logo
هجوم مسلح على قاعدة روسية في سوريا ومقتل جنديين

هجوم مسلح على قاعدة روسية في سوريا ومقتل جنديين

الجزيرةمنذ 12 ساعات

شن مسلحان هجوما على قاعدة حميميم الجوية الروسية غربي سوريا، مما أسفر عن مقتل جنديين، وفقا لما ذكره مسؤول حكومي سوري وناشط محلي.
ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن المصدرين اللذين لم تكشف عن هويتهما، إنه تم أيضا قتل المسلحين اللذين نفذا الهجوم أمس الأول الثلاثاء على قاعدة حميميم الجوية على سواحل سوريا.
وقال المسؤول السوري إنه لم يتضح ما إذا كان الشخصان اللذان قتلا في القاعدة جنديين روسيين أم متعاقدين سوريين.
ووفقا للوكالة، لم ترد وزارة الدفاع الروسية على طلب للتعليق. كما لم تصدر الحكومة السورية أي بيان رسمي حول الحادث.
وبدأ الهجوم، وفق ما أفاد شاهد عيان يقيم في محيط القاعدة لوكالة الصحافة الفرنسية، من دون الكشف عن هويته، "عند الساعة السابعة صباح الثلاثاء واستمر لساعة، سمعنا خلالها دوي إطلاق رصاص وقذائف مع تحليق مسيرات في الأجواء".
وقال إن سكان المنطقة كانوا قد "رصدوا انتشارا لعناصر الأمن العام في محيط القاعدة منذ أيام".
ومنذ إطاحة السلطة الجديدة بحكم الرئيس المخلوع بشار الأسد ، تعمل روسيا التي شكلت أبرز داعميه خلال سنوات النزاع، على ضمان مصير قاعدة حميميم إضافة إلى قاعدتها البحرية في طرطوس، ولم يتعرض الموقعان سابقا لأي هجمات بعد الإطاحة بالأسد.
وشكلت روسيا حليفا رئيسيا للأسد وقدمت له دعما دبلوماسيا في مجلس الأمن إثر اندلاع الثورة ضده عام 2011. ثم تدخلت قواتها عسكريا دعما له بدءا من العام 2015 وساهمت، خصوصا عبر الغارات الجوية، في توجيه الدفة لصالحه على جبهات عدة في الميدان، قبل أن تستجمع المعارضة قوتها وتطيح به في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"قطرة في بحر الجوع".. دخول شاحنات مساعدات إلى غزة يثير الجدل والشكوك
"قطرة في بحر الجوع".. دخول شاحنات مساعدات إلى غزة يثير الجدل والشكوك

