
رواندا والكونغو الديمقراطية... «مسودة سلام» تعزّز جهود حل «أزمة الشرق»
إعلان أميركي عن مسودة سلام مقترحة بين كينشاسا وكيغالي يعزز، وفق خبراء، جهود حل الأزمة في شرق الكونغو الديمقراطية، عقب استيلاء متمردين موالين لرواندا على مناطق استراتيجية غنية بالمعادن.
تلك المسودة التي لم يكشف مسؤول أميركي عن تفاصيل بشأن بنودها تأتي بعد أيام من توقيع إعلان مبادئ بين الكونغو ورواندا في واشنطن، ومحادثات سداسية دولية، ويرى خبير بالشؤون الأفريقية، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أنها خطوة أولية لدعم جهود حل أزمة شرق الكونغو، مشترطاً ضغوطاً دولية أكبر لوصول لسلام حقيقي وشامل.
وكشف كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترمب لشؤون أفريقيا، مسعد بولس، عبر منصة «إكس»، الاثنين، عن مسودة لمقترح سلام بين الكونغو ورواندا، مؤكداً أن خطوة مهمة نحو الوفاء بالالتزامات الواردة في إعلان المبادئ الذي تعهد به البلدان الشهر الماضي، معولاً على استمرار التزامهما بتحقيق السلام.
ووقَّعت رواندا والكونغو الديمقراطية، يوم 25 أبريل (نيسان)، «إعلان مبادئ» في واشنطن، بحضور وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو. ونصّ الإعلان على احترام سيادة كل منهما، والتوصُّل إلى مسوَّدة اتفاق سلام، في الشهر الحالي، مع الامتناع عن تقديم الدعم العسكري للجماعات المسلّحة، وحديث عن استثمارات أميركية ضخمة ستقدم للبلدين، وفق ما ذكرته صحيفة «لوموند» الفرنسية، وقتها.
المحلل السياسي التشادي، المختص بالشؤون الأفريقية، صالح إسحاق عيسى، يرى مسودة الاقتراح «خطوة أولية نحو حل أزمة شرق الكونغو، لكنها لا تُشكِّل بعدُ تقدماً جوهريّاً نحو السلام»، لافتاً إلى أن «مشاركة رواندا في هذه المبادرة تأتي في سياق الضغوط الدولية المتزايدة عليها، خاصة من الولايات المتحدة، التي تسعى إلى تحميلها المسؤولية عن تفاقم النزاع في الكونغو».
وسبق أن «قدمت رواندا مساعي مشابهة، لكنها في الغالب كانت مناورات دبلوماسية لتخفيف الضغوط الإقليمية والدولية، دون تقديم التزامات حقيقية على الأرض»، بحسب ما يوضح عيسى، مشيراً إلى أنه «إذا كانت هذه المسودة تُمثِّل بداية للمفاوضات، فإن نجاحها يعتمد على الضغط الدولي الفعلي على رواندا، لوقف دعم المتمردين، وتنفيذ إجراءات ملموسة».
وجاء «إعلان المبادئ» بين الكونغو الديمقراطية ورواندا، تحت الرعاية الأميركية، عقب يومين من إعلان حكومة الكونغو الديمقراطية وحركة «إم 23»، في بيان مشترك، اتفاقهما، عقب وساطة قطرية، «العمل نحو التوصُّل إلى هدنة»، وذلك بعد نحو أسبوع من مناقشة الرئيس التوغولي فور غناسينغبي، ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي تطوّرات حلّ الأزمة مع المتمردين، خلال لقاء في كينشاسا، ضمن إطار مهمة غناسينغبي الجديدة بوصفه «وسيطاً للاتحاد الأفريقي».
وسبق لتشيسيكيدي ونظيره الرواندي بول كاغامي الدعوة مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني من قطر، يوم 18 مارس (آذار) الماضي، إلى وقف إطلاق النار في شرق الكونغو، في أول مباحثات مباشرة بينهما منذ كثّف متمردو حركة «إم 23» حملتهم في شرق الكونغو، خلال يناير (كانون الثاني) الماضي.
