
تبديل أولويات الجبهات والحدود الأردنية الأكثر خطرا على إسرائيل
جاء هذا في وقت أوعز وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس اليوم الإثنين، إلى الجيش للاستعداد لاحتمال معركة لأيام مع الحوثيين وخطر إطلاق صواريخ مكثفة أو تبادل ضربات، واعتبر تقرير إسرائيلي أن الوضع الحالي بين طهران وتل أبيب غير مستقر، لافتاً إلى احتمال عودة اشتعال المواجهات في غضون أسابيع، وهو تقرير لم ينفه مسؤولون أمنيون وسياسيون.
وما بين إيران والحوثيين وضع الإسرائيليون الجبهة الشرقية في صدارة التحديات الأمنية المقبلة لتنتقل الأخطار، وفق تقرير إسرائيلي، من الشمال والجنوب إلى الشرق مع الأردن، لتصبح هذه الحدود محور التهديد المقبل.
تقديرات رافقتها ادعاءات استخباراتية إسرائيلية أن إيران تعمل في الوقت الحالي على إنشاء بنى تحتية لقوات موالية لها داخل الأردن وتعزيز قدراتها لتنفيذ عمليات ضد إسرائيل، وأعلن الجيش الإسرائيلي في تقرير أنه اتخذ خلال الأيام الأخيرة إجراءات أمنية على طول المنطقة الحدودية مع الأردن، وجرى تعزيزها بقوات عسكرية، تبين لاحقاً أن هذه القوات قاتلت خلال الأشهر الأخيرة في الضفة الغربية حيث اكتسبت، بحسب الجيش، "الخبرة في القتال لذلك جرى نشرها على الحدود الأردنية".
تعزيز وتوسيع وكلائها
رفع ملف الحدود الشرقية تجاه الأردن إلى أولويات أجندة المؤسستين العسكرية والأمنية في إسرائيل، في سياق الجهود المبذولة بعد وقف إطلاق النار مع إيران، لإعداد تقارير تطرح سيناريوهات التعاطي مع إيران بعد الحرب.
وخلُص تقرير أعدته المؤسسة العسكرية أن طهران بعد 20 شهراً على حرب "طوفان الأقصى"، فشلت في جميع الجبهات ولم تنجح في تقديم الدعم لوكلائها بسوريا ولبنان والجنوب، مما دفعها إلى الانتقال إلى الجبهة الشرقية لإنشاء ما سماها التقرير "منظومات قوة داخل الأردن بهدف تقويض الحكم فيه".
التقرير الإسرائيلي الذي نقل عن مصادر عسكرية ادعى أن إيران "ستفعل كل ما بوسعها لإضعاف الأردن وتحويل أراضيه إلى بنى تحتية قوية لوكلاء إيران".
هذا التقرير وغيره حول الأردن، جاء في أعقاب الكشف عن بنى تحتية في الأردن لزعزعة الاستقرار، ونقلت صحيفة "يسرائيل هيوم"، قول مصادر في الجيش إنه "على رغم العلاقات والتعاون الوثيق بين تل أبيب وعمان لا يمكن الاعتماد على هذا في مواجهة الأخطار المتنامية في الأردن ضد إسرائيل، مما استدعى تبديل أولويات الجبهات ليتصدر الأردن الجبهات الأكثر خطراً على إسرائيل".
تأهيل مواقع عسكرية وتعزيز الاستيطان
وحول الاستعداد والأوضاع على الحدود الشرقية مع الأردن، كشف متحدث عسكري أن "البحث في الوضع الأمني في هذه الجبهة، لم يبدأ بعد انتهاء الحرب مع إيران، وفق ما ذكر أكثر من مصدر إسرائيلي، إنما قبل أشهر عدة، حتى أن الجيش قرر تشكيل وحدة خاصة لنشرها وتركيز نشاطاتها عند الحدود مع الأردن، أطلق عليها "وحدة جلعاد" وهي تابعة لفرقة 96، وكان متوقعاً الإعلان عنها ونشرها عند الحدود الشرقية بعد أشهر عدة، إلا أن الحرب على إيران سرعت بتفعيلها بصورة طارئة، وفي هذه الأثناء يكثف الجيش تدريباته على مختلف السيناريوهات المتوقعة".
