
يكفينا تخديراً
قبل 15 دقيقة
نعم، يكفينا تخديراً. معلوم أنه إذا ارتفع سعر الرغيف في بلد أو غيره مما تتوقف عليه حياة الناس، قد تقوم مظاهرات حاشدة واعتصامات مدنية، هذا إن لم تندلع ثورة تطيح بنظام الحكم دون رحمة. والتاريخ يعج بالكثير من تلك النماذج الثورية التي عرفها وتحدث عنها بإسهاب كبير
.
سأسوق مثالاً واحداً فقط يدفعنا إلى خيار اللجوء إلى ثورة كهذه يجب أن تكون أماً لكل ثورات اليمن... ثورة تصحح كل ما سبقها من ثورات لأنها صارت بالنسبة لهذا الشعب حتمية تاريخية، وفريضة شرعية، وضرورة بشرية.
أسوق مثالاً واحداً فحسب من تعز كنموذج لبقية المحافظات، ربما تكون فقط تعز هي الأسوأ بينها. وخلاصة هذا المثال: جميعنا يلاحظ بقوة ارتفاع أسعار الأدوية في صيدليات محافظة تعز بشكل جنوني تتفاوت بين 50% لبعض الأدوية و75% للبعض الآخر. وعلى سبيل المثال لا الحصر، هنا كان كاتب هذا المقال يشتري علاج الضغط المقرر مدى الحياة ب7000 ريال قبل شهر، واليوم وصل سعره إلى 12000 ريال. وعلاج الكلى نوع كيرلايت مصري مقرر مدى الحياة هو الآخر ارتفع سعره من 25 ألف شهرياً إلى 40 ألف شهرياً، ناهيك عن عدم وجوده بالصيدليات إلا مهرباً عند البعض وبتخزين سيء جداً. بينما سعره في القاهرة 220 جنيه، أي ما يعادل 12000 ريال يمني. وسنلاحظ الفارق كبيراً بين القاهرة وعندنا، ويقدر بـ 28000 ريال يمني.
ارتفاع الأسعار يعزى، كما يقول أصحاب الصيدليات، إلى أن تجار الأدوية يستوردونها بالدولار الأمريكي والريال السعودي ويبيعونها بالريال اليمني. من جانب آخر، عندما تزور مستوصفاً حكومياً تراه يعج بالمرضى من مختلف الأعمار، خاصة الأطفال والنساء. لا يجب علينا الاستغراب إذا ما رأينا الذين يسعفونهم يبكون، خاصة إذا ما اقتضى الأمر أن تنقل الحالة إلى مستشفيات المدينة، حيث ينهارون لأنهم لا يملكون تكلفة المواصلات، ناهيك عن الفحوصات اللازمة والأدوية والرقود إذا تطلب الأمر.
هذا فقط جانب ارتفاع أسعار الأدوية، ولن أسرد ارتفاع الأسعار المتصلة بالمواد الغذائية وغيرها من المتطلبات الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها في حياة المواطنين اليومية.
أيضاً جميعنا صرنا بلا رواتب، وإن أتت فلا تصل إلا بعد مضي الشهرين وربما ثلاثة أشهر، ناهيك عن كونها رواتب لم تتزايد منذ ما قبل الحرب، في حين أن الأسعار أخذت ترتفع مئات الأضعاف. الناس صارت في حالات يرثى لها. البلد ينهار تباعاً، خاصة في مناطق سيطرة الشرعية التي ضحينا في سبيلها بكل شيء، نعم بكل شيء.
شرعية عدمية فاقدة الحيلة في أن تقدم أو تقوم بفعل أي شيء يخفف من معاناة المواطنين. شرعية عاجزة، لا هي استطاعت إدارة مناطق سيطرتها بشكل صحيح، بل استمرت تنتقل من فشل إلى فشل ومن فساد إلى ما هو أفسد، ولا أنها استطاعت أن تحرر بقية المناطق التي تقع تحت سيطرة المليشيات الحوثية. إلى حد أن الناس في مناطق سيطرة المليشيات الحوثية قد أصابها اليأس وبدأت تستسلم للأمر الواقع عليها، وتجد فيه أفضلية من مناطق سيطرة الشرعية التي انهارت قيمة عملتها الشرائية، حيث 50 ألف في صنعاء تساوي في عدن 300 ألف ريال. لهذا تفضل واقع المليشيات المؤلم على واقع الشرعية الأكثر ألماً بفعل غرقها بالفشل والفساد اللامتناهيين.