أمير قطر يستضيف الرئيس الرواندي بول كاغامي والرئيس الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي في الدوحة مارس الماضي (وكالة الأنباء القطرية)
ويأتي الإعلان الأميركي الجديد بعد أقل من أسبوع من اجتماع بالدوحة بين ممثلين عن قطر وتوغو والولايات المتحدة وفرنسا والكونغو الديمقراطية ورواندا، للمرة الأولى، خلص إلى الاستعداد للمساهمة في الجهود المستمرة الحل السلمي للنزاع دون تأخير، وفق بيان مشترك نقلته «الخارجية» القطرية آنذاك.
ومنذ 2021، أُقرَّ أكثر من 10 اتفاقات هدنة في منطقة شرق الكونغو الديمقراطية الغنية بالموارد الطبيعية، التي تشهد نزاعات منذ مدة طويلة. لكن كلّ المحاولات الدبلوماسية لإنهاء النزاع باءت بالفشل.
ولتحقيق حل مستدام، يرى عيسى أن «الأمر يحتاج إلى استراتيجية تنسيق قوية تجمع بين هذه المبادرات المختلفة تحت سقف واحد، مع ضمان آليات مراقبة وتنفيذ دقيقة. ولكن في الوقت الراهن، يبدو أن الجهود ستظل مُجزَّأةً ما لم يتم إيجاد إطار مشترك، يشمل توافقاً حقيقيّاً بين الأطراف الإقليمية والدولية، ويُرسِّخ مبدأ أن أي حلٍّ حقيقي لا يكتسب شرعيته إلا بوضع تطلعات وحقوق الشعب الكونغولي في صلب المعادلة السياسية والأمنية».
وتصاعد الصراع المستمر منذ عقود في شرق الكونغو في يناير عندما استولى متمردو حركة «23 مارس» (إم 23)، المدعومة من رواندا على مدينة غوما الاستراتيجية ثم مدينة بوكافو في فبراير (شباط) الماضي، وأودى القتال بحياة نحو ثلاثة آلاف شخص، وأثار مخاوف من اندلاع حرب إقليمية أوسع نطاقاً.
وتعد حركة «إم 23» واحدة من نحو 100 جماعة مسلّحة تتنافس للحصول على فرض وجودها في منطقة شرق الكونغو الغنية بالمعادن، والقريبة من رواندا، وتسبب النزاع في واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، حيث نزح أكثر من 7 ملايين شخص، ومن بين ذلك، فرار نحو مائة ألف شخص من منازلهم هذا العام.
وعن فرص انتهاء ذلك الصراع والاقتراب من عملية سلام، أوضح المحلل السياسي التشادي أنه من المُبكِّر جداً الحكم على قرب التوصل إلى سلام بين المتمردين وحكومة الكونغو، وذلك بسبب «تعقيد الوضع العسكري والسياسي» في المنطقة.
ويرى عيسى أنه رغم أن هناك مساعي دبلوماسية جادّة من قِبل أطراف دولية وإقليمية، فإن العوامل الميدانية «لا تزال عائقاً رئيسيّاً»؛ كون حركة «M23» لا تزال تواصل تصعيد عملياتها في شرق الكونغو، ما يجعل من الصعب التنبؤ بنهاية قريبة للنزاع.
