بهاء الدين المعايطة يكتب: حبّ الوطن في عيون الصغار .. ومسؤوليتنا في الدفاع عنه.
بقلم : بهاء الدين المعايطة
ما أجمل أن يترسخ حبّ الوطن في قلوب الأطفال، وما أبهى أن تُنسَج البراءة بروح الوفاء لرايته التي ما انفكّت خفّاقة في الأعالي. ففي عيونهم الصغيرة تنعكس ملامح الوطن، وفي أناشيدهم البريئة تنبض كلماته الخالدة. يكبرون على حبّه، ويشبّون على خدمته، وكأنّ الأرض قد غرست فيهم بذور الانتماء، لتنبت وفاءً لا يذبل، وعزيمة لا تلين.
في موقف أعاد إليّ وجدان الطفولة وجدّد في قلبي حبّ الوطن، تيقنت أن هذا الوطن استطاع أن يغرس محبته في قلوب الأطفال كما فعل في قلوبنا. فقد كان ذلك المشهد البسيط، الذي جمعني بابنة أخي ذات الأربع سنوات، كفيلًا بأن يعلّمني درسًا جديدًا في الولاء. كانت تلك الطفلة الصغيرة ترافقني، تحمل في قلبها الصغير بذور الانتماء لوطن نشأنا جميعًا على حبه، وتحمل في عينيها الفخر بعلمٍ رأته ملقى على أحد الأرصفة، فسارعت بخطواتها البريئة لتحمله وتضعه داخل السيارة، خشية أن يبقى على الأرض.
جعلني ذلك الموقف أفكّر بعمق: لماذا لا نحمل جميعًا ذلك القلب النقي الصادق تجاه الوطن؟ لماذا بات بعضنا يتعامل مع الوطن كخصم لا كأمٍ حانية؟ من المؤسف أن نرى الخير يُجحد، وأن يتحوّل الوطن إلى ساحة مفتوحة للنيل منه عبر بعض وسائل الإعلام العربية، التي تتغافل عن جهوده، وتتنكّر لقيادته التي، رغم شح الموارد وضيق الإمكانات، استطاعت أن تبني دولة وتُعلي كيانًا يُشار إليه بالفخر.
واجبنا اليوم أن نُحكم نسيجنا الإعلامي، وأن نقف صفًا واحدًا إلى جانب الوطن وقيادته، وألّا نسمح لتلك الأصوات المتربصة أن تزرع فينا الشك أو تزعزع إيماننا بوطننا وقيادتنا. ففي زمن كثُرت فيه حملات التشويه والتأويل، أصبحنا في أمسّ الحاجة لأن نكون جنودًا في خندقه، ولو بالكلمة، ولأن نرفع صوت الحق دفاعًا عنه.
لم يُغلق الأردن أجواءه يومًا إلا دفاعًا عن الحق، ولم يكن موقفه، كما زعم البعض، عداءً لأحد، بل كان نداءً صادقًا من أجل سلام المنطقة وأمن شعوبها. كان ولا يزال الدرع الذي يذود عن أرضه وأبنائه، والحضن الدافئ الذي احتضن إخوةً لجؤوا إليه، ففتح لهم قلبه قبل أرضه.
وفي هذا السياق، جاءت كلمة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، حفظه الله ورعاه، التي ألقاها أول أمس، واستمع إليها العالم بأسره، لتكون البوصلة التي أعادت توجيه أنظار المجتمع الدولي نحو حقيقة ما يجري على الأرض الفلسطينية. لم تكن مجرد كلمة عابرة، بل كانت موقفًا راسخًا لقائد آمن بعدالة القضية، وعبّر عنها بجرأة القادة ووضوح أصحاب المبادئ. لقد جسّدت الكلمة رؤية الأردن الثابتة تجاه فلسطين، ورفضه الصريح لكل أشكال الظلم والتهجير، وتمسكه بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشرقية. لقد كانت صوت الحق ونداء العدل، دعَت إلى وقف الانتهاكات وفرض السلام العادل، وأكدت أن لا استقرار يُبنى على أنقاض المعاناة، وأن الأردن، كما كان دومًا، سيبقى الحارس الأمين للقدس، والمدافع الصلب عن الحقوق، والوفيّ لرسالته العربية والإنسانية.
