
مجلس حسيني ـــ الامام الجواد ودوره في الامامة
بَغدادُ تبكي و(المدينةُ) تنحَبُ *** فظُلامةُ السِـبطِ التقيِّ تَـغَـرُّبُ
نزلَ المُصابُ بآلِ بيتِ محمدٍ *** فَجوادُ طـه ظامئٌ ومُـعذَّبُ
من غَيلَةِ السُـمِّ الزُّعافِ وجَمرِهِ *** يغلي حميمـاً والحَشا يتلَّهبُ
فاضَتْ بــهِ رُوحُ الإمامِ وعُينُهُ *** تَرنُو الى ربٍّ جلـيلٍ يرقُبُ
صلَّى على السبطِ الشهيدِ وَريثُـهُ ** هادي الخَلِـيقةِ والامامُ الطـيِّبُ
يومَ الشُّجونِ بجنبِ دجلةَ مأتمٌ ***يَنعى الجـوادَ وعالِـماً يُستطلَبُ
هو كاظمٌ للغيظِ شأنَ جُدُودهِ *** من آلِ بيتٍ طاهرٍ لا يُحجَبُ
ـــ يمحمد ابهذا الموت تنشال ///وايد السمتك ياريت تنشال //
هاي اجروحنه الهيهات تنشال///لمن مايظهر المهدي الشفيه
ـــ الزهره اليوم حزنانه شجاها! /// وبفكد الابن زايد شجاها
كالوا جبدته بالسم شجاها /// ويموت الجواَد ابهل مسيه
الخلافة العباسية والإمام الجواد (ع) يمثلان حقبة تاريخية سيئة في تاريخ الإسلام ،لان الخلفاء العباسيين لم يكونوا بمستوى الخلافة والحكم , وخير دليل, ان هذا البيت العباسي بيت مغمور , راجع التاريخ بأنصاف وتصفح حياة المشاهير من العباسين , فهم مغمورين ليس فيهم شخص واحد له سابقة في الاسلام رغم ان العباس جدهم الاكبر عاصر فترة نزول الوحي ولكنه كان يهتم بالتجارة اكثر من الايمان بالله والاخرة .كما ان تاريخ اجداد بني العباس القابهم تبين انهم سيئون بكل معنى الكلمة مثلا ابو العباس السفاح , حكم فترة قصيرة نسبياً، حوالي خمس سنوات، ترك خلالها بصمة في التاريخ الإسلامي. ان لقب"السفاح" بسبب حبه للقتل والدم فكان يستخدم إجراءات قاسية ضد خصومه السياسيين يعتبرهم أعداء الدولة العباسية، بعد ان ملآ الارض بالدماء توفي بعد سنتين من وصوله للحكم , توفي في سنة 136 هـ / 754 م، ودفن في مدينة الأنبار في العراق. مات بسبب الجدري. كان عمره حوالي 32 عامًا.
.اما الثاني هو ابو جعفر المنصور ويسمى { الدوانيقي} معنى الدوانيقي هو الذي يبخل بالدرهم ويكون كثير التدقيق والتحقيق في عطاءه ولا كرم في حياته. ولكن اطلقت عليه القاب كثيرة لا يستحقها ليس الا لتلميع صورته في التاريخ . والسبب لان ابو جعفر المنصور هو من اسس المذاهب الاسلامية السنية. والا في زمن الراشدين والسلطة الاموية لم يكن هناك مذهب غير اهل البيت{ع} وكانوا قبل ان يسمونهم { جعفرية} كانوا يطلقون عليهم اسم {شيعة علي} ..
كيف تأسست المذاهب الاسلامية السنية.؟ الحوادث الكبرى الشرعية والسياسية التي طرأت على الأمّة قبل تدوين تاريخها ، ابتداءً من السقيفة وإلى نهاية القرن الثاني من الهجرة كان لها أكبر الأثر في رسم صورة الإسلام المذهبي ، وهو الذي أشار أليه رسول الله {ص} " تنقسم أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة كلهم في النار إلا فرقة واحدة " وطبيعي كل فرقة تدعّي إنها الفرقة الناجية ، وتأكيد النبي {ص} على الفرق إنهم في النار دليل على إنهم منحرفون بعيدون عن التشريع الحق .
التاريخ يذكر إن السبب كان له مقدمات بدأت من بيعة الغدير حين تم تأسيس حزب قريش الذي قرر أبعاد أهل البيت{ع} عن الحياة السياسية والشرعية ... ثم جاءت الممارسات التنفيذية في العهدين الأموي والعباسي بتوجيه حوادث التاريخ الإسلامي بما يخدم سياستها ويعزّز وجودها .... المرحلة الأولى.: ابتدأت ممارسات التنفيذ أولا بعقوبات جماعية لأتباع آل البيت{ع} وإقصائهم عن الحياة السياسية والشرعية ،
والثانية اخطر من الأولى , لان الناس صاروا يرون جهات شرعية غير أهل البيت يفتون بكتاب الله وسنة نبيه {ص} هذا في زمن الراشدين " كمثال على ذلك " حين كتب أمير المؤمنين القران أثناء جلوسه في بيته ، يقول: اليت أن لا اخرج من داري حتى اكتب كتاب الله تعالى" فحملته إليهم ولكنهم رفضوه ..!!! قالوا: لسنا بحاجة لكتابك..!! ثم جاءت المرحلة التركيزية في الإقصاء حين تم توظيف(كعب الأحبار) في منصب مفتي الدولة الإسلامية وهو رجل يهودي اسلم في زمن عمر بن الخطاب ثم عينًّهُ عمر في منصب الإفتاء.!! في وقت كان علي بن أبي طالب مدينة علم رسول الله{ص} يشتغل فلاحا.. وهذه الخسارة العلمية أثرت كثيرا على مستوى الفكر الإسلامي العام
ثم غمدت الخلافة الراشدية لجم الأفواه عن قول الحق ومنعت كتابة الحديث نقل لنا التاريخ حديثا عن عبد الله بن عمر انه أوصل ذلك الأمر إلى النبي {ص} عن منع كتابة الحديث في حياته{ص}، فقال : اكتبوا والله لا يخرج من هنا إلا الحق وأشار لفمه... إذن كيف كان الأمر بعد وفاته..؟
ثم حاولت السلطة الراشدية أيجاد بدائل لتفسير القران وجمعه وسخّرت جملة ممّن يوالون ذلك الخط أن يضعوا لهم تفسيراً يتلاءم مع رغبة الخليفة وتبريراً يستر فضائحهم علي حساب المفاهيم الإسلامية سواء كان ذلك على مستوى رواية الحديث في تمجيد من يشاء الحاكم أو ذمّ من يريد، فأطلقوا تسميات على شخصيات إجرامية وبرروا أفعالهم بنوع من المقبولية عند الله. مثل قتل مالك بن نويرة واعتبار قاتله سيف الله المسلول أو على مستوى صياغة الحدث سياسيا وروايته بما يناسب توجه السلطة ، الأمر الذي أدّى إلى وقوف السلطة إلى جانب الفكر المساعد لها في تسيير الحركة الفكرية بالبدائل فظهر في تاريخ أمّتنا السياسي والثقافي انحراف كثير وخطاْ وصواب ، وعلقت بمسيرته خرافات وأساطير ، وشوائب كثيرة وألوان دخيلة حتى وصل ألينا تاريخا مشوها بعيدا عن أصل التشريع, هناك حقائق كثيرة عند الشيعة والسنة لم تطلها يد التحريف والتزوير ، ولكن نشم رائحة التقديس واضحة في صفحات التاريخ لشخصيات لم يستحقوا تلك الهالة. مثلا بعض القصص عن شخصيات تتصف بالشجاعة والقوة والثبات .. وحين تبحث عن تاريخه الحقيقي تجده يهرب اثناء المعارك ولم يقتل رجلا طيلة حياته ....ولكن الهالة القدسية تحيطه بحيث يعتبر كشف حقيقته نوعا من الخروج من الاسلام .
