
ما خطة نتنياهو العسكرية لاحتلال غزة؟ وكيف ستواجهه المقاومة؟
ففي فجر الجمعة، الثامن من أغسطس/آب الجاري، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية-، أن المجلس الوزاري المصغر وافق على مقترح السيطرة على مدينة غزة ضمن خطة أوسع لاحتلال القطاع بالكامل.
وتشمل الخطة إجبار ما يصل إلى مليون فلسطيني على النزوح جنوبا، وهو ما يهدد بتفاقم الكارثة الإنسانية للقطاع.
ووفقا لما أعلنه المسؤولون في دولة الاحتلال خلال الأيام الماضية، تهدف الخطة الجديدة إلى تفكيك حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالكامل ووقف نفوذها العسكري والإداري في القطاع، واستعادة الأسرى المحتجزين، وإنشاء منطقة عازلة داخل قطاع غزة وإحكام السيطرة الأمنية، وأخيرا إنشاء إدارة محلية مدنية جديدة في القطاع ليست خاضعة لسيطرة حماس أو السلطة الفلسطينية.
تتضمن الخطة إرسال قوات برية إلى المناطق القليلة من القطاع التي لم تُدمّر بالكامل، والتي تُشكّل حوالي 25% من قطاع غزة.
وبحسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، فإن خطة الغزو واسعة النطاق تنطوي على مشاركة ما لا يقل عن أربع إلى خمس فرق من جيش الاحتلال تمثل مزيجًا من الألوية الدائمة وقوات الاحتياط المعبأة، بما في ذلك وحدات مشاة النخبة ووحدات مدرعة، وقد استدعت إسرائيل عشرات الآلاف من جنود الاحتياط لدعم العمليات الموسعة، مما زاد من عدد القوات قيد الخدمة في القيادة الجنوبية للجيش.
وتشمل قائمة الألوية المنتظر مشاركتها في هذه العملية لواء غولاني و لواء غفعاتي وكلاهما من سلاح المشاة، إضافة إلى لواء المظليين المدرب على القتال في المناطق الحضرية، وألوية المدرعات المجهزة بدبابات ميركافا (مثل اللواء المدرع 401 الذي شارك في القتال داخل غزة سابقا) ووحدات الهندسة القتالية المتخصصة في اختراق التحصينات ومكافحة الأنفاق.
ويشير عدد الألوية المشاركة أن العملية ستتضمن مشاركة قرابة 50 ألف جندي في العمليات التي ستستمر لعدة أشهر في أدنى التقديرات.
إلى جانب ذلك، سوف تقدم عشرات الطائرات المقاتلة (بما في ذلك طائرات إف-16 وإف-35) وطائرات الهليكوبتر الهجومية (أباتشي إيه إتش-64) دعما جويا قريبا، مستهدفة ما يقول الاحتلال إنه مستودعات أسلحة ومداخل أنفاق ومواقع صواريخ مضادة للدبابات (رغم أن أكثر ضحايا القصف الإسرائيلي منذ بداية الحرب من المدنيين والنساء والأطفال).
ومن المنتظر أن ينشر جيش الاحتلال كذلك العديد من المسيرات، من طائرات مراقبة إلى طائرات رباعية المراوح تكتيكية صغيرة لأغراض استطلاع المباني وإسقاط الذخائر.
ويُوفّر أسطول المسيرات هذا مراقبة استخباراتية استطلاعية مستمرة كما يمكنه توجيه ضربات سريعة في المناطق الحضرية الكثيفة التي يصعب استخدام الطائرات التقليدية فيها.
وخلف قوات القتال الأمامية، سوف تتمركز بطاريات المدفعية (مدافع هاوتزر عيار 155 مليمترا وصواريخ موجهة) لتوفير القوة النارية عند الحاجة؛ وأنظمة الدفاع الجوي (بطاريات القبة الحديدية ومقلاع داود) لاعتراض أي صواريخ تنطلق أثناء القتال، إضافة إلى وحدات لوجيستية لنقل الوقود والذخيرة والمياه والإمدادات إلى غزة، ووحدات طبية (مستشفيات ميدانية وفرق إخلاء) لعلاج الجرحى الوافدين من خطوط القتال.
