
هل يمكن للسلطة الجديدة في سوريا إعادة ترتيب العلاقات مع بكين؟
Getty Images
بعد ثلاثة أشهر تقريباً من الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد، أجرت بكين أول اتصال لها مع القيادة السورية، ثمّ بعد أسابيع عديدة من الصمت، التقى السفير الصيني في دمشق بالرئيس السوري أحمد الشرع ومسؤولين كبار آخرين في القصر الرئاسي.
وعلى الرغم من هذه الخطوة، لم يُكشف علناً ما تمت مناقشته بين الجانبين، ما يترك مستقبل مسار العلاقات بين الصين وسوريا غامضاً.
وتجد القيادة الجديدة في سوريا نفسها في مواجهة العديد من التحديات لإعادة بناء بلد دمرته حرب أهلية استمرت لأكثر من عقد من الزمن.
والملف الذي يشكل صعوبة بشكل خاص، هو إدارة علاقات دمشق مع القوى الأجنبية التي تمتلك العديد منها نفوذاً على سوريا بفضل مجموعة من العقوبات الوطنية والدولية المفروضة إما على الدولة السورية أو على هيئة تحرير الشام، المجموعة المعارضة السابقة التي كان يرأسها الشرع.
وتتسم علاقة الحكومة السورية الجديدة مع الصين بتعقيد من نوع خاص، إذ دعمت بكين باستمرار حكومة الأسد سياسياً، واعترفت بها كسلطة سيادية شرعية في سوريا على الرغم من وحشية حكمه.
البراغماتية المتواصلة: التجارة رغم السياسية
سيكون العديد من المعارضين السابقين المعيّنين في الحكومة السورية الجديدة على دراية تامة بالدعم الدبلوماسي الذي قدمته الصين للأسد. ومع ذلك، وفي حين أن النوايا الحسنة تجاه الصين قد تكون في أدنى مستوياتها، فإن الوجود الاقتصادي لبكين من المرجح أن يكون عميقاً في سوريا الجديدة، كما كان الحال في إدلب خلال السنوات الأخيرة.
فعلى الرغم من أن الدولة الصينية لم تعترف رسمياً بأي شكل من أشكال حكم المعارضين في إدلب قبل سقوط الأسد، إلا أن ذلك لم يمنع الشركات المصنعة الصينية - والعديد منها شركات خاصة - من الاستفادة من الطلب العالي في تلك المنطقة على سلعها ذات الأسعار المعقولة.
كما أن غياب العلاقات الدبلوماسية بين المعارضين السابقين والحكومة الصينية لم يمنع تجار القطاع الخاص في إدلب من النظر إلى الصين كمصدر للسلع المعقولة المناسبة لتلك المنطقة التي عانت من نقص السيولة.
Getty Images
مخيم في إدلب يؤوي نازحين سوريين من مناطق أخرى في البلاد
رزحت البنية التحتية والاقتصاد في إدلب تحت ضغط هائل خلال فترة الحصار، ليس فقط بسبب الأضرار التي خلفتها الحرب، وإنما أيضاً بسبب وجود حوالي مليوني سوري نازح داخلياً لجأوا إلى هناك.
تشير البيانات التي جمعتها وكالة "ريتش" للأبحاث، وحللتها بي بي سي في عام 2022 إلى أن الصين كانت المصدر الخارجي الرئيسي لـ 10 من أصل 17 عنصراً أساسياً ضرورياً لتوفير المأوى في إدلب.
ووجدت المنتجات الرخيصة من الصين وتركيا سوقاً جاهزاً تمثل في اقتصاد إدلب خلال الحرب. ومع انتقال الصين إلى التصنيع المتقدم في السنوات الأخيرة، فإن منتجاتها الأكثر تطوراً لبّت كذلك العديد من الاحتياجات الملحة في المنطقة.
دفعت الهجمات على البنية التحتية للمياه الكثير من سكان إدلب إلى الاعتماد على المياه المعبأة. وتتم تصفية مياه "الكوثر" – وهي علامة تجارية محلية بارزة – وتعبئتها في إدلب على خط إنتاج تم شحنه من الصين.
وظهرت شبكة من شركات التصدير السورية في المدن التجارية الجنوبية الصينية مثل ييوو وغوانغتشو، لتجارة هذه المنتجات، حيث تقوم بتوريد السلع الصينية وشحنها إلى سوريا.
أحد التجار، ويُدعى علي جدعو، قام بتوريد الآلات المستخدمة من قبل "الكوثَر"، وقال لبي بي سي إن السعر المنخفض هو السبب في اختيار الشركات للآلات الصينية، مضيفاً: "من حيث الجودة أيضاً، أصبحت السلع والمعدات الصينية الآن تنافس المنتجات التركية والأوروبية، بل وتتفوق عليها".
Getty Images
كان الوصول إلى المياه والطاقة مشكلة بالنسبة لسكان إدلب في السنوات الأخيرة
وانتشرت الألواح الشمسية الصينية في إدلب والمناطق المحيطة بها، حيث انقطعت إمدادات الكهرباء عن العديد من السكّان.
ويقول صفوان حاج عثمان، الذي بدأ نشاطه التجاري في مجال الطاقة الشمسية في إدلب قبل خمس سنوات: "لا يكاد يوجد منزل أو مصنع أو متجر في إدلب غير مزود بألواح شمسية".
