
إسبانيا: لعبة تتسبب بتسريب وثائق عسكرية مصنفة سرّية وتهدد الأمن القومي
اعلان
شهدت منتديات لعبة المحاكاة العسكرية "War Thunder"، التي طورتها شركة Gaijin Entertainment، سلسلة من الحوادث غير المألوفة تتعلق بتسريب وثائق عسكرية حقيقية. اللعبة، التي تتيح للاعبين التحكم في الطائرات والدبابات والسفن بدقة عالية، أصبحت في قلب نقاشات محتدمة حول مدى واقعية الأداء العسكري للمركبات داخل اللعبة.
ما الذي يحدث في منتديات War Thunder؟
منذ عام 2021، شهدت المنتديات الرسمية
للعبة
"War Thunder" سلسلة من الحوادث غير المألوفة. خلال النقاشات المحتدمة حول أداء الدبابات أو مدى كفاءة رادارات الطائرات، قام بعض المستخدمين بنشر وثائق سرية أو مقيدة لإثبات صحة مواقفهم.
في ديسمبر 2024، وقعت إحدى أحدث الحالات مع تسريب معلومات تقنية حول رادار CAPTOR-E الخاص بمقاتلة اليوروفايتر تايفون. نشر أحد اللاعبين الإيطاليين هذه المعلومات وكأنها وصفة لتحضير المعكرونة، مما دفع وزارة الدفاع إلى التدخل، وأدى ذلك إلى حذف المنشور وطرد المستخدم من المنتدى. لكن من المحتمل أن يكون غادر وهو يبتسم، ولسان حاله يقول: "لقد فزت في النقاش"
"لقد صُدمنا في المرة الأولى التي حدث فيها ذلك"
وقد أوضحت الشركة المطورة في عدة مناسبات أنها لا تعتمد على
معلومات سرية لتطوير اللعبة
، وأنه يحظر استخدام أي وثائق مصنفة سرّية في المنتديات. بمعنى أن أي وثيقة يتم تقديمها يجب أن تكون معتمدة للنشر العام، أو على الأقل خالية من ختم "سري للغاية" على غلافها.
"كنا مذهولين" قال أنطون يودينتسيف، مؤسس شركة Gaijin Entertainment في مقابلة مع "يورونيوز" عندما تذكر أول مرة تم فيها نشر مستند سري على المنتديات. "كنا نعلم أن اللاعبين شغوفون، لكننا لم نكن نتصور أنهم سيصلون إلى هذا الحد لدعم حججهم. وهذا أثار مخاوف أمنية جدية، خاصة بالنسبة للموظفين واللاعبين في دول متضررة مثل المملكة المتحدة أو فرنسا".
كنا نعلم أن اللاعبين شغوفون، لكننا لم نكن نتصور أنهم سيصلون إلى هذا الحد لدعم حججهم. وهذا أثار مخاوف أمنية جدية، خاصة بالنسبة للموظفين واللاعبين في دول متضررة مثل المملكة المتحدة أو فرنسا".
أنطون يودينتسيف
مؤسس شركة Gaijin Entertainment
فيما يتعلق بالإجراءات التي تم اتخاذها، يؤكد يودينتسيف ليورونيوز، أن الشركة لا تقوم بتعديل أو إزالة أي محتوى من لعبة "War Thunder" بناءً على التسريبات التي تظهر على المنتديات. وأوضح أن جميع الوثائق المصنفة يتم حذفها فورًا من خوادم الشركة، وأن فريق التطوير لا يملك أي وسيلة للوصول إليها.
وأضاف أن الشركة تعتمد فقط على معلومات مستمدة من مصادر شرعية وموثوقة، مشيرًا إلى أن الوثائق المصنفة، بحكم طبيعتها، لا يمكن التحقق منها ولا تصلح لاستخدامها في عملية التطوير.
