاص في البلدين بتعزيزها.
ولفت إلى أن الاتفاقية ستلغي أو تخفض الرسوم الجمركية على معظم السلع والخدمات، وتزيل الحواجز التجارية والعوائق الفنية أمام حركة التجارة، ما يسهل الوصول إلى الأسواق ويعزز سلاسل التوريد الثنائية والإقليمية.
وأضاف "تعكس الشراكة مستوى عالياً من التكامل الاقتصادي بين الدولتين، وحرصهما على الارتقاء بالعلاقات التجارية والاستثمارية بما يخدم مصالح الشعبين الشقيقين، إذ تُعد دولة الإمارات خامس أكبر شريك تجاري للأردن عالمياً، وأكبر مستثمر أجنبي في المملكة".
وبين أن قيمة الاستثمارات الإماراتية في الأردن، تقدر بنحو 17 مليار دولار، من إجمالي 22.5 مليار دولار من الاستثمارات المتبادلة بين البلدين، تشمل قطاعات رئيسية مثل: العقارات، الصناعة، الصحة، التعليم، والخدمات.
كما يقيم في دولة الإمارات أكثر من 300 ألف أردني، بينهم نحو 15 ألف رجل وسيدة أعمال، ما يعكس قوة الروابط البشرية والاقتصادية بين البلدين.
وأعرب الهنداوي، عن أمله في أن تشكل الاتفاقية منصة جديدة للتكامل والتعاون الاقتصادي، وتعزز مكانة البلدين كشريكين استراتيجيين في المنطقة، يسعيان لتحقيق نمو مشترك قائم على المصالح المتبادلة والتنمية المستدامة.
من جانبه، أكد رئيس جمعية رجال الأعمال الأردنيين حمدي الطباع، أن دولة الإمارات العربية المتحدة تُعد من أبرز الشركاء الاقتصاديين للأردن، ومن أكبر المستثمرين في المملكة في العديد من القطاعات الحيوية والمساهمة في النمو الاقتصادي الوطني ومن أبرزها الصناعات الدوائية، والزراعة، والخدمات اللوجستية، والطاقة.
وأشار إلى أن حجم الاستثمارات الإماراتية في الأردن بلغ نحو 22.5 مليار دولار، وبلغت نسبة نمو التجارة البينية بين البلدين، غير النفطية، 118 بالمئة خلال 2019- 2023، ما عزز حصة الأردن من إجمالي التجارة الخارجية غير النفطية الإماراتية مع الدول العربية لتبلغ 8 بالمئة، ما يجعلها خامس أكبر شريك تجاري للمملكة.
واعتبر أن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين تمثل خطوة استراتيجية لتعزيز الاستثمارات المتبادلة والتجارة الثنائية، من خلال تنفيذ حزمة مشاريع استثمارية بقيمة 5.5 مليارات دولار.
وقال "تأتي هذه المشاريع في إطار دعم رؤية التحديث الاقتصادي، وتشمل مجالات خدمية وتنموية، بالإضافة إلى مشاريع البنية التحتية، الأمر الذي يسهم في تعظيم الاستفادة من الفرص المتاحة، ويعزز فرص تحقيق التكامل في عدد من القطاعات، لا سيما تلك التي تأثرت بشكل كبير نتيجة التحديات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة".
وأضاف أن "الاتفاقية من شأنها أن تفتح آفاقاً أوسع لبناء شراكات طويلة الأمد بين مجتمعي الأعمال والقطاع الخاص في كلا البلدين، بما يسهم في تعزيز النمو الاقتصادي المشترك وخلق فرص عمل جديدة للشباب الأردني، خاصة في قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، كما ستُسهم في تقليص القيود التجارية وتوفير منصات فعالة للتعاون، تُمكّن الجيل القادم من رواد الأعمال والمبتكرين، وتُعزز من شمولية استفادة مختلف الشرائح من الفوائد الاقتصادية المتحققة، الأمر الذي يستدعي تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص لضمان تفعيل بنود الاتفاقية وتنفيذها بنحو عملي، لا سيما في قطاعات الطاقة والتعدين، وإنتاج البوتاس والفوسفات، بالإضافة إلى قطاع الصناعات الدوائية".
وشدد على أهمية تقديم إعفاءات جمركية وضريبية للجانب الإماراتي، بهدف تسهيل تنفيذ الاتفاقية دون عوائق، إلى جانب تعزيز تبادل المعلومات بين الجانبين لتيسير عمليات دخول واستيراد البضائع.
وأكد الطباع ضرورة توفير كل التسهيلات الممكنة للمستثمرين الإماراتيين في الأردن، بما يضمن تنفيذ وتطوير المشاريع الاستثمارية بسلاسة وكفاءة.
بدوره، قال رئيس جمعية الرخاء لرجال الأعمال فهد طويلة، إن الاتفاقية خطوة نوعية لتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص في البلدين، وتسهيل التبادل التجاري بينهما، مضيفا أن مثل هذه الاتفاقيات تشكّل دعماً مباشراً في الوصول إلى الأسواق الخارجية، وتساهم في إزالة المعوقات التي تواجه عمليات التصدير والاستيراد.