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

"قطرة في بحر الجوع".. دخول شاحنات مساعدات إلى غزة يثير الجدل والشكوك

في واحدة من أبشع صور العقاب الجماعي في العصر الحديث، يرزح أكثر من مليوني إنسان في قطاع غزة تحت حصار شامل تجاوز 80 يوما، فرضه الاحتلال الإسرائيلي بقبضة من نار وجوع. في ظل شُحٍّ خانق في الغذاء، والماء، والدواء، تحوّل القطاع إلى مسرح لمأساة إنسانية ممنهجة، تُدار بدقة لا تمنع الانهيار الكامل، لكنها تُبقي على الألم حيّا. ورغم دخول دفعة محدودة من شاحنات المساعدات الإنسانية إلى القطاع، أثار هذا التحرك موجة غضب وانتقادات واسعة من قِبَل نشطاء ومنظمات إنسانية، الذين وصفوا هذه الخطوة بأنها لا تعدو كونها "قطرة في بحر" من الاحتياجات الهائلة لأكثر من مليوني إنسان محاصر، في ظل ظروف إنسانية تُوصف بأنها من الأسوأ في تاريخ الحصار الحديث. وتزامن دخول عدد محدود من شاحنات المساعدات مع تشكيك منظمات إنسانية وهيئات أممية، وصفته بأنه مجرد محاولة تجميلية، مؤكدين أن الكميات المدخلة شحيحة جدا، ولا تلبي الحد الأدنى من الاحتياجات الإنسانية الهائلة لأكثر من مليوني إنسان. في هذا السياق، أشار مغرّدون إلى أن أول دفعة من المساعدات التي دخلت قطاع غزة، بعد أكثر من 3 أشهر من الحصار، لا تمثل سوى "قطرة في بحر" المعاناة الإنسانية، مؤكدين أن دخول المساعدات جاء بعد 3 أيام من ترويج الاحتلال الإسرائيلي لمزاعم كاذبة حول تسهيل وصول المساعدات. وأكد مغردون أن ما دخل لا يمثل شيئا مقارنة بحجم الكارثة، بل قد يُستخدم كـ"لقطة إعلامية" تخدم الاحتلال في الترويج لدعاية زائفة بأنه يسمح بالمساعدات. وأشار عدد من المغردين إلى أنه في الأيام العادية، دون حرب أو حصار، يحتاج القطاع إلى نحو 500 شاحنة يوميّا. أما اليوم، وبعد انقطاع دام 3 أشهر، لم يدخل سوى 91 شاحنة فقط. ويرى آخرون أن ما يجري في غزة هو "إدارة ممنهجة للمجاعة" وليس استجابة إنسانية حقيقية. فإسرائيل لا تمنع المجاعة، بل تديرها بحسابات دقيقة، تضمن عدم حدوث انهيار كامل يستدعي تدخلا دوليا مباشرا، وفي الوقت نفسه تمنع عودة الحياة إلى طبيعتها، حتى تُكمل مشروعها العسكري والسياسي في القطاع. وأكد عدد من المغردين أن إسرائيل تُنتج "مشاهد إعلامية مضللة" عبر طوابير شاحنات محدودة لتُظهر أمام الإعلام العالمي أنها تقوم بواجبها الإنساني، بينما الحقيقة أنها تُطبّق سياسة التجويع كسلاح حربي. وحتى نوعية الغذاء وكميته محسوبة بالسعرات، لا تُشبع ولا تُغني من جوع. إعلان وحذّر مغرّدون من التورّط في نقل الرواية الإسرائيلية دون نقد أو تحليل، مؤكدين على ضرورة كشف الحقيقة كاملة أمام الرأي العام. وقال أحد المغردين: "ما يحدث ليس إدخال مساعدات إنسانية حقيقية، بل إدارة مدروسة للجوع تستخدمها إسرائيل كأداة سياسية وعسكرية". وأكد آخرون أن ما يجري في غزة ليس هدفه إنقاذ الناس، بل كسب غطاء قانوني واستمرار الحرب دون ضغط دولي، وأن إسرائيل تستخدم المساعدات كأداة لإخفاء جرائم التجويع والإبادة. من جهته، قال مكتب الإعلام الحكومي في غزة إن 87 شاحنة مساعدات متنوعة دخلت إلى القطاع مساء الأربعاء، وقال إنه تم تخصيص هذه الشاحنات لصالح عدد من المؤسسات الدولية والأهلية لتلبية احتياجات إنسانية مختلفة. وفي وقت سابق، قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إن الاحتلال الإسرائيلي يضلل العالم بادعاء إدخال مساعدات إلى قطاع غزة، في حين يدير أبشع جرائم التجويع والإبادة في العصر الحديث، بينما حذرت الأمم المتحدة من وفاة 14 ألف رضيع بغزة إذا لم تدخل مساعدات في غضون 48 ساعة. وبدعم أميركي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 175 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.

تراشق بين قادة إسرائيل بعد هجوم المتحف اليهودي بواشنطن
تراشق بين قادة إسرائيل بعد هجوم المتحف اليهودي بواشنطن