Related
"أوقفوا قتل الألعاب": حملة تدعو للحفاظ على ألعاب الفيديو في أوروبا
تسريب وثائق عسكرية سرية في نيوكاسل يثير أزمة أمنية
النرويج تتجه لحظر منتجات "تيمو" والسبب: مواد مسرطنة في ألعاب أطفال وتهديد للخصوبة
يوضح يودينتسيف أن أحد أسباب هذه الظاهرة هو
شغف اللاعبين
بالدقة التقنية، قائلاً: "تتميز لعبتنا بالواقعية. تعتمد نتائج المعارك في 'War Thunder' على القدرات الحقيقية للمركبات، مما يدفع بعض اللاعبين إلى محاولة إثبات أن دبابات أو قذائف معينة تعمل بطريقة محددة، حيث يؤثر أي تغيير مباشرة على الأداء داخل اللعبة".
رغم عدم معرفة هوية من يقف وراءها، فقد شملت التسريبات مركبات شهيرة من دول مختلفة. ففي 24 مارس، تم تسريب دليل الطيران الخاص بالطائرة F-14D، التي تم سحبها من الخدمة في الولايات المتحدة لكنها لا تزال قيد التشغيل في إيران. وعلى الرغم من أن هذا التسريب لا يُعتبر كاملًا، فإن بعض هذه الكتيبات متاحة عبر الإنترنت، إلا أنها وثائق غير مُصرَّح بها رسميًا كمواد عامة.
الشركة تعتمد فقط على معلومات مستمدة من مصادر شرعية وموثوقة
أنطون يودينتسيف
مؤسس شركة Gaijin Entertainment
التسريبات السريالية والتدابير الوقائية
من بين أبرز الحالات وأكثرها إثارة للجدل، برز دليل طيران المقاتلة Eurofighter Typhoon DA7، الذي تم نشره بشكل متكرر في المنتديات. "كان يتم إعادة رفعه مرارًا من حسابات مختلفة، واضطررنا إلى حذفه عدة مرات وحظْر المُسرّب وأصدقائه." وفقًا ليودينتسيف الذي يصف هذه الحالة بأنها "أكثر سخافة ووضوحًا."
"هذا الدليل متوفر بسهولة على الإنترنت، ولا توجد خطوات لإغلاق المواقع التي تستضيفه." ومن جهة أخرى، أشار المؤسس إلى حادثة تسريب معلومات دبابة تشالنجر 2 البريطانية، التي قام بها قائد دبابة حقيقي. وبحسب المتحدث فإنه "من الصعب استيعاب كيف يمكن لشخص في مثل هذا المنصب أن يقدم على مثل هذا التصرف".
وأضاف بأن الفريق اضطر في أكثر من مناسبة إلى مطالبة المستخدمين علنا بالتوقف عن نشر المعلومات المصنفة سرية: "نرجوكم، توقفوا عن رفع الوثائق السرية. لا يمكننا استخدامها، وفضلاً عن ذلك، أنتم تعرضون أنفسكم للمشاكل." هذا الطلب يعادل بشكل رقمي مطالبة الحضور في حفلة بعدم إخراج أسلحة لمقارنة الأعيرة النارية.
"نرجو من الجميع الالتزام بعدم نشر أي وثائق أو كتيبات تحتوي على معلومات سرية أو مصنفة، مثل جدول أعمال التنمية.7. سيتم حذف أي محتوى يخالف هذه القاعدة فورًا،
Foro de Steam
يكتسي هذا الوضع طابعًا مأساويًا-كوميديًا إلى حد ما. إذ بلغ هوس اللاعبين بالواقعية في لعبة "War Thunder" مستوى دفع بعضهم إلى تجاوز حدود القانون لإثبات أن دبابة معينة يجب أن تكون زاوية درعها الأمامي أكثر انحدارًا. فالوضع أشبه بمن يحضر بطولة شطرنج ويقوم بإخراج تصاميم قمر صناعي عسكري لتبرير تحرك للفيل أو البرج.
وتتكرر القصة بشكل دوري: تظهر الوثائق المسرّبة، يقوم المشرفون بحذفها، يتعرض المستخدم للحظر، وتنشر وسائل الإعلام الخبر باستغراب. إنها حلقة متكررة... نسخة الإنترنت من الدورات العسكرية. وفي الوقت ذاته، تواصل شركة Gaijin العمل على تحسين اللعبة والحفاظ على أعلى مستويات الواقعية دون الوقوع في فخ الدخول إلى غرفة عمليات حربية حقيقية. أما اللاعبون، فنأمل أن يدركوا الفرق بين "الفوز في نقاش عبر الإنترنت" و"الوقوع في جريمة قانونية".
