
الاحتلال يكثف اقتحاماته بالضفة وأمن السلطة يعتقل مقاومين
فقد ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفا" أن قوات الاحتلال اقتحمت عدة مناطق في محافظة نابلس شمالي الضفة، من بينها مدخل بلدة بيتا، حيث اعتدى الجنود بالضرب على أحد المواطنين.
وأشارت إلى اقتحام جيش الاحتلال لقرية برقة شمال غرب المدينة، وإطلاق الرصاص الحي مما أدى إلى اندلاع مواجهات مع مقاومين.
وأضافت أن الجيش اقتحم أيضا قرية تِل جنوب غرب نابلس ونصب حاجزا عسكريا عند مدخلها وفتش المركبات ودقق في هويات المواطنين.
وطالت الاقتحامات أيضا بلدتي سالم ودير الحطب جنوب وجنوب شرق نابلس، حيث داهمت القوات منازل المواطنين ونفذت عمليات تفتيش واسعة.
وذكرت مصادر فلسطينية أن قوات إسرائيلية نفذت -فجر اليوم الثلاثاء- عمليات دهم للمنازل إثر اقتحامها حي الجنيد في نابلس.
شمالي الضفة
وفي شمالي الضفة، اقتحمت قوات الاحتلال بلدة رامين شرق مدينة طولكرم واحتجزت مواطنين ومركبات، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية.
وذكرت الوكالة أن قوات الاحتلال أوقفت عددا من المواطنين، وشرعت بتفتيشهم والتدقيق في بطاقاتهم الشخصية، في حين رافق ذلك تضييق وتنكيل بحق السكان، وإعاقة واضحة لحركتهم اليومية.
وقالت مصادر فلسطينية إن قوات الاحتلال نفذت فجر اليوم أيضا حملة اعتقالات في قرية إماتين شرق قلقيلية بشمال الضفة.
وأفادت مصادر للجزيرة أن قوات الاحتلال اقتحمت مدينة طوباس شمال الضفة، في حين ذكرت وسائل إعلام فلسطينية أن قوة خاصة من جيش الاحتلال اقتحمت بلدة طمون جنوب طوباس، مشيرة إلى رصد تعزيزات عسكرية تتجه نحو البلدة.
جنوبي الضفة
وفي جنوبي الضفة، قالت مصادر للجزيرة إن قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحمت في وقت مبكر اليوم الثلاثاء مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية.
كما قال تلفزيون فلسطين (حكومي) إن مواجهات اندلعت مع قوات الاحتلال في بلدة تقوع شرق مدينة بيت لحم.
أمن السلطة يعتقل مقاومين
وبالتوازي مع الاقتحامات العسكرية، شن مستوطنون إسرائيليون هجمات جديدة على قرى فلسطينية، حيث هاجموا فجر اليوم قرية برقا شرق مدينة البيرة، بعد ساعات من اعتداء مماثل على بلدة بيتين شمال رام الله.
وفي تطور آخر، ذكرت وسائل إعلام فلسطينية أن جهاز الأمن الوقائي التابع للسلطة الفلسطينية اعتقل مقاومين في مدينة نابلس، وصادر عشرات العبوات الناسفة المعدة للتصدي لقوات الاحتلال.
