جعجع: سلاح «حزب الله» أَوْصَلَنا إلى الهلاك ولبنان أمام أسابيع حاسمة
وخلال لقاءٍ «بلا قفازات» مع مجموعة من الإعلاميين، شاركت فيه «الراي»، في مقرّه في معراب، أطلّ جعجع على العنوانين اللذين يختصران حالياً المشهد اللبناني المشدود إلى:
• مَهمةٍ مفصلية للموفد الأميركي توماس براك الذي يعود إلى بيروت الاثنين لسماع جواب لبنان الرسمي حيال المقترح الذي قدّمه حول سحب سلاح «حزب الله».
• وطلائع مكاسرة أطلّت من تحت قبة البرلمان قبل أيام حول اقتراع المغتربين تحت عنوان إلغاء المادة 112 من قانون الانتخاب التي تنصّ على إضافة 6 مقاعد إلى مجلس النواب تُخصص للمنتشرين، وتكريس حقّ هؤلاء بالتصويت كالمُقيمين أي للـ 128 نائباً، وهي المعركة التي تشكّل «القوات اللبنانية» قاطرةً لها مع أحزاب أخرى مُعارِضَة لحزب الله ونواب مستقلّين وتغييريين.
وفي ملف السلاح، قدّم «الحكيم» (اللقب الذي يطلقه القواتيون على جعجع) مقاربة «ثلاثية البُعد»:
* الضلع الأول فيها مبدئي - دستوري، وركيزته أن سلاح «حزب الله» في أصل وجوده خارج الدولة مخالف للدستور واتفاق الطائف والعيش المشترك ورغبة غالبية اللبنانيين، وجرّ الويلات على البلاد وناسها فتحوّلت سمعتها بفعل «التخادم» بين الدويلة والفاسدين من «سويسرا الشرق» إلى «جمهورية الكبتاغون والحدود السائبة والتهريب على عينك يا تاجر»، قبل أن يستجرّ أيضاً الانهيارَ المالي والاقتصادي.
* والضلع الثاني «عمليّ» وينطلق من التجربة التي كرّستْ في ضوء مجريات الحرب الأخيرة ونتائجها «سقوط سردية أن السلاح يحقق التوازن الاستراتيجي» بعدما بات هذا السلاح «عاملَ جذْبٍ للاعتداءات التي تستمرّ حتى اليوم من دون أن يكون حزب الله قادراً على لجْمها».
* أما الضلع الثالث فيتمحور حول وجود قرار عربي - دولي جدي وحاسم بوجوب سحْب السلاح غير الشرعي (بما في ذلك الفلسطيني)، وهو ما يُعبَّر عنه بـ «نسخته الأخيرة» في ورقةِ براك التي تُقَدِّمُ خريطةَ طريق لإنهاء هذا الملف وإلا «تُرك لبنان ليتدبّر أمره بمواجهة أي تجديدٍ للحرب من اسرائيل»، موضحاً أن هذه الخريطة التي يفترض أن تتبناها الحكومة في قرار من مجلس الوزراء تتضمّن في جانب منها ما يشبه الروزنامة لسحْب السلاح من جنوب الليطاني، ثم البقاع وخصوصاً بعلبك، فبيروت ومحيطها، وبعدها تثبيت الحدود مع اسرائيل فالترسيم مع سورية.
وفي حين يذكّر جعجع بأن إدخالَه السجن العام 1994 وحلّ حزب «القوات» كان يتّصل في أحد خلفياته بـ «أننا طحشْنا في موضوع سلاح «حزب الله»، أكد أن اتفاقَ وقف النار «الذي لم نكن نحن الذين فاوضْنا عليه بل الرئيس نبيه بري نيابةً عن حزب الله، يتمحور في جوهره وبنود واضحة فيه حول سحب السلاح جنوب الليطاني وشماله بعيداً من خزعبلات من هنا وهناك»، مشدداً على أن لبنان "أمام فرصة ذهبية لتقوم مجدداً دولة قوية تحمي وحدها وبقواها الذاتية حصراً أرضها وشعبها، وليس أحزاب أو تنظيمات مسلّحة صار شعارها واقعياً «نهدم ولا نحمي».