ويقدر حاج عثمان، الذي يورد الألواح الشمسية من عدة دول، أن الألواح الصينية الجديدة تشكل حوالي 60 في المئة من الأنظمة الشمسية المثبتة في إدلب، بينما يتم استخدام الألواح الأوروبية المستعملة لبقية الأنظمة.
وأصبحت إدلب، التي كانت تُعتبر سابقاً منطقة نائية إلى حد ما، وجهة للسوريين من المناطق التي كانت تحت سيطرة النظام السابق لشراء كل شيء، بدءاً من الأدوات المنزلية وحتى المعدات الصناعية، ومعظمها صيني الصنع.
ويقول جدعو مازحاً: "أصبحت إدلب في الوقت الحاضر مثل باريس".
ومن المرجح أن تزدهر نشاطات العديد من التجار الذين لديهم روابط مع الموردين الصينيين في سوريا الجديدة، إذ ينشر البعض منهم على وسائل التواصل الاجتماعي حول كيفية مساهمة أعمالهم في إعادة الإعمار في البلاد.
بعد أيام قليلة من انتصار المعارضة، بدأ حاج عثمان يتلقى طلبات لتركيب أنظمة الطاقة الشمسية في المناطق التي كانت تحت سيطرة النظام، فيما قال جدعو لبي بي سي إنه يقوم بتلبية طلبات للآلات الصينية المخصصة للمصانع في حماة ودمشق.
إعادة الإعمار: فرصة لبدء المشاركة؟
وتحتاج سوريا بشكل كبير إلى إعادة بناء المرافق العامة والبنية التحتية، وهي مهمة تتطلب استثمارات ومعرفة فنية واستعداداً للمخاطرة أكبر مما هو الحال مع بيع السلع للمنازل والمتاجر والمصانع بشكل فردي.
بذل الأسد جهوداً دؤوبة لجذب المشاركة الصينية في خطط إعادة إعمار البلاد. كان أحد الأمثلة على ذلك صفقة بقيمة 30 مليون دولار لتوريد المعدات التي كانت ستستخدم لإعادة بناء البنية التحتية المتضررة للاتصالات في سوريا.
في الوقت ذاته، كان لدى إدلب شبكة اتصالات محلية خاصة بها، "سيريافون"، التي تم ترخيصها من قبل سلطات المعارضة. تغطي هذه الشبكة إدلب والعديد من المدن المحيطة، واستخدمت كذلك مكونات صنعتها الشركات الصينية.
ويقول أحمد أبو دوح، زميل مشارك في معهد "تشاتام هاوس"، ورئيس دراسات الصين في "إي بي سي" - وهو مركز أبحاث مقره الإمارات: "إعادة تأهيل مرافق الطاقة، إعادة بناء الموانئ... وكل تلك القرى والمدن التي دمرتها الحرب... الصينيون ماهرون جداً في ذلك، ويمكنهم إنجازه بسرعة كبيرة".
حتى الآن، يبدو أن الحكومة الجديدة في سوريا تحاول وضع العلاقات على أساس جديد. فبعد سقوط الأسد، رفعت السفارة السورية في بكين بسرعة العلم السوري الجديد، وأصدرت بياناً يحتفل بالإطاحة به، دون ذكر الدعم الدبلوماسي الصيني لحكمه.
وأضافت السفارة: "نؤكد أننا نعتمد على الدور الصيني في إزالة العقوبات الظالمة على سوريا، ولاحقاً في مهمة إعادة الإعمار".
الحزب الإسلامي التركستاني: هل هو العقبة الكبرى؟
وعلى الرغم من كل ذلك، فقد كسرت الصين صمتها علناً مرات عدة لتسليط الضوء على قضية واحدة: مشاركة الإيغور في الدولة السورية الجديدة، بما في ذلك تعيين بعضهم في مناصب قيادية في الجيش.
وفي بيان صدر في 18 فبراير/ شباط الماضي، قالت وزارة الخارجية الصينية إن لديها "تحفظات جدية" بشأن رفع العقوبات الدولية عن هيئة تحرير الشام لهذا السبب، مطالبة حكام سوريا الجدد باتخاذ إجراءات حازمة.
يقول أبو دوح: "يكشف لي ذلك أن حل قضية الإيغور هو شرط لكي تلعب الصين دوراً مهماً في إعادة بناء وإعمار سوريا".
وشارك أعضاء من المجموعة الإيغورية المعروفة باسم الحزب الإسلامي التركستاني في الهجوم النهائي للثوار في سوريا، وأصبح لهم حضور راسخ في شمال غرب البلاد من خلال المشاركة النشطة في الصراع على مدى عدة سنوات.
وفي 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وهو يوم سقوط دمشق، نشر الحزب الإسلامي التركستاني مقطع فيديو يقول فيه: "لقد قاتلنا في حمص، وفي إدلب، وسنواصل القتال في تركستان الشرقية"، في إشارة إلى الاسم الذي تستخدمه المنظمة لموطن الإيغور في شينغ يانغ، غربي الصين.
أطلقت السلطات الصينية في عام 2017 برنامجاً للاعتقالات الجماعية في شينغ يانغ، ضمن حملة أوسع لقمع جوانب من هوية الإيغور والممارسات الدينية الإسلامية مثل إطلاق اللحى والصيام، معتبرة أن هذه علامات على ما تسميه "التطرف".
منذ سقوط الأسد، اتخذ الشرع نهجاً براغماتياً، يظهر بوضوح في إعلان العفو عن المسؤولين الحكوميين وحتى الجنود الذين خدموا تحت حكم الأسد، طالما أنهم لم يشاركوا في التعذيب والانتهاكات الأخرى.