اليوم، أصبح لزامًا علينا أن نُنمّي حبنا لهذا الوطن وولاءنا لقيادته، وأن نُحصّن وعينا من الأصوات المعادية التي تحاول عبثًا تشويش صورة الدور الدفاعي المشروع الذي تقوم به المملكة، خاصة ما يتعلق بسيادتها وأجوائها. تلك الأصوات التي تسعى لتقزيم الموقف الأردني وتقديمه وكأنه مجرد بوابة دفاع عن دولٍ أخرى، متجاهلة أن الأردن لا يدافع إلا عن مبادئه، ولا يتحرك إلا من منطلقات أمنه الوطني وواجبه القومي والإنساني.
فالأردن لم يكن يومًا تابعًا في قراراته، بل كان دائمًا صاحب قرارٍ مستقل، ينبع من إيمانه العميق بالسلام العادل وحق الشعوب في الأمن والاستقرار. ومواقفه الثابتة تجاه القضايا المصيرية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، خير دليل على أن هذا الوطن لا يساوم على مبادئه، ولا يسمح بأن تُستخدم سيادته ورموزه كورقة في حسابات الآخرين.
ومن هنا، فإن مسؤوليتنا اليوم هي الوقوف خلف قيادتنا، وتحصين وعينا، والدفاع عن وطننا بكل ما نملك من كلمة ووعي وموقف، فالأردن ليس مجرد موقع على الخريطة، بل رسالة وقضية، وتاريخ من الثبات والعزة لا يُمحى.
حمى الله وطننا العزيز، وأدام عليه الأمن والسلام، وبارك في قيادته الرشيدة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبارنا
منذ 39 دقائق
- أخبارنا
فاعليات الطفيلة: ثابتون وموحدون خلف الملك
أخبارنا : عبّرت فاعليات في محافظة الطفيلة عن اعتزازها بمواقف جلالة الملك عبدالله الثاني، وسعيه الدؤوب لترسيخ مكانة الأردن كدولة ذات رسالة ومواقف ثابتة تجاه القضية الفلسطينية والقضايا العربية، والحفاظ على أمن الوطن واستقراره. وشدّدت الفاعليات على أن وحدة الأردنيين وتلاحمهم والتفافهم حول قيادتهم الهاشمية تُشكّل صخرة تتحطم عليها جميع محاولات زعزعة أمن الوطن واستقراره، مؤكدين أن الأردن سيبقى، بقيادته ومؤسساته، منحازًا للحق، ومعبّرًا عن وجدان شعبه الذي يرى في فلسطين قضيته المركزية. وقال رئيس مجلس مؤسسة إعمار الطفيلة، مصطفى العوران، إن مضامين حديث جلالة الملك، خلال اجتماعه مع رؤساء السلطات وقادة الأجهزة الأمنية، أكدت أن الأردن لن يسمح لأي طرف باستغلال الظروف الإقليمية للتشكيك في مواقفه الثابتة، وأهمية تعزيز الوحدة الوطنية لاستكمال مسيرة البناء الوطني. وأعرب رئيس مجلس محافظة الطفيلة، أحمد الحوامدة، عن اعتزازه بمضامين حديث جلالة الملك، مؤكدًا التفاف الأردنيين خلف قيادتهم الهاشمية وتلاحمهم، وأنهم سيبقون، كما كانوا دوماً، جنودًا يذودون عن أمن الوطن واستقراره. وقال إن الأوضاع في الإقليم تتطلب تكاتف الأردنيين وتلاحمهم، والتصدي لمحاولات التشكيك بمواقف الأردن الثابتة، والوقوف إلى جانب قواتنا المسلحة وأجهزتنا الأمنية في الدفاع عن سيادة الأردن. وأكد رئيس بلدية الطفيلة الكبرى، الدكتور حازم العدينات، أن حديث جلالة الملك يعكس إيمان جلالته وثقته الراسخة بقدرة الأردن على