وأضاف «هذا مطلب لبناني، قبل أن يكون مطلباً عربياً ودولياً، إذ لا يمكننا قيام دولة فعليّة بوجود سلاح خارجها».
وحين سئل عن اللقاء الذي جَمَعه أخيراً برئيس الجمهورية العماد جوزف عون، أوضح جعجع أن من الواضح «أن رئيس الجمهورية لا يريد الوصولَ الى مشاكل أو صِدام في الداخل، وأنا طلبتُ عرض المقترح الأميركي لمناقشته على طاولة مجلس الوزراء وإصدار قرار رسمي بحل التنظيمات المسلحة»، لافتاً إلى أن «الرئيس عون يفكر مثلنا ويريد ما نريده، وهو اختار طريق الحوار، ولكن بعد نحو 5 أشهر أين وصلْنا في موضوع السلاح؟ وقد تمرّ أشهر أخرى بلا جدوى، وأعتقد أنه بات مطلوباً من السلطة أن تُظْهِر حزماً وتصميماً في ما خصّ حصر السلاح بيدها، وليتحمّل مَن يرفض مسؤولياته، ولا يجوز أن تتحوّل الدولة أشبه بوسيط بين حزب الله والأميركيين أو كأنها في موقع ضعف أو خوفٍ في مقاربة قضية جوهرية ومُحِقة مثل السلاح، وإن كان ذلك من باب الحرص».
ولم يقلّ صراحةً كلامُ جعجع عن مسألة السلاح الفلسطيني داخل المخيمات. فرغم تقديره لموقف رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في هذا الإطار، إلا أنه أخذ على الدولة اللبنانية انزلاقها إلى «ان تطلب من الفصائل داخل المخيمات جمْع السلاح مع ما ينطوي عليه ذلك من مخاطر صِدامات فلسطينية – فلسطينية، وهو ما ساهم في تجميد هذا الملف، في الوقت الذي يفترض بأي دولة ألا تفاوض حول قراراتها السيادية بل تتّخذ قرارها وتحدّد مهلاً للالتزام والتنفيذ».
وفيما لا يشاطر «الحكيم» المتخوّفين من تطورات أمنية على الحدود اللبنانية – السورية، معتبراً أن «الجيش اللبناني منتشر منذ أن حصل مواجهات قبل أشهر قليلة، والدولة كفيلة بضبط الحدود وحمايتها، وخصوصاً أن هذا مطلب أيضاً من النظام السوري الجديد»، يردّ على الخشية من أن يندفع «حزب الله» في اتجاه الداخل بسلاحه لافتاً إلى «ان السلاح في تقديري لم يعد ممكناً استخدامه لا في الخارج ولا الداخل، وجلّ ما يحصل هو محاولة لاستعمال وهْجه لتحقيق مكاسب، وهذه لعبة بأدواتٍ قديمة ولم تعد مُجْدية، وعلى الجميع إدراك أننا أمام أشهر وربما أسابيع حاسمة».
وفي ملف اقتراع المغتربين، حرص جعجع على استعادة «مسرح العمليات» السياسي الذي كان أفضى العام 2017 إلى إقرار قانون الانتخاب الذي لحظ إضافة 6 نواب لغير المقيمين وبموافقة «القوات اللبنانية»، موضحاً أنه في تلك المرحلة كان «الهدف الأساسي إسقاط قانون الستين المعمول به».
ولفت إلى أنه في ضوء التوازنات داخل البرلمان حينها وتحالف «السراء والضراء» بين تكتل لبنان القوي (كتلة التيار الوطني الحر) وحزب الله وحركة أمل، وطرْحِ النائب جبران باسيل آنذاك مسألة المقاعد الستة لشعوره بأن المغتربين في غالبيتهم لن يصوّتوا لمرشحي التيار، وجدنا أنفسنا أمام مفاضلة بين الإبقاء على «الستين» أو السير بالقانون كما هو، ومضيفاً: «كان في ذهننا أنه بما أن الحكومة لن تكون قادرة على وضع آلية للمقاعد الستة، فلتُنجَز انتخابات 2018 ونجد بعدها طريقة لتعديل المادة 112، علماً أنه في 2022 تم تمديد اقتراع المغتربين للـ 128 نائباً كل في دائرته ولمرة واحدة».
