
حدث ذات مكان. أو (طيحان الحظ بين حقبتين)
وإذا كان لنا من إشارة الى ما يتصفان به ويشتركان، فيمكن القول بأنهما كثيرو الكلام وربما يتنافسان في ذلك حتى تُحار الى أيهما ستعطي أولوية التفوق في هذا المجال. أمّا لو دخلا في نقاش أي موضوع فسوف لن يخرجا منه الاّ بعد أن يشبعوه تفصيلاً حتى لو كان من الصغر والهامشية بحيث لا يشكل أية أهمية تُذكر، بل حتى لو جاء على حساب المحيطين بهما وما إذا كان سيؤدي الى مّللهم ونفرتهم منهما، غير أنَّ هذه الصفة أي كثرة الكلام وفي كل الأحوال سوف لن تأتي على حساب ما يتمتعان به من علاقات واسعة ومن ثقة يحضون بها من قبل المحيطين بهما لما يتصفان به من خلق رفيع ومن رضا وقبول من قبل أكثرية زملائهم.
العلاقة بينهما (الأستاذ عادل وذلك العامل الذي أتينا على ذكره) أخذت تتعزز وتتطور أكثر فأكثر، وليدخلا من بعدها في حوارات ونقاشات معمقة ومسهبة، كانت قد أفضت الى أن تتكشف خلالها طريقة تفكير كل منهما، فضلاً عمّا بدا عليهما من تقارب ملحوظ في توجهاتهما السياسية والى أي الأحزاب ينتميان أو لنقل يميلان. وتعزيزا لتلك العلاقة وبعد أن بدءا يشعران بالقلق بسبب ما يحيط البلد من تطورات ليست بالمريحة، ومن أجل أخذ الحيطة والحذر، لذا راحا ينعزلان شيئاً فشيئا عمّا يحيط بهما وذلك درءاً للمخاطر التي من الممكن أن تطالهما.
وعملا بالوصايا التي كانا قد حفظاها عن ظهر قلب، وبالإستناد الى العديد من التجارب السابقة التي مرَّ بها البلد في سنوات سابقة، وكذلك حرصاً منهما على وظيفتيهما من الضياع بعد أن ذاقا الأمرين، خاصة وأن قرارات الفصل بدأت تطال الكثير من ملاكات الدولة ولإعتبارات سياسية صرفة، لذا وللأسباب الفائتة مجتمعة فقد إرتأيا عدم التصريج علانية بأي موقف سياسي قد يترتب عليه إلحاق الأذى بهما، خاصة بعد أن تسرب الى مسامعهما من الأخبار ما يشي بصدور توجيهات وتعليمات صريحة الى ملاكات الحزب الحاكم وعناصره، مفادها بضرورة مراقبتهما، حيث إعتبرتهما من العناصر المشبوهة، الواجب رصدها ومتابعتها. وبعد أن وصلت مسامعهما هذه الأخبار، فقد حمدا الله وشكراه ومن باب الدعابة لما يحملانه من (أفكار هدّامة) حسب المصطلح الذي كان شائعاً ومتداولاً آنذاك في أدبيات السلطة وحزبها الحاكم، والذي عادة ما ينعتون به كل مَنْ يتقاطع مع أفكارهم وتوجهاتهم.
وأرتباطا بما يجري من أحداث ولأن الأستاذ عادل يتمتع بهذه الخاصية، اي الحس الأمني المبكر ويشم عن بُعد تلك (الروائح الكريهة) بسبب خبرتهم الطويلة معهم، ويدرك كذلك تحركات أصحابها وخلفياتها وما يهدفون اليه، فقد نقلها بدوره وبحكم العلاقة الخاصة والمتميزة وما يجمعهما من ثقة متبادلة الى صديقه العامل الذي بات الأقرب اليه وعلى مختلف المستويات. فكم من مرة حذَّره من التمادي في توجيه الإنتقادات الى إدارة المؤسسة التي يشتغلان فيها وبحضور بعض العاملين تحديدا.