4 مراحل
ووفق ما نشرته عدد من الصحف الإسرائيلية، فإن الخطة الإسرائيلية ستكون حملة متعددة المراحل تستمر لمدة 4-5 أشهر على الأقل، مع التركيز أولا على شمال ووسط غزة، قبل أن تتوسع إلى المناطق المتبقية.
في المرحلة الأولى، ستركز إسرائيل على إجلاء الفلسطينيين من مدينة غزة التي سيتلقى سكانها المقدر عددهم بمليون شخص تقريبا إشعارات إخلاء لصالح جيش الاحتلال. وبالتزامن مع ذلك، تزعم الخطة أن جيش الاحتلال سوف ينشئ مناطق "إنسانية" آمنة في وسط وجنوب غزة، تشمل 16 موقعا لتقديم المساعدات.
ورغم تعهدات جيش الاحتلال في المرحلة الأولى فإن الواقع يشير إلى أن هذه التعهدات ليست إلا إعادة هيكلة لحملة التجويع، إذ سيتم التحكم بالكامل فيما يدخل إلى الفلسطينيين من ماء وطعام ودواء، بصورة تشبه معسكرات الاعتقال، تمهيدا للمرحلة الثانية، والأكثر دموية، من المخطط الإسرائيلي.
إذ ستشهد المرحلة الثانية بحسب صحيفة تايمز أوف إسرائيل هجوما بريا كبيرا على مدينة غزة ، المركز الحضري المكتظ في الشمال وفي الوقت نفسه على مخيمات اللاجئين المجاورة في وسط غزة. وستسعى الألوية الإسرائيلية للتوغل في المدينة من اتجاهات متعددة.
وبالتزامن مع التوغل العسكري، سوف تُستخدم أساليب التطويق والحصار، إذ تخطط قوات الاحتلال لتطويق مدينة غزة، وعزلها عن باقي القطاع، وفرض حصار عليها يستمر لشهور. وفي داخل المدينة، ستقوم الوحدات الإسرائيلية بعمليات بحث وتمشيط شامل على مدار أسابيع من القتال.
ويلي ذلك المرحلة الثالثة، والتي تتضمن التوسع إلى وسط وجنوب غزة، بمجرد إحكام السيطرة على مدينة غزة. وفي هذه المرحلة، سوف يكون الهدف الرئيسي هو مخيمات اللاجئين المكتظة مثل النصيرات والبريج وغيرها، في وسط القطاع، إضافة المناطق الحضرية المحيطة بطريق صلاح الدين (الشريان الرئيسي الواصل بين الشمال والجنوب).
بنهاية هذه المرحلة، يُخطط جيش الاحتلال لفرض السيطرة التامة على شمال ووسط غزة، ويقول مسؤولون إسرائيليون إنه عند هذه النقطة، سيتم تقسيم القطاع بأكمله إلى مناطق منفصلة عن بعضها البعض، كل منها مطوق بالكامل، ما يمهد الطريق إلى المرحلة الرابعة التي تتضمن محاولة تأمين المناطق التي تمت السيطرة عليها، مع إبقاء قوات ومعدات مراقبة كافية منتشرة في جميع أنحاء غزة للحفاظ على الوجود الأمني.
باختصار، مع نهاية المرحلة الرابعة، تهدف إسرائيل إلى تحقيق أهدافها المعلنة للحرب: وهي نزع سلاح حماس، وإعادة جميع الأسرى وتجريد قطاع غزة بأكمله من السلاح، وفرض السيطرة الأمنية على القطاع، وإقامة "إدارة مدنية بديلة لا تتبع حماس ولا السلطة الفلسطينية".
أما المفاجأة "المتوقعة" فهي أن هذه هي الأهداف نفسها التي حددتها إسرائيل لنفسها منذ البداية، وفشلت في تحقيق إي إنجاز، بخلاف قتل عشرات الآلاف من المدنيين وإحكام الحصار والمجاعة على سكان القطاع بأكمله، لكن يبدو أن الحكومة الإسرائيلية قررت إعادة تدوير فشلها بصيغة أخرى كي تكسب مزيدا من الوقت.