وبالتوازي مع حرب الإبادة في غزة، صعد الجيش الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، مما أدى إلى استشهاد 1000 فلسطيني على الأقل، وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، وفق معطيات فلسطينية.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر من محكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة، بدعم أميركي، أكثر من 200 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 9 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
أيمن عودة أحد أبرز الوجوه السياسية لفلسطينيي 48
محام وسياسي فلسطيني من أبناء الداخل المحتل (فلسطينيي 48). يشغل عضوية الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) ويرأس تحالف "الجبهة العربية للتغيير". اشتهر بمواقفه المنددة بسياسات الاحتلال الإسرائيلي ، ولا سيما أثناء حرب الإبادة التي شنها ضد قطاع غزة بعد عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. وقد جعلته مواقفه هذه عرضة لحملة انتقادات واسعة من قِبل أوساط إسرائيلية، ومحاولات متكررة لعزله من الكنيست. المولد والنشأة ولد أيمن عادل عودة في الأول من يناير/كانون الثاني 1975 في حي الكبابير (شمال مدينة حيفا) في فلسطين المحتلة، لأسرة فلسطينية مسلمة. وكان والده عامل بناء ووالدته ربة منزل. وهو يتقن 4 لغات ويتحدثها بطلاقة: العربية والعبرية والإنجليزية والرومانية. وعام 2005، تزوج من الطبيبة والناشطة السياسية نردين عاصلة، وله منها 3 أبناء. الدراسة والتكوين أنهى عودة تعليمه الأساسي في مدرسة مسيحية بمدينة حيفا، وأصبح أثناء المرحلة الثانوية ناشطا بارزا، وانتُخب رئيسا لمجلس طلبة المدرسة، مما جعله عرضة لملاحقات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) بسبب نشاطه السياسي المبكر. والتحق فيما بعد بجامعة "ميهاي إمينسكو" في رومانيا، ونال درجة البكالوريوس في القانون عام 1997، وشارك أثناء سنوات دراسته في مسيرات تضامنية مع الشعب الفلسطيني ومناهضة للاحتلال الإسرائيلي. وعقب عودته إلى إسرائيل، بدأ عودة ممارسة مهنة المحاماة، وحصل عام 2001 على رخصة رسمية لمزاولة القانون. التجربة السياسية شغل عودة بين عامي 1998 و2003 عضوية المجلس البلدي بمدينة حيفا ممثلا عن كتلة الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، التي يُعد الحزب الشيوعي الإسرائيلي عمودها الفقري. وفي تلك الفترة برز مدافعا صلبا عن حقوق المواطنين العرب (الفلسطينيين) والطبقات المهمشة. وأسس عودة أثناء توليه عضوية المجلس حركة شبابية تابعة للجبهة (حداش) ونشط في تعزيز الهوية الوطنية والثقافية لفلسطينيي الداخل المحتل. واعتقلته الشرطة الإسرائيلية مرات عدة بسبب نشاطه السياسي، وواجه مضايقات متكررة من قبل نشطاء إسرائيليين. ومن أبرز مبادراته في تلك المرحلة، إطلاق أسماء عربية على شوارع عدد من القرى والمدن الفلسطينية داخل الخط الأخضر ، إلى جانب دعوته لإنشاء صندوق قومي للفلسطينيين في إسرائيل، على غرار " الصندوق القومي اليهودي". وفي الفترة بين 2003 و2006، تولى إدارة المشاريع في جمعية "سيكوي" المعنية بتعزيز المساواة بين الفلسطينيين واليهود داخل إسرائيل، كما شغل عضوية