هذا الاستعداد للنسيان باسم التعافي الوطني قد ينطبق أيضاً على الدعم الذي قدمته الصين سابقاً للأسد.
ولكن بما أن الإيغور - رفاق السلاح للحكومة السورية الجديدة على مدى عدة سنوات - يشكلون إحدى العقبات الرئيسية أمام توثيق العلاقات مع الصين، فإن البحث عن حل مقبول لبكين قد يجهد هذه البراغماتية إلى الحد الأقصى.
وفيما يتعلق بالشكل الذي قد يبدو عليه الحل المقبول بالنسبة لبكين، يقول أبو دوح إن علاقات الصين مع طالبان بعد سيطرتها على أفغانستان ربما تقدم بعض الأدلة حول ذلك.
ويشير أبو دوح إلى أن طالبان لم تعد أياً من الإيغور إلى وطنهم، قائلاً: "في الوقت نفسه، ضمنوا ووعدوا الصينيين بأن أفغانستان لن تتحول إلى منصة لإطلاق هجمات إرهابية ضد المصالح الصينية"، مضيفاً أن "الصينيين براغماتون للغاية".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الأيام
منذ 4 ساعات
- الأيام
هل يوقع أحمد الشرع على اتفاق تطبيع مع إسرائيل؟
Getty Images هل سيرتفع العلم الإسرائيلي في قلب دمشق؟ سؤال بدأ يتردد على ألسنة الكثيرين في سوريا وخارجها في ظل التطورات المتلاحقة التي تشهدها البلاد عقب الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي. ولعل من أبرز تلك التطورات إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفع العقوبات المفروضة على دمشق خلال جولته الخليجية في وقت سابق من شهر مايو/أيار، والتي التقى خلالها بالرئيس الانتقالي السوري، أحمد الشرع، وحثه على التطبيع مع إسرائيل. وعقب سقوط الأسد، تواردت العديد من التقارير التي تحدثت عن لقاءات بين مسؤولين إسرائيليين وعناصر في السلطة السورية الجديدة. وجاءت تلك التقارير في الفترة التي شهدت تعرض مواقع عسكرية سورية لغارات إسرائيلية. كما كشفت مصادر مطلعة "لرويترز" عن عقد إسرائيل وسوريا خلال الأسابيع الماضية لقاءات مباشرة وجهاً لوجه، في محاولة لخفض التوترات ومنع اندلاع صراع في المنطقة الحدودية بين البلدين. وفي شهر أيار/مايو، وخلال لقائه الرئيس الفرنسي في قصر الإليزيه، قال الرئيس السوري الانتقالي إن هناك مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل عبر وسطاء لـ"تهدئة الأوضاع وعدم خروجها عن السيطرة". يتقاطع حديث التطبيع بين سوريا وإسرائيل مع قضايا جغرافية وتاريخية وسياسية واقتصادية ومواقف شعبية، قد يعرقل بعضها إبرام اتفاق تطبيع، بينما قد يدفع البعض الآخر في اتجاه سلام مع إسرائيل. "وديعة رابين" خاضت سوريا ثلاث حروب ضد إسرائيل في إطار المواجهات العسكرية بين دول عربية وإسرائيل، بداية من حرب 1948، مروراً بحرب الخامس من يونيو/حزيران عام 1967، وصولاً إلى حرب أكتوبر/تشرين الأول عام 1973، إلى جانب اشتباكات ومعارك متقطعة خلال الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990). الحروب بين البلدين كانت تنتهي باتفاقات هدنة (1949) أو فض اشتباك (1974)، أما المحصلة الميدانية لتلك المواجهات فكانت احتلالاً إسرائيلياً لمرتفعات الجولان منذ عام 1967، وحالة من العداء الرسمي طيلة عشرات السنوات، شملت استضافة الحكومة السورية فصائل فلسطينية مسلحة، وشن إسرائيل غارات على مواقع داخل سوريا، خاصة خلال فترة الصراع السوري الداخلي، الذي بدأ عام 2011. Getty Images صورة أرشيفية للرئيسين حافظ الأسد وبيل كلينتون في حقبة التسعينيات التي شهدت مفاوضات سلام بين سوريا وإسرائيل وفي بداية التسعينيات من القرن المنصرم، ومع مشاركة سوريا في حرب الخليج الثانية ضمن تحالف دولي وإقليمي ضد العراق بعد غزوه للكويت، بدا أن منطقة الشرق الأوسط على أعتاب مرحلة جديدة ترعى فيها واشنطن اتفاقات سلام بين أعداء الأمس. فوقّعت منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل اتفاق أوسلو، كما أبرم الأردن اتفاقاً مشابهاً، وأجريت لقاءات مباشرة بين مسؤولين إسرائيليين وسوريين في إطار التمهيد لانضمام الرئيس السوري حافظ الأسد إلى قافلة التطبيع، وهو الذي كان معارضاً لاتفاق السلام بين مصر وإسرائيل في زمن الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات في نهاية سبعينيات القرن الماضي. تناولت محادثات السلام السورية الإسرائيلية العديد من القضايا الأمنية والسياسية والاقتصادية، ويٌعتقد أنها شملت ما عرف بـ"وديعة رابين" وهي مقترحات تعتمد