logo
فيدان والشيباني إلى بغداد لـ«تنسيق سياسي وأمني»

فيدان والشيباني إلى بغداد لـ«تنسيق سياسي وأمني»

الشرق الأوسط٢٤-٠٧-٢٠٢٥
من المنتظر أن يجري وزيرا خارجية تركيا وسوريا زيارة إلى العاصمة العراقية بغداد خلال الأيام القليلة المقبلة، لبحث ملفات سياسية واقتصادية مشتركة بين البلدان الثلاثة.
وما زال التحفظ سمة للعلاقة بين بغداد ودمشق منذ انهيار نظام بشار الأسد، بسبب ممانعة تظهرها أحزاب متنفذة في التحالف الحاكم في بغداد، «الإطار التنسيقي»، كما أن الحكومة لديها مخاوف من عودة نشاط «داعش» في المنطقة انطلاقاً من الأراضي السورية.
وقالت تقارير محلية إن «الوزيرين التركي هاكان فيدان، والسوري أسعد الشيباني سيزوران بغداد قريباً لاستكمال مباحثات سياسية وفنية أُجريت بين وفود معنية في العواصم الثلاث».
وأوضحت التقارير أن اجتماعاً ثلاثياً في بغداد على مستوى وزراء الخارجية سيبحث «عدة محاور من بينها كيفية رسم السياسة الاقتصادية وبلورتها على شكل اتفاقات بروتوكولية، إلى جانب مناقشة الملف الأمني، والسياسي، والشراكة وفق قواعد المصالح المشتركة، وقواعد حفظ الجوار، واستقرار الأمن، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء».
وكان وفد عراقي يضم مسؤولين وممثلين عن مؤسسات مالية قد شارك في مباحثات أجريت مع وزارة الخزانة الأميركية في أنقرة وإسطنبول ومع نظرائهم من تركيا وسوريا، لبحث رفع العقوبات المفروضة سابقاً على سوريا وتعزيز التعاون في مكافحة غسل الأموال، وفق ما نقلته وكالة «يني شفق» التركية.
وقال بيان للخزانة الأميركية إن واشنطن «مستعدة لدعم الإدارة السورية الجديدة في تعزيز قدراتها على مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بالتنسيق مع الشركاء في العراق وتركيا».
وأصدر الرئيس الأميركي دونالد ترمب في 30 يونيو (حزيران) الماضي قراراً وُصف بـ«التاريخي» بإنهاء العقوبات المفروضة على سوريا، ويهدف إلى دعم مسار الاستقرار والسلام.
من اليسار: وزراء خارجية سوريا أسعد الشيباني وتركيا هاكان فيدان والولايات المتحدة ماركو روبيو (الخارجية التركية)
في حين تبدو العلاقة السياسية بين العراق وتركيا قائمة على التنسيق بين البلدين، الذي تصاعد مع إعلان حزب «العمال» الكردستاني حل نفسه وإلقاء سلاحه، لا تزال العلاقة مع دمشق في بُعدها الدبلوماسي المتحفظ، دون أن تنتقل إلى علاقات سياسية متكافئة، لا سيما بعد تراجع الرئيس السوري أحمد الشرع عن المشاركة في «قمة بغداد» التي عُقدت في مايو (أيار) الماضي.
ويشجع سياسيون عراقيون الحكومة على لعب دور أكثر انفتاحاً مع المحيط الإقليمي للاستفادة من الفرص المتاحة. وقال محمد خوشناو، القيادي في حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني»، وهو أحد الأحزاب الرئيسة في إقليم كردستان، إن «العراق يحتاج إلى كسر التردد وبناء جسور مع كل دول المنطقة على كل المستويات، وبالتحديد مع تلك الدول التي يحتاجها العراق، سواء في ميدان الاقتصاد والطاقة، وسواهما».
وأضاف خوشناو، في حديث مع «الشرق الأوسط»، مبيناً «إطفاء محركات الصراع في المنطقة ومد الجسور مع دول المنطقة أمر في غاية الأهمية بصرف النظر عن الأجندات المختلفة لهذه الدول»، مشدداً على أن «جغرافية العراق السياسية مهمة جداً لا سيما بين أقطاب متصارعة مثل تركيا وإيران ودول عربية أخرى، فضلاً عن إسرائيل».
وأكد خوشناو أن «الحاجة باتت ماسة لأن يقوم العراق بترتيب علاقاته مع مختلف هذه الدول، لكنه لن يستطيع ذلك ما لم يشرع في إعادة ترتيب بيته الداخلي».
وكانت وزارة الخارجية العراقية قد أعربت عن «القلق البالغ إزاء تصاعد التوترات في سوريا، وأدانت بشدة التدخلات العسكرية الإسرائيلية المتكررة». وجددت التأكيد على «موقف بغداد الداعم لوحدة وسلامة الأراضي السورية ورفض أي انتهاك يمس سيادتها».
من اليسار: وزراء خارجية سوريا أسعد الشيباني والعراق فؤاد حسين والأردن أيمن الصفدي وتركيا هاكان فيدان ولبنان يوسف رجّي بعد اجتماع في عمان يوم 9 مارس 2025 (أ.ف.ب)
ورغم التحفظ العراقي على النظام الجديد في سوريا، والذي يحظى بدعم إقليمي ودولي لإنجاح عملية التعافي السياسي والاقتصادي في البلاد، فإن التأثير الأميركي في بغداد قد يدفع الأخيرة إلى التحرك أسرع نحو إعادة العلاقات بين البلدين إلى وضعها الطبيعي.
وقال سياسي عراقي بارز إن «واشنطن التي تبدو راضية تماماً عن الحكم الجديد في سوريا، هي نفسها لاعبة مؤثرة في بغداد، وقد يتحول هذا القاسم المشترك إلى محرك مؤثر لتشابك المصالح».
إلا أن السياسي الذي تحدث مع «الشرق الأوسط»، شريطة عدم الكشف عن اسمه لحساسية الموضوع، أشار إلى أن «المشكلة الحالية هي أن العلاقات مع سوريا الجديدة تتعلق بالطبقة السياسية الحالية التي تنكر الظروف الجديدة في المنطقة، كما أنها لا تجري الحسابات الدقيقة لأوزان القوى المؤثرة في التغييرات الحاصلة».
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الشرع: منفتحون على أي مبادرة تدعم استقرار المنطقة
الشرع: منفتحون على أي مبادرة تدعم استقرار المنطقة