الهيئة الإدارية لمتحف محمود درويش وتراثه. وعام 2006، انتُخب أمينا عاما للجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، ثم تولى عام 2010 رئاسة لجنة مناهضة الخدمة المدنية المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا لفلسطينيي الداخل. وخاض عودة أولى محاولاته للترشح إلى الكنيست بانتخابات عام 2009، لكنه جاء في المرتبة 75 على قائمة الحزب، ثم حلّ سادسا بانتخابات 2013 دون أن ينجح في دخول الكنيست. وشهد عام 2015 نقطة تحول في مسيرته، إذ انتُخب رئيسا للجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، وقاد لاحقا "القائمة العربية المشتركة" بانتخابات الكنيست الـ20، وفاز بمقعد برلماني. واستمر في رئاسة القائمة حتى عام 2022، وأصبح أحد أبرز الوجوه السياسية لفلسطينيي الداخل. مواقف سياسية بارزة اشتهر عودة بجرأته في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، لا سيما أبناء الداخل الفلسطيني (فلسطينيي 48) وتبنّى مواقف حاسمة في مواجهة سياسات التمييز، ورفض بشكل قاطع تجنيد الفلسطينيين في الجيش الإسرائيلي أو إدماجهم فيما يُعرف بـ"الخدمة المدنية البديلة". وبموازاة ذلك، كان من الداعين إلى تعزيز الشراكة السياسية والاجتماعية بين الفلسطينيين واليهود الديمقراطيين، في إطار رؤية تستند إلى العدالة والمساواة. كما طالب بإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة. وعام 2009، انتقل للإقامة في منطقة النقب المحتل مدة شهر كامل، تضامنا مع سكانها في وجه سياسات التهجير والاقتلاع التي تمارسها السلطات الإسرائيلية. وأثناء تلك الفترة زار جميع القرى "غير المعترف بها" وعلى رأسها قرية العراقيب، وكان حضوره الميداني في هذه القرى سببا في اعتقاله مرارا، على خلفية مشاركته في التصدي لعمليات الهدم. وعام 2023، عارض عودة حرب الإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل ضد قطاع غزة بعد عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023. هجوم إسرائيلي منذ دخوله الكنيست عام 2015، واجه عودة حملة تحريض وتهجم متواصلة من قبل عدد من السياسيين الإسرائيليين، وكان أبرزهم زعيم حزب " إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان. وفي مارس/آذار من العام نفسه، هاجمه ليبرمان علنا بقوله "أنت مواطن فلسطيني، وغير مرحّب بك في إسرائيل" ليردّ عليه عودة بعبارة لاقت صدى واسعا "أنا جزء من الطبيعة، من البيئة، من المناظر الطبيعية، وُلدت هنا، بينما أنت جئت مهاجرا من الاتحاد السوفياتي". وفي 11 فبراير/شباط 2016، اعتقلت الشرطة الإسرائيلية ناشطا يمينيا متطرفا بعد أن وجّه تهديدات بالقتل لعودة، على خلفية مواقفه السياسية المؤيدة للقضية الفلسطينية التي عبّر عنها عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وفي 18 يناير/كانون الثاني 2017، أصيب عودة بجروح طفيفة أثناء اقتحام الشرطة الإسرائيلية قرية أم الحيران في النقب المحتل. وفي 20 مايو/أيار 2018، عاد ليبرمان لمهاجمته مجددا بعد مشاركته في مظاهرة تضامنية مع غزة. وفي السياق نفسه، قدّمت الشرطة الإسرائيلية شكوى رسمية ضد عودة على خلفية زيارة أجراها إلى جعفر فرح مدير مركز "مساواة" في مستشفى "بني تسيون" بمدينة