على تعهد شفهي من رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين بالانسحاب الكامل من الجولان مقابل ترتيبات تحفظ أمن إسرائيل. لكن محادثات السلام تعرضت لانتكاسة كبيرة جراء اغتيال رابين عام 1995 على يد متطرف يهودي معادٍ لاتفاقات التطبيع. ولم تفلح المفاوضات اللاحقة سواء في عهد الأسد الأب أو الأبن في حل الخلافات المتعلقة بحجم الانسحاب من الجولان والترتيبات الأمنية والسماح بوجود سوريّ على بحيرة طبرية/ بحر الجليل. المزاج الشعبي لم تغير محادثات السلام الإسرائيلية السورية من خطاب حزب البعث الحاكم، ذي التوجهات القومية العربية، داخل سوريا تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. فدمشق ظلت تروج لنفسها داخلياً على أنها "مناوئة للمشروع الصهيوني"، وازداد زخم ذلك الخطاب في ظل التحالف مع حزب الله الذي خاض حرباً ضد إسرائيل في عام 2006. لكن الموقف الشعبي من حزب الله تعرّض لتحدٍ كبير في عام 2013 مع بداية مشاركة مقاتلي الحزب بجانب القوات الحكومية السورية، ما أثار امتعاض الفريق السوريّ المناوئ للأسد. وكان من الطبيعي أن تلقي تلك التغيرات التي شهدتها سوريا في سنوات الصراع الداخلي بظلالها على الموقف الشعبي من الاستقطابات الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط. إذ يبدو أنه لا يوجد اليوم موقف واحد جامع للسوريين فيما يتعلق بالموقف من إسرائيل، وهي التي تخوض حرباً في غزة عقب الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. رهف الدغلي، أستاذة العلوم السياسية في جامعة لانكستر، ترى أنه يمكن تقسيم المواقف في سوريا حالياً حيال قضية التطبيع إلى ثلاثة معسكرات: المعسكر الأول - والذي ترى أن حجمه ليس بالقليل إن لم يكن الأكبر عدداً - يضم من يريدون وضع نهاية للأوضاع المأساوية التي تعيشها سوريا منذ عام 2011، لذا فإنهم قد يقبلون بالسلام مع إسرائيل ليس من باب التعاطف معها، بل لمنح البلاد فرصة للتعافي من حرب قتل فيها نظام بشار الأسد من السوريين أكثر ممن قُتلوا في الحروب مع إسرائيل. بينما يعارض الفريق الثاني إبرام النظام الحالي - ذي الصفة الانتقالية - اتفاق سلام مع إسرائيل من دون تخويل شعبي - خاصة وأن الشرع لم ُينتخب. ويضم المعسكر الثالث المعارض للتطبيع بشكل عام فئات عدة، من بينها قطاع من أبناء الأقليات الذين يخشون من عمليات انتقامية بحقهم من قبل المسلحين الرافضين للتطبيع - ممن يرون أن الأقليات "تتعاون مع إسرائيل". Getty Images شهدت سوريا تظاهرات منددة بالحرب الإسرائيلية في غزة لكن، هل يمكن الآن قياس حجم الدعم أو الرفض الشعبي في سوريا حيال إبرام اتفاق تطبيع مع إسرائيل؟ المركز السوري لدراسات الرأي العام (مدى)، وهو مؤسسة بحثية تعرّف نفسها بالمستقلة، أصدر في نهاية شهر أبريل/نيسان الماضي نتائج استطلاع للرأي أجراه على 2550 سوريا من عموم المحافظات حول قضية التطبيع، جاء فيه أن 46.35 في المئة من العينة المستطلَعة لا يؤيدون توقيع اتفاق سلام مع إسرائيل، مقابل 39.88 في المئة من المؤيدين، بينما قال 13.76 في المئة إنهم غير معنيين أو غير مهتمين. ويصف المشرفون على الاستطلاع نسبة المؤيدين بـ"العالية"، عند الأخذ بعين الاعتبار "الموقف العام في السابق من إسرائيل وعملية السلام". لكن كان من الملاحظ أن نسبة المعارضين لوجود "تمثيل دبلوماسي" بين البلدين بلغت نحو 60 في المئة مقابل نسبة المؤيدين التي وصلت إلى ما يقرب من 17 في المئة. الجولان المحتل الدكتور كمال العبدو، عميد كلية العلوم السياسية بجامعة الشمال في إدلب، يرى أن معارضي التطبيع "هم الأغلبية" وهو ما يمثل إحدى أبرز العقبات أمام إبرام اتفاق سلام. لكن قائمة العقبات الرئيسية تشمل أيضاً قضية مرتفعات الجولان المحتلة، بحسب الأكاديمي السوري. مرتفعات الجولان تقع في جنوب غرب سوريا وتبلغ مساحتها حوالي 1,200 كيلومتر، لكن أهمية المنطقة الاستراتيجية تزيد بكثير عن حجمها إذ إن طبيعتها الجغرافية وموقعها المرتفع يمنحان من يسيطر عليها موقعاً متميزاً بين سوريا وإسرائيل. BBC احتلت إسرائيل أغلبية مرتفعات الجولان عام 1967 لينزح الجزء الأكبر من سكانها إلى الداخل السوري، وعام 1974 أبرم الجانبان اتفاقاً لفك الاشتباك عقب حرب أكتوبر/تشرين الأول عام 1973 نص على إنشاء منطقة عازلة بين القوات