وأشار إلى أن بنود الاتفاقية تعكس خطوات إيجابية من شأنها تسهيل التعاون التجاري، مشيداً بمكانة الإمارات كدولة محورية في المنطقة، وبدورها كبوابة للتجارة إلى دول أخرى، وهو ما يسعى الأردن لأن يكون عليه أيضاً.
واعتبر أن "كلا من الأردن والإمارات بحاجة إلى توسيع دائرة علاقاتهما التجارية بما يفتح أبواباً جديدة للوصول إلى أسواق لم يكن من السهل دخولها سابقاً، والاتفاقية الحالية تمهّد الطريق لتحقيق ذلك، وتعكس حجم العلاقات السياسية والاقتصادية المتميزة بين البلدين".
وأشاد بتشكيل اللجنة الوزارية المشتركة بين وزارتي الصناعة والتجارة في البلدين، مؤكداً أنها ستلعب دوراً محورياً في حل أي عقبات قد تطرأ مستقبلاً، ما يسهل على القطاعين العام والخاص العمل بتناغم لتحقيق أهداف الاتفاقية.
ولفت طويلة إلى أن المنتجات الأردنية تلقى رواجاً واسعاً في السوق الإماراتية، لما تتمتع به من جودة وسمعة طيبة، معرباً عن أمله في أن تشهد المرحلة المقبلة مزيداً من الزيادة في حجم التبادل التجاري بين الأردن والإمارات.
وقالت رئيس ملتقى سيدات الأعمال والمهن الأردني ريم البغدادي، إن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة، تعد تجسيدًا عملياً لرؤية التحديث الاقتصادي في المملكة، إذ تركز بنحو خاص على تمكين الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تُشكّل العمود الفقري للاقتصاد الوطني، وتمثل نحو 89 بالمئة من إجمالي المؤسسات الاقتصادية في الأردن.
وأضافت أن الاتفاقية تسعى إلى إزالة الحواجز الجمركية وغير الجمركية التي لطالما أعاقت انسياب الصادرات الأردنية، بالإضافة إلى تخفيف القيود التجارية وتسهيل نفاذ السلع إلى الأسواق.
وتوقعت أن تساهم هذه الخطوات مباشرة في تعزيز قدرة الشركات الصغيرة والمتوسطة على تسويق منتجاتها، لا سيما في القطاعات الواعدة مثل الصناعات الغذائية، والصناعات التحويلية، وصناعة الأدوية، ما سينعكس إيجاباً على مساهمتها في النمو الاقتصادي.
وأشارت إلى أن الاتفاقية شملت تعزيز التعاون في مجالات بناء القدرات ونقل المعرفة، بما في ذلك التحول الرقمي، والابتكار، والامتثال للمعايير التصديرية، ما يمكن أن يسهم في رفع جاهزية الشركات الأردنية للمنافسة على المستوى الدولي، إلى جانب تمكين الشباب الأردني من مواكبة التطورات العالمية ورفع كفاءتهم في سوق العمل.
وأكدت البغدادي، أن الاتفاقية تعد خطوة استراتيجية في دعم جهود الدولة لتعزيز الاقتصاد الوطني، وزيادة تنافسية المنتجات الأردنية في الأسواق الإقليمية والعالمية.
وقالت رئيسة منظمة شركاء الأردن ريم بدران، إنه في زمن يشهد فيه العالم تحولات اقتصادية وجيوسياسية متسارعة، تأتي اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين الأردن ودولة الإمارات العربية المتحدة كمثال ناضج على ما يمكن أن يحققه التعاون العربي إذا ما تأسس على الرؤية والمصالح المشتركة، لا على المجاملات أو الدعم الظرفي.
وأكدت أن "هذه الاتفاقية لم تأتِ من فراغ، بل تستند إلى تاريخ طويل من العلاقات السياسية والاقتصادية المتينة بين البلدين، كما تنقل هذه العلاقة إلى مرحلة جديدة تقوم على التخطيط الاستراتيجي طويل الأمد".
وأشارت إلى تجاوز حجم الاستثمارات الإماراتية في الأردن حتى عام 2024 حاجز 4.6 مليار دولار أميركي، موزعة على قطاعات رئيسية كالعقارات، والطاقة، والسياحة، والنقل.
ولفتت إلى أن التقديرات تشير إلى نمو هذه الاستثمارات بنسبة 20 بالمئة مع دخول الاتفاقية حيز التنفيذ، خلال السنوات الثلاث المقبلة، وهو ما يمثل دفعة قوية للاقتصاد الأردني الذي يسعى جاهداً لتعزيز النمو وخلق فرص عمل مستدامة.
واعتبرت أن ما يميّز الاتفاقية ليس فقط حجم الاستثمارات، بل نوعيتها، إذ تُظهر البنود المعلنة تركيزاً واضحاً على القطاعات المستقبلية مثل الاقتصاد الرقمي، والأمن الغذائي، والطاقة المتجددة، والتكنولوجيا، وهي المجالات ذات الأولوية القصوى في خطط التحديث الاقتصادي الأردنية.
ولفتت إلى أن هذه القطاعات لا تعني فقط تحسين المؤشرات الاقتصادية الكلية، بل تسهم في بناء بيئة اقتصادية أكثر مرونة وقدرة على الصمود أمام الأزمات.
