logo

التواصل مع الشعوب لا يعني الاستلاب الثقافي واللغوي

مراصد
إعداد: جمال بوزيان
الجزء الثاني
اللسان الأصيل يحفظ هُوية الأمة..
التواصل مع الشعوب لا يعني الاستلاب الثقافي واللغوي
كثيرا ما تثار كتابة أسماء المؤسسات والشركات في اللوحات الإشهارية للمَحالِّ بلسان غير عربي وأيضا الأسماء والألقاب عبر مواقع التواصل الاجتماعي لفئات واسعة من الأمة العربية وقد طال ذلك التوقيعات بلسان أجنبي في الشهادات وغيرها.
تطرح الأسئلة نفسها: هل يعد ذلك تبعية ثقافية أم هو من قبيل غنيمة حرب ؟ وألا يعد إهانة ثقافية ما يزال المنسلخون عن ذواتهم الحضارية يعتمدونها حتى زمن الحرية والاستقلال؟ وما الأسباب المباشرة وغير المباشرة لتلك السلوكات؟ وألا يعد طعنا في الهوية الحضارية للأمة؟ وكيف نحميها من الغزو الثقافي والتقليد الأعمى الذي عشش طويلا؟ ماذا تقترح عموما؟ وما إرشاداتك لمن يجهلون تبعات ذلك؟.
/////
اللغة الأجنبية في الفضاء العام الجزائري..
غنيمة حرب أم اغتراب فكري وثقافي؟
أ.ياسمينة صاف
اللغة العربية ككل لغات العالم هي لغة تفكير وورشة إنتاج الرؤى الحضارية المتجددة واللغة ليست مجرد تعبير عن فكر جاهز كما قد يعتقد البعض بقدر ما هي أداة تفكير وتأسيس معرفي ومركز انتاج للثقافة والفن والإبداع اللغة هي بيت الوجود على حد تعبير الفيلسوف الألماني. هذا وقد أشار هيجل أن الانسان يفكر داخل الكلمات فاللغة هي الفكر ذاته ولا يمكن الفصلMartin Hidegger بينهما.. فنحن نفكر باللغة التي نتداولها ونتشرب القيم الثقافية من خلالها ومن هنا يبرز دور اللغة في المحافظة على الهوية العربية والإسلامية ومن المفكرين الجزائريين - الذين أدركوا أهمية اللغة في الحفاظ على الفكر الإسلامي محمد بن عبد الكريم الجزائري الذي أكد على هذه الأهميةَ من خلال عنوان كتابهِ: لغة كلِّ أمة روح ثقافتها .. إنَّ القارئ لهذا الكتاب يدركُ أنَّ الثقافة جسد واللغة روحها الحية التي لولاها لصار هذا الجسدُ جثة هامدة لا قيمة دلالية لها ويشرحُ لنا صاحب الكتابِ هذه القضية أكثر فيقول: والنتيجةُ أنَّ أيَّ شعب أهمل لغتَه واستعار لغة شعب آخر فسُلوكُه وتفكيرهُ - هما الآخران - مستعاران بالدرجة الأولى ومن كان كذلك فلا شخصيةَ له ومن لا شخصيةَ له فلا ثقافة له ومَن لا ثقافة له فحظُّه في الحياة تقليدٌ أعمى أعاذنا الله منه! ولسنا بمخطئين عندما نُصَرِّحُ بأنَّ علاقة الثقافة [1باللغةِ بمنزلة علاقة الروح بالجسد [.
إنَّ هذا القول المهم يكشفُ عن نقطة رئيسة فحواها أنَّ العلاقة بين اللغةِ والثقافة ليست علاقة أداة تواصل حسب رأي بعض الجاهلين بأسرار اللغة جهلًا أوتجاهلًا دفَعهم إلى التساهلِ في استبدالِ اللغة الأجنبية باللغة العربية وحجتهم في ذلك أنَّ الحياة العصريَّة تقتضي ما زعموه وقد غاب عنهم أنَّ الحياة على وجهِ العمومِ ما هي سوى سلوك وتفكير وأنَّ سلوكَ الشعوب وتفكيرهم محدودان بلغاتهم [ومرهونان في تعابيرهم [2 .
إنَّ العلامة محمد بن عبد الكريم الجزائري في هذا القول يُحذِّرُ من تلكَ الدعوات الباطلة التي تنظرُ إلى اللغة العربيةِ على أنَّها مجرد وسيلة تخاطب فحسب يمكن إحلال اللغات الأجنبية محلها بدعوى أنَّ اللغة العربية لغة قديمة غير قادرة على مواكبةِ تغيُّراتِ العصر التكنولوجي جاهلين أو متجاهلين أنَّ اللغة العربية الفصحى قد اختارها اللهُ من بين جميع اللغاتِ لتكون لسان القرآن الكريم لقُدرتها العجيبة على قول ما لا تستطيع باقي اللغات قولَه بدقة وعمق أو الإحاطة بالأسرار الربانيَّةِ اللامتناهيةِ وقد سعى المستدمر قديما والاستكبار العالمي اليوم إلى محاربة اللغة العربيةِ عن طريق القوة الصلبة قديما أما اليوم فعن طريق القوة الناعمة فصارت الحرب على اللغة العربية بطرق حديثة من بينها: الدعوة إلى استخدام اللهجاتِ واللغات الهجينة والأجنبية مكان اللغة العربية الفصحى في عملية التواصل بين الأفراد و في التعليم والإدارة بدعوى أنَّ اللغة العربية الفصحى صعبة وغير عصرية وهذا الفعل المدروس الذي يرمي اللغة العربية بالعقمِ ويُشيعُ أنَّ اللغات الأجنبية حيَّة إنَّما يَهدُفُ إلى زرع عدم ثقة العرب في قوة لغتهم وهذا ما يُضعف تقدير الذات والثقة بالنفس وقطع التواصل بالعالم العربي ومن تم فقدان التوافق والانسجام بين الشعوب العربية.