ويعتقد أن «الضغط الدولي على رواندا لوقف دعم المتمردين قد يساهم في تهدئة الوضع، لكنه لم يترجم بعد إلى خطوات فعلية ملموسة لوقف القتال في ظل تحديات داخلية في الكونغو، مثل، ضعف الجيش الوطني وانقساماته الداخلية»، لافتاً إلى أنه «لا تزال الجهود الدبلوماسية في طور التمهيد لحل شامل ومستدام».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
ترمب يلتقي رامافوزا وسط خلافات حول الإبادة الجماعية ضد البيض
يستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب، صباح الأربعاء، رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا في البيت الأبيض، في وقت تشهد فيه العلاقات بين البلدين أدنى مستوياتها، حيث قام ترمب بقطع كل المساعدات المالية عن جنوب أفريقيا، كما اتهم الحكومة بممارسة إبادة جماعية ضد الأفريكانيين البيض، وقامت إدارته الأسبوع الماضي باستقبال 59 شخصاً من جنوب أفريقيا البيض كلاجئين يتعرضون للتمييز العنصري، تمهيداً الطريق لمنحهم الجنسية الأميركية ومساعدتهم في الحصول على عمل ومزايا حكومية أخرى. الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا يلقي كلمة في الجلسة الافتتاحية لاجتماع وزراء خارجية مجموعة العشرين في جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا الخميس 20 فبراير 2025 (أ.ب) وأعلن مكتب رامافوزا، في بيان، أن «زيارة الدولة التي يقوم بها إلى الولايات المتحدة ستوفر منصة لإعادة ضبط العلاقات الاستراتيجية بين البلدين». وقد وقعت بالفعل عدة مواجهات بين الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا، كانت أولاها في فبراير (شباط) الماضي؛ حيث قام ترمب بخفض المساعدات لجنوب أفريقيا بسبب تمرير قانون مصادرة الأراضي عام 2018، الذي سمح للسلطات المحلية بمصادرة الممتلكات. واشتبك رامافوزا مع ترمب خلال ولايته الأولى بسبب هذا القانون وطالب ترمب بعدم التدخل في شؤون بلاده. وعاد الخلاف مرة أخرى بعد عودة ترمب للبيت الأبيض في ولايته الثانية، حيث اتهم جنوب أفريقيا بالتمييز ضد البيض، المعروفين باسم الأفريكانز، والاستيلاء على أراضيهم. وهاجمت تامي بروس، المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، جنوب أفريقيا وأشارت إلى قيام ترمب بإعطاء الأولوية لتوطين البيض الأفريكانيين في الولايات المتحدة من منطلق أنهم يواجهون تمييزاً عنصرياً غير عادل، ويواجهون مصادرة ممتلكاتهم ويتعرضون للهجمات بسبب عرقهم. ونفت حكومة جنوب أفريقيا هذه الاتهامات. وقال رامافوزا: «نحن الدولة الوحيدة في القارة التي جاء المستعمرون للإقامة فيها ولم نطردهم أبداً من بلادنا». وأبدى الغضب من استقبالهم في الولايات المتحدة تحت مسمى «لاجئين»، مشيراً إلى أن هذا المسمى له دوافع سياسية ويهدف للتشكيك في الديمقراطية الدستورية في جنوب أفريقيا. أول مجموعة من الأفريكانيين البيض تصل إلى الولايات المتحدة كلاجئين وصفهم الرئيس ترمب بأنهم يفرون من «وضع رهيب» في جنوب أفريقيا (أ.ف.