هذه المقدمات جاءت من الدولة الأموية التي رسخ مفاهيمها معاوية حين كتب كتابا ان يكتبوا في فضائل الصحابة " لان ذلك اقرح لقلوب أصحاب أبي تراب, فطرأت في تاريخ امّتنا افكار هجينة كان أثرها على المجتمع قويا مثلا: يقول البعض إن الأكل من ذبيحة اليهودي أفضل من أكل ذبيحة الطائفة الفلانية ، ووجهت أليهم عشرات التهم بعقيدتهم ، زيارة القبور ، التوسل السجود على التراب.. الخ ....
ثم جاءت مرحلة تأثير كلام الفقهاء في نشأة المذاهب المرحلة الثانية في وقت كان خلفاء السلطة الاموية تعبث بالتاريخ الاسلامي. هكذا تم ابعاد ال محمد{ص} من الحياة الشرعية, رغم هذا بعض الأحكام التي تتعلق بالحدود او تفسير نص قراني يستشيرون باب العلم الإمام عليّ {ع} .وبعد استشهاد امير المؤمنين{ع} ظهرت اراء فلسفية تاثر بها الشارع الاسلامي من خلال وجود قوميات وجماعات من اليهود والنصارى دخلوا الاسلام فظهرت اراء ما كانت معروفة بالإسلام من أمثلته؛ القول بالجبر والتفويض هذا الرأي ظهر في نظام الغَلَبة حين تسلط معاوية على الأمة. .ثم ظهر رأي مناقض له يسمى التفويض والتفويض راي ظهر عند التفويض عند الأشاعرة ويعني الاعتقاد بصفات الله وفق الآيات يصفون الله كما يُؤمنون بها دون الخوض في تفاصيل معناها أو كيفية حدوثها. فهم لا ينفون الصفات، بل يثبتونها لله، ولكنهم يمتنعون عن توجيهها بطريقة تُشبه صفات المخلوق. ، وهذا برر الأخطاء للخلفاء وجعل الأمة ميتة لا دخل لها في الحوادث تقول النظرية إنّ مرتكب الكبيرة ، لا هو مؤمن ولا كافر إنّما هو في منزلة بين المنزلتين .هذه المقولة كانت سبباً في ولادة فرقة جديدة عُرفت بـ : المعتزلة : وأوّل من قال بهذه المقولة واصل بن عطاء ، ثمّ تابعه عمرو بن عبيد ، كانا في مجلس الحسن البصري ، فكلّماه في قولهما هذا ، فأمرهما باعتزال حلقة درسه فاعتزلا عند اُسطوانة في المسجد و انضمّ إليهما جماعة فسمُّوا المعتزلة هذه نواة فرقة « المعتزلة ».. وتطور نقاش علما الكلام إلى قضية « العدل الإلهي » و أكثروا الكلام فيه حتّى لُقِّبوا بـ « العدلية ».. هذا الصراع الكلامي مصدره صراع السياسي) الدائر ذلك الوقت. حين يتحدث أبناء الفرقة يدافعون عنها ويفسرونها بأنّها اعتزال الباطل وأهله ، .
اما الأشاعرة: بعد أن ضعف دور المعتزلة قوي دور أصحاب الحديث وأبرزهم في مدرسة البصرة أبو الحسن الأشعري بمذهب يعارض فيه المعتزلة و ينتصر لأصحاب الحديث. والأشعري كان أوّل أمره معتزلياّ ، ، ثم أعلن توبته عن رأي المعتزلة ثم تبنّى قول أحمد بن حنبل بأتباع الظاهر بدون تأويل ..لكنّه تراجع بعد ذلك إلى التأويل ، إلا الاعتقاد برؤية اللّه تعالى في الآخرة. هذا يبين بوضوح أنّ السنّة النبويّة لم تكن قادرة على أن تفرض أحكامها على الواقع ،بل كان الواقع هو الذي يُخضع السنّة النبوية ورأي القران لإرادته ويوجّهها في خدمته ، وإن تطلّب ذلك قلب المعاني ووضع الحديث والكذب على الله ورسوله كما فعل معاوية ضد علي بن ابي طالب{ع} كمثال على ذلك لما رفع عمر بن عبد العزيز شتم أبي تراب جاء وفد من إيران " ومن قم بالذات الى الشام يطلبون من الخليفة ان يعفيهم من هذا القرار كي يستمروا في شتم علي{ع} حتى لو فرض ضريبة عليهم.!!!