ان نُصرة لغة القرآن الكريم يعني إشعال جَذوةِ الأسرار الحضاريةِ اللامحدودة التي تبحث عن عقل واع ومنهجي يربط العالم العربي بحبل مقوماته الشخصية المتميزة. وقد جعل فيلسوف الحضارة مالك بن نبي مشكلة الثقافة في كتابه مشكلة الثقافة )المدخل الرئيسي للتجديد الحضاري. واللغة كما نعلم يقينا لها تأثيرها المباشر والحساس على العالم الثقافي ايجابا وسلبا خاصة والعالم الاسلامي يواجه موجات من الغزو الفكري والثقافي عن طريق العولمة بأساليب متجددة والتحديات باتت أكبر من أي وقت مضى.
ومن الملاحظ في الواقع والمواقع أن كثير من المدن الجزائرية بات مألوفا أن نصادف فيها لوحات إشهارية لمَحالَّ تجارية مكتوبة بالكامل بلغة أجنبية غالبًا بالفرنسية أو الإنجليزية. كما أصبح من الدارج استخدام الشباب أسماءً وألقابًا غير عربية على وسائل التواصل الاجتماعي بل أكثر من ذلك أن تُوقّع الشهادات العلمية أو تُعدّ الوثائق الرسمية بلغة أجنبية على الرغم أن بلادنا تتبنى اللغة العربية لغة رسمية وهذا الأمر أصبح بارزا في الآونة الأخيرة بشكل يدعو للاستغراب! فهذا الغزو اللغوي في الفضاء العام يطرح تساؤلات جوهرية: هل استبدال اللغة العربية بلغات أجنبية هو تعبير عن انفتاح علمي وثقافي مؤسس واستثمار إيجابي لما تقدمه اللغات العالمية؟ أم أنه انعكاس لاغتراب فكري وبعد عن الهوية الثقافية والوطنية؟ وهل يُعدّ استمرارهذه الظاهرة ضربًا من التبعية اللغوية والثقافية أم ضرورة تفرضها العولمة؟.
ففي سياق تاريخي وسياسي يرى كثير من الناس أن استعمال اللغة الأجنبية في البلدان العربية هو امتداد لإرث استدماري قديم حيث خلف الاستدمار الغربي وراءه لغته كوسيلة للهيمنة الثقافية والسياسية عن طريق استخدام لغته في أغلب الإدارات والمؤسسات. ويستشهد هؤلاء بتوصيف بعض الأدباء والمفكرين الجزائريين من بينهم عبد الله شريط ومالك حداد ومحمد أركون ومحمد ديب والمفكر مالك بن نبي للغة الأجنبية في بعض المجتمعات العربية ومن بينها الجزائر بأنها: غنيمة حرب بعضهم عدَّ هذا تبريرا لاستعمال لغة المستدمر تأثرا بالثقافة الفرنسية وآخرون رأوا فيها واقعية ثقافية تعبر عن مخلفات الاستدمار بمعنى أن النخب المحلية تبنّتها بعد الاستقلال كوسيلة للترقي الاجتماعي والاقتصادي لكن المفارقة أن هذه الغنيمة لم تكن مؤقتة بل تطورت إلى ما يشبه الهيمنة الثقافية التي أفرزت طبقة من المتعلمين والمثقفين الذين يشعرون بالتفوق لمجرد إتقانهم للغة الفرنسية ما عزز الفجوة بين العامة والنخبة وأسهم في تعميق الاغتراب الفكري واللغوي فاللغة هي وعاء الفكر والثقافة ولا يمكن اعتبار اللغة وسيلة تخاطب فحسب كما أكد العديد من العلماء وخبراء اللغة.
من جهة أخرى يؤكد آخرون أن أسباب استعمال اللغة الفرنسية هي اقتصادية وتقنية بحتة فلا يمكن تجاهل أن بعض استعمالات اللغات الأجنبية مردّها إلى أسباب عملية فالشركات العالمية التي تفتح فروعها في العالم العربي ومن بينها الجزائر تفرض تسميات موحدة بلغتها الأصلية كما أن العديد من العلوم الحديثة تُدرّس بالإنجليزية أو الفرنسية وهو ما يدفع الجامعات إلى تبنّي هذه اللغات للحفاظ على جودة التعليم إضافة لذلك فإن أصحاب المشاريع التجارية الصغيرة يرون في الأسماء الأجنبية عامل جذب تجاري إذ تترك انطباعًا بالعصرية وعنوان الرقي والتقدم لكن رغم الدوافع العملية فإن انتشار اللغة الأجنبية على حساب اللغة العربية في الفضاء العام يحمل في طياته تداعيات ثقافية ولغوية ومخاطر جمّة اذا لم يتم رفع مستويات الحصانة الفكرية والأمن الفكري والحفاظ على اللغة العربية بشكل متوازن ومن أبرز هذه المخاطر:
