logo
اختبار بنكهة كوميدية.. الذكاء الاصطناعي ينافس البشر في الحس الفكاهي

اختبار بنكهة كوميدية.. الذكاء الاصطناعي ينافس البشر في الحس الفكاهي

الاتحاد٢٢-٠٣-٢٠٢٥

كشفت دراسة جديدة أن التعليقات التي يولدها الذكاء الاصطناعي على صور "الميمات" الشهيرة تفوقت على تعليقات البشر من حيث الفكاهة والإبداع وقابلية المشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي. ومع ذلك، أظهرت النتائج أن البشر لا يزالون قادرين على إنتاج أفضل الأمثلة الفردية من حيث الجودة والتميز.
تفوق الذكاء الاصطناعي في الإنتاجية والإبداع
ووفقاً لموقع ars technica التقني، ستُعرض هذه الدراسة خلال المؤتمر الدولي لواجهات المستخدم الذكية لعام 2025، حيث سلطت الضوء على الفروقات الدقيقة بين أداء الذكاء الاصطناعي والبشر في مهام توليد المحتوى الكوميدي.
اقرأ أيضاً.. دراسة جديدة تكشف عن غزو الذكاء الاصطناعي للمحتوى على الإنترنت
وقد أثارت النتائج جدلًا كبيرًا دفع البروفيسور إيثان مولّيك من جامعة وارتون إلى القول: "يؤسفني الإعلان أن اختبار تورنغ للميمات قد تم اجتيازه"، في إشارة إلى الاختبار الذي اقترحه عالم الحوسبة آلان تورنغ عام 1950 لقياس قدرة الذكاء الاصطناعي على تقليد البشر.
لكن الدراسة حذّرت من التسرع في اعتبار الذكاء الاصطناعي المنتصر.
البشر يتفوقون في اللحظات الاستثنائية
فقد جاء في نتائجها: "رغم قدرة الذكاء الاصطناعي على تعزيز الإنتاجية وتوليد محتوى واسع الانتشار، تظل الإبداعية البشرية ضرورية لإنتاج محتوى يلامس الناس على مستوى أعمق".
الدراسة التي أعدها باحثون من معهد KTH الملكي للتكنولوجيا في السويد، وجامعة LMU في ميونيخ، وجامعة TU دارمشتات في ألمانيا، شملت ثلاث تجارب مقارنة.
تم خلالها اختبار إنتاج "ميمات" بين ثلاث مجموعات: بشر يعملون منفردين، بشر يتعاونون مع نموذج GPT-4o من OpenAI، والذكاء الاصطناعي منفردًا دون تدخل بشري.
ركز الباحثون على ثلاثة مواضيع يومية هي: العمل، والطعام، والرياضة، لقياس قدرة كل طرف على إنتاج تعليقات فكاهية في سياقات مألوفة. وأظهرت النتائج تباينًا واضحًا، حيث نالت "الميمات" المتعلقة بالعمل تقييمات أعلى من حيث الفكاهة وقابلية المشاركة مقارنة بتلك المتعلقة بالطعام أو الرياضة.
تجدر الإشارة إلى أن الذكاء الاصطناعي لم يقم بإنشاء الصور، بل تم استخدام قوالب "ميمات" شهيرة، واقتصر دور البشر والذكاء الاصطناعي على كتابة التعليقات.
