
حل الدولتين... لئلا تقوم «جمهورية حيفا»
لو تأملنا بشهادة كل من شارك في لبّ تبويب فرص السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين لوجدنا أن التسويف هو أسّ المعضلة؛ نعم عامل تضييع «الوقت» هو الأكثر فتكاً.
سبب ذلك أن العروض التي تُنتَزع من الإسرائيليين محدودٌ زمنها، وطاقات الزعماء في العالم لن تصرف كلها من أجل قضيةٍ واحدة يعتبرها بعض الرؤساء الغربيين ليست بذات أولوية، وآية كل ذلك أن القضيّة تتراجع قوّة العروض فيها مع تقادم الزمن.
إن هذه الأزمة المعيشة حالياً سببها مركّب من قادة القضيّة بتسويفهم المريب، ومن قوّة إسرائيل وبطشها العنيف، وليس انتهاءً بمغامرات الحركات والأحزاب داخل وخارج فلسطين والتي تجرّ على المدنيين الأبرياء الويلات من دون أي مكاسب على الأرض.
لقد طرح الملك فهد في «فاس» مبادرةً كلُّ من قرأ بنودها رأى فيها الإنصاف حدّ الانتصار للفلسطينيين، ومن بعد قمة «فاس» بعقدين طرح الملك عبد الله «المبادرة العربية للسلام»، وهي امتدادٌ لإرادة الإنصاف للشعب المنكوب، ولكن للأسف ما من مجيب، وكل وقتٍ يمرّ من دون استجابةٍ لعرض يعني منح إسرائيل فرصة للتغوّل والتمدد، وتغيير الخرائط، وهذا ما لم ينتبه له بعض المسؤولين عن القضية.
لم يقع الإسرائيليون في حربٍ أهليّة داخلية، وإنما يتعاركون بقواعد الصيغة الديمقراطية، وضمن مؤسسات الدولة، وفي النائبات نراهم يستبسلون عسكرياً ونظرياً ضد الخصوم.
على المستوى النظري فإن الفلاسفة الإسرائيليين يطوّرون يومياً نظريتهم حول الدولة الإسرائيلية، وذلك عبر تبيئتها مفهومياً ضمن الهويّة اليهودية، حتى بعض العلمانيين والملاحدة من الإسرائيليين يعتبرون دولتهم يهودية بوصفها انتماء هوياتياً وليس بالشرط أن يؤمن بالعقيدة اليهودية، وهذا واضح ومشهود.
إن أولئك يبحثون ويؤسسون لنظرية الدولة باستمرار ضمن عدة مفهومية وسياسية وتشريعية، وينافحون عن مفهومهم بقوّة علميّة كبيرة، بينما يواجه الطرف الآخر كل ذلك بالكلام الإنشائي والعراك المعتاد.
على سبيل المثال، «حلّ الدولتين» الذي دعم عربياً ودولياً يحاول المنظّرون الإسرائيليون سحقه وجعله من الماضي.
مثلاً الفيلسوف الإسرائيلي عمري بوم، صاحب كتاب «مستقبل لإسرائيل»، وهو باعث فكرة «جمهورية حيفا»، يقول: «لا نهاية للصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلا بالمساواة في الحقوق بينهم بعيداً عن حل الدولتين الفاشل».
لكن ماذا يعني بـ«جمهورية حيفا»؟!
يجيب عمري بوم في حوارٍ نُشر بمجلة «قنطرة»، قائلاً: «تعود فكرة (جمهورية حيفا) إلى خطة الحكم الذاتي الموضوعة من قِبَل مناحيم بيغن، والتي تم قبولها في الكنيست عام 1977 في مرحلة التحضير لاتِّفاقية السلام الإسرائيلية - المصرية. صحيح أنَّها تنص على عدم قيام دولة فلسطينية - مناحيم بيغن كان يرفض قيام دولة فلسطينية رفضاً قاطعاً - ولكنها كانت تتيح حقَّ تقرير المصير الوطني للفلسطينيين، وتتضمَّن على الأقل أيضاً حقاً محدوداً في عودة اللاجئين الفلسطينيين. والأهم من ذلك أنَّ جميع الفلسطينيين كان من المفترض منحهم الفرصة ليصبحوا مواطنين إسرائيليين. هذه الخطة لم يتم تنفيذها قطّ. ولكن سيكون من المفيد الاهتمام مرة أخرى بجوهرها، خاصة أنَّها قد تم اقتراحها من قِبَل شخص مثل مناحيم بيغِن، ولذلك من الصعب جداً رفضها واعتبارها «معادية للصهيونية».
وأعلّق بأن هذه الفكرة ربما تكون هي الوجهة الإسرائيلية الحاليّة. فمن دون انتباهٍ ووعي، وإسراعٍ لاقتناص ما تبقى من فرص فإن حل الدولتين وهو آخر ما يمكن الظفر به سيكون من الماضي، ولكن ثمة من لا يأخذ الوقت ولا الزمن على محمل الجد.
الخلاصة أن طرح «جمهورية حيفا» يعني سحق حل الدولتين؛ ثمة ضغط أميركي على إدارة نتنياهو بغية وقف إطلاق النار والبدء بالتفاوض، لكن إسرائيل قبل سنة ليست كما هي الآن، إن إسرائيل أكبر مستثمر بالوقت على عكس خصومها، إنها فعلياً تعتبر اليوم هو الغد الذي كانت تنتظره بالأمس.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