ووفق المتحدث فإن الفرقة مسؤولة عن الحدود الشرقية، التي تعتبر أطول حدود مع إسرائيل وتمتد على مئات الكيلومترات، ويقول "تقود الفرقة ثورة جديدة تتمثل في إنشاء 'ألوية داوود'، وهي وحدات إقليمية جديدة تهدف إلى حماية مناطق داخل إسرائيل لم تحظَ حتى الآن بحماية كافية".
وذكرت الصحيفة الإسرائيلية أن التسلم الرسمي لأول لواء من هذه الألوية سيكون في أغسطس (آب) المقبل، حيث ستمنح له مهمات عملياتية يفترض أن تمنحه القدرة على السيطرة على المنطقة الحدودية.
الهدف من تأسيس هذه الفرقة هو إنشاء قوات خاصة لجبهة لم تكن واردة في حسابات المؤسسة العسكرية من ناحية أخطارها الأمنية، إلى جانب حاجتها للتخفيف عن جنود الاحتياط، الذين وصلتهم أوامر للخدمة العسكرية للمرة السادسة والسابعة منذ بداية حرب "طوفان الأقصى".
تزامناً يستثمر الجيش ملايين الشواقل لإعادة تشغيل مواقع عسكرية مهجورة في مناطق عدة عند الحدود مع الأردن، ستقوم الوحدة الجديدة بتفعيلها ضمن خطة تعزيز الحراسة وضمان الأمن.
أما الخطر الجوهري الذي يتهدد إسرائيل أيضاً، فهو على الأرض الفلسطينية في غور الأردن، حيث يجري العمل على إقامة مستوطنات لتصبح مستقبلاً مدينة إسرائيلية على الحدود تكون نواة استيطانية جديدة، وذلك ضمن المساعي التي يبذلها وزراء الائتلاف الحكومي للاعتراف بالمستوطنات القائمة في غور الأردن وتقويتها.
المخطط الشامل الذي يجري تنفيذه عند الحدود الأردنية يشمل أيضاً إقامة سياج حدودي ضخم لاستكمال ما سماه التقرير الإسرائيلي "المنظومات الدفاعية الإسرائيلية"، لتصبح الحدود الشرقية الجديدة نموذجاً لتطبيق دروس السابع من أكتوبر (تشرين الأول): حدود محمية واستيطان قوي واستعداد سابق للتهديدات بدلاً من الرد بعد وقوع الحدث.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
منسقو الأمن يحذرون
إزاء التقارير التي نشرت طيلة 20 شهراً من حرب "طوفان الأقصى"، والتي تعكس إهمال متخذي القرار على المستويين السياسي والعسكري لهذه المنطقة الحدودية، تجند عدد ممن يسمون "منسقو أمن المستوطنات" في منطقة غور الأردن، وخرجوا اليوم بحملة واسعة تدعو إلى إحداث تغيير فوري على هذه الحدود يضمن أمناً قوياً يمنع التسلل والاختراقات ويضمن أمن المستوطنات.
واتضح من خلال تصريحاتهم، في سياق الضغط لضمان تحقيق مطالبهم أن الجيش، ونتيجة الإرهاق والضغط على جنود الاحتياط، قام بإطلاق سراح جنود وحدات الطوارئ بينهم من يخدم في منطقة غور الأردن ووحدة نخبة في الاحتياط، مع تجاهل سيناريوهات محتملة لتهديد خطر على سكان المنطقة، خصوصاً القريبة من الحدود مع الأردن.
وجاء في بيان لمنسقي الأمن أنه مع بداية الحرب على إيران "شعب كالأسد"، تم تعزيز الجبهة بقوات احتياط ووحدات طوارئ محلية للدفاع من محاولات تسلل معادية، لكن من دون إنذار سابق، جرى سحب القوات في منتصف الليل، وأُطلق سراح جنود وحدات الطوارئ.
وبعد ضغوط مارسها منسقو الأمن، أعيد بعض الجنود موقتاً، لكن الجيش عاد وأطلق سراحهم مجدداً خلال 24 ساعة فقط.
حالياً، وفق منسقي الأمن، يجري استدعاء جزء فقط من وحدات الطوارئ لمدة أسبوع واحد، ونُقل عن أحد منسقي الأمن "أجد صعوبة في فهم المنطق، يقولون لنا إن هناك تهديداً من وكلاء إيران، لكنهم يتركون فقط أربعة جنود لأسبوع، وقد تم إبلاغنا بهذه التغييرات في الليل، بينما كانت طائرات مسيّرة تُعترض فوقنا، وقد أوقف حرس الحدود أكثر من 60 متسللاً عبر الحدود مع إسرائيل".
يشار إلى أن تل أبيب رفعت قبل شهرين حالة الطوارئ عند الحدود الشرقية بعد اعتقال الأردن 16 شخصاً مشتبهاً فيهم بإنتاج صواريخ ومسيرات وحيازة أسلحة وتدريبات، حينها عُقد اجتماع لتقييم الوضع أعلن خلاله أن الخلية هي ضمن مشروع كبير تديره إيران بالتنسيق مع "حماس" لإعادة تعزير قدرات وكلائها في المنطقة ضد إسرائيل، ونقل عن مسؤول أمني أن نشاط الخلية في الأردن يأتي في سياق تدريبات لمحاولة تنفيذ هجوم على إسرائيل بنسخة السابع من أكتوبر 2023 الذي نفذته "حماس".
وكشف عن أنه منذ مطلع عام 2024، تسلل نحو 4 آلاف شخص بعضهم حاول تهريب أسلحة، وفي التقرير الإسرائيلي، فإن المتسللين يعبرون الحدود من منطقة غور الأردن والبعض من منطقة نهر الأردن، وقال المسؤول الأمني إن "ما يحدث عند الحدود مع الأردن ومصر ولبنان وسوريا نلمس فيه تدخلاً متزايداً لإيران في المنطقة".
بحسب التقارير الإسرائيلية فإن غالبية الحدود من دون سياج وفي المنطقة الأقرب والتابعة للمجلس الإقليمي "أيالوت"، هناك أكثر من 100 كيلومتر من دون سياج يمكن التسلل عبرها بسهولة ومن دون عراقيل، وبخاصة أن معظم الوحدات العسكرية وحرس الحدود والمراقبة نقلت إلى جبهات غزة ولبنان وسوريا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ يوم واحد
- Independent عربية
أي حرب دائمة وسلام دائم؟
أهل غزة يستحقون أكثر من هدنة في حرب إبادة، لكن اللعبة أكبر من القطاع والهدنة والرهائن. والبحث عن نهاية الحرب على غزة يصطدم بما كان أساس العقدة من البداية: دور "حماس" كحركة مسلحة في فلسطين تريد تحرير الأرض المحتلة بالقوة، وطبيعة إسرائيل ثم الدرس الإستراتيجي الذي تعلمته من "طوفان الأقصى" وحرب غزة ولبنان وصواريخ الحوثيين، الذي خلاصته التخلي عن إستراتيجية "الردع" والتركيز على إستراتيجية "الحسم". فالدرس، حسب تحقيق الاستخبارات العسكرية، هو أنه "لا يمكن السماح للعدو بالتسلح وتعزيز قواته عبر الحدود، ويجب إعطاء الأولوية لإزالة التهديد على تحقيق الهدوء عبر تنفيذ هجوم مضاد مبكر ضمن معارك وقائية". والدرس، حسب تحقيق "الشاباك"، هو أن الخطأ في سياسة إسرائيل ولا سيما سياسة بنيامين نتنياهو كان "تفضيل 'حماس' على السلطة والسماح بوصول الأموال القطرية إليها، والرهان على بقاء الحركة كضمان لمنع قيام دولة فلسطينية"، والحل هو وجوب "منع أي تهديد ولو كان متواضعاً في غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا". والترجمة الواضحة لذلك هي ممارسة لعبة مزدوجة داخل اللعبة الأميركية الكبرى. الرئيس دونالد ترمب يرفع شعار "السلام الدائم" في الشرق الأوسط، ونتنياهو يقطف الممكن من ثمار السلام الأميركي، بالتوازي مع تنفيذ "حرب دائمة" بالتقسيط لمنع أية قوة مقاومة من تقوية نفسها، حرب في غزة ولبنان وسوريا واليمن ثم في إيران نفسها. لكن السلام الدائم الذي يعمل له ترمب مباشرة وعبر مبعوثين إلى المنطقة هو سلام "الاتفاقات الإبراهيمية" والحرص على توسيعها لتشمل دولاً