تآكل الهوية اللغوية:
عند ما تُزاح العربية من الفضاء العام يُهمش دورها في تشكيل الوعي الجماعي ويتراجع حضورها في الحياة اليومية وتضعف العلاقة الوجدانية والنفسية باللغة الأم فتصبح اللغة العربية غريبة عن شعور الناس وسلوكاتهم اليومية ووجدانهم.
ضعف تقدير الذات:
وهي مشكلة نفسية تصيب بعض عناصر الجيل الحالي الذي أصبح يرى في لغته الأم أداة تقليدية متخلفة لا تفي بالأغراض العلمية والتجارية وفي اللغة الأجنبية رمزًا للتقدم والحداثة. والقدرة عن التعبير وحقيقة الأمر أن اللغة تنمو وتتطور بالاستعمال وتفقد القدرة على مواكبة متطلبات العصر إذا ما أهملها أبناؤها.
الاغتراب الثقافي:
وهذه مشكلة كبيرة حيث يتم الانفصال بين اللغة والتفكير مما يخلق فجوة داخل شخصية الفرد فيصعب عليه التعبير عن ذاته وهويته بشكل واضح ومتكامل فيصبح مغتربا ثقافيا عن المجتمع الذي يعيش فيه وهنا يكمن الخلل وقد تحدث مفكر الحضارة مالك بن نبي عن اللغة كغنيمة حرب فما هي رؤيته؟
في كتابه الصراع الفكري في البلاد المستعمَرة يقدم المفكر الجزائري مالك بن نبي وصفًا بالغ الدقة لتأثير الاستدمار اللغوي والثقافي مشيرًا إلى أن اللغة الأجنبية التي تُترك في البلاد بعد رحيل المستدمر تصبح بمثابة غنيمة حرب غير أن هذه الغنيمة كما يوضح ليست مجرد مكسب لغوي بل تحمل في طياتها تبعات فكرية خطِرة فقد قال بن نبي: لقد خرج المستعمر وبقيت لغته غنيمة حرب في يد أبناء البلد يستخدمونها كأداة للوجاهة الاجتماعية والارتقاء بينما تتراجع لغتهم الأم إلى الهامش .
بهذا الطرح ينتقد ابن نبي الفئات التي تتبنى اللغة الأجنبية لا كوسيلة للعلم بل كرمز للتمايز الطبقي والترفع عن المجتمع بحجة التحضر.. إن استمرار هذا النمط يعمّق الانفصام بين النخبة وعامة الناس ويحول دون بناء مشروع حضاري شامل أصيل يعتمد على أدوات الأمة الذاتية وفي مقدمتها اللغة وبتضافر الجهود المشتركة لكل أبناءالمجتمع الواحد.
ومن هنا ندرك أننا بين التوازن والقطيعة ليس المطلوب رفض استعمال اللغات الأجنبية فإتقانها أولوية لأي نهضة علمية وبناء حضاري خاصة أننا نعيش في عالم معولم فاللغات الأجنبية هي مفاتيح للعلم والانفتاح. لكن الإشكال يكمن في استخدامها بديلاً للغة العربية وليس مكملا لها.. خاصة هذا الاستعمال الهائل للغة الاجنبية في الفضاء العام الذي من المفروض أن يكون معبرا عن الهوية الوطنية والاجتماعية وعن شخصية أبناء الأمة.. ويمكن تصور نموذج ثقافي متوازن تكون فيه اللغة العربية سيدة الحضور في الفضاء العام بكل فخرواعتزاز مدعومة بسياسات لغوية حازمة تمنع استعمال لغات أجنبية في لافتات المَحالِّ التجارية والمؤسسات الإدارية والتربوية والثقافية.. في حين تُستثمر اللغات الأجنبية في ميادين البحث والعلاقات الدولية من قبل المختصين في شتى العلوم والمعارف وفي مجال التكنولوجيا بشكل عام.