عند تقييم النتائج من قبل مشاركين عبر الإنترنت، حصدت "الميمات" التي صاغها الذكاء الاصطناعي وحده أعلى متوسط درجات في الفكاهة والإبداع وقابلية الانتشار. ويُعد هذا من أوائل الأبحاث التي توثق تفوق الذكاء الاصطناعي على البشر في هذه الجوانب.
اقرأ أيضاً.. كارل.. ذكاء اصطناعي يكتب أبحاثاً معترف بها
مع ذلك، أكدت الدراسة على نقطة جوهرية؛ فعلى الرغم من أن الذكاء الاصطناعي تفوق في المتوسط، إلا أن أفضل "الميمات" وأكثرها فكاهة جاءت من البشر، بينما كانت المشاركات الأكثر إبداعًا وقابلية للمشاركة من إنتاج التعاون بين البشر والذكاء الاصطناعي. بعبارة أخرى، أنتج الذكاء الاصطناعي محتوى جيدًا وثابت المستوى، بينما أبدع البشر في اللحظات الفردية الاستثنائية.
التعاون بين البشر والذكاء الاصطناعي
وأشارت الدراسة أيضًا إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي زاد بشكل ملحوظ من عدد الأفكار التي أنتجها المشاركون، وسهّل عليهم العملية، إلا أن هذا لم ينعكس على جودة "الميمات"، حيث بقيت نتائج التعاون بين الإنسان والآلة مشابهة لما أنتجه البشر وحدهم. وعلّق الباحثون بالقول: "زيادة الإنتاجية نتيجة تعاون الإنسان والذكاء الاصطناعي لا تؤدي بالضرورة إلى نتائج أفضل، بل إلى نتائج أكثر عددًا فقط".
كما لاحظ الباحثون أن المشاركين الذين استعانوا بالذكاء الاصطناعي شعروا بملكية أقل لأعمالهم مقارنة بأولئك الذين عملوا بمفردهم، وهو ما قد يؤثر على الدافعية والرضا عن العملية الإبداعية.
وفي تفسيرهم لأسباب تفوق الذكاء الاصطناعي، أوضح الباحثون أن تدريبه على كميات ضخمة من بيانات الإنترنت منحه قدرة على التقاط الأنماط الكوميدية الشائعة التي تروق لشرائح واسعة. أما البشر، فغالبًا ما استندوا إلى تجاربهم الشخصية، مما أدى أحيانًا إلى إنتاج محتوى أكثر طرافة لكنه حصد درجات أقل في المتوسط.
وأخيرًا، شددت الدراسة على وجود عدة جوانب بحاجة للمزيد من البحث، مثل محدودية وقت جلسات الإبداع، وعدم استغلال المشاركين بشكل كامل لقدرات الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى احتمالية تحيّز تقييمات الجمهور نحو النمطية أو الفكاهة التقليدية، ما قد يكون صب في مصلحة الذكاء الاصطناعي.
ويقترح الباحثون مستقبلاً اختبار نماذج يكون فيها الذكاء الاصطناعي مولّدًا سريعًا للأفكار، بينما يقوم البشر بدور المنتقي والمصقل للمحتوى الأفضل. لكن حتى ذلك الحين، يبدو أن البشر ما زالوا يتفوقون في إنتاج "الميمات" الأكثر طرافة وتأثيرًا.
إسلام العبادي(أبوظبي)

