
بناء المنتج الخاطئ.. شبح يهدد الشركات الناشئة
في مستهل رحلة تأسيس أي كيان تجاري، يتبدى جليًا أن كل منتج يكتب له النجاح ما هو إلا نتاج سلسلة من الافتراضات الأولية التي لم تصمد أمام اختبار الواقع، ليجري لاحقًا دحضها وتنقيحها وصولًا إلى تصور أكثر دقة يلامس احتياجات السوق. ففكرة امتلاك القدرة على تحديد التوليفة المثالية من الميزات التي يرغب فيها العميل سلفًا، غالبًا ما تكون ضربًا من الخيال، إلا في حالات نادرة يحالفها التوفيق. بناء المنتج الخاطئ، إذن، ليس نهاية المطاف، بل هو نقطة انطلاق نحو التبلور الحقيقي للمنتج.
بناء المنتج الخاطئ
من ناحية أخرى، يواجه المؤسسون تحديًا بالغ الأهمية يتمثل في ضيق النافذة الزمنية المتاحة للوصول إلى الصيغة الصحيحة للمنتج، فمصير الشركة ونجاحها المالي غالبًا ما يعتمد على استغلال هذه الفرصة المحدودة. لا تملك الشركات الناشئة رفاهية قضاء شهور أو حتى سنوات في عمليات التجربة والتعديل المطولة؛ بل يتعين عليها تحقيق النجاح بوتيرة سريعة وحاسمة. وبالطبع، فإن بناء المنتج الخاطئ في هذه المرحلة الحرجة يعني ضياع فرصة النمو والانتشار.
علاوة على ذلك، يدفع هذا القيد الزمني المؤسسين إلى ممارسة ضغوط هائلة على أنفسهم سعيًا لتقديم منتج مثالي ومتقن الصنع إلى السوق خلال فترة زمنية وجيزة، بهدف إرساء دعائم شركة ناجحة وقابلة للتوسع.
في حين أن هذه الرغبة في تحقيق الكمال والسرعة أمر مفهوم، يطرح السؤال: ماذا لو أن هذا الإطار الزمني الذي نسعى جاهدين لضغطه هو تحديدًا الفترة الزمنية اللازمة للخروج بالحلول الصحيحة منذ البداية وتجنب الوقوع في فخ بناء المنتج الخاطئ؟
العملاء بوصلة المنتجات الناجحة
لعلَّ ما نحتاج إلى إدراكه في صميم عملية بناء أي منتج هو أننا لسنا القوة الوحيدة أو حتى الأساسية التي تشكّله. بل إنَّ العملاء هم في واقع الأمر المهندسون الحقيقيون لهذا التشكّيل، أو على الأقل، هذا ما ينبغي أن نسعى إليه. فالحقيقة التي لا مراء فيها هي أنه إذا عجزنا عن الارتقاء بالمنتج ليصبح كيانًا يعشقه المستخدمون بكل تفاصيله، فإننا بذلك نرسخ أقدامنا بثبات على طريق بناء المنتج الخاطئ.
يتكرر هذا السيناريو المؤسف بوتيرة تبعث على التأمل؛ فلا يوجد أدنى نقص في سجلات التاريخ التي تحتضن أسماء شركات ناشئة طموحة. نقشت على شواهد قبورها عبارات تخلد أفكار منتجات 'عبقرية' لم تجد لها موطئ قدم في قلوب المستهلكين (ولنا في Google Glass، وNew Coke، وSegway، وBetamax، وJuicero أمثلة حية). بل إن حتى أعرق الشركات ذات الميزانيات الضخمة لم تسلم من الوقوع في براثن بناء المنتج الخاطئ.
الإنصات للعميل
بيد أننا نبلغ ذروة النجاح الحقيقي عندما نفسح المجال لعملائنا ليضطلعوا بدور المحرك الأساسي في تشكيل المنتج. من خلال الانغماس الدائم في استقاء آرائهم والتساؤل المستمر بذهنية منفتحة: 'ماذا لو أمكننا تحقيق هذا؟' فكل تلك التفاصيل الدقيقة. وكل تلك الاستفسارات المتجددة. تسهم بشكلٍ فعّال في رسم الملامح النهائية لما ينبغي أن يكون عليه المنتج في جوهره. وتجنب الوقوع في هاوية بناء المنتج الخاطئ.