وأكدت أن الشراكة تمثل نموذجاً لما يجب أن تكون عليه العلاقات الاقتصادية العربية؛ شراكة قائمة على القيمة المضافة ونقل المعرفة وبناء القدرات المحلية، فعندما تتحول الاستثمارات إلى أدوات لبناء المصانع وتدريب الشباب وتطوير البنية التحتية، فإنها تكتسب طابعاً تنموياً حقيقياً وليس مجرد تدفق لرأس المال.
كما أكدت أن الاتفاقية تعكس فهماً مشتركاً من القيادتين الأردنية والإماراتية بأن الاستقرار السياسي لا يمكن فصله عن النمو الاقتصادي، "ففي الوقت الذي يشهد فيه الإقليم صراعات واضطرابات، يختار الأردن والإمارات أن يرسّخا نموذجاً قائماً على التنمية والتكامل وتبادل المنافع، وهذا بحد ذاته موقف استراتيجي له بعده الإقليمي والدولي".
تابعو جهينة نيوز على
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الانباط اليومية
منذ 39 دقائق
- الانباط اليومية
رفع العقوبات عن سوريا.. هل يعيد تشكيل المشهد الاقتصادي في المنطقة؟
الأنباط - تفعيل خط الغاز العربي إلى لبنان وسوريا مرهون بضمانات أمنية واتفاقيات جديدة الجغبير: نعمل على إعادة تموضع الصناعة الأردنية في السوق السوري بلاسمة: رفع العقوبات عن سوريا قد يُعيد الأردن إلى خارطة الطاقة الإقليمية عايش: الأردن يراهن على تصدير الكهرباء كخيار استراتيجي لسوريا البشير: المملكة المستفيد الثاني من رفع العقوبات بعد سوريا شعبًا وحكومة الأنباط - عمر الخطيب/مي الكردي من المتوقع أن يعاد تشكيل المشهد الاقتصادي في المنطقة، بعد رفع العقوبات الاقتصادية عن سورية، الأمر الذي يفتح آفاقًا طال انتظارها أمام التعاون التجاري والإقليمي. الخطوة ستعيد فتح قنوات التعاون الاقتصادي بين البلدين، بعد سنوات من التجميد والتراجع، ما يمثل فرصة لتعزيز التبادل التجاري وتنشيط القطاعات اللوجستية، والأمر أيضًا يتطلب تذليل التحديات التي قد تعيق الاستفادة الفعلية من المرحلة. العقوبات التي فُرضت منذ أكثر من أربعين سنة وتنامت مع تحركات النظام السوري المخلوع، الذي صنفتهُ وزارة الخارجية الأمريكية دولة راعية للإرهاب، تفاقمت مع اندلاع شرارة الثورة السورية في 2011 بفرض حزمة جديدة استهدفت الرئيس المخلوع وكبار المسؤولين، مصرف سوريا المركزي، وقطاعات النفط، الغاز، والطاقة. وتتوجت تلك العقوبات في عام 2020 بصدور قانون قيصر الذي يُعد الأوسع والأشد على الواقع السوري الذي يجرم ويعاقب أي جهة (فردية، حكومية، خاصة) تتعامل اقتصاديًا مع النظام السوري، لتفضي العقوبات، بحسب تقارير الأمم المتحدة، إلى أن نحو 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر وأن أكثر من ربع السكان يعيشون في فقر مدقع أي أقل من 1.25 دولار في اليوم. ويذكر أن الناتج المحلي السوري كان يبلغ في 2010 ما يقارب 60 مليار دولار بمعدل نمو اقتصادي 5.19%، أما في عام 2024 فتراجع الناتج المحلي إلى 8.98 مليار دولار بانخفاض نسبتهُ 85% بسبب العقوبات المفروضة من أميركا، الاتحاد الأوروبي، ومجموعة من الدول. وإلى حين سقوط نظام الأسد في 8 من كانون الأول 2024، سارع الأردن لتعزيز خطوط التجارة مع الجارة الشمالية مخرجًا إياها من عزلتها الاقتصادية بفتح المعابر الحدودية أمام الصادرات والواردات بين الطرفين، من خلال تحريك ملفات التعاون الثنائي التي بقيت مجمدة بفعل تعقيدات السنوات الماضية. وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن الأسبوع الماضي من العاصمة السعودية الرياض رفع العقوبات عن سوريا لـ"منحها فرصة" كما قال إن إدارته اتخذت الخطوة الأولى لتطبيع العلاقات مع دمشق. وفي خضم السعي لاستعادة أسواق تقليدية واستكشاف فرص تصديرية جديدة، تتكثف الجهود في الداخل الأردني لاستثمار التغيرات الإقليمية وتوسيع مساحة الحضور الاقتصادي. وفي هذا السياق، جاءت زيارة الوفد الوزاري الأردني