
نيويورك تايمز: الشرق الأوسط يخشى ما قد ينتظره بعد الحرب ضد إيران
أفاد تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز أن الخبراء يرون أن الغارات التي شنتها الولايات المتحدة أمس السبت على المنشآت النووية الإيرانية يمكن أن تدفع إيران إلى الانتقام.
وأوضح التقرير -الذي أعده بن هوبارد مدير مكتب الصحيفة في إسطنبول- أن هذا الانتقام ربما يكون بالهجوم على القواعد العسكرية التابعة لأميركا أو حلفائها في الشرق الأوسط، أو حث قوات بالوكالة -مثل الحوثيين في اليمن- لعرقلة طرق التجارة أو الإضرار بالبنية التحتية النفطية، مما يضر بالاقتصاد العالمي.
ونقل -عن نرجس باجوغلي الأستاذة المشاركة في دراسات الشرق الأوسط جامعة جونز هوبكنز- القول إن واشنطن تفتح صندوق الشرور لكن إيران لن ترفع راية الاستسلام البيضاء.
وجاء تصريح باجوغلي هذا قبل أن يكشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن الغارات التي شنتها بلاده على المنشآت النووية المذكورة.
هياكل القوة
وأشار هوبارد في تقريره إلى أن الحرب الإسرائيلية الإيرانية تعكس مدى التحول الكبير الذي طرأ على هياكل القوة في الشرق الأوسط السنوات الأخيرة.
وقال إن إسرائيل ظلت لأكثر من نصف عقد من الزمن بقليل تركز إلى حد كبير على صراعها مع الفلسطينيين بينما كانت تشن حربا خفية مع إيران من خلال عمليات الاغتيال وغيرها من الهجمات السرية التي تشنها في أوقات متفرقة.
وأضاف أن إسرائيل لطالما تجنبت الدخول في مواجهة مباشرة مع إيران، وعزا أحد أسباب ذلك إلى خوفها من أن تنتقم منها المليشيات التي تدعمها طهران في كل من لبنان و سوريا و العراق و اليمن.
ووفقا للتقرير، فقد كانت معظم الدول العربية في ذلك الوقت تنبذ إسرائيل بسبب سوء معاملتها للفلسطينيين، وكان العديد منهم مستاء من إيران لما اعتبروه تدخلا مدمرا من جانبها في العالم العربي.
لكن منذ ذلك الحين، بدأت بعض الدول العربية ترى في إسرائيل شريكا محتملا فأقامت علاقات دبلوماسية رسمية معها في ظل مخاوفها من إيران، على حد تعبير هوبارد.
ازدياد عدوانية إسرائيل
وبعد الهجوم المفاجئ والفتاك الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ازداد شعور إسرائيل بالضعف، فأصبحت أكثر عدوانية في شن هجمات ضد التهديدات المتصورة خارج حدودها، كما يقول التقرير.
أما بالنسبة لإيران، فقد زادت عزلتها -برأي هوبارد- بعد حربي إسرائيل في قطاع غزة ولبنان، وسقوط النظام السوري العام الماضي.
وذكرت الصحيفة الأميركية أن قلة من الناس تتوقع أن يتعرض طرفا الصراع الجديد -إسرائيل وإيران- إلى المحاسبة على قتل المدنيين أو ضرب المستشفيات، مثلما تفعل إسرائيل مرارا وتكرارا في غزة و"كما فعلت طهران في إسرائيل الخميس الماضي".
نحن ندلف إلى حقبة دولية جديدة في نظام عالمي جديد، ويبدو أنه في بعض النواحي نظام عالمي قديم يستند إلى القوة وشريعة الغاب، ولكن بتكنولوجيا وأسلحة القرن الــ21
شريعة الغاب
وأشارت الصحيفة إلى "خفض" التوقعات بأن يتخذ مجلس الأمن الدولي أي إجراء لوقف الحرب، لأسباب ليس أقلها أن الولايات المتحدة ستستخدم بشكل شبه مؤكد حق النقض (الفيتو) ضد أي مشروع قرار يدعو إلى إنهاء الحرب.