ومن بين الأشخاص الذين جرى التركيز عليه في تحذيره لصديقه، هو ذاك الذي يتمتع بشاربين طويلين، متدليان على جانبي فمه، كان قد تعمَّدَ إطلاقهما على هذا النحو، تزلفاً وتملقاً لصاحب السلطة والقرار ليمتدا، مُذكراً بتلك العلامة الفارقة التي يتميّز بها الحزب الذي ينتمي اليه حسب إدعاءه عن غيره من الأحزاب. فـهذا الشخص كان دائب الحركة ويتمتع بصلاحيات مطلقة، ضارباً عرض الحائط كل إشتراطات وقوانين العمل المفروضة على جميع الموظفين والتي ينبغي الإلتزام بها، لتجده متلصصا على هذا وذاك، كل ذلك قبالة ما أعطي له من وعود تتمثل بحصوله على ترقية وظيفية أو على زيادة مجزية في راتبه، لذا وفي الكثير من الحالات راح واشياً بزملاءه ولم يتورع عن الإيقاع حتى بأقرب المقربين اليه، ملفقاً ومتهماً إياهم بما ليس فيهم. أي بإختصار وبشكل مباشر وباللغة التي كانت دارجة آنذاك، فهو كاتب تقارير من الطراز الأول، حيث لا ذمة له ولا ضمير، وأعتقد مَنْ عاش تلك الحقبة من الزمن سيتذكر الكثير من هؤلاء.
وتحذير الأستاذ عادل لصديقه لم يقتصر على صاحب الشاربين، بل هناك شخص آخر لا يقل سوءاً وأذى عن سابقه، كان قد تمَّ (تجنيده) هو الآخر ليقوم بمهمة التلصص على زملاءه. وفي الحديث عنه وإذا ما أردنا التوقف على شخصيته، فهو من ذلك النوع الذي لا يطيب له الكلام ويهنأ الاّ حين الحديث عن الغجريات أو النوريات كما يطلق عليهن في بلاد الشام، وبالكاولية كما درج عامة أهل العراق على تسميتهم وبصرف النظر وغير مبالٍ بمن يكون جليسه. فبمجرد أن يأتي أحدهم على ذكر هذا الصنف أي الكاولية حتى لو جاء ذلك عرضاً ومن دون قصد، الاّ تجده وقد شمَّرَ عن ساعديه ولسانه ليأتيك منه ما طاب له من أرذل الكلام وأرخصه ومن دون وجل أو خجل.
وعن حالة عاشق عالم الكاولية هذا وللمزيد من التوضيح، ففي لقاءاته التي كانت تجري مع زملاءه وأثناء فترة الإستراحة، لم يكن مبالياً في أحاديثه التي أشرنا اليها لكل الإعتراضات والإعتبارات الأخلاقية التي كانت تصل مسامعه، بل كثيرا ما تجده متمادياً في (تحليقه) و(تغريداته)، ولم يتوانَ حتى عن وصف ما كان يقوم به من (بطولات) حين يجن الليل وشكل الخيمة التي كان ينزوي فيها، والتي عادة ما تكون عارية عن أية حشمة وإستقلالية، ومن هناك أي من تلك الخيمة سيلحقها بوصلات خاصة من الرقص وعلى إيقاعات لا تقل مجوناً عن تلك التي تجري في الأماكن الخاصة والمغلقة، ولم يوقفه عن ذلك كائناً مَنْ كان.
من ثم وبعد أن تأخذه النشوة (ولا زال الكلام المباح له) ويشعر أنه قد بات في أعلى درجات التحليق والتسامي، سيتبعها بإعطاءه إيعازاً وبإشارة خاصة متفق عليها لإحداهن كي تلتحق به في إحدى الزوايا أو أي مكان، لا يبعد كثيرا عن مراسيم الحفل المقام على شرفه كما يطيب له الإدعاء، وليستمع الحاضرون من رواد الكاوليه وعلى اثر خلوته هذه من الآهات والأنين ما ينده له جبين حتى الحمار.
غير أن ما حدث معه وفي إحدى (بطولاته) وجولاته التي كان يقوم بها لصنف الكاولية وما لم يكن في الحسبان، هو إلتقاءه هناك وبالصدفة المحضة بصاحب الشاربين الطويلين، والذي على ما يبدو كان قد سبقه الحضور، بناءأ على ما وصلته من معلومات ومن مصادر خاصة، تفيد بأنَّ إحداهن ممن كَثُرَ الكلام عن جمالها وطيب مؤانستها قد حضرت ومعها فرقتها الخاصة. في ذات الوقت فهي تُعد إحدى محضيات ذلك الشخص الذي وعلى ما وصفناه بأحد متابعي عالم الكاولية وأنشطتها وحضور أماسيهم بشوق ولهفة.
