
هل بدأت رؤية إدارة ترامب لتشكيل الشرق الأوسط بالقوة تتصدّع؟
وبحسب الموقع، "رغم تراجع الأهمية الاستراتيجية لموارد الطاقة في الشرق الأوسط بالنسبة للولايات المتحدة، إلا أن المنطقة لا تزال بالغة الأهمية، وربما أكثر في ظل الإدارة الحالية. وكما ذكرت مجلة "Med This Week"، هناك ثلاثة عوامل رئيسية تُشكل الإجراءات الأميركية الأخيرة. العامل الأول هو التحالف الأيديولوجي بين الحكومات اليمينية المتطرفة في الولايات المتحدة وإسرائيل، والذي يتجاوز "العلاقة الخاصة" التقليدية ويعكس تحالفاً سياسياً واستراتيجياً أعمق. الثاني، تنظر الإدارة أيضًا إلى الهيمنة الإسرائيلية باعتبارها أداة للاستقرار الإقليمي، وتتصور " إسرائيل الكبرى" المهيمنة، المدعومة بدعم أميركي ساحق، والقادرة على فرض السلام بشكل أحادي الجانب وتهميش إيران. وأخيرا، كانت المصالح المالية الشخصية بارزة بشكل واضح خلال زيارته الأخيرة للخليج".
وتابع الموقع، "كان الهدف المباشر للحرب التي استمرت 12 يوما هو تفكيك البنية التحتية النووية لإيران ومنعها من الحصول على الأسلحة النووية. وأعلن ترامب أن مواقع رئيسية "دُمّرت" أو "أُغلقت"، مُشيدًا بالحملة باعتبارها ضربةً حاسمةً لتهديدٍ وجوديٍّ مُتصوَّر. لقد أدت هذه العمليات العسكرية إلى إعادة تشكيل ديناميكيات القوة الإقليمية بشكل كبير، ودفعت استراتيجية إدارة ترامب الإقليمية إلى الأمام: تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، وخاصة المملكة العربية السعودية ، وربما تمتد إلى عُمان وإندونيسيا وقطر وحتى سوريا. ومع ذلك، لا يزال هذا السعي لإعادة ترتيب أوراق العلاقات مقيدًا بالحرب الإسرائيلية المستمرة على غزة. ويُعتبر وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن الإسرائيليين شرطين أساسيين لتعزيز التطبيع وتوسيع نطاقه".
إسرائيل: قوة مهيمنة؟
بحسب الموقع، "أبدت الولايات المتحدة استعدادها للتصرف بشكل أحادي وبقوة ساحقة، لا سيما من خلال استخدام القنابل "الخارقة للتحصينات" على المواقع النووية الإيرانية. وصُوِّر هذا على أنه استعراض للقوة الأميركية التي لا مثيل لها، ليس فقط ضد إيران، بل أيضًا كرادع لمنافسين مثل الصين وروسيا. وفي الوقت عينه، سعت إسرائيل إلى تقديم نفسها كقوة عسكرية هائلة ذات قدرة استخباراتية عميقة على الوصول إلى البنية التحتية النووية والأمنية الإيرانية. وقد زعم بعض المسؤولين الإسرائيليين أن البلاد انضمت إلى صفوف القوى العالمية، على الرغم من أن الضربات التي أسفرت عن مقتل أعداد كبيرة من المدنيين أثارت انتقادات واسعة النطاق وتساؤلات حول شرعية مثل هذه الادعاءات. لكن يبقى السؤال: هل تستطيع إسرائيل أن تصبح حقا قوة مهيمنة في المنطقة؟"
وتابع الموقع، "رغم عملياتها الأخيرة ومكاسبها التكتيكية القصيرة الأجل، تواجه إسرائيل حواجز هيكلية وسياسية تحول دون استمرار هيمنتها. فهي لا تزال تعتمد اعتمادًا كبيرًا على الدعم العسكري والدبلوماسي والاقتصادي الأميركي، ولا تزال الصراعات الإقليمية المتجذرة قائمة، ولا سيما القضية الفلسطينية التي لم تُحل، والتي لا تزال تُلهب الرأي العام وتُعيق أي تفاعل دبلوماسي هادف. من غير المرجح أن تقبل القوى الإقليمية الرئيسية، مثل المملكة العربية السعودية وتركيا ومصر، التوسع الإسرائيلي أو هيمنته. وفي الوقت عينه، يبدو أن الإرادة السياسية الإيرانية لمواصلة طموحاتها النووية لم تتضاءل، حيث يشير بعض المحللين إلى أن الضربات الأخيرة قد تُسرّع في نهاية المطاف تطويرها النووي، بدلاً من ردعه. ومن غير المرجح أن تتفاوض القيادة الإيرانية، وخاصة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، من موقف ضعف واضح. ويأتي التصعيد العسكري الأخير في أعقاب حملة "الضغط الأقصى" التي شنتها الولايات المتحدة وموقفها العدائي تجاه إيران بعد الانسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة في عام 2018. وقد عززت هذه التطورات مجتمعة انعدام الثقة لدى الإيرانيين وضيّقت بشكل أكبر مساحة الدبلوماسية. علاوة على ذلك، لا يوجد تقييم موثوق يفيد بأن الضربات الأخيرة قد شلّت البرنامج النووي الإيراني بشكل دائم. ويعتقد العديد من المحللين أن أي انتكاسات ستستمر لأشهر فقط، لا سنوات، وأن إيران ستنقل عملياتها ببساطة إلى مناطق أكثر سرية".
