logo
أموال "الإخوان المنحلة".. هل تحصلها الدولة؟

أموال "الإخوان المنحلة".. هل تحصلها الدولة؟

الغد١٥-٠٥-٢٠٢٥

محمود الطراونة
عمان - في وقت دعا فيه أمين عام وزارة التنمية الاجتماعية رئيس لجنة حل جمعية جماعة الإخوان المسلمين د. برق الضمور، كل من لديهم أموال منقولة أو غير منقولة، تعود لجمعية الإخوان المسلمين المنحلة ومسجلة بأسمائهم، أو نقلت ملكيتها، مراجعة اللجنة في عمان.
اضافة اعلان
ويبدو أن هذه الدعوة التي نشرت أمس، ليست وليدة اللحظة وفق النائب في البرلمان والقيادي السابق بالجماعة ورئيس جمعية المركز الإسلامي د. جميل دهيسات لـ"الغد"، من " أن أشخاصا استدعتهم اللجنة الحكومية، وطالبتهم بإعادة الأموال والأصول العقارية التي حصلوا عليها من الجماعة المنحلة، سواء هم أو ورثة قيادات توفاها الله".
"الجماعة" لا تملك حسابات بنكية
وأضاف دهيسات، " إن الجماعة المنحلة لم تكن تملك حسابا بنكيا، لعدم ترخيصها قانونيا، كما أنها كانت تضع وتسجل الأموال والعقارات بأسماء قياداتها ورموزها، ولا يعرف مصير تلك الأموال"، مبينا "هناك من القيادات والرموز من توفى، فانتقلت الأموال والعقارات؛ ومنها مواقع أراض وعقارات في مواقع بارزة بالعاصمة لورثتهم"، موضحا بأن جزءا من أموال الجماعة المنحلة آل لجمعية جماعة الاخوان المسلمين الجديدة في العام 2015".
ولم يوضح دهيسات، مقدار تلك الأموال، لكنه أكد أن اللجنة الحكومية تعمل على تحصيل أموال الجماعة المنحلة، وفقا لمقتضيات القانون، إذ ستؤول إلى سجل الجمعيات بوزارة التنمية الاجتماعية، والذي بدوره قد يحيلها إلى جمعية مماثلة أو يحتفظ بها.
وبحسب الدعوة، فإن على كل من يملك أموالًا أصلها لجماعة الإخوان المنحلة، مراجعة اللجنة خلال شهر من تاريخه لتسوية الأوضاع، متضمنا الوثائق والمستندات والبيانات المؤيدة لذلك، وتحت طائلة الملاحقة القانونية.
وتأتي الدعوة استناداً على قرار محكمة التمييز رقم (2019/8392) بتاریخ 2020/2/10، والقاضي باعتبار جمعية جماعة الإخوان المسلمين التي تأسست في العام 1946 منحلة حكماً منذ تاريخ 1953/6/16، وبالاستناد على أحكام المادة 11/ب من النظام المحدد لأحكام الأنظمة الأساسية رقم 57 لسنة 2010.
صندوق لدعم الجمعيات
