logo
عن الألم والحرب والصمود.. حكايات عربية في الدورة الـ78 لمهرجان لوكارنو

عن الألم والحرب والصمود.. حكايات عربية في الدورة الـ78 لمهرجان لوكارنو

الجزيرةمنذ 2 أيام
شكلت مآسي الحرب والأزمات الإنسانية وقضايا البحث عن الهوية مصدر إلهام لعدد من صناع السينما العرب في أعمالهم المشاركة بالدورة الـ78 من مهرجان لوكارنو السينمائي، الذي يُقام بين 6 و16 أغسطس/آب الجاري.
وتشهد هذه الدورة حضورا بارزا للسينما العربية من خلال مشاركات من فلسطين ولبنان والعراق وتونس، موزعة على أقسام ومسابقات متعددة ضمن برنامج المهرجان.
رحلة بصرية وإنسانية ما قبل الحرب
افتتح الفيلم الوثائقي "مع حسن في غزة" للمخرج الفلسطيني كمال الجعفري فعاليات المسابقة الدولية في مهرجان لوكارنو، مقدّمًا سردًا شخصيًا وتاريخيًا يستند إلى 3 أشرطة فيديو عثر عليها المخرج قبل اندلاع الحرب في قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. تحوّلت هذه اللقطات إلى شهادة حيّة توثق ملامح الحياة في غزة عام 2001.
يرافق الوثائقي رحلة برية يخوضها الجعفري بصحبة مرشد محلي يُدعى حسن، ينتقلان خلالها من شمال القطاع إلى جنوبه بمحاذاة الساحل، بحثا عن عبد الرحيم، وهو شاب تعرف عليه المخرج أواخر ثمانينيات القرن الماضي حين كانا يقضيان عقوبة في سجن النقب الصحراوي الإسرائيلي كمراهقين في قسم "الأحداث".
وخلال دراسته لاحقًا للسينما في ألمانيا، ظل الجعفري يأمل لقاء عبد الرحيم مجددًا لإنجاز مشروع سينمائي يوثق تجربتهما المشتركة في السجن خلال سنوات المراهقة.
يتضمن الفيلم لقطات من الحياة اليومية في غزة، تظهر فيها مشاهد للأطفال على الشاطئ، والأسواق النابضة بالحركة، والمقاهي المزدحمة بالرواد، والأحياء المفعمة بالنشاط، وهي صور تكتسب اليوم معنى مختلفًا تمامًا في ظل الدمار الواسع الذي يشهده القطاع منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ووصف الجعفري عمله بأنه تحية إلى غزة وأهلها، وإلى كل ما يظل نابضًا بالحياة في هذه اللحظة الحرجة من التاريخ الفلسطيني، وذلك في تصريحات أدلى بها بالتزامن مع عرض الفيلم في المهرجان.
ينتقل الوجع من فلسطين إلى لبنان عبر الفيلم الوثائقي "حكايات الأرض الجريحة" للمخرج العراقي عباس فاضل، والمنتجة اللبنانية نور بالوك، والمشارك ضمن المسابقة الرسمية.
يستعرض الفيلم معاناة اللبنانيين تحت وقع الحرب، مستلهما من الواقع اللبناني المضطرب مشاهد إنسانية توثق الألم والصمود، وهو امتداد لثلاثية بدأها الثنائي عام 2022 بفيلم "حكايات البيت البنفسجي" الذي رصد تداعيات الحرب في جنوب لبنان، وتفاصيل النضال من أجل الحياة.
جلجامش برؤية عصرية
تبرز المشاركة العربية في نسخة هذا العام من مهرجان لوكارنو من خلال فيلم "إركالا – حلم جلجامش" للمخرج العراقي محمد الدراجي، الذي يعرض ضمن قسم "الساحة الكبرى" في ساحة "البيازا غراندي'.
يعيد الدراجي تقديم ملحمة جلجامش في إطار معاصر، عبر قصة طفل مشرد يبلغ من العمر 8 سنوات، مصاب بداء السكري، يسعى إلى إقناع صديقه المقرب بمرافقته إلى عالم "أركالا" السفلي، هربا من واقع مضطرب في رحلة رمزية وجودية تعكس ملامح الأسطورة الأصلية.
ضمن المسابقة الرسمية، يقدم المخرج التونسي عبد اللطيف كشيش فيلمه "مكتوب حبي" (Mektoub, My Love: Canto Due)، الذي بدأ الترويج له مؤخرا، والمقرر عرضه في اليوم الرابع من فعاليات المهرجان.
يشكل الفيلم الجزء الثالث والأخير من سلسلة مستوحاة من رواية "الجرح الحقيقي" للكاتب فرانسو بيغودوا، ويواصل من خلالها كشيش استكشاف أعماق النفس البشرية عبر رحلة أمين الذي يعود إلى بلدته للقاء أسرته وعائلته.
يشارك المخرج مهدي هميلي بفيلمه "اغتراب" ضمن برنامج "فيوري كونكورسو"، المخصص للأعمال التي تعرض خارج إطار المسابقة الرسمية، ويركز على التجريب والأساليب السردية غير التقليدية.
تجري أحداث الفيلم داخل مصنع ضخم للصلب في تونس، حيث يواجه 4 عمال اختلالات نفسية وجسدية تحت وطأة ظروف العمل القاسية، ويلاحقهم أثر فقدان زميلهم، الذي يقتل في حادث مأساوي داخل المصنع، مما يدفع زملاءه للخوض في رحلة بحث عن العدالة.
وفي قسم "الأصوات الصاعدة بالسينما المستقلة" يعرض الفيلم السوداني "جهنمية" للمخرج ياسر فايز، لينضم بذلك إلى الأفلام العربية المعروضة ضمن فعاليات المهرجان والمهتمة برصد التفاصيل الحياتية التي يواجهها الإنسان العربي في ظل الأوضاع المحتقنة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