وبحسب الموقع، "تظل القضية الفلسطينية العالقة العقبة الأكبر أمام توسيع اتفاقيات إبراهيم وتحقيق السلام الإقليمي. وأوضحت المملكة العربية السعودية موقفها بوضوح: فهي تطالب بالتزام لا لبس فيه بإقامة دولة فلسطينية. ومع ذلك، تُعطي حكومة نتنياهو الأولوية للهيمنة العسكرية على المفاوضات الجادة، لا سيما في غزة والضفة الغربية. لقد أثار الهجوم العسكري الإسرائيلي على غزة الرأي العام العربي، مما جعل التطبيع مكلفًا سياسيًا لقادة الخليج. فمن دون رؤية واضحة لما بعد الحرب في غزة ووقف شامل لإطلاق النار، لن تدوم الهيمنة الإسرائيلية. تخشى الجهات الفاعلة الإقليمية، وخاصة في الخليج، أن تبدو متواطئة مع دولة يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها تنتهك الحقوق العربية. فقد أدت حرب إسرائيل المطولة في غزة، وافتقارها إلى خارطة طريق سياسية، إلى تشويه صورتها العالمية، مما أدى إلى إدانة دولية متزايدة، بل وتراجع دعم حلفائها التقليديين مثل الاتحاد الأوروبي".
وتابع الموقع، "إن تآكل الدعم الدبلوماسي لإسرائيل لم يفعل سوى زيادة عزلتها، وتقويض أي محاولة للقيادة الإقليمية الحقيقية. في غضون ذلك، تعتمد عقيدة الأمن القومي الإسرائيلي في عهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على التفوق العسكري كضمانة وحيدة للسلام، لكن حتى "الانتصارات" العسكرية المزعومة تأتي بتكاليف بشرية واقتصادية باهظة، للفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء. حتى لو عززت العمليات العسكرية الخارجية الدعم الداخلي مؤقتًا، فإنها غالبًا ما تفشل في إحداث تغيير في النظام أو تحقيق استقرار طويل الأمد. وقد أظهرت عقود من التدخلات الأجنبية أن التحولات السياسية المفروضة خارجيًا أكثر عرضة لإحداث فوضى من السلام الدائم. ولقد فاقمت الضغوط الإقليمية والداخلية التحديات التي تواجه طموحات إسرائيل الهيمنية، وتخشى دول الخليج من الفوضى والأزمة الإنسانية وتدفق اللاجئين وانتشار الأسلحة النووية".
وأضاف الموقع، "على الصعيد المحلي، يواجه نتنياهو ضغوطًا متزايدة وسط إحباط شعبي من فشله في تأمين وقف إطلاق نار شامل في غزة أو إطلاق سراح جميع الرهائن، مما يكشف عن انقسامات داخلية تُشكِّل تحديًا لأي استراتيجية متماسكة طويلة المدى. والأهم من ذلك، أن إسرائيل لم تُنشئ سلطة حكم فلسطينية شرعية لتتولى السيطرة على غزة، ولم تنجح في فرض قيادة خارجية أو مُستَولَى عليها. والنتيجة هي الفوضى وظهور حركات مقاومة جديدة، تُحاكي إخفاقات الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان".