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الإمارات تطلق "ستارجيت".. أقوى مركز ذكاء اصطناعي بالشراكة مع OpenAI
الإمارات تطلق "ستارجيت".. أقوى مركز ذكاء اصطناعي بالشراكة مع OpenAI

عرب هاردوير

timeمنذ 8 ساعات

  • عرب هاردوير

الإمارات تطلق "ستارجيت".. أقوى مركز ذكاء اصطناعي بالشراكة مع OpenAI

أعلنت شركة OpenAI -المُطوّرة لنموذج ChatGPT- عن تعاونها مع مجموعة G42 الإماراتية وعدد من الشركات التكنولوجية الكبرى لإنشاء مركز بيانات ضخم للذكاء الاصطناعي في أبوظبي، ليصبح أول مشروع واسع النطاق للشركة خارج الولايات المتحدة. اقرأ أيضًا: مشروع ستارجيت الإمارات: طموح تقني بقدرة 1 جيجاواط كشفت OpenAI و G42 أنّ مركز البيانات ستبلغ طاقته 1 جيجاواط، ليكون ضمن أضخم مراكز البيانات عالميًا. وسيشمل المشروع، المُسمى ستارجيت الإمارات " Stargate UAE"، بنية تحتية مُتطوّرة تدعم تطبيقات الذكاء الاصطناعي، في إطار مساعي الدولة لتصبح مركزًا عالميًا لهذه التكنولوجيا. تقود شركة G42 المشروع -وهي شركة ذكاء اصطناعي يشرف عليها الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان -مستشار الأمن الوطني الإماراتي وشقيق رئيس الدولة. وكجزء من الاتفاقية، ستتوفّر نسخة مُحسنّة من ChatGPT مجانًا لسكان الإمارات. الجدول الزمني والتمويل ستنتهي المرحلة الأولى (بقدرة 200 ميجاواط) بحلول نهاية 2026. ستموِّل G42 بناء المُنشأة، بينما تتولّى شركتيّ OpenAI و Oracle تشغيل المركز. يضم المشروع شركاء آخرين مثل SoftBank وإنفيديا وCisco. كما ستستثمر G42 مبلغًا مُماثلًا في مشروع "ستارجيت" الأمريكي، وهو شبكة مراكز بيانات تبلغ قيمتها 100 مليار دولار بتمويل من OpenAI وSoftBank. ولم يُكشف عن تكلفة المشروع الإماراتي، رغم أن المشاريع المُماثلة في الولايات المتحدة تتجاوز 10 مليارات دولار. مُفاوضات أمريكية حاسمة جاء المشروع بعد أشهر من المُفاوضات بين الإمارات وإدارة ترامب، وأُبرمت اتفاقية الأسبوع الماضي تسمح للإمارات باستيراد 500 ألف رقاقة (شريحة) ذكاء اصطناعي سنويًا، مُتجاوزةً قيود إدارة بايدن التي كانت تُقيّد توريد هذه التكنولوجيا للحُلفاء المُقربين فقط. ولإقناع واشنطن بشراكتها الموثوقة، نفذّت الإمارات عدّة إجراءات، منها: التزامها باستثمار 1.4 تريليون دولار في الولايات المتحدة. استخدام ملياريّ دولار من عملات كريبتو تابعة لشركة ترامب للاستثمار في قطاع التشفير. استضافة كبار المسؤولين التنفيذيين لشركات التكنولوجيا الأمريكية في أبوظبي. وتُخطّط الإمارات لجذب المزيد من الشركات الأمريكية لاستئجار مراكز بياناتها المُخطّط لها (بقدرة 5 جيجاوات)، و عرضّت النموذج الأوّلي للمشروع خلال زيارة ترامب الأخيرة للمنطقة. استراتيجية الإمارات: مركزًا للذكاء الاصطناعي في آسيا وإفريقيا تستهدف الدولة أن تصبح مِحورًا لتشغيل خوادم (سيرفرات) الذكاء الاصطناعي القريبة من مُستخدمي إفريقيا والهند، والذي يُقلّل زمن نقل البيانات ويُعزّز كفاءة الخدمات. يأتي الإعلان في أسبوع حافل لـ OpenAI، التي أعلنت أيضًا عن: حصولها على تمويل 11.6 مليار دولار لتوسيع مركز بياناتها في تكساس. استحواذها على شركة مُصمم آبل السابق جوني إيف مُقابل 6.5 مليار دولار. بهذه الخطوة، تُعزّز الإمارات مكانتها كوجهة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي عالميًا.

'ستارجيت الإمارات'.. تحالف عالمي يقود ثورة البنية التحتية للذكاء الاصطناعي من أبوظبي
'ستارجيت الإمارات'.. تحالف عالمي يقود ثورة البنية التحتية للذكاء الاصطناعي من أبوظبي

البوابة العربية للأخبار التقنية

timeمنذ 14 ساعات

  • البوابة العربية للأخبار التقنية

'ستارجيت الإمارات'.. تحالف عالمي يقود ثورة البنية التحتية للذكاء الاصطناعي من أبوظبي