ومن هذا الطرح نصل إلى نقطة رئيسة فحواها أنَّ نهضتنا مقرونة بنهضة لغتنا العربية ذلك أنَّ اللغة العربية هي جسر التواصل بيننا وبين تراثنا العربي العريق الغني بأسراره الحضارية اللامتناهية وعلى رأسه القرآنُ الكريمُ الذي هو جامع أسرار العلومِ والمعارفِ وتحليلٌ شمولي لأسلوب حياة أفضل يشكِّلُ بمكنوناته اللامتناهية وقودَ حضارتنا التي لن تسير عجلتُها نحو الأمام إلا بنفحاتِ هذا النص الربانيِّ الخالد ولغته العريقة ونؤكد على أن اللغة ليست مجرد وسيلة تواصل كما يعتقد كثير من الناس بل هي وعاء للفكر و للثقافة وأداة لبناء الهوية وتعبير عفوي عن التمسك بالهوية المتميزة. والتفريط في اللغة أو تهميشها هو تفريط في الهوية والانتماء والمطلوب ليس الانغلاق أمام اللغات الأجنبية بل ترسيخ مكانة العربية في نفوس وعقول أبنائنا.
ان استخدام اللغة العربية في الفضاء العام والمؤسسات المختلفة يعزز حضورها ونموها وتطورها حتى لا تتحول إلى لغة تراثية لا صلة لها بالواقع الثقافي ويُترك المستقبل لازدهار لغات الآخرين. فالأمر ليس مجرد كتابة لوحة فوق مَحالّ تجارية أو مؤسسات أو توقيع شهادة بل هو انعكاس لاختياراتنا الحضارية التي تعبر بكل تأكيد على هويتنا الدينية والوطنية وترسخ مكانة اللغة في ضميرنا النفسي والاجتماعي وعلى حد تعبير مالك بن نبي: لم تعرف البشرية شعبا تطور بغير لغته .
/////
حروف الآخرين على جبين مدينتنا..
اغتراب لغوي في محيط عربي
أ.سعاد عكوشي
أولا: واقع اللغة في العالم العربي
في قلب المدن العربية من الخليج إلى المحيط تتحدث اللوحات الإشهارية بلغة غريبة عن ألسنة أهلها.. تمرّ أمام المقاهي والمَحالّ والأسواق فتقرأ أسماءً فرنسية أو إنجليزية وقد تجد في أحسن الأحوال حروفًا هجينة تجمع بين أبجديات لا تتناغم إلا في وهم أصحابها. ما عاد هذا المشهد غريبًا بل أصبح مألوفًا حتى لكأنه الأصل وكل ما عداه تقليد ممل.
لكن خلف هذه المظاهر البصرية التي قد تبدو تجارية أو عصرية بريئة تختبئ إشكاليات عميقة تتعلق بالهوية والانتماء بالذات واللغة بالتاريخ والاستقلال وبالتبعية والاستلاب الثقافي. فلنسبر أغوار هذا المشهد لنفهم دوافعه مآلاته وسبل مقاومته.
لم تعد اللغة الأجنبية مجرد وسيلة تواصل أو انفتاح بل تحوّلت في الذهنية العامة إلى رمز رقي و نجاح و تحضر حتى غدت الأسماء الأجنبية بطاقة عبور نحو ما يُظن أنه عالم أفضل.
أمام هذه الواجهة اللغوية المستوردة تقف اللغة العربية – لغة الهوية والحضارة والقرآن – في موقع المتهم بالضعف أو على الأقل غير المؤهل للتعبير عن الحداثة والعصرنة زمن العولمة فهل يُعقل أن تصبح لغة الأمة عبئًا يتنصل منه أبناؤها؟ أم أن ما نعيشه اليوم هو إحدى تمظهرات الهزيمة النفسية والحضارية؟.
ثانيًا: الأسباب المباشرة وغير المباشرة
للظاهرة أسباب كثيرة مباشرة وغير مباشرة أهمها:
الإرث الاستدماري فالكثير من الدول العربية عاشت تحت الاحتلال الغربي ولم يكن ذلك استدمارًا سياسيًا فقط بل ثقافيًا ولغويًا أيضًا. فقد تم فرض لغة المستعمر في التعليم والإدارة والاقتصاد وترسيخها بوصفها لغة العلم و العقلانية . بعد الاستقلال لم يتم تفكيك هذا الإرث بل استُبقي ضمنًا واستمر تأثيره في البنية المجتمعية والرمزية.
الفراغ التربوي والتاريخي : إذ نشأت أجيال عربية كثيرة على جهل بتاريخها الحضاري دون أن تتلقى تربية لغوية تنمّي الاعتزاز بالذات تغيب مواد الهوية عن مناهج التعليم ويكاد الطفل العربي لا يسمع بإنجاز علمي أو فكري عربي إلا عرضًا بينما يُحتفى بالغرب ومنجزاته دون وعي نقدي.
الاقتصاد والسوق والإشهار حيث ارتبطت اللغة الأجنبية غالبًا بعالم المال والأعمال لأن السوق تميل لما تعتقد أنه أكثر جذبًا واللغة الأجنبية – في المخيال العام – تعني فئة مستهلكة أعلى أو صورة أرقى . وهنا تتماهى المصالح الاقتصادية مع الصورة النمطية فتترسخ الظاهرة أكثر.
هيمنة المحتوى الرقمي الأجنبي وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية تدفع باتجاه استخدام أسماء أجنبية لكون الأنظمة مهيأة لذلك أو لأن المحتوى الذي يُستهلك أساسًا بلغة أجنبية. يختار كثير من المستخدمين أسماء مستعارة أجنبية ويوقّعون رسائلهم بحروف لاتينية ظنًّا أن ذلك أكثر عصرية.