رؤية هشة
وبحسب الموقع، "ربما أضعفت حملة ترامب العسكرية طموحات إيران النووية وحلفائها الإقليميين، لكن الاستقرار الإقليمي على المدى الطويل لا يزال بعيد المنال، ومن الأفضل وصف "السلام" الحالي بأنه هدنة هشة وليس تحولاً دائماً. في جوهره، فشل التفوق العسكري الإسرائيلي في تحقيق حلول سياسية، فمن دون معالجة القضية الفلسطينية، وتحقيق الاستقرار في غزة، والتعامل مع التنافسات الإقليمية المعقدة، يستحيل تحقيق سلام دائم. وحتى لو تم إخضاع فصائل المقاومة المسلحة مثل حزب الله أو حماس مؤقتا، فإن قدرة المنطقة على توليد أشكال جديدة من المقاومة لا تزال قائمة. قد تحافظ إسرائيل على تفوقها العسكري، لكنها ستواصل كفاحها من أجل الشرعية والقيادة في الشرق الأوسط. ومع تزايد انتهاكات الولايات المتحدة وإسرائيل للقانون الدولي، تبدو الرسالة واضحة: "الضعفاء فقط هم من يتبعون القواعد". هذه السابقة تُقوّض الأمن الجماعي وتُقوّض أي إجماع إقليمي ذي معنى".
وختم الموقع، "إن السلام الحقيقي والدائم لن يأتي من خلال الهيمنة وحدها، بل يتطلب الدبلوماسية والعدالة والشجاعة لمواجهة الأسباب الجذرية للصراع".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ 2 دقائق
- الديار
ترامب يأمر بنشر غواصتين نوويتين ردًا على تصريحات مدفيديف!
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الجمعة، أنه أمر بنشر غواصتين نوويتين "في المناطق المناسبة"، ردًا على تصريحات اعتبرها "استفزازية للغاية" أدلى بها نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف. وفي تغريدة على منصة "تروث سوشال"، قال ترامب: "بناء على التصريحات الاستفزازية للغاية التي أدلى بها الرئيس الروسي السابق ديمتري مدفيديف، والذي يشغل حاليًا منصب نائب رئيس مجلس الأمن القومي في روسيا، فقد أصدرت أوامر بتمركز غواصتين نوويتين في المناطق المناسبة، تحسبًا لاحتمال أن تكون هذه التصريحات الطائشة والمثيرة للفتنة أكثر من مجرد كلمات". وأضاف: "الكلمات مهمة جدًا، وقد تؤدي في كثير من الأحيان إلى عواقب غير مقصودة، وآمل ألا تكون هذه إحدى تلك الحالات". وكان مدفيديف قد انتقد ما وصفه بـ"لغة الإنذارات" التي يستخدمها ترامب تجاه موسكو، قائلاً إن على الأخير أن يتذكر بأن "روسيا ليست إسرائيل ولا حتى إيران"، وإن "كل إنذار جديد يمثل تهديدًا وخطوة نحو الحرب، ليس فقط مع أوكرانيا بل مع بلده". ويأتي التصعيد الكلامي بعدما منح ترامب، مطلع الشهر، روسيا مهلة قدرها 50 يومًا للموافقة على وقف إطلاق النار في أوكرانيا، مهددًا بفرض رسوم جمركية "صارمة" على الشركاء التجاريين لموسكو في حال عدم الالتزام. لكن خلال اجتماعه مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الإثنين، أعلن ترامب أنه بصدد تقليص هذه المهلة إلى "10 أو 12 يومًا"، مبررًا ذلك بـ"خيبة أمله من الرئيس فلاديمير بوتين الذي لم يُبدِ أي استعداد للتسوية". من جهته، أكد الكرملين أنه لن يرضخ للضغوط لعقد أي صفقة. وقال المتحدث باسمه دميتري بيسكوف إن مسار تطبيع العلاقات مع واشنطن قد تباطأ، مشددًا في الوقت نفسه على اهتمام موسكو بالحفاظ على قنوات التواصل، وأملها في أن تستعيد العملية زخمها.