ووفقا للقانون، ستؤول أموال جماعة الأخوان المنحلة إلى صندوق دعم الجمعيات الخيرية المنشأ بموجب قانون الجمعيات الخيرية والتطوعية، والذي نص على إيجاد صندوق لدعم الجمعيات، يتمتع بشخصية اعتبارية وقانونية، بخاصة وأن مواد هذا القانون، تنص على كيفية التعامل مع الأموال التي تؤول لهذا الصندوق، في حال انتهاء وجود أي جمعية أو أي مؤسسة منشأة بموجب أحكام القانون.
دهيسات قال "هناك أموال وأراض وعقارات سجلت بأسماء أشخاص من جماعة الإخوان المنحلة، وهم معروفون لدى وزارة التنمية، وجرى التواصل معهم وإجراء تحقيقات معهم بهذا الخصوص، مبينا أنه "حتى الآن، لم تعد هذه الأموال والعقارات، ولكن العمل جار بشأنها".
غير أن القيادي السابق في حزب جبهة العمل الإسلامي د.رحيل غرايبة أكد لـ"الغد"، أن أموال الجماعة المنحلة، وضعت وسجلت بأسماء قيادات ورموز الجماعة من عقارات، وأن ما تقوم به وزارة التنمية، هو ملاحقة أين آلت هذه الأموال وأعادتها وفق أحكام القانون.
أموال تعطى على الثقة
وأضاف، يجب تنفيذ مقتضى قرارات مصادرة الأموال وتتبعها، فهذه الأموال كانت تعطى على الثقة، وتبقى مسجلة بأسمائهم حتى تكون بعيدة عن أعين الدولة، لكونها جماعة غير مرخصة. مشددا على أنها أموال جمعية، وهي أموال عامة، يتوجب تتبعها وإعادتها وفق المقتضى القانوني، مؤكدا أنها لم تكن في حسابات للجماعة المنحلة، بل بيد وبأسماء أشخاص فيها.
والحكومة كانت شكلت لجنة شارك فيها جهات رسمية، لتتبع هذه الأموال، من بينها وزارة التنمية والبنك المركزي وغيرها من الجهات.
ووفقا لمصدر مطلع قال لـ"الغد"، ليس من الصعب تتبع تلك الأموال وتحصيلها، فالقوانين الأردنية قادرة على ذلك، لافتا إلى قانونية هذه الإجراءات، إذ تجري الاستعانة بمحللين ماليين ومعلومات خاصة، تفضي إلى أصول الأموال والعقارات وآليات تنقلها بين الأشخاص.
وكان مجلس الوزراء، وافق على طلب المراقب العام السابق لجماعة الإخوان المسلمين عبد المجيد ذنيبات وقيادات من الجماعة، بتصويب وضع الجماعة لفك ارتباط إخوان الأردن عن جماعة الإخوان المسلمين بمصر، وإصدار ترخيص جديد لها من وزارة التنمية، وقد جاء ذلك بعد تقديم الذنيبات و49 قياديا من الجماعة، طلبا للحكومة بترخيص الجماعة من جديد، وهو ما أدى لخلاف مع قيادة الجماعة المنحلة، وعلى رأسها المراقب العام السابق للجماعة المنحلة د. همام سعيد، والتي قررت حينها فصل كل من تقدموا بطلب ترخيص جديد.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الإصلاح لتظل رايات الاستقلال خفاقة
الإصلاح لتظل رايات الاستقلال خفاقة