حالات واقعية للتسريبات في War Thunder
دبابة تشالنجر 2 (المملكة المتحدة، يوليو 2021): قام مستخدم، يُعتقد أنه أحد أفراد القوات البريطانية، بمشاركة كتيبات تقنية تحتوي على معلومات سرية لإثبات أن تصميم درع الدبابة لم يُصوَّر بدقة في اللعبة. اضطرت شركة Gaijin إلى حذف المنشور سريعًا بعد تلقيها اتصالاً، نفترض أنه كان غير ودي، من وزارة الدفاع البريطانية.
دبابة لوكلير S2 (فرنسا، أكتوبر 2021):
قام لاعب فرنسي برفع وثائق مصنفة حول هذه الدبابة الحديثة، مبررًا ذلك بأن النموذج ثلاثي الأبعاد للدبابة في اللعبة لم يكن يعكس بدقة وجود فتحة معينة. نعم، مجرد فتحة.
دبابة ZTZ-99 (الصين، يونيو 2022): جاء الدور هذه المرة على الصين. حيث قام مستخدم بنشر صورة للذخيرة الخارقة التي تحملها الدبابة. وبالطبع، استغل العديد من الأشخاص الفرصة لترجمة الصورة قبل أن يتم حذف الحساب والمنشور بشكل نهائي.
En la imagen se aprecia el proyectil junto con el documento
Foros de Steam
طائرة F-16 Fighting Falcon (الولايات المتحدة، يناير 2023):
قام أحد اللاعبين بمشاركة وثائق تقنية تتعلق بصيانة هذه المقاتلة، مما أسفر عن طرده فورًا. ويُعتقد أن النقاش كان مرتبطًا بقدرات الرادار.
طائرة Eurofighter Typhoon (إيطاليا، ديسمبر 2024):
تُعد هذه الحالة واحدة من أحدث الأمثلة وأكثرها غرابة. حيث نشر أحد اللاعبين في المنتديات وثائق تخص رادار CAPTOR-E الخاص بمقاتلة Typhoon لدعم موقفه حول مدى النظام الحقيقي. وبعد التحقق، تبين أن الوثائق كانت أصلية ومصنفة، مما أدى إلى حذفها على الفور وحظر المستخدم.
المجتمع يسخر من الأمر
رغم خطورة وأهمية تسريب معلومات مصنفة سرية تتعلق بمجال حساس ومعقد مثل الدفاع والأمن القومي، فإن مجتمع اللاعبين يميل إلى التعامل مع الأمر بروح الفكاهة. وقد اشتهرت العديد من الصور الساخرة، والميمات، وحسابات على منصة X التي تناولت هذا الموضوع بشكل طريف.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


يورو نيوز
منذ 7 أيام
- يورو نيوز
رومانيا على مفترق طرق: هل يفوز مرشح اليمين المتطرف بالانتخابات الرئاسية؟
بعد أن حلّ في المركز الرابع في السباق الملغى العام الماضي، نجح سيميون، زعيم حزب "التحالف من أجل وحدة الرومانيين" (AUR) والبالغ من العمر 38 عامًا، من نيل دعم القومي المتطرف كالين جورجيسكو، الذي مُنع من الترشح للانتخابات المعادة منذ آذار/ مارس. مع ذلك، برز سيميون كأوفر المرشحين حظًا في الجولة الأولى التي جرت في 4 أيار/ مايو، محققًا 40.5% من الأصوات، بينها نسبة لافتة بلغت 61% من أصوات الرومانيين المقيمين في الخارج. وفي هذا السياق، يؤكد سيميون أن أولويته ستكون تنفيذ إصلاحات تشمل تقليص البيروقراطية والضرائب، لكنه يشدد في الوقت نفسه على أن هدفه الرئيسي يتمثل في بناء "نموذج للتعاون الاقتصادي ونموذج للسلام". وقال سيميون في مقابلة مع "يورونيوز" ببروكسل يوم الخميس: "سأكون مثالاً للرئيس المؤيد لأوروبا والمؤيد لحلف الناتو، الذي يناضل من أجل مصالح