إربد .. التي لا تعرف الإتاوات منارة الحضارة وقلب الأمان
في هذه المدينة، الأمن مستقر، ولا يعرف الناس الإتاوات، فلا أصحاب السوابق يبتزون التجار أو يخيفون المواطنين، لتصبح إربد نموذجًا للمدينة الآمنة، حيث القانون حامي الكرامة، والمسؤولية تصنع نهج الحياة اليومية. المواطنون مثقفون وواعون، يعيشون الانتماء في كل خطوة، ويصنعون حضارة الفكر والأخلاق بسلوكهم اليومي، فتعلو المدينة فوق كل ضجيج أو فوضى خارجية.
ويقود هذه المدينة محافظها عطوفة رضوان العتوم، الرجل الذي جعل من الإدارة فنًا، ومن القيادة رسالة إنسانية قبل أن تكون قرارًا. بابه مفتوح دائمًا لكل الناس، كبيرهم وصغيرهم، الفقير والغني، متواضع لكنه حازم، عادل لكنه مرن. حين تسلم ملف كورونا، كان نجاحه الأعظم لأن الإدارة عنده ليست أرقامًا أو بيانات، بل عقول وقلوب مجتمع كامل، يسير بتوازن بين الاحتراز والحرية، بين الصحة والمصلحة العامة، ليكون نموذجًا وطنيًا يدرس في كل محافظة أردنية.
ولا يكتمل هذا النجاح دون متابعة دقيقة من معالي وزير الداخلية مازن الفراية، الذي يضع المصلحة العامة فوق كل اعتبار، ويضمن انسجام الإدارة المركزية والمحلية في كل مشروع وأزمة. حضوره الدائم وتوجيهاته الواضحة يصنعان الانضباط والوعي الوطني، ويجعلون كل إدارة نموذجًا يحتذى في المسؤولية والحرص على مصلحة الوطن والمواطن.
ويظل العطاء في إربد مستمرًا ليس فقط في المشاريع والمؤسسات، بل في الروح التي يحملها الناس وقيادتهم. فـ رضوان العتوم ليس مجرد محافظ، بل هو القيادي الفذ الذي يسير بين الناس بعقل منفتح وقلب رحيم، يرى في كل مواطن قصة، وفي كل موقف فرصة لصقل المواطنة والانتماء. وفي الجانب المركزي، يبرز معالي وزير الداخلية مازن الفراية كداعم دائم لكل خطوة، فتتحد الرؤية بين القيادة المحلية والمركزية، لتصبح كل إدارة نموذجًا للانضباط والوعي، وهذه الروح تجعل من إربد فلسفة حياة، حيث القانون يحمي الكرامة، والانتماء يصبح فعلًا يوميًا، والثقافة شعلة تتوهج في العقول.
إربد ليست مدينة الأزمات فقط، بل مدينة الفرح والانتماء. ففي احتفالات عيد الاستقلال وصيف الأردن، كان عشرات الآلاف في مدينه الحسن للشباب وساحاتها، بلا أي فوضى، بلا أي حادث، لتنظم المدينة نفسها كجسد واحد ينبض بالبهجة والانتماء. وفي عرس ولي العهد، شهدت مدينة الحسن للشباب ايضًا حضور سبعين ألف شخص، خرجوا كما دخلوا، بهدوء وانضباط، لتثبت المدينة أن الفرح مسؤول، وأن الاحتفال مرتبط بالوعي قبل أي شيء.
وعندما نأتي إلى الثقافة، نجد أن إربد حملت لقب عاصمة الثقافة العربية، ليس مجرد إعلان، بل تتويج لمدينة تتنفس الفكر والفنون، وترسم خارطة الحضارة المعاصرة بألوان الشباب والمثقفين والفنانين. فعالياتها لم تكن عروضًا سطحية، بل أشارت إلى قوة المدينة الفكرية وقدرتها على تقديم نموذج حضاري متكامل، يليق بمكانة الأردن في الوطن العربي.
وأهل إربد، على امتداد أحيائها وميادينها، هم أهل العلم والفكر، مثقفون يدركون قيمة التعليم والمعرفة، ويفهمون أن الانتماء للوطن أسمى من أي انتماء آخر. من جامعاتها إلى مدارسها، ومن منتدياتها الثقافية إلى صالوناتها الأدبية، ترى أن العقل والفكر يجتمعان مع القلب والوفاء، لترتقي المدينة بأهلها إلى مراتب الصدارة، وتجعل منها منارة في الفكر والوعي والانتماء.