حيفا. وزعمت الشرطة أن عودة رفض الانصياع لتعليمات عناصرها وشتمهم، وأظهره مقطع فيديو يصف أحدهم بـ"عديم القيمة". ومن جهتها، أكدت القائمة المشتركة أن أفراد الشرطة تجاهلوا الحصانة البرلمانية التي يتمتع بها عودة، وتصرفوا معه بـ"فظاظة". وفي 19 يوليو/تموز 2025، تعرّض عودة لهجوم مباشر أثناء وجوده داخل سيارته حينما أقدمت مجموعة من المستوطنين على مهاجمة مركبته بالعصي والحجارة. وعقب الحادث، كتب عودة على مواقع التواصل "الشرطة تواطأت كليا مع الفاشيين الذين لاحقوني، ولم تحرّك ساكنا لحمايتي". محاولات عزله من الكنيست في 31 مايو/أيار 2025، شارك النائب عودة في مظاهرة حاشدة بمدينة حيفا نظمها ائتلاف "شراكة السلام" احتجاجا على حرب الإبادة في قطاع غزة. وأثناء كلمته أمام الحشود، صرّح بأن "غزة ستنتصر" مما أثار موجة هجوم إسرائيلية واسعة. وبعد 5 أيام فقط، بادر عضو الكنيست عن حزب " الليكود" أفيخاي بؤرون بتقديم عريضة تطالب بعزل عودة من الكنيست، وقد حملت توقيع 70 نائبا. واستندت العريضة إلى قانون يسمح بعزل أعضاء الكنيست في حال ارتكابهم "تحريضا على العنصرية" أو "دعما لمعارضة مسلحة ضد دولة إسرائيل" مشيرة أيضا إلى منشور لعودة على مواقع التواصل في يناير/كانون الثاني 2025 أدان فيه الاحتلال. وفي تعقيبه على الحملة، أكد عودة أن تصريحاته "تمثل الضمير الإنساني العميق" مشددا على أنه يحظى بتأييد "الغالبية الساحقة من شعوب العالم". وفي 24 يونيو/حزيران 2025، افتتحت مداولات لجنة خاصة شكّلت للنظر في إقصاء عودة من الكنيست. وأثناء الجلسة، شنّ النائب أوفير كاتس من حزب الليكود هجوما حادا عليه، واصفا إياه بأنه "الجبهة الثامنة لدولة إسرائيل" وقال "بينما يقاتل الجنود على 7 جبهات، علينا تطهير الجبهة الثامنة". وفي السياق ذاته، أعاد ليبرمان هجومه على عودة، قائلا إن مكانه ليس في الكنيست بل "في برلمان حماس أو مع الحوثيين". وفي المقابل، حظي عودة بدعم دولي ومحلي لافت. ففي 13 يونيو/حزيران 2025، كتب عضو الكونغرس الأميركي بيرني ساندرز عبر منصة إكس "أنا وزملائي ندين بشدة الجهود الرامية لطرد أيمن عودة من الكنيست، وهي خطوة تستهدف دعواته الشجاعة لوقف فوري لإطلاق النار في غزة". وقد ردّ عودة في اليوم التالي "شكرا لك، صديقي العزيز بيرني، على قيمنا المشتركة". كما وقّع أكثر من 150 أكاديميا من كليات الحقوق والعلوم السياسية بالجامعات والكليات الإسرائيلية عريضة موجهة لرؤساء المعارضة، ترفض محاولات عزله. وبالتوازي، نُظمت مظاهرة حاشدة أمام الكنيست، دعما لعودته ورفضا لما اعتُبر تكميما للأصوات السياسية المناهضة للحرب. وفي 30 يونيو/حزيران، تمكّن داعمو قانون العزل من تمرير مسودته باللجنة المختصة، وأُقرّ بأغلبية 14 صوتا مقابل صوتين عربيين معارضين. وقد أيدته كتل برلمانية بارزة منها "يوجد مستقبل"، و"معسكر الدولة"، و"إسرائيل بيتنا". غير أن القانون أخفق في الوصول إلى النصاب القانوني داخل الجلسة العامة للكنيست بعد أسبوعين، ولم يتمكن المبادرون من حشد الأصوات التسعين المطلوبة من أصل 120 عضوًا، مما أفشل مساعي عزل عودة. وعقب هذا الإخفاق، أصدر عودة بيانا قال فيه "بفخر كبير، يمكنني أن أقول: الفاشيون فشلوا. لقد فشلوا لسبب واحد: أنتم، الشعب. حاولوا إسكاتنا، لكن أصواتنا كانت أعلى". إعلان وأضاف "لا خيار أمامنا سوى الثبات على مواقفنا. هكذا فقط نحمي حقّا انتزعه شعبنا بنضال طويل: توسيع مساحة حرية التعبير. مواقفنا وطنية وإنسانية، أما مواقفهم فعنصرية وفاشية". وفي المقابل، واصل معسكر اليمين التحريض على عودة، فقد غرّد وزير التراث عميحاي إلياهو قائلا "حتى لو لم ننجح اليوم في إزاحة الإرهابي الذي يرتدي بدلة، فإننا لا نزال نتقدم نحو النصر". المؤلفات أصدر عودة عام 2011 كتابا بعنوان "الجبهة الآن بالذات" ووجّهه إلى فئة الشباب، وسبق له عام 2006 -أثناء فترة عضويته في بلدية حيفا- أن ألّف كتيبين توعويين: الأول بعنوان "حقوقك البلدية" والثاني "جواب عن كل سؤال في ضرائب البلدية ورخص البناء". الجوائز والأوسمة اختارته مجلة "فورين بوليسي" الأميركية ضمن قائمة أفضل 100 مفكر عالمي رائد لعام 2015. أدرجته صحيفة "ذا ماركر" الاقتصادية الإسرائيلية ضمن قائمة أفضل 100 شخصية مؤثر لعامي 2016 و2017. وعام 2019، صنفته مجلة "تايم" الأميركية ضمن قائمة 100 شخصية واعدة في العالم.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
هل وعود أوروبا المفاجئة بالاعتراف بفلسطين حقيقية؟
عقب اختتام مؤتمر حل الدولتين في نيويورك وإعلان وزير الخارجية الفرنسي عن نداء دولي للاعتراف بدولة فلسطين، تنامى الحديث عن أهمية هذه الاعترافات السابقة والقادمة؛ المتوقعة منها أو المحتملة. خصوصا أن هذا الحديث جاء متزامنا مع جهد فرنسي لخلق حشد على مستوى دولي دافع باتجاه تغيير الواقع القائم في فلسطين، أي أنه أقرب إلى اجتراح مسار بديل للتعامل مع القضية الفلسطينية عن مسار الإدارة الأميركية الحالية. ورغم أهمية التحرك الدولي عموما من أجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وما يمثله من تحدٍّ لمحاولات طمس القضية الفلسطينية برمتها على يد الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، فإنه تحرك محدود التأثير على أرض الواقع نتاجا لأوجه قصور عدة: عقلية الوصاية في كل مرة يتم فيها الحديث عن ضرورة قيام الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو/ حزيران 1967، لا تتردد الدول المقدمة لمثل هذا الحديث أن ترفقه مع جدول أعمال على الفلسطينيين إتمامه، من إصلاحات أمنية وإدارية ومالية. يمكن الرجوع مثلا إلى خطة خريطة الطريق خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وتتبع الشروط الواجب الالتزام بها فلسطينيا قبل استحقاق الدولة وفقا للخطة التي كان يتوجب أن تنتهي بدولة فلسطينية 2005. التزمت السلطة حينها بما عليها ولم تفِ إسرائيل بشيء من الالتزامات. ها نحن على بعد عقدين من تلك المحاولة، نجد أطرافا عدة في المجتمع الدولي تلجأ إلى ذات المسار لتقول: إن على الفلسطيني أن يقوم أولا بإصلاحات عدة وبإشراف خارجي تشمل الأمن والمال والسياسة والإدارة والثقافة. وهي في الواقع جملة من الخطوات الساعية لخلق بيئة فلسطينية غير مناوئة للاحتلال بأي صورة من الصور، وهي إعادة إنتاج لسياسات الوصاية القائمة على استعلاء مكشوف لا يتعامل مع الدولة الفلسطينية على أنها جزء من حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، كحق غير مشروط، بل كهدف