العربية

timeمنذ 8 دقائق

  • العربية

الشرع: منفتحون على أي مبادرة تدعم استقرار المنطقة

أفاد الرئيس السوري أحمد الشرع، الثلاثاء، أن دمشق منفتحة على أي مبادرة تدعم أمن واستقرار المنطقة. وأكد الشرع خلال لقائه مع مستشار الأمن القومي البريطاني جوناثان باول في دمشق، الثلاثاء "انفتاح سوريا على أي مبادرات صادقة تدعم أمن واستقرار المنطقة، بشرط احترام سيادة البلاد وقرارها الوطني المستقل"، وفق ما ذكرته الوكالة العربية السورية للأنباء. وبحث الشرع والمسؤول البريطاني العلاقات الثنائية والأوضاع الإقليمية والدولية الراهنة وذلك بحضور وزير الخارجية أسعد حسن الشيباني، ورئيس الاستخبارات العامة حسين السلامة. حزمة مساعدات إلى سوريا في سياق متصل، أعلنت الحكومة البريطانية اليوم إرسال حزمة من المساعدات الإنسانية لأكثر من 85 ألف شخص في سوريا لدعم الاحتياجات الإنسانية، بحسب "سانا". وقالت الحكومة البريطانية في بيان على موقعها الإلكتروني: إن حزمة المساعدات تتضمن دعماً طبياً وإنسانياً يشمل توفير مواد غذائية ومياه نظيفة ورعاية صحية أساسية للنازحين ومستلزمات النظافة العامة والصرف الصحي في كل من السويداء ودرعا وريف دمشق. كما أوضحت الحكومة أن المساعدات تشمل إرسال فرق طبية متنقلة لتقديم الرعاية الصحية العاجلة وتوزيع الأدوية ومعدات الرعاية للحالات الطارئة على المراكز الصحية، مشيرة إلى أن قيمة هذه المساعدات تبلغ 1.7 مليون جنيه استرليني، وسيتم تنفيذها من خلال شراكات مع "صندوق الأمم المتحدة للسكان" و"هيئة الإغاثة الطبية الدولية" ومنظمات سورية محلية بالتعاون مع "صندوق الدعم من أجل سوريا". وأكدت الحكومة البريطانية التزامها بضمان الأمن الإقليمي والعالمي، مشددة على اتخاذ إجراءات لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها. وأعلنت بريطانيا، في الخامس من يوليو/تموز الماضي، إعادة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، بينما كان وزير خارجيتها، ديفيد لامي، يزور دمشق، حيث أجرى محادثات مع الرئيس أحمد الشرع. وكانت بريطانيا قطعت علاقاتها مع دمشق منذ منتصف عام 2012 بعد تصاعد الاحتجاجات في سوريا. وأعلنت وزارة الخزانة البريطانية في أبريل (نيسان) الماضي رفع تجميد الأصول المفروض سابقاً على وزارتي الدفاع والداخلية، وأجهزة الأمن، في سياق إجراءات أوروبية لرفع العقوبات عن سوريا بشكل كامل.