الأمة الرومانية". في المقابل، تشير معظم الاستطلاعات المحلية الأخيرة إلى تقارب كبير في جولة الإعادة، بعد أن كانت تظهر سابقًا تقدّمًا لسيميون على دان، عالم الرياضيات البالغ من العمر 55 عامًا ورئيس بلدية بوخارست. يخوض دان الانتخابات كمرشح مستقل ضمن قائمة مؤيدة للاتحاد الأوروبي، داعمًا للإصلاح الاقتصادي، وتعزيز الروابط مع الغرب، ومواصلة دعم أوكرانيا. وكان قد أسّس حزب "اتحاد إنقاذ رومانيا" الإصلاحي عام 2016، قبل أن يستقيل منه لاحقًا. وأشار دان، خلال تظاهرة نُظمت في بوخارست يوم الأحد، إلى التوترات المتصاعدة في البلاد، قائلاً: "كيف وصلنا إلى هذه المرحلة؟ في بلد يعمل فيه الناس بجد ويعيشون باحترام، تفاقمت الكراهية والانقسامات إلى درجة أدّت إلى تفكك العائلات والصداقات بسبب التباينات السياسية". وتابع: "علينا أن نعيد الأمل إلى الناس". يبدو أن كِلا المرشحين يتفقان على ضرورة إنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا، لكن دان يدعو إلى مواصلة دعم رومانيا لجارتها، فيما يطالب سيميون بوقف هذا الدعم. ومع تصاعد الرهانات السياسية، حظي كلا المرشحين بدعم من قادة أوروبيين بارزين، إذ نال دان تأييد رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك ورئيسة مولدوفا مايا ساندو، في حين يبدو سيميون أقرب في توجهاته إلى رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، نشرت ساندو رسالة علنية عبّرت فيها عن دعمها لدان، مؤكدة أن المولدوفيين يدركون تمامًا قيمة الانتماء إلى "الأسرة الأوروبية". وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس الروماني يُنتخب لولاية مدتها خمس سنوات، ويتمتع بصلاحيات واسعة في مجالي الأمن القومي والسياسة الخارجية.


يورو نيوز
٠٩-٠٥-٢٠٢٥
- يورو نيوز
قمة تعرقلها الحرب في أوكرانيا.. هل يلتقي ترامب وبوتين؟
في مشهد تتقاطع فيه السياسة الدولية مع أزمات الحرب، أعلن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، يوم الإثنين، أن عقد اجتماع بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأميركي دونالد ترامب "ضروري من نواحٍ عديدة"، لكنه أكد في الوقت ذاته أن أي موعد لهذا اللقاء لم يُحدّد بعد. بيسكوف أوضح أن الاجتماع "واضح أنه على الرادار"، لكنه يحتاج إلى "تحضير مناسب وجهود على مختلف مستويات الخبراء". لكن، ماذا تعني هذه الجهود؟ بحسب كورت فولكر، المبعوث الأميركي السابق للمفاوضات حول أوكرانيا خلال عهد ترامب، فإن الشرط الأول لأي تحضير جاد هو وقف إطلاق النار في أوكرانيا. وفي مقابلة مع قناة "يورونيوز" على هامش منتدى كييف للأمن، قال فولكر إن ترامب يرغب بالفعل في لقاء بوتين، لكنه "يريد إنهاء الحرب وإعادة بناء العلاقات مع روسيا، وربطها مجددًا بالاقتصاد العالمي عبر صفقات تجارية. لكن بوتين يجب أن يوقف الحرب أولًا'. فولكر، الذي كان حاضرًا في آخر لقاءات جمعت بوتين وترامب في هلسنكي ثم في قمة مجموعة العشرين في أوساكا، يرى أن بوتين يحاول اللعب على غرور ترامب، مقترحًا فكرة الجلوس 