برئاسة نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي إلى دمشق أول من أمس، حيث أفضت الزيارة إلى اتفاقات وتفاهمات إيجابية خلال انعقاد الدورة الأولى لمجلس التنسيق الأعلى بين البلدين في دمشق. ومنذ الإعلان عن نية الولايات المتحدة رفع العقوبات عن سوريا باشرت غرفة صناعة الأردن بالتحرك الفعلي لتعزيز التعاون الصناعي والتجاري مع الجانب السوري، حيثُ جرى تنظيم مشاركة 25 شركة صناعية أردنية في المعرض الدولي للبناء بدمشق، الذي يُقام من 27 إلى 31 مايو الجاري، مُغطيًا قطاعات حيوية مثل مواد البناء، الطاقة، والصناعات الهندسية، بحسب رئيس غرفة صناعة عمان والأردن المهندس فتحي الجغبير. وأشار الجغبير إلى التحرك السريع والتحضير لإرسال وفد صناعي رفيع المستوى إلى دمشق لعقد لقاءات ثنائية مع القطاعين الحكومي والخاص السوري، واستكشاف فرص التصدير والتكامل الصناعي، إلى جانب التخطيط لإقامة معرض صناعي أردني متكامل في سوريا، يعرض فيه الصناعيون الأردنيون منتجاتهم ويعقدون شراكات مباشرة مع الجانب السوري. وبين أن هذهِ الخطوات تهدف إلى إعادة تموضع الصناعة الأردنية في السوق السورية، واستغلال الفرص الناشئة ضمن مشاريع إعادة الإعمار. وتوقع الجغبير أن تستعيد الصناعات الأردنية دورها كمزود رئيسي للمنتجات في السوق السوري، خصوصًا في القطاعات التي كانت تقليديًا تتمتع بحصة سوقية مرتفعة، وعلى رأسها الصناعات الكيماوية والدوائية، مما ينعكس بشكل مباشر على قطاعات صناعية أردنية من انفتاح الأسواق السورية. وذكر أن أبرز الصناعات المستفيدة هي الصناعات الكيماوية والأسمدة التي تلبي احتياجات الزراعة ومشاريع البنية التحتية، إذ يُتوقع أن تحقّق الصناعات الدوائية الأردنية، ذات السمعة القوية، نموًا ملحوظًا في السوق السوري، مُضيفًا أن صناعات مواد البناء مثل الإسمنت، والرخام، والأنابيب، والكهربائيات، وذلك نظرًا لحجم مشاريع إعادة الإعمار. وأشار إلى الفجوة الكبيرة التي تعاني منها السوق السورية في عدد من القطاعات الصناعية، نتيجة لتراجع القدرة الإنتاجية المحلية خلال السنوات الماضية، حيثُ تعمل غرفة الصناعة على تحفيز قطاع الصناعات الأردنية ورفع جاهزيتها التصديرية، ودعمها لوجستيًا والتشبيك مع نظرائها للدخول بقوة إلى السوق السوري. وأفاد الجغبير خلال حديثه لـِ"الانباط"، أن غرفة صناعة الأردن تُكثف جهودها حاليًا بالتنسيق مع الجهات الرسمية لتيسير انسياب المنتجات الصناعية إلى سوريا، ومن أبرز هذه التنسيقات؛ العمل مع وزارة الصناعة والتجارة والتموين لتسهيل إجراءات التصدير وإزالة أي معيقات تواجه المنتجات الأردنية في السوق السوري بالإضافة إلى تنظيم الفعاليات التجارية. كما وتساند الغرفة الجهات المعنية في تحضير مراكز لوجستية قريبة من الحدود السورية تعزز من دور الأردن كمركز إقليمي لتزويد سوريا بالسلع، ومحطة لانطلاق مشاريع إعادة الإعمار، داعيةً إلى ضرورة التحضير والتنسيق من قبل البنك المركزي الأردني والقطاع المصرفي لوضع آلية آمنة لتحويل الأموال وضمان استقرار المعاملات المالية، ما بعد رفع العقوبات. رفع العقوبات يفتح فرص ربط كهربائي إقليمي وفيما يتعلق بمجال الطاقة، أوضح خبير الطاقة الدكتور فراس بلاسمة أن رفع العقوبات عن سوريا قد يهيئ بيئة مرنة لتنفيذ مشروع الربط الكهربائي بين الأردن وسوريا، وتزويد لبنان بالكهرباء بعد أن أعاقت العقوبات سابقًا وتحديدًا "قانون قيصر" والترتيبات المالية والفنية، مشيرًا إلى أن هذا التطور قد يفتح الباب لاستئناف الدعم من جهات كـ البنك الدولي أو صناديق عربية ما يجعل تنفيذ المشروع أكثر واقعية في عام 2025. وفي ما يتعلق بتزويد لبنان بالكهرباء الأردنية، أشار بلاسمة إلى أن سوريا تعد المفتاح اللوجستي الوحيد لتمرير الكهرباء الأردنية إلى لبنان حاليًا، وأن