وتابع: «الآن نحن مجدداً أمام هذه المادة الشاذة التي يجب إلغاؤها، وهذه مواجهة كبرى وأبعد من مسألة ربح أو خسارة، بل هي موقف مبدئيّ: فإمّا نُبقي على صلة المغتربين بوطنهم، أو نقول لهم:»ارحلوا، الله معكم، لا شأن لنا بكم، ولا شأن لكم بنا. وهذا موضوع جوهري، ولن نتراجع عن معركتنا. لدينا مليون لبناني منتشر على لوائح الشطب ولا يمكننا خسارتهم".
واقترح جعجع على الحكومة «إما إجراء استفتاء بين المغتربين أو استطلاع رأي تقوم به قبل إحدى الشركات الدولية لتحديد موقفهم من الاقتراع لـ 6 نواب مخصصين لهم أو للنواب الـ 128 في بلادهم»، ملوّحاً بتحركات للجاليات اللبنانية أمام السفارات في الخارج في إطار تشكيل قوة ضغط على معرقلي إلغاء المادة 112.
وكرر أن «ما حدث في الجلسة الأخيرة لمجلس النواب محوره أن هناك 67 نائباً وقّعوا على اقتراح قانون معجّل مكرّر في شأن تعديل المادة 112. وهذا النوع من اقتراحات القوانين يُقدَّم عندما يكون الأمر ملحّاً، ويُفترض أن يُدرَج مباشرة على جدول أعمال أول جلسة نيابيّة بعد تقديمه، وهو ما لم يحصل»، مضيفاً: «هذه عملية غش، وبعد رفض إدراج الاقتراح على جدول الأعمال عمدنا إلى إعداد عريضة لمطالبة الرئيس بري بذلك وقد وصل عدد الموقّعين عليها إلى 62 حتى الآن، ونحن مستمرّون بالعمل للوصول إلى 65 نائباً».
وفي حين تحدث عن مهل ضاغطة «فوزارتا الداخلية والخارجيّة تحتاجان من الآن حتى مهلة شهر تقريباً لمعرفة القانون الذي ستُجرى بموجبه الانتخابات في الخارج، كي تبدآ التحضير لها»، أشار إلى «أن تسجيل المغتربين يبدأ في اكتوبر او نوفمبر، أي بعد ثلاثة أشهر، وإذا لم يُعرف القانون الذي ستُجرى على أساسه الانتخابات، كيف ستتحضّر»الخارجية«لتنظيمها في الخارج».
ورداً على سؤال حول هل يخشى أن يؤدي الكباش حول اقتراع المغتربين إلى تطيير الانتخابات من الثنائي الشيعي، قال: «لا يستطيعون تطيير الانتخابات، فمَن سيمدّد لمجلس النواب؟ هذا أمر كبير، والأمور تغيّرتْ والتوازنات داخل البرلمان لا تتيح مثل هذه الخطيئة».