ب) ووصف رامافوزا الأفريكانيين بأنهم «جبناء» وادعى أنهم لا يريدون العيش في جنوب أفريقيا الجديدة التي تحكمها أغلبية سوداء. وقال إن البيض يمتلكون أكثر من 70 في المائة من الأراضي هناك، على الرغم من أنهم يشكلون 7 في المائة فقط من السكان. من جانب آخر، أدت مواقف جنوب أفريقيا المساندة للحق الفلسطيني فصلاً آخر من الشقاق والخلاف مع الإدارة الأميركية؛ حيث هدد ترمب بقطع المساعدات عن جنوب أفريقيا بسبب تصريحات الحكومة بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في حربها ضد «حماس» في غزة، وقيامها برفع قضية إبادة جماعية ضد إسرائيل في عام 2023 في محكمة العدل الدولية. وأثار ذلك غضب إدارتي الرئيس السابق جو بايدن وترمب، حيث تعد الولايات المتحدة مورداً رئيسياً للأسلحة لإسرائيل. وبالتالي هناك اتهام غير مباشر لحكومة الولايات المتحدة بالتورط في جريمة الإبادة الجماعية. وزاد من ارتفاع مستويات الغضب الأميركية اتجاه جنوب أفريقيا لتعزيز علاقاتها مع كل من روسيا والصين وإيران. وترجمت إدارة ترمب غضبها بطرد السفير الجنوب أفريقي لدى الولايات المتحدة، وقرر وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، عدم المشاركة في قمة وزراء خارجية مجموعة العشرين في جوهانسبرغ في فبراير الماضي. وفي إطار حملة الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس ترمب على دول العالم، كان نصيب دولة جنوب أفريقيا نسبة 30 في المائة على صادرات البلاد، رغم أن ترمب خفض مؤقتاً الرسوم على المنتجات من جنوب أفريقيا إلى 10 في المائة لمدة ثلاثة أشهر، فإن رامافوزا يريد مهلة أطول والتوصل إلى اتفاق يجعل الإدارة الأميركية تخفض الرسوم الجمركية بأقل من 10 في المائة. ويواجه رامافوزا معضلة أخرى تتعلق بقانون النمو والفرص في أفريقيا، وهو القانون الذي جرى توقيعه عام 2000 ويمنح 30 دولة أفريقية إمكانية وصول العديد من السلع الأفريقية إلى الأسواق الأميركية من دون رسوم جمركية، وكانت جنوب أفريقيا المستفيد الرئيسي من هذا القانون، ومن المقرر أن ينتهي أمد هذا القانون العام المقبل. وتعاني جنوب أفريقيا من معدلات بطالة عالية تزيد على 30 في المائة، ومعدل نمو اقتصادي أقل من 1 في المائة في المتوسط على مدى العقد الماضي؛ ولذا يحرض رامافوزا على التركيز على القضايا الاقتصادية قبل القضايا السياسية. ويتوقع المحللون أن تشكل القضايا السياسية عائقاً كبيراً أمام التوصل إلى اتفاق، بعد النزاعات الدبلوماسية الكثيرة بين البلدين، واحتمال أن يواجه رامافوزا فخاً سياسياً ومواجهة سياسية حادة أمام وسائل الإعلام، على غرار ما حدث مع الرئيس الأوكراني في المكتب البيضاوي في فبراير الماضي. لكن مكتب رامافوزا قال إن الحكومة ليست قلقة بشأن أي استقبال عدائي محتمل. ويشير خبراء آخرون إلى أن جنوب أفريقيا تملك بعض أوراق اللعب التي تستطيع استغلالها لإيجاد مساحة توافق مع الإدارة الأميركية، حيث تعد جنوب أفريقيا واحدة من الدول المصدرة للمعادن النادرة للولايات المتحدة، مثل البلاتين وهو عنصر حيوي في صناعة السيارات، وتوجد 600 شركة أميركية تعمل في جنوب أفريقيا. كما تعاونت جنوب أفريقيا مراراً مع الولايات المتحدة كحارس للسلام في صراعات كبرى في إثيوبيا والكونغو. هل يستطيع إيلون ماسك المساعدة في تخفيف الخلافات بين الرئيس ترمب والرئيس الجنوب أفريقي رامافوزا (أ.ف.ب) ويحاول رامافوزا التقرب من إيلون ماسك، المولود في جنوب أفريقيا وأحد أقرب حلفاء ترمب، للتوسط في تسهيل تحسين العلاقات مع ترمب في سعيه إلى تنشيط العلاقات الثنائية، خاصة ما يتعلق بالتجارة. وأشارت تقارير صحافية إلى أن القضية الأولى التي تحتل أولوية أجندة رامافوزا هي إظهار أن جنوب أفريقيا مهتمة بعلاقة تجارية مع الولايات المتحدة، وقد يأتي ذلك على حساب أي قضايا سياسية أخرى.