فقدوا ذويهم ودُمرت منازلهم.. من هم شهداء "الجزيرة" الخمسة في غزة؟
فقدوا ذويهم ودُمرت منازلهم.. من هم شهداء "الجزيرة" الخمسة في غزة؟

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

فقدوا ذويهم ودُمرت منازلهم.. من هم شهداء "الجزيرة" الخمسة في غزة؟

غزة- قبل منتصف ليل الأحد-الاثنين، ترجّل خمسة من فرسان قناة الجزيرة في قطاع غزة، بعدما استهدفهم الاحتلال الإسرائيلي في قصف غادر، أوقف نبضهم وأطفأ عدساتهم، لكنه لم يمح أثرهم ولا صوتهم من ذاكرة غزة. أنس الشريف، ومحمد قريقع، وإبراهيم ظاهر، ومؤمن عليوة، ومحمد نوفل، 5 وجوه كانت تعمل على نقل صوت غزة للعالم، وفضح جرائم الاحتلال، فصارت اليوم عناوين للفقد والألم، وأيقونات للتضحية في سبيل الكلمة الحرة. لم يجمعهم فقط شعار قناة الجزيرة، بل رابط أعمق، وهو الإيمان بأن الصحافة في غزة ليست مهنة عادية، وإنما هي واجب إنساني ووطني، ورسالة قضية يدفع الصحفي ثمنها من دمه. أنس.. صوت الشمال حين أغلقت آلة الحرب الإسرائيلية أبواب شمال غزة أمام معظم وسائل الإعلام، كان اسم أنس الشريف يلمع، كاسرا سياسة التعتيم الإسرائيلية، فانطلق دون كلل، ينقل ما يجري، غير آبه بتهديدات الاحتلال له، ومظهرا شجاعة فائقة نالت إعجاب الملايين عبر العالم. وُلد الشريف في مخيم جباليا في ديسمبر/كانون الأول 1996، وهو متزوج وأب لطفلين. تخرج في جامعة الأقصى بغزة، حصل على بكالوريوس في فن الإذاعة والتلفزيون، ليبدأ مسيرته في عالم الصحافة عام 2014 كمراسل حر، متنقلا بين مواقع الأحداث في غزة وشمالها. عرفه الناس أول مرة خلال تغطيته لمسيرات العودة وكسر الحصار في عام 2018، ثم برز أكثر في معركة "سيف القدس" مايو/أيار 2021، حيث كان من المراسلين الذين نقلوا صورة الحرب لحظة بلحظة. وفي الحرب المستمرة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، اختارت الجزيرة الشريف ليكون مراسلها في شمال القطاع، حيث تحمل عبء كشف المجازر والانتهاكات وسط مخاطر غير مسبوقة. ومنذ بداية الحرب، لم يكن الاحتلال راضيا عن إصراره على مواصلة التغطية، فهدده عبر اتصال هاتفي مطالبا بمغادرة المنطقة إلى الجنوب، لكنه رفض. إعلان وفي 11 ديسمبر/كانون الأول 2023، قصف الاحتلال منزل الصحفي الشريف في جباليا، مما أدى إلى استشهاد والده، لكنه عاد في اليوم التالي إلى الميدان، وكأن الفقد لم يزده إلا تصميما على مواصلة الرسالة. وبعد استشهاده، نشر أقارب الشريف وصية له جاء في مقدمتها "إن وصلتكم كلماتي هذه، فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي"، وأكد أنه بذل كل ما يملك من جهد وقوة ليكون سندا وصوتا لأبناء شعبه الفلسطينيين، وأنه لم يتوان يوما عن نقل الحقيقة كما هي. محمد قريقع.. جرح شخصي وواجب مهني في حي الشجاعية شرقي مدينة غزة، ولد محمد قريقع عام 1992، ونشأ يتيم الأب، ووحيدا برفقة أمه "نعمة"، التي رعته وكرست حياتها لتربيته. اختار الشاب المحب للقراءة والثقافة، دراسة الإعلام في الجامعة الإسلامية بغزة، حيث حصل على البكالوريوس عام 2014. عمل في وسائل إعلام محلية عدة، منها فضائية الأقصى وإذاعة الرأي، قبل أن يبدأ عمله