الراي
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

القناة الثالثة والعشرون
منذ ساعة واحدة
- القناة الثالثة والعشرون
حاصباني: الرد على المقترح الأميركي يجب أن يكون بالفعل لا بالورق
ثمن عضو كتلة "الجمهورية القوية" النائب غسان حاصباني المساعي الرئاسية لإنجاز ورقة الرد على المقترح الأميركي بشأن تسليم سلاح "حزب الله". وفي حديث إلى برنامج "أحداث في حديث" عبر إذاعة "صوت كل لبنان"، قال: "المضحك المبكي أنهم يقولون إن 80% من الرد على الورقة الأميركية قد أنجز، بينما الأهم يكمن في الـ20% المتبقية، إذ ان الـ80% قد تكون مجرد كلام إنشائي. برأيي، الرد لا يجب أن يكون بورقة، بل بتحرك الجيش اللبناني على الأرض وإظهار الفعل قبل الكلام، ثم تأتي الورقة لتوضيح كيفية استتباع الأمر. هناك خطر أن تكون هذه الورقة غير كافية أو أن تبقى حبرا على ورق". وعن المظاهر المسلحة التي شهدتها بيروت أمس، اعتبر حاصباني أن "من واجب القوى الأمنية توقيف حملة السلاح الذين شاركوا في المسيرة الدينية"، داعيا اللبنانيين إلى "الاعتياد على فكرة الدولة وقوانينها التي يجب أن تطبق على الجميع من دون استثناء". ورأى أن الرسالة الكامنة وراء هذه المظاهر هي التمسك بالسلاح ورفض الحزب تسليمه، حتى السلاح المتوسط والثقيل. وحذر قائلا: "إذا لم تقم الدولة اللبنانية بواجبها ولم تكن حاسمة، فسنرى ما حذرت منه جهات خارجية عدة: سيترك لبنان لمصيره". وفي ما يتعلق بالجدل حول تعديل المادة 112 من قانون الانتخاب، أوضح حاصباني أن القوات اللبنانية قررت عدم المشاركة في الجلسات التشريعية إلى حين إدراج قانون اقتراع المغتربين على جدول الأعمال، معتبرا أننا "في مرحلة مصيرية ولا يمكننا التهاون على قاعدة مرّقلي قانون لمرّقلك والدخول في الزواريب الضيقة". انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

القناة الثالثة والعشرون
منذ 2 ساعات
- القناة الثالثة والعشرون
"انكسرت الجرة".. هل يجد باسيل حليفا جديدا؟
تشهد العلاقة بين "التيار الوطني الحر" و"حزب الله" تحولا كبيرا، ويمكن القول إن الانفصال بين الطرفين أصبح كاملًا. فحتى التمايز الذي أظهره "التيار"بعد حرب أيلول الماضية، والذي بدا في حينه محسوبًا وضمن حدود التنسيق، لم يكن بالحجم ولا بالحدة التي يحملها الخطاب الحالي لباسيل في وجه حارة حريك. اليوم، يتحدث رئيس "التيار"بلغة هجومية واضحة تشبه في مضمونها ونبرتها خطاب قوى 14 آذار في أوج صدامها مع "حزب الله". هذا التحول اللافت في خطاب باسيل، الذي بات يستهدف بشكل مباشر سلاح "الحزب"ودوره، يشير إلى أن العلاقة بين الطرفين تقترب من نقطة اللاعودة. فـ"الجرّة انكسرت"، وفق توصيف بعض الأوساط المطلعة، والخلاف يتعدى اليوم المسائل التفصيلية أو الحسابات الظرفية، ليصل إلى العمق السياسي الذي تأسس عليه تفاهم مار مخايل. وفي ظل هذا الواقع، لا يستبعد أن يمتد الانفصال إلى الانتخابات النيابية المقبلة، حيث يُتداول في أوساط "التيار"أن المعركة في دائرة جبيل-كسروان سيكون عنوانها الأساسي "كسر مرشح حزب الله". الهدف واضح: اختراق الساحة الشيعية بمقعد نيابي يمكّن قوى التغيير من ترشيح رئيس مجلس نواب غير نبيه بري، في ما يُعتبر ضربة مزدوجة للحزب ولحلفائه. لكن، أمام هذا الانقلاب السياسي الكبير، تُطرح تساؤلات مشروعة: هل سيتمكن "التيار" من استقطاب بيئة حاضنة جديدة تدعمه في خياراته المستجدة؟ أم أن خلافه القديم والعميق مع قوى 14 آذار ومع المكونات السيادية الأخرى سيجعله معزولًا، خاسرًا لحليفه الأساسي دون أن يكسب بديلًا حقيقيًا؟ في السياسة اللبنانية، من النادر أن تنجح القفزات في الهواء. و"التيار الوطني الحر"، إذ يفك شراكته مع حزب الله، يخاطر بكل رصيده السياسي الذي بُني لعقدين على هذه العلاقة. وإذا لم ينجح في إعادة رسم تموضعه بطريقة مقنعة للناخبين، فقد يجد نفسه قريبًا بلا حليف، ولا جمهور. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


بيروت نيوز
منذ 2 ساعات
- بيروت نيوز
منهك ومستنزف.. تقرير أميركي يتحدث عن إمكانية تخلي حزب الله عن سلاحه
ذكر موقع 'First Post' الأميركي أن 'حزب الله أجرى تقييما استراتيجيا شاملا في أعقاب صراعه المميت مع إسرائيل، والذي يتضمن النظر في تقليص مكانته كقوة مسلحة دون نزع سلاحه بالكامل، وفقا لثلاثة أفراد شاركوا في المناقشات. وتسلط المفاوضات الداخلية، التي لم تنته بعد ولم يتم الكشف عنها من قبل، الضوء على التحديات الشديدة التي يواجهها الحزب المدعوم من إيران منذ الاتفاق على الهدنة في أواخر تشرين الثاني. وتواصل القوات الإسرائيلية استهداف المناطق الخاضعة لسيطرة حزب الله، متهمةً إياه بخرق وقف إطلاق النار، وهو ما ينفيه الحزب، كما ويواجه ضغوطًا ماليةً حادة، ومطالب أميركية بنزع سلاحه، وتراجعًا في نفوذه السياسي منذ تشكيل حكومة جديدة في شباط بدعم أميركي'. وبحسب الموقع، 'لقد تفاقمت الصعوبات التي يواجهها الحزب نتيجة للتحولات الجذرية في ميزان القوى الإقليمي منذ أن اغتالت إسرائيل قيادته، وقتلت الآلاف من مقاتليه، ودمرت الكثير من أسلحته العام الماضي. كما وأُطيح ببشار الأسد، حليف حزب الله السوري، في كانون الأول، مما أدى إلى قطع خط إمداد حيوي بالأسلحة من إيران. وصرح مصدر أمني إقليمي ومسؤول لبناني رفيع المستوى لرويترز بأن طهران تتعافى الآن من صراعها الضار مع إسرائيل، مما يثير تساؤلات حول حجم المساعدة التي يمكنها تقديمها. وقال مصدر كبير مطلع على المناقشات الداخلية في حزب الله إن الحزب يجري محادثات سرية حول تحركاته المستقبلية. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته أن لجاناً صغيرة كانت تجتمع شخصياً أو عن بعد لمناقشة قضايا من بينها هيكل القيادة والدور السياسي والعمل الاجتماعي والتنموي والأسلحة'. وتابع الوقع، 'أشار المسؤول ومصدران آخران مطلعان على المناقشات إلى أن حزب الله خلص إلى أن الترسانة التي جمعها لردع إسرائيل عن مهاجمة لبنان أصبحت تشكل عبئا. وقال المسؤول إن حزب الله كان يتمتع بقوة فائضة، لكن كل تلك القوة تحولت إلى نقطة ضعف. تحت قيادة الأمين العام السابق للحزب حسن نصر الله، الذي اغتيل العام الماضي، تحوّل حزب الله إلى قوة عسكرية إقليمية، يمتلك عشرات الآلاف من المقاتلين والصواريخ والطائرات المسيّرة الجاهزة لضرب إسرائيل، كما وقدّم الحزب الدعم لحلفائه في سوريا والعراق واليمن. حينها، أصبحت إسرائيل تعتبر حزب الله تهديدًا كبيرًا. وعندما دخل الحزب في حرب اسناد مع حماس في بداية حرب غزة عام 2023، ردت إسرائيل