الإسرائيلية في الجزء الغربي من الجولان والقوات السورية في الجزء الشرقي، ليسود الهدوء المنطقة الحدودية بين الجانبين لعشرات السنين. ضمّت إسرائيل مرتفعات الجولان من جانب واحد في عام 1981. ولم يُعترف بهذه الخطوة دولياً، رغم أن إدارة ترامب الأمريكية اعترفت بها عام 2019. وأنشأت إسرائيل أكثر من 30 مستوطنة في الجولان يعيش فيها نحو 20 ألف مستوطن إسرائيلي. وعقب سقوط نظام الأسد أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن اتفاقية فض الاشتباك قد انهارت وأمر قواته بالتقدم إلى المنطقة العازلة. لكن هل يمكن أن تكون مرتفعات الجولان ورقة تفاوض بين سوريا وإسرائيل في إطار اتفاق للتطبيع بين البلدين في ظل كل تلك التطورات؟ إيهود ياري، محلل شؤون الشرق الأوسط في القناة الثانية عشرة الإسرائيلية أعرب عن اعتقاده بـ"عدم وجود أي مسؤول سياسي في إسرائيل مستعد الآن للتخلي عن الجولان". في المقابل، فإن الأكاديمي السوري كمال العبدو يرى أن السلطة الانتقالية الحالية لا تستطيع التنازل عن الأراضي السورية المحتلة. ألكساندر لانغلوي، محلل السياسة الخارجية الأمريكية المختص بشؤون غرب آسيا، يعتقد أن السلطة الحالية في سوريا لن تقدم على إبرام اتفاق سلام شامل مع إسرائيل في المستقبل القريب، فإبداء الشرع اهتمامه بالتطبيع "هو جزء من لعبة دبلوماسية أكبر تهدف إلى الحصول على المساعدة والاعتراف من الغرب". فهل يعني هذا أن فرص إحلال السلام بين سوريا وإسرائيل ستتحطم على صخرة قضية الجولان؟ "تفاهمات" بينما يستبعد الدكتور كمال العبدو إمكانية التوصل إلى اتفاق تطبيع بين سوريا وإسرائيل في الوقت الحالي، إلا أنه يشير إلى إمكانية أن يتوصل الجانبان إلى "تفاهمات معينة" برعاية إقليمية تناقش ترتيبات حول أمن الحدود والانتشار العسكري، بجانب توفير ضمانات لإسرائيل بعدم الاعتداء عليها. كما يضيف أنه من الممكن أن تشمل الاتفاقات "تأجير الجولان لفترة معينة كما حدث في غور الأردن في اتفاقية وادي عربة". من جهته، يقول الصحفي الإسرائيلي إيهود ياري إن هناك قناعة في أواسط الطبقة السياسية والعسكرية في إسرائيل بأنه يمكن التوصل إلى "تفاهم مهم" مع دمشق "ربما لن يكون تطبيعاً شاملاً مثلما هو الحال في الاتفاقيات الإبراهيمية لكن هذا التفاهم يمكن أن يقود إلى ترتيبات حول مصالح مشتركة مثل الأمن والحدود". ويشير ياري إلى إمكانية إبرام اتفاقيات أمنية جديدة بين سوريا وإسرائيل تحل محل اتفاقية فك الارتباط لعام 1974. كما يمكن أن تشمل تلك التفاهمات تطبيعاً بين مكوّنات دينيّة داخل سوريا (مثل طائفة الدروز) وإسرائيل. شكّل دروز سوريا محور اهتمام خاص من قِبل إسرائيل عقب سقوط نظام بشار الأسد، وهو اهتمام تجلّى في عدة أحداث، أبرزها غارة إسرائيلية استهدفت منطقة قرب القصر الرئاسي في دمشق، عقب اشتباكات ذات طابع طائفي بالقرب من دمشق، وصرّح حينها بنيامين نتنياهو بأنها تمثّل "رسالة إلى النظام السوري مفادها أن إسرائيل ملتزمة بحماية دروز سوريا". المسلحون جاء سقوط نظام بشار الأسد في ظل تطورات ضخمة شهدتها منطقة الشرق الأوسط؛ فالحرب الإسرائيلية في غزة تجاوزت القطاع لتصل إلى لبنان الذي شهد مواجهات بين إسرائيل وحزب الله، أبرز حلفاء بشار الأسد. وعقب الخسائر التي تكبدها حزب الله، تقدمت الجماعات المسلحة المعارضة بسرعة كبيرة لتسيطر على المدن السورية واحدة تلو الأخرى وصولاً إلى دمشق. وكانت هيئة تحرير الشام الإسلامية المتشددة - التي كانت مدرجة على قوائم الإرهاب تحت قيادة الشرع - على رأس تلك القوات التي وضعت نهاية لحكم آل الأسد. وبعد الإطاحة بحكم الأسد، أُعلن عن التوصل إلى اتفاق يتم بموجبه حل الفصائل المسلحة ودمجها في القوات الحكومية. أما الشرع، الذي تخلى عن لقب أبو محمد الجولاني، فقد بدأ يغير خطابه ليتخلى عن النبرة الجهادية المتشددة. ولكن هل تقبل العناصر المسلحة، ذات الخلفية الإسلامية المتشددة التي قادها الشرع في حملة الإطاحة بنظام الأسد، باتفاق سلام مع إسرائيل أو حتى تفاهمات أمنية؟ Getty Images قادت تحرير الشام حملة الإطاحة بنظام الأسد ترى الدكتورة رهف الدغلي أن الشرع "غير قادر على فرض التطبيع الكامل" على المقاتلين الإسلاميين، سواء كانوا أجانب أو سوريين، "الذين يتخذون موقفاً راديكالياً داعما للقضية الفلسطينية". وبينما يتفق الدكتور كمال العبدو مع الحديث عن كون المسلحين الإسلاميين مؤيدين بشدة للقضية الفلسطينية، فإنه يشير إلى أن التفاهمات المستقبلية المحتملة قد تشمل محاربة التيارات المتطرفة وإبعاد "الجماعات الراديكالية" عن الحدود مع إسرائيل. وبعيداً عن الجماعات الموالية للشرع، يرى الصحفي الإسرائيلي إيهود ياري أن هناك الكثير مما يجب على السلطة في سوريا فعله، وقد تم جزء منه بالفعل، فيما يتعلق بالتنسيق لمواجهة حزب الله والفصائل الفلسطينية المسلحة التي كانت تحظى بدعم الأسد، وبعض المحاولات من قبل حماس لتأسيس قاعدة لها . وكان ترامب قد دعا الشرع إلى طرد من وصفهم بـ"الإرهابيين الفلسطينيين". الاقتصاد جاء إعلان الرئيس الأمريكي عن رفع العقوبات المفروضة على سوريا ليثير فرحة عارمة داخل البلد، الذي يعاني اقتصادياً جراء نحو 14 عاماً من الاقتتال الداخلي. ورغم أن ترامب لم يربط بين رفع العقوبات والتطبيع مع إسرائيل إلا أن هناك فريقاً من السوريين قد يرى أن السلام مع إسرائيل سيؤدي بشكل مباشر أو غير مباشر إلى تحسن الأوضاع الاقتصادية. فبحسب استطلاع الرأي الذي أجراه المركز السوري لدراسات الرأي العام فإن نحو 70 في المئة من العينة المستطلع رأيها يعتقدون أن السلام مع إسرائيل سيؤدي إلى قدوم الاستثمارات العربية والدولية إلى البلاد. لكن الدكتور كمال العبدو لا يعتقد أن التطبيع مع إسرائيل قد يؤدي بالضرورة إلى الرخاء، مستشهداً بالأوضاع الاقتصادية الصعبة في مصر التي أبرمت اتفاق سلام مع إسرائيل منذ نحو 45 عاماً. في المقابل يقول الصحفي الإسرائيلي إيهود ياري إن إسرائيل يمكن أن تساعد في حل أزمة الطاقة التي تعاني منها سوريا عبر ضخ الغاز من إسرائيل إلى سوريا ولاحقاً إلى لبنان. وهكذا، فإنه وبينما يستبعد محللون فرص تطبيع شامل أو قريب بين إسرائيل وسوريا، إلا أنهم يرون أن إمكانية التوصل إلى تفاهمات ربما تؤدي إلى ضبط الحدود بين البلدين بجانب تعاون في مجالات عسكرية وأمنية - تحُول دون تدهور الأوضاع في سوريا وانتقال تبعاتها إلى المنطقة الحدودية.


الأيام
منذ يوم واحد
- الأيام
ماكرون ليس الوحيد…أبرز المواقف المحرجة التي تعرض لها زعماء وسياسيون حول العالم
Reuters الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يبدو وكأنه تعرض لدفع من زوجته في فيتنام في عالم السياسة، يعيش زعماء الدول والسياسيون في قلب دائرة الضوء، ويراقبهم العالم عن كثب، وتُعتبر تحركاتهم والمواقف التي يتعرضون لها محط أنظار وحديث العالم. أحدث تلك المواقف التي أثارت تفاعلاً واسعاً جاءت من فرنسا، حيث ظهرت السيدة الأولى بريجيت ماكرون وهي توجه "صفعة" لزوجها، الرئيس إيمانويل ماكرون، على متن الطائرة الرئاسية.في البداية نفى فريق الإليزيه صحة الفيديو واعتبره مفبركاً، لكن وسائل الإعلام الفرنسية أثبتت صحته، فتراجع الإليزيه واعتبر الحادثة "سوء فهم" ولحظة ود ومزاح بين الزوجين، حسب ما جاء في صحيفة (لوموند) الفرنسية.وفي الثامن من يونيو/حزيران عام2021، تعرض ماكرون لصفعة على وجهه خلال زيارة جنوب شرقي فرنسا. حيث أظهر فيديو تداوله رواد التواصل الاجتماعي لحظة صفعه من رجل أثناء سيره قرب مدينة فالنسيا، قبل أن يتدخل الضباط ويسحبوه بعيداً. واعتُقل رجلان على خلفية الحادث، بينما سمِع هتاف "تسقط الماكرونية".وفي الأول من مارس/آذار عام 2012، هاجم مئات المتظاهرين الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي خلال حملته الانتخابية، مما اضطره للاختباء في مقهى محمي برجال مكافحة الشغب في بلدة بايون جنوب غرب فرنسا، حيث ألقى البعض البيض على المكان. Reuters وقع الحادث خلال مصافحة ماكرون لجماهير بمنطقة دروم جنوب شرقي البلاد Getty Images هيلاري كلينتون تتفادى رمي حذاء خلال خطاب في لاس فيغاس في 2014 وفي عام 2020، وأثناء إلقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطابه السنوي عن حالة الاتحاد، تجاهل مصافحة نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب الديمقراطية آنذاك، مما دفعها للرد بتمزيق نسخة من خطابه علناً. Getty Images نانسي بيلوسي ترفع نسخة ممزقة من خطاب حالة الاتحاد للرئيس دونالد ترامب داخل قاعة مجلس النواب، في 4 فبراير/ شباط 2020، بالعاصمة واشنطن وفي زيارة رسمية إلى إسرائيل عام 2017، حاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إمساك يد زوجته ميلانيا، لكنها سحبت يدها بشكل واضح، مما أثار موجة من التكهنات حول "فتور" العلاقة بينهما. وسرعان ما انتشرت اللقطة على مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع.وخلال مباراة لكرة السلة في واشنطن، التقطت الكاميرا اللحظة التي وجّه فيها باراك أوباما قبلة إلى زوجته ميشيل أمام جمهور المشجعين، لكن ميشيل لم تتجاوب على الفور. وصف البعض تردّدها بأنه استعراض على الملأ، بينما اعتبره آخرون موقفاً عفوياً يُظهر طبيعة العلاقة العائلية دون تصنّع.وخلال خطاب "حالة الاتحاد" عام 2023، التُقطت لحظة مثيرة للجدل حين تبادلت جيل بايدن، زوجة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، قبلة على الفم عن طريق الخطأ مع دوغ إمهوف، زوج كامالا هاريس، أمام الكاميرات.وأثناء قمة مجموعة السبع، ظهرت كاري جونسون وهي تحاول التفاعل مع زوجها رئيس الوزراء البريطاني آنذاك بوريس جونسون أمام الكاميرات، إلا أن الأخير بدا منشغلاً تماماً عنها. Getty Images الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وزوجته ميلانيا، لدى وصولهما إلى مطار بن غوريون في تل أبيب، 22 مايو/أيار 2017 Getty Images ميشيل أوباما تنتظر قبلة من باراك أوباما بعد ظهورهما على "كاميرا القبلة" خلال مباراة ضد البرازيل، في واشنطن في 16 يوليو/ تموز 2012 وتعرض الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن في 2 يونيو/حزيران 2023 للسقوط خلال فعالية في ولاية كولورادو. وقع الحادث أثناء توزيعه الشهادات في حفل تخرج أكاديمية القوات الجوية الأمريكية، حيث تعثر بكيس رمل.وذكرت صحيفة التلغراف البريطانية أن بايدن، بدا وكأنه غلبه النوم خلال قمة في أنغولا مع زعماء أفارقة، حيث أغلق عينيه لأكثر من دقيقة أثناء كلمة نائب رئيس تنزانيا، قبل أن يستيقظ ثم يغلق عينيه مرة أخرى.واتُهم بايدن بالنوم خلال عدة فعاليات دولية، كما تعرض لانتقادات بسبب عمره وزلاته على الساحة العالمية، وفق ما نقلته الصحيفة.وأثار بايدن جدلاً بزلة لسان خلال تعليقه على تطورات الحرب بين إسرائيل وغزة، حين أخطأ في تسمية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في هفوة لفتت انتباه وسائل الإعلام.وقال بايدن: "مبدئياً أعتقد كما تعلمون، أن رئيس المكسيك السيسي، لم يرغب في فتح معبر رفح للسماح بدخول المواد الإنسانية إلى قطاع غزة، وأنا أقنعته بفتحه".كما تعرض بايدن لزلة خلال إحدى فعاليات الحملة الانتخابية في ولاية نيفادا، وكان يروي قصة عن اجتماعه مع قادة العالم في مجموعة السبع، وأخطأ وقتها في اسم رئيس فرنسا الحالي إيمانويل ماكرون، ليذكر بدلاً منه اسم الرئيس الأسبق فرانسوا ميتران، الذي تولى رئاسة فرنسا عام 1981 وتوفي عام 1996.


الأيام
منذ يوم واحد
- الأيام
الكرملين يخرج عن صمته بخصوص وصف ترامب لبوتين 'بالمجنون'
Reuters قال الكرملين إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تظهر عليه علامات "انفعالات عاطفية زائدة" وذلك بعد أن وصف ترامب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه "مجنون للغاية" في أعقاب أكبر هجوم جوي لموسكو على أوكرانيا. وقال ترامب على منصته تروث سوشيال يوم الأحد إن "شيئا ما حدث" لبوتين بعد أن قتلت روسيا 13 شخصا في أوكرانيا بـ367 طائرة مسيرة وصاروخا. وقال ترامب: "لقد أصيب بالجنون التام". "قتل الكثير من الناس بلا داع." وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، إن التعليقات "ترتبط بانفعالات عاطفية زائدة لدى الجميع". وفي الوقت نفسه، قال المستشار الألماني فريدريش ميرز إن حلفاء أوكرانيا رفعوا جميع القيود على الأسلحة المقدمة، وسط تقارير عن أنه سيزود كييف بصواريخ توروس. وجاءت تعليقات ترامب في أعقاب أكبر هجوم جوي لروسيا منذ غزوها الشامل لأوكرانيا في فبراير عام 2022. قُتل ما لا يقل عن 13 شخصا وأصيب العشرات في أوكرانيا ما بين ليل السبت وصباح الأحد بعد أن أطلقت روسيا 367 طائرة مسيرة وصاروخا. وبين مساء الأحد وصباح الاثنين، أطلقت روسيا 355 طائرة بدون طيار ضد أوكرانيا، ما أسفر عن مقتل 10أشخاص. وقالت القوات الجوية الأوكرانية إن هذا هو أكبر هجوم يتم تنفيذه بطائرات بدون طيار حتى الآن. وقال بيسكوف إن الهجمات الجوية الأخيرة جاءت ردا على الهجمات الأوكرانية على "البنية التحتية الاجتماعية" في روسيا. وقالت وزارة الدفاع الروسية إن أنظمة الدفاع الجوي دمرت 20 طائرة مسيرة أوكرانية فوق عدة مناطق روسية. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يوم الأحد إنه ليس هناك "معنى عسكري" للهجمات الجوية الروسية - بل كانت "خياراً سياسياً واضحا ... من قبل بوتين، خياراً من جانب روسيا ... لمواصلة الحرب وتدمير الأرواح". وفي رد واضح على الهجمات الروسية خلال عطلة نهاية الأسبوع، قال المستشار الألماني ميرز إنه "لم تعد هناك" أي قيود على استخدام الأسلحة الموردة إلى أوكرانيا. وقال ميرز "هذا يعني أن أوكرانيا يمكنها الآن الدفاع عن نفسها، على سبيل المثال، بمهاجمة مواقع عسكرية في روسيا... مع استثناءات قليلة للغاية، أوكرانيا لم تفعل ذلك حتى وقت قريب. ولكن يمكنها الآن أن تفعل ذلك". وذكرت رويترز أن زيلينسكي كان من المقرر أن يسافر إلى برلين يوم الأربعاء، لكن لم يتم تأكيد ذلك. وتواصلت بي بي سي مع المستشارية الألمانية للتعليق على ما إذا كان بيان ميرز يشير إلى أن هناك إعلاناً وشيكاً بشأن توريد صواريخ توروس، وهو ما رفضته الحكومة الألمانية السابقة. وفي العام الماضي، قالت المملكة المتحدة إن أوكرانيا لها الحق في أن تقرر كيفية استخدام الأسلحة التي زودتها بها بريطانيا في دفاعها. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، أعطى الرئيس الأمريكي آنذاك جو بايدن أوكرانيا الإذن باستخدام الصواريخ طويلة المدى التي زودتها بها الولايات المتحدة لضرب روسيا، ولكن وفق قيود. ويبلغ مدى صاروخ توروس نحو 500 كيلومتر، وهي مسافة أكبر بكثير من الأنظمة الأخرى التي يقدمها حلفاء أوكرانيا. وقالت روسيا إن توريدها لأوكرانيا سيكون "خطوة خطيرة". Reuters عمال الطوارئ في موقع دمرت فيه منازل في غارة روسية في منطقة كييف يوم الأحد وفي حديثه في نيوجيرسي في وقت متأخر من مساء الأحد، قال ترامب عن بوتين: "أعرفه منذ فترة طويلة، ودائما ما أتفق معه، لكنه يطلق الصواريخ على المدن ويقتل الناس، وأنا لا أحب ذلك على الإطلاق". وقال أيضاً إنه يفكر في زيادة العقوبات الأمريكية على روسيا، وهو الأمر الذي هدد به من قبل أكثر من مرة. وبعد ذلك بوقت قصير، نشر ترامب تعليقا وصف فيه بوتين بـ"المجنون"، مضيفًا على منصته تروث سوشيال: " لقد قلت دائماً إنه يريد أوكرانيا بأكملها، وليس مجرد قطعة منها، وربما يكون هذا صحيحاً، ولكن إذا فعل ذلك، فسوف يؤدي ذلك إلى سقوط روسيا!". كما وجه الرئيس الأمريكي كلمات قوية لزيلينسكي، قائلا إنه "لا يقدم أي خدمة لبلاده من خلال التحدث بالطريقة التي يتحدث بها". وكتب ترامب عن زيلينسكي: "كل شيء يخرج من فمه يسبب مشاكل، أنا لا أحب ذلك، ومن الأفضل أن يتوقف ذلك". وعلى الرغم من قيام حلفاء كييف الأوروبيين بإعداد المزيد من العقوبات على روسيا، قالت الولايات المتحدة إنها إما ستواصل محاولة التوسط في محادثات السلام هذه، أو "الانسحاب" إذا لم يتم إحراز تقدم. وقال بيسكوف يوم الاثنين إن روسيا "ممتنة حقا" للأمريكيين و"شخصيا للرئيس ترامب" لمساعدتهم في تنظيم وإطلاق عملية التفاوض هذه. وفي الأسبوع الماضي، أجرى ترامب وبوتين مكالمة هاتفية لمدة ساعتين لمناقشة اتفاق وقف إطلاق النار الذي اقترحته الولايات المتحدة لوقف القتال. وقال الرئيس الأمريكي إنه يعتقد أن المكالمة الهاتفية سارت "بشكل جيد للغاية"، مضيفا أن روسيا وأوكرانيا "ستبدآن على الفور" مفاوضات من أجل وقف إطلاق النار و"إنهاء الحرب". ووافقت أوكرانيا علناً على وقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً، لكن بوتين قال إن روسيا ستعمل فقط مع أوكرانيا لصياغة "مذكرة" بشأن "سلام محتمل في المستقبل" - وهي خطوة وصفتها كييف وحلفاؤها الأوروبيون بأنها تكتيكات للتأخير. وعُقدت أول محادثات مباشرة بين أوكرانيا وروسيا في 16 مايو/أيار في إسطنبول بتركيا منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في 2022. وبصرف النظر عن تبادل كبير لأسرى الحرب الأسبوع الماضي، لم يكن هناك تقدم يذكر في التوصل إلى وقف لإطلاق النار. وتسيطر روسيا حالياً على نحو 20% من الأراضي الأوكرانية. ويشمل ذلك شبه جزيرة القرم - شبه الجزيرة الجنوبية لأوكرانيا التي ضمتها موسكو في عام 2014.