الجزيرة

timeمنذ 3 ساعات

  • الجزيرة

تراشق بين قادة إسرائيل بعد هجوم المتحف اليهودي بواشنطن

تبادل قادة إسرائيل الاتهامات ما بينهم بعد حادثة مقتل اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن مساء أمس الأربعاء، وقال 3 وزراء إن دم موظفي السفارة يتحمله رئيس حزب الديمقراطيين الإسرائيلي يائير غولان، في حين حمل غولان حكومة بنيامين نتنياهو المسؤولية عن الحادث. فقد قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إن هناك علاقة مباشرة بين الدعاية المعادية للسامية وبين عملية القتل التي حصلت في واشنطن، معتبرا أن ممثلي إسرائيل حول العالم "هدف للإرهاب"، ودعا زعماء العالم للتوقف عن التحريض ضد إسرائيل. وأشار إلى أن "الإرهاب يلاحقنا في كل مكان ولن نستسلم له"، مؤكدا "علينا تعزيز الوحدة بين الإسرائيليين من أجل تحقيق الانتصار". من جهته قال وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير إن "معادي السامية في العالم يستمدون القوة من السياسيين الأشرار في إسرائيل"، في إشارة إلى تصريحات غولان ووزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق موشيه يعالون التي انتقدا فيها حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة. كما عبر وزير الثقافة الإسرائيلي ميكي زوهر عن شعوره بالصدمة إزاء الهجوم الدامي على موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن، وقال إن الهجوم "نجم عن تشويه سياسيين دنيئين سمعتنا باتهامات الإبادة الجماعية وجرائم الحرب"، في إشارة إلى غولان ويعالون أيضا. من ناحيته كان وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو أكثر مباشرة في توجيه الاتهام حيث قال إن "دم موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن على يدي يائير غولان وأصدقائه". وكان غولان قال الثالاث الماضي "إن الدولة العاقلة لا تشن حربا على المدنيين الفلسطينيين، ولا تقتل الأطفال كهواية، ولا تنتهج سياسة تهجير السكان"، في حين قال يعالون إن قتل حكومة نتنياهو للفلسطينيين نابع من "أيديولوجية مسيانية وقومية وفاشية". في المقابل رفض غولان الاتهامات السابقة وحمّل نتنياهو المسؤولية عن الهجوم في واشنطن وقال إن حكومته "تغذي معاداة السامية وكراهية إسرائيل والنتيجة هي خطر يهدد كل يهودي في العالم". وفي مواجهة تراشق الاتهامات هذا ناشد الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ الإسرائيليين " وقف المعارك البينية في الوقت الذي تواجه فيه الدولة العديد من التهديدات"، على حد قوله. وأضاف أن عليهم التحرك "معا بحزم في الحرب ضد الكراهية ومعاداة السامية وليس في الحرب الداخلية". من جهته عبر نتنياهو عن صدمته من الحادث وقال إن "الافتراءات الدموية ضد إسرائيل تسفك الدم ويجب محاربتها والقضاء التام عليها"، مؤكدا أنه " سيتم تعزيز الأمن في السفارات الإسرائيلية حول العالم". كما قال زعيم حزب "معسكر الدولة" الإسرائيلي المعارض بيني غانتس"سنواصل الوقوف معا في وجه الشر وسننتصر عليه". في حين قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إن ما حدث يرجع إلى "نفس الكراهية المعادية للسامية والتي تهدف الآن إلى نفي وجود إسرائيل"، على حد تعبيره. وأضاف أن "جريمة القتل في واشنطن استمرار لجريمة القتل التي وقعت في بروشين وللمذبحة في نير عوز" في إشارة منه إلى عملية طوفان الأقصى بتاريخ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 عندما هاجمت المقاومة الفلسطينية مستوطنات غلاف غزة ومن ضمنها مستوطنة نير عوز. إعلان بدوره قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد إن "هذا ما كانوا يقصدونه دائما بعبارة عولمة الانتفاضة"، واعتبر أن جريمة القتل في واشنطن " نتيجة مباشرة للتحريض الذي شهدناه في المظاهرات حول العالم" وانها كانت "عملا إرهابيا معاديا للسامية"، على حد زعمه. وشدد وزير خارجية إسرائيل جدعون ساعر على أن ممثلي "دولة إسرائيل دوما في خطر وخاصة في هذه الفترة هم في خطر متزايد". واعتبر السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون أن "إلحاق الأذى بالدبلوماسيين وبالجالية اليهودية يعتبر تجاوزا لخط أحمر" مؤكدا أن "إسرائيل ستواصل العمل بحزم لحماية مواطنيها وممثليها في جميع أنحاء العالم"، معبرا عن ثقته بان "السلطات ستتخذ إجراءات صارمة ضد من قاموا بهذا العمل الإجرامي".