مع وكالات أنباء عالمية كمراسل حر، وفي أغسطس/آب 2024، انضم إلى قناة الجزيرة مراسلا من قلب مدينة غزة. لم تكن حياته خلال الحرب مجرد عمل صحفي، بل كانت سلسلة من الفواجع؛ فقد طرده الاحتلال من منزله في الشجاعية، ودمر بيته، وراح يتنقل مع والدته المسنة بين أماكن النزوح. وفي مارس/آذار 2024 تعرّض قريقع لمحنة عصيبة حينما اجتاح الاحتلال مستشفى الشفاء حيث كان نازحا فيه مع والدته "نعمة"، وفرّق بينهما، فاعتقل الابن، وأمر الأم المسنة والمريضة بالتوجه لجنوب القطاع، أي أن تقطع وحدها قرابة 8 كيلومترات سيرا على الأقدام. وبعد أيام، أفرج الاحتلال عن قريقع، فبدأ في البحث عن والدته، ليجدها بعد نحو أسبوعين، جثة هامدة قريبا من المستشفى، مصابة برصاصة قناص إسرائيلي في رأسها، لتظل حسرتها جرحا مفتوحا في قلبه حتى يوم استشهاده. ورغم عمق الألم، بقي محمد في مدينته، يروي للعالم تفاصيل مآسيها، جامعا بين الألم الشخصي والواجب المهني. مؤمن عليوة.. المهندس الذي أحب العدسة مؤمن عليوة، شاب في مقتبل العمر، ولد عام 2002 في حي الشجاعية، وتميز منذ صغره في دراسته حتى التحق بكلية الهندسة في الجامعة الإسلامية تخصص هندسة الحاسوب. كان مؤمن على وشك التخرج قبل أن تسرقه الحرب وتقتله صواريخ الاحتلال، عرفه أصدقاؤه كلاعب كرة قدم موهوب، لعب مع نادي غزة الرياضي ثم في نادي "خدمات الشجاعية"، إلى جانب مهاراته في برمجة وصيانة الأجهزة الإلكترونية. قبل 4 أشهر فقط، التحق مؤمن بفريق الجزيرة كمصوّر ومونتير، وسرعان ما برز بمهارته الميدانية، موثقا بعدسته معاناة غزة اليومية في لقطات تحولت إلى شهادات بصرية مؤثرة. هدم الاحتلال منزله في الشجاعية وجرفه بالكامل، لكن الكاميرا بقيت في يده حتى اللحظة الأخيرة. إبراهيم ظاهر.. بين الميدان و"الإسعاف" ينتمي إبراهيم لمخيم جباليا، وبدأ حياته المهنية في مجال التصميم الجرافيكي، قبل أن تدفعه أحداث مسيرات العودة وكسر الحصار عام 2018 للعمل كمصور صحفي مع منصات محلية مثل "الشمال أونلاين". وفي الحرب الأخيرة، كان جزءا أساسيا من فريق الجزيرة في الشمال، يرافق أنس الشريف في معظم المهام. إلى جانب عمله الإعلامي، كان إبراهيم متطوعا في خدمات الإسعاف، يزاوج بين نقل المصابين وتوثيق الجرائم. إعلان فقد إبراهيم نحو 170 فردا من عائلته في المجازر الإسرائيلية، ودُمرت منازلهم جميعا، عرفه زملاؤه كشخص دمث الخلق، نشيط ومبدع، وكان يحتفظ بصورة لأنس الشريف على خلفية هاتفه، كرمز للصداقة التي جمعتهما حتى لحظة الرحيل. محمد نوفل.. من المِقود إلى خط النار من مخيم جباليا، بدأ محمد عمله مع فريق الجزيرة كسائق، ثم أصبح مساعد مصور، يحمل المعدات، ويؤمن الوصول إلى مواقع التغطية في ظل القصف والحصار. مع بداية الحرب، تعرض منزله للقصف، ونجا من تحت الركام مصابا بكسر في الحوض، بينما فقد العديد من أفراد أسرته. حوصر محمد في المستشفى الإندونيسي، شمالي القطاع، ثم فقد والدته قبل شهرين بقصف إسرائيلي، وسبقها شقيقه الأكبر خلال حصار جباليا الأخير. رغم كل ذلك، عاد إلى العمل مع الفريق، يرافقهم في تنقلاتهم، ويشاركهم تحدي خطر الميدان حتى لحظة استهدافهم الأخير.

