
هل تستطيع الولايات المتحدة التوسط في اتفاق في السودان؟
دخلت الحرب في السودان عامها الثالث. قُتل الآلاف، ونزح ما يقرب من 13 مليون شخص داخليًا أو يعيشون كلاجئين في الدول المجاورة. دمر الصراع البنية التحتية للبلاد، وحول العاصمة الخرطوم إلى مدينة أشباح.
رغم حجم الدمار، كان رد الفعل الدولي ضعيفًا. أسفرت الوساطة الأمريكية السعودية في جدة عن اتفاقيتين إطاريتين إنسانيتين، لكنهما لم تُسفرا عن أي تغيير حقيقي لصالح المدنيين. وفي 14 أغسطس/آب 2024، بُذلت محاولة أخرى لجمع الأطراف المتحاربة، لكنها لم تُحقق سوى القليل.
منذ تولي الرئيس دونالد ترامب منصبه في يناير/كانون الثاني، لعبت الولايات المتحدة دورا محدودا، ويبدو أنها تفضل الاستعانة بدول الخليج لإدارة الأزمة، وهو ما يمكن استنتاجه من الاجتماع الأخير الذي عقدته وزارة الخارجية الأميركية للمجموعة الرباعية (الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر) لإحياء جهود الوساطة.
بعد توقيع اتفاق سلام بين رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، تُشير الإدارة الأمريكية الآن إلى أنها ستُجدد انخراطها في الصراع الدائر في السودان. وكانت الإدارة قد خططت لعقد اجتماع للمجموعة الرباعية، إلا أنه أُجِّل، على ما يبدو، بسبب خلاف دبلوماسي بين الإمارات العربية المتحدة ومصر، حول دور قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية المتحاربة في أي عملية سلام محتملة. وقد اتُهمت كل من مصر والإمارات العربية المتحدة بتمويل الأطراف المتحاربة وتزويدها بالأسلحة.
ولكن لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت إدارة ترامب ستعمل خلف الكواليس لمساعدة الإمارات ومصر والمملكة العربية السعودية على التوفيق بين خلافاتها قبل الدعوة إلى اجتماع آخر – أو بدلاً من ذلك، إسقاط الملف الآن وإعادة التواصل في وقت لاحق إذا كانت هناك تطورات عسكرية أو دبلوماسية كبيرة.
مع ذلك، فإن الخلاف بين مصر والسعودية من جهة، والإمارات العربية المتحدة من جهة أخرى، يجعل من الصعب للغاية تصور أي وسيط غير الولايات المتحدة. فالولايات المتحدة شريك استراتيجي لجميع هذه الدول، ويمكنها استخدام بعض نفوذها ورأس مالها السياسي لتسهيل التوصل إلى اتفاق. بمجرد وضع خطة، يمكن أن تستفيد الوساطة من وزن ونفوذ المملكة المتحدة والنرويج والاتحاد الأوروبي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) والاتحاد الأفريقي. فكل من هذه الكيانات يتمتع بخبرة قيّمة وميزة نسبية يمكن أن تُرسخ أي تسوية سياسية في شكلها النهائي.
يجب على المفاوضين الأميركيين أن يتجاوزوا اتفاقيات تقاسم السلطة والثروة
بالنظر إلى النهج التعاملي للسياسة الخارجية الأمريكية الذي شهدناه في عهد إدارة ترامب، سواءً في أوكرانيا أو أفريقيا، ثمة مؤشرات على أن الإدارة ستسعى على الأرجح إلى حل سريع في السودان. قد يتخذ هذا الحل شكل إعطاء الأولوية لوصول المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين في ظل التقسيم الإقليمي الحالي للبلاد بحكم الأمر الواقع. ومن المؤكد أن هذه الخطوة ستؤدي إلى حل لتقاسم السلطة والثروة بين الأطراف المتحاربة. ومع ذلك، فإن هذا النوع من الاتفاقيات، التي أبرمها السودان منذ الاستقلال، لم يحقق سلامًا دائمًا. لذا، ثمة حاجة إلى نهج جديد.
سيحتاج المفاوضون إلى معالجة مغالطة شرعية الطرفين المتحاربين – القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. إضافةً إلى ذلك، يجب أن يُستكمل اتفاق السلام برؤية شاملة لإنهاء الحرب، من خلال ترتيبات سياسية ومعالجة قضايا رئيسية، بما في ذلك طبيعة الدولة والمواطنة ونظام الحكم.
هناك حاجة إلى نهج جديد للسلام في السودان
من أجل التوصل إلى اتفاق سلام مستدام، يتعين على المفاوضين أولاً تحديد دوافع الجهات الخارجية الفاعلة في الحرب (الإمارات العربية المتحدة، ومصر، والمملكة العربية السعودية، وقطر)، مما يتطلب من كل منها إثارة مخاوفها وطموحاتها بشفافية ووضوح كاملين.