سلاح حزب الله في السياقين اللبناني والإقليمي
سلاح حزب الله في السياقين اللبناني والإقليمي

الجزيرة

timeمنذ 4 ساعات

  • الجزيرة

سلاح حزب الله في السياقين اللبناني والإقليمي

ما إن وضعت الحرب الإسرائيلية على لبنان أوزارها، حتى تصدّر سلاح حزب الله أجندة السجالات اللبنانية الداخلية، وتقدم على غيره من العناوين، "الأولى بالرعاية"، من قبل الموفدين والمبعوثين العرب والدوليين، تارة تحت شعار "نزع الذرائع"، وأخرى تحت عنوان "حصرية السلاح" بيد الدولة، التي تمتلك وحدها قرار الحرب والسلم. ومن باب أن الشيء بالشيء يذكر، دخل "سلاح المخيمات" على خط السجال متعدد الأطراف، بانتظار زيارةٍ يَنظر لبنانيون كثر إليها بوصفها "محطة تاريخية"، حيث من المقرر أن يصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال أيام، إلى بيروت، لإجراء محادثات مع الرئاسات اللبنانية الثلاث، حول نزع السلاح الفلسطيني. خريطة المواقف المحلية من مسألة "السلاح" معروفة تمامًا، جذورها ضاربة في زمن حروب الطوائف، الأهلية قبل نصف قرن، وتعمقت أكثر في مناخات "الفالق الزلزالي المذهبي" الذي ضرب البلاد والمنطقة في ربع القرن الأخير. بيدَ أن جديدًا طرأ على حراك المواقف والمواقع اللبنانية، لم يعهده حزب الله منذ تأسيسه، وأعني به انتقال الدولة بمؤسساتها السيادية، من رئاسة وحكومة وغالبية نيابية، إلى تبني مطلب "حصرية السلاح" و"احتكار قرار الحرب والسلم"، بعد إسقاط ما كان يسميه الحزب بـ"المعادلة الذهبية": شعب وجيش ومقاومة. هذه المعادلة لم تعد قائمة اليوم، ولم يعد السلاح يحظى بالمظلة الرسمية / الشرعية التي تمتع بها سنوات طوالًا. جديدٌ آخر طرأ على المشهد اللبناني، يتمثل في انتقال الجدل حول "السلاح" إلى داخل حزب الله و"الثنائي الشيعي" والبيئة الاجتماعية الحاضنة. ما كان يقال بالأمس، همسًا وعلى الهوامش، بات يقال اليوم، علنًا وفي المتن، والأسئلة المكتومة من قبل، أخرجتها الحرب ونتائجها المروّعة إلى العلن من بعد، لا سيما مع تفاقم مأزق "فراغ القيادة" الذي خلّفه رحيل القائد الكاريزمي للحزب "والمحور"، السيد حسن نصرالله. وثمة تقديرات جادة، أخذت تستشرف تحولات وتبدلات في الحزب وبيئته، تسمح بالاعتقاد بأن تجربة احتكار "الثنائي" للتمثيل الشيعي في لبنان، قد لا تستمر طويلًا، وأن الباب بات مفتوحًا لنشوء قوى ومراكز جديدة على الساحة "الشيعية السياسية اللبنانية"، ولنا فيما واجهه الحزب والثنائي من تحدي العائلات والمجتمع المدني والمستقلين في الانتخابات البلدية والاختيارية الأخيرة في لبنان، ما يمكن أن يُعدّ بواكير وإرهاصات مرحلة جديدة. في موضوع "السلاح" حصرًا، وبمعزل عن المراجعات التي يشهدها الحزب وحلفاؤه وبيئته حول مختلف الشعارات والمُسلمات التي حكمت مواقفه وسلوكه وأداءَه في الحرب، يرى مقرب من الحزب أن من المشروع طرح السؤال حول وظيفة السلاح من جديد، بعد سنوات من النظر إليه بوصفه مسلمة من المسلمات، وواحدة من ثوابت المعادلة اللبنانية الداخلية والإقليمية. فهذا "السلاح" كانت له ثلاث