في خطوة تاريخية تُعزز مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي والتعاون التكنولوجي، أطلقت مجموعة من الشركات التكنولوجية الرائدة عالميًا مشروع (ستارجيت الإمارات) Stargate UAE، ضمن مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأمريكي في أبوظبي، الذي تبلغ طاقته التشغيلية 5 جيجاواط، ليكون مركزًا دوليًا للبنية التحتية المتقدمة في هذا المجال. ويمثل هذا المشروع المشترك، الذي يضم عمالقة مثل: (جي 42) الإماراتية، و(OpenAI)، وأوراكل، وإنفيديا، ومجموعة سوفت بنك، وسيسكو، مجمع حوسبة ضخم متطور للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي، يهدف إلى تسريع الابتكار وتعميق التعاون الدولي في هذا المجال الحيوي. تفاصيل مشروع (ستارجيت الإمارات): يُعدّ مشروع (ستارجيت الإمارات) مجمع حوسبة ضخم للبنية التحتية للذكاء الاصطناعي يتميز بسعة أولية تبلغ 1 جيجاواط، وسيُقام هذا المشروع في مقر مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأمريكي الجديد في أبوظبي، الذي من المخطط أن تصل سعته الإجمالية إلى 5 جيجاواط. ومن المتوقع أن يسهم هذا المشروع الضخم في دفع عجلة الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى عالمي، ويوفر القدرات الحاسوبية الضخمة اللازمة لتطوير ونشر حلول الذكاء الاصطناعي المتقدمة. الأطراف المشاركة وأدوارها: ستتولى شركة (جي 42) الإماراتية مسؤولية بناء مشروع (ستارجيت الإمارات) الضخم، في حين ستتولى شركتا (OpenAI) وأوراكل إدارة تشغيل المشروع. وستشارك شركة (سيسكو) بتوفير أنظمة الأمان ذات الثقة الصفرية (Zero Trust Security) وبنية الاتصال الداعمة للذكاء الاصطناعي، وستزود شركة إنفيديا المشروع بأحدث أنظمتها من طراز (Grace Blackwell GB200)، التي تُعدّ من أقوى حلول الحوسبة للذكاء الاصطناعي في العالم، لضمان أعلى مستويات الأداء. وتُسهم مجموعة سوفت بنك كشريك فاعل في المبادرة. ومن المتوقع أن يبدأ تشغيل أول تجمع حوسبي ضمن مشروع (ستارجيت الإمارات) بقدرة تبلغ 200 ميجاواط في عام 2026، مما يمثل خطوة أولى نحو تحقيق السعة الإجمالية المخطط لها التي تصل إلى 5 جيجاواط في مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأمريكي الجديد في أبوظبي. 'ستارجيت الإمارات'.. قاعدة متينة للذكاء الاصطناعي تدفع الاكتشافات والنمو الاقتصادي: يهدف مشروع (ستارجيت الإمارات) الطموح إلى توفير بنية تحتية متطورة وقدرات حوسبة فائقة على مستوى الدولة، مع التركيز في تقليل زمن معالجة البيانات بنحو كبير. وستمكّن هذه القدرات من تقديم حلول ذكاء اصطناعي تلبي المتطلبات المتزايدة لعالم يشهد نموًا متسارعًا في هذا المجال. كما يؤسس هذا المشروع قاعدة متينة للذكاء الاصطناعي، تتميز بقدرتها على التوسع والموثوقية