الخلافة وأثرها في نشأة المذاهب والفرق:....لا يختلف اثنان أنّ الواقع الذي أفرز مبدأ « سنّة الشيخين » مرجعاً تشريعياً بعد الكتاب والسنّة ، ذلك المبدأ الذي وضِعَتْ بذرته الأولى يوم أثبت الشيخان قدرتهما في السقيفة وساقا الناس إلى البيعة ،بقول حسبنا كتاب الله .حتى أصبح قرار الحاكم أقوى من قرار النبي{ص}،كما منع الخليفة كتابة احاديث النبي {ص} والإفتاء بسنّته عمر والمنع من تدوينها ، وقرر تعطيلها حتّى اصبح قرار التعطيل هو السنّة وتصبح سنة النبي هي البدعة .
حين جاء علي {ع} إلى السلطة رفع بدعة صلاة التراويح ، فخرج بعض الناس ينادون السنة السنة , وا عمراه .. فقال الإمام لابنه الحسن{ع} دعهم يصلون !! هذا في تفاصيل الصلاة ، وأخرى في مناسك الحجّ ، وفي أحكام الأحوال الشخصية ، وفي الحقوق المالية وغير ذلك ونجح قرار الخليفة إلى اليوم في صناعة احكام جديدة ، تختلف عن مذهب اهل البيت{ع} الا في التوجه للقبلة فقط . وحل دين سنة الشيخين..!!
ظهر لنا اسما بلفظ « الجماعة » كلمة الجماعة ابتدأت أول خلافة معاوية ثم استمرت الإحكام الشرعية تصدر من قصر الخلافة ويطبق الناس آراء معاوية فيسمونهم « الجماعة » وبين الآخرين الذين يؤمنون بقداسة الدين والنص ولا يتبعون أحكام بني أمية هؤلاء أهل البدع..!!! .أما « أهل السنّة » فإنّما يراد بهم أهل الطاعة. .وجاء طاغية جديد هو المتوكل العباسي الذي سمّي « ناصر السنّة » لان المتوكّل هو الذي نكل بالمعتزلة كونهم يقولون بخلق القرآن ، فنَصر الإمام أحمد بن حنبل وأفرج عنه من السجن وأعطى اسما لأحمد بن حنبل فكان اسم أحمد « إمام السنة » فقالوا في المتوكّل : انه أظهر السنّة بعد ان دعم رأي الإمام احمد بن حنبل .أول من حذف اسم علي{ع}هو معاوية حين يخطب يذكر أبا بكر وعمر وعثمان ثمّ يتحدّث عن نفسه وسياسته .وفي آخر خطبته يشتم امير المؤمنين ويلعنه
شهد القاصي والداني ، أنَّ الإمام الصادق (ع}هو صاحب المقام العلميِّ الرفيع ، الذي لا ينازعه أحد . نكتفي من تلك الكلمات بإشارات :يقول أبو حنيفة : ما رأيت أفقهَ مِن جعفر بن محمَّد ، لمَّا أقدمه المنصور بعث إليَّ فقال : يا أبا حنيفة ، إنَّ الناس قد افتُتِنُوا بجعفر ، فهيِّئ له من المسائل الشِداد . فهيَّأتُ له أربعين مسألة ، فلمَّا أبصرتُ به دخلَتْني من الهيبة لجعفر (الصادق) ما لم يدخلني من المنصور فجعلتُ أُلقي عليه فيُجيبني فيقول : ( أنتم تقولون كذا ، وأهل المدينة يقولون كذا ، ونحن نقول كذا ، فربَّما تابعناهم ، وربَّما خالفنا جميعاً ) . حتى أتيت على الأربعين مسألة ، ثم قال:( ألَسْنا رَوينا أنَّ أعلم الناس ، أعلمُهم باختلاف الناس) ؟ . واعترف أبو جعفر المنصور باعلميته لذلك قرر ان يسند ابا حنيفة ويعينه في القضاء فلم يوافق اولا فتم سجنه .هناك مصادر تقول انه في السجن تلقى تعليما من شخص قيل إنه زميله في السجن ومؤسس اليهودية القرائية ، عنان بن داود ، تلقى نصيحة منقذة للحياة من أبو حنيفة. [نيموي، ليون. (١٩٥٢). مختارات قرائية: مقتطفات من الأدب المبكر. نيو هافن، كونتيك مطبعة ييل. ص ٤-٥. ISBN ] .
في هذه الاجواء تم اعتقال الامام موسى بن جعفر{ع} من قبل حفيدهم هارون العباسي . وبقي في السجن ببغداد ثم قتلوه مسموما. وتبدلت بعد اغتيال الامام الكاظم اشكال التنكيل باللائمة فتم استدراج الامام الرضا {ع} الى خراسان واصبح سجينا في قصر المأمون , ثم الت النوبة على الامام محمد الجواد{ع} كان وجود الإمام الجواد(ع) يمثل خطراً فكريا على النظام الحاكم لان له دور فاعل وقيادي للأمة، لذلك قررت السلطة أن تتخلّص منه خاصة مع كثرة الثورات الشيعية , فلم تستبعد السلطة العباسية وجود علاقة بين الإمام والحركات النهضوية في الأمة.