صحيح أن جيش الاحتلال تمكن على مدار أكثر من 22 شهرا من الحرب من تدمير جزء من قدرات المقاومة العسكرية، إلا أنه فشل في استعادة أسراه (باستثناء من حصل عليهم بموجب الصفقة التي انقلب عليها مطلع العام الحالي). هذا ولا تزال فصائل المقاومة قادرة على توجيه ضربات فعالة إلى جسد الاحتلال وإن تغيرت تكتيكاتها وتباطأت وتيرتها مقارنة ببداية الحرب، إذ تركز المقاومة حاليا على نصب الكمائن الذكية بهدف إيقاف الجنود والآليات التابعة لجيش الاحتلال، واستهدافها وإيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر.
تكتيكات القتال
من المتوقع أن يكون القتال في مدن غزة ومخيمات اللاجئين المكتظة حربا حضرية عنيفة ودموية، يعتمد الاحتلال خلالها على نهج "التطهير، الصمود، البناء"، وهو ذات الأسلوب الذي اتبعته الولايات المتحدة في حروبها في أفغانستان والعراق.
ويبدأ الأمر مع مرحلة "التطهير"، وخلالها تجري القوات -بشكل منهجي- مسحا شاملا لكل منطقة عمليات، بما في ذلك استكمال المحاولات (التي فشلت سابقا) للسيطرة على كل الطرق والتخلص من الأنفاق. ويرتبط مصطلح "التطهير" في الأدبيات العسكرية بسمعة سيئة، لأنه يقترن غالبا مع عمليات القتل الواسعة والطرد الجماعي للسكان بحجة وجود عناصر "إرهابية" بينهم.
ويُنتظر أن يشمل "التطهير" المخطط له في غزة قصفا جويا واسع النطاق، واجتياحا بريا، لينتهي تهجير أكثر من مليون مدني من الشمال.
بعد السيطرة على الأرض، تأتي المرحلة التالية "الصمود" وتعني التمركز فيها والدفاع عنها ضد الهجمات المضادة، ويشمل ذلك بناء نقاط تمركز، وتنظيم الدوريات، والسيطرة الأمنية الكاملة، ويتطلب هذا نشر عدد كبير من المشاة لتأمين الشوارع وأسطح المنازل والأزقة، بالإضافة إلى معدات مراقبة لرصد أي نشاط مقاوم مضاد.
وكما هو واضح، تتطلب هذه المرحلة تكاليف ضخمة من القوات، والذخائر، والبنية التحتية العسكرية، وتتزايد هذه التكلفة كلما زاد زمان الاحتلال أو الفترة التي تبقى فيها إسرائيل سيطرتها على الأرض. أما اصطلاح البناء فيعني إعادة الإعمار وتأسيس حكم مدني جديد وضمان استقرار سلطة الاحتلال الجديدة لمدة طويلة.
خلال تلك المواجهة، سوف يستخدم جيش الاحتلال مركباته المدرعة وأدواته الهندسية للقتال في المناطق الحضرية، وستقود دبابات القتال الرئيسية (ميركافا 4) وناقلات الجند المدرعة الثقيلة (نمر) التقدم، لتجوب الطرق الرئيسية، موفرة غطاء متحركا للمشاة، مع العشرات من الجرافات المدرعة لإعادة تشكيل ساحة المعركة الحضرية بدفع السيارات والأنقاض وحتى المباني بأكملها جانبا.
بالتزامن مع ذلك، ينشب قتال من منزل إلى منزل في التجمعات الحضرية الضيقة ومخيمات اللاجئين، عبر تقنيات قتال عن قرب واختراق ثغرات في الجدران بين المباني للتحرك داخليا بدلا من التحرك عبر الشوارع التي يعتبر المرور خلالها أخطر شيء على الإطلاق لجنود جيش الاحتلال، حيث كان مقاتلو القسام دائما في انتظار أي تحرك، مختبئين هنا أو هناك ببندقية قناصة أو ربما لغموا الشارع نفسه.
باختصار، سوف تتبع إسرائيل إستراتيجية شاملة في المناطق الحضرية في غزة شاملة، تتضمن استخدام قوة نيران كثيفة مشتركة، ومسح للأنفاق والمباني. كما يتوقع أن تستخدم دولة الاحتلال كل أصول الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع المتاحة لها، إذ تستخدم مسيرات استطلاع عالية الارتفاع (مثل هيرميس 900) وحتى صور الأقمار الصناعية لرسم خرائط التضاريس ومراقبة التحركات.