ما بعد تَصدّع «محور المقاومة»!
ما بعد تَصدّع «محور المقاومة»!

الشرق الأوسط

timeمنذ 38 دقائق

  • الشرق الأوسط

ما بعد تَصدّع «محور المقاومة»!

ضمن السياق الذي أطلقته 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، جاءت الهجمات الإسرائيلية ضد إيران وحرب الـ12 يوماً بين البلدين، وتكثيف الاستهداف الممنهج لـ«حزب الله» في جنوب لبنان وضاحية بيروت الجنوبية، حتى بعد إعلان وقف المواجهات على الحدود، فضلاً عن العمليات المستمرة ضد حركة «حماس» في غزة، والضربات العسكرية - وإن كان أثرها لا يزال محدوداً - على الحوثيين في اليمن. وفي ظل هذا كله، تبدو معالم ما يُعرف بـ«محور المقاومة» في حالة تراجع هيكلي، وسط متغيرات إقليمية ودولية تُعيد رسم خريطة النفوذ في الشرق الأوسط. كما لا يمكن تجاهل الانهيار الدراماتيكي لنظام بشار الأسد في سوريا، وخروجه من السلطة نهائياً، بعد أن كانت سوريا ممرّاً رئيسياً للتزويد بالعتاد العسكري. التوازنات الجديدة في المنطقة، ورغم دموية ما جرى وما يحدث يومياً في قطاع غزة من عمليات تجويع وتهجير قسري ممنهج، واستهداف للمدنيين، إضافة للاشتباكات في سوريا، ومساعي تل أبيب إلى الاستفادة من هذه التناقضات وخلق واقع إقليمي جديد، مأخوذة بنشوة القوة المفرطة، كل ذلك طرح العديد من الأسئلة عن مستقبل المكونات الطائفية والعرقية في الشرق الأوسط، وهل هنالك تفوق أو غلبة لمكون على آخر؟ المتبصرُ في التبدلات البنيوية في عدد من الدول نتيجة ما بعد 7 أكتوبر، يعي جيداً أن لا مجال للفرز على أسس دينية ومذهبية وعرقية، وأن هناك مستقبلاً مشتركاً لمختلف المكونات، فإما أن يسود السلام المنطقة، وتنعم به جميع شعوبها، وإلا فإن الفوضى سيدفع الكُلُّ ثمنها، وستكون إسرائيل بسياساتها المتطرفة هي الرابح الأكبر، لتخلق فراغاً ستسعى الجماعات الأصولية للاستفادة منه وتعزيز نفوذها. من القراءات التي سادت في هذه المرحلة، أن تصدع «محور المقاومة» وسقوط نظام الأسد، يعني بالضرورة خسارة الشيعة في الدول العربية، وأنهم بضعفِ إيران و«حزب الله» اللبناني، سوف يكونون مجرد هامشٍ في دولهم، ولكي تكون لهم القوة والهيبة، لا بد أن يستعيد «محور المقاومة» عنفوانه، ويبني هياكله مجدداً! رغم رواج السردية السابقة، فإن المفارقة اللافتة أن هذا التراجع لـ«محور المقاومة» لا يعني، كما يروِّج البعض، خسارة للمكوِّن الشيعي في العالم العربي، بل على العكس من ذلك تماماً، هو لحظة فاصلة يمكن أن تتيح للعرب الشيعة التحرر من أسر مشروع سياسي فوق وطني، استُخدم فيه المذهب بوصفه أداةً آيديولوجية، لا مجالاً للتنوع الديني أو الفقهي المشروع. لقد تأسس «محور