ثانياً، يجب على الوسطاء استكشاف الحد الأدنى المقبول من النتائج من حيث مصالح جميع الأطراف الإقليمية المتورطة بشكل مباشر في الحرب – وخاصة مصر والإمارات العربية المتحدة – دون المساس بمصالح الشعب السوداني.
ثالثا، يتعين على الوسطاء جمع كل المبادرات حول إطار عام ومنصة واحدة يتم من خلالها توجيه كل هذه الجهود من خلال عملية دقيقة ومنسقة بشكل جيد، يتفق عليها جميع الأطراف الفاعلة.
رابعًا، يجب الاعتراف بأن الحلول السريعة، القائمة على السيطرة على الأراضي وتقاسم السلطة والثروة، قد تكون مبررة على المدى القصير لإنهاء سفك الدماء. ومع ذلك، ولإرساء سلام دائم، لا بد من استكمالها بنهج أكثر شمولية، قائمة على المشاركة الشعبية ومراعاة الأبعاد الاجتماعية والسياسية.
خامسًا، يجب على المفاوضين فصل عملية إنهاء العنف الفوري عن العملية السياسية طويلة الأمد. ولتعزيز السلام الدائم، يجب على وسطاء الاتفاق تجاوز تقاسم السلطة والثروة إلى معالجة قضايا المواطنة والعدالة والحريات.
وأخيرا، لا بد من إشراك المدنيين السودانيين ومنظمات المجتمع المدني في هذه العملية.
الحقائق قبل مؤتمر واشنطن أو أي مؤتمر آخر
إن مؤتمر واشنطن، إذا حدث، سوف يعقد في ظل حقائق صعبة لا بد من الاعتراف بها بشكل مباشر، لأنها تشكل الأساس لرؤية سياسية واقعية لإنهاء الصراع.
أولاً، من غير المرجح أن يتمكن أي طرف من تحقيق نصر عسكري حاسم أو إحداث تغييرات جوهرية في ساحة المعركة من شأنها أن تُغير الحسابات السياسية جذرياً على المدى القريب. لقد تغيرت طبيعة الحرب، وفي هذه المرحلة، يُمكن لكل طرف من أطراف الصراع بسهولة إحداث أضرار واضطرابات في مناطق بعيدة عن الصراع الرئيسي. هذا يعني أن السيطرة على الأراضي ليست بنفس الأهمية، وأن كل طرف يمكنه إلحاق أضرار جسيمة دون السيطرة على الأراضي، من خلال استخدام أسلحة مثل الطائرات المسيرة.
ثانيًا، لا توجد منصة تفاوضية فاعلة قائمة يمكن للأطراف المتحاربة اللجوء إليها إذا رغبت في التفاوض على شروط وقف إطلاق النار أو آلياته، وآليات مراقبته، وغيرها من المسائل الفنية. لقد أصبحت منصة جدة مجرد وهم سياسي؛ لم تعد موجودة عمليًا.
ثالثًا، لا توجد منصة محددة تُعنى بعملية سياسية لتوحيد رؤى القوى السياسية المدنية، بما فيها تلك المتحالفة مع الأطراف المتحاربة، حول إنهاء الحرب. ورغم الإشارات المتكررة إلى أن الاتحاد الأفريقي سيتولى هذا الدور، إلا أن التجربة المُستقاة من عدة اجتماعات نظمها الاتحاد الأفريقي لجمع مختلف القوى السياسية، مثل مجموعات الشباب والنساء، أثارت تساؤلات حول قدراتها الفنية وإرادتها السياسية لإنهاء النزاع. وقد عُقدت معظم هذه الاجتماعات لاسترضاء الممولين (وتحديدًا الاتحاد الأوروبي)، ولم تزد عن كونها مجرد إجراءات شكلية، أو محاولة من جهاز بيروقراطي لتبرير رواتب موظفيه، ولم تُتابع إلا بشكل ضئيل أو معدوم.
بالإضافة إلى ذلك، كان التواصل مع المدنيين داخل فضاء المجتمع المدني، مثل الأحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية المحلية والنقابات العمالية، وما إلى ذلك، فوضويًا، نظرًا لحجم الخلافات بين مختلف أصحاب المصلحة. في هذا السياق، من السهل على أي معلق محلي أو إقليمي أو دولي أن يدعي أن القوى السياسية والمدنية منقسمة وأنه لا يوجد كتلة مدنية منظمة. إن إلقاء اللوم على المدنيين السودانيين في انقساماتهم أسهل من مواجهة العوامل الهيكلية أو الجهات المسلحة وداعميها الأجانب. في الواقع، فإن الاختلافات داخل المجتمع المدني هي انعكاس لأولئك في المجتمع الذين ينظمون مصالحهم ويؤطرونها. وكما ذكرنا سابقًا، تزداد هذه الانقسامات حدة بسبب الطبيعة المتغيرة للحرب، ولكن أيضًا بسبب تصرفات الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية من خلال الاعتراف الانتقائي بمجموعات أو مصالح معينة. يجب على المجتمع الدولي دعم القوى المدنية المستقلة والمجتمع المدني لحمايتهم من الأطراف المتحاربة والاستقطاب العميق المستمر، بدلاً من إلقاء اللوم عليهم في هذا الاستقطاب.