الغد

timeمنذ 25 دقائق

  • الغد

الإصلاح لتظل رايات الاستقلال خفاقة

اضافة اعلان مرت 79 عاما على استقلال الأردن، وماضون بثبات رغم الحرائق في الإقليم في صناعة مستقبل وطن زاهر.نحتفي بفخر في عيد الاستقلال، نحتفي بالجيش العربي المجيد، ونعلي هاماتنا بعامل وطن يكد لرفعة بلاده، وبشرطي سير لا يكل ولا يمل للحفاظ على السلامة، والأمان في شوارعنا، ونعتبر ذكرى الاستقلال فرصة لاستعراض ما مرت به البلاد من تحديات، وكيف استطاعت أن تبني منجزا في ظل ظروف صعبة، وموارد محدودة، وأن تشق طريقا للنجاة، حين سقطت في الاختبار دول كان يشار لها بالبنان؟من حقنا أن نحتفي رغم الوجع، والغصة التي أدمت قلوبنا على غزة، فالأردن القوي، الصامد خير نصير لفلسطين.الاستقلال لم يكن يوما احتفالات، وأعلاما، وألعابا نارية فقط، ثم ينفض السامر، وننتظر عاما آخر يأتي، لنعيد ذات المشهدية، وإنما نرى أن الاستقلال أكثر من ذلك بكثير، فهو فرصة جادة للمراجعات لنتجاوز عثراتنا، ونقيم مسيرتنا، ونواجه إخفاقاتنا، ونبني، ونراكم على قصص النجاح، لتظل رايات الوطن خفاقة.في السنوات الأخيرة وجه الملك الحكومات للمضي في ثلاثة مسارات لتحقيق النهضة، إصلاح اقتصادي، وآخر سياسي، وثالث إداري، وفي عيد الاستقلال من واجبنا أن ندقق في الواقع لنعرف ماذا أنجز في هذه المسارات، بعيدا عن شعارات براقة، وبروبغندا لا تغني ولا تسمن من جوع؟أدرك أن الإصلاح الاقتصادي لن يتحقق بين ليلة وضحاها، وهي مراكمة لتشريعات، وسياسات، وممارسات، وان العديد من المتغيرات الخارجية قد توقف، او تتسبب في تأخير قطاف النتائج مثل قرارات الرئيس الأميركي ترامب في تعليق المساعدات للأردن، وكذلك حرب الإبادة على غزة التي عطلت حركة السياحة، وأرجأت العديد من المشاريع، ولكن ما يستوقف الكثير من المتابعين ان بعض القرارات الاقتصادية لا تنسجم مع توجهات الاصلاح، وانما تعصف به، ولن تفضي يوما الى تحقيق الازدهار، والرفاه للمواطنين.اتفهم ان للاصلاح الاقتصادي كلفا ربما مالية، ولكن مسار التحديث والاصلاح السياسي يحتاج فقط إرادة سياسية حاسمة، وأن نكون واثقين انه سيساهم في تعزيز مسارات الإصلاح الاقتصادي، والإداري.التردد، والتلكؤ في حسم توجهات الإصلاح السياسي تعيدنا الى المربع الاول، وعماد هذا المسار اطلاق العنان للعمل السياسي، والنيابي، والانتخابات الاخيرة التي اعطت القيادة للأحزاب السياسية يجب أن تكون مرتكزا لأحزاب سياسية مستقلة، وليست دمى، وتكون رافعة اساسية في السلطة، والمشاهدات، والتجربة حتى الآن غير مرضية، وقناعات الاردنيين والاردنيات في معظم الاحزاب التي تشكلت انها «فقاعات»، لن تقدم في مسيرتنا، وربما يكون ذلك حكما متعجلا، فالتجربة الحزبية لا تعطي أوكلها بين ليلة وضحاها، ولكن الأحزاب بعد الانتخابات تكاد تكون قد تلاشت، وفي حالة سكون، ورقابتها على السلطة التنفيذية غائبة.المطلب الأساس للنهوض بالإصلاح السياسي في البلاد توسيع هوامش الحريات، وصيانة حقوق الإنسان، فهي المدخل لأحزاب مستقلة فاعلة، ودونها لن تحدث نقاشات جدية في الفضاء العام.لعقود طويلة تراكمت إخفاقات في ملف الإدارة، وساد نمط من التنفيع، وطغت البطالة المقنعة، وترهل الأداء في المؤسسات العامة، ولا بد من إعادة الاعتبار لمبدأ سيادة القانون في كل التعاملات، والإجراءات، ومعيب أن ترى موظفا يعطل مسارا للتحديث الإداري لأن الرقابة غائبة، والمزاجية تسود، والمصالح تعمّ على حساب الحق، والمواطنة لا تسودها معايير العدالة.الإصلاح الإداري يريد حزما، وإنصافا، ومسطرة موحدة، وليست معايير مزدوجة، وانتقائية، فالأردن الذي كان مضربا في جودة الإدارة لم يعد كذلك، والأردن الذي كان سبّاقا في جودة الخدمات، للأسف لم يعد كما كان، ويكفي نظرة فاحصة، ونقدية لمستوى خدمات التعليم، والصحة، والنقل العام.هكذا نحتفل في الاستقلال بمراجعة نقدية جادة دون جلد للذات، وإنما تبصر من أجل دعائم ثابتة للمضي للمستقبل معتمدين على الذات.