وتعتقد باجوغلي أن عدم اتخاذ أي إجراء دولي لوقف الحرب ترك لترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حرية التصرف كما يشاءان.
وقالت "نحن ندلف إلى حقبة دولية جديدة في نظام عالمي جديد، ويبدو أنه في بعض النواحي نظام عالمي قديم يستند إلى القوة وشريعة الغاب، ولكن بتكنولوجيا وأسلحة القرن الـ21".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
سجال بمجلس الأمن بعد الضربات الأميركية على إيران
عقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اجتماعا يوم الأحد لمناقشة الضربات الأميركية على المواقع النووية الإيرانية، في الوقت الذي اقترحت فيه روسيا والصين وباكستان أن يتبنى المجلس المؤلف من 15 عضوًا قرارًا يدعو إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في الشرق الأوسط. وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لمجلس الأمن يوم الأحد، إن قصف الولايات المتحدة للمنشآت النووية الإيرانية يمثل تحولا خطيرًا. وأضاف "يجب أن نتحرك –بشكل فوري وحاسم– لوقف القتال والعودة إلى مفاوضات جادة ومستدامة بشأن البرنامج النووي الإيراني". وكان العالم يترقب رد إيران يوم الأحد بعد أن أعلن الرئيس دونالد ترامب أن الولايات المتحدة "دمرت" المواقع النووية الرئيسية لدى طهران، منضمة بذلك إلى إسرائيل التي تشن منذ أكثر من 10 أيام هجمات على إيران. وقد أدانت روسيا والصين الضربات الأميركية، وقال مندوب الصين لدى الأمم المتحدة فو كونغ "لا يمكن تحقيق السلام في الشرق الأوسط باستخدام القوة. لم تُستنفد الوسائل الدبلوماسية لمعالجة القضية النووية الإيرانية، ولا يزال هناك أمل في حل سلمي". لكن المندوبة الأميركية بالوكالة لدى الأمم المتحدة دوروثي شيا قالت للمجلس إن الوقت قد حان لواشنطن لاتخاذ إجراءات حاسمة، وحثت مجلس الأمن على دعوة إيران إلى إنهاء ما وصفته بسعيها لمحو إسرائيل ووقف طموحها للحصول على أسلحة نووية. من جانبه، استذكر المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا مداخلة وزير الخارجية الأميركي السابق كولن باول في مجلس الأمن عام 2003، حين قدم مبررات لغزو العراق بناءً على مزاعم امتلاك نظام الرئيس الراحل صدام حسين أسلحة دمار شامل. وقال نيبينزيا، "مرة أخرى يُطلب منا تصديق القصص الخيالية الأميركية، لإلحاق المعاناة مرة أخرى بملايين الأشخاص في الشرق الأوسط. هذا يعزز قناعتنا بأن التاريخ لم يُعلّم زملاءنا الأميركيين شيئًا"، وفق تعبيره. تدمير الدبلوماسية وكانت إيران هي من طلبت عقد اجتماع مجلس الأمن يوم الأحد، واتهم مندوب إيران لدى الأمم المتحدة أمير سعيد إيرواني إسرائيل والولايات المتحدة بتدمير الدبلوماسية، وقال إن جميع الاتهامات الأميركية لا أساس لها، وإن معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية "تم التلاعب بها وتحويلها إلى أداة سياسية"، وفق تعبيره. وأضاف إيرواني أنه بدلًا من ضمان الحقوق المشروعة للأطراف في امتلاك الطاقة النووية السلمية، تم استغلال المعاهدة كذريعة للعدوان وأعمال غير قانونية. أما مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون، فأشاد بالولايات المتحدة لاتخاذها إجراءً ضد إيران، واتهم طهران باستخدام المفاوضات حول برنامجها النووي كغطاء لشراء الوقت لتطوير الصواريخ وتخصيب اليورانيوم، وفق زعمه. ولم يتضح على الفور متى يمكن لمجلس الأمن التصويت على مشروع القرار. وطلبت روسيا والصين وباكستان من أعضاء المجلس إرسال ملاحظاتهم بحلول مساء الاثنين. ويتطلب تمرير القرار 9 أصوات على الأقل دون استخدام حق النقض من الولايات المتحدة أو فرنسا أو بريطانيا أو روسيا أو الصين. ومن المرجح أن تعارض الولايات المتحدة مشروع القرار – الذي قالت رويترز إنها اطلعت عليه– والذي يدين أيضًا الهجمات على المواقع والمنشآت النووية الإيرانية، دون أن يسمي الولايات المتحدة أو إسرائيل. ويأتي ذلك بعد الهجمات الأميركية -فجر الأحد- التي استهدفت 3 منشآت نووية في كل من فوردو و نطنز و أصفهان ، ووصفها ترامب بأنها "ناجحة" وأنها حرمت إيران من القنبلة النووية، في حين نددت طهران بتلك الهجمات وتوعدت بالرد.