تنفيذ المشروع سيحول سوريا إلى نقطة عبور حيوية، مؤكدًا أنه سيحول الأردن إلى مصدر طاقة للبنان ضمن اتفاق إقليمي مدعوم دوليًا، ولتحقيق ذلك يجب توافر عدة شروط منها استقرار أمني في المناطق التي يمر بها خط لربط داخل سوريا، وتأمين التمويل الدولي لـ إعادة تأهيل الشبكة السورية المتعرضة إلى أضرار، بالإضافة إلى وجود إدارة سياسية متوازنة لدى الحكومة اللبنانية. وأكد بلاسمة أن رفع العقوبات سينعكس إيجابًا على أمن الطاقة في الأردن، من خلال تنويع قنوات تصدير الكهرباء وتحقيق عوائد مالية من بيع الفائض الكهربائي خاصة في مواسم الإنتاج المرتفع، كما يسهم الربط المتعدد في تعزيز المرونة عبر إمكانية الاستيراد عند الحاجة، ما يعزز موقع الأردن كـ مركز إقليمي لـ تبادل الكهرباء بفضل شبكاته الحالية مع مصر وفلسطين والسعودية والعراق، واحتمال اكتمال الربط مع سوريا ولبنان. وبخصوص خط الغاز العربي، قال بلاسمة إن خط الغاز العربي عبر الأردن وسوريا ولبنان لا زال صالحًا من ناحية تقنية، مضيفًا أن تشغيله بطاقة عالية يحتاج إلى ضمان أمني للخط داخل سوريا واتفاقيات رسمية جديدة مع سوريا ولبنان، بالإضافة إلى إزالة العوائق القانونية والمالية المفروضة سابقًا على التحويلات البنكية والتمويل، مبينًا أن دور الأردن هي الممر الرئيسي لهذا الخط وأن دوره قد لا يقتصر فقط على أنه دولة عبور وإنما إلى جهة تنظيمية وتشغيلية خاصة إذا شارك في تحصيل رسوم عبور وتوفير الدعم الفني لـ محطات الضخ. وأضاف أن البنية التحتية قادرة على تشغيل كميات متوسطة لكنها بحاجة إلى استثمارات إضافية في محطات الضخ وصمامات الأمان وخطوط الضغط العالي، بالإضافة إلى توسعة سعة التخزين المؤقتة لاستيعاب الضغط في حال وجود أي خلل في الشبكة السورية، مؤكدًا أن الأردن سيصبح مركزًا إقليميًا للغاز باعتماده على عودة الاستقرار إلى سوريا ولبنان و زيادة الطلب في هذين البلدين على الغاز المستورد عبر الأردن، وأنه إذا تم الأمر فإن الأردن سيكون "عالعنق الزجاجي" لتدفقات الغاز من مصر إلى سوريا ولبنان وم ثم يحتفظ بموقع تفاوضي قوي ويعزز اقتصاده من العوائد. وفيما يتعلق بالنفط، أوضح بلاسمة أن استيراد النفط من سوريا يشكل خيارًا واردًا أمام الأردن من الناحية النظرية رغم محدودية الاحتياطات النفطية السورية وتركزها في مناطق خارجة عن سيطرة الحكومة المركزية، مثل دير الزور والحسكة، ومع تحسن الأوضاع السياسية وعودة السيطرة على الموارد يمكن فتح الباب أمام تبادل نفطي بين البلدين سواء عبر شراء مباشر أو من خلال مقايضة مقابل خدمات أو كهرباء، ويمتلك الأردن ميزة جغرافية مهمة تتيح تسهيل عمليات النقل سواء عبر الشاحنات أو من خلال إنشاء خط أنابيب محتمل في المستقبل. وتابع أنه من منظور أوسع يمكن أن يلعب الأردن دور محطة ربط إقليمي لنقل النفط السوري، ولكن ذلك يظل مرهونًا بجملة من العوامل أهمها إعادة تأهيل أو إنشاء خطوط أنابيب جديدة تمتد من شرق سوريا إلى الحدود الأردنية، وتوقيع اتفاقات إقليمية مع دول مثل العراق ولبنان ومصر، بالإضافة إلى ضرورة وجود طرف دولي ضامن أو ممول لتقليل المخاطر السياسية والاقتصادية المصاحبة، مشيرًا إلى أن رفع العقوبات عن سوريا قد يمنح الأردن فرصة لإعادة تموضعه كلاعب إقليمي في مجالات الطاقة، لكن تحقيق ذلك يتطلب إرادة سياسية متوازنة واستثمارات مدروسة، بالإضافة إلى تعاون إقليمي منسق لـ تجاوز التحديات وتحقيق مكاسب مستدامة. الربط الكهربائي الأردني السوري وفرص التصدير الإقليمية ومن الجانب الاقتصادي، أكد الخبير حسام عايش أن رفع العقوبات سيسرع تنفيذ مشروع الربط الكهربائي بين الأردن وسوريا، حيث يمتلك الأردن قدرة توليدية تتجاوز 2000 ميغاواط غير مستغلة بالكامل، مما يجعله يراهن على تصدير الكهرباء كخيار استراتيجي، لافتًا إلى أن