روى المؤرخون عن قاضي المعتصم قوله: (رجع ابن أبي دُوَاد ذات يوم من عند المعتصم وهو مغتمّ فقلت له في ذلك، فقال وددت اليوم أني قد مت منذ عشرين سنة، قلت له: ولم ذاك ؟ قال: لما كان من هذا الأسود محمد بن علي بن الرضا اليوم بين يدي أمير المؤمنين، قال: قلت له: وكيف كان ذلك ؟ قال: إن سارقاً أقرّ على نفسه بالسرقة، وسأل الخليفة تطهيره بإقامة الحدّ عليه، فجمع لذلك الفقهاء في مجلسه وقد أحضر محمد الجواد فسألناه عن القطع في أي موضع يجب أن يقطع ؟ قال: فقلت: من الكرسوع. قال: وما الحجة في ذلك ؟ قال: قلت: لأن اليد هي الأصابع والكفّ إلى الكرسوع ، لقول الله في التيمم ( فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ) واتفق معي ذلك قوم. وقال آخرون: بل يجب القطع من المرفق، قال: وما الدليل على ذلك ؟ قالوا: لأن الله لمّا قال:( وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ ) في الغسل دلّ ذلك على أن حدّ اليد هو المرفق.قال: فالتفت إلى محمد بن علي (ع) فقال: ما تقول في هذا يا أبا جعفر ؟ فقال:(قد تكلم القوم فيه يا أمير المؤمنين) ، قال: دعني ممّا تكلموا به ! أي شيء عندك ؟ قال:(اعفني عن هذا يا أمير المؤمنين) ، قال: أقسمت عليك بالله لمّا أخبرت بما عندك فيه. فقال:(أمّا إذا أقسمت عليّ بالله إني أقول أنهم اخطئوا في السنّة، فإن القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الأصابع، فيترك الكفّ) ، قال: وما الحجة في ذلك ؟ قال:(قول رسول الله: السجود على سبعة أعضاء: الوجه واليدين والركبتين والرجلين، فإذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها وقال الله تبارك وتعالى: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ) يعني بهذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها ( فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً ) وما كان لله لم يقطع) .قال: فأعجب المعتصم ذلك وأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكفّ.قال ابن أبي دواد: قامت قيامتي وتمنّيت أني لم أك حيّاً. قال زرقان: قال ابن أبي دؤاد: صرت إلى المعتصم بعد ثالثة، فقلت: إن نصيحة أمير المؤمنين عليّ واجبة وأنا أكلّمه بما أعلم أني أدخل به النار، قال: وما هو ؟ قلت: إذا جمع أمير المؤمنين في مجلسه فقهاء رعيته وعلماءهم لأمر واقع من أمور الدين، فسألهم عن الحكم فيه فأخبروه بما عندهم من الحكم في ذلك، وسمع الناس انه ترك اقاويل اصحاب المذاهب كلهم فان قول هذا الرجل شطر الأمة بإمامته، ويدّعون أنّه أولى منه بمقامه ثم يحكم بحكمه دون حكم الفقهاء ؟ فتغير لونه وانتبه لما نبّهته له، وقال: جزاك الله عن نصيحتك خيراً. قال: فأمر اليوم الرابع فلاناً من وزرائه بأن يدعوه (أي الجواد(عليه السلام) ) إلى منزله فدعاه فأبى أن يجيبه وقال(عليه السلام) :(قد علمت أني لا أحضر مجالسكم) ، فقال: إني إنما ادعوك إلى الطعام وأحب أن تطأ ثيابي، وتدخل منزلي فأتبرّك بذلك، فلمّا طعم منه أحس السمّ فدعا بدابّته فسأله رب المنزل أن يقيم. قال(ع) :(خروجي من دارك خير لك) ، فلم يزل يومه ذلك وليله في خلفة حتى قبض (ع) لقد كان الإمام الجواد(عليه السلام) يتوقع استشهاده بعد هذا الاستدعاء فقد روي عن إسماعيل بن مهران قوله: (لمّا أُخرج أبو جعفر(عليه السلام) من المدينة إلى بغداد في الدفعة الأولى من خرجتيه قلت له عند خروجه: جُعلت فداك، إني أخاف عليك من هذا الوجه، فإلى من الأمر بعدك ؟ قال: فكرّ بوجهه إليَّ فقال:(عند هذه يُخاف عليّ، الأمرُ من بعدي إلى ابني علي) .لقد درس المعتصم أكثر السبل التي يستطيع بها أن يصفي الإمام ويقتله فلم يجد أفضل من أم الفضل بنت أخيه المأمون للقيام بهذه المهمّة فهي التي تستطيع أن تقتله بصورة أكيدة دون أن تثير ضجة في الأمة، مستغلاً نقطتين في شخصيتها، هما:كونها تنتمي للخط الحاكم انتماءً حقيقياً، فهي بنت المأمون وعمّها المعتصم، وليست بالمستوى الإيماني الذي يجعلها تنفك عن انتمائها النسبي هذا، والاخرى غيرتها وحقدها على الإمام بسبب زواجه من نساء أخريات خصوصاً وأنها لم تلد للإمام وإنما رزق الإمام من غيرها ولده الهادي(ع) .
ظل ثلت تيام مرمي ولا // قرابة الحضر عنده // ايغسله اوجسمه يشيله// وبيده ايواريه ابلحده //بالشمس مطروح جسمه// مثل ابو السجاد جده..
مات الجواد اليوم مسموم // عقب الهظيمة او كل الهموم
والهادي يبجي ابقلب مالوم // وايصيح بويه اهنا يمحروم
شنهو السبب سمتك هالقوم// والشيعة تبكي دمه ابهليوم
لجل الجواد الراح مظلوم
ـــ روحي لحزن أبو الهادي بهيداي //أظل ألطم على امصابه بهيداي
يا شيَّال النعش إمشي بهيداي // سره ابجسمه العطش والسم سويّه
ــ جرحي ما يطيب إو عيب يِنْشال //عسى جسمي على المسموم يِنْشال
شلون إبن الرضا هاليوم يِنْشال// نِوَدْعَه اليوم وإنواسي الزجيه
الشيخ عبد الحافظ البغدادي

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


موقع كتابات
منذ 4 ساعات
- موقع كتابات
النص التأسيسي لنقد الحداثة العربية