لقد تجاوز الصراع القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع
لم تعد الحرب صراعًا منفردًا بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، بل اجتاحت المجتمع السوداني، وقد يستمر بعض السودانيين في قتل بعضهم البعض حتى لو توصلت الأطراف المتحاربة إلى وقف إطلاق النار. والحقيقة المؤلمة هي أن المظالم والرغبة في الانتقام أصبحت متجذرة في نفوس معظم السودانيين. وبناءً على ذلك، فإن أي مشروع سلام لا يضع في اعتباره برنامجًا شاملًا طويل الأمد للتعافي الاجتماعي والمصالحة قائمًا على العدالة الانتقالية، سيكون هو نفسه سببًا للحرب القادمة.
سيتأثر مؤتمر واشنطن، وغيره من المؤتمرات المستقبلية، تأثرًا كبيرًا بالوقائع على الأرض. فبين الاتفاقيات الدبلوماسية والرغبة في حل سريع، من المرجح أن تُترجم مصالح الدول المجتمعة في واشنطن إلى صيغة لتقاسم السلطة والثروة تهدف إلى وقف القتال وتحقيق استقرار نسبي. يكمن خطر هذا النهج في أنه قد يتم دون تشاور كافٍ مع الجهات السودانية الفاعلة (سواءً كانت عسكرية أو مدنية) وإشراكها، وفي حال حدوث ذلك، ستُصمم حلول تخدم مصالح الدول المشاركة، لا الشعب السوداني، الذي لا يتوافق بالضرورة. من الممكن صياغة صيغة رابحة تُلبي تطلعات السودانيين إلى سلام عادل ودائم ومستدام، وتحافظ على مصالح هذه الدول في السودان. وبالطبع، لا ينبغي أن تكون أي أولوية أعلى من إسكات البنادق لإغاثة الشعب ووقف وفيات الرصاص والجوع. سيكون الحل السريع مدخلًا مهمًا، ولكنه وحده لن يكون كافيًا. إن تجربة السودان في صنع السلام منذ الاستقلال، من اتفاقية أديس أبابا عام 1972، مروراً باتفاقية السلام الشامل عام 2005، وانتهاءً باتفاقية جوبا للسلام عام 2020، هي أنها ركزت كثيراً على تقاسم السلطة والثروة، دون تدقيق صادق في الأسباب الجذرية، حتى وصلنا إلى مرحلة أصبح فيها حمل السلاح أسرع طريق لإثراء الذات والصعود في السلم السياسي.
بعد حروبٍ مريرة، وإراقة دماء، ومآسٍ، يحتاج السودان إلى حلول تتجاوز مجرد تقاسم السلطة والثروة بين الأطراف المتحاربة. لا يمكن لأي لغة أن تُجسّد الواقع الموضوعي بكامله: الانقسامات الاجتماعية عميقة، والمظالم لا تُحصى، والأسلحة في أيدي الجميع. في هذا السياق، قد تُشجع الحلول السريعة المتقاتلين على إلقاء أسلحتهم. هذا قد يفتح الباب أمام عملية سياسية قائمة على العدالة الشاملة، والتعافي الاجتماعي، والسلام، ولكن ما لم يُفتح الباب بعملية سياسية واضحة، فلن يتحقق ذلك. بعد تأمين وقف إطلاق النار، يجب أن تُعالج أي عملية سلام جادة الأسباب الجذرية للحرب، وأن تتمتع بشرعية توافق واسع من الشعب السوداني، الذي ينبغي أن يكون مشاركًا فاعلًا.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


التغيير
منذ 14 دقائق
- التغيير
أول سودانية تترشح لرئاسة زيورخ: الحرب تمزقني
في مدينةٍ مثل زيورخ، حيث التنوع يُكتب على الوجوه واللغات واللهجات، قررت امرأة شابة أن تغيّر قواعد اللعبة. ماندي أبو شوك، مهاجرة، أفريقية، مسلمة، وسودانية الأصل – اختارت أن تتقدّم لرئاسة بلدية واحدة من أبرز المدن الأوروبية. في هذه المقابلة الخاصة مع «التغيير»، تروي لنا ماندي تجربتها الاستثنائية، دوافعها، والتحديات التي واجهتها في ساحةٍ سياسية لا تزال تضع حواجز صامتة أمام من لا يشبه 'النمط التقليدي'. وبين أروقة النضال الشخصي والسياسي، وبين جذورها السودانية وانتمائها السويسري، تسرد كيف استطاعت أن تكون 'عرضًا' لمدينتها، وأن تفتح الطريق لغيرها. رسائلها صريحة، نبرة صوتها جريئة، وخياراتها تنبع من قناعة عميقة بأن التغيير لا يحتاج إلى إذن – بل إلى شجاعة.. التغيير: القاهرة ما الذي دفعكِ للتقدم لمنصب رئاسة بلدية زيورخ؟ ترشّحتُ لأن نافذةً قد فُتحت – ولأنني أردت أن أقدّم لمدينتي خيارًا حقيقيًا. كثيرون شجّعوني، وقالوا إن الوقت مناسب لرؤية جديدة لزيورخ. مدينتنا زيورخ مدينة متنوّعة، حيث يشكّل الأشخاص من أصول مهاجرة 55% من السكان. زيورخ جريئة وفي حركة دائمة – وهذا ما أمثّله أنا. كان هدفي من ترشيحي أن أُظهر أن الأشخاص الذين لا يسيرون في المسارات السياسية التقليدية يمكنهم أيضًا تحمّل المسؤولية. التغيير يبدأ غالبًا حين يجرؤ أحدهم على اتخاذ الخطوة الأولى. وقد قمتُ بهذه الخطوة، مدعومةً بكثير من الناس. ما هي رسالتكِ المستخلصة من هذا الدافع؟ لا تستسلموا. التغيير يحتاج إلى وقت – وإلى شجاعة. حتى وإن بدت الفرص ضئيلة، فإن كل محاولة هي خطوة تفتح أبوابًا للآخرين. تمسّكوا بقيمكم، حتى عندما يكون الطريق صعبًا. كيف كانت فرصكِ كأول مرشحة إفريقية وسودانية في هذا السباق الداخلي؟ كنتُ أعلم أن العقبات كبيرة – ليس فقط لأنني شابة، بل أيضًا لأنني امرأة مهاجرة ومسلمة. لكن ترشيحي كان دائمًا عرضًا: عرضًا للمدينة، عرضًا لكل من لم يشعر بأنه مُمثَّل من قبل. أحيانًا يبدأ التغيير بمجرد إعلانكِ الجريء 'أنا جاهزة'. كيف كنتِ ستحددين أولوياتكِ لو فزتِ بالانتخابات؟ كنت سأركّز على ثلاثة أمور: ضمان السكن الميسور، جعل المساحات العامة متاحة للجميع، وتوسيع فرص المشاركة – خصوصًا لأولئك الذين حُرموا سابقًا من المشاركة السياسية. كيف أثرت أصولكِ السودانية، ونشأتكِ في عائلة سياسية نشطة على مساركِ السياسي؟ نشأتُ في بيئة يسودها الحوار السياسي. من والدي، الصحفي المعارض للنظام، تعلّمتُ شجاعة تسمية الظلم وفضحه. ومن والدتي، طبيبة الأسنان التي أعادت دراسة تخصّصها في سويسرا، تعلّمتُ الصبر والانضباط. هذا المزيج من قوة المقاومة والمثابرة يرافقني حتى اليوم. ما العقبات التي واجهتكِ كامرأة مهاجرة في السياسة السويسرية؟ ما زالت هناك هياكل تُضاعف التحديات على أصحاب الأصول المهاجرة والنساء – من تحيّزات غير معلنة، وشبكات علاقات مفقودة، وتوقعات غير واقعية، لكنني تعلمتُ ألا أدع هذه العقبات توقفني. هل تعتقدين أن ترشيحكِ سيفتح الأبواب أمام أشخاص آخرين من أصول مهاجرة؟ نعم. الظهور هو المفتاح. عندما تتجرأ شخصية من مجتمعنا على خوض هذه الطريق، يصبح بإمكان الآخرين تخيّل أنفسهم في نفس المكان. كثيرًا ما أتلقى رسائل من شباب يقولون 'ترشيحكِ أظهر لي أن الأمر ممكن'. ببساطة 'You can be what you 'can see – يمكنك أن تكون ما تستطيع أن تراه. ما القيم التي غرسها فيكِ والداكِ؟ تعلّمتُ منهما أن أواصل المسير حتى عندما يبدو كل شيء ميؤوسًا منه. أن أتحمّل المسؤولية، وألا أفقد الإيمان أو البوصلة، وألا أُشغل بالتفاصيل الصغيرة. وكانت التعليم دومًا الأساس والبوابة نحو الحرية. كيف تتعاملين مع ازدواجية هويتكِ السودانية والسويسرية؟ لا أراها تناقضًا، بل ثراءً. أستطيع بناء الجسور؛ لأنني أعرف كلا المنظورين. هذا الانتماء المتعدد يمنحني فهمًا أعمق للقضايا الاجتماعية المعقدة. ما هي رسائلكِ للنساء المهاجرات اللواتي يسعين إلى دخول النشاط السياسي؟ لا تنتظرن أن يدعوكن أحد. بادِرن بأنفسكن، وابنين شبكات دعم، وأبحثن عن الحلفاء. تحركن. افعلن شيئًا. أصواتكن مهمة – ليس عندما تصبح مثالية، بل الآن. كيف تريدين أن يتذكركِ الناس – في 'زيورخ' وفي السودان؟ كشخص فتح الأبواب. كامرأة منحت الشجاعة للآخرين ليشاركوا. في زيورخ كجزء من حركة من أجل مدينة أكثر عدلًا. وفي السودان كابنة الوطن التي لم تنس جذورها أبدًا، وجعلت منها قوة تعيش بها. قلبي مع الناس العالقين في هذه الحرب المروّعة، ومع الذين اضطروا إلى الفرار. كلّنا فقدنا أحباء في هذه الحرب العبثية، حرب يتصارع فيها رجال جشعون على السلطة والهيمنة والسيطرة. هذه الحرب تمزقني، أجيالٌ كاملة تُحرَم من مستقبلها، والعالم يقف متفرّجًا. لكننا لن نتوقف عن متابعة مجريات هذه الحرب، وعن التعبير عن رفضنا لها، وعن كشف الجرائم، والعمل من أجل السلام.