Independent عربية
منذ 2 ساعات
- Independent عربية
عقوبات أوروبية جديدة على روسيا قد لا تغفرها أميركا
فرض الاتحاد الأوروبي وبريطانيا عقوبات جديدة ضد روسيا اليوم الثلاثاء من دون انتظار انضمام الولايات المتحدة إليهما، بعد يوم من اتصال جرى بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين لم يسفر عن تعهد بوقف إطلاق النار في أوكرانيا. وقالت لندن وبروكسل إن إجراءاتهما الجديدة ستركز على "أسطول الظل" من ناقلات النفط والشركات المالية التي تساعد موسكو في الالتفاف على تأثير العقوبات الأخرى المفروضة عليها بسبب الحرب، وكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على تطبيق "تيليغرام" أن "العقوبات مهمة وأنا ممتن لكل من يجعل مجرمي الحرب يشعرون بوطأتها أكثر". لكن إزاحة الستار عن الإجراءات الجديدة جرت دون خطوات مماثلة فورية من واشنطن، على رغم الضغط العلني المكثف من قادة الدول الأوروبية على إدارة ترمب لتحذو حذوهم. وقال وزير الخارجية الألماني يوهان فاديبول على هامش اجتماع مع نظرائه في الاتحاد الأوروبي في بروكسل، "أوضحنا مراراً أننا نتوقع شيئاً واحداً من روسيا وهو وقف فوري لإطلاق النار من دون شروط مسبقة"، مضيفاً أنه "سيتعين علينا الرد" بما أن روسيا لم تقبل بوقف إطلاق النار، ومتابعاً "نتوقع أيضاً ألا يتسامح حلفاؤنا الأميركيون مع ذلك". وعقدت روسيا وأوكرانيا أول محادثات مباشرة بينهما منذ أكثر من ثلاث أعوام الجمعة الماضي بطلب من ترمب، لكنهما فشلتا في الاتفاق على هدنة بعد أن وضعت موسكو شروطاً وصفها أحد أعضاء الوفد الأوكراني بأنها "غير قابلة للتنفيذ"، بينما قال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس إنه "من الواضح أن بوتين يريد كسب الوقت، وللأسف علينا أن نقول إن بوتين غير مهتم حقاً بالسلام". لن نرضخ للإنذارات وتعليقاً على العقوبات الجديدة قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا للصحافيين إن روسيا لن ترضخ أبداً لما وصفتها بالإنذارات، فيما ذكر بوتين بعد مكالمته مع ترمب أن موسكو مستعدة للعمل مع أوكرانيا على مذكرة حول اتفاق سلام مستقبلي، مضيفة زاخاروفا "الآن وبناء على ذلك فإن الكرة في ملعب كييف". ويسعى الأوروبيون جاهدين إلى إقناع إدارة ترمب بالانضمام إليهم في فرض العقوبات، واتصل عدد من القادة الأوروبيين بترمب عشية مكالمته بوتين أمس الإثنين، وحثوه على الانضمام إليهم في فرض عقوبات جديدة إذا رفضت روسيا وقف إطلاق النار، بينما ألمحت بروكسل ولندن إلى إمكان فرض مزيد من العقوبات، وأوضحتا أنهما لم يفقدا الأمل في إقناع واشنطن بالتحرك. وتهدف أحدث العقوبات إلى تضييق الخناق على "أسطول الظل" الذي تستخدمه روسيا لتصدير النفط والتحايل على سقف سعري عند 60 دولاراً للبرميل فرضته مجموعة الدول الصناعية السبع للحد من إيرادات روسيا، وقد هددت بريطانيا والاتحاد الأوروبي بالعمل على خفض هذا السقف السعري بعد هبوط أسعار النفط العالمية هذا العام، بينما ذكر ترمب أمس الإثنين أن روسيا وأوكرانيا على استعداد لبدء المفاوضات، لكن بوتين قال إن العملية ستستغرق وقتاً. الصين تؤيد محادثات السلام وأعلنت الصين اليوم الثلاثاء تأييدها لمحادثات مباشرة بين موسكو وكييف، غداة إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب عقب اتصال هاتفي مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين أن الجانبين سيباشران "فوراً" محادثات للتوصل إلى وقف لإطلاق النار. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماو نينغ إن "الصين تؤيد كل الجهود الرامية إلى تحقيق السلام"، مشيرة إلى أن بكين "تأمل أن تمضي الأطراف المعنية قدماً في الحوار والتفاوض". وكان ترمب أكد أمس الإثنين أن روسيا وأوكرانيا "ستباشران فوراً مفاوضات للتوصل إلى وقف إطلاق النار"، بعد اتصال "ممتاز" أجراه مع بوتين. من جهته وصف الرئيس الروسي الاتصال بأنه "مفيد جداً"، وأضاف أمام صحافيين أن روسيا مستعدة للعمل مع أوكرانيا على "مذكرة تفاهم" في شأن "اتفاق سلام محتمل"، مشدداً على الحاجة إلى "إيجاد تسويات" لدى طرفي النزاع. في المقابل، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه لا تفاصيل لديه في شأن هذه "المذكرة"، معرباً عن استعداده لدرس العرض الروسي. وأعربت المتحدثة باسم الخارجية عن أمل الصين "في أن تواصل الأطراف المعنية البحث عن اتفاق سلام عادل دائم، وملزم ومقبول من الجميع، عبر الحوار والتفاوض". ودعت الصين مراراً روسيا وأوكرانيا إلى الحوار لإيجاد تسوية للنزاع، لكن بكين التي شهدت علاقاتها مع موسكو تقارباً منذ بدء الحرب مطلع عام 2022، لم تقم بإدانة الهجوم الروسي على أوكرانيا، مما أثار انتقادات غربية. فقط لكسب الوقت قال وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس اليوم الثلاثاء إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين غير مهتم حقاً بالسلام مع أوكرانيا، وإنه يسعى فقط إلى كسب الوقت في محادثاته مع الولايات المتحدة. وقبل اجتماع مع وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي في بروكسل، قال بيستوريوس إن أوروبا يتعين عليها زيادة الضغط على روسيا من خلال فرض مزيد من العقوبات، لا سيما على مبيعاتها من الطاقة. ويأمل الاتحاد الأوروبي أن تتخذ الولايات المتحدة "إجراء قوياً" في حال استمرت روسيا في رفض وقف لإطلاق النار في أوكرانيا، بحسب ما قالت مسؤولة السياسة الخارجية في التكتل كايا كالاس الثلاثاء. البابا لاوون الرابع عشر يلتقي الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في الفاتيكان (أ ب) وصرحت كالاس قبيل بدء اجتماع لوزراء الدفاع في الاتحاد الأوروبي في بروكسل بأن "الولايات المتحدة قالت إنه في حال لم تقبل روسيا وقفاً غير مشروط لإطلاق النار، فسيكون لرفضها تبعات، ونحن نريد أن نرى إذاً هذه التبعات". ونقلت وكالات أنباء روسية رسمية عن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قوله في تصريحات نشرت في وقت مبكر اليوم الثلاثاء إنه لا يمكن تحديد موعد نهائي لإعداد مذكرة بين روسيا وأوكرانيا. وأضاف أن وضع موسكو وكييف نصاً موحداً لمذكرة في شأن عملية سلام ووقف لإطلاق النار سيكون عملية معقدة، مشيراً إلى صعوبة تحديد موعد نهائي لهذه العملية. وقال المتحدث باسم الكرملين "ستتم صياغة المسودات من قبل الجانبين الروسي والأوكراني، وسيتم تبادل مسودات الوثائق هذه، وبعد ذلك ستجرى اتصالات معقدة لوضع نص واحد". وأشار إلى أنه "لا توجد مواعيد نهائية ولا يمكن أن تكون هناك أي مواعيد نهائية. من الواضح أن الجميع يريد القيام بذلك في أسرع وقت ممكن، ولكن بالطبع الشيطان يكمن في التفاصيل". وتابع المتحدث باسم الكرملين قائلاً "لم يتم اتخاذ قرارات محددة في شأن مكان استمرار الاتصالات بين روسيا وأوكرانيا حتى الآن". وأضاف أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأميركي دونالد ترمب ناقشا خلال المكالمة الهاتفية بينهما موضوع