وظائف: الردع، الحماية والتحرير، وكانت كل وظيفة منها كافية لـ"شرعنته"، وتسويق الاستمساك به وتسويغه، بيد أن أيًا منها لم يعد قائمًا اليوم، فإسرائيل نجحت في "تكسير" معادلة "الردع المتبادل" التي أنشأها الحزب بعد حرب 2006، ولبنان من جنوبه إلى بقاعه، مرورًا بضاحيته، بات بلا حماية، وعرضة لاستباحة وعربدة إسرائيل. أما التحرير فقد بات مهمة أجيال قادمة، إن ظل الحال على هذا المنوال، والمؤكد أنه ليس مطروحًا على جدول الأعمال "العملي" للحزب وأنصاره، وإن كان ما زال مدرجًا في الخطاب و"المبادئ". ويستشعر الحزب مأزقًا في خياراته. فالصبر و"ضبط النفس" و"كظم الغيظ"، لا تقلل من المخاطر المترتبة على استمرار إسرائيل في استنزاف الحزب في بنيته المادية والبشرية، ولا من تداعيات هذه الاستباحة على روح ومعنويات بيئته الشعبية، وتفضي إلى تآكل متسارع في منسوب الثقة بالحزب وسلاحه، موقعه ودوره. وفي المقابل، فإن قيام الحزب بالرد على الغطرسة الإسرائيلية المتمادية، ليس من شأنه سوى إشعال فتيل حرب جديدة، ستُمارس خلالها آلة الحرب الإسرائيلية أعلى درجات "التوحش"، ومن دون رقيب وحسيب، بل ربما بتشجيع من أطراف محلية وعربية ودولية، تريد لمهمة استئصال الحزب وسلاحه، أن تكتمل، وإن على طريقة نتنياهو. بين هذين الخيارين المُرين، اعتمد الحزب خيارًا ثالثًا، إذ وضع مسؤولية وقف الحرب ومعالجة تداعياتها، وإخراج الإسرائيليين من النقاط الخمس وتحرير الأسرى، في عهدة الدولة اللبنانية، وهو لا يكف عن ممارسة الضغوط على مؤسساتها، لكي تفعّل دبلوماسيتها وتستخدم ما بحوزتها وبحوزة أصدقاء لبنان، من أوراق لإنجاز هذه الأهداف، وهو في سبيل تسهيل المهمة على الدولة، يلتزم ضبط النفس الكامل، ويتعاون مع الجيش اللبناني جنوبي الليطاني، في عملية تسليم الأسلحة والمواقع، ما أتاح لرئيس الجمهورية القول إن 90 بالمئة من مهمة الجيش في الجنوب، قد أنجزت تمامًا، ومن دون معوقات. لكن الحزب، وهو يراهن على "خيار الدولة" في تحقيق ما أخفق هو في تحقيقه: وقف العدوان، الانسحاب الكامل وتحرير الأسرى، يعرف في دواخله الحدود الضيقة لما يمكن للدبلوماسية أن تجترحه من معجزات، وهو يعرف في قرارة نفسه، أن الدولة لكي تنجح في مسعاها، عليه هو بالذات، أن يدفع الثمن، ودائمًا من "كيس سلاحه"، ليس في الجنوب فحسب، بل وفي كل الأراضي اللبنانية، وليس سلاحه وحده، بل سلاح حلفائه من لبنانيين وفلسطينيين كذلك. هي معضلة خيارات، أحلاها مُرّ، تضع الحزب في حالة من "التيه". ومما يزيد طين الحزب وخيارته، بِلّةً، أن ليس ثمة من خيار سهل لدمج سلاحه ومسلحيه في أجهزة الدولة العسكرية والأمنية، فليس ثمة من "نظرية للأمن الوطني اللبناني"، متفقٍ عليها، أو تحظى بدعم غالبية وازنة من اللبنانيين، وليس ثمة من "إستراتيجية دفاعية" طال الحديث فيها وعنها من دون أن ترى النور حتى الآن. فلا سيناريو "الحشد الشعبي" مقبول من الرئاستين؛ الأولى والثالثة ومعهما فريق وازن من اللبنانيين، ولا صيغة الإدماج الفردي للمقاتلين في صفوف الجيش والأمن، مقبولة كذلك، بالنظر