التغيير
منذ ساعة واحدة
- التغيير
عبد الرحمن الصادق المهدي يرد على الأمانة العامة لحزب الأمة القومي
كشف عبد الرحمن في بيانه أن لقاء الإمام الصادق المهدي بقادة النظام في 10 أبريل 2019، والذي أدى لانحياز اللجنة الأمنية للثورة في اليوم التالي، تم بترتيبه وفي شقته بالخرطوم 2، وأنه عُيّن بعد ذلك رئيسًا للجنة الاتصال الحزبية بالمجلس العسكري، التي ضمت قيادات عليا من الحزب.. التغيير: الخرطوم رد عبد الرحمن الصادق المهدي، على ما وصفه بـ'افتراءات' تضمنها بيان صادر عن الأمانة العامة لحزب الأمة القومي، جاء مذيّلًا باسمها. وتضمن البيان – بحسب المهدي – هجومًا على أشخاص وصفتهم الأمانة بأنهم ينطلقون من 'روابط عائلية أو تاريخية'. وأشار المهدي في بيانه، الجمعة، إلى أن الأمانة العامة أكدت في بيانها أنها 'لن تسمح لهم بالتسلل إلى مواقع القيادة في مرحلة ما بعد الثورة'، كما نددت بما سمته 'دخول العسكر لدار الأمة'، ودعت جماهير الحزب والأنصار إلى 'عدم التعاطي مع هذه التحركات والتصدي لها'. وقال المهدي في بيانه الذي زيله بقائد سيوف النصر ونائب رئيس مجلس الحل والعقد بهيئة شئون الأنصار، إن حزب الأمة القومي ليس من شيمه إطلاق الحديث المموه. وأوضح أنه لن يخوض في المغالطات التاريخية، مشيرًا إلى أن ما بحوزته من وثائق ووقائع سيكون زادًا للتاريخ، وأن الله والشعب وجماهير الحزب ستحكم على من عملوا كـ'مصادات رياح' لحفظ الكيان الحزبي والدعوي، ومن ساهموا عشية الثورة في جعل الحزب يلعب دور 'القابلة' لمولودها، وفقا لما جاء في البيان. والخميس، قالت الأمانة العامة لحزب الأمة القومي، عبر بيان أن جماهير الحزب لن تقبل بـ'فرض رئيس جوكي'، لافتة إلى أن أن انتخاب القيادات يتم وفقًا لدستور الحزب المجاز عبر المؤتمر العام، باعتباره صاحب الشرعية الوحيدة لتجديد القيادة. وكشف عبد الرحمن في بيانه أن لقاء الإمام الصادق المهدي بقادة النظام في 10 أبريل 2019، والذي أدى لانحياز اللجنة الأمنية للثورة في اليوم التالي، تم بترتيبه وفي شقته بالخرطوم 2، وأنه عُيّن بعد ذلك رئيسًا للجنة الاتصال الحزبية بالمجلس العسكري، التي ضمت قيادات عليا من الحزب، مؤكدًا أن الأمانة العامة تدرك ذلك وتنكره. وشدد المهدي على أن حزب الأمة ليس حكرًا على أي شخص، منتقدًا من وصفهم بـ'المتسلقين عبر الروابط العائلية' والذين التحقوا بالحزب دون عطاء أو معرفة بمبادئه وتاريخه. وأضاف أن هؤلاء قزّموا الحزب من قائد إلى تابع، واتخذوا مواقف منحازة للدعم السريع آل دقلو، رافعين شعار 'لا للحرب' بينما بياناتهم ومواقفهم تصب في مصلحة الدعم السريع. وأشار إلى أن الشعب السوداني والكيان الوطني لن يسمحا لقيادة قوات الدعم السريع، بالاحتفاظ بمواقعها بعد الحرب، معتبرًا أن وقت الحساب قادم. وأوضح ملابسات زيارته لدار الأمة، مبينًا أنه علم باحتلال بعض الأسر للمبنى ورفضها الخروج بحجة دعم الحزب لقوات الدعم السريع. وأضاف: بصفتي رئيس مجلس إدارة شركة الصديقية المالكة للدار والمؤجرة لحزب الأمة، ذهبت لإقناعهم بالخروج سلمياً، بالتنسيق مع لجنة كونها رئيس الحزب المكلف محمد عبد الله الدومة، وبرفقة مسؤول سيطرة أمدرمان بالقوات المسلحة لتأكيد الموقف القانوني. وقال إنه أوضح للمحتلين أن من يساند قوات الدعم السريع، هم قيادات معزولة، وأن غالبية جماهير الحزب في العاصمة والولايات تدين عدوانها. وانتقد المهدي الأمانة العامة لانشغالها بما وصفه بـ'الجعجعة بشأن تحركات الآخرين' بدلًا من العودة للبلاد وقيادة الجماهير، معتبرًا أن دورها اقتصر على التعليق على الأحداث