تقليد سطحي بلا وعي: وهو أخطر الأسباب وهو ما يُعرف بـ اللاوعي المقلِّد حيث يُعاد إنتاج السلوك لمجرد أنه متداول دون تحليل أو فهم. هي ذهنية القطيع في أضعف صورها حيث تتكرّر أنماط التغريب في التسمية والإشهار والظهور دون أن يتوقف أصحابها للسؤال: لماذا أفعل ذلك؟ وماذا يعني أن أكون ناطقًا بلغة غيري في بلدي؟.
أجد ما يحدث إهانة ثقافية مقنّعة فاللغة ليست مجرد أداة بل هي مخزن الذاكرة وحاملة القيم وحين تُقصى اللغة العربية من فضائها الطبيعي فإن ذلك لا يُفهم إلا إقصاءً لما تمثله من هوية وانتماء. إن استبدال الأسماء العربية بأجنبية – خصوصًا حين يكون المتلقي عربيًا – لا يُعد خيارًا تجاريًا بريئًا بل تعبيرًا عن إحساس خفي بالدونية واعتقاد ضمني بأن لغة الآخر أقوى وأن الانتماء للذات ضعف .
ولعلّ الخطر الأكبر أن تتحول هذه الممارسات من ظواهر معزولة إلى بديهيات ثقافية لا تُناقش ويتربّى عليها الجيل الجديد حينئذ يصبح التنازل عن اللغة تنازلًا عن الحضارة بل عن الحق في الانتماء.
رابعًا: الغزو الثقافي بصورته الناعمة
نحن اليوم لا نُستعمر بالسلاح بل بالأفكار الناعمة.. الغزو الثقافي لا يقرع الأبواب بل يتسلل عبر اللغة والمصطلح والموضة والمحتوى وشكل التسمية. حين يتخلى التاجر عن العربية في اسم محله وحين يوقع الطالب العربي بالإنجليزية في شهادة تخرجه وحين يسمّي أحدهم شركته بلغة المستدمر القديم فهو – عن قصد أو جهل – يعيد إنتاج الاستدمار بصيغة جديدة.
وهكذا يتحقق هدف الاستدمار دون إطلاق رصاصة واحدة: أن يرى العربي ذاته أقل ولغته أضعف وتاريخه هامشيًا.
لذلك يتعين علينا إعادة الاعتبار للغة العربية في كل ركن وزاوية وترسيخها في العقول والقلوب وذلك بما يأتي:
إعادة الاعتبار للغة العربية.
فرض اللغة العربية في الإشهار والتراخيص الرسمية.
دعم مبادرات الترجمة وتعريب المصطلحات التقنية.
إحياء الفخر باللغة لا من باب التعصب بل بوصفها لغة حضارة وفكر.
تربية لغوية منذ الصغر.
إدراج مواد عن تاريخ اللغة العربية ودورها الحضاري في المناهج.
تدريب الأطفال على الكتابة الإبداعية بالعربية وتذوق جمالياتها.
تشجيع الإبداع بلغتنا.
تشجيع العلامات التجارية التي تستخدم العربية بأناقة ورقي.
تنظيم مسابقات لاختيار أفضل تسمية عربية للمشاريع الناشئة.
نقد النموذج المقلّد.
كشف هشاشة النموذج الذي يرى في الأسماء الأجنبية رمزًا للنجاح.
تقديم دراسات تبين أن عدّة شركات عالمية غير غربية نجحت بأسمائها المحلية مثل: ( سامسونغ سوني هواوي ).
إنتاج محتوى مرئي وإشهاري بجودة عالية باللغة العربية.
أيها التاجر أيها الشاب أيتها الفتاة.. إن استخدامك للغة أجنبية في غير سياقها خاصة في فضائك العربي ليس حيادًا بل هو موقف واعلم أن الأسماء ليست مجرد حروف بل هي رسالة تُبثّ للعالم وإعلان عن هويتك وموقعك الحضاري.
أنت عند ما تختار اسمًا أجنبيًا لصفحتك أو متجرك فإنك تُسقط دون وعي جزءًا من ذاتك وتقدم نفسك بلغة ليست لغتك لمن لا ينتظرها فهل ترضى أن تعيش على حافة وجودك وتنتحل صورة ليست صورتك؟.
أخيرا نحن في زمن العولمة وزمن تواصل الشعوب.. ولكن العولمة لا تعني الذوبان ولا التواصل يعني الاستلاب يمكن أن نتعلم لغات الآخرين بل يجب لكن من موقع الندّ لا من موقع التابع فلنُجدّد علاقتنا باللغة لا بوصفها أداة بل باعتبارها قلب الهوية وروح الوجود. ولنكتب أسماءنا – نحن – بأحرفنا وبفخر.
/////
حقوق النشر © 2024 أخبار اليوم الجزائرية . ة
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بالفيديو: مسنة لبنانية تتضامن مع غزة بطريقتها الخاصة
بالفيديو: مسنة لبنانية تتضامن مع غزة بطريقتها الخاصة