صوت بيروت
منذ 6 دقائق
- صوت بيروت
ترامب يرد على تهديدات ميدفيديف بنشر غواصات نووية قرب الحدود الروسية
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم الجمعة إنه أمر بنشر غواصتين نوويتين في مناطق قريبة من روسيا ردا على تهديدات الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف. وذكر ترامب في منشور على منصة تروث سوشيال 'أمرت بنشر غواصتين نوويتين في المناطق المناسبة تحسبا لأن تكون هذه التصريحات الحمقاء والتحريضية أكثر من مجرد تصريحات'. كما تابع: «التصريحات مهمة للغاية، وغالبا ما تؤدي إلى عواقب غير مقصودة وآمل ألا يكون هذا أحد تلك الحالات». ووجّه الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف انتقادا شديدا للرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعدما هدد الأخير بتعجيل الموعد النهائي الذي منحه لروسيا للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع أوكرانيا. 'ليست إسرائيل أو إيران' وقال ميدفيديف: «كل إنذار نهائي جديد هو تهديد وخطوة نحو الحرب. ليس بين روسيا وأوكرانيا، بل مع أميركا»، وأضاف في منشور على منصة «إكس» أن «روسيا ليست إسرائيل أو حتى إيران»، في إشارة إلى الحرب القصيرة التي اندلعت بين البلدين في آذار (مارس) الماضي، والتي شنت خلالها الولايات المتحدة ضربات على إيران لدعم إسرائيل. وجاءت تصريحاته ردا على تصعيد ترامب لهجته ضد روسيا في ظل عدم إحراز تقدم لوقف الحرب في أوكرانيا.


صوت بيروت
منذ 7 دقائق
- صوت بيروت
خطة طارئة من ترامب لغزة.. ومبعوثه يقيم الوضع الإنساني ميدانيًا
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه يعمل على خطة لتوفير الطعام لسكان غزة، في حين أكد مبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف أنه أمضى اليوم أكثر من 5 ساعات داخل القطاع. وأضاف ترامب لموقع أكسيوس، 'نريد مساعدة الناس في قطاع غزة على العيش، وكان ينبغي أن يحدث هذا منذ زمن طويل'. وقال إنه يشعر بقلق من التقارير عن المجاعة في غزة، متهما حركة حماس بالمسؤولة عما وصفه بسرقة وبيع ما يدخل القطاع من مساعدات. وقال ترامب للموقع إن ويتكوف يقوم بعمل عظيم، وإنه لم يتلق منه حتى اللحظة إحاطة منه بشأن زيارته لغزة. ورفض التعليق على إمكانية الانتقال من اتفاق تدريجي بشأن غزة، إلى اتفاق شامل مكتفيا بالقول 'سترون قريبا'. زيارة ويتكوف إلى غزة وفي السياق ذاته، قال المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف إنه التقى -رفقة السفير الأميركي بتل أبيب وبتوجيه من الرئيس ترامب- مع مسؤولين إسرائيليين لبحث الوضع الإنساني في غزة. وذكر أنه أمضى أكثر من 5 ساعات داخل قطاع غزة، واجتمع مع مسؤولين في مؤسسة غزة الإنسانية ووكالات إغاثة أخرى. وأكد أن زيارته لغزة تهدف إلى 'المساعدة في وضع خطة لإيصال المساعدات الغذائية والطبية إلى سكان القطاع'. مباحثات ويتكوف ونتنياهو وكشفت صحيفة معاريف الإسرائيلية أن الاجتماع الذي عقده رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو -المطلوب للعدالة الدولية- مع المبعوث الأميركي الخاص إلى غزة، ستيف ويتكوف، كان 'ذا أهمية إستراتيجية'، في ظل تعثر المفاوضات مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وتراجع فرص التوصل إلى صفقة تبادل أسرى. ونقلت الصحيفة عن مصدر سياسي إسرائيلي أن الولايات المتحدة تُظهر دعما كاملا للموقف الإسرائيلي، وأن هناك تنسيقا مشتركا بين الطرفين بشأن التطورات في قطاع غزة. وبحسب مسؤولين إسرائيليين تحدثوا للصحيفة، فإن الأيام المقبلة قد تشهد اتخاذ قرارات مهمة، خاصة مع تضاؤل احتمالات التقدم في صفقة تبادل الأسرى، في ظل 'انقطاع تام' في التواصل بين إسرائيل وحماس، التي 'لا تبدي استعدادا للعودة إلى طاولة المفاوضات'، وفق المصدر ذاته. وأضافت الصحيفة نقلا عن المصدر المذكور أن 'إمكانية استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية بدأت تتقلص'، فقد 'وصلنا إلى وضع علينا فيه تحقيق أهداف الحرب بخاصة هزيمة حماس وإعادة المخطوفين وإن لم يكن بواسطة صفقة فبطريقة أخرى' حسب تعبيره.