وتغييب الحضور الحزبي في الداخل. وطمأن جماهير الحزب والأنصار على تمسكهم بالنهج المؤسسي الذي أرساه الإمام الصادق المهدي، منتقدًا القادة الذين 'اختطفوا الحزب' وأضعفوا دوره الوطني، وحمّلهم المسؤولية عن فشل الفترة الانتقالية والأجواء التي قادت للحرب وتدمير الوطن. وجدّد حزب الأمة القومي تمسكه بمبادئه الراسخة في العمل المؤسسي واحترام مؤسساته الدستورية، رافضًا أي محاولات للالتفاف على إرادة جماهيره أو استغلال رمزيته التاريخية لخدمة أجندات شخصية أو سياسية تتناقض مع خطه الوطني. في المقابل، كان بيان الأمة العامة قد أكد أن الاستحقاقات التنظيمية والدستورية أمر حتمي، تشرف عليها مؤسسات الحزب بما يضمن مشاركة جميع الأعضاء في ولايات السودان، ويحافظ على وحدة الحزب والوطن ويُفشل أي محاولات لشق الصفوف أو تقسيم البلاد. وقالت أنها رصدت خلال الفترة الأخيرة تحركات لبعض الأشخاص والجهات ذات الصلة السابقة بمؤسسات الحزب أو بكيان الأنصار، يسعون لإعادة تقديم أنفسهم في الساحة السياسية بعد سقوط النظام البائد، مستندين إلى روابط عائلية أو تاريخية، رغم أن سجلهم يشهد بانحيازهم السابق لسلطة المؤتمر الوطني الشمولية وتقلدهم مناصب رفيعة في أجهزتها السياسية والعسكرية. وحذّرت الأمانة من هذه التحركات التي وصفها بـ'المشبوهة'، مؤكدًا أن الشرعية الحزبية لا تُكتسب إلا عبر الالتزام بمؤسساته ومواقفه المبدئية، لا بمجرد الانتساب الشكلي أو التاريخي. وأوضح أن أبوابه ستظل مفتوحة أمام كل من يلتزم بمبادئه ونهجه المؤسسي، لكنه لن يسمح بتمكين من 'تخلوا عن واجبهم تجاه الشعب والوطن أو ساهموا في ترسيخ الحكم الشمولي' من التسلل إلى مواقع القيادة في مرحلة ما بعد الثورة. وتطرقت إلى دخول العسكر لدار الأمة، في وقت اإعتبرت فيه أن ذلك ليس أمرًا جديدًا، مذكّرًا بأن الأمر تكرر عام 1989، لكن الدار عادت حينها إلى جماهير الحزب، وستعود مرة أخرى عامرة بقياداته وكوادره.


التغيير
منذ 4 ساعات
- التغيير
الجواز السوداني..من حق دستوري إلى سلاح لتصفية الحسابات
تحوّل الجواز السوداني من حق دستوري مكفول لكل مواطن، إلى أداة تستخدمها السلطات لتصفية الحسابات السياسية والانتقام الشخصي، وسط تزايد حالات الحظر ومنع السفر بحق نشطاء ومعارضين. وبينما تؤكد الأمم المتحدة أن حرمان المواطنين من التنقل دون إتاحة مسار للتظلم يشكل انتهاكًا للقانون الدولي، تتوالى الشهادات عن ممارسات داخل سفارات السودان، من بينها ما يجري في كمبالا، حيث تُسحب جوازات النشطاء حتى بعد دفع الرسوم المقررة.. التغيير: كمبالا روى الناشط المدني والسياسي المقيم في العاصمة الأوغندية كمبالا، نجم الدين دريسة، لـ«التغيير» تفاصيل ما حدث معه أثناء محاولته تجديد جواز سفره الذي تنتهي صلاحيته في ديسمبر 2025. فبعد أن استكمل جميع الإجراءات في السفارة السودانية، من إدخال البيانات، ودفع الرسوم البالغة 250 دولارًا، والتصوير الفوتوغرافي، وحتى تعديل اسمه في النظام، في 15 يوليو الماضي حتى حصلوله على إيصال الاستلام. وحين عاد ليستلم جوازه، تكرر تأجيل الموعد مرتين، قبل أن يُبلَّغ أخيرًا داخل السفارة بأنه 'محظور'. من الإخطار المسبق للحجب بعد الموافقة بعد أسبوعين، حضر دريسة – رئيس الشبكة الإعلامية المدنية، والناطق الرسمي السابق لتحالف القوى المدنية 'قمم' – إلى السفارة بعد سماعه بوصول دفعة جوازات، فأُبلغ بأن جوازه لم يصل بعد، وطُلب منه العودة في الأسبوع التالي. وفي بداية أغسطس، وبعد مراجعة القسم المختص بالاستلام، كان الجواب: 'غير موجود'. لاحقًا، علم من مسؤولي