الشروق

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشروق

بالفيديو: مسنة لبنانية تتضامن مع غزة بطريقتها الخاصة

في موقف إنساني مؤثر، قررت مسنة لبنانية أن تتضامن مع غزة بطريقتها الخاصة، حيث اكتفت بأكل وجبة صغيرة تعبيرا عن إحساسها بمعاناة سكان القطاع من الجوع. وشاركت السيدة جانيت، التي تبدو في العقد الثامن، طبق عشاءها بعد أن قلصت كمية أكلها، لأنها تشعر بالحزن من أجل أهالي غزة الذين لا يجدون ما يأكلونه. أضافت المسنة من خلال مقطع مصور: 'نحن نشكر الله أننا نأكل ونشرب ولدينا ما نحتاج' وأكدت على ضرورة أن يتضامن الجميع مع سكان القطاع الذين يعانون من التجويع الممنهج منذ أشهر طويلة من طرف الكيان الصهيوني. وقد تناقلت الكثير من الصفحات على شبكات التواصل الفيديو الذي ظهرت فيه الجدة اللبنانية جانيت التي عبرت عن تضامنها مع غزة بطريقتها الخاصة قائلة: 'ما بدي آكل كثير… تضامنًا مع أهل غزة'. كما انتشرت العديد من مظاهر التضامن مع غزة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ظهر بعض الطهاة وهم يحضّرون أطباقا وهمية، على غرار الشيف ليلى فتح الله اللبنانية، حيث أعدت وصفة خالية من المكونات، إلا من ' الكرامة'.

أبعاد النصر والتمكين في حروب أبي بكر الصديق ضد المرتدين
أبعاد النصر والتمكين في حروب أبي بكر الصديق ضد المرتدين