المقاومة» على شعارات مواجهة إسرائيل والولايات المتحدة، لكنه في واقع الأمر انخرط في صراعات طائفية، وابتعد عن منطق الدولة، معتمداً على الميليشيات والولاءات العابرة للحدود. وقد ساهم هذا المسار في رسم صورة للشيعة أظهرتهم وكأنهم وكلاء لمشاريع خارجية، وخلق بيئة من التوجس الطائفي حوَّلت الانتماء المذهبي إلى عبء سياسي. لا يوجد إنسان يفكر بعقل سياسي وضمير أخلاقي يُمكنه أن يبرر الاعتداءات الإسرائيلية التي استهدفت المدنيين العُزّل، وقتلت آلاف الأطفال والنساء والشيوخ، فهذه جرائم حرب موصوفة، وانتهاك للقانون الدولي. وفي الوقت ذاته، تمكن قراءة هذه الضربات ومآلاتها، بكونها أعمالاً لم تكن فقط عسكرية، بل سياسية وأمنية معاً؛ فقد كشفت هشاشة المنظومة الأمنية لـ«محور المقاومة» وعجزه عن الردع الفعلي المؤلم والمؤثر، كما أظهرت حدود قدرة إيران على حماية حلفائها، لا سيما في ظل تفاقم أزماتها الداخلية والاقتصادية. كما أن انفصال نخبة مؤثرة من الشخصيات الوطنية الشيعية في دول الخليج العربي والعراق ولبنان عن هذا «المحور»، ونقدهم الصريح له، والدعوة إلى مشروع «مدني - وطني» يشير إلى تصدع بنيوي في رواية «المقاومة» التقليدية التي حاولت احتكار الشيعة! إن المواطنين الشيعة في الخليج والعراق ولبنان وسوريا واليمن، ليسوا حالة طارئة، بل مكون أصيل في مجتمعاتهم، ساهموا في بناء الدول الحديثة، وكانوا جزءاً من النخب الإدارية والثقافية والاقتصادية، وتربطهم علاقة الولاء لقيادتهم السياسية في أوطانهم. من خلال ما سبق، من المهم في هذه المرحلة الحرجة، تعزيز استقلال القرار الوطني للعرب الشيعة، وذلك عبر تطوير خطاب سياسي وثقافي يؤكد أولوية الانتماء الوطني، ورفض الارتهان للمشاريع العابرة للحدود، مع تعزيز التفكير المدني الحر والناقد. من جهة أخرى، تبرز أهمية إحياء «العقد الاجتماعي» عربياً، وذلك من خلال ترسيخ مبدأ «سيادة القانون» و«المواطنة المتساوية»، وتوسيع فضاء تكافؤ الفرص، بما يقطع الطريق أمام محاولات القوى الخارجية الولوج إلى الساحات الداخلية وإثارة الفتن. ولعلَّ من أهم الخطوات لمنع القوى العابرة للحدود من التأثير، أن يتم تفكيك الخطاب الطائفي الذي يُثير المشكلات بين المواطنين، وغربلة الخطاب الديني لدى مختلف المذاهب. فالنخب الإعلامية والثقافية في العالم العربي عليها أن تتنبه إلى عدم تعميم «الطائفية السياسية»؛ لأن في ذلك مخاطر على السلم الأهلي تجعله هشّاً! المرحلة المقبلة يجب أن تؤسس لرؤية وطنية، مدنية، عربية، داخلية، تقوم على المساواة والعدالة، فالمستقبل ليس لطائفة من دون أخرى، بل لكل مواطن يرى في الدولة ضمانته وسقفه الشرعي الوحيد، وفقط.