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
احتفاء وجدل في إسرائيل بعد الضربات الأميركية لإيران
عكست ردود الفعل الإسرائيلية على الضربات الأميركية ضد منشآت إيران النووية مزيجا من الاحتفاء السياسي والتفاعل الشعبي، في حين لم يخلُ المشهد من جدل وانتقادات داخلية، طالت طواقم صحفية. اقرأ المزيد المصدر: الجزيرة


الجزيرة
منذ 2 ساعات
- الجزيرة
ماذا يعني ضرب أميركا لإيران؟
اتّخذ الرئيس الأميركي ترامب قراره بضرب المفاعلات النووية الإيرانية مستخدمًا القاذفات الأميركية " بي-2 سبيريت" المتفوقة عالميًا، وذلك بعد ترقبٍ كبيرٍ وضغطٍ إسرائيلي مُتعاظِم- في الأيام الأخيرة- لدفع الرئيس ترامب للدخول في الحرب الدائرة حاليًا بين إسرائيل وإيران. عجز الطيران الإسرائيلي الحربي عن تحقيق أهداف القضاء الكامل على البرنامج النووي الإيراني، وخاصة مفاعلها النووي في فوردو. وجدت إسرائيل نفسها في مأزقٍ كبيرٍ تخشى من مغبة إطالة الحرب مع إيران، وصور سقوط الصواريخ الإيرانية في العمق الإسرائيلي والتكلفة المادية العالية للتصدي للصواريخ الإيرانية واستنزاف الاقتصاد الإسرائيلي في هذه الحرب ما لم تحقّق أهدافها سريعًا. لذلك كان الضغط الإسرائيلي على الرئيس ترامب واضحًا في الأيام الأخيرة بأنّ عليه التدخل فيما يشبه بتوجيه الضربة القاضية في جولات الصراع. حاول نتنياهو وصقور الحزب الجمهوري تصوير مهمة القضاء على البرنامج النووي الإيراني مهمةً لسيت عصيّةً كما يتصوّر البعض، وأنّ النظام الإيراني هشٌّ جدًّا لن يستطيع الدخول في حرب شاملة ضد المصالح الأميركية في المنطقة. ولعلّ ترامب يعتقد أيضًا أن ردة فعل إيران ستكون شبيهة فعلها حينما اغتالت القوات الأميركية القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني – إبان الفترة الرئاسية الأولى للرئيس ترامب- عندما هاجمت إيران أهدافًا أميركية محدّدة في المنطقة دون الدخول في حرب متهورة شاملة ضد الولايات المتحدة. ليست هذه المرة الأولى للتدخل الأميركي العسكري في إيران، ولكن يستطيع المرء أن يستخلص عدة دلالات إستراتيجية كبيرة لهذا التدخل الأميركي سيكون لها تأثير عظيم في منطقة الشرق الأوسط. الصراع الإسلامي الإسرائيلي هذه هي المرة الأولى التي تدخل فيها دولة إسلامية -غير عربية- في الصراع العربي الإسرائيلي مباشرةً مستهدفةً العمق الإسرائيلي للمرة الأولى منذ نشأة دولة إسرائيل في عام 1948. لقد انتقلت إيران الآن من مرحلة دعم الجماعات العسكرية المناهضة لإسرائيل إلى الدخول مباشرة في حلبة الصراع ضد إسرائيل. لقد أصبحت القضية الفلسطينية الآن فعلًا قضيةً إسلاميةً اُريقت فيها الدماء في طهران، وغيرها من المدن الإيرانية الأخرى. أراد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو استغلال حرب غزة استغلالًا يمكّنه من السيطرة على منطقة الشرق الأوسط دون أي منافسٍ إقليمي آخر، ولذلك حرص منذ بداية الحرب في غزة على