هرع اللغويون العرب صوب دراسة النص الديني المقدس والنصوص النبوية وما خلفتها من نصوص دينية متلثمين بنظريات اللسانيات المعاصرة التي طفقت تفكك النصوص الدينية المسيحية في الغرب ، وهم في ملحمة ظنية بأنهم يخدمون الدراسات الدينية الإسلامية ، لكن الحقيقة التي تكمن وراء هذه الاجتهادات لا يمكن توصيفها تحت باب التجديد ا, حتى الاجتهاد ؛ ذلك أنهم كانوا يسعون إلى نقد النص الديني بإطلاقهم عليه لفظة خطاب ، الأمر الذي دفعهم حسب مظانهم التي تبدو لنا مريضة بعض الشئ على استحياء الاتهام بالكل ـ إلى إبراز أخطاء ومثالب تكمن بتلك النصوص . ومن باب العجب أن مجمل أعمال الحداثيين العرب رغم اختلاف توجهاتهم وتكوينهم الأيديولوجي الذارب في تشويه الماضي برمته أنهم كانوا ولا يزالون يطالبون بإعادة النظر في النص القرآني المقدس وضرورة تأويله وفق مزاعم نظريات علم اللغة واللسانيات الحديثة التي تعضد تفكيك النصوص اللغوية وإعادة بنائها وتركيبها من جديد ، أو خوض مغامرة إخضاع النص الديني لقراءات متعددة ؛ تاريخية وألسنية ، وأنثروبولوجية ، وسيميائية ، وأخيرا قراءة لاهوتية ، الأمر الذي يخرج النص من قداسته إلى رهانات تأويلية مبتذلة محكوم عليها بفقد رصانة التفسير والتحليل. وينبغي على القارئ العربي أن يفطن إلى ثمة مؤامرات ثقافية استعمارية مفادها أن الغرب لم يعد يحارب بأسلحته التقليدية التي بات العرب يمتلكونها بل يستخدمونها بشراسة أيضا ، لذا فكانت الحرب الراهنة هي حرب تشكيكية زاعمة بأن القوة الآن هي قوة الفكر الحداثي الذي يعطي العقل المكانة الأعلى فقط في نقد النصوص الدينية أو التاريخية أو النصوص التي تتعلق بالموضوعات الدينية الراسخة لدى عموم المسلمين. الكارثة أن حفنة وجملة من المفكرين العرب الذين درسوا المناهج اللغوية الغربية ودرسوا على أيدي كثيرين ممن يطعنون في دياناتهم الأصلية تأثروا جد التأثر بتلك النظريات والمناهج التي يمكن استخدامها وتوظيفها في خطابات شعرية لأدونيس ومحمود درويش وأنسي الحاج وغيرهم أو كتابات روائية معاصرة فهي نماذج نقدية بشرية تصلح لمعالجة نماذج لغوية بشرية أخرى تماثلها في الكفاءة والطرح والتلقي ، لكن لا يمكن استغلالها في تأويل النص الديني الراسخ والثابت والمحفوظ بعهد من الله عز وجل . ومجمل زعم هؤلاء رفض تقليد الأوائل من جهة ، وبث روح التمرد والرفض بل ومقاومة التراث العربي الإسلامي من جهة أخرى ، تماما كما وجدنا ذلك في نص الدراسات اللاهوتية التي تناولت الكتاب المقدس منذ مطلع القرن الثامن عشر في أوروبا . بل إن موجات الهوس لدى بعض الحداثيين العرب وصلت إلى شواطئ بعيدة ترى ضرورة تقييد النص الديني بزمانه وبيئته وجغرافية إنتاجه وكثيرا في حدود ثقافة وجوده أيضا. وبعد دراسة مفهوم الحداثة المزعومة لدى الكتاب العرب الذين هرعوا إلى نقد النص الديني تارة ، ونقد ودحض الخطاب الفكري العربي تارة أخرى من أمثال عابد الجابري ومحمد أركون وغالبا نصر حامد أبو زيد وحسن حنفي وعبد المجيد الشرفي وأدونيس وقاسم شعيب وغيرهم ممن أصابه قلق الحداثة وتوتر الفكر اللساني المضطرب هوية وجهة وتكوينا يمكن تحديد دلالات الفكر الحداثي العام لدى مؤسسي هذا التيار والتي يمكن استنطاقها من خلال كتاباتهم الضاربة في الانتشار مثل الإيمان المطلق بالإنسان وخبرته وتجربته الفردية الذاتية بل إبراز قدرة هذا الإنسان ـ المكلوم ـ على الخلق والإبداع وتطوير العقل ، وهم بالضرورة يقصود الخلق اللغوي المتمثل في القصيدة والرواية والقصة والمسرحية والطرح النقدي للأجناس الأدبية المختلفة ، لكن هوس القلق المستدام جعلهم ينادون بالإيمان المطلق لاستقلالية المرء ، وسلطة العقل التي لا تفوقها أية سلطة أخرى ، وأن سلطان العقل لن يعتلي سدة الحكم والقوة والسيادة إلا بالقضاء على مرجعيات الماضي والتراث بوصفهما منغصات التجديد والتنوير. وكان أول مشروع يدشنه أي مفكر تبنى فكر الحداثة الغربية الذي فشل بالغرب قبل إعادة إنتاجه بالبيئة العربية هو الثورة المطلقة والمستدامة بغير انقطاع على المرجعية الدينية ، وأن إخضاع الدين وقضاياه لمنهجيات العلم التجريبي والأهواء الفردانية وتجارب الشخص الذاتية أمر لحتمي لا يمكن الفكاك من أسره إذا أردنا ـ من وجهة نظر هؤلاء ـ التطوير والتحديث لمجتمعاتنا العربية . هذا ما دفع الكاتب المغربي قاسم شعيب في كتابه ( فتنة الحداثة ) المنشور عام 2013 وهو من الكتابات المعاصرة في هذا الميدان إلى إبراز الرؤية الحداثية التي تتمثل في سيادة العقل أو ما أسماه بالعقلانية المادية ، وأن الحقيقة تستمد قيمتها من كونها نتاجا للعقل الإنساني لتصبح الذات مركز العالم . وبالرجوع إلى المكونات الرئيسة للفكر الحداثي الذي ضرب المجتمعات العربية بالحيرة والجنون في انتفاء التطبيق السوي للسانيات الغربية نجد على سبيل المثال التفكيكية التي يشير إليها دين محمد ميراصاحب في كتابه ( الحداثية وتحدياتها للتفسير القرآني) بأنها تمثل مظهرا صادقا لليأس والحيرة الذين أصيب بهما الإنسان في الغرب والتي نتجت عنها الاستهلاكية المتطرفة . وهذه النظريات اللسانية النقدية وغيرها مما تم استيراده من الغرب الأوروبي نجمت عن العطب