محتمل. إن أي طرح يطالب الفلسطيني بأن يتخلى عن كل أدوات نضاله ويتخلص منها، أيا كان شكل هذا النضال، ويدفعه باتجاه إعادة بناء المجتمع الفلسطيني كمجتمع تابع ومرهق اقتصاديا، ومنفصل عن تاريخه ثقافيا وسياسيا، ومتكيف مع كل ما تقوم به إسرائيل، وتحت عنوان فضفاض جدا كالإصلاح، يعني إفقاد الفلسطيني القدرة على العمل من أجل حقوقه، إذ لا يُتوقع من إسرائيل أن تلتزم بحل الدولتين وفقا لما تعلن وتعمل، ووفقا لفقدان الحراك الدولي أدوات الضغط على الإسرائيلي. التوظيف التكتيكي من أوجه القصور الأخرى في هذا السعي أنه يوظف تكتيكيا من قبل بعض الداعين له كأداة ضغط على إسرائيل في سياق الحرب على قطاع غزة، كإعلان بريطانيا مثلا وعلى لسان رئيس وزرائها كير ستارمر أن لندن ستعترف بدولة فلسطين إذا لم توقف إسرائيل حربها على قطاع غزة، ولم توقف الضم في الضفة، ولم تلتزم بمسار سياسي لحل الدولتين، ومثل هذا الإعلان فيه معضلتان: الأولى: أخلاقية تتمثل في التعامل مع الاعتراف بالدولة الفلسطينية كمسألة قابلة للمساومة مع الإسرائيليين، والأصل أن هذه مسألة ليست محل مساومة ولا أداة توظف آنيا لتعديل سلوك إسرائيل. وفي الوقت الذي قد يبدو فيه الأمر إسنادا لمطلب الفلسطينيين بإنهاء الحرب ظاهريا؛ يبدو في الجوهر أن إسرائيل قد نجحت في خفض سقف أطراف وازنة على المستوى الدولي، من مستوى العمل من أجل دولة فلسطينية بغض النظر عن السلوك الإسرائيلي، إلى مستوى استحضار فكرة الدولة لتوظيفها في محاولة تثبيط الاعتداءات الإسرائيلية دون جدوى. الثانية: سياساتية تتمثل في توهم إمكانية الضغط على إسرائيل بهذه الطريقة، وتجاهل الأدوات الدبلوماسية التقليدية في الاحتجاج والضغط، بالإضافة إلى صنوف الضغط الأخرى على مستوى مراجعة التعاون الاقتصادي والأمني والعسكري. ففي ظل حفاظ بعض الدول على مستوى التمثيل الدبلوماسي مع إسرائيل، وكذلك أوجه التعاون الأخرى، يبدو التلويح بالاعتراف بدولة فلسطينية محاولة متواضعة للتخلص من العبء الأخلاقي الملقى على كاهل تلك الدول التي تحالفت مع إسرائيل على مدار عقود وما زالت. تجاهل غير مبرر التحرك الدولي من أجل الاعتراف بدولة فلسطين لا يمكن أن يوضع في سلة واحدة، فهناك دول اعترفت مسبقا، وأخرى أعلنت نيتها الاعتراف دون شرط، فيما دول أخرى رهنت الاعتراف بتقييم مستقبلي تبعا لمتطلبات توقعاتها من الطرفين وأكثرها متوقعة من الفلسطيني، فيما دول تحاول استخدامه أداة ضغط على الاحتلال. والتحرك الذي يستوجب القراءة النقدية ذاك الذي تبادر به بعض الدول الغربية حاليا- كفرنسا، وبريطانيا- لوزنها في السياسة الدولية أولا، ولعلاقاتها مع إسرائيل ثانيا، ولامتلاكها أدوات إحالة الاعتراف من خطوة سياسية إلى وقائع جديدة على الأرض. فبالإضافة إلى الإشكاليات سابقة الذكر؛ هناك تعامل متراخٍ جدا مع السلوك الإسرائيلي السياسي والميداني، فالتلويح بالاعتراف مستقبلا بدولة فلسطين، واعتباره خطوة كافية لوقف مخططات إسرائيل لتقويض أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية، يتعامى عن حقيقة لخصها وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، إذ قال في معرض تعليقه على الدعوة الجماعية للاعتراف بدولة فلسطين: "من المهم ألا يكون هناك شيء