رد فعل المقاومة
كيف ستواجه المقاومة كل هذا؟ كما هو الحالي في حروب التحرر أيضا، فإن الأرض والتضاريس هي صديقة المقاوم الأول، بها يحتمي ويختبئ وعبرها ينصب الكمائن ويهاجم ويباغت.
وخلال الأشهر الفائتة للحرب، زرع مقاتلو المقاومة ألغاما كثيفة في الطرق التي تمر بها قوات جيش الاحتلال، ودمروا المركبات المدرعة الإسرائيلية بصواريخ مضادة للدبابات، ومن المرجح الآن أن يكون هناك مستوى مماثل من الدفاع التكتيكي خلال هذا الفصل المرتقب من المواجهة.
وتمتلك كتائب القسام العديد من الأسلحة الموجهة التي يمكنها تدمير الدبابات إذا أصابت نقاط ضعف، ويتم استخدام هذه الأسلحة من أسطح المنازل أو الطوابق العليا ضد المدرعات الإسرائيلية، ومن المتوقع أيضا أن تستخدم كتائب القسام جنبا إلى جنب مع فصائل المقاومة الأخرى فرق القناصة لإبطاء تقدم المشاة، أو المركبات المفخخة ضد الأرتال المتقدمة، بالإضافة إلى إطلاق قذائف الهاون والصواريخ لضرب مواقع التجمع لقوات جيش الاحتلال.
ومن المرجح كذلك أن تُركز إستراتيجية فصائل المقاومة في ساحة المعركة على الكمائن، والتي تتضمن السماح لقوات جيش الاحتلال بدخول منطقة ما ثم الهجوم من جوانب متعددة أو من أنفاق في الخلف، ومن التكتيكات المخيفة للإسرائيليين بشكل خاص التسلل عبر الأنفاق، حيث يمكن لمقاتلي المقاومة الظهور فجأة من فتحات أنفاق مخفية خلف الخطوط الإسرائيلية لمهاجمة قوافل الإمدادات أو الوحدات المعزولة.
وتتميز المقاومة بقدرتها العالية على القتال في البيئة الحضرية، مما يعقد العمليات الإسرائيلية ويبطئ تقدمها، وهي تخوض حاليا ما يشبه "حرب عصابات" تشبه ما واجهته أميركا في الفلوجة أو الاتحاد السوفياتي في أفغانستان، وفي هذا النوع من الحروب؛ كل منزل، وكل شارع، قد يكون فخا، والأنفاق قد تمتد إلى خلف خطوط الجيش الإسرائيلي ، وهذا يعني أن القتال ليس في الجهة الأمامية فقط، ولكن عند أي نقطة على محيط وجود القوات والمعدات.
وفي الحروب المشابهة السابقة، كانت النتيجة معارك طويلة، ومكلفة، وبلا نصر حاسم، لأن المقاومة ليست كيانا هرميا يمكن تقويضه عبر استهداف قادته أو بعض وحداته، بل هي منظومة شبكية تختلف طريقة عملها عن الجيوش التقليدية، ومع الضغط تتحول إلى مجموعات صغيرة منفردة يمكنها تنفيذ عمليات لا مركزية، مثل هجمات الكر والفر والكمائن المعقدة متعددة الأهداف واستخدام العبوات الناسفة التي يسهل نسبيا تصنيعها محليا.
وفي النهاية؛ جنود المقاومة يعرفون ظاهر الأرض وباطنها، كما أن لديهم هدف آخر من هذه المعارك، وهذا الهدف لا يتمثل بالنصر الحاسم كما تريد إسرائيل، بل بجعل الغزو مكلفا ومؤلما ومستنزفا، بما قد يتسبب في مقتل المئات من جنود الاحتلال كما يتوقع عدد من المحللين الإسرائيليين نظرا لحجم القتال المتوقع.
لمَ تعد مغامرة خطيرة؟
مؤخرا، نشرت شبكة "إن بي سي" صورا التقطتها أقمار صناعية تجارية تظهر حشدا للمركبات العسكرية الإسرائيلية على حافة الشريط الساحلي، ونقلت عن مسؤولين أميركيين قولهم إن ذلك قد يعني هجوما بريا جديدا ووشيكا.