استمرار الاتصالات المباشرة بين روسيا وأوكرانيا، بما في ذلك على أعلى المستويات. "متى سننهي هذا الأمر يا فلاديمير؟" من جانبه قال الرئيس الأميركي أمس الإثنين إنه "سيكون من الرائع" أن تجري روسيا وأوكرانيا محادثات لوقف إطلاق النار في الفاتيكان، قائلاً إن ذلك سيضيف أهمية إضافية إلى الإجراءات. وأضاف ترمب أنه قال للرئيس الروسي خلال مكالمته معه "متى سننهي هذا الأمر يا فلاديمير؟". وفي وقت سابق الإثنين قال ترمب إنه أحرز تقدماً خلال مكالمته الهاتفية مع بوتين، وإنه تحدث أيضاً إلى رؤساء عدد من الدول الأوروبية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وأكد الرئيس الأميركي أن روسيا وأوكرانيا "ستباشران فوراً" محادثات في شأن وقف إطلاق النار بهدف إنهاء الحرب، مشيراً إلى أن موسكو تريد زيادة التجارة مع واشنطن بعد انتهاء الحرب. وكتب ترمب على شبكته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشيال"، "سيجري التفاوض على شروط وقف إطلاق النار بين الطرفين، وهو أمر لا مفر منه". وأضاف "لو لم تكن المكالمة ممتازة لكنت أعلنت ذلك الآن، وليس لاحقاً". ومضى في حديثه، "ما دام الفاتيكان ممثلاً في البابا أعلن أنه سيكون مهتماً للغاية باستضافة المفاوضات فلتنطلق إذاً". محادثة استمرت "أكثر من ساعتين" بدوره وصف الرئيس الروسي أمس الإثنين المحادثة الهاتفية التي استمرت "أكثر من ساعتين" مع نظيره الأميركي في شأن النزاع في أوكرانيا بأنها "مفيدة". ووصف بوتين المحادثة في تصريح مقتضب للصحافيين عقب الاتصال بأنها "بناءة وصريحة جداً"، وتابع "بصورة عامة أعتقد أنها كانت مفيدة"، ودعا كييف إلى إيجاد "تسويات ترضي كل الأطراف"، وتابع "المحادثات مع كييف تسير في الاتجاه الصحيح بعد محادثات إسطنبول، كذلك فإن ترمب أقر بأن روسيا تؤيد الحل السلمي للأزمة الأوكرانية، ووقف إطلاق النار مع كييف ممكن بمجرد التوصل إلى اتفاقات". وقال مساعد في الكرملين إن بوتين رحب بنتائج جولة ترمب في الشرق الأوسط، ورحب أيضاً بالتقدم المحرز في المحادثات الأميركية مع إيران في شأن البرنامج النووي، مؤكداً أن موسكو مستعدة للمساعدة. المكالمة الهاتفية بين الرئيسين الأميركي والروسي جاءت بعدما قالت واشنطن إن الطريق مسدود أمام إنهاء أكثر الصراعات دموية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، وإن الولايات المتحدة قد تنسحب. وأرسل بوتين آلاف القوات إلى أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022 لتندلع أخطر مواجهة بين روسيا والغرب منذ أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962. ودعا ترمب مراراً إلى إنهاء "حمام الدم" في أوكرانيا الذي تصوره إدارته على أنه حرب بالوكالة بين الولايات المتحدة وروسيا.


Independent عربية
منذ 3 ساعات
- Independent عربية
استقالة موظفين أميركيين على طريقة "وقوع البلاء لا انتظاره"
قالت نقابات وخبراء وموظفون إن عشرات الآلاف من العاملين بالحكومة الأميركية فضلوا الاستقالة، على تحمل ما يعتبره كثيرون عذاب انتظار تنفيذ إدارة ترمب تهديداتها بفصلهم. وقع الرئيس دونالد ترمب أمراً تنفيذياً عند توليه منصبه لخفض حجم وإنفاق الحكومة بصورة كبيرة، وبعد أربعة أشهر لم تتحقق بعد عمليات التسريح الجماعي للموظفين في أكبر الوكالات حتى الآن، وأبطأت المحاكم سير العملية. واختار معظم موظفي الخدمة المدنية الذين غادروا أو سيغادرون بحلول نهاية سبتمبر (أيلول) برنامجاً للتقاعد المبكر، أو حوافز