ليست مستعدة للتطبيع قبل قيام دولة فلسطينية، مثل لبنان وسوريا والسعودية وبقية الدول التي يحرضها ترمب على التطبيع. و"السلام الإبراهيمي" ليس السلام الدائم الذي وافقت عليه القمة العربية في بيروت عام 2002 ضمن المبادرة العربية للسلام. والحرب الدائمة التي تبنتها إسرائيل هي وصفة للفوضى والدمار واحتلال الأرض في لبنان وسوريا بعد فلسطين، لا للسلام، ولا بالطبع للقضاء على ما تسمى "أذرع إيران" في دول المنطقة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) فضلاً عن أن اللعبة المزدوجة لها أبعاد أخرى، من نوع لعب الورقة على الوجهين. فمن جهة تعود إسرائيل إلى إستراتيجية "الجدار الحديدي" التي نظّر لها زئيف جابوتنسكي معلم مناحيم بيغين وكان والد نتنياهو تلميذه وسكرتيره، وهي لا شيء سوى "العداء الكامل" للفلسطينيين والعرب. ومن جهة أخرى تركيز على إستراتيجية "القلعة والسوق" التي راجت أيام إسحق رابين و"اتفاق أوسلو" وشمعون بيريز و"الشرق الأوسط الجديد" وموجزها أن إسرائيل هي القلعة العسكرية المحصنة والمنيعة، والعالم العربي هو السوق المفتوحة أمامها. ومع أن بتسلئيل سموتريتش يمثل أقصى التطرف في حكومة نتنياهو باسم "الصهيونية الدينية"، فإن ما يعبر عنه هو أحلام اليمين الحاكم بالقول "إسرائيل لن توقف هجماتها حتى إنهاء حركة 'حماس' وتفكيك سوريا وإضعاف 'حزب الله' وإبعاد الخطر النووي الإيراني". وهذه هي "المهمة الكبيرة التي لا تزال أمامنا لكنني واثق من قدراتنا على إنجازها"، كما قال نتنياهو. ترمب ليس من النوع الذي يدقق في الأمور المعقدة في أزمات العالم وحروبه، فهو يدير الإدارة على طريقة تلفزيون الواقع. وهو، حسب كتاب جيمس بينيوفوزيك "مشاهدو شخص واحد، ترامب، تلفزيون وتمزيق أمة" كان "صناعة تلفزيونية، عالمه التلفزيون ولديه موهبة الارتجال ونقاشات برنامج أبرانتس المبنية على الإقصاء صارت نقاش ترمب الرئيس". وليس من اختارهم كموفدين بصلاحيات مهمة إلى تركيا وسوريا ولبنان وإسرائيل والمفاوضات مع إيران سوى صديقين له من المقاولين الكبار: ستيف ويتكوف وتوم برّاك. والمهمة: صفقات سريعة أو ترك كل شيء على حاله. لكن تشجيعه لنتنياهو على ضم الضفة الغربية سيصطدم بالعجز عن ابتلاع الفلسطينيين ولو ابتلع الأرض. وحسب "الإيكونوميست"، فإن نتنياهو "يعتقد أن مستقبل إسرائيل معلق بهزيمة أعداء مثل إيران، لكن أعظم تهديد له هو عدم القدرة على الانخراط مع الفلسطينيين، وهم مشكلة إسرائيل الكبرى". ذلك أن إيران التي تلقت هي وأذرعها ضربة قوية، وانحسر نفوذها وضعف مشروعها الإقليمي، يمكن أن تستمر في دعم حرب "حماس" وبقية الأذرع تحت عنوان التحرير الكامل من البحر إلى النهر أو أن يسقط النظام أو أن تبدل سياستها بصفقة مع أميركا، لكن من الوهم الهرب من الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات الذي صار أكثر عدداً من اليهود في إسرائيل. وحين تصبح التسوية على أساس "حل الدولتين" مهمة مستحيلة في نظر نتنياهو وحكومته، فإن الكفاح المسلح يفرض نفسه كمهمة حتمية، بصرف النظر عن التضحيات والأثمان والتجارب الصعبة التي مر بها الشعب الفلسطيني. ولا مجال لسلام دائم يطلبه ترمب من دون مقابل هو دولة فلسطينية، ولا حرب دائمة يقودها نتنياهو يمكن أن تبقى حرباً بالتقسيط من طرف واحد. و"الأفضل أن تقاتل حين يكون لك حظ صغير من أن تقاتل حين لا يكون لديك حظ أبداً"، كما قال تشرشل.