استهداف حزب الله في لبنان وتقليص مقدراته العسكرية تقليصًا كبيرًا، مستفيدًا أيضًا من إزالة نظام بشار الأسد في سوريا -الحليف الإستراتيجي لإيران- ممهّدًا بذلك الطريق للتخلص من البرنامج النووي الإيراني. لا شك أن تعويل رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو على فوز الرئيس الأميركي ترامب في الانتخابات الأميركية لتحقيق أهداف إسرائيلية إستراتيجية قد آتى أُكله حين استجاب الرئيس ترامب لدعوته بضرب المفاعلات النووية الإيرانية. حرص الرئيس الأميركي ترامب على الدخول في مفاوضات مباشرة مع إيران- استمرت حوالي خمس جولات- لم تثمر في الوصول إلى اتفاق حيال الملف النووي الإيراني. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الرئيس الأميركي ترامب أبدى في البداية استعدادًا للقبول بفكرة استمرار إيران في عملية تخصيب اليورانيوم بدرجات أقل للاستخدام السلمي بشروط محدّدة، ولكنه في الفترة الأخيرة مال إلى رأي الحكومة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو المطالِبة بحرمان إيران من حق تخصيب اليورانيوم حرمانًا كاملًا، كضمان وحيد يمنع إيران من محاولات إنتاج السلاح النووي. وعلى الرغم من تبني الحكومة الإسرائيلية حاليًا سياسة تغيير النظام في إيران، فإنه من المستبعد حاليًا أن تتبنى الولايات المتحدة الأميركية سياسة تغيير النظام، كما حدث قبل حربها في العراق سنة 2003. يرغب ترامب رغبةً كبيرةً في إرسال رسالة واضحة إلى إيران تشير إلى أن ضرباته الجوية ضد مفاعلاتها النووية، هي عملية اضطر إليها اضطرارًا بعد فشل المفاوضات بينهما. وعليه سيحاول النظام الإيراني قراءة الواقع قراءةً متأنيةً لاختيار أسلوب الرد على الضربات الأميركية بناءً على دبلوماسية الأبواب الخلفية التي ربما بدأت الولايات المتحدة ممارستها حاليًا بالفعل؛ لإيصال رسالة واضحة إلى طهران تفيد بعدم رغبة الولايات المتحدة في تطوير الصراع العسكري بينهما أكثر من ذلك. ويبدو هذا واضحًا من رسالة الرئيس ترامب الأخيرة التي أخبر فيها بضرب المفاعلات الإيرانية، حيث ركّز على ضرورة البدء في عملية السلام الآن، وهي رسالة تحاول فتح صفحة جديدة مع إيران أكثر منها خطابًا لإعلان الحرب عليها- مثلما فعل الرئيس الأميركي السابق جورج بوش حينما بدأ ضرباته الجوية ضد العراق في مارس/ آذار عام 2003. لا شكّ أن هذه الهجمات الأميركية الأخيرة ستجعل إيران أكثر حرصًا الآن مما مضى على المضي قدمًا لتطوير برنامجها النووي، وإنتاج السلاح النووي مهما كلّفها ذلك من مشاقَّ ومواجهات عسكرية. ضعف النظام الإسرائيلي كشفت هذه الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل، حاجةَ الأخيرة الملحّة للدعم العسكري الأميركي المباشر ضد الأهداف الإيرانية، وضعفًا أمنيًا خطيرًا في إسرائيل، مما يجعلها أكثر اعتمادًا على الولايات المتحدة الآن من قبلُ، وربما أكثر عرضةً أيضًا للضغوط الأميركية، خاصة متى ما قرّر