أخرى للاستقالة. ضغوط الانتظار الفادحة وقال بعضهم لـ"رويترز" إنهم لم يعودوا قادرين على تحمل الضغط اليومي انتظاراً لطردهم، بعد تحذيرات متعددة من مسؤولي إدارة ترمب بأنهم قد يفقدون وظائفهم في الموجة التالية من تسريح الموظفين. نتيجة لذلك تمكنت إدارة ترمب والملياردير إيلون ماسك، المشرف على إدارة الكفاءة الحكومية، من خفض ما يقرب من 12 في المئة من القوى العاملة المدنية الاتحادية البالغ قوامها 2.3 مليون موظف، وذلك إلى حد كبير من خلال التهديدات بالإقالة والاستقالات وعروض التقاعد المبكر، بحسب ما خلصت مراجعة "رويترز" لعمليات الاستقالة من الوكالات. ولم يستجب البيت الأبيض لطلب التعليق على هذه القصة، ويقول ترمب وماسك إن البيروقراطية الاتحادية متضخمة وغير فعالة وتسهم في الهدر والاحتيال. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) كما لم يقدم البيت الأبيض حتى الآن إحصاء رسمياً لعدد من سيغادرون القوى العاملة الاتحادية، وقال إن 75 ألف شخص قبلوا العرض الأول من عرضين للتسريح، لكنه لم يذكر عدد من قبلوا العرض الثاني الشهر الماضي. وبموجب الخطة، سيحصل موظفو الخدمة المدنية على رواتب ومزايا كاملة حتى الـ30 من سبتمبر، مع عدم اضطرار معظمهم إلى العمل خلال تلك الفترة. ومن المقرر إجراء خفض حاد في عدد من الوكالات، بما في ذلك أكثر من 80 ألف وظيفة في وزارة شؤون قدامى المحاربين، و10 آلاف وظيفة في وزارة الصحة والخدمات الإنسانية. ومنذ يناير (كانون الثاني) يتحدث كثير من الموظفين الحكوميين عن العيش في خوف من الطرد من العمل، وأرسل عديد من الهيئات رسائل بالبريد الإلكتروني بصورة منتظمة إلى الموظفين تحثهم على قبول برامج الاستقالة أو مواجهة احتمال التسريح. كما أنهم يعانون تكدسهم في المكاتب، بعد أن أمر ترامب جميع العاملين عن بعد بالعودة لمقر العمل، إلى جانب الخلل الوظيفي داخل الوكالات بسبب رحيل الموظفين ذوي الخبرة. مزيد من الكحوليات وقال دون موينيهان، الأستاذ في كلية "فورد" للسياسة العامة في جامعة "ميشيغان"، "من غير المناسب اعتبارها استقالات طوعية، فعدد من هؤلاء الموظفين يشعرون أنهم أجبروا على الاستقالة". وقبلت شارلوت رينولدز (58 سنة) عرض التقاعد المبكر، وتركت وظيفتها كمحللة كبيرة للضرائب في دائرة الإيرادات الداخلية لتحصيل الضرائب في الـ30 من أبريل (نيسان) الماضي. وقالت "أخبرونا أننا لسنا منتجين وليست لنا فائدة، كرست 33 عاماً من عمري للعمل في مصلحة الضرائب وعملت بجد، أصابني ذلك بشعور فظيع". وأوضح إيفريت كيلي، رئيس الاتحاد الأميركي للموظفين الحكوميين، وهو أكبر اتحاد للعمال الاتحاديين ويضم 800 ألف عضو، "منح الرئيس سلطة لأشخاص مثل إيلون ماسك وفريقه في إدارة الكفاءة الحكومية لمضايقة الموظفين الاتحاديين وإهانتهم ونشر الأكاذيب في شأنهم وعملهم، وإجبار عشرات الآلاف منهم على ترك العمل". وقال أحد الموظفين في إدارة الضمان الاجتماعي، طلب عدم الكشف عن هويته خشية إلغاء عرض الاستقالة المبكرة، إن التوتر دفعه إلى السهر لوقت متأخر وشرب مزيد من الكحوليات وتقليل ممارسة الرياضة. وطعنت عشرات الدعاوى القضائية في قانونية مساعي إدارة ترمب إلى فصل العمال الاتحاديين، ومنع قاض اتحادي في كاليفورنيا في التاسع من مايو (أيار) تسريح العاملين في 20 وكالة، وقال إنه يجب إعادتهم لوظائفهم. وتطعن الإدارة الأميركية في الحكم الذي نص على أن "ترمب لا يمكنه إعادة هيكلة الوكالات الاتحادية، إلا بتفويض من الكونغرس".