ويأتي دور الجامعات ومراكز البحث في إربد ليصنع الإبداع الحقيقي؛ فالمؤسسات الأكاديمية ليست مجرد مبانٍ أو برامج، بل مختبرات حضارية تُنمي الفكر المستنير، وتزرع في الشباب ثقافة النقد البناء والوعي المجتمعي. من خلال المشاريع البحثية والنشاطات الثقافية والفنية، يخلق الشباب بيئة حية للحوار والفكر المستقل، يربطون التاريخ بالحاضر، ويخطون المستقبل بخطوط علمية مدروسة، لتكون إربد مصدرًا للنهضة الثقافية والسياسية في الأردن. الطلاب والمثقفون الشباب ليسوا مجرد جمهور، بل شركاء في صناعة القرار، وسفراء للفكر، وحراس للقيم التي تشتهر بها المدينة، بما يعكس الولاء للعرش الهاشمي والانتماء الحقيقي للوطن وترابه.
ولا يمكن الحديث عن مدينة بهذا الحجم من الوعي والحضور دون الإشارة إلى المشاريع المستقبلية التي تعزز هذا المسار: الجامعات والمعاهد، والمراكز الثقافية والفنية، والمبادرات الشبابية، كلها تصنع من إربد مساحة حقيقية لصناعة المستقبل، حيث يكون المواطن شريكًا في القرار، والمثقفون صناع التغيير، والقيادة على رأس هرم العطاء.
كل هذا يصنع فلسفة المدينة: الإدارة حكمة، المواطن وعيًا، الثقافة شعلة، والانتماء فعلًا يوميًا. هنا يلتقي الماضي بالحاضر، ويصنع المستقبل بأيدٍ تعرف قيمة الوطن والعرش والإنسان.
ختامًا:
إربد، المدينة التي تحمي كرامة أهلها، تعرف كيف تُصنع الحضارة، وكيف يُخلق المجد، وكيف يُحتفى بالفرح من دون أن يُخاطر أحد. المدينة التي تجعل من الأمن فلسفة، ومن الانتماء سلوكًا، ومن الثقافة شعلة تتوهج في عقول كل أبنائها، ومن الشباب سفراء حقيقيين للفكر والوعي، والقيادة مصدر إلهام وإشعاع لا ينطفئ.
أنتِ يا إربد أنشودة الوطن يا قلب الأرض النابض
تبقين في وجداننا مجدًا خالدًا، وراية عالية فوق القمم
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رؤيا
منذ 6 دقائق
- رؤيا
رغم اعتراض تل أبيب.. النرويج تعلن أنها ستتبرع بعائدات مباراتها مع الاحتلال الإسرائيلي لصالح غزة
النرويج: نريد التبرع بالعائدات إلى منظمة إنسانية تنقذ الأرواح في غزة أعلن الاتحاد النرويجي لكرة القدم أنه سيتبرع بكافة أرباح مباراته المقبلة في التصفيات المؤهلة لكأس العالم أمام الاحتلال، لصالح المساعدات الإنسانية في قطاع غزة، في ظل القلق من المعاناة المستمرة للمدنيين هناك. وقالت رئيسة الاتحاد النرويجي لكرة القدم، ليز كلافيـنس، الثلاثاء: "لا يمكننا ولا يمكن للمنظمات الأخرى أن نقف مكتوفي الأيدي أمام المعاناة الإنسانية والهجمات غير المتكافئة التي يتعرض لها المدنيون في غزة منذ فترة طويلة". وأضافت: "نريد التبرع بالعائدات إلى منظمة إنسانية تنقذ الأرواح في غزة يوميًا وتوفر المساعدات الطارئة على الأرض". اقرأ أيضاً: استشهاد نجم منتخب فلسطين لكرة السلة محمد شعلان "الزلزال" برصاص الاحتلال في غزة ومن المقرر أن تبدأ مبيعات التذاكر الأسبوع المقبل، فيما لم يعلن الاتحاد عن قيمة الأرباح المتوقعة، وتقام المباراة في العاصمة أوسلو يوم 11 تشرين الأول/أكتوبر المقبل. وردّ اتحاد كرة القدم التابع للاحتلال الأربعاء، مطالبًا النرويج بأن تدين أيضًا هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وعمليات الأسر التي نفذتها حركة حماس. وأكد اتحاد الاحتلال في بيان نشرته صحيفة تلغراف البريطانية، أن الأموال يجب ألا تذهب إلى "جماعات إرهابية"، حسب تعبيره، أو إلى ما وصفه بـ"صيد الحيتان"، في إشارة إلى ممارسة مثيرة للجدل في النرويج. وقالت النرويج إنها تنسق مع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) والشرطة المحلية لضمان أمن المباراة التي ستُقام على ملعب "أوليفول". وستقتصر الحضور الجماهيري على ما يقارب 23 ألف متفرج فقط، أي أقل بنحو 3 آلاف من السعة الكاملة للملعب. ومنذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، لم يتمكن الاحتلال من استضافة أي مباريات دولية على أرضه لأسباب أمنية. وكانت مباراته "البيتية" أمام النرويج في وقت سابق من هذا العام قد أُقيمت في المجر، وانتهت بفوز النرويج 4-2 في آذار/مارس الماضي.