العالية، ومن خلال هذه القاعدة، سيسرع المشروع من وتيرة الاكتشافات العلمية ويدفع عجلة الابتكار عبر العديد من القطاعات الحيوية، التي تشمل: الرعاية الصحية والطاقة والمالية والنقل. وستسهم هذه الأهداف في تعزيز النمو الاقتصادي المستقبلي والتنمية الوطنية لدولة الإمارات، مما يعزز مكانتها كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي والابتكار. شراكة إماراتية أمريكية لتسريع الذكاء الاصطناعي: يأتي مشروع (ستارجيت الإمارات) في إطار شراكة إستراتيجية جديدة بين حكومتي دولة الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية، تحت اسم (شراكة تسريع الذكاء الاصطناعي بين الولايات المتحدة ودولة الإمارات). وتهدف هذه الشراكة إلى تعزيز التعاون في مجال الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، لتطوير ذكاء اصطناعي آمن وموثوق ومسؤول يعود بفوائد طويلة الأمد على الإنسانية. وقد أُطلقت المرحلة الأولى من مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأمريكي في أبوظبي، الذي وُصف بأنه الأكبر من نوعه خارج الولايات المتحدة الأمريكية، والذي سيحتضن مشروع (ستارجيت الإمارات)، خلال زيارة الرئيس الأمريكي ترامب للإمارات خلال شهر مايو الجاري. ويمتد هذا المجمع الجديد على مساحة تبلغ 10 أميال مربعة، مما يجعله أكبر منشأة من نوعها خارج الولايات المتحدة، وسيزوّد المجمع مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي وموارد الحوسبة الإقليمية بقدرة تصل إلى 5 جيجاواط. كما سيعمل هذا المجمع باستخدام مزيج من الطاقة النووية، والطاقة الشمسية، والغاز الطبيعي لتقليل الانبعاثات الكربونية. وسيضم المجمع منتزهًا علميًا يهدف إلى تعزيز الابتكار، وتطوير المواهب، وبناء بنية تحتية مستدامة للحوسبة. وضمن هذا الإطار، ستقوم الجهات الإماراتية أيضًا بتوسيع استثماراتها في البنية التحتية الرقمية داخل الولايات المتحدة، من خلال مشاريع مثل (ستارجيت الولايات المتحدة)، تماشياً مع سياسة أمريكا أولًا للاستثمار. نقلة نوعية في مشهد الذكاء الاصطناعي العالمي: يمثل إطلاق مشروع (ستارجيت الإمارات) نقلة نوعية في مشهد الذكاء الاصطناعي لدولة الإمارات والمنطقة بأكملها، ويعكس طموح الإمارات المتزايد لتكون في طليعة الثورة الصناعية الرابعة. فمن خلال هذا المجمع العملاق والشراكة مع نخبة من شركات التكنولوجيا العالمية، لا تكتسب الإمارات قدرات حاسوبية ضخمة فحسب، بل ترسي أيضًا معايير جديدة للتعاون الدولي، والسيادة الرقمية، والتنمية المستدامة في مجال الذكاء الاصطناعي. كما سيُعزز هذا المشروع من قدرة الدولة على الابتكار، ودفع الاكتشافات العلمية، وتمكين التحول في قطاعات حيوية، مما يؤسس لمستقبل رقمي مزدهر ومسؤول يعود بالنفع على البشرية جمعاء.