لأنها ستهدم أركان نظام "المحاصصة" في الوظائف والتشكيلات والتعيينات المعتمدة في لبنان، دع عنك جانبًا "الفيتوهات" التي ستنهال على لبنان من الخارج، حال الأخذ بأي صيغة من الصيغتين. يمكن لخيار "الدمج الفردي" لعناصر من الحزب أن يوفر حلولًا جزئية للمعضلة، بيد أنه لا يعالج مستقبل "جيشٍ" من المقاتلين الأشداء والمجربين، الذي أنشأه الحزب على امتداد عقود أربعة. ومثلما يجد الحزب صعوبة بالغة في تسويق بقاء السلاح والحفاظ عليه لدى جمهرة الخصوم، وحتى بعض الحلفاء الذين أخذوا ينفضون من حوله، تجد الدولة نفسها في مأزق خيارات للتعامل معه ومع سلاحه. فثمة في الداخل والخارج، من يستعجل "نزع السلاح"، ويضعه شرطًا مسبقًا للفرج والانفراج. وثمة أطراف متشددة، لا تمانع اللجوء إلى "خيار القوة" لفعل ذلك. لكن لبنان ما زالت لديه كثرة من العقلاء- في مقدمهم رئيس الجمهورية- الذين يرون أن "الحوار" وليس "القوة"، هو السبيل الوحيد لفعل ذلك، وأن اللجوء لخيارات عنيفة، محمّل بنذر عودة الحرب الأهلية، وخراب لبنان، على يد أبنائه هذه المرة، بعد أن ألحقت به إسرائيل خرابًا عميمًا في أشهر الحرب الوحشية عليه. والأهم من كل هذا وذاك، أن خيار اللجوء إلى القوة، قد لا ينتهي بنزع سلاح الحزب، وإنما بتسليح بقية الأحزاب والأطياف والطوائف اللبنانية، وتلكم نتيجة يخشاها معظم اللبنانيين، الذين استذكروا بالأمس القريب فقط، الذكرى المؤلمة لحافلة عين الرمانة، شرارة الحرب الأهلية قبل خمسين عامًا. تطوران إقليميان/ دوليان، قيد التشكل والتظهير، أثّرا، وسيؤثران على مسألة "السلاح" ومستقبله: الأول؛ نشأ إثر سقوط نظام الأسد في سوريا في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الفائت، وما عناه ذلك، من انفراط عقد "المحور" بعد سقوط "واسطته"، وتجفيف مصادر وقنوات المال والسلاح التي تغذى عليها الحزب منذ نشأته، وكانت سببًا في بناء قوته واقتداره. وتشاء تطورات المشهد السوري أن تأتي إلى السلطة في دمشق، بفريق سياسي/ عقائدي، بينه وبين الحزب "ما صنع الحداد". بيد أن ذلك، لم يُسقط رهانات بعض أعضاء الحزب وأصدقائه، على أن التطورات السورية قد تعيد الاعتبار لسلاح الحزب من جديد، وتجدد الحاجة للاحتفاظ به والحفاظ عليه، ولقد لاحظنا بعد أحداث الساحل السوري، وما ترتب عليها من موجة نزوح "مذهبية" إلى قرى وبلدات بقاعية وشمالية في لبنان، وما سبقها ولحق بها، من مناوشات على الحدود السورية اللبنانية، أن البعض ظنّ أن بالإمكان حفظ هذا السلاح لمواجهة "التهديد" القادم من الشرق والشمال هذه المرة، وربما ظنّ هذا البعض كذلك، أن هذه السردية قد تفلح في تبديد مخاوف فريق من اللبنانيين: (مسيحيين ودروز وعلويين)، من استمرار الحزب بالاحتفاظ بسلاحه. لكن التطورات المتسارعة في المشهد السوري، وبالأخص بعد جولة ترامب الخليجية ورفع العقوبات عن سوريا، وقمة الشرع – ترامب برعاية سعودية – تركية، قد أضعفت هذا الرهان تمامًا، إن لم تكن قد أسقطته، ورأينا على النقيض من ذلك، أقاويل وتنبُؤات، تنتشر في أوساط لبنان السياسية