مشهد الوداع الأخير.. صوت شهداء الجزيرة خفت لكن "التغطية مستمرة"
مشهد الوداع الأخير.. صوت شهداء الجزيرة خفت لكن "التغطية مستمرة"

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

مشهد الوداع الأخير.. صوت شهداء الجزيرة خفت لكن "التغطية مستمرة"

غزة- اعتاد أنس الشريف مرافقة سيارات الإسعاف في مهامها لتوثيق اللحظات الأولى لجرائم الاحتلال في قصف المنازل على رؤوس ساكنيها، لكن فجأة تبدَّل المشهد وجاءت اللحظة التي حمل فيها المسعفون جثمان أنس في طريقهم لمواراته الثرى. أما محمد قريقع فكان يجوب مشافي غزة بعد فقدانه والدته المسنة المريضة، عقب اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي مجمع الشفاء الطبي في فبراير/شباط من العام الماضي، إلا أنه بعد شهور قليلة دُفن بالقرب منها. وعلى أعتاب مجمع الشفاء الطبي غرب مدينة غزة تغيَّرت الأحوال في ثوان معدودة مساء الأحد، عندما انفجر صاروخ أطلقته مُسيَّرة إسرائيلية في الخيمة المخصصة لطاقم صحفيي قناة الجزيرة أدت لاستشهاد مراسليها أنس الشريف ومحمد قريقع ومصوريها إبراهيم ظاهر ومؤمن عليوة ومحمد نوفل. لم يغادر الصحفيون طوال ساعات الليل ثلاجات الموتى، حيث سُجّيت أجساد الشهداء داخلها، في حين بدت الصدمة ظاهرة وبقوة على وجوه من رافقوهم على مدار 22 شهرا من التغطية المتواصلة. وتداخل المشهد ما بين الحزن والقهر الذي عم ذوي الشهداء وأصدقائهم، وبين الفخر بالرسالة الإعلامية التي قدمها الصحفيون الشهداء رغم كل التهديد والوعيد الذي تعرَّضوا له. كاد مراسل قناة الجزيرة مباشر، الصحفي محمد شاهين، أن يسقط أرضا وهو يودع زملائه، ويردد "التغطية مستمرة والصورة لن تغيب كما كان يقول أنس، ورسالته ستبقى حاضرة في الميدان طالما بقيت الحرب متواصلة على غزة". في حين انشغل زملاء وأصدقاء الشهداء بترتيب مراسم جنازة تليق بهم بمشاركة العشرات من الصحفيين، والكثير من محبيهم الذين طالما تابعوهم عبر الشاشة، وبكوا بحرقة على رحيلهم. فجأة علا صوت شاب غلبته الدموع وهو يودع أنس الشريف داخل مقبرة الشيخ رضوان بمدينة غزة قائلا "أنس بطل، حمل الأمانة حتى آخر لحظة، إسرائيل اغتالته لأنه فضح المجاعة، أنس طعمانا (أطعمنا) واستشهد"، في إشارة إلى أثر الرسائل الإعلامية التي بثها عن التجويع ودفعت العالم للضغط على الاحتلال لإدخال المساعدات إلى غزة. كان أنس قريبا من الناس، ينقل صرخات الأطفال والنساء، ويرصد تفاصيل الإبادة الجماعية التي ارتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين، ويُوثِّق فظائع المقابر الجماعية التي دفن فيها الجيش الإسرائيلي الجثث كي يطمس جرائمه، وكثيرا ما علا صوته في مواجهة التجويع، وقاد تشييع زملائه في قناة الجزيرة إسماعيل الغول ورامي الريفي الذين اغتالتهم طائرات الاحتلال المسيرة قبل عام، وقال حينها "لن تتوقف التغطية". إعلان عقب تلك الجريمة استكمل محمد قريقع طريق إسماعيل الغول ، وخرج برسالته الأولى على الهواء مباشرة يعلن مواصلة التغطية التي سبقه إليها، لكن اليوم غاب أنس ومحمد معا، وتركا خلفهما من يكمل المسيرة. شعور الرحيل "راح أنس والشباب" يقول شقيق أنس الأكبر محمود الشريف، وهو يستقبل التعازي بعد انتهاء مراسم الدفن، بينما أغمى على شقيقه أحمد الذي لم يستوعب غيابه، وكذلك انهار أخوه محمد وهو يتلقى التعازي. يستذكر رفقاء أنس همَّته الكبيرة وجهوده الميدانية، التي فاقت جسده النحيل بأضعاف كثيرة، وكيف تغلَّب كثيرا على المرض والإرهاق وأصرّ على مواصلة التغطية المباشرة رغم تكرار تهديد الاحتلال له. قبل يومين فقط من استشهاده، قال أنس الشريف لزملائه الصحفيين "اللي بستشهد برتاح"، وكأنه كان يشعر بقرب اللحظة التي ينفذ فيها جيش الاحتلال تهديداته بتغييبه عن المشهد، وهو يعلم أن وقع تغطيته الصحفية فضحت جرائم الاحتلال وزيف أكاذيبه، وجعلهم في مواجهة الصورة البشعة التي خلَّفتها الحرب في غزة. "آن لأنس أن يستريح، فقد تعب كثيرا" يقول زملاؤه الذين غمرت الدموع وجوههم المرهقة، وهم يتساءلون "على مين الدور؟" إذ يشعر الصحفيون في غزة أنهم جميعا على بنك الأهداف الإسرائيلية بعدما استشهد 238 صحفيا منذ بداية العدوان على القطاع قبل 22 شهرا. انهال التراب على قبور شهداء الجزيرة بعدما استكملوا مسيرتهم، وغاب صوتهم، لكن صداه لا يزال يتردد في غزة.