Independent عربية
منذ 2 أيام
- Independent عربية
إيران والتشكيك في جدوى المفاوضات
عادت إيران مرة أخرى للتلويح بكونها غير واثقة بمسار المفاوضات مع واشنطن وأنها تحتاج إلى تطمينات، وهو ما عبرت عنه تصريحات كثير من المسؤولين الإيرانيين وفي مقدمهم وزير الخارجية عباس عراقجي عبر مقالة "حرب إسرائيل خربت الدبلوماسية وبإمكان الولايات المتحدة إحياءها"، المنشورة في صحيفة "فايننشال تايمز" أول من أمس الثلاثاء. ويستهدف الجدل حالياً الحديث حول جودى المفاوضات التي سيعود لها الطرفان، وأن على واشنطن تقديم الضمانات قبيل بدء جولة جديدة من المحادثات، ولا سيما أن سيرها جرى تخريبه بفعل الضربات الإسرائيلية التي دفعت واشنطن للالتحاق بها في ما بعد. ويحاول عراقجي التذكير بأجندة الرئيس الأميركي دونالد ترمب والتي جوهوها "أميركا أولاً"، ومع ذلك دخلت واشنطن حرباً من أجل إسرائيل، ومن ثم فإن هناك مزيداً من الكُلف التي لا تزال الولايات المتحدة تتحملها نظير دخولها في سياسات الشرق الأوسط. ومرة ثانية تحاول إيران إثبات أنها تريد المفاوضات لكنها تطلب الضمانات أولاً حتى تثق بإدارة ترمب، والأمر ذاته قامت به طهران من قبل حينما ظلت تماطل خلال المفاوضات السابقة مع إدارة جو بايدن، وبعد عام ونصف العام من "محادثات فيينا" مع الأوروبيين، أوقفت إيران المحادثات لرغبتها في ضمانات بتعويضها اقتصادياً عن الانسحاب الأميركي عام 2018، وضمانات بأن أي إدارة أميركية لن تنسحب من المفاوضات مستقبلاً، وهو ما كان صعباً أن تقدمه لها أية إدارة في البيت الأبيض. وعلى رغم الخبرة الإيرانية في المماطلة خلال المفاوضات، على نحو جعلها تفعل الأمر عينه مع إدارة ترمب أثناء الجولات الخمس الماضية، فإنها فوجئت بالضربة الإسرائيلية وسط المحادثات، وبالطبع لم تُفاجأ إيران بنيات إسرائيل مهاجمتها، فقد سبق وأعلنت إسرائيل خططها مرات عدة، ولكن كان ثقة إيران بأن ترمب المتعجل للوصول إلى اتفاق سيعطل تلك الخطط. ومع مقالة عراقجي المشار إليها والجدل السياسى داخل إيران حول عدم الثقة بإدارة ترمب والتشكيك في أية مفاوضات، والرغبة في الحصول على ضمانات مقدماً من واشنطن، يعي صناع القرار الإيرانيون في الوقت نفسه أنه ليس أمامهم سوى المفاوضات، وإلا فإن البديل الآخر هو عودة الهجمات الإسرائيلية ومعها أخرى أميركية. إذاً ليس أمام إيران سوى التفاوض والتعاون مع "الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، ومع ذلك فمن المهم للإيرانيين أن يدركوا أن حتى التوصل إلى اتفاق مع ترمب لن يمنع عودة الهجمات الإسرائيلية مرة أخرى، ولكن ليس من سبيل أمامها سوى التهدئة مع الرئيس الأميركي، فإيران التي دعمت الميليشيات في المنطقة وقررت توظيفها من خلال ما يسمى "وحدة الساحات"، هي من أطلقت مشروع إسرائيل للشرق الأوسط الجديد، وكانت عملية "طوفان الأقصى" هي المبرر والذريعة التي استغلتها حكومة بنيامين نتنياهو من أجل رسم شرق أوسط جديد، بدأ بالتخلص من أذرع طهران وصولاً إلى إيران