*إذن.. ليس في تقديري بل في تقدير الغالبية من كافة الفئات الحية في هذا البلد، ترى أن المخرج الوحيد المتاح أمامهم هو وجود حركة جبارة تطيح بهذا الواقع وكل الأسباب التي أنتجته.
هذا الواقع بات يفرض علينا جميعاً القيام بثورة شعبية في كل مدينة أو سوق ضد الشرعية والحوثيين على حد سواء. ولا يوجد تبرير قوي لهكذا حركة ثورية من تبرير الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري رضي الله عنه الذي قال: "عجبت لمن لا يجد قوت يومه، كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه؟". وأسمح لنفسي بتعديل بسيط لعبارة الصحابي الجليل رضي الله عنه من باب التناص الإبداعي، فأقول: "عجبت لمن لا يجد قوت عياله، كيف لا يخرج ثائراً على واقعه".
لقد بلغ بنا الحال ما هو أسوأ مما حثنا عليه أبو ذر الغفاري رضي الله عنه، واقع ليس فقط لا قوت فيه لعيالنا، فحسب، بل هناك الأمراض التي لا حصر لأنواعها تنهشنا بكل هوادة. باختصار، لقد انعدمت كل فرص مواجهة متطلبات الحياة، وانتهت حيلتنا.
لا مناص أمامنا من القيام بثورة تكنس وتطهر كل هذا الواقع المزري. فالموت ضد هذا الواقع أشرف كثيراً لنا من الموت الصامت والبطيء، وأفضل من اللجوء للانتحار كما تكرر بمحافظة إب، ويحدث مراراً وتكراراً في أكثر من مكان في البلاد. بدلاً من الانتحار الغبي، يجب علينا أن نثور، فالموت في ثورة من أجل قوت يومك أشرف وأعظم من الموت جبناً بانتحار غير مجدٍ.
إن ثورة كهذه تحثنا عليها كل القيم والمبادئ والأعراف والتقاليد والأخلاق والمعتقدات والإيديولوجيات، وقبلها تدفعنا إليها كافة الظروف التي نغرق داخلها دون وجود لأية آمال تلوح في الأفق. ثورة من أجل الانتصار لكرامتنا وآدميتنا، ونسترد بها أخلاقنا المصادرة، وإنسانيتنا المهدرة. لا شك أن المولى جل وعلا سوف يكلؤها ويكللها بمباركته وتأييده ونصره.
لقد باتت ثورة أخلاقية وإنسانية كهذه تعتبر فريضة شرعية وضرورة بشرية وحتمية حضارية، وأمانة تاريخية. ولمن يقولون إن لا جدوى من ثورة جديدة من قبيل فشل ثوراتنا السابقة، أرد عليهم مكرراً: لا يجب تأجيل القيام بثورة جديدة لأن كلفة تأخيرها سيكون أسوأ كثيراً من الثورة نفسها، ومن واقع قادم مجهول سيكون لا محال أكثر جحيماً ودموية مما نحن فيه اليوم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ يوم واحد
- اليمن الآن
الوكيل المساعد ومدير عام ساه يفتتحان مجمع رسب التعليمي للبنات بمديرية ساه
أخبار المحافظات ساه | إعلام السلطة المحلية - 13 يوليو افتتح الوكيل المساعد لشؤون مديريات الوادي والصحراء الأستاذ عبدالهادي عبداللاه التميمي، والمدير العام لمديرية ساه رئيس المجلس المحلي الشيخ مبارك عبدالله بن عبودان الجابري، اليوم الأحد، مجمع رسب التعليمي للبنات بمنطقة رسب بمديرية ساه. ويأتي هذا المشروع بتمويل وتنفيذ مؤسسة روح الصحية، وإشراف مكتب وزارة التربية والتعليم بوادي حضرموت، وبرعاية معالي وزير التربية والتعليم الأستاذ طارق سالم العكبري، ووكيل محافظة حضرموت لشؤون مديريات الوادي والصحراء الأستاذ عامر سعيد العامري. وتضمنت المرحلة