رسائل مؤثرة.. مراسلو الجزيرة نت في غزة يرثون زملاءهم الشهداء
رسائل مؤثرة.. مراسلو الجزيرة نت في غزة يرثون زملاءهم الشهداء

الجزيرة

timeمنذ 5 ساعات

  • الجزيرة

رسائل مؤثرة.. مراسلو الجزيرة نت في غزة يرثون زملاءهم الشهداء

غزة- من جديد، يطرق الفقد الجماعي باب الغزيين، من باب أيقونات كبروا في العامين الأخيرين على صوتها، وعلى صرخات استغاثتها تهز العالم باسم جوعهم ودمهم وأشلائهم المهدورة تحت الدمار وفي الطرقات. بدا استشهاد طاقم الجزيرة مساء الأحد في خيمة فقيرة بجانب جدار يكاد أن ينقض من هول ما شهد في مستشفى الشفاء، وكأنه حزن عمومي؛ لم يحلّ في بيوت الشهداء أو أقاربهم أو أهالي غزة المحاصرين فحسب، بل في صدر كل صحفي وكل من سمع باسم غزة يستعصي على الموت بصمت من تقارير أنس الشريف، أو من عرف غزة وأمهاتها الحانيات في قصص محمد قريقع وصور طاقمهما الشهيد. هكذا تحولت صفحات الصحفيين الفلسطينيين خاصة إلى مرثاة طويلة لأقمار بأعمار قصيرة، لم يسعفهم الجزار طويلا. في هذه الرسائل القصيرة، يرثي مراسلو الجزيرة نت في قطاع غزة الطاقم الشهيد، ويستذكرون محطات جمعتهم بأنس الشريف ومحمد قريقع وزملائهم المصورين والفنيين الذين طالتهم المجزرة. "كان مدرسة صحفية" ياسر البنا تعرفت على أنس الشريف خلال الحرب، عبر الإنترنت، حين كنت في جنوب القطاع وكان هو في شماله، دون أن تجمعنا أي معرفة سابقة أو لقاء وجاهي. كثيرا ما كنت أطلب منه معلومات أو صورا عن أحداث الشمال لأغراض صحفية، وكنت أتوقع أن يطول الرد لانشغاله الكبير، لكن في كل مرة كان يفاجئني بسرعة تجاوبه، وإرساله ما طلبته من معلومات وصور، مرفقة برسالة لطيفة ودعوات صادقة، وعرض كريم لتقديم أي مساعدة في أي وقت، رغم أننا لم نكن أصدقاء ولا حتى معارف. أكثر ما شدّني في أنس هو أدبه الجم، ورزانته، وأخلاقه العالية التي لم تتغيّر في أحلك الظروف. كان بحق مدرسة صحفية قائمة بذاتها، حفر اسمه بين عظماء المهنة، وتقدّم الصفوف لسدّ ثغرة كبيرة في التغطية الصحفية شمال القطاع. ولولاه، لكانت الصورة مختلفة تماما، فقد كشف جرائم الاحتلال وأدى واجبه الوطني على أكمل وجه. "معاناة خاصة" ربما لا يعلم كثيرون أن محمد قريقع، الذي كان ينقل معاناة الناس في مدينة غزة، كان يعيش في الوقت نفسه معاناته الخاصة وألمه العميق. إعلان هجّره الاحتلال من حي الشجاعية، وهدم منزله، ولاحقه مع والدته المسنّة من مكان إلى آخر. وبلغ الألم ذروته حين أعدم الاحتلال والدته برصاصة في رأسها وهي جالسة على الرصيف، بعد أن حاول إجبارها على النزوح وحيدة -وهي المريضة والمسنة- إلى جنوب القطاع. ظلّ محمد يبحث عنها قرابة أسبوعين، حتى عثر عليها جثة هامدة، لتبقى تلك الحسرة جرحا مفتوحا في قلبه حتى استشهاده. ورغم فداحة ألمه، ظل وفيا لمدينته، ينقل صوتها ووجعها، حتى أصبح -بجدّه واجتهاده- مراسلا لقناة الجزيرة. رحل محمد، لكنه ترك بصمة لا يمحوها الزمن، وأدى، برفقة أنس، الأمانة حتى آخر لحظة. "الصحفي الفدائي" رائد موسى "والله إنك فدائي"، هكذا دأبت على وصف الزميل الشهيد أنس الشريف، الذي اختار طواعية وبإصرار كبير الصمود في مخيم جباليا للاجئين بشمال قطاع غزة، حيث ولد وترعرع، وقرر عدم النزوح جنوبا كأغلبية الغزيين والصحفيين، تحت وطأة التهديد والقتل. كان أنس شابا