وبالتزامن، بدأت المناشدات الدولية لإسرائيل للتراجع عن تلك الخطة الدموية، بمن في ذلك حلفاء إسرائيل -مثل أستراليا وبريطانيا – الذين سارعوا إلى إدانة الخطة، بينما أعلنت ألمانيا أنها ستوقف تصدير المعدات العسكرية التي يمكن استخدامها في غزة.
وداخليا يبدو أن الخطة لا تحظى بإجماع أيضا، حيث عارض كبار مسؤولي الأمن الإسرائيليين السابقين والسياسيين المعارضين الخطة، محذرين من ورطة عسكرية. حيث ندد زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد بخطوة الحكومة وقال إنها "كارثة ستؤدي إلى كوارث أخرى كثيرة"، بما في ذلك "مقتل الرهائن" وفق وصفه، بالإضافة إلى تكلفة تقدر بعشرات المليارات.
هذه المعارضة لها أسبابها المهمة الوجيهة من الناحية البراغماتية البحتة، فالعملية الجديدة ليست إلا مد للخطوط على استقامتها لسائر الخطط الإسرائيلية التي فشلت في تحقيق أهدافها بما في ذلك الغزو البري في بداية الحرب.
فغزة ليست مجرد رقعة جغرافية منبسطة وخاوية، بل هي منطقة شديدة الكثافة السكانية، ومليئة بالأنفاق والبنى التحتية. ودخول جيش إلى مثل هذا المكان بغرض "تطهيره" و"إعادة تشكيل" نظام الحكم فيه كما يقول الاحتلال؛ يُعد من أعقد العمليات التي يمكن أن يخوضها أي جيش، وهي عمليات لم تنجح سابقا بشكل حاسم حتى تنجح اليوم.
أما المدنيون، فليسوا قادرين جميعا على النزوح، خاصة المرضى والمسنين والنساء، وخاصة وسط منطقة تعرضت للتدمير والقصف اليومي الممنهج لمدار ما يقرب من عامين.
كما أن الهجوم سيجري على مدينة تضم مئات الآلاف ممن لم ولن يغادروا، وبالتالي فحجم القوة النارية المستخدمة سيؤدي حتما إلى مجازر، فما تعلمناه بوضوح خلال أشهر مضت، هو أن إسرائيل تخوض حرب إبادة وتتفنن في ممارسة هذه الإبادة.
وحتى على مستوى الأهداف السياسية، من الواضح أن حكومة الاحتلال تكرر إطلاق نفس الأهداف ولكن من دون مسار أو خطة واضحة لتحقيقها. وتزعم إسرائيل أن أحد أهدافها هو تحرير الأسرى المحتجزين لدى حماس، لكن الاقتحام الكامل يزيد احتمال موتهم كما حصل من قبل، أي أن العمل العسكري قد يُفشل الغاية السياسية المعلنة التي صمم لتحقيقها.
الخلاصة أن الخطة الإسرائيلية تعِد -كما وعدت من قبل أكثر من مرة- بالنصر الحاسم لكن من دون تعريف واضح لهذا النصر أو طريق محدد لتحقيقه. إنها ببساطة وصفة مثالية لتحقيق المزيد مما تبرع إسرائيل في تحقيقه: التجويع والقتل والإبادة.