إيطاليا تلغراف

timeمنذ 5 ساعات

  • إيطاليا تلغراف

أبعاد النصر والتمكين في حروب أبي بكر الصديق ضد المرتدين

إيطاليا تلغراف بقلم الدكتور علي محمد الصلابي الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عندما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدت أحياء كثيرة من العرب، وظهر النفاق، وقد كان أهل الردة على قسمين: القسم الأول: ارتدوا عن الدين ونابذوا الملّة، وهذه الفرقة طائفتان: 1- الطائفة الأولى: فمنهم التارك للدين بالمرّة، وهم بنو طيئ، وأسد، ومن تبعهم من غطفان وعبس وذبيان وفزارة اتبعوا طليحة بن خويلد الأسدي مدعي النبوة في بنى أسد، وبنو حنيفة الذين اتبعوا مسيلمة الكذاب، وأهل اليمن الذين اتبعوا الأسود العنسى، وكثير غيرهم، وهؤلاء ارتدوا عن الدين، ونابذوا الملّة، واتبعوا مُدّعى النبوة في الجزيرة، ومنهم من ترك الصلاة والزكاة وعاد إلى ما كان عليه من الجاهلية. 2- الطائفة الثانية: هم الذين فرقوا بين الصلاة والزكاة، فأنكروا فرض الزكاة ووجوب أدائها، وهم بعض بنى تميم، الذين يرأسهم مالك بن نويرة، وبنو هوازن وغيرهم. وهذا القسم هو الذي وقع فيه الخلاف، فثبت أبو بكر رضي الله عنه ثم وافقه جميع الصحابة على قتال جميع المرتدين ومانعي الزكاة (1). وخاض الصديق معارك طاحنة في الجزيرة العربية، وهزم جيوش المرتدين ونتج عن تلك المعارك نتائج مهمة من أهمها: 1- ظهرت أهمية القاعدة الصلبة في المجتمع الإسلامي، وأثبتت حروب الردة أن هناك معادن أصيلة قوية، تشكلت منها القاعدة الصلبة في المدينة والتي لم تكن رخوة أو هشة، أو ساذجة، بل كانت قوية واعية تدرك حقيقة نفسها وحقيقة عودها، وتستوعب أبعاد المخاطر من حولها، وتخطط بانتباه ويقظة كاملة في مواجهة كل الصعاب، ولهذا أزاحت كل العراقيل والصعاب التي وضعت أمامها، لقد التفت هذه القاعدة حول الصديق رضي الله عنه، فقادهم لحفظ الدولة، وتقوية دعائمها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان لهذه القاعدة أثر في الحشد الذي تم لمواجهة أحداث الردة، وكان لهذه القاعدة دور في لَمَّ شمل الناس من حولهم … وعلى عاتقهم تم حفظ كيان الأمة وحرصوا على بقائها وتنميتها، وضحوا بالمهج والأموال، ولعل موقفهم في حروب الردة وخصوصًا في حرب ردة اليمامة وهي أعظمها بيَّن أهميتها في بقاء الدولة واستمرارها حيث تميز المهاجرون والأنصار بإيمانهم وثباتهم وصبرهم، وكان القتل في المهاجرين والأنصار قد استحرّ، وأكرمهم الله بالنصر على عدوهم بسبب صدقهم وإخلاصهم وثباتهم. 2- لقد تكسرت وتحطمت قوى الشر من يهود ونصارى ووثنيين الذين تستروا تحت شعارات عدة أمام صلابة التوحيد وحقيقة التصور السليم، والقيادة الحكيمة، وتركت لنا تلك الأحداث الجسيمة ثروة ضخمة في معاملة المرتدين وأحكامهم، ومعاملة الخارجين عن دولة الإسلام العظيمة. 3- استطاعت القيادة الإسلامية بزعامة الصديق رضي الله عنه أن تجعل من الجزيرة العربية قاعدة للانطلاق لفتح العالم أجمع، وأصبحت الجزيرة هي النبع الذي يتدفق منه الإسلام ليصل إلى أصقاع الأرض بواسطة رجال عرّكتهم الحياة، وأصبحوا من أهل الخبرات المتعددة في مجالات التربية والتعليم والجهاد وإقامة شرع الله الشامل لإسعاد بنى الإنسان حيثما كان. 4- أصبحت الجزيرة العربية تحت نظام واحد وقيادة واحدة بعد تاريخ طويل من التمزق والفرقة والشتات بسبب الصراع القبلي والأطماع الفردية، والنزعات العشائرية وتحقق مفهوم الأمة على أسس عقدية وفكرية ومنهجية ربانية، وانصهرت القبائل في كيان الأمة ذات الفكرة الواحدة، والقيادة الواحدة، وأصبحت جزءًا من كيانها المتماسك. 5- كانت حروب الردة إعدادًا ربانيًا للفتوحات الإسلامية حيث تميزت الرايات وظهرت القدرات، وتفجرت الطاقات، واكتشفت قيادات ميدانية، وتفنن القادة في الأساليب والخطط الحربية، وبرزت مؤهلات الجندية الصادقة المطيعة المنضبطة الواعية التي تقاتل وهي تعلم على ماذا تقاتل، وتقدم كل شيء وهي تعلم من أجل ماذا تضحي وتبذل، ولذا كان الأداء فائقًا والتفاني عظيمًا (2). 6- وضع الصَّديق التقسيم الإداري بعد انتصاره في حروب الردة لدولة الإسلام على نظام الولايات وهي: مكة وكان أميرها عتاب بن أسيد، والطائف أميرها عثمان بن أبي العاص، وصنعاء أميرها المهاجر بن أبي أمية، وحضر موت ووليها زياد بن لبيد، وخولان ووليها يعلى بن أمية، وزبيد ورقع ووليهما أبو موسى الأشعري، أما جند اليمن، فأميرها معاذ بن جبل، ونجران ووليها جرير بن عبد الله، وجرش ووليها عبد الله بن نور، والبحرين ووليها العلاء بن الحضرمي, وعمان ووليها حذيفة القلعانى، واليمامة ووليها سليط بن قيس (3). المصادر والمراجع: ( ) انظر: الحكمة في الدعوة إلى الله، سعيد بن علي بن وهف القحطاني، ص (220). (2) انظر: تاريخ صدر الإسلام، عبد الرحمن عبد الواحد الشجاع، ص141-145. (3) إتمام الوفاء في سيرة الخلفاء، محمد الخضري، ص59، 60. (4) فقه النصر والتمكين، علي محمد الصلابي، ط1، مكتبة التابعين، القاهرة، 2001، ص 85-93. إيطاليا تلغراف