ذاتها، والآن يؤكد الرئيس الإيراني ووزير الخارجية والمسؤولون في الداخل الإيراني أن العودة للمفاوضات تشترط وجود الثقة خلال المحادثات، وربما الضمان الأهم بالنسبة إلى طهران هو عدم مهاجمة إسرائيل لها، إذ إن إيران أصبحت مهددة بالتعرض لتهديدات مستمرة قصيرة وطويلة الأجل، كما أصبح هناك شك في أن الإدارة الأميركية وإسرائيل يعملان على تغيير النظام. ومن المؤكد أن القضايا التي ستجري مناقشتها خلال المفاوضات المقبلة ستختلف عن الجولات الخمس الماضية، وما تريده إيران من ضمانات سيكون مختلفاً ويركز بصورة أساس على عدم مهاجمة إسرائيل لها مرة أخرى، وكذلك عدم زعزعة استقرار النظام الحالي، ولقد عرضت إيران خلال الجولات الخمس الماضية على واشنطن إنهاء العقوبات ودخول الولايات المتحدة في تعاون اقتصادي أوسع نطاقاً بقيمة تريليون دولار، كما أظهرت طهران أنها منفتحة على تعاون ذي منفعة متبادلة من شأنه أن ينعش الاقتصاد ويعالج أولوية الرئيس ترمب إحياء الصناعات الأميركية المنهارة، مثل قطاع الطاقة النووية، كما حاولت إيران التفاوض مع ترمب بمنطقه الاقتصادي ولكن إسرائيل أوقفت هذا المسار، لذا فإن المفاوضات المقبلة ستوضح كيف سيستفيد الطرفان وماذا سيقدم كل منهما للآخر.


Independent عربية
منذ 2 أيام
- Independent عربية
وزير الدفاع الإسرائيلي: سنضرب إيران مجددا إذا هددتنا
قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس اليوم الخميس إن إسرائيل ستضرب إيران مجدداً إذا تعرضت لتهديد منها. ونقل بيان صادر عن مكتبه قوله، "ستصل إليكم يد إسرائيل الطويلة في طهران وتبريز وأصفهان، وفي أي مكان تحاولون فيه تهديد إسرائيل أو الإضرار بها. لا مكان للاختباء. إذا اضطررنا إلى العودة، فسنعود وبقوة أكبر". وشنت إسرائيل حرباً جوية استمرت 12 يوماً على إيران في يونيو (حزيران) الماضي، مما أثار مخاوف من اتساع رقعة الصراع في المنطقة. واتفق الجانبان على وقف إطلاق نار بوساطة أميركية، أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الـ23 من يونيو الماضي. وهاجمت إسرائيل مواقع نووية إيرانية خلال الحملة بحجة وجود مخاوف من اقتراب طهران من تطوير سلاح نووي، مما تنفيه إيران. وانضمت الولايات المتحدة إلى الحملة بشن ضربات على مواقع نووية إيرانية. ارتفعت إلى 1060 الحصيلة الإيرانية لقتلى الحرب التي استمرت 12 يوماً مع إسرائيل، وفق ما أورد التلفزيون الرسمي الإيراني. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) واتهم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إسرائيل بمحاولة اغتياله من دون أن يحدد متى، في مقابلة أجراها معه الإعلامي الأميركي تاكر كارلسون. وفي الـ13 من يونيو شنّت إسرائيل حملة قصف غير مسبوقة على إيران، أسفرت عن مقتل كبار القادة العسكريين وعلماء نوويين. وقعت الهجمات الإسرائيلية قبل أيام من الموعد المقرر لبدء جولة جديدة من المحادثات النووية بين طهران وواشنطن التي بدأت في الـ12 من أبريل (نيسان) الماضي.