الرئيس الأميركي ترامب إنهاء الحرب الدائرة حاليًا في غزة. ولعلّ هذه هي الحرب الأولى في تاريخ إسرائيل التي تخوضها الولايات المتحدة الأميركية معها مباشرةً لتحقيق أهداف مشتركة. سيكون لهذا التدخل الأميركي المباشر لصالح إسرائيل آثاره المستقبلية، ربما في إحداث تقارب إسلامي عربي في المنطقة، مثل التقارب التركي السوري، أو التقارب التركي المصري. لقد أخطأت إسرائيل خطأ إستراتيجيًا فادحًا في توسيع دائرة حربها في المنطقة، بدءًا من غزة إلى لبنان واليمن وسوريا، والآن إلى العمق الإيراني. لقد كشفت الصواريخ الإيرانية هشاشة الأمن الإسرائيلي، وأن التفوق التكنولوجي النوعي الإسرائيلي ليس كفيلًا وحده بجلب الأمن والسلام لشعبها في إسرائيل. ولأول مرة يجد المواطن الإسرائيلي نفسه- في تاريخ الحروب الإسرائيلية الطويلة في المنطقة- مهدّدًا في عقر داره في تل أبيب وحيفا، وغيرهما من المدن الإسرائيلية. بوادر تغيّر الرأي العام الأميركي على الرغم من انشغال الرأي العام الأميركي عمومًا بقضاياه المحلية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وعزوفه عمومًا عن الانفعال والانشغال بالقضايا السياسية الخارجية، فإنّ بعض الحروب الخارجية – مثل الحروب في فيتنام والعراق- قد تركت بصمات واضحة في توجهات الرأي العام الأميركي. الغريب في الأمر ربّما ستسهم الضربات الأميركية الأخيرة ضد إيران في توحيد طرفين أيديولوجيين متناقضين للمرة الأولى في السنوات الأخيرة نحو هدف مشترك، وهو إنهاء الحروب الأميركية نسبةً للتكلفة المالية العالية، خاصةً بعد حربي أفغانستان والعراق، وأثر هاتين الحربين في زيادة الدين الأميركي العام والعجز في ميزانية الدولة لأكثر من عقدين من الزمان. وجدت بعض الأصوات اليمينية المتشدّدة الرافضة للتدخلات العسكرية، لأسباب اقتصادية بحتة، وكذلك التيار الليبرالي اليساري، لدواعٍ إنسانية، أنفسهم مشتركين في هدف واحد يرفض أن تخوض الولايات المتحدة الأميركية حربًا خارجية أخرى مدمرة مثل حربَي العراق أو أفغانستان. لقد أحدثت الحرب في غزة هزة كبيرة في أعرق الجامعات الأميركية مطالبةً بإنهاء المعاناة الإنسانية للشعب الفلسطيني في غزة. وبلا شك ستثير الضربات الأميركية ضد إيران انتباه الرأي العام الأميركي للآثار السياسية والمالية العالية لدعم دولة إسرائيل. ولعلّ النقاش الدائر حاليًا في بعض وسائل الإعلام الأميركية المحلية حول دور الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط ووقوفها مع إسرائيل، أمرٌ لم يتعوّد عليه من قبل الرأي العام الأميركي، ممّا يجعل تأثيره مستقبلًا أمرًا جديرًا بالاهتمام. ربما نجح ترامب في الوقت الراهن في امتلاك زمام المبادرة السياسية والعسكرية حيال إيران وضرب مفاعلها النووي في فوردو، إلا أن إيران ما زالت تمتلك الكثير من الأوراق السياسية، والقدرات العسكرية لإطالة أمد الصراع بينها وبين إسرائيل، الأمر الذي لن تستطيع إسرائيل تحمّله.