سرايا الإخبارية
منذ 6 دقائق
- سرايا الإخبارية
نتنياهو لن يرد على مقترح غزة
سرايا - مع بدء المرحلة الأولى لخطة احتلال مدينة غزة من قبل إسرائيل، قرر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، اليوم الأربعاء، عدم الرد على مقترح الوسطاء بعد مرور 48 ساعة من استلام تل أبيب رد حماس، وفق ما ذكرته القناة 12 الإسرائيلية. كما أعلنت هيئة البث الإسرائيلية، أن لا نية لإرسال وفد للتفاوض حول وقف إطلاق النار في غزة في الفترة القادمة. وذكرت مصادر مطلعة في وقت سابق الأربعاء أن القاهرة أطلقت اتصالات مكثفة مع الأطراف المعنية لحث إسرائيل على التعامل بصورة إيجابية مع مقترح الوسطاء والتهدئة في غزة، حسب ما نقلت "القاهرة الإخبارية".


سواليف احمد الزعبي
منذ 6 دقائق
- سواليف احمد الزعبي
مسؤول استخباراتي سابق لدى الاحتلال: 'إسرائيل' لم تكسر شوكة حماس
#سواليف في ورقة سياسات جديدة صادرة عن معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، قدّم الجنرال تمير هايمان، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية في #جيش_الاحتلال، تحليلًا للخيارات المتاحة أمام #حكومة_الاحتلال في حال تعذر التوصل إلى صفقة مع حركة #حماس تؤدي إلى إطلاق سراح #الأسرى و #إنهاء_الحرب الدائرة في قطاع #غزة. الدراسة تنطلق من اعتراف واضح بأن الاستراتيجية القائمة على الدمج بين الضغط العسكري ومحاولات صفقات جزئية لم تحقق مبتغاها، بل كشفت عن محدودية القوة الإسرائيلية وتعقيد المشهد الميداني والسياسي في آن واحد. وبحسبه، فالحرب التي استمرت لأشهر طويلة لم تؤدِّ إلى كسر #شوكة_حماس، بل ساهمت في انتقالها من نموذج التنظيم العسكري النظامي إلى أسلوب #حرب_العصابات اللامركزية، الأمر الذي يصعّب إمكانية الحسم ويزيد من كلفة #المعركة على ' #إسرائيل '. ويرى أنه في الوقت ذاته، انعكست الحرب بسلبياتها على الداخل الإسرائيلي، حيث تعمق الانقسام السياسي والحزبي، وبرزت مؤشرات واضحة على تراجع الانضباط داخل المؤسسة العسكرية، فيما ارتفعت فاتورة الحرب إلى مليارات الدولارات سنويًا، يرافقها تآكل صورة إسرائيل في الساحة الدولية واتهامها بارتكاب انتهاكات جسيمة ضد المدنيين. من هذا المنطلق، يستعرض هايمان ثلاثة بدائل رئيسية أمام صانع القرار الإسرائيلي. الأول يقوم على توسيع العملية البرية وصولًا إلى احتلال قطاع غزة بأكمله، بما يشمل السيطرة على مدينة غزة ومخيمات الوسطى، وإنشاء ما تسميه الدراسة 'مدينة إنسانية'. غير أن هذا الخيار محفوف بأثمان باهظة، إذ يشكل خطرًا مباشرًا على حياة الأسرى المحتجزين في أماكن سرية تحت الأرض، ويهدد بخسائر عسكرية فادحة تستدعي تجنيد عشرات آلاف من جنود الاحتياط، فضلًا عن أعباء مالية تقدّر بعشرات المليارات من الشيكلات لتغطية النفقات العسكرية وتوفير الخدمات الأساسية لمليوني فلسطيني، ما يعني تحميل دافع الضرائب الإسرائيلي أثقالًا مضاعفة. كذلك، سيقود هذا السيناريو إلى اتهام إسرائيل بتطهير عرقي، ويولّد أزمة إنسانية خانقة في غزة، الأمر الذي سيزيد من عزلة 'إسرائيل' على المستوى