الاستقلال.. ذكرى وعبرة وتطلعات
الاستقلال.. ذكرى وعبرة وتطلعات

الغد

timeمنذ 25 دقائق

  • الغد

الاستقلال.. ذكرى وعبرة وتطلعات

اضافة اعلان لم يكن أيار عاديا في التاريخ الأردني، ففي عام 1946، وتحديدا في الخامس والعشرين منه صيغت حروف الاستقلال بماء الذهب، وأمسك الأردنيون زمام قرارهم السياسي عندما أقرّ مجلس الأمة بالإجماع إعلان استقلال البلاد، وبويع الأمير عبد الله ابن الحسين ملكًا على المملكة الأردنية الهاشمية، وخرج الانتداب البريطاني من عروق الوطن وشريانه، وأمسك الأردنيون زمام قرارهم.مذ ذاك التاريخ أصبح الأردن دولة ذات سيادة كاملة، وعضوًا فاعلًا في الأسرة الدولية، وفتح الأردنيون باب الإنجاز والعمل لصياغة ملامح هويتهم الوطنية وتعزيز سيادتهم السياسية والتنموية، وتثبيت دعائم مملكتهم وتماسكها وبناء كل مقومات قوتها من خلال دستور جديد، وسيادة القانون، وإشاعة روح العدالة والمواطنة.مثل الاستقلال لدى الأردنيين بكل تلاوينهم ومعتقداتهم ومشاربهم الفكرية لحظة مفصلية في تاريخهم الحديث، فكتب الأجداد عبر سفر الزمن حكاية إرادة ورؤية، وخطوا مسارا واضحا للعمل الوطني، وبدأ الجميع رحلة التحرر السياسي والسيادة الاقتصادية، فانطلقوا لصياغة وعي شامل يعبر عن إرادة التحرر من قيود الانتداب، وصياغة عهد جديد من السيادة الوطنية، وبناء مؤسسات وطنية قوية، وإقرار دستور يعبر عن تطلعاتهم، ووضع سياسات تنموية تراعي مصالح المواطنين، وتمكين الدولة من مواجهة التحديات والتحرر من أي قيود خارجية دون انزلاق للفوضى، فاتسمت الدولة منذ ذاك الوقت بفضل حنكة القيادة ووعي الشعب بالاستقرار السياسي والاعتدال في العلاقات الدولية ما مكنها في لعب دور محوري في قضايا الإقليم، خاصة القضية الفلسطينية.إن الاحتفال بالاستقلال ليس طقسا سنويا فقط ولا يتجسد بالخطابات وحدها، وانما يعني امتلاك رؤية شاملة، وأن تكون ذكرى الاستقلال فرصة للمراجعة والبناء على ما تحقق، والتفكير في إنجازات قادمة، وتعزيز الوحدة الوطنية، وبناء الأردن الحديث، وتطوير المؤسسات الوطنية، ووضع القوانين التي تنظم شؤون الحكم والحياة العامة، وتحديث البنية التحتية، وتعزيز التعليم، والصحة، والخدمات العامة والزراعة والمياه والطاقة والتنمية المستدامة، وإيجاد حلول محلية للمشكلات الوطنية، دون اعتماد كبير على الخارج، وتحويل الاستقلال لمشروع سياسي وتنموي واقتصادي وزراعي ناجح، وتخطيط إستراتيجي، واستثمار في الإنسان، وترسيخ قيم المواطنة، والمشاركة السياسية، والحكم الرشيد، ومعالجة بؤر الفقر والبطالة وتمكين المرأة والشباب، وتكافؤ الفرص، وتحييد كل الهويات الفرعية وإعلاء راية الوطن.أنجزنا الاستقلال، ووضعنا الأسس لبناء الأردن الحديث، إلا أن معركة الاستقلال لا تتوقف، ويقع علينا مواصلتها بعيدا عن الشعارات الإنشائية والتصفيق المجاني، فالدولة الأردنية اليوم، تواجه تحديات سياسية واقتصادية مركبة، في ظل إقليم مضطرب، وصعوبات مالية متصاعدة، وتطورات إقليمية وعربية وعالمية متسارعة، وضغوطات من كل حدب وصوب ومشاريع تقسيمية بعضها يستهدف الأردن تصريحا وتلميحا.حتى نحمي هذا الوطن العظيم من كل طامع ونعزز أمنه واستقراره ونقف مع قيادته التي استطاعت أن تحافظ على توازن سياسي، واستقرار أمني، وتكون صوتاً عاقلاً في منطقة مزقتها الصراعات، فإنه وجب علينا تمتين جبهتنا الداخلية وتنفيذ رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، الذي يؤكد دوما أن الاستقلال لا يكتمل إلا بكرامة المواطن، وعدالة الفرص، وتعميق المشاركة السياسية.فلنحتفل بالاستقلال، ولنؤمن بالأردن وطنا نحميه بالمهج والأرواح، وأيضا لنعتبر الاستقلال ليس يوما ينقضي ومناسبة نقف فيها على المنابر، وإنما عمل سنوي متواصل نعزز فيه الرؤية الملكية بتعزيز سيادة القانون، وتكافؤ الفرص، وتجديد الحياة السياسية، ودعم حرية التعبير، وتحفيز الابتكار والصناعة الوطنية، وتشجع المشاركة الحزبية، وإحداث نقلة شاملة في الإدارة العامة، والتخطيط بعيد المدى لتطوير التعليم والصحة والطاقة والنقل، وإطلاق طاقات الشباب والمرأة، وتنمية الأطراف والقرى والبوادي، وتحقيق رؤية زراعية متكاملة.