السفارة بأنه 'محظور'. بالنسبة لدريسة، كان هذا أشبه بـ'القرصنة'، إذ كان من المفترض إبلاغه بالحظر منذ البداية، لا بعد استكمال الإجراءات ودفع الرسوم. أمر الحظر يأتي من 'بورتسودان' استنادًا إلى قوائم معدة مسبقًا ناشط مدني وأوضح في حديثه لـ«التغيير» أن مسؤولي السفارة يعلمون جيدًا أنه ناشط مدني وله مواقف معلنة ضد حكومة بورتسودان، مؤكدًا أن الجواز حق دستوري لا يجوز لأي جهة مصادرته. وأكد أنه استفسر من رئيس فريق الجوازات بالسفارة، إلا أنه أوضح رداً على استفسارته أن عمله 'فني بحت'، وأن أمر الحظر يأتي من 'بورتسودان' استنادًا إلى قوائم معدة مسبقًا من سلطة الأمر الواقع هناك. واتهم دريسة حكومة عبد الفتاح البرهان بحرمان الناشطين الداعين إلى وقف الحرب من حق المواطنة والحصول على الهوية، معتبرًا أن حكومة بورتسودان تبحث عن شرعية لمواصلة الحرب وزيادة معاناة السودانيين. وفي المقابل، أشار إلى أن حكومة 'تأسيس' تدعو للوحدة والسلام وتجنب الانتقام، لافتًا إلى الفارق الكبير بين السلطتين، ومؤكدًا أنه 'ليس دفاعًا عن تأسيس'، لكن من باب أولى – على حد قوله – أن يبحث عن 'حقوقه المسلوبة' في تلك الجهة ما دامت حكومة بورتسودان تمنعه حق الهوية. تكشف قصة دريسة عن أسلوب جديد في سياسة حرمان السودانيين – خاصة السياسيين والنشطاء – من الوثائق الثبوتية. ففي السابق، كان يُبلّغ الشخص بالحظر قبل بدء الإجراءات، أما الآن، فتُستوفى الرسوم وتُنجز المعاملات، ثم تُسحب الجوازات لاحقًا من بورتسودان مقر العاصمة البدلية لحكومة الأمر الواقع في السودان. في السابق، كان الإجراء المعتاد – وفق ما أوضح عضو هيئة محامي الطوارئ محمد صلاح – هو إبلاغ الشخص المحروم من الجواز بأن اسمه محظور قبل البدء في المعاملات. لكن التطور الجديد يتمثل في استكمال كافة الخطوات، بما في ذلك تحصيل الرسوم، ثم سحب الجواز لاحقًا في بورتسودان كما حكى دريسة. وذكر صلاح أن هذا السلوك يشير إلى وجود تلاعب ومحاولات لفرض سلطة أمر واقع وتضييق الخناق على النشطاء والمواطنين، لا سيما المنتمين إلى مجموعات جغرافية معينة، بما يتماشى مع الدعاية السائدة في مناطق سيطرة الجيش. الحظر بلا بلاغات انتهاك للمواطنة وأضاف صلاح أن الجواز يُعد حقًا أصيلًا من حقوق المواطنة، ولا يجوز قانونًا حرمان أي شخص منه إلا بناءً على بلاغ محدد يُحال إلى النيابة، ليصدر وكيل النيابة الأعلى قرار الحظر وفق مبررات واضحة. عضو هيئة محامي الطوارئ، محمد صلاح وأكد أن ما يجري حاليًا هو حظر لأعداد كبيرة من الأشخاص دون فتح بلاغات أو توضيح أسباب، ما يعكس طابعًا أمنيًا واستغلالًا لمؤسسات الدولة لحرمان المواطنين من حقوقهم الأساسية في الهوية والتنقل. وأشار إلى أن سلطة الأمر الواقع في بورتسودان لا تملك قوانين أو لوائح معلنة للتعامل مع هذه الحالات، وأن ما يُعرف بـ'قانون الوجوه الغريبة' ليس قانونًا رسميًا، لكنه يُستخدم في ذات السياق لحرمان المدنيين من إثبات الهوية عبر لوائح أمنية غير مبررة وغير معلنة، وربما بناءً على توجيهات سرية. واعتبر أن هذه الممارسات تخالف القانون، وتتيح للمواطنين التوجه بشكاوى إلى هيئات الأمم المتحدة للمطالبة بحقوقهم. ولفت صلاح إلى أن هذه الإجراءات تُفاقم حالة الانقسام في السودان، بسلطتين غير شرعيتين في مناطق سيطرة الجيش والدعم السريع، مؤكدًا أن هناك مواطنين لا يمكنهم استخراج جواز من نيالا أو بورتسودان، متسائلًا عن مصيرهم. ودعا عضو الهيئة الحقوقية إلى ممارسة ضغط واضح لمنع أي حظر أو انتهاك لحق المواطنين في السفر دون قرارات قضائية، وحتى في حال