الحكومة السورية أعلنت عن خطة إعادة تأهيل قطاع الكهرباء على ثلاث مراحل، الذي يفتح المجال للربط خلال سنة أو سنتين، مؤكدًا أن التنفيذ مرتبط بقدرة سوريا على إصلاح بنيتها التحتية. وفيما يخص لبنان، بين عايش أن إيصال الكهرباء عبر سوريا يعتبر فرصة لاستعادة عوائد الاستثمار الأردني في الطاقة المتجددة، ويفتح آفاقًا لـ تصدير الكهرباء إلى أوروبا عبر سوريا وتركيا بشرط تحقق الربط الكامل، مشددًا على أهمية الانتقال من الخطابات المثالية إلى المصالح المشتركة التي تحكم العلاقات الدولية، مبينًا أن تزويد سوريا بالكهرباء سيعزز الصادرات الأردنية ليس فقط في الطاقة بل أيضًا في السلع والخدمات مع توقعات بنمو الصادرات إلى مليار دينار خلال السنوات القادمة. وأشار إلى توقف خط الغاز العربي بسبب الأزمة السورية والعقوبات، لكن مع تحسن الوضع الأمني في سوريا عاد الحديث عن إعادة تشغيله لـ تعزيز أمن الطاقة في المنطقة، موضحًا أن الأردن لا يقتصر دوره على كونه ممرًا للخط، بل يمكن أن يلعب دورًا تنظيميًا وتشغيليًا، مع إمكانية تحقيق عوائد من رسوم العبور والدعم الفن، مبينًا أن الخط يحتاج إلى استثمارات في محطات الضخ وخطوط الضغط العالي، كما أن الأردن قادر على أن يصبح مركزًا إقليميًا للغاز، خاصة مع زيادة الطلب في سوريا ولبنان بشرط عودة الاستقرار في البلدين. استيراد النفط السوري والتحديات الاقتصادية أمام الأردن وأضاف عايش أنه قبل الحرب والعقوبات لم يكن الأردن يستورد النفط السوري، الذي كان يكفي الاستهلاك المحلي فقط، لكن الان تحول سوريا إلى دولة مصدرة يتطلب رفع القدرات الإنتاجية والتكريرية، وضمان توافق نوعية النفط مع مصفاة الأردن بالإضافة إلى ملاءمة الأسعار والاتفاقيات التجارية. وتابع أن التحدي الأساسي في الأردن هو الضرائب المرتفعة على المشتقات النفطية التي تبقي الأسعار مرتفعة رغم انخفاض أسعار النفط عالميًا، وأن فكرة استخدام الأردن كـ ممر لـ صادرات النفط السوري ما تزال افتراضية بسبب دمار البنية التحتية في سوريا، والحاجة إلى رفع القدرات الإنتاجية وتأمين منافذ تصدير مستقرة. وأكمل حديثه أن إنشاء ممر نفطي جديد عبر الأردن وميناء العقبة نحو البحر الأحمر يبقى مشروعًا بعيد الأمد، نظرًا لانخفاض الإنتاج السوري وصعوبة التمويل والتعقيدات السياسية الداخلية في سوريا، حيث تتوزع مناطق الإنتاج بين مناطق نفوذ مختلفة. الاقتصاد الأردني والسوري شركاء بجزاء العقوبات وبدوره، أكد الخبير الاقتصادي محمد البشير أهمية سوريا للاقتصاد الاردني، حيث أن قانون قيصر كان مؤذيًا أولًا لـسوريا وثانيًا للأردن، نظرًا للقرب الجغرافي وللعلاقات التجارية المرتبطة معه، مُبينًا أن جميع مستوردات البحر المتوسط كانت تمر من سوريا ولبنان مارةً بالأردن إلى الخليج. مؤكدًا أن الأردن المستفيد الثاني من رفع العقوبات بعد سوريا (شعبًا وحكومةً). الفرص الإنشائية قيد التسهيلات الحكومية وعلى صعيد الفرص الإنشائية، أشار البشير إلى أن الأردن يمتلك 12 مصنع حديد ما يدعم مرحلة البناء في سوريا ويعزز الاقتصاد الوطني، داعيًا الحكومة إلى تخفيض كُلفة المنتج الأردني بما يمكنه من المنافسة أمام دول أخرى مثل تركيا، حيث يستطيع الأردن المنافسة في المهارات البشرية والخبرات الفنية التكنولوجية والمصرفية. التُجار الأردنيون أمام منعطف تجاري وبين البشير، أن نسبة الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي في الأردن تزيد عن 70% والتجارة تستحوذ على الحصة الأكبر من هذه النسبة، لافتًا إلى أن المشكلة التاريخية للتُجار الأردنيين هي عدم القدرة على إيصال البضائع إلى أوروبا ودول أخرى من خلال سوريا نظرًا لجغرافيتها، مؤكدًا أن عودة الخطوط التجارية مع سوريا سيعظم من التجارة البينية بين الأردن وسوريا وبين سوريا ودول أخرى.