بغارات جوية في لبنان، تطورت إلى هجوم بري'. وأضاف الموقع، 'منذ ذلك الحين، تخلى حزب الله عن عدد من مستودعات الأسلحة في جنوب لبنان للجيش اللبناني كما هو منصوص عليه في هدنة العام الماضي، على الرغم من أن إسرائيل تقول إنها ضربت البنية التحتية العسكرية هناك التي لا تزال مرتبطة بالحزب. وقالت المصادر إن حزب الله يدرس الآن تسليم بعض الأسلحة التي يمتلكها في أماكن أخرى من البلاد بشرط انسحاب إسرائيل من الجنوب ووقف هجماتها. لكن المصادر أفادت بأن الحزب لن يتخلى عن ترسانته كاملةً. فعلى سبيل المثال، يعتزم الاحتفاظ بأسلحة خفيفة وصواريخ مضادة للدبابات، واصفاً إياها بأنها وسيلةٌ لصد أي هجمات مستقبلية'. وبحسب الموقع، 'قال الجيش الإسرائيلي إنه سيواصل العمل على طول حدوده الشمالية وفقا للتفاهمات بين لبنان وإسرائيل، من أجل القضاء على أي تهديد وحماية المواطنين الإسرائيليين. إن احتفاظ حزب الله بأي قدرات عسكرية لن يرقى إلى مستوى الطموحات الإسرائيلية والأميركية، فبموجب شروط وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة وفرنسا، كان على القوات المسلحة اللبنانية مصادرة 'كل الأسلحة غير المرخصة'، بدءًا من المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني. كما تريد الحكومة اللبنانية من حزب الله تسليم ما تبقى من سلاحه في إطار سعيها لترسيخ احتكار الدولة للسلاح. وقد يؤدي عدم القيام بذلك إلى إثارة التوترات مع خصوم الحزب اللبنانيين، الذين يتهمون حزب الله باستغلال قوته العسكرية لفرض إرادته في شؤون الدولة، وجر لبنان مرارًا وتكرارًا إلى صراعات'. وتابع الموقع، 'كان السلاح محورًا أساسيًا في عقيدة حزب الله منذ تأسيسه على يد الحرس الثوري الإسلامي الإيراني لمحاربة القوات الإسرائيلية التي غزت لبنان عام 1982، في ذروة الحرب الأهلية اللبنانية. وأثار التوتر بشأن ترسانة الحزب صراعًا أهليًا قصيرًا آخر عام 2008. وقال نيكولاس بلانفورد، وهو زميل في المجلس الأطلسي، إنه من أجل إعادة تشكيل نفسه، يتعين على الحزب تبرير احتفاظه بالأسلحة في ظل مشهد سياسي معاد بشكل متزايد، مع معالجة خروقات الاستخبارات وضمان تمويله على المدى الطويل. وأضاف: 'لقد واجهوا تحديات من قبل، ولكن ليس هذا العدد من التحديات وفي الوقت عينه'. وقال مسؤول أوروبي مُطّلع على تقييمات الاستخبارات إن هناك الكثير من النقاشات الجارية داخل حزب الله حول مستقبله، لكن دون نتائج واضحة. ووصف المسؤول وضع حزب الله كجماعة مسلحة بأنه جزء لا يتجزأ من هويته، مؤكدًا أنه سيكون من الصعب عليه أن يصبح حزبًا سياسيًا بحتًا'. وأضاف الموقع، 'قالت نحو عشرة مصادر مطلعة على تفكير حزب الله إنه يريد الاحتفاظ ببعض الأسلحة ليس فقط في حالة التهديدات المستقبلية من إسرائيل ولكن أيضا لأنه قلق من أن الجهاديين المسلمين السنة في سوريا المجاورة قد يستغلون ضعف الأمن لمهاجمة شرق لبنان وهي منطقة ذات أغلبية شيعية. وعلى الرغم من النتائج الكارثية التي أسفرت عنها الحرب الأخيرة مع إسرائيل، فإن العديد من المؤيدين الأساسيين لحزب الله يريدون أن يظل مسلحاً. وقالت مصادر مطلعة على مداولات حزب الله إن الأولوية العاجلة بالنسبة له هي تلبية احتياجات الناخبين الذين تحملوا العبء الأكبر من الحرب'.