العربية
منذ 16 دقائق
- العربية
ميرتس: أحد قتيلي إطلاق النار في واشنطن قد يكون ألمانياً
كشف المستشار الألماني فريدريش ميرتس، اليوم الخميس، أنه سمع أن أحد موظفي السفارة الإسرائيلية اللذين قتلا في واشنطن العاصمة، مساء أمس الأربعاء، قد يكون مواطنا ألمانيا. I am shocked by the news of the murder of two employees of the Israeli embassy in Washington. Our thoughts are with their families. At this stage we must assume an anti-Semitic motive. I condemn this heinous act in the strongest possible terms. — Bundeskanzler Friedrich Merz (@bundeskanzler) May 22, 2025 ودان المستشار الألماني إطلاق النار على اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية خارج متحف يهودي في واشنطن، واصفاً إياه بـ"العمل الشنيع". ونشر ميرتس على موقع "إكس" باللغة الإنجليزية، أنه يدين الهجوم "بأشد العبارات الممكنة"، وأنه "في هذه المرحلة، يجب أن نفترض وجود دافع معادٍ للسامية". "عمل غادر" كما أعرب وزير الخارجية يوهان فادفول عن "صدمته" من إطلاق النار، ووصفه بأنه "عمل غادر" على حسابه في "إكس". بدورها، صرحت الجمعية الألمانية الإسرائيلية (DIG)، التي تُعنى بتعزيز العلاقات بين البلدين، بأن أحد القتلى، يارون ليشينسكي، سيُخلّد في الذاكرة باعتباره "باني جسورٍ عريقة في العلاقات الألمانية الإسرائيلية". وأضافت الجمعية أن ليشينسكي قضى جزءًا من طفولته في ولاية بافاريا جنوب ألمانيا، وكان يتحدث الألمانية بطلاقة. كما تابعت: "كان يتنقل بين الثقافتين بسهولة ويسر"، مضيفةً أنه كان ناشطًا في منتديات الشباب الألماني الإسرائيلي. وأشادت الجمعية به ووصفته بأنه "شخص منفتح، ذكي، ومنخرط بعمق، وقد أشرق اهتمامه بالعلاقات الألمانية الإسرائيلية وتعزيز التعايش السلمي في الشرق الأوسط على جميع من حوله". ووقع إطلاق النار في حفل استقبال سنوي تستضيفه اللجنة اليهودية الأميركية (AJC) للمهنيين اليهود الشباب والمجتمع الدبلوماسي في واشنطن.


صحيفة سبق
منذ 16 دقائق
- صحيفة سبق
وزير الخارجية السوري يستقبل سفير المملكة لدى دمشق
استقبل وزير الخارجية والمغتربين في الجمهورية العربية السورية السيد أسعد الشيباني؛ أمس، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى سوريا الدكتور فيصل المجفل. وجرى خلال الاستقبال، مناقشة الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.

العربية
منذ 31 دقائق
- العربية
عراقجي: أميركا تتفاوض معنا لأنها يئست من تأثير العقوبات
اعتبر وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، أن الولايات المتحدة تتفاوض مع بلاده لأنها يئست من تأثير العقوبات. وقال خلال ندوة إقليمية حول الدبلوماسية الاقتصادية، اليوم الخميس، إن "مهمة دائرة الدبلوماسية الاقتصادية والسفارات الإيرانية في الخارج هي تسهيل الأمور وإزالة العقبات". كما أكد أن "العقوبات تُعد واحدة من أكبر العقبات"، لافتا إلى أن مهمة وزارة الخارجية تكمن في السعي من أجل رفعها. الالتفاف على العقوبات وأوضح قائلا إنه "على الطرف المقابل رفع العقوبات، لكن مسؤولية تحييد أثرها أو الالتفاف عليها تقع على عاتق بلاده". إلى ذلك، رأى أنه "إذا أرادت طهران أن تسير المفاوضات بشكل جيّد مع من يفرضون العقوبات، فعليها أولاً أن تجعلهم ييأسون من سلاح العقوبات"، وفق تعبيره. رغم ذلك، شدد على أنه "لا يقول إن العقوبات لم تُسبب مشقّة أو لم تخلق نقصاً، لكنها بفضل عزيمة الإيرانيين وتعاون التجار والمواطنين لم تستطع أن تصيب البلاد بالشلل". أتت تلك التصريحات فيما يرتقب أن تعقد جولة خامسة من المحادثات النووية الإيرانية الأميركية، غدا الجمعة. ومنذ 12 أبريل الماضي، عقد الجانبان 4 جولات وصفت بالإيجابية. إلا أن الأيام الماضية شهدت تراشقا بين البلدين حول السماح لطهران بتخصيب اليورانيوم داخل البلاد. ففيما اعتبر المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف أن بلاده لن تسمح لإيران بالتخصيب حتى بنسبة 1%. أكد عدة مسؤولين إيرانيين أن هذا الموضوع خط أحمر، وحق سيادي لبلادهم.