وجود قرارات، يجب أن تصدر من المحكمة بعد سماع دفاع الشخص المعني. كما شدد على ضرورة مناقشة الحلول العملية لمصير الذين رُفض تجديد جوازاتهم، بما في ذلك إمكانية إصدار وثائق سفر بديلة ومعترف بها مؤقتًا، إلى حين إيجاد حل نهائي. دوافع سياسية أفادت مصادر مطلعة لـ«التغيير» أن النائب العام الجديد هو الأكثر تمسكًا بسياسة حرمان السياسيين والنشطاء من استخراج أو تجديد الجوازات، رغم إبداء مسؤولين في بورتسودان استعدادًا لمعالجة الملف أثناء زيارة خبير الأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان في السودان، رضوان نويصر. ويربط البعض موقفه بخلفية شخصية، كونه أُقيل سابقًا بواسطة لجنة إزالة التمكين في عهد حكومة عبد الله حمدوك، ما يثير شبهة 'الانتقام السياسي'. وتؤكد المعلومات أن الحظر لا يقتصر على النشطاء والسياسيين، بل يمتد إلى مجموعات وقبائل يُعتقد أنها حواضن للدعم السريع، بحيث يمكن أن يُمنع الشخص من الوثائق الرسمية لمجرد انتمائه الأسري أو حمله اسمًا معينًا. كما أن غالبية سكان مدن نيالا والجنينة والضعين عاجزون عن استخراج أوراقهم الثبوتية بدعوى أن هذه المناطق خارج سيطرة بورتسودان، وهو ما يعزز الانقسام، ويدفع كثيرين للتقارب مع حكومة 'تأسيس'. اللجوء إلى الآليات الدولية وفي ندوة إسفيرية نظمها 'تحالف المدافعين عن حقوق الإنسان' (سودان ديفندرز) حول الحرمان من الوثائق الثبوتية وحرية التنقل بين القوانين والممارسة، قال خبير القانون الدولي، العميد السابق لكلية القانون بجامعة الخرطوم، د. محمد عبد السلام، إن التحالف تقدم بمذكرة إلى الخبير الأممي، رضوان نويصر بشأن الانتهاكات الممنهجة لحق المواطنين في الوثائق الثبوتية وحرية الحركة. وأوضح أن مسألة الحصول على الوثائق ترتبط دائمًا بسياقات النزاعات، وأن النشطاء – خاصة العاملين في المعارضة بالخارج – هم الأكثر تعرضًا للإشكالات في استخراج الوثائق، ما يقيّد حقهم في التنقل. وحول إمكانية اللجوء إلى الآليات الدولية، أكد عبد السلام أن هناك قنوات عديدة يمكن تفعيلها، مثل المقررين الخاصين لحقوق الإنسان، واللجنة الدولية للتحقيقات، واللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، مشددًا على أن المجتمع المدني يستطيع أن يؤدي دورًا منسقًا في هذا المسار. ولفت إلى أن حرية الحركة والتعليم والصحة حقوق أصيلة للمواطنين، ولا يجوز انتقاصها على أساس الانتماء السياسي أو الديني أو العرقي. حواجز قانونية وبيروقراطية من جانبها، أكدت مسؤولة قسم سيادة القانون والمحاسبة بالأمم المتحدة، إسعاف بن خليفة، أن أي قيد على حرية التنقل يجب أن يكون منصوصًا عليه في القانون، وأن تُستخدم معايير دقيقة بشأن سحب أو تعليق الجوازات، مع ضمان وجود مسار للتظلم أو الطعن قضائيًا أو إداريًا، حتى لا تصبح القرارات شخصية أو تقديرية مطلقة. وشددت على ضرورة احترام المبدأ القانوني الذي يقضي بألا تُفرغ القيود الحق من جوهره. وأضافت خلال حديثها في ندوة تحالف المدافعين عن حقوق الإنسان' (سودان ديفندرز)، أن حظر جوازات السفر يجب أن يستند فقط إلى ضرورات واضحة، مثل حماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة، محذّرة من وضع حواجز قانونية وبيروقراطية تعسفية أمام المواطنين، خاصة في دول تمر بأزمات سياسية مثل السودان، حيث تتضاعف العقبات أمام من يعبّرون عن آرائهم أو مواقفهم تجاه إدارة الشأن العام. وأشارت إلى أن من أبرز هذه العقبات انعدام إمكانية وصول مقدمي الطلبات إلى السلطات المختصة، وغياب المعلومات حول طلبات التجديد أو استخراج وثائق جديدة.