الذي أصاب الحضارة في تلك المجتمعات وأدت إلى سقوط المرجعيات التي تم توصيفها بالتقليدية البائدة بل والرجعية أيضا ، وتمثلت مظاهر الحداثة الفكرية في تلك المجتمعات في نقد الدين ورموزه وموضوعاته ، ونقد ودحض الفكر الموروث ، ثم إعلان بيان تأسيسي جمعي للقطيعة مع الماضي برمته. هذا الرفض المطلق للأسف أودى بأصحاب تلك النظريات اللسانية والنقدية وبتناولهم للنصوص الدينية المقدسة في الغرب الأوروبي إلى رفض الدين المعادل الموضوعي للإلحاد ؛ ومن ثم إنكار التشريعات الإلهية ورفض سلطة الوحي ، والكارثة هي نقل التجربة النقدية الغربية الصالحة لمجتمعات بعينها إلى بيئاتنا العربية ذات الفكر الأصيل والتكوين اللغوي والديني المتعمق في جذور الإنسان العربي. والمستقرئ لفكر الحداثة أو التيار الحداثي يدرك على الفور للوهلة الأولى أنها مرادفة للعلمانية المتطرفة التي أسهمت عن جهل وزيف وخداع في رفع القدسية عن مدال الأخلاق والقيم . وكما يذكر دين محمد ميراصاحب (2013) في كتابه المذكور سلفا فإن العلمانية في أصلها ظاهرة غربية خالصة سبب ظهورها عوامل تاريخية عاشتها الأمم الغربية على مدى قرون متتالية في ظل ثقافات تلقي بجذورها إلى وثنيات قديمة على الرغم من المسيحية التي لعبت دورا كبيرا في تشكيل الثقافة الغربية في العصور الوسطى وبعدها . والمشهد الذي لا يمكن تغافله هو أن العلمانية التي تأصلت في اللسانيات اللغوية المعاصرة والنظريات النقدية أجبرت المسيحية في أوروبا على التقهقر والابتعاد عن المجال العام ، وصولا إلى تيار الليبرالية الذي بات أحد أصنام فكر الحداثة والذي يعني عند بعض مفكر العرب الحداثيين التحرر من كل قيد معروف أو مأثور . وما إن نجونا مؤقتا من أصنام العلمانية والليبرالية حتى اصطدمنا من خلال ما عرفوا بالمجددين في الفكر العربي المعاصر الراهن بنظرية نقدية مماثلة للحداثة ألا وهي العقلانية المتطرفة . وهي نظرية مفادها إعلاء الفردانية والإيمان المطلق بالعقل في مواجهة نصوص التراث الدينية وأن لا سلطة فوق العقل . والمدهش في هذا الملمح من ملامح فكر الحداثة في الوطن العربي ومن خلال الدراسات النقدية للنص الديني ونصوص التراث وغيرها أيضا من كتابات الأوائل الفقهية والتاريخية أنها ـ العقلانية المتطرفة ـ لا تعترف بما لا يفهمه العقل أو لا يقع تحت سيطرة العقل ، ولا تفرق بين الذي يتناقض مع العقل وبين ما يعلوه على العقل ، بل إن تلك النظرية المهووسة لا تعترف أصلا بوجود ما يعلو على العقل أساسا ، الأمر الذي جعلتها تنظر إلى أساسيات الدين على أنها مجرد مجموعة من الأساطير والخرافات المزعومة . ونحن بحق بحاجة ماسة إلى توظيف العقل واستخدامه بصورة طبيعية فطرية كما أمرنا الشرع بذلك ، الأمر الذي يدفعنا إلى ترتيب بيت النظريات النقدية الحداثية التي باتت تعبث بالتراث العربي الإسلامي ، وأنه من البدهي الآن إدراك هوية وكنه الحداثة الوافدة إلينا من الغرب عبر سياقات لسانية ولغوية ونقدية ودراسات تاريخية نتجت عن تطورات اجتماعية وسياسية استهدفت تهميش الدين ودوره بل إقرار عجزه في مواجهة التطورات والتحديات ، هذا العبث الذي دفع كثيرين من المفكرين العرب المعاصرين إلى نقد الدين بوصفه خطابا لغويا يمكن تناوله بشكل نقدي . ولعل هذا التناول البشري القاصر والمحدود بل والجاهل أيضا في مظان كثيرين وأنا منهم هو الذي دفع بعض الكتاب العرب في النصف الثاني من القرن العشرين وصولا إلى أيامنا الراهنة بالتأكيد على مركزية الإنسان وسطوته في مواجهة مركزية الإله . انتهاء بعبث فكري تحت مظلة حداثة واهية تمثلت في الثورة على التراث الديني وإغفال المصدر الإلهي التشريعي ورفض أية مرجعية . ولنا وقفة عاجلة تحذيرية تؤكد خطورة العبث الحداثي الذي يردده بعض الكتاب العرب والشعراء المعاصرين وبعض دارسي التاريخ الإسلامي ، حيث إنهم تأثروا كثيرا بمزاعم الغرب في نظرياتهم اللسانية والنقدية التي دحضت الكتاب المقدس ونصوصه في الغرب وتعاليم الكنيسة ، فلجأوا تارة إلى تحريف الفكر الديني الإسلامي والتراث العلمي العربي الرصين والمجهودات العلمية لأوائل علماء المسلمين ، وتارة أخرى في تقليد الغرب من خلال توظيف واستخدام النظريات الأدبية ضيقة الرؤية والنفاذ إلى تأويل القرآن الكريم وتفسيره باستغلال تقنيات وآليات تلك النظريات المسكينة بالفعل كما أصحابها. ويكفي أن نسرد بعض النظريات النقدية واللسانية التي نجمت عن بيئات مضطربة في فترات سياسية واجتماعية عصيبة لندرك العوس العربي في توظيفها على كتابات عربية خالصة بدلا من إنتاج نظريات عربية أصيلة كان لنا السبق في إنتاجها وخير دليل كتابات قدامة بن جعفر في نقد الشعر والنثر وغيره ، فنجد رولان بارت الفرنسي الذي يرجع له فضل تأسيس البنائية السميولوجية وهي علم العلامات والذي تأثر كثيرا وطويلا بالسويسري فرديناند دي سوسير الذي يزعم أنه صاحب علم اللغة الحديث ، وهذا لم يحدث 'لا حينما تخلى العرب عن تراثهم ومنتوجهم اللغوي والنقدي رغم أن أبرز النظريات النقدية أنتجتها بيئة العرب . ثم نجد الفرنسي كلود ليفي شتراوس مؤسس الأنثروبولوجيا