الاستقلال الأردني الـ79: حين تتحول الذكرى إلى مشروع وطني تقوده العقول الشابة
الاستقلال الأردني الـ79: حين تتحول الذكرى إلى مشروع وطني تقوده العقول الشابة

الغد

timeمنذ 25 دقائق

  • الغد

الاستقلال الأردني الـ79: حين تتحول الذكرى إلى مشروع وطني تقوده العقول الشابة

اضافة اعلان الاستقلال ليس مجرد وقفة تأمل على أطلال المجد، بل هو تجديد سنوي لعقد الثقة بين الأردنيين ووطنهم ومستقبلهم. ويأتي العيد التاسع والسبعون في لحظة حاسمة قرر فيها الأردن ألا يكتفي بإحياء الذكرى، بل أن يصنع فجراً جديداً، تقوده طاقات شبابه.فمنذ إطلاق رؤية التحديث الاقتصادي (2022–2033)، انتقل الأردن من مرحلة رسم الطموحات إلى التنفيذ الفعلي، عبر أكثر من 366 مبادرة تشريعية وبنيوية تهدف إلى رفع معدلات النمو إلى 5 % سنويًا وخلق قرابة مليون فرصة عمل بحلول عام 2033.ورغم هذه الجهود، تبقى البطالة التحدي الأبرز، خصوصاً بين الشباب، حيث تجاوزت 40 %. ولا يكمن الحل فقط في توفير فرص العمل، بل في إعادة صياغة العلاقة بين التعليم وسوق العمل، من خلال تحديث المناهج لتشمل مهارات المستقبل كالذكاء الاصطناعي والهندسة وريادة الأعمال وتوسيع التعليم المهني بنظام التلمذة المزدوجة وإقرار حوافز ضريبية للشركات التي توظف خريجين جددا ضمن برامج تدريب تنتهي بالتثبيت بهذا، يتحول الشاب الأردني من باحث عن وظيفة إلى منتج للقيمة المضافة.وعندما يغادر طبيب أو مهندس شاب البلاد، لا نخسر فرداً فقط، بل نخسر سنوات من التعليم والاستثمار الوطني. إن الهجرة الصامتة للعقول، التي طالت آلاف الكفاءات، تُنذر بفقدان أحد أعمدة التنمية. ووقف هذا النزيف يتطلب تحويل الجامعات إلى منصات للابتكار وتخفيض ضريبة الدخل لمدة خمس سنوات للعائدين من الخارج وتحويل عمّان إلى عاصمة للمواهب العربية، فكل عقل يبقى أو يعود هو استثمار مضاعف يعزز التحديث بمهارات كنا نستوردها بكلفة باهظة.أما قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، الذي يشكل أكثر من 95 % من منشآت القطاع الخاص، فلا تزال حصته من التمويل المصرفي أقل من 8 %، وفق بيانات البنك المركزي الأردني (2024). وردم هذه الفجوة يتطلب إلزام البنوك بتخصيص 20 % من محافظها الائتمانية لهذا القطاع وتوسيع نطاق «صندوق الريادة» وتأسيس سوق تداول موازية للشركات الناشئة، لقد أثبتت تجارب شباب أردنيين في التقانة المالية والسياحة الرقمية أن التحدي ليس في الكفاءة، بل في البيئة الداعمة.