يعترفون به حين يحين الوقت". سياسيا؛ لم يعد من المقبول اختزال العقبات الإسرائيلية أمام حل الدولتين في شخصين هما بن غفير وسموتريتش. هناك استسهال غربي لفكرة إعفاء إسرائيل الدولة من المسؤولية عن التطرف وانتهاك حقوق الفلسطينيين وإلصاق ذلك بشخصين فقط. وهو أمر بالمناسبة مارسته الإدارة الأميركية الديمقراطية السابقة، حين فرضت عقوبات على بعض الجماعات الاستيطانية، دون أن تحمل إسرائيل وزر الاستيطان برمته. أغلبية أعضاء الكنيست كانوا قد صوتوا ضد إقامة دولة فلسطينية خلال يوليو/ تموز 2024، بمن فيهم أعضاء من خارج الائتلاف، وذلك لاحقا لتصويت الكنيست في فبراير/ شباط من ذات العام بأغلبية ساحقة وصلت إلى 99 عضوا؛ دعما للحكومة في رفضها خطوات الاعتراف أحادي الجانب بدولة فلسطين، وقبل أسبوعين تقريبا، أي في يوليو/ تموز 2025 صوت 71 عضوا في الكنيست لصالح ضم الضفة الغربية. أي أن هذا السعي الدولي المتنامي للاعتراف بدولة فلسطين، يجب ألا يكتفي بالدعوة إلى حل الدولتين، وهي دعوة تتحرك في المساحات الآمنة، ولا تشير إلى العقبة الأساسية المتمثلة في عدم وجود طرف إسرائيلي ذي ثقل حقيقي مستعد لحل الدولتين، وتتجاهل أن أكبر حركتين فلسطينيتين من الناحية الجماهيرية ليست لديهما مشكلة مع هذا الحل. فحركة فتح تصر عليه منذ أوسلو 1993، وحركة حماس قد أبدت في وثيقتها السياسية الجديدة 2017 وفي البند رقم 20 اعتبارها إقامة دولة على حدود الرابع من يونيو/ حزيران كاملة السيادة وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين، صيغة توافقية مشتركة. القفز عن هذه الحقائق السياسية، نحو طلب خطوات "إصلاحية" في الجانب الإداري والأمني والمالي من السلطة الفلسطينية، هو هروب من المواجهة الحقيقية مع إسرائيل بتركيبتها السياسية الحالية، وهي حقائق لا تتمثل في التصويت داخل الكنيست فحسب، وإنما في تصريحات عديدة يتعذر سردها لكثرتها والصادرة عن شخصيات رسمية وغير رسمية إسرائيلية، تدعو إلى مزيد من الاستيطان في الضفة، والتهويد الكامل للقدس، وإعادة الاستيطان في القطاع وتهجير الفلسطينيين. بالتزامن مع هذا السلوك السياسي الإسرائيلي الرافض تداول فكرة الدولة الفلسطينية والداعي لتقويض كل مقوماتها، تقوم إسرائيل عمليا بمحاربة الوجود الفلسطيني بسبل شتى، أكثرها وضوحا وبطشا، حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة، والتي تهدف إلى تهجير الفلسطينيين والاستيطان في القطاع. وما التعنت الإسرائيلي الحالي في الملف التفاوضي إلا شراء لمزيد من الوقت كي لا يترك لأهل غزة أي عامل للصمود، لتصبح الدعوات الدبلوماسية والمؤتمرات والخطابات بشأن الدولة الفلسطينية سلوكا متواضعا جدا أمام تجريف الدولة وفكرتها على يد الاحتلال. سابقا لحرب الإبادة في القطاع وبالتوازي معها؛ كانت إسرائيل تبني المزيد من المستوطنات، وتهود العديد من الأماكن في القدس، والخليل، ونابلس، وتشق الطرق الخاصة بالمستوطنين. بيد أنها في الآونة الأخيرة بدأت بخطوات أكثر اتساعا وتسارعا نحو إعدام مقومات الدولة، بمشاريع استيطانية ضخمة تم الإعلان عنها خلال مايو/ أيار 2025، وتشمل بناء 22 مستوطنة جديدة في جنين، والقدس، ورام الله، ونابلس، والخليل، وسلفيت، وهو مد استيطاني سيغير