وبالنسبة لجيش الاحتلال نفسه، فهي وصفة لاستنزاف المزيد من طاقته في حرب لا نهاية لها ولا هدف، وإعادة العشرات -وربما المئات- من جنوده في توابيت.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 8 دقائق
- الجزيرة
محمد قريقع مراسل الجزيرة الذي اغتاله الاحتلال
صحفي فلسطيني ولد عام 1992 في حي الشجاعية ب قطاع غزة ، عمل مراسلا لقناة الجزيرة الإعلامية أثناء العدوان الذي بدأته إسرائيل على القطاع عقب عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. المولد والنشأة وُلِد محمد قريقع في 15 مارس/آذار 1992، في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة. كان شابا متدينا، حافظا لسور القرآن الكريم، عُرف عنه بره بوالدته، وحبه لأسرته وشعبه ووطنه. فقد والده في سن السادسة، وكان وحيدا بلا إخوة أو أخوات. ترعرع مع والدته وتعلق بها تعلقا شديدا، لكن في 19 مارس/آذار 2024 استشهدت أثناء اجتياح قوات الاحتلال الإسرائيلي مستشفى الشفاء ، فيما تعرض محمد للاعتقال. تزوج وأنجب ثلاثة أبناء. الدراسة والتكوين العلمي نال درجة البكالوريوس في الصحافة والإعلام من الجامعة الإسلامية في قطاع غزة عام 2014. رغم انشغاله الكبير بالتغطية الصحفية أثناء الحرب الإسرائيلية على القطاع، أصر قريقع على إكمال دراسته والتحق ببرنامج الماجستير في الصحافة بالجامعة الإسلامية، وسط القصف والدمار. المسيرة الصحفية عمل في وسائل إعلام محلية عدة، منها فضائية الأقصى وإذاعة الرأي، ثم أصبح مراسلا لوكالات أنباء عالمية. انضم محمد قريقع إلى قناة الجزيرة في أغسطس/آب 2024 أثناء حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، التي اندلعت بعد عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. عمل على تغطية الأحداث الميدانية والإنسانية في القطاع، وأصبح أحد أبرز الصحفيين الذين نقلوا معاناة أهل غزة للعالم. تميز بصوته القوي ولغته الفصيحة، فكان ناقلا لمعاناة جميع فئات المجتمع، من الأطفال إلى كبار السن. كما غطى موجات النزوح وأوضاع المستشفيات وظروف الطواقم الطبية، وكان دائما يظهر متواصلا مع أبناء شعبه، ناقلا شهاداتهم ويومياتهم بتفان ودقة وإتقان. استشهد محمد قريقع يوم 10 أغسطس/آب 2025، إثر استهداف إسرائيلي لخيمة صحفيين بجوار مستشفى الشفاء الطبي ، مما أسفر أيضا عن استشهاد 5 صحفيين آخرين من بينهم أنس الشريف ومحمد نوفل وإبراهيم ظاهر. كان ظهوره الأخير على شاشة الجزيرة في نشرة "الحصاد" قبل نحو ساعة من استشهاده، حين قدّم تغطية مباشرة لآخر التطورات والمستجدات الإنسانية المتسارعة في مدينة غزة.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
محلل سياسي: تصريحات نتنياهو تنذر دول الطوق
قال المحلل السياسي إبراهيم المدهون، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يُعد مجرد سياسي تقليدي، بل شخصية أيديولوجية توظف الدين لخدمة مشروع توسعي يتجاوز حدود فلسطين التاريخية، ليشمل لبنان وسوريا والأردن ومصر ، مع تركيز خاص على سيناء. وأوضح المدهون في تصريحات للجزيرة نت، أن نتنياهو يسعى إلى جعل إسرائيل قوة مهيمنة في الشرق الأوسط ، مدفوعا بهاجس إعادة رسم خريطة المنطقة ورغبته في ترك بصمة تاريخية تضعه بين "القادة الكبار" في الذاكرة الصهيونية. وحذر من أن تصريحاته تمثل إنذارا لدول الطوق، خاصة مصر، لافتا إلى أن قطاع غزة ومقاومته يشكلان خط الدفاع الأول عن أمنها القومي، وأن فشل الاحتلال في حسم المعركة قد يدفعه للتوسع نحو سيناء. كما اعتبر أن استخدامه مصطلحات "تاريخية" و"روحانية" يهدف إلى شحن الداخل الإسرائيلي لمعركة وجودية، وإرسال رسائل ردع مبطنة تؤكد السعي لرسم حدود جديدة على حساب الدول العربية. وأضاف أن هذه التصريحات تكشف أن إسرائيل غير معنية بالتهدئة أو المفاوضات، بل تستخدمها للتغطية على خطط أكبر تشمل اجتياح غزة وتسريع تهويد المسجد الأقصى وهدمه وبناء الهيكل ، مؤكدا أنها المرة الأولى التي يعلن فيها نتنياهو هذه الرؤية مباشرة. وجاءت هذه التصريحات بعد مقابلة قناة الإخبارية الإسرائيلية (آي 24 نيوز) نتنياهو، أمس الثلاثاء، وقال فيها إنه في "مهمة تاريخية وروحانية"، واصفا دوره بأنه "رسالة أجيال" تستكمل ما بدأه جيل والده بتأسيس الدولة، مؤكدا أن مهمة جيله هي ضمان بقائها، رغم "التضحيات الكبيرة" التي تقدمها عائلته.