الهندسة الرقمية.. الذكاء الاصطناعي وإعادة ترتيب موازين القوة
الهندسة الرقمية.. الذكاء الاصطناعي وإعادة ترتيب موازين القوة

صحيفة الخليج

timeمنذ يوم واحد

  • صحيفة الخليج

الهندسة الرقمية.. الذكاء الاصطناعي وإعادة ترتيب موازين القوة

يبدو أن المشهد العالمي يشهد تغيراً في موازين القوة بواسطة أدوات الذكاء الاصطناعي، حيث تستخدم الشركات الكبرى الخوارزميات والبنى الرقمية لتوسيع سلطتها، وتفرض شروطها عبر احتكار البيانات واستثمار الموارد على نطاق واسع. ونجد أن عدداً محدوداً يتحكّم في توجيه هذه التكنولوجيا، ويعيد تعريف مفاهيم السيادة والمصلحة العامة. في هذا السياق، لا تُحدَّد مواقع القوة بالجغرافيا، بل بمن يمتلك البنية الرقمية. في كتابها (إمبراطورية الذكاء الاصطناعي: أحلام وكوابيس في شركة سام ألتمان «أوبن إيه آي»)، الصادر في مايو (أيار) 2025 عن دار «بينغوين برس»، تقدم الصحفية كارين هاو عرضاً موسّعاً ومفصّلاً لتاريخ وتحوّلات شركة (OpenAI)، التي تعدّ واحدة من أبرز الجهات الفاعلة في مجال الذكاء الاصطناعي خلال العقد الأخير. ينتمي هذا العمل إلى حقل الصحافة الاستقصائية، ويعتمد على مصادر داخلية ومعايشة مباشرة لمسار الشركة منذ بدايتها حتى لحظة تحوّلها إلى لاعب مركزي في سباق تقني عالمي شديد التعقيد. يبدأ الكتاب من نقطة تأسيس هذه الشركة كمؤسسة غير ربحية، ترفع شعار «السلامة أولاً» في تطوير الذكاء الاصطناعي، بقيادة سام ألتمان. هذا الطموح الأخلاقي شكّل في البداية إطاراً لتصورات مثالية عن التقنية بوصفها أداة لإنقاذ العالم من المخاطر، لا العكس. لكن المؤلفة، التي بدأت تغطيتها للشركة عام 2019، ترصد كيف أخذت هذه المؤسسة، شيئاً فشيئاً، تنجرف نحو منطق السوق والربح والتوسع، مدفوعة برؤوس أموال ضخمة، أبرزها استثمارات مايكروسوفت، وما تفرضه من تسارع وتنافس لا يترك مجالاً للحياد أو التباطؤ. يُظهر الكتاب البنية الفعلية للصناعة التي باتت تهيمن على جزء كبير من المشهد العالمي. فخلف واجهة البرامج المتقدمة والواجهات اللغوية المبهرة، توجد شبكات هائلة من الموارد البشرية والمادية: مراكز بيانات تستهلك كميات هائلة من الطاقة والمياه، وعمال في دول الجنوب العالمي يُستخدمون في «تنظيف البيانات» لقاء أجور زهيدة. هذه الحقائق التي تنقلها هاو من تجارب مهندسين في وادي السيليكون، وعمال بيانات في كينيا، ونشطاء بيئيين في تشيلي، تشكل مكونات ما تسميه الكاتبة «إمبراطورية جديدة»، لا تستند إلى الاحتلال أو القوة العسكرية، بل إلى الخوارزميات والسيرفرات والبنى التحتية الرقمية. لا يُركّز الكتاب على الجانب التقني بقدر ما يحاول تفكيك البُعد السياسي والاجتماعي للذكاء الاصطناعي، فبدلاً من الانشغال بفكرة «الوعي الاصطناعي» أو «التهديد الوجودي»، تدعو هاو القارئ إلى التأمل في تبعات الذكاء الاصطناعي على سوق العمل، وعلى البيئة، وعلى التفاوت في توزيع الثروات والمصادر. يتناول جزء مهم من الكتاب حدثاً دراماتيكياً هزّ مجتمع التكنولوجيا في 2023: إقالة سام ألتمان المفاجئة من منصبه، ثم عودته السريعة إلى قيادة «أوبن إيه آي»، تقدم هاو سرداً لما جرى خلف الكواليس، بناءً على مصادر داخل الشركة، وتستعرض كيف يعكس ذلك الحدث طبيعة السلطة داخل الشركات التقنية الكبرى، حيث تتقاطع المصالح التجارية مع الطموحات الشخصية والرؤى المتضاربة حول مستقبل التكنولوجيا. يشير الكتاب إلى أن الذكاء الاصطناعي أداة سياسية بامتياز، تُعاد من خلالها صياغة موازين القوى بين الدول والشركات والمجتمعات، ويظهر كيف أن البعد السياسي يتمثل في إظهار كيف أن امتلاك القدرة على تطوير النماذج اللغوية الضخمة، والتحكم في البنى التحتية الحاسوبية، وتحليل البيانات الهائلة، أصبح يعادل في أهميته امتلاك الموارد الطبيعية أو النفوذ العسكري، فالدول التي لا تمتلك شركات قادرة على المنافسة في هذا الميدان تجد نفسها في موقع التبعية، ويزداد اعتمادها على منصات وواجهات أجنبية تُملي عليها شروطها التقنية والثقافية والاقتصادية. إلى جانب ذلك، يعرض الكتاب كيف يتم تطويع اللغة الخطابية لشركات الذكاء الاصطناعي الكبرى لتبرير الهيمنة تحت غطاء «الابتكار» و«الصالح العام»، فالشركات التي تقود هذا القطاع تُروّج لخطابات تتحدث عن «حماية البشرية» و«منع التهديدات الوجودية»، لكنها في الوقت ذاته تُمارس ضغوطاً على الجهات التنظيمية، وتسعى إلى احتكار البيانات والنماذج، وتقاوم أحياناً الجهود الرامية إلى فرض الشفافية أو المساءلة. وهكذا، تتحول المخاوف الأخلاقية إلى أدوات لإعادة تشكيل السياسات العامة بما يخدم مصالح فئة محددة من الفاعلين الاقتصاديين.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store