تجاوز التحديات والصعوبات، في وقت يعيش فيه الإقليم حالة اضطراب وغليان، واعتداء وحشي على قطاع غزة منذ أكثر من عشرين شهرًا. وبيّن أن ما اتخذه الأردن من إجراءات هو لصون سيادته وأمنه، وحماية سلامة مواطنيه، مؤكداً التفاف الأردنيين حول قيادتهم الهاشمية، وثقتهم المطلقة بقدرتهم على تجاوز التحديات والمصاعب، ومواصلة مسيرة البناء والإنجاز. وقال رئيس الاتحاد العام للجمعيات الخيرية في المحافظة، عامر الخوالدة، إن جلالة الملك وضع العالم بأسره أمام مسؤولياته لوقف استمرار الحرب والانتهاكات في الضفة الغربية وغزة والمنطقة، بما ينذر بمخاطر كارثية على الجميع، مؤكداً أن جلالة الملك كان دوماً يمثل صوت الاعتدال والحكمة والحق. وأكد رئيس بلدية بصيرا، الدكتور جهاد الرفوع، أن حديث جلالة الملك حمل مضامين عميقة، تؤكد أن الأردن ماضٍ في مسيرة الإصلاح والإنجاز والتنمية، بوحدة الأردنيين ووعيهم والتفافهم حول القيادة الهاشمية. وقال رئيس مجلس غرفة تجارة الطفيلة، عودة الله القطيطات، إن التفاف الأردنيين حول قيادتهم الهاشمية، ووحدتهم وتلاحمهم في هذه الظروف الملتهبة، من أهم عوامل قوة الأردن، مشيرًا إلى أن كلام جلالة الملك يؤكد إيمان جلالته بأن الأردنيين جميعًا شركاء في حماية أمن الوطن واستقراره. ولفت رئيس مجلس عشائر الطفيلة، إياد الحجوج، إلى أن جلالة الملك جدد التأكيد، في حديثه، على مواقف الأردن الثابتة في حق الأشقاء الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية. وأكد أن مضامين حديث جلالة الملك حذّرت من التصعيد الإقليمي، وتآكل البوصلة الأخلاقية، وفقدان التمييز بين الحق والباطل، ما سيقود المنطقة إلى مزيد من التصعيد والصراعات، وهو ما يتطلب توحيد الصفوف، وتمتين الجبهة الداخلية. --(بترا)


أخبارنا
منذ 39 دقائق
- أخبارنا
القس سامر عازر : بناء النفس البشرية في مكافحة فكر التطرف والإرهاب
أخبارنا : القس سامر عازر في صباح يوم أمس الأحد كانت أجراس الإيمان تُقرَع، والصلوات تُرفَع، والقلوب متجهة إلى السماء، هزّ تفجيرٌ غادر كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بدمشق، أثناء القداس الإلهي. وبدلًا من أن ترتفع البخور والتراتيل، تعالى صراخ الجرحى وارتفعت أرواح الشهداء الأبرياء. إنه مشهد يعكس بشاعة فكر لا يعرف حرمة للمقدسات، ولا توقيرًا للحياة، ولا معنى للسلام. إنّ هذه الجريمة النكراء التي استهدفت مصلّين آمنين، تكشف من جديد عمق التهديد الذي يشكّله فكر التطرف والإرهاب خاصة على مجتمعاتنا العربية، وعلى إنسانيتنا، وعلى جوهر الإيمان ذاته. إنها ليست فقط مسألة أمنية أو سياسية، بل هي مسألة روحية وأخلاقية في الدرجة الأولى، تستدعي منا وقفة جادة أمام مسؤوليتنا في بناء النفس البشرية، لأن النفس التي تتغذى على النور لا يمكن أن تُستَعبد للظلام والقتل والتطرف والإرهاب. التطرف لا يولد في فراغ، بل يتغذى على بيئة من الجهل والتهميش والغلو الديني، وينشأ في غياب الحوار، وفي ظل غياب التربية على المحبة والانفتاح. وكما أن النار لا تشتعل إلا بوقود، فإن فكر الإرهاب لا يشتعل إلا في النفوس التي لم تُبنَ على أسس راسخة من الكرامة الإنسانية، والإيمان النقي، والمحبة الصادقة، والوعي بالآخر المختلف. بناء النفس البشرية يعني أن نزرع في الإنسان منذ طفولته مبادئ احترام الآخر، وقدسية الحياة، وحقيقة الله الذي هو محبة وقلبه يتسع للجميع، وأن نعيد إلى الدين معناه الحقيقي بوصفه رسالة للسلام، لا مبررًا للقتل. وأن نصحّح المسارات التربوية والدينية التي تسللت إليها مفاهيم مشوّهة تبرّر العنف باسم الإله وبإسم الدين.!!! وكمسيحيين، نحن نؤمن بأن الله لا يسكن في هياكل من حجر فقط، بل في قلوب البشر. فإذا ما دُمرت كنيسة، فقلوبنا ستظل تَبني الكنيسة الحيّة التي لا تهزمها القنابل ولا الرصاص الغادر. سنظل نحب ونغفر ونصلي، ولكن دون أن نصمت عن الحق. لأن الصمت عن التطرف و الإرهاب مشاركة فيه، والمهادنة مع الفكر المتطرف خيانة للضحايا، وخيانة لله وللقيم الدينية والإنسانية والأخلاقية. إن مقاومة الفكر المتطرف والإرهاب تبدأ من البيت، من المدرسة، من المنبر، من الخطاب الديني والإعلامي والتربوي. تبدأ حين نقول لأطفالنا: ليس كل من يختلف معك عدوًا، وليس كل ما يُقال باسم الدين حقًا. تبدأ حين نعلّمهم أن القوة الحقيقية هي في العدل، لا في العنف؛ في البناء، لا في الهدم. شهداء كنيسة مار إلياس، وهم يصلّون، أصبحوا شهادة حيّة على أن الإيمان أقوى من الإرهاب، وأن الصلاة لا تُقهر حتى تحت الأنقاض. فلنكرّم ذكراهم ببناء أجيال تؤمن بأن اختلافنا لا يجب أن يكون سببًا في موتنا، بل مدخلًا إلى تعايشنا. ولنجعل من دمائهم الطاهرة منارة تضيء طريقنا نحو مجتمعات خالية من الحقد، غنية بالرحمة، متجذرة في المحبة. المسؤولية عظيمة ومشتركة، وهناك عاتق كبير يقع على دولنا في الحفاظ وفرض الأمن والنظام والعدالة. بهذا وحده، نكون شهودًا أمناء لله رب السماوات والأرض، ونكون فاعلين في بناء عالم يُغلّب النور على الظلام، والرجاء على الخوف، والحياة على الموت. رحم الله شهداء كنيسة مار الياس، ولنجعل دمادهم الذكية عهدا علينا لبناء مجتمعات خالية من العنف والتطرف والإرهاب.


خبرني
منذ ساعة واحدة
- خبرني
الدوحة: الدفاعات الجوية القطرية اعترضت هجمة صاروخية استهدفت قاعدة العديد الجوية
خبرني - أعلنت وزارة الدفاع القطرية، مساء الاثنين، أن الدفاعات الجوية القطرية اعترضت هجمة صاروخية استهدفت قاعدة العديد الجوية. وقالت الوزارة في بيان لها، "بفضل الله ويقظة القوات المسلحة والإجراءات الاحترازية لم ينتج عن الحادث أي وفيات أو إصابات". وأكدت على أن أجواء وأراضي دولة قطر آمنة وأن القوات المسلحة القطرية على أهبة الاستعداد دائما. وتابعت "ننصح المواطنين والمقيمين بأخذ التوجيهات وآخر التطورات من المصادر الرسمية".