أخبارنا
منذ ساعة واحدة
- أخبارنا
سلطان حطاب يكتب : زيارة ملكية للموقر
أخبارنا : انصرفت بعض الحكومات عما أراده الملك عبد الله الثاني، منها حين أطلق شعار "الاعتماد على النفس" ودعا أن يكون الأردن مركز غذاء عالمي للتصنيع والإمداد، فقد طغت أحداث المنطقة بعد السابع من اكتوبر على اهتماماتها رغم أن ذلك كان كافياً من خلال الدور الذي يقوم به وزير الخارجية بنشاط. حاولت الحكومة الحالية أن تغطي برنامج الزيارات الميدانية، وان تضع الحصان أمام العربة لضرورة دعم الاقتصاد بمزيد من فرص الاستثمار لاطفاء بؤر البطالة التي تعاظمت أرقامها وجرت معها المزيد من التضخم. رغم أن الملك عبد الله قدم نموذجاً لتوسيع دائرة العمل الاقتصادي في زيارته الأخيرة الى الولايات المتحدة، وتحديداً الى ولاية تكساس، حيث شملت الزيارة شركات ومصانع ورجال أعمال وتحريك لاتفاقيات، وتفعيل أخرى، الاّ أن دوران العجلة الاقتصادية الأردنية ما زال بطيئاً ودون الأمال المرجوة. صحيح أن هناك تباطؤ اقتصادي في المنطقة التي عصفت بها الأحدات، وما زالت وأن الوضع السوري كان صعباً وما زال نتاج تطبيق قوانين المقاطعة (قيصر) وكذلك عدم استقرار العراق في السنوات الماضية، واستقبالنا لموجة كورونا، وغير ذلك وتراجع فرص الاستثمار نتاج الطلب الزائد عليها وعدم القدرة الكافية لتسويق الأردن. مجدداً يقدم الملك عبد الله، نموذجاً آخر محلياً ويريد البناء عليه وهو برسم أن يتخذ نموذجاً، وهي زيارته في مدينة الموقر الصناعية. حيث زار جلالته ثلاثة مصانع انتاجية للمواد الغذائية والتغليف والألبسة، والمصانع كما علمنا من الزيارات تستهدف تشغيل الأردنيين وتوفيز فرص عمل كثيرة. ولما كان الأردن دعى لتعظيم دور الأردن لانتاج الغذاء بعد نشوب الحرب الروسية الاوكرانية وتاثر الدول المستوردة للغذاء، فإن هذه الزيارة لتشجيع على مثل هذه الصناعة. الزيارة كانت لمصانع مجموعة الكبوس، وهي مجموعة معروفة على مستوى الأقليم والعالم العربي، حطت استثمارات لها في الأردن لادراكها لتوفر الفرص وجودة المناخ الاستثماري، فجاءت الزيارة مباركة للجهد ومؤشرة على دعم الصناعات الغذائية، فمجموعة الكبوس للتجارة والصناعة والاستثمار، منتجة للشاي والقهوة لغايات الاستهلاك المحلي والتصدير، منذ تأسيس فرعها في المملكة، وقد تابعنا نموها ونجاحها، جاءت الزيارة لمزيد من التميز وتذليل أي عقبات تعترض الانتاج والتصدير. وقد تحدث رئيس مجلس الإدارة للمجموعة، حسن الكبوس، ومدير المجموعة مأمون الكبوس، بشكل واضح وصريح عن المجموعة ودورها وخططها المستقبلية وذكر أن المجموعة تعمل بطاقة انتاجية تصل الى أكثر من 7200 طن وتوفر 210 فرصة عمل للأردنيين، وقد سجل مدير مكتب الملك علاء عارف البطاينة، ملاحظات اساسية من الزيارة لتكون برسم التنفيذ. المستثمر يمني وله استثمارات في مصر، وقد قرأت عنها وهي ناجحة، وقد تحدث أكثر من مرة عن مناخ الاستثمار الأردني وتفضيله وهو ما دفعه لبناء استثمارات، ما زالت تتوسع منذ عام 2013، وخاصة في آخر سنتين من الآن. كان حديث جلالة الملك واعداً ومشجعاً، وقد عبّر عن اعجابه بانجازات الشركة لينتقل بعد ذلك الى صناعة آخرى هامة تدخل في قطاع الأغذية والتجارة والشحن، وهي صناعة صناديق التغليف، حيث طاقة المصنع كما قال، مروان زلاطيمو 25 ألف طن سنوياً. المعلومات عن ذلك كله تتوفر عند الرئيس التنفيذي لشركة المدن الصناعية الأردنية، عمر جويعد، الذي شهد الزيارة الملكية وعرف بدور المدن الصناعية، وعمل من أجل توفير المناخ المناسب للاستثمار وهو يشغل منصبه منذ العام 2008، واستطاع أن ينتقل بالمدن الصناعية نقلة الى الأمام، مدافعاً عن مطالب المستثمرين في مجالات توفير ما يلزم لهم وبأسعار أفضل في مجالات الطاقة والمياه والبنية التحتية. كما زار جلالة الملك مصنعاً آخر ثالث، لشركة باين تري، لصناعة الملابس، التي تاسست عام 2014، وهي توظف أكثر من 600 أردني، منهم 60 مهندساً ومهندسة من أصل 1730، موظفاً، والشركة تتبع لشركة سنغافورية ناجحة هي راماتكس، وتقدم منتوجات للتصدير ذات جودة عالية. استمع الملك لشرح يطمئن على المستقبل، إذ يشغل القطاع الصناعي الأردني الآن أكثر من 250 ألف موظف 90% منهم أردنيون، ولديه قدرة على استقطاب المزيد من الاستثمارات الأردنية، كما تحدث المهندس يعرب القضاة، وزير الصناعة والتجارة، الذي شهد جولة المباحثات أيضاً مع رئيس الوزراء المالطي بحضور جلالة الملك، حيث بدأ الأردن مجدداً إطلاق فرص استثمارات جديدة رغم كل التحديات القائمة في الاقليم، وهذا أيضاً يتزايد مع عملية تجديد العمل في إقليم العقبة (منطقة العقبة الاقتصادية) التي شهدت إدارة جديدة أخيراً. بقي أن أقول إن الموقر البلدة حيث يوجد قصر أثري يحمل الاسم وهذه المفردة الموقر هي لقب الخليفة عبد الملك بن مروان، الذي زارها للصيد والاقامة في الشتاء، وقد جاءها من دمشق وقد ذكرها كتاب معجم البلدان لياقوت الحموي.