ومن الأجدى بنا أن ننظر إلى منتجنا الأولي بمنزلة قطعة من الطين الخام، قابلة للتطويع والتشكيل حسب الحاجة. فعندما نتبنى هذا المنظور، فإننا نتحرر تدريجيًا من فكرة إطلاق منتج نهائي ومكتمل الأوصاف منذ اللحظة الأولى. بالتأكيد، قد يبدو الأمر محبطًا للبعض – فمن منا لا يتمنى تقديم منتج مثالي منذ اليوم الأول لانطلاقه؟
لكن، وبغية الحصول على التغذية الراجعة القيّمة التي نحتاجها لصقل المنتج وتجويده. يصبح من الضروري إطلاق نسخة أولية يطلع عليها الجمهور المستهدف.
ومن الطبيعي ألا تكون هذه النسخة مثالية؛ فالمنتجات الأولية نادرًا ما تكون كذلك. ولنتذكر هنا أننا نستخدم الآن النسخة الألف بعد الألف من محرك بحث Google. مقارنة بما كان عليه الحال قبل 25 عامًا. وهذا يؤكد أهمية التعلم المستمر وتجنب بناء المنتج الخاطئ بناءً على افتراضات غير مختبرة.
المنتج ذو الحد الأدنى من الميزات (MVP)
إن منتجنا الأولي، هذا 'الطين الخام'، ما هو إلا التصور الأساسي للمنتج ويعرف في عالم الشركات الناشئة بمصطلح 'المنتج القابل للإطلاق بأقل إمكانيات' أو MVP. ويتعين علينا إطلاق هذا الـ MVP في مرحلة مبكرة كوسيلة حيوية لاستكشاف الملامح الحقيقية التي يجب أن يتسم بها المنتج. وذلك من خلال تحليل آراء المستخدمين وتجاربهم الفعلية. فكلما بالغنا في محاولات التخمين المسبق. ازداد احتمال تبديد الوقت والمال في مسارات خاطئة. ما يقود حتمًا إلى بناء المنتج الخاطئ.
على الرغم من كل الجهود المضنية، يبقى هناك احتمال لا يستهان به بأن ينتهي بنا المطاف بمنتج لا يلقى قبولًا لدى الجمهور المستهدف. فليست كل فكرة جديدة أو مبتكرة مرغوبة بالضرورة. ومع ذلك، يتعين علينا أن نضع في اعتبارنا أن بعض المنتجات الجيدة قد تطلق بطريقة غير موفقة.
في بعض الأحيان، قد نعجز عن استقطاب الجمهور المناسب. أو قد لا نمتلك الموارد الكافية لبناء المنتج بالصورة المثالية، أو ربما نقدم المنتج المناسب في التوقيت الخاطئ. لكن الأهم من كل ذلك هو قدرتنا على التعامل بواقعية مع هذه التحديات والمضي قدمًا بخطى واثقة نحو التعديل والتحسين. وتجنب الاستسلام لنتائج بناء المنتج الخاطئ.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بوابة الفجر
منذ 5 دقائق
- بوابة الفجر
استعادة الأمجاد.. مهمة تشابي ألونسو مع ريال مدريد
أصبح تشابي ألونسو مديرًا فنيًا جديدًا لفريق ريال مدريد الإسباني، ويعود المدرب الشاب 43 عامًا إلى النادي "الملكي" الذي فاز معه بستة ألقاب كلاعب، وأصبح فيه أحد أساطيره. أعلن ريال مدريد في وقت سابق من اليوم، التعاقد مع ألونسو لمدة ثلاثة مواسم، بدءًا من الأول من يونيو (حزيران) إلى 30 يونيو (حزيران) 2028. ويأتي تشابي ألونسو لتولي قيادة الريال بعد النجاحات التي حققها مع ناديه السابق باير ليفركوزن، الذي صنع معه التاريخ عقب تتويجه بالثنائية المحلية في الموسم الماضي، وكأس السوبر الألماني مطلع الموسم الحالي. وانضم ألونسو إلى النادي الألماني في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2022، وفي موسمه الأول وصل الفريق للدور قبل النهائي لبطولة الدوري الأوروبي، وأنهى مسيرته بالدوري الألماني في أحد المراكز المؤهلة للمسابقات الأوروبية آنذاك. وفي موسم 2023-2024، قاد باير ليفركوزن للفوز بلقب الدوري الألماني للمرة الأولى في تاريخه، ليكسر سلسلة فوز بايرن ميونخ، الذي ظل اللقب حكرًا عليه لمدة 11 موسمًا متتاليًا. إلى جانب ذلك، فاز ألونسو بلقب كأس ألمانيا وكاد أن يحقق الثلاثية بعد تأهله لنهائي الدوري الأوروبي الموسم الماضي، غير أنه خسر أمام أتالانتا الإيطالي، ليكتفي بالوصافة. وانعكس الموسم المذهل الذي قدمه باير ليفركوزن بقيادة تشابي ألونسو في حفاظ الفريق على سجله خاليًا من الهزائم في 41 مباراة متتالية، ليستمر الأداء القوي في موسمه الأخير كمدرب للنادي الألماني، الذي فاز في أغسطس (آب) 2024 بكأس السوبر للمرة الأولى في تاريخه. وقبل انتقاله إلى باير ليفركوزن، بدأ ألونسو مسيرته التدريبية في أكاديمية ريال مدريد، ودرب فريق البراعم تحت 14 عامًا، وقاده للفوز بالدوري وبطولة الأبطال في موسم 2018- 2019. وبعد ذلك تولى ألونسو تدريب الفريق الرديف لنادي ريال سوسييداد الإسباني في الفترة بين 2019 و2022، وقاده للصعود للدرجة الثانية عام 2021. وكان ألونسو لاعبًا في صفوف ريال مدريد بين عامي 2009 و2014، لعب خلالها 236 مباراة رسمية وفاز بكأس أبطال أوروبا العاشرة، كما توج بكأس السوبر الأوروبي والدوري الإسباني وكأس السوبر الإسباني مرة وحيدة، وكأس ملك إسبانيا مرتين، حسبما أفاد الموقع الألكتروني الرسمي للنادي "الملكي". وتلك نجاحات تضاف إلى التي حققها ألونسو مع المنتخب الإسباني، وفاز معه بكأس العالم عام 2010، بالإضافة لكأس الأمم الأوروبية عامي 2008 و2012. كما حصل ألونسو على 4 ألقاب مع ليفربول الإنجليزي، الذي توج معه بدوري أبطال أوروبا وكأس السوبر الأوروبي وكأس الاتحاد الإنجليزي وكأس السوبر الإنجليزي. وحصل ألونسو مع بايرن ميونخ على 5 ألقاب، حيث فاز بثلاثة ألقاب في الدوري الألماني، ولقب وحيد بكل من بطولتي كأس ألمانيا والسوبر الألماني. وستكون مهمة ألونسو في الفترة القادمة هي إعادة البريق لريال مدريد، الذي خرج صفر اليدين على الصعيد المحلي، بعد خسارته نهائي كأس السوبر الإسباني وكأس ملك إسبانيا أمام غريمه التقليدي برشلونة، الذي توج أيضًا بلقب الدوري الإسباني هذا الموسم، فيما اكتفى الفريق الأبيض بالوصافة. كما فشل الريال في الاحتفاظ بلقب دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، عقب خروجه من دور الثمانية للمسابقة القارية بخسارته 1-5 أمام آرسنال الإنجليزي في مجموع مباراتي الذهاب والعودة. واكتفى ريال مدريد بالحصول على لقب كأس السوبر الأوروبي في بداية الموسم الحالي، عقب فوزه على أتالانتا الإيطالي، بالإضافة للقب كأس القارات للأندية كأس إنتركونتننتال على حساب باتشوكا المكسيكي. وسيكون الظهور الأول لألونسو مع الريال في بطولة كأس العالم للأندية، التي تقام بالولايات المتحدة للمرة الأولى بمشاركة 32 فريقًا، ويتواجد فريق العاصمة الإسبانية بالمجموعة الثامنة، التي تضم أيضًا الهلال السعودي وباتشوكا وريد بول سالزبورغ النمساوي.


حضرموت نت
منذ 8 دقائق
- حضرموت نت
الضالع في مواجهة الغزو اليمني.. ذاكرة النار والصمود
في مثل هذا اليوم من كل عام، يحيي الجنوبيون ذكرى تحرير محافظة الضالع من قبضة الاحتلال اليمني، وهي ذكرى لا تقتصر على انتصار عسكري، بل تمثل شهادة حية على مقاومة بطولية في وجه آلة قمع ممنهجة استهدفت الأرض والإنسان والهوية. الضالع، كما بقية محافظات الجنوب، عانت من انتهاكات صارخة منذ اجتياح قوات صنعاء للجنوب العربي عام 1994. الحرب لم تكن مجرد اجتياح جغرافي، بل مثّلت احتلالًا كامل الأركان، ترافقت معه سياسات إقصاء وتهميش وتجويع واستبداد، وارتُكبت خلالها جرائم بحق المدنيين لا تسقط بالتقادم. ومنذ تسعينيات القرن الماضي، كانت الضالع هدفًا لسياسات منظمة لتفريغها من قوتها المجتمعية، وطالت الاعتقالات رموزًا سياسية ونشطاء سلميين، وجرى استخدام المحاكمات العسكرية كأداة لتكميم الأفواه. كما تم تسريح الآلاف من العسكريين الجنوبيين تعسفيًا، وتجفيف موارد المحافظة، في محاولة لكسر إرادة المقاومة في مهدها. ومارست سلطات صنعاء تمييزًا ممنهجًا، فتم إقصاء الكوادر الجنوبية من مؤسسات الدولة، وتحولت الضالع إلى ساحة مفتوحة للمراقبة الأمنية والاقتحامات الليلية والاغتيالات الغامضة. وفي عام 2015، وأثناء زحف قوى الاحتلال وعلى رأسها مليشيا الحوثي، تعرضت الضالع لقصف عشوائي طال الأحياء السكنية والأسواق الشعبية والمرافق الصحية، في مشهدٍ أعاد إلى الأذهان مآسي الحروب الاستعمارية. ففي تلك الحرب الشيطانية، قُصفت المستشفيات والمدارس، وسُجلت شهادات موثقة حول استخدام المدنيين دروعًا بشرية. العدوان لم يكن مجرد معركة بين قوات، بل كان تصفية حساب مع الضالع لموقفها الصلب منذ بدء الحراك الجنوبي. وقد خلفت عمليات القصف عشرات الشهداء من النساء والأطفال، وتهجير آلاف الأسر، في انتهاك صارخ لكل القوانين الدولية. ورغم تحرير الضالع، لم تتوقف محاولات استهدافها، سواء عبر الخلايا النائمة أو الحملات الإعلامية التي سعت لتشويه نضالها، وقد واصلت قوى الاحتلال استخدام أدواتها لخلق الأزمات الإنسانية وتغذية الصراعات المحلية لزعزعة الاستقرار. في المقابل، لعب الإعلام الجنوبي دورًا حاسمًا في توثيق هذه الجرائم، من خلال تقارير ميدانية وشهادات موثقة، تم تقديم بعضها إلى منظمات دولية معنية بحقوق الإنسان. كما بادرت منظمات حقوقية جنوبية إلى أرشفة كل الانتهاكات، في مسعى لبناء ملف قانوني يُستخدم لاحقًا في محاكمات دولية. تحرير الضالع ليس مجرد انتصار عسكري، بل هو لحظة فاصلة في الوعي الجمعي الجنوبي، تفضح سجلًا أسودًا من الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها نظام الاحتلال اليمني. ومع كل ذكرى، يتجدد العهد بمواصلة النضال من أجل الحرية والكرامة، وتوثيق كل جريمة، حتى لا يُطمس التاريخ ولا تُدفن الحقيقة.


حضرموت نت
منذ 8 دقائق
- حضرموت نت
مدير عام "القاهرة" يُلزم المقاول بسرعة استكمال أعمال الحفر وتغيير شبكة الصرف الصحي في حي الكوثر
ألزم مدير عام مديرية القاهرة بمحافظة تعز الأستاذ أحمد مرشد المشمر، المقاول المكلّف بسرعة استكمال أعمال قطع الإسفلت والحفر واستبدال مواسير الصرف الصحي في حي الكوثر، مؤكدًا أن السلطة المحلية تتابع تنفيذ المعالجات، ولن تسمح بأي تأخير في إنجاز المشروع الذي يهدف إلى إنهاء معاناة المواطنين. جاء ذلك خلال زيارته الميدانية، اليوم، إلى حي الكوثر ولقائه بعدد من المواطنين، حيث اطلع على حجم الأضرار الناجمة عن طفح المجاري، مشيرًا إلى أن المعالجات بدأت فعليًا بتوفير المواد اللازمة، وتشمل تغيير الشبكة بطول 150 مترًا، وإنشاء 7 مناهل جديدة لتحسين كفاءة التصريف. رافقه خلال الزيارة أمين عام المجلس المحلي عبدالملك أمين، ورئيس لجنة الخدمات عبدالرحمن الورافي، ورئيس لجنة الشؤون الاجتماعية محمد شمس الدين، ومدير مكتب الواجبات الزكوية فؤاد العبسي، ومستشار المدير العام عبداللطيف البشاوري.