الأولى من المشروع بناء ستة صفوف دراسية، ومكتبين، ومختبر، وقاعة اجتماعات، ودورات مياه، بتكلفة إجمالية بلغت 600 ألف ريال سعودي، إضافة إلى تأثيث المجمع من قبل شركة بترومسيلة. وفي كلمة له خلال حفل الافتتاح، عبر الوكيل المساعد عبدالهادي التميمي عن سعادته بافتتاح هذا الصرح التعليمي بمنطقة رسب، التي حرمت من الكثير من الخدمات خلال الفترات السابقة، مشيرا إلى أهمية تعليم الفتاة في المنطقة، ومؤكدا أن توقف تصدير النفط في حضرموت حال دون تنفيذ المزيد من المشاريع التنموية، داعيا أبناء المديرية إلى التكاتف والتعاون لتحقيق احتياجاتهم ومطالبهم. من جانبه هنأ المدير العام لمديرية ساه الشيخ مبارك الجابري أهالي منطقة رسب بافتتاح هذا المشروع الذي طال انتظاره، معتبرا إياه حلما تحقق لأبناء المنطقة، ومؤكدا أهمية الشراكة والتنسيق بين السلطة المحلية والمؤسسات الداعمة. ووجه المدير العام شكره لمؤسسة روح الصحية وشركة بترومسيلة ووجهاء وشباب المنطقة على جهودهم الكبيرة، داعيا الأهالي لدعم تعليم الفتيات والحفاظ على هذا الصرح التعليمي بما يخدم مستقبل المنطقة. كما أوضح مدير إدارة التربية والتعليم بالمديرية الأستاذ صالح سعيد بن عبودان أن تعليم الفتاة يحظى باهتمام خاص من المكتب، مشيرا إلى أن المنطقة شهدت افتتاح ثلاثة صفوف أولية سابقا، وتضاعف عدد الطالبات الملتحقات بالتعليم، لافتا إلى وجود أكثر من 14 معلمة في المنطقة مما يتطلب تقديم تعليم نوعي في ظل توفر البيئة المناسبة. وألقى الشيخ صالح باجرش، عضو أمناء عموم مؤسسة روح الصحية، كلمة أكد فيها حاجة المجتمع للمرأة الطبيبة والمعلمة، معتبرا أن هذه المدرسة تمثل لبنة أساسية نحو تعليم متكامل في المنطقة، مقدما شكره للسلطة المحلية والمقادمة والشخصيات الاجتماعية والشباب على تقديم التسهيلات التي أسهمت في نجاح المشروع، مشيرا إلى سعي المؤسسة لمزيد من التدخلات التنموية مستقبلًا. كما ألقى المقدم سالم سعيد بلهوطلي كلمة نيابة عن الأهالي، عبر فيها عن شكرهم وامتنانهم لقيادة السلطة المحلية والمؤسسات الداعمة على هذا الإنجاز. وتخلل حفل الافتتاح تقديم دروع تكريمية من قبل مؤسسة روح الصحية للسلطة المحلية بمديرية ساه، وعدد من الجهات والشخصيات المساهمة في إنجاح هذا المشروع التعليمي، تقديرا لدورهم وجهودهم المبذولة. كما قدم مكتب التربية والتعليم بالمديرية واللجنة الشبابية الحقوقية بمنطقة رسب دروعا تكريمية لمؤسسة روح الصحية، تقديرا لمساهمتها في إنشاء هذا الصرح التعليمي الهام الذي يخدم بنات المنطقة ويعزز فرص التعليم فيها. حضر الافتتاح الأستاذ سعيد يماني الجابري رئيس لجنة التخطيط، والأخ صالح غانم جريدم رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية، والأستاذ محمد عمر القظيم مدير مكتب الشؤون الاجتماعية والعمل، والأخ أحمد سعيد حنبل مدير مكتب الأشغال، ومقدم ركن منير عبدالهادي التميمي أركان قوة حماية الشركات، والأستاذ عبد العزيز محمد بافضل منسق العلاقات بقطاع 10 بشركة بترومسيلة والمهندس محمد صالح باجرش المدير التنفيذي لمؤسسة روح الصحية .