التنوع في العالم العربي
التنوع في العالم العربي

الشرق الأوسط

timeمنذ 38 دقائق

  • الشرق الأوسط

التنوع في العالم العربي

تحت عنوان «إدارة التنوع في العالم العربي»، وفي هذا المقام نشرت مقالاً قبل ثماني سنوات في 26 أبريل (نيسان) 2017 يتعرض لقضية «التنوع» العرقي والديني والمذهبي والقبائلي والنوعي في العالم العربي. كان قد مر يومان على انعقاد ندوة في الجامعة الأميركية بالقاهرة مشاركة بين منتدى الجامعة ومركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية لمناقشة القضية. الندوة كانت استجابة لواقع عربي صعب وعنيف أعقب «الربيع العربي»، الذي خلق أشكالاً من النزاع والحروب الأهلية، لعب فيها البعد الإثني دوراً كبيراً في دول عربية. وكان دوري في الندوة هو وضع نوع من الإطار الذي يعطي الحوار توجهاً نحو معالجة الحالة المتوترة، وليس تعميقها باتجاه الصراع. ولم يكن هناك بد من استعادة المشهد التراجيدي في الشرق الأوسط بعامة، والعالم العربي، في ذلك الوقت. وبعيداً عن الدخان المتصاعد، والحرائق المستعرة، والمدن المدمرة، والموتى والقتلى والجرحى واللاجئين والنازحين؛ فإن مشهداً بدا ممثلاً للمآسي القائمة على نفي «التنوع»، يظهر في عملية اتفاق أطراف متنازعة في سوريا على التبادل السكاني بين المناطق، فيذهب الشيعة إلى حيث يوجد الشيعة، والسنة إلى حيث يوجد السنة، حتى نصل إلى حالة نقية من التطهير العرقي؛ فلم يجد الإرهاب مشكلة أخلاقية في تفجير حافلة ساعة التبادل البشري فتختلط الدماء والجثامين في لحظة درامية بشعة لا تعرف سنة ولا شيعة! وقتها أخذت منهجاً أكاديمياً راجع المقتربات القومية والاشتراكية والليبرالية من القضية المتعسرة في الإقليم. والآن وبعد عقود من الحروب الأهلية، ومعايشة استخدام الأسلحة الكيماوية في «حلبجة»، والفرار للموت بالبحر المتوسط في سوريا، وتجاوزات «الثلث المعطل» في لبنان، فإن قضية التنوع ترفرف على ساحات الصراع في السودان وسوريا ولبنان واليمن؛ والمنازعات السياسية الحادة في العراق ودول عربية أخرى. وفي الظاهر حرب غزة الخامسة، وتوابعها من أشكال الحرب الإقليمية، وتأثيرها على دول عربية متعددة، فمن الأهمية بمكان الالتفات الجاد لهذه المسألة. لم يكن ذلك لندرة في العلم والمعرفة. كان الراحل الدكتور سعد الدين إبراهيم من أوائل من تعرضوا لمسألة الأقليات في الوطن العربي العرقية أو الدينية، مؤكداً أنها سمة أساسية من سمات الوطن العربي؛ وقدر أن 15 في المائة من سكان المنطقة العربية هم من الأقليات.الآن فإن الصورة ليست مختلفة كثيراً من حيث إنشاء خلل حاد في الدولة الوطنية العربية، مما يجعل مظاهر الاستقرار، ومن ثم التنمية المادية والبشرية تبدو بعيدة جداً. وهذا ما شهدناه خلال الشهور والأسابيع الأخيرة في السويداء السورية، وكيف تفاعل «الدروز» والقبائل العربية والحكومة السورية في ساحة واحدة تحت سماء تسيطر عليها الطائرات الإسرائيلية قاصفة دمشق وبقية الجنوب السوري في آن واحد. وجرى ذلك بينما يجري تقسيم السودان بين تحالف الحكومة «الشرعية» في الخرطوم، وتحالف حكومة «الدعم السريع» في «نيالا» عاصمة ولاية دارفور. الواقع هو أن العالم العربي بات مقسماً ما بين 11 دولة عربية ترتكز على مفهوم «الدولة الوطنية Nation State»، و11 دولة عربية أخرى تعيش انقسامات حادة ينفصل فيها السلاح عن السلطة السياسية؛ وحيث لا توجد انقسامات عرقية، فإن الانقسامات «الجهوية» تكفي لتهديد سلامة الدولة. كلا الأمرين - الدولة الوطنية والدولة المنقسمة - يحتاج إلى استئناف الزخم الفكري للتعامل مع التنوع في العالم العربي. وفي الحقيقة فإن هناك الكثير الذي يمكن الاستفادة منه من الدولة الوطنية الحالية وتجربتها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store