الدولي، إلى جانب التصدعات العميقة داخل 'المجتمع الإسرائيلي' نفسه، حيث ستتفاقم الخلافات حول شرعية التضحية بالأسرى مقابل أوهام الحسم. أما الخيار الثاني فيتمثل في وقف الحرب بشكل أحادي وقبول معظم شروط حماس مقابل إطلاق سراح الأسرى. لكنه يُقدَّم في الورقة باعتباره استسلامًا مقنعًا، يمنح الحركة شرعية سياسية ودعاية انتصار كبرى باعتبارها الطرف الذي أعاد الإعمار وفرض شروطه، بينما يجرّد 'إسرائيل' من عنصر الردع الذي طالما تباهت به. مثل هذا المسار سيُدخل 'المجتمع الإسرائيلي' في دوامة جديدة من الانقسام، إذ سيتهم جزء من الجمهور القيادة بالتفريط والخضوع، بينما يرى آخرون أن الحرب منذ بدايتها كانت مغامرة غير ضرورية. وفي الحالتين، ستتعرض القيادة السياسية والعسكرية لضربة قاسية في صورتها أمام الجمهور وأمام حلفائها الإقليميين والدوليين. الخيار الثالث الذي يطرحه هايمان هو اعتماد استراتيجية الاستنزاف، أي تثبيت حزام أمني على تخوم غزة والإبقاء على وجود عسكري متقدم مع تنفيذ عمليات هجومية محدودة، على شاكلة ما يُعرف في العقيدة الإسرائيلية بـ'جز العشب'، بحيث يهدف هذا النهج إلى منع تعاظم قوة حماس وإبقائها في حالة إنهاك دائم. ويرتبط ذلك بإدخال مساعدات إنسانية واسعة عبر قنوات دولية وتشكيل إدارة مدنية بديلة لا تخضع للحركة، على أن يشكل هذا الترتيب وضعًا انتقاليًا يتيح لإسرائيل ترميم قدراتها العسكرية وإعادة تأهيل الجيش بعد أطول حرب يخوضها منذ قيامها. هذا السيناريو لا يحقق الحسم، لكنه يخفف من الضغط الدولي المتصاعد ويمنح المؤسسة العسكرية وقتًا لإعادة بناء قوتها وتنظيمها، فيما قد يؤدي مرور الزمن إلى ليّ ذراع حماس وإجبارها لاحقًا على الدخول في صفقة شاملة لإطلاق الأسرى بشروط أكثر ملاءمة لإسرائيل. بعد استعراض المزايا والعيوب، يخلص هايمان إلى أن الاستراتيجية الأنسب، أو بالأحرى الأقل سوءًا، هي خيار الاستنزاف. فهو لا يعرّض حياة الأسرى للخطر الفوري كما في خيار الاحتلال الكامل، ولا يمنح حماس انتصارًا سياسيًا مجانيًا كما في خيار وقف الحرب من طرف واحد. بل يتيح لإسرائيل الحفاظ على خطوط دفاعية مرنة، والاستفادة من الوقت لتقليل خسائرها الاستراتيجية، وربما تحسين موقعها التفاوضي في المستقبل. الدراسة تعترف بأن هذا الخيار ليس مثاليًا، لكنه يجنّب 'إسرائيل' الكوارث الكامنة في البديلين الآخرين، ويحافظ على إمكانية الوصول لاحقًا إلى تسوية سياسية بوساطة عربية ودولية قد تفتح الباب أمام إنهاء الحرب ضمن صفقة شاملة للأسرى. بهذا المعنى، تتحول ورقة هايمان إلى اعتراف ضمني بأن 'إسرائيل' عالقة في معضلة مركّبة لا تملك فيها خيارات جيدة، بل مجبرة على اختيار 'الأقل سوءًا' للحفاظ على تماسكها الداخلي وتخفيف خسائرها الخارجية. فالمؤسسة الأمنية الإسرائيلية باتت أكثر وعيًا لحدود قوتها العسكرية وللأثمان الباهظة التي تدفعها على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهو ما ينعكس في نزوعها نحو حلول وسطية طويلة الأمد تعكس إدراكًا متزايدًا بأن الحسم الكامل في غزة لم يعد خيارًا واقعيًا .