والإعلامية، بأن ثمة توجهًا إقليميًا- دوليًا، لا يمانع في إعادة "تلزيم" لبنان لسوريا الجديدة، في استعادة غرائبية لفصل من فصول العلاقة بين البلدين، امتدت زمن حكم الأسدين، ولا سيما بعد مؤشرات إلى أن سوريا في طريقها لإبرام تفاهمات مع إسرائيل حول الوضع في الجنوب، واستعادة اتفاقية فك الاشتباك (1974)، وربما الالتحاق بالقطار الأبراهامي في محطةٍ لاحقة. ومن غرائب المشهد اللبناني، أن الذين قاوموا شعار الأسد عن "تلازم المسارين" اللبناني والسوري منذ اتفاق 17 مايو/ أيار بين لبنان وإسرائيل في ثمانينيات القرن الفائت، هم أنفسهم الذين يميلون للأخذ بهذا الشعار من جديد، ولكن في سياق إقليمي متغير، يراهن على أن ينتهي بانتهاء ظاهرة المقاومة والسلاح، والدخول في ترتيبات وتفاهمات، من "قماشة أبراهامية" كذلك، فهل هذا هو ما قصده الأميركيون وهم يتحدثون عن عدد من الدول العربية التي ستلتحق بالقطار الأبراهامي قريبًا؟ الثاني؛ ويتصل بمفاوضات مسقط بين إيران والولايات المتحدة، التي يَرقُبها الحزب بخاصة، ولبنان بعامة، بكل اهتمام بالنظر لتداعياتها المباشرة على راهن ومستقبل هذا البلد. فإن توّجت المفاوضات بالوساطة العُمانية، بالوصول إلى اتفاق يعيد دمج إيران بالمجتمع الدولي والنظام الاقتصادي والمالي العالمي، فإن "السلاح" سيكون قد تحرر من دوره "الإقليمي"، ويصبح شأنًا لبنانيًا منفصلًا عن تداعيات الإقليم ومحاوره وعلاقاته الشائكة، أما إن انتهى مسار مسقط إلى الفشل، وعادت طبول الحرب لتقرع من جديد، فإن من المرجح أن يطيل ذلك أمد الحسم، وقد يَبقى الحزب ولبنان عالقين بانتظار انقشاع غبار الحرب والضربات العسكرية التي ستكون خيارًا أوحدَ متاحًا أمام إدارة ترامب وحكومة نتنياهو، كما تشير لذلك معظم المواقف والتقديرات. في مطلق الأحوال، يواجه الحزب في لبنان، ما تواجهه حماس في غزة: الضغط بورقة المساعدات والعقوبات وإعادة الإعمار، وهو سلاح أشد مضاءً من الحرب المباشرة، لا سيما أنه يستهدف البنى والأعيان المدنية لبيئة هذه الأطراف، ويلحق به أكبر الضرر وأشد المعاناة. ولقد بات واضحًا، وموضع إجماع نادر، عربيًا ودوليًا، أن قرار "الإفراج" عن لبنان، لن يُتخذ قبل أن يتخذ الأخير قرارين إستراتيجيين: أولهما، وأهمهما، نزع السلاح، وثانيهما، إجراء ما يلزم من إصلاحات مالية واقتصادية وتشريعية، تضع حدًا للفساد والإفساد والهدر وخراب الإدارة العامة. وإذا كان الحزب قد نجح في ختام حرب 2006، في إدارة معركة "جهاد البناء"، متوفرًا على ما يكفي من موارد من حلفائه، بالذات إيران، وفي ظروف لبنانية وإقليمية ودولية مواتية، فإن الحزب يقف اليوم عاجزًا عن إنجاز المهمة بقدراته الذاتية، أو بالاستناد إلى حلفائه، الذين تقطعت بهم سبل الوصول إليه وإمداده، تلكم معضلة، إن طالت واستطالت، ستخلق أزمة بين الحزب وبيئته، وستطعن في صدقية وعود التعافي والتعويض وإعادة الأعمار التي قطعها لجمهوره.. والمشهد اليوم، مختلفٌ تمامًا عمّا كان عليه قبل عشرين عامًا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store