الاجتماعية والذي طبق نظريته على الكتاب المقدس مثله مثل ميشيل فوكو الفرنسي صاحب أركيولوجيا المعرفة والذي يتغنى بفكره الحداثيون العرب رغم امتلاكهم لنظريات عربية رصينة وجيدة النفع. وصولا إلى أسماء تتبع تيارات الحداثة القلقة والمضطربة أمثال جاك دريدا مؤسس التفكيكية وشلاير ماخر مؤسس الهيرمينوطيقا ، وصولا إلى بول ريكور أبرز من تحدث عن التأويلية التي أفسدت كثيرا من تناول نصوص التراث العربي باستخدامها لأنها تخرج الناقد والقارئ على السواء من فائدة النص إلى دحضه ورفضه والبحث عن بديل آخر يصلح لزمان يوافق هوى المتلقي وعبث مسعاه. الخطير في كتابات الحداثيين العرب من مثل حسن حنفي ومحمد أركون ونصر حامد أبو زيد وسيد القمني أنهم خرجوا من سياقات نقد الخطاب اللغوي إلى نقد النص الديني وتعرضه لتفصيلات تاريخانية ونظريات ألسنية باهتة ومناهج تحليلية لم تأت بفائدة في بيئات إنتاجها سوى شيوع موجات التطرف والإلحاد والرفض لكل ما هو ديني . بل إن الأخطر هو التفاوت والاختلاف المرضي ( بفتح المين والراء) في حرصهم على التشكيك بالنص وتفكيكه ومن ثم إعادة بنائه ، وإخضاع القرآن الكريم للمنطق التاريخي المادي وربما لا أريد إطلاق العنان لاتهاماتي بعدم الاعتراف بأصله ومصدره. ومصيبة التفكيكية التي أشرنا إليها سالفا أن معيارها الوحيد هو صحة النص ؛ ودأب النظرية اللغوية والنقدية بعد ذلك أفضت إلى ضرورة أن يكون النص محرفا وهي نتيجة جاهزة منذ البداية كما يذكر ميراصاحب في كتابه ( الحداثية) . ولنا أن نقدم فروقا جلية بين تلقي النص القرآني وتأويل النصوص البشرية التي لا تخرج عن فلك كتابة الشعر ونظمه والقصة والرواية والخاطرة الأدبية ؛ وهنا تجدر الإشارة إلى التّمييزبين نوعين من أنواع قراءة النّصّ الأدبيّ ؛ الأولىقراءة مطابقة وهي قراءةٌ استنساخيّةٌ غير متجاوزةتقتصر على شرح النّصّ وتفسيره بصورة مباشرةملتزمة بحرفيّة اللّغة النّصّيّة داخل الخطاب الأدبيّولا تتجاوزه إلى ما وراء النّصّ أو الأبعاد المكوّنة لهبغير استنباط أو استدلال أو استنطاق لمعان أخرىمستترة . والقراءة الثّانية هي قراءة الإنتاج والتييمكن تسميتها بالقراءة الكاشفة ، وفيها يبحثالقارئ عن المضمر والمخبوء داخل النّصّ الأدبيّكاشفًا مضامينه ومعانيه. وتلك أمور لا يمكن توظيفها في نص حكيم إلهي قاطع التشريع. وقراءة النّصوص الأدبيّة مستوياتٌ ومراق ؛بدءًا من التّرديد وتحريك اللّسان ، مرورًا بالفهمالسطحيّ ، وبحلّ شفرة النّصّ الأدبيّ ومحاولةفهمه وتحليله ، ثم الوصول إلى إعادة تركيبه وسبرأغواره أو إنتاج نصّ مواز للنّص المقروء وهو مايعرف بالقراءة التّأويليّة . وهذه القراءة تقتضي منالقارئ الدّخول مع النّصّ الأدبيّ في عملية تفاعليّةتتناص مع مقروء ومخزون خارج النّصّ. والمنظرين لتأويل النصوص الدينية لم يفرقوا عن انتفاء بصيرة بين تفسير وفهم النص القرآني وتأويل النصوص الأدبية البشرية ، فنجدهم يتحدثون عن القراءة التأويلية بوصفها مرادفا ومعادلا موضوعيا للحرية وبالأحرى إعلاء الفردانية ، فهم يرون أنالقراءة التّأويليّة طبقًا لمفهُوم الحُرّيّة اللغويّة هينظامٌ من المُمارسات التّفسيريّة الضّمنيّة أو المُضمرةالتّي تتّسمُ بالاتّساع والإنتاج القرائيّ الإبداعيّ ،وهي قراءةٌ ترتبطُ باستحضار العلاقة بين النّصّوالمرجع ويعني بصفة خاصّة بالمُعطيات الخارجيّةمثل ظُرُوف إنتاج النّصّ وتلقّيها ، لذا فهي قراءةٌتُركّزُ على السّياق الاجتماعيّ التّاريخيّ. وبذلكفإنّها ـ القراءةُ التّأويليّةُ ـ لا تتوقّفُ عند حًدُودالتّلقّي المُباشر ، بل تًسهم في إنتاج وجهة نظرجديدة يحملها النّص الأدبي بين طيّاته. وجهل الحداثيين المعاصرين أنهم لم يفطنوا للفرق بين قدسية النص القرآني والنصوص الأدبية الإبداعية ؛ لذلك فهم عن جهل مقصود اعتبرواالقراءة التّأويليّةُ ـ كمُنتج لُغويّ ـ انفااحًا إيجابيايرتكزُ على الحوار والسّجال بين القارئ والنّصّوالكاتب ، فضلا عن كونها منهجًا لإماطة اللّثام عنمعنى النّصّ لا عن طريق التّحليل والفهم وإعمالالعقل في صُورته الظّاهريّة فحسب ؛ بل بالنّفاذ إلىعُمق النّصّ وتجاويفه المُضمرة ، لذا يُمكنُ القولُ بإنّالقراءة التّأويليّة هي نتاجُ الوعي بالنّصّ وُحُضُورُالقارئ بقُوّة في خلق وتشكيل النّصّ الأدبيّ وذلكمن خلال ما يُمارسُه من مهارات تأويليّة تستهدفُإعادة تشكيل النّصّ الأدبيّ وبناء معانيه ، وخلقحالة من التّفاوُض والمُعارضة من جانب القارئللنّصّ، وهذا يعني أنّ القراءة هُنا تُصبحُ إبداعًا آخرللنّصّ، بمعنًى أنّها ليست قراءةً سلبيّة، بل إنّالقارئ يُفسّرُ معانّي النّص ويؤوله من خلال حوارمع خلفيّته الثّقافيّة وتجارب الحياة الشّخصيّة لهُ. ومشكلة الحداثيين ونحن نختتم سطورنا عن مخاطر هذا التيار الجارف أنهم لا يفرقون بين النص الديني الإلهي والنصوص البشرية الأخرى ، بل إن كثيرا من الأكاديميين العرب المعاصرين والذين يلهجون وراء الألسنية الغربية يصرون على التعامل مع النص القرآني كنص بشري عادي ، ومن هنا وكما يشير دين محمد ميراصاحب كان تهافتهم على المناهج التأويلية الغربية واستعانتهم بأصولها وقواعدها في فهم الكلام الإلهي. ـ أستاذ المناهج وطرائق تدريس اللغة العربية