فتيا، يكبر ابني البكر بـ5 أعوام فقط، وقد ولد عام 1996 لأسرة لاجئة من مدينة عسقلان (المجدل) وهي كبرى مدن جنوب فلسطين المحتلة، تفتحت عيناه ومداركه على حياة البؤس في شوارع وأزقة مخيم جباليا، وعرف عنه التزامه ودماثة خلقه منذ نعومة أظفاره. اندلعت الحرب على غزة عقب عملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول من العام 2023، وبمرور أسبوعها الأول، أنذرت قوات الاحتلال أكثر من مليون فلسطيني في مدينة غزة وشمال القطاع بضرورة الإخلاء فورا والتوجه جنوبا، وكان قرار أنس -المواطن والصحفي- أن يبقى، وألا يكرر تجربة أجداده إبان النكبة في العام 1948. ومنذ ظهوره الأول على قناة الجزيرة، أثبت أنس على حداثة عمره وخبرته أنه على قدر المسؤولية، وسرعان ما تحول إلى أيقونة وصار صوتا للمحاصرين في شمال القطاع، لم توقفه آلة التهديد والتحريض الإسرائيلية، ولم يغادر الميدان، ولم يتوارَ عن الأنظار. تعرفت على أنس منذ نحو 6 أعوام، كان دائما متفانيا في خدمة زملائه والناس، يسعى في حاجة كل من يقصده، وخلال الحرب حيث نزحت مع أسرتي إلى مدينة رفح جنوب القطاع، تواصلت معه غير مرة، طلبا لمعلومة أو للتحقق من خبر أو للوصول إلى مسؤول ما، وفي كل مرة كان حاضرا متفانيا. "شكرا يا فدائي" كنت أنهي كل اتصال أو تواصل مع أنس، ويجيبني مرحّبا "يعطيك العافية والتغطية مستمرة". وباغتياله الغادر يخلّد الاحتلال ذكر اسمه في العالمين، الصحفي الشهيد أنس الشريف، الذي اختار لموته سببا، ولحياته القصيرة هدفا ومعنى، عشق غزة وعشقته. وكان ونيسا شريفا، أنهكته التغطية والمجاعة، وآن لجسده أن يرتاح، لروحه المغفرة والسلام.. وله ولرفاقه الشهداء محمد قريقع وطاقم التصوير ولمن سبقوهم من صحفيين شهداء على مذبح الحرية الوفاء بتغطية مستمرة. وداعا أيها الحاضرون في وجدانِنا بهاء طوباسي في غزة حيث تختلط رائحة التراب برائحة البارود وحيث يصرخ الحجر باسم فلسطين، رحلتم وأنتم تحملون القلم والكلم والكاميرا كمن يحمل قلبَه بين يديه. الحبيب أنس الشريف، ومحمد قريقع، وإخوتُكم الشرفاء من طاقم الجزيرة، نمتم على وسادة الأرض، وعيونُكم نحو السماء، لتصعد أرواحُكم الطاهرة شاهدة على أن الكلمة يمكن أن تكون شهيدة. إعلان كنتم أبطال الصورة والحرف، شهود الحق في زمن الباطل، تمضون في شوارع الموت وبين خرائب البيوت، تجمعون أنين الأمهات ونبض الأطفال؛ لتكتبوا للعالم رواية لا تحجبها جدران الحصار ولا يطمسها صمت المتواطئين، جهدكم ومجاهدتكم كانت صلاة في محراب المهنة، وصرخة في وجه القتلة بأن فلسطين ليست وحيدة. لكن رصاص الغدر القادم من يد احتلال لا يعرف حرمة للإنسان امتدَّ إلى خيمة الصحفيين في جريمة لا تمحوها الأعذار ولا تغطيها البيانات، جريمة تسقط كل الأقنعة عن وجه يكره الحقيقة، ويخشى عدسة الكاميرا أكثر مما يخشى المدفع، لقد أرادوا أن يطفئوا الصوت فأوقدتموه بدمائكم. رحيلُكم أيها الأحبة، هو فراغ في القلب والميدان، لكنه فراغ يملؤه العهد: لن نغلق الكاميرا، لن نطوي الدفاتر، وسنحمل عنكم الرسالة، سنروي للعالم أنكم مشيتم على خطى شيرين أبو عاقلة ومن سبقكم، وأن دمكم حبر يكتب ما لم يسعفه الوقت لتصويره. نمتم وأنتم على العهد، وتركتم خلفكم ميراثا من الصدق والشجاعة، أمانة في أعناقنا، ووصية لا تسقط بالتقادم، سنذكركم كلما