اليمن الآن
منذ يوم واحد
- اليمن الآن
تعز.. الكشف عن بيع ماء مغشوش وبأسعار مرتفعة وسط غياب الرقابة الرسمية
كشف مواطنون في مدينة تعز عن عمليات بيع واسعة لما وصفوه بـ"الماء المغشوش" من قبل بعض محطات التحلية، وسط غياب الرقابة الرسمية وارتفاع كبير في الأسعار، ما يشكل تهديدًا لصحة السكان ويضاعف من معاناتهم اليومية في ظل أوضاع معيشية صعبة. وقال عدد من المواطنين في تصريحات متفرقة إن بعض محطات التحلية في المدينة تبيع المياه بشكل مباشر إلى البقالات أو للمستهلكين دون أن تمر بعمليات التنقية أو التحلية المعتمدة، وبسعر يصل إلى 1000 ريال لكل 20 لتر، رغم أن الماء يُستخرج من آبار محلية دون أي معالجة صحية. وأوضح المواطنون بأن "المصدر المائي المستخدم قد يبدو مقبولاً من حيث المظهر، لكن طعمه الصادم وسعره المبالغ فيه يكشفان مدى التلاعب بحاجات الناس"، مشيرين إلى أن هذه الممارسات تجري أمام مرأى ومسمع الجهات المختصة دون أي تدخل يُذكر. واكدوا أن هذه المحطات تبيع ما هو في الحقيقة ماءً خامًا يُستخرج مباشرة من الآبار، دون أن يخضع لعمليات الفلترة أو التحلية، ما يشكل خرقًا واضحًا للمعايير الصحية، وتلاعبًا بأرواح الناس واحتياجاتهم الأساسية. المواطنون طالبوا الجهات المختصة، وعلى رأسها مؤسسة المياه ومكتب الصحة ومكتب الصناعة والتجارة، بسرعة التدخل ومراقبة أداء محطات التحلية، وضبط المخالفين، وضمان توفير مياه آمنة وصالحة للاستخدام الآدمي وبأسعار مناسبة. يذكر ان مدينة تعز، تعاني منذ سنوات من أزمة مياه خانقة، دفعت بالسكان إلى الاعتماد على محطات التحلية الخاصة كمصدر رئيسي للحصول على المياه، في ظل تعطل شبكة المياه الحكومية وتدهور البنية التحتية، مما يجعل هذا الملف من أولويات المطالب الشعبية في المدينة.


اليمن الآن
منذ 2 أيام
- اليمن الآن
"ماء مغشوش" يهدد حياة سكان تعز.. واتهامات لمحطات تحلية ببيع مياه غير معالجة بأسعار خيالية
كشفت شكاوى متزايدة من سكان مدينة تعز عن عمليات بيع واسعة لما وصفوه بـ"الماء المغشوش" من قبل عدد من محطات التحلية الخاصة، في ظل غياب الرقابة الرسمية وارتفاع كبير في أسعار المياه، ما يشكل خطرًا مباشرًا على صحة المواطنين ويزيد من معاناتهم اليومية. وقال مواطنون في تصريحات متفرقة إن بعض محطات التحلية تبيع المياه إلى البقالات والمستهلكين مباشرة دون إجراء أي عمليات تنقية أو تحلية، مستغلّة شحّ المياه في المدينة، وموضحين أن هذه المياه تُستخرج من آبار محلية دون معالجة صحية، ومع ذلك تباع بسعر يصل إلى 1000 ريال لكل 20 لتراً. وأضاف أحد السكان: "طعم الماء مريب، وسعره لا يُطاق، ورغم ذلك لا نجد بديلاً. المحطات تبيع ماءً خامًا وكأنها تقدم خدمة، بينما هي في الحقيقة تتاجر بصحة الناس". وأشار المواطنون إلى أن هذه الممارسات تجري في وضح النهار، وبعلم الجهات المعنية، دون أي تدخل لضبط المخالفين أو حماية المواطنين من هذا العبث المستمر بأبسط حقوقهم. وطالبوا مؤسسة المياه ومكتب الصحة ومكتب الصناعة والتجارة بسرعة التدخل لمراقبة محطات التحلية، والتأكد من التزامها بالمعايير الصحية، وضبط كل من يثبت تورطه في بيع مياه غير صالحة للاستهلاك البشري. وتعاني تعز منذ سنوات من أزمة مياه حادة، دفعت بالسكان للاعتماد الكامل على محطات التحلية الخاصة، في ظل تعطل شبكة المياه الرسمية وتدهور البنية التحتية، ما يجعل ملف المياه أحد أبرز الملفات الساخنة في المدينة، ويتطلب معالجة عاجلة وجذرية.