ملامح الضفة الغربية. يترافق مع هذا التمدد الاستيطاني، اعتداءات المستوطنين أفرادا وجماعات، وبحماية الجيش الإسرائيلي، مضافا إليها تقييد حركة الفلسطينيين، ومنع حركة العمران والزراعة في مناطق (ج)، وتمدد التقييدات إلى مناطق (ب)، وتقليص صلاحيات السلطة الفلسطينية، وإرهاق المجتمع الفلسطيني ماليا، وهذا كله يتماشى مع مخططات إسرائيل الحالية، ليس فقط لإعدام حل الدولتين، بل لتقليص الوجود الفلسطيني على أضيق بقعة جغرافية ممكنة. تأسيسا على ما سبق؛ فإن استمرار التحرك الدولي من أجل الدولة الفلسطينية أمر مهم، بيد أن استمراره بذات الأدوات غير الفعالة، وبذات المنطق الذي يوظف الاعتراف تكتيكيا، ومن ذات الزاوية للنظر بما لا يتفاعل بشكل حاسم مع خطاب وفعل إسرائيل، فإن الأخيرة ماضية في مسعاها، ومستعدة لتحمل هذا الإزعاج على المستوى الدولي. فحين تكون دولة مثل فرنسا تقود جهود الاعتراف بدولة فلسطين، فيما تمد إسرائيل بأسباب القوة، من سلاح وذخائر ومعدات وبشكل منتظم منذ بداية الحرب وفقا لتقرير عشر منظمات حقوقية صدر في يونيو/حزيران 2025، فإنه يمكن لإسرائيل أن تبتلع هذه الجهود.


الجزيرة
منذ 4 ساعات
- الجزيرة
حماس تدين إبعاد مفتي القدس وتدعو للتحرك لحماية الأقصى
قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن إبعاد مفتي القدس الشيخ محمد حسين عن المسجد الأقصى يمثل إجراء تعسفيا من الاحتلال، لفرض السيطرة على المسجد الأقصى. واتهمت الاحتلال باستهداف أئمة وخطباء المسجد الأقصى بالاعتقال والإبعاد. ودعت العرب والمسلمين للتحرك العاجل لحماية الأقصى والمقدسات من التهويد، مؤكدة أن الأقصى يتعرض لحملة تهويد مسعورة من حكومة الاحتلال والمستوطنين. وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قد سلمت -اليوم الأربعاء- مفتي القدس الشيخ محمد حسين قرار إبعاد عن الأقصى لمدة 6 أشهر. وقالت محافظة القدس -في منشور لها على فيسبوك – إن قائد منطقة القدس بشرطة الاحتلال أمير أرزاني أصدر قرارا نهائيا بإبعاد المفتي عن المسجد الأقصى فور انتهاء مدة إبعاده التي استمرت 8 أيام. وفي تعليق له على القرار، قال مفتي القدس الشيخ محمد حسين إن قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي بإبعاده 6 أشهر عن المسجد الأقصى غير مبرر، ولا يستند إلى أي مبررات قانونية. وأفاد حسين -في حديثه للجزيرة نت- بأن القرار الإسرائيلي جاء على خلفية خطبة ألقاها في المسجد الأقصى ، حيث اتهمته شرطة الاحتلال بتشكيل خطر على جمهور المسجد الشريف. وأوضح أنه رفض التوقيع على وثيقة تُحمّله مسؤولية التحريض أو الخطر، مشيرا إلى أنه يعمل في المسجد الأقصى منذ أكثر من 55 عاما، منها 43 عاما خطيبا، وآخرها مديرا للمسجد المبارك. وكانت قوات الاحتلال اعتقلت الشيخ محمد حسين في 25 يوليو/تموز الماضي من داخل المسجد الأقصى، عقب إلقائه خطبة جمعة استنكر فيها سياسة التجويع التي تنتهجها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. وتواصل شرطة الاحتلال استهداف أئمة وخطباء المسجد الأقصى بالاعتقال والإبعاد، حيث اعتقلت يوم الجمعة الماضي قاضي قضاة القدس الشيخ إياد العباسي أثناء خروجه من المسجد، عقب إلقائه درسا تحدث فيه عن التجويع والإبادة في غزة.