أضاءت صورة وسط الظلام ووصل خبر من غزة، ورفع طفل حجرا في وجه الاحتلال. سلام على أرواحكم.. سلام على وجوهكم التي واجهت الموت بابتسامة في الميدان، سلام على خطواتكم التي بقي صداها في أزقة غزة. نسأل الله أن يتقبلكم مع الصديقين والشهداء، وأن يجعل من دمائكم الطاهرة شمسا لا تغيب عن سماء الحقيقة. "رحل الراوي وبقيت الرواية" إياد قطراوي رحل أنس، ولم ترحل الذاكرة، رحل الراوي وبقيت الرواية، سيبقى إرث أنس يمشي في شوارع غزة، يقتنص من تحت الغبار ما يشهد أننا هنا، ستبقى الكاميرا تحمل الراية، وتبقى عدستها موجهة نحو الأرض والحقيقة. ماتت النفس، وبقيت أنفاس المدينة تحتضن الأطفال الذين يلعبون بين الركام، النساء اللواتي يربطن الجراح بقطع القماش، والرجال الذين يشيّدون من بقايا الجدران عزيمة لا تنكسر. سقط الجسد، لكن الصورة بقيت حيّة، تُطارد القتلة وتفضح صمت العالم. رحل أنس لكن القصيدة لم تكتمل، ستبقى صورته علما، وصوته أذانا للحقيقة. أنس لم يمت، بل توزّع في آلاف العيون التي رأت بعدسته، وفي آلاف القلوب التي أيقنت أن الكاميرا قد تكون سلاحا أشرف من كل السلاح الصامت في مخازنه، ترك لنا وصية مكتوبة بدمه، "لا تخونوا الحكاية." مات أنس، وظلت غزة، شاهدة لا تموت. يرحل أنس، ويولد ألف أنس ليبقى حارسا للذاكرة والتاريخ. ويمتد ظل أنس في الأزقة كما يمتد الفجر في عيون الصابرين، تسير خطاه فوق الإسفلت المتشقق، حيث الحكايات مكتوبة بالطبشور والدم، وتنبت على أطراف صوره أزهار لا يراها إلا من صدّق أن الحياة تولد حتى في قلب الحصار. وستبقى عدسته جسرا بين القلوب الموجوعة، ومرآةً تكشف الحقيقة كما هي، بلا تزييف ولا أقنعة، وسيبقى اسمه مثل دعاء يردده الناس في صلاتهم، ومثل نداء يعلو فوق ضجيج الطائرات، ليقول للعالم: نحن هنا.. كنا وما زلنا وسنبقى. كل صورة التقطها صارت بيتا من قصيدة، وكل بيت صار جدارا من جدران الذاكرة، فإذا حاولوا هدمها، بنتها دموع الأمهات وضحكات الأطفال من جديد. أنس ليس فردا رحل، بل فكرة تمشي، ونبض يتكرر، وصوت لن يسكت، حتى تُكتب آخر سطر من الحكاية التي أقسم ألا تُروى إلا بصدقها. كانت جريمة استهداف أنس على يد إسرائيل اغتيالا للصورة قبل أن يكون اغتيالا للروح. كانوا يعرفون أن صواريخهم لن تقتل جسدا فقط، بل ستطفئ عينا كانت ترى ما لا يريدون للعالم أن يراه. لكنهم نسوا أن الصور التي التقطها أنس سبقت الصاروخ، وأن ذاكرة الشعوب لا تُمحى باغتياله. اغتالوه لأنه كان جسرا بين غزة والعالم، وكانت عدسته تفضح الاحتلال وهو يحوّل البيوت إلى رماد، وكانت كلماته تفضح الصمت المريب الذي يغطي على الدماء. إعلان إنها ليست جريمة ضد صحفي فقط، بل ضد الحق والكلمة الصادقة، وضد الإنسانية كلها. وستبقى جريمة اغتياله شاهدا على أن إسرائيل لا تكتفي بقتل الأجساد، بل تقتل الرواية، وتحاصر الذاكرة. لكنها هذه المرة أخطأت الحساب، فأنس صار آلاف العدسات التي لا يمكن أن تُستهدف كلها، وصار آلاف الأصوات التي لا يمكن إسكاتها. "وداعا صوت الشارع" محمد أبو قمر في أحد أيام الشتاء عندما كانت العملية البرية الإسرائيلية على أشدها داخل مخيم جباليا شمالي قطاع غزة نهاية العام 2023، كان أنس الشريف يجلس في الطريق يحاول التقاط إشارة إنترنت، حينها كان المخيم منقطعا عن العالم الخارجي بسبب محاصرته واشتداد