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
عاصف حميدي: استهداف صحفيي غزة اعتداء على حق العالم بالمعرفة
أكد عاصف حميدي مدير الأخبار في قناة الجزيرة أن ما تقوم به إسرائيل من استهداف ممنهج للصحفيين في قطاع غزة ليس اعتداء على صحفيين فلسطينيين أفراد فحسب، بل هو "هجوم مباشر على حق الجمهور العالمي بأسره في معرفة الحقيقة". لافتا إلى أن العالم شهد -قبل أيام- استشهاد الزملاء أنس الشريف ، ومحمد قريقع، وإبراهيم ظاهر، ومحمد نوفل، الذين استهدفتهم غارة إسرائيلية مباشرة بينما كانوا داخل خيمة إعلامية قرب مستشفى الشفاء ، رغم وضوح هويتهم الصحفية. جرائم قتل وأضاف في مقال له، "في الوقت الذي اعتقدت فيه الأوساط الصحفية في غزة أن الأمور لا يمكن أن تسوء أكثر من ذلك، قامت قوات الاحتلال الوحشية بقيادة بنيامين نتنياهو بارتكاب جريمة قتل أخرى بدم بارد، وهذه المرة ضد الصحفيين في قناة الجزيرة". وقال: "لم تظهر آلة الحرب الإسرائيلية -التي تسارع في تحقيق هدفها المعلن المتمثل في احتلال غزة- أي ضبط للنفس في استهداف الصحفيين، في انتهاك للاتفاقيات الدولية، ليرتقي -حتى الآن- 238 صحفيا في هذه الحرب، لتصبح أكثر الصراعات دموية للصحفيين والعاملين في مجال الإعلام في الذاكرة الحية". وبيّن حميدي أن الحرب في غزة سجلت عام 2024 أعلى عدد من الصحفيين الشهداء على يد القوات الإسرائيلية، مشددا على أن الاستهداف المنهجي للقضاء على الصحفيين ليس مجرد مأساة محلية أو إقليمية، بل هو انتهاك كارثي للمعايير الدولية المتعلقة بحماية الصحفيين في مناطق النزاع. وأرجع ذلك إلى الانهيار العالمي للمسؤولية الأخلاقية في حماية أولئك الذين يخاطرون بكل شيء من أجل تسليط الضوء على حقائق الحرب. ويرى مدير الأخبار في قناة الجزيرة أن غزة ليست المكان الوحيد الذي يتعرض فيه الصحفيون للحصار، فالتهديدات والترهيب والعنف القاتل ضد الصحفيين آخذة في الازدياد، مضيفا أن ما يميز الجرائم الإسرائيلية هو الإفلات من العقاب الذي تتمتع به قوات الاحتلال في قتل الصحفيين واللامبالاة التي يبديها قادة ما يسمى بالعالم الحر. وأعرب عن استغرابه من تكرار بعض المؤسسات الإعلامية لادعاءات النظام الإسرائيلي الكاذبة ضد الصحفيين المستهدفين "دون التحقق منها". استهداف ممنهج ولفت حميدي إلى أننا "نعيش أخطر فترة في التاريخ الحديث بالنسبة للصحفيين، الذين يتعرضون للتهديد والمضايقة والقتل لمجرد أداء واجبهم في نقل الحقيقة في جميع أنحاء العالم"، وأشار إلى أن المخاطر التي يواجهها الصحفيون في مناطق النزاع قد اشتدت عليهم. وأضاف أن عام 2023، شهد مقتل صحفي أو عامل إعلامي كل 4 أيام في المتوسط، بينما ساءت هذه الإحصائية في العام 2024، لتصل إلى مرة كل 3 أيام، معظمها على يد القوات الإسرائيلية. وشدد حميدي على أن الصحفيين في غزة ليسوا مراسلين دوليين تم إنزالهم بالمظلات، بل هم صحفيون محليون يعرفون الأرض والشعب أفضل من غيرهم، وقال: "هؤلاء الصحفيون لا يكتفون بتغطية مأساة غزة، بل