وفي السياسة، لا يمكن لأي مشروع اقتصادي أن يكتمل دون حاضنة سياسية تعزز المشاركة والمساءلة. فجاء قانونا الأحزاب والانتخاب الجديدان ليؤسسا لتحول تدريجي، من خلال ربط التمويل الحزبي بالبرامج لا بالهويات وتخصيص مقاعد للشباب في البرلمان والمجالس البلدية، لكن ذلك، رغم أهميته، لا يزال بحاجة إلى مراجعة جدية تستفيد من التجربة السابقة وتؤسس لإطار تشريعي جديد، عنوانه: دور الشباب الواقعي لا الرمزي، وضخ دماء جديدة في مفاصل الدولة.وفي ذكرى الاستقلال، تتجلى البصمة الهاشمية دائماً، فالقيادة لم تكتف بإعلان الاستقلال، بل جعلت من الحكم رسالة، من الملك المؤسس عبدالله الأول، إلى الحسين الباني، وصولاً إلى جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي أطلق رؤى التحديث الثلاث: الاقتصادية، الإدارية، والسياسية، واضعًا الإنسان الأردني في صلب كل إصلاح، ومؤمناً بأن الشباب شركاء لا متفرجون في بناء المئوية الثانية.وسط هذه التحولات، تتجلى الهوية الأردنية كدرع ثقافي وروحي. ليست مجرد بطاقة تعريف، بل منظومة قيم متجذرة: الاعتدال، الانتماء، التعدد، والانفتاح المتوازن. هوية صاغتها معاناة الأجداد وتطلعات الأحفاد، تُجسد اليوم الرابط الأمتن أمام محاولات التمزق، وتعزز التماسك في وجه الفتن.ومع اقتراب دخول المئوية الثانية، وضعت الدولة أهدافًا طموحة، منها خفض معدل البطالة العام إلى أقل من 10 %. ورفع مشاركة المرأة الاقتصادية إلى 30 %. ومضاعفة الصادرات التقنية لتشكل 10 % من إجمالي الصادرات وزيادة مساهمة الطاقة المتجددة إلى 50 % من خليط الطاقة الكلي بحلول 2035 وتحويل الاقتصاد الأخضر إلى واقع عملي في الطاقة والمياه والزراعة.عندما يجد شاب من الطفيلة فرصة تليق بموهبته، ويُصدر ريادي من إربد تطبيقاً عالمياً، ويعود عالم من المهجر ليُشعل مصباح الابتكار في جامعة أردنية، ندرك أن الوقت ليس للشعارات، بل لـلفعل، والشراكة، والإيمان الحقيقي بأن الشباب ليسوا جمهور المستقبل، بل صنّاعه الحقيقيون.فهذا هو الاستقلال الحقيقي: حين تُسند الراية لجيلٍ لا يخشى التغيير، بل يقوده.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store