القصف عليه. وكان أنس عنوانا لنساء ورجال المخيم في معرفة الأخبار واطلاعهم على تفاصيل الحرب، حيث يكرر المارة سؤالهم له: "شو آخر الأخبار يا أنس؟" منذ ذلك الوقت المبكر من الحرب تحول أنس إلى صوت الشارع، وصديق المحاصرين المكلومين في شمال قطاع غزة. صار أنس أيقونة يعرفه الجميع في شوارع غزة، لكنه كان يخفي بداخله مشاعر حبيسة تجاه أطفاله الذين انقطع عنهم مضطرا بسبب انشغاله بالتغطية وخشيته على أن يصيبهم أذى بسبب زيادة التهديدات الإسرائيلية بقتله. قبل أشهر التقيت أنس الشريف داخل خيمته بمستشفى المعمداني وسط مدينة غزة، كان المتحدث باسم جيش الاحتلال قد بث في ذلك الوقت مقطع فيديو تحريضي ضده، حينها قلت له ممازحا (أفيخاي مش ناسيك، دعنا نلتقط صورة للذكرى). في خضم حديثنا وصلت فجأة والدته المسنة وطفلاه للاطمئنان عليه، فقفز أنس من مكانه يقبل يد أمه ويحتضن طفلته شام، وصغيره صلاح الذي ولد في الحرب. كان مشهدا مؤثرا عندما بكى الطفل ابن الأشهر القليلة لما احتضنه والده لأنه لم يتعرف على وجه أبيه "الغريب" ولم يهدأ صلاح حتى عاد لحضن عمه الذي اعتاد عليه. قبل يومين فقط من استشهاده، جمع عدد من صحفيي شمال غزة نقاشا عبر مجموعة واتساب حول تهديد الجيش الإسرائيلي باحتلال قطاع غزة، فقال أنس "اللي بيستشهد بيرتاح". استشهد أنس، وارتاح جسده بعدما أنهكته التغطية، لكن صدى صوته ما يزال يتردد في كل شوارع غزة. الوصية الأخيرة لصحفي أرعب دولة يسرى العكلوك بعدما قرأ أنس الشريف تقريري الأخير على موقع الجزيرة نت بعنوان "نساء بلا سند"، هاتفني في مكالمة طويلة بدأها بالسؤال "أخبارك يا زعيمة؟"، وبعد حديث جانبي عن معاناة الأرامل في غزة، وحلول يمكن أن تخفف من مأساتهم، باغتني بقوله "أوصيك بزوجتي إن حدث لي مكروه". فقاطعته "لن يحدث لك شيء"، ضحك وقال "لا والله قرّبت"!. ‎ثم صمتنا، وانتهت المكالمة. ‎لم أكن أعلم أنها كانت وصيته الأخيرة يحمّلني إياها قبل يوم من رحيله! لذلك، في صباح استشهاده، وجدت نفسي أهرول إليها بلا وعي "لا تقلقي.. أنا معك". ‎رأيتها تتشح بالسواد وتستند إلى الحائط، ترخي رأسها الثقيل، التائه بمكالمته لها قبل دقيقتين من الاستهداف، وبزيارته الأخيرة الخاطفة قبل يومين من الفراق. ‎لم يكن أنس مراسلا حربيا ولا بطلا صلبا فحسب، بل كان أخا صغيرا لي حين حوصرنا في الشمال، يتحسس ما ينقصني، ويهرع إذا احتجت حاجة، ويُسهّل مهامي، وبقدر ما كنا نتوقع قدوم هذا اليوم، لم أستطع أن أتحمل رؤية جثمانه يُحمل، وهو الذي حمل جثامين أصدقائه واحدا واحدا. ‎واحدا واحدا يا غزة.. نخسر وجوها تُشبهك في الوجع والقهر والخذلان والعناد والرحيل، ونتساقط كأحجار الدومينو، في عالم لا يجيد إلا البكاء على الميت بعدما يرفعه بطلا.. ‎منذ عامين يصرخ أنس "نحن هنا"، فيهددونه "قف". لكن وصية صديقه إسماعيل كانت أثمن من أن يُلقيها أرضا! هددوه بالقتل على الملأ، فبدا كمعلّق على حبل المشنقة، يناشدكم الخلاص، ماذا فعلتم؟! ثم لم يكن اغتياله إلا بصقة في وجه العالم العربي والإسلامي، الذي انتفض الآن لنعيه، عالم لا يجيد إلا البكاء وتقديس الأبطال حين يموتون! ‎انتهت الحكاية يا أنس.. لكن اسمك سيحفظه التاريخ في صدر صفحة معنونة بـ"صحفيون أرعبوا دولة".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store