يعيشونها بأنفسهم". واعتبر أن تصاعد العنف ضد الصحفيين في قطاع غزة "ليس عرضيا ولا معزولا"، بل هو جزء من اتجاه أوسع نطاقا، وأكثر إثارة للقلق، لافتا إلى أن إسكات وسائل الإعلام بشكل منهجي غالبا ما يتم تنسيقه من قبل المستبدين والأنظمة التي تسعى إلى إخفاء جرائمها في الظلام. وأكد حميدي على أن إسرائيل تستخدم سلاح التجويع كأداة، حيث يتم دفع الصحفيين إلى حافة الهاوية، بحيث ينهارون من الجوع أثناء عملهم، متحدثا عن صحفيي الجزيرة بالقول إن "الجزيرة فقدت العديد من الزملاء في قطاع غزة، حيث رفع استشهاد أنس الشريف وزملائه عدد الصحفيين الشهداء من شبكة الجزيرة إلى تسعة"، وأضاف "لقد عمل زملاؤنا على تغطية الفظائع التي ترتكب ضد المدنيين". ليضيف حميدي مستدركا على الرغم من ذلك، نصرّ في شبكة الجزيرة على "مواصلة واجبنا المهني"، وسنبقى ملتزمين بتغطية الإبادة الجماعية الجارية، على الرغم من جهود إسرائيل لتعمية أعيننا وأعين العالم، وسنعمل بلا كلل لتعزيز فرقنا الصحفية والبقاء أوفياء لجمهورنا العالمي، الذي له الحق في الحصول على المعلومات. في المقابل، دعا حميدي دول العالم للتضامن مع الصحفيين في قطاع غزة، وممارسة الضغوط الكاملة على إسرائيل لوقف استهداف الصحفيين وقتلهم والسماح لوسائل الإعلام الدولية بالوصول إلى قطاع غزة وحرية العمل فيه. وطالب المجتمع الدولي بالتحرك بسرعة وحزم لحماية الصحفيين وحماية أولئك الذين يخاطرون بكل شيء لاطلاع العالم على الكارثة الإنسانية المستمرة والإبادة الجماعية في غزة، مطالبا بضرورة السماح للصحفيين بأداء واجباتهم دون خوف من العنف، وأي شيء أقل من ذلك هو "خيانة لأبسط مبادئ حرية التعبير". وأشار إلى أننا "مدينون للصحفيين الشجعان في غزة على ما بذلوه من جهود، فعملهم ليس مجرد توثيق، بل هو المسودة الأولى للتاريخ، التي سيقوم من خلالها مؤرخو المستقبل بدراسة فظائع الإبادة الجماعية الأكثر تغطية تلفزيونية في القرن الـ21". حماية الصحفيين وبيّن أن الوصول إلى معلومات موثوقة عن الحروب والصراعات ليس ترفا، بل هو ضروري لرفاهية سكان العالم، وحماية حقوق الإنسان، والجهود العالمية لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب، وقال "عندما يتم إسكات الصحفيين، نصبح جميعا أكثر عرضة للتضليل والدعاية وإساءة استخدام السلطة دون رادع". وأضاف حميدي أن العالم إذا ما استمر في التسامح مع قتل الصحفيين وتجويعهم واضطهادهم، فلن تكون الصحافة وحدها التي تعاني، بل ستعاني أيضا المساءلة والديمقراطية، داعيا لتعزيز الإطار القانوني الدولي لحماية الصحفيين في حالات الحرب وإنفاذه على وجه السرعة. وطالب مدير الأخبار في قناة الجزيرة الأوساط الصحفية الدولية بتحمل مسؤولياتها إزاء ما يجري بحق الصحفيين في قطاع غزة، وقال إن "شجاعة الصحفيين في غزة والتزامهم وتضحياتهم لا تقل عن دعمنا الكامل ودفاعنا المستميت عنهم، كما أن تقاعسنا سيُذكر في التاريخ باعتباره فشلا ذريعا في حماية أولئك الذين وقفوا في طليعة الدفاع عن الحقيقة".