السوسنة
منذ 2 ساعات
- السوسنة
أمريكا والصين .. صراع العمالقة وفرص الأردن الصاعدة
تتصدر الولايات المتحدة والصين المشهد الاقتصادي العالمي باعتبارهما أكبر اقتصادين من حيث الناتج المحلي، حيث تحافظ الولايات المتحدة على الصدارة بناتج يتجاوز 27 تريليون دولار، بينما تواصل الصين تضييق الفجوة بناتج يبلغ نحو 18 تريليون دولار. وبرغم الفارق في الحجم الاسمي، فإن الصين تتفوق في بعض المقاييس مثل تعادل القوة الشرائية، ما يعكس تحولات تدريجية في موازين القوة، وفي عام 2025 تجاوز النمو الاقتصادي الصيني التوقعات بنسبة 5.4%، بينما تباطأ النمو الأمريكي في ظل تشدد السياسة النقدية. من ناحية التضخم، نجحت أمريكا إلى حد كبير في كبح جماحه عند 2.3%، لكنها حافظت على أسعار فائدة مرتفعة نسبياً، مما أبطأ النشاط الاستثماري. أما الصين، فتواجه تضخماً شبه منعدم، بل يقترب من الانكماش، مما دفعها نحو سياسات نقدية تيسيرية تستهدف تحفيز الطلب المحلي، وهو ما يعكس اختلافات جوهرية في طبيعة التحديات التي يواجهها كل اقتصاد. تشير بيانات سوق العمل إلى استقرار نسبي في الولايات المتحدة مع بطالة عند 4.2%، فيما لا تزال الصين تعاني من ارتفاع بطالة الشباب، رغم تراجع المعدل العام إلى 5.1%. هذه الفجوة في فرص العمل بين الأجيال تثير تساؤلات حول فعالية السياسات التعليمية والتدريبية في الصين ومدى مواءمتها لاحتياجات السوق. في الجانب التجاري، تستمر الصين بتحقيق فوائض تجارية ضخمة، مستفيدة من قوتها التصديرية، بينما تعاني الولايات المتحدة من عجز مزمن في ميزانها التجاري، وعلى الرغم من بوادر تهدئة في الحرب التجارية بين البلدين، فإن التوترات لا تزال تؤثر على استقرار سلاسل التوريد وتدفع الدول نحو تنويع شركائها التجاريين. الديون العامة تمثل تهديداً واضحاً لاقتصاد الولايات المتحدة، إذ تجاوزت 36 تريليون دولار، بينما تحاول الصين الحفاظ على التوازن المالي رغم الضغوط المتزايدة نتيجة أزمة القطاع العقاري وكلا البلدين يواجهان تحديات تتعلق بالاستدامة، لكن السياق الصيني أكثر ارتباطاً بتعقيدات داخلية في النظام المالي والمصرفي. في مجال التكنولوجيا، تواصل الولايات المتحدة تفوقها في قطاعات الذكاء الاصطناعي والفضاء، مدعومة بقطاع خاص ديناميكي، في حين تسعى الصين إلى تقليص الفجوة من خلال دعم حكومي واسع النطاق للاستثمار في الابتكار والاقتصاد الرقمي، ومع تصاعد التنافس الجيو-اقتصادي، أصبحت التكنولوجيا ساحة مركزية لصراع النفوذ الدولي. رغم هذه الديناميكية، يواجه كلا الاقتصادين تحديات طويلة الأجل، ففي أمريكا الانقسامات السياسية الداخلية وعبء الدين تهدد الاستقرار، وفي الصين تؤثر شيخوخة السكان وتباطؤ النمو السكاني على قاعدة الطلب المحلي، ومع ذلك، فمن المرجح أن تبقى الصين قادرة على تحقيق معدلات نمو أعلى نسبياً، إذا نجحت في تنفيذ إصلاحات هيكلية عميقة. في ضوء هذه التحولات، يجد الأردن نفسه أمام فرصة استراتيجية لإعادة تموضعه الاقتصادي، فالصين في سعيها لتوسيع نفوذها التجاري عبر مبادرة الحزام والطريق، قد تنظر للأردن كبوابة إقليمية للأسواق العربية، مما يعزز فرص الشراكات في البنية التحتية والطاقة، وفي الوقت نفسه، تبقى الولايات المتحدة شريكاً اقتصادياً مهماً، خاصة في مجالات الاستثمار والتمويل والدعم التنموي، من مصلحة الأردن تنويع علاقاته الاقتصادية، وتحقيق توازن بين الشراكتين بما يخدم أهدافه التنموية، ويعزز مناعته الاقتصادية في وجه التحولات العالمية المتسارعة، ولكن نجاح الأردن في اقتناص هذه الفرص يعتمد على قدرته في تعزيز بيئة الأعمال، وتحديث البنية التحتية، والانفتاح على التكتلات الاقتصادية الجديدة.