موقع كتابات
منذ 4 ساعات
- موقع كتابات
الانتخابات الشرعية وشرعية الانتخابات
: هنالك تراخي للديمقراطية في الغرب، أما الشرق فمفروغ منه والديمقراطية أصلا جنين السفسطائيين قبل أنيتحدث بها الفلاسفة الذين اعتبروها أسلوبا خطرا إنطبقت بشكل حقيقي رغم استثناءات الفلاسفة للعبيد والنساء ولفترة ما للجيش ايضا. كان السفسطائيون موضوع جدل كبير بين الفلاسفة وعلى راسهم أبرز السفسطائيين بروتاغوراس، كان يؤمن بالنسبية (الحقائق ليست مطلقة وتختلف باختلاف وجهات النظر أو الظروف) ويعتقد أن الإنسان هو مقياس كل شيء، حيث يعتبرهم البعض من الفلاسفة الحقيقيين الذين فتحوا آفاقًا جديدة في الفكر، بينما يعتبرهم البعض الآخر مجرد ممارسين للخطابة والإقناع دون اهتمام بالبحث عن الحقيقة. كان السفسطائيون يختلفون عن الفلاسفة التقليديين في عدة جوانب، مثل اهتمامهم بالواقع العملي والسياسي بدلاً من البحث عن الحقائق المطلقة، بالإضافة إلى رفضهم فكرة وجود معايير مطلقة للحق والباطل، السفسطائية سائدة في واقعنا وهي لن تنتج أو تؤسس لفكر لهذا نجد برنامج انتخبوني وانا أسقط الجميع لا لاني ناجح وإنما لان غيري فاشل فهو لا يرى انه فاشل أيضا ولا اهتمام له في صناعة الحياة والارتقاء بواقع المجتمع، الذي يحتاج إلى رؤية وخطط. الفكرة لمركزية الديمقراطية كانت لترشيد الطغيان في المجتمع ومنع أصحاب النفوذ عن التمادي لكنها لم تلبث إلا واختفت، بيد أن الإسلام أتى بمفهوم الشورى وهو ليس آلية انتخابات بل فكر في المعاملات والقيم المجتمعية والتي تنعكس على الحكم أيضا بأسلوب متاح لاختيار الحاكم لا يطلب فيها التنازل عن الحقوق بل حفظ الحقوق الأساسية للإنسان، واستغلت كلمة البيعة والتي هي الديمقراطية في عصرنا لتثبيت الشرعية لملوك وسلاطين سلب بعضهم الحقوق وفرض السلطة لكن لم يسأل عن واجبه. برز في القرن السابع عشر والثامن عشر كثير من منظري العقد الاجتماعي والحقوق الطبيعية، منهم هوغو غروتيوس (1625)، توماس هوبز (1651)، صموئيل فون بوفندروف (1673)، جون لوك (1689)، جان جاك روسو (1762)، وإيمانويل كانط (1797). وقد حاول كل منهم حل مسألة السلطة السياسية بشكل مختلف. (ويكيبيديا)، وهنا كانت الفكرة المركزية أن هنالك تنازل عن الحقوق من اجل ضمان الاستقرار، ولكن بشكل مختلف عن بعضهم، توماس يجرّم الثورة على الحاكم، جون لوك العقد ديمقراطي ليبرالي، أساسه الحرية، وصون حقوق الأفراد بما فيها الحقوق السياسية والاقتصادية، ولا يجوز التعدي على هذه الحقوق، أما جان جاك روسو فقريب من العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي. من الكلام المنتشر وعلى لسان المسؤولين والمرشحين وما يحذر منه خلل في استخدام بطاقات انتخابية، دلالة على عدم اهتمام بالانتخابات وليس كما يروج من تشكيك في أهلية ونضج الجمهور، فالتعبير عن ضعف الفهم والنضج ممكن أن يكون لدورة أو دورتين وهما الدورتان اللتان شهدتا محاولات وحرص رغم الظرف الصعب، لكن التراجع هذا لايمكن أن ينسب إلى الجمهور وإنما إلى اليأسوضعف الفهم والوعي عند العاملين في السياسةونضجهم وهم يهتمون بالترف ومصالح تشوهللديمقراطية فالذي لم ينضج إذن هم العاملين في السياسة الذين لم يصلوا لدرجة سياسي والنتيجة هي تدهور الممارسة الديمقراطية وظهور أناس على درجة من الأهلية ضعيفة لايمكن أن ينهضوا ببلد يحتاج رجال دولة، ونرى برامج الفشل والتركيز على التناقضات لتكبيرها وإبرازها وهذا تدمير للبلد لان الدولة لن تنشأ بلا أمة والأمة لا تجتمع بمتناقضات وتجسيم للروابط الهابطة، فالشرعية ليست بالفوز وإنما ببرامج وروى تنقذ البلد وترتقي به وأهله وتجلب الرفاهية في بلد عاجز عن الإيفاء بالضروريات. ما لعمل:


وكالة أنباء براثا
منذ 5 ساعات
- وكالة أنباء براثا
المالية تخاطب السوداني: الخزينة لا تتحمل تبعات مالية اضافية
التعليقات علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ... الموضوع : وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي ----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ... الموضوع : تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41) منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ... الموضوع : النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ... الموضوع : الحسين في قلب المسيح ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ... الموضوع : محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ... الموضوع : مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !! ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ... الموضوع : المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ... الموضوع : كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!! م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ... الموضوع : كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!