شيخ الأزهر لا ينتقل إلى الحاكم
شيخ الأزهر لا ينتقل إلى الحاكم

الشروق

timeمنذ 16 ساعات

  • الشروق

شيخ الأزهر لا ينتقل إلى الحاكم

'علماء الدين' الحقيقيون ليسوا كأحد من الناس فيما يَنْطِقُونَهُ من أقوال وفيما يأتونه من أفعال، فهم 'حراس الملة والدين'، حتى لا ينتهك حرماته حاكم مستبد أو غني يمشي في الأرض مرحا.. من أجل ذلك يجب على 'علماء الدين' أن يمتازوا ويتميزوا بالشخصية الأقوى والإيمان الأصلب، وشجاعة القلوب والمواقف، وعدم الخشية إلا من القاهر فوق كل قاهر مع مراعاة الظروف التي يقول عنها الإمام المرتضى عبد الحميد بن باديس: 'تستطيع الظروف أن تكيفنا ولكنها لا تستطيع بإذن الله أن تقهرنا'. وكان الإمام القوال للحق الشجاع القلب الحكيم الرأي محمد البشير الإبراهيمي يسمي من اتصفوا بهذه الصفات من العلماء 'ملوك الملوك' (آثار الإبراهيمي ج 4، ص 112)، ومن قبل الجميع قال من لا ينطق عن الهوى: 'أفضل الجهاد عند الله كلمة حق عند إمام جائر'، أو كما قال صلى الله عليه وسلم، وعلى مذهب الأستاذ مولود قاسم: 'هذا حديث ولو لم يقله رسول الله'. من هؤلاء العلماء 'القلة' عالم جزائري جاهد باللسان وبالسنان، وعاش أبيا عزيزا طوال حياته، داعيا إلى الحق مجادلاً عنه بالحكمة البالغة والحجة الدامغة، إنه العالم الجزائري الأصل التونسي المولد المصري الوفاة، محمد الخضر حسين، الذي أبصر النور في أحد الأيام من عام 1876.. وقد رجعت روحه المطمئنة إلى ربها راضية مرضية – إن شاء الله – في أحد الأيام من سنة 1958. في سنة 1952 قامت في مصر ثورة (ما) يسمون 'الضباط الأحرار' ضد مالك فاسد مفسد. هو فاروق الأول وما هي إلا شهور معدودات حتى نزغ الشيطان بين هؤلاء الضباط وتبين أن النزعة الفرعونية مسيطرة على كثير منهم، ومنهم من كان أظلم وأطغى من فاروق الذي مات في حجر بغي في روما، فما بكت عليه السماء والأرض. من القرارات الصائبة التي اتخذتها ثورة 1952 أنها عينت بعد شهرين من قيامها عالمًا علما على رأس الجامع الأزهر، وهو الشيخ محمد الخضر حسين . ذات يوم أراد الجنرال محمد نجيب رئيس مصر أن يستضيء، برأي الشيخ محمد الخضر حسين فبعث إليه أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة حسين الشافعي ليبلغه رغبة الجنرال في لقائه. لم ترتعد فرائص الشيخ، ولم يبلع لسانه، ولم يتلجلج وقال لذلك الضابط في لهجة تنبئ عن معدن الشيخ وقيمة ما يمثله: «قل لسيادة الرئيس إن شيخ الأزهر لا ينتقل إلى الحاكم». (علي الرضا الحسيني: موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين المجلد الأول. ص 33) استقال شيخ الأزهر من إدارته بإرادته في 7 يناير (1954)، وكان شعاره: «يكفيني كوب لبن وكسرة خبز، وعلى الدنيا بعدها السلام». (محمد الجوادي: محمد الخضر حسين وفقه السياسة في الإسلام، دار الكلمة للنشر. ص 38)، و'لئن لم يربح الأزهر في عهد فلن يخسر'.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store