'رجلًا لرجل' لحل الأزمة. لكنه يوضح أن ترامب "ليس سعيدًا بفشل بوتين في إنهاء الحرب"، مما يجعل احتمال اللقاء بينهما يتضاءل أكثر فأكثر. تشير التطورات الأخيرة في واشنطن إلى تبدل في المزاج الأميركي تجاه موسكو. فبحسب فولكر، هناك توافق بين الولايات المتحدة وأوكرانيا على الدعوة إلى وقف إطلاق نار شامل لمدة 30 يومًا كخطوة تمهيدية نحو هدنة دائمة، لكن الكرملين، حسب تعبيره، "يسخر من ذلك". وفي بادرة رمزية، أعلن بوتين عن "وقف إطلاق نار من جانب واحد" لثلاثة أيام فقط بمناسبة العرض العسكري ليوم النصر في موسكو، لكن فولكر يشكك في جديته قائلًا: "سأفاجأ إذا التزم بوتين حتى بالهدنة التي أعلنها بنفسه". وفي واشنطن، أقر نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس بأن المفاوضات مع روسيا "لم تلبِّ التوقعات". الروس، كما قال، يطالبون بتنازلات كبيرة لإنهاء الصراع، وهو ما تعتبره الإدارة الأميركية "غير مقبول". بحسب فولكر، ستتجه واشنطن إلى تشديد لهجتها ضد العدوان الروسي، مع التركيز على العقوبات، وربما فرض عقوبات ثانوية على الأطراف التي تساعد روسيا على الالتفاف على القيود المفروضة على النفط والغاز والقطاع المالي. أما في ما يتعلق بالدعم العسكري لأوكرانيا، فيتوقع فولكر أن تنتقل واشنطن من سياسة التمويل المباشر عبر أموال دافعي الضرائب إلى نظام القروض، شبيه بما حدث مع المملكة المتحدة في الحرب العالمية الثانية. والأكثر إثارة أن خيار مصادرة الأصول الروسية المجمدة لدفع ثمن السلاح الأوكراني أصبح مطروحًا بجدية، بعدما بدأت كندا بالفعل بخطوات في هذا الاتجاه.


يورو نيوز
٠٣-٠٥-٢٠٢٥
- يورو نيوز
في اليوم العالمي لحرية الصحافة: مهنة المتاعب في زمن التهديدات وكمّ الأفواه
اعلان في الثالث من مايو/ أيار من كل عام، يحتفي العالم ب حرية الصحافة ، إحياءً لذكرى إعلان ويندهوك الصادر عام 1991 في ناميبيا، وهي الوثيقة التاريخية التي صاغها صحافيون أفارقة دفاعًا عن حرية الإعلام والتعددية واستقلالية الصحافة. ومنذ اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا اليوم، بات الحدث رمزًا عالميًا لترسيخ هذه المبادئ الأساسية. هذا العام، تكتسب الذكرى أهمية مضاعفة، في ظل تنامي القيود والرقابة والتهديدات التي تواجه الصحافة الحرة حول العالم. وفي هذه المناسبة، شددت رئيسة البرلمان الأوروبي، روبرتا ميتسولا، على أن "الصحافة الحرة هي أفضل درع للديمقراطية"، مؤكدة على حق الصحافيين في نقل الأخبار دون خوف من الرقابة أو الترهيب، ومتعهدة بأن يواصل البرلمان الأوروبي الدفاع عن حرية الإعلام يوميًا وليس فقط في هذا اليوم الرمزي. كما انضمت نائبة رئيس البرلمان، سابين فيرهين، ورئيسة لجنة الثقافة والتعليم، نيلا ريل، إلى هذا النداء، حيث أكدتا أن الصحافة المستقلة تشكل العمود الفقري لأي مجتمع ديمقراطي. قانون أوروبي لحماية الصحافيين بحلول أغسطس/آب 2025، سيدخل قانون حرية الإعلام الأوروبي (EMFA) حيّز التنفيذ الكامل. هذا القانون، الذي أُقرّ في أبريل/ نيسان 2024، يُعدّ إنجازًا تشريعيًا غير مسبوق لدعم حرية الصحافة والتعددية الإعلامية في دول التكتّل. في هذا السياق، أوضحت فيرهين، التي ترأس مجموعة العمل المكلفة بتنفيذ القانون، أن "الديمقراطية لا يمكن أن تزدهر دون صحافة حرة، لكن هذه الحرية باتت مهددة حتى داخل بعض دول الاتحاد". وأشارت إلى أن بعض أحكام القانون بدأ تنفيذها بالفعل، على أن تُطبق الأجزاء الأكثر أهمية بحلول 8 أغسطس/آب 2025، ما يمثل خطوة جوهرية في تحصين الإعلام الأوروبي من التدخلات السياسية والضغوط الاقتصادية. من جهتها، حذرت ريل من خطر المعلومات المضللة، لا سيما في الفضاء الرقمي، حيث تتنافس الصحافة الجادة مع خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي على جذب انتباه الجمهور. وقالت: "نحتاج إلى تنظيم المنصات الرقمية وتحسين محو الأمية الإعلامية لضمان وصول المواطنين إلى معلومات دقيقة وتعزيز ثقافة استهلاك الإعلام". وشددت ريل على أن مواجهة التضليل أصبحت اليوم مسألة أمنية، داعية إلى حماية الصحافيين والمراسلين والمتطوعين المستقلين، وضمان بيئات عمل آمنة وظروف معيشية كريمة وبنية تحتية داعمة للصحافة الحرة. الذكاء الاصطناعي: فرصة وتحدٍّ للإعلام كان اليوم العالمي فرصة أيضًا للتفكير في تأثير الذكاء الاصطناعي على حرية الصحافة. ميلاني ليبولتييه، نائبة الممثل الدائم لحقوق الإنسان في مؤتمر السلطات المحلية والإقليمية بالاتحاد الأوروبي، أشارت إلى أن الذكاء الاصطناعي قد تكون له فوائد هائلة في دعم الإعلام، من خلال المساعدة في التحقيقات الاستقصائية وإنتاج محتوى جذاب، خصوصًا لوسائل الإعلام المحلية والإقليمية التي تعاني من تراجع أمام سطوة المنصات العالمية. لكن ليبولتييه حذرت من تحديات عدة، أبرزها خطر تضليل الجمهور بسبب المحتوى المولّد آليًا، إلى جانب نقص الموارد لدى المؤسسات المحلية لتدريب كوادرها على استخدام هذه التكنولوجيا بشكل فعّال، ما قد يهدد قدرتها على البقاء في البيئة الرقمية المعاصرة. Related يورونيوز تحتفي بالصحافة المحايدة مع انطلاق النسخة البولندية الجديدة الصحافة في عصر التزييف العميق: رؤى وتحديات من منتدى الإعلام في آسيا الوسطى في سياق متصل، أصدرت منظمة "مراسلون بلا حدود" تقريرها السنوي الذي أظهر أن حرية الصحافة العالمية في أدنى مستوياتها على الإطلاق. وبيّن التقرير أن الاعتداءات الجسدية على الصحفيين لا تزال الانتهاك الأكثر وضوحًا، لكنها ليست الأخطر وحدها، إذ يشكّل الضغط الاقتصادي تهديدًا خفيًا لكنه بالغ الخطورة. وفق تصنيف 2025، تراجعت إيطاليا ثلاثة مراكز لتحتل المرتبة 49 عالميًا، ما يجعلها الأدنى ترتيبًا في دول أوروبا الغربية. وحافظت النرويج على الصدارة، فيما قبعت الصين وكوريا الشمالية وإريتريا في ذيل القائمة، أما الولايات المتحدة فقد تراجعت إلى المرتبة 57. وفي العالم العربي، كان الوضع مشابهًا، حيث شهدت معظم الدول تراجعًا في ترتيبها، حيث تصدرت قطر الدول العربية بحصولها على المركز 73 عالميًا، فيما تذيلت سوريا القائمة فجاءت في المرتبة ال 177 عالميًا.