وبعد أن إلتقيا تحت خيمة الكاولية وبدأت فصول الحفل تأخذ مدياتها ورقص مَنْ رقص وشرب من الراح من شرب، وأخذت النشوة بالتسامي شيئا فشيئا ولتفعل فعلها. هنا وفي لحظات كهذه، لابد لهما من أن ينتقلا الى عالم آخر يتسق مع ما كان يسعيان الى تحقيقه، فمسك الختام إذن هو المبتغى. هنا ستحدث الواقعة، حيث كل منهما لايطيب له أن ينهي ليلته الاّ بمؤانسة تلك السيدة التي ذاع صيتها كأجمل نساء الغجر ويقضي منها وطر….. . فحصل ما حصل وتبادلا من الشتائم والسباب أقذعها ولم ينتهِ أمر خلافهما الاّ بالعودة الى صاحبة الشأن فلها القرار الفصل، الغير قابل للطعن ولا النقض ولا التمييز، فما عليها إذن وعلى ما هو متعارف عليه في عالم الغجر سوى الإعلان عن الى أي من الجانبين ستميل. فما كان لها الاّ أن تختار ذلك الذي أسميناه بسليط اللسان وأقذره، وعلى شفتيها من الإبتسامة ما يشي الى كم الثقة والسلطة الممنوحة لها.
قرار كهذا لم يَطبْ ولم يرضِ بالتأكيد صاحب الشاربين الطويلين، فراح يزبد ويرعد ويهدد غريمه بإنزال أقصى العقوبات الإدارية بحقه إن لم يتراجع عن قراره ويفسح له في المجال لقضاء سهرته مع تلك الغجرية الفاتنة الجمال والحضور. لكن المفاجئة التي حصلت هي إصرار الآخر على ما يريد ويرغب حتى لو أتى ذلك على حساب وظيفته. أمام هكذا إصرار لم يكن أمام صاحب الشاربين الطويلين من خيار ومخرج يداري به حرجه وإهتزاز سلطته سوى اللجوء الى أسلوب أو لنقل نوع من الإبتزاز، يتمثل بقبول الطرف المنافس على تكليفه بإحدى المهام الأمنية داخل الدائرة، فكان له ما أراد وعلى نحو سريع ومن دون أن يأخذ من الوقت رمشة عين. أمّا لو سألتم ما هي هذه المهمة فهي وبإختصار: مراقبة الأستاذ عادل وصديقه العامل، المشبوهين من قبل أجهزة الدولة، وكتابة التقارير الدورية عنهما وإيصالها الى أصحاب الشأن.
مرة أخرى سيبرز التساؤل من جديد: ما الذي سيستفيده صاحب الشاربين من هذه المساومة انها وكي لا نطيل، فستساعده في الحصول على وظيفة أرقى وراتب أعلى كما كان قد وُعدَ به من قبل مسؤوليه وذلك لقاء (أتعابه الأمنية وحرصه على سلامة أمن الدولة). أنه عالم الفاشينستات، فلهن القول الفصل، وما أشبه اليوم بالبارحة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ 2 ساعات
- شفق نيوز
حزن يخيم على وسائل التواصل الاجتماعي في الجزائر إثر وفاة 4 أشخاص في تحطم طائرة استطلاع خلال مهمة تدريبية
أفادت وكالة الأنباء الجزائرية بوفاة أربعة أشخاص، يوم الثلاثاء، إثر تحطم طائرة استطلاع تابعة للحماية المدنية بمطار فرحات عباس في ولاية جيجل. ونقلت الوكالة عن مصالح الحماية المدنية الجزائرية أن الطائرة، وهي من نوع "زيلين"، سقطت الأربعاء، بمطار فرحات عباس بولاية جيجل، أثناء مهمة تدريبية، ما أسفر عن وفاة أربعة أشخاص كانوا يؤدون واجبهم المهني. ومن بين الضحايا "المقدم برجي رضوان، قائد المجموعة الجوية للحماية المدنية، والنقيب غلاي صهيب، طيار متربص، إلى جانب ممرن من مدرسة الطيران أبداطا، ومسير بشركة الطيران تراكتور من جنسية شيلية". "ضحايا الواجب المهني" نشرت الحماية المدنية الجزائرية، عبر صفحتها الرسمية على موقع فيسبوك، بيان تعزية ومواساة إلى عائلات الضحايا، مؤكدة أن المتوفين كانوا يؤدّون واجبهم المهني. وقدم المدير العام للحماية المدنية، بوعلام بوغلاف، تعازيه الخالصة لعائلات "ضحايا الواجب المهني"، داعياً الله أن يرحمهم ويصبر ذويهم. وتوالت رسائل التعازي، إذ عبر الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، عن حزنه العميق لوفاة أفراد طاقم طائرة الحماية المدنية التي تحطمت أثناء مهمة تدريبية بمطار جيجل، وفقاً لوكالة الأنباء الجزائرية. وقال تبون في نص التعزية: "أتوجه إلى كافة إطارات وأعوان الحماية المدنية وعائلات الضحايا بأخلص التعازي وأصدق مشاعر المواساة، داعياً الله عز وجل أن يتغمد شهداء هذه المهنة الإنسانية النبيلة برحمته الواسعة، وأن يلهم الجميع جميل الصبر والسلوان." وودّعت وسائل الإعلام الجزائرية ضحايا حادث تحطم الطائرة بكلمات مؤثرة، مشيدة بشجاعتهم وتضحياتهم في أداء الواجب. نشر موقع "الجزائر 24" عبر منصة إكس: "فاجعة أليمة خيّمت على المؤسسة وقلوب الجزائريين، الذين ودّعوا رجُلين قدّما حياتهما فداءً للواجب؛ النقيب صهيب، الشاب الطموح الذي لم تمهله الأيام لإكمال مشواره، والمقدم رضوان، القائد الهادئ الصلب الذي عاش بطلاً وغادر بكرامة الأبطال". فيما خيم الحزن على رواد مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر، إذ نشر حساب "لامين فيلالي" عبر منصة إكس رسالة تعزية لعائلات طاقم الطائرة التابعة للحماية المدنية التي تحطمت في ولاية جيجل، جاء فيها: "تعازينا لعائلات طاقم الطائرة التي سقطت في ولاية جيجل، نسأل الله أن يحتسبهم شهداء، وأن يتغمدهم برحمته الواسعة، ويرزق ذويهم الصبر." وفي سياق التفاعل عبر منصات التواصل الاجتماعي، نشر حساب على منصة إكس باسم "عبد الرحيم فريق" تغريدة قال فيها إن "الطائرة تعرضت للقصف وتم قتل كل من كان فيها"، مضيفاً أن "النظام أصبح قاب قوسين أو أدنى من النهاية"،على حد تعبيره. وتساءل حساب يحمل اسم "ليلى" عبر موقع فيسبوك عن خلفيات حادثة تحطم الطائرة، طارحاً عدداً من التساؤلات، من بينها: "هل ما حدث حادث عرضي أم تصفية؟". وأضاف الحساب أن "الجزائر فقدت العديد من أسودها وشرفائها، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى الحفاظ على مثل هؤلاء لمواجهة تحديات داخلية وخارجية." نشر حساب الفهيم رضوان تغريدة أفاد فيها بأن الطائرة تحطمت بعد دقيقة من إقلاعها من مطار فرحات عباس بولاية جيجل، مؤكداً أن "التشفي حرام" على حد تعبيره. كما أعرب حساب أمين كرطالي عن بالغ أسفه وحزنه لتلقيه خبر تحطم طائرة تدريب تابعة للحماية المدنية، متضرعاً إلى الله أن يتغمد الضحايا بالرحمه، ويلهم ذويهم الصبر والسلوان. أفاد موقع "الأيام نيوز" الجزائري أن مصالح ولاية جيجل، أعلنت عن تأجيل جميع النشاطات الغنائية والترفيهية المبرمجة لهذا الأسبوع عبر إقليم الولاية، وذلك تضامناً مع عائلات ضحايا حادث تحطم طائرة الاستطلاع التابعة للحماية المدنية. ويأتي هذا القرار على خلفية الحادث الأليم الذي وقع مساء الثلاثاء بمطار فرحات عباس، وأسفر عن "استشهاد عدد من أعوان وإطارات الحماية المدنية أثناء أداء مهمة تدريبية، على متن طائرة من نوع زيلين"، بحسب الموقع. وفقاً للموقع الرسمي للحماية المدنية في الجزائر، يعود تاريخ نشأة هذا الجهاز إلى عام 1931، حين أسس الطبيب الفرنسي جورج سان بول "جمعية مشارف جنيف" التي اتخذت من باريس مقراً لها، والتي شكّلت لاحقاً الأساس الذي انبثقت منه المنظمة الدولية للحماية المدنية. كان الطبيب جورج سان بول، يهدف إلى إنشاء مناطق محايدة أو مدن مفتوحة وآمنة يمكن للمدنيين اللجوء إليها أثناء الحروب والنزاعات، وفقاً للموقع الرسمي. و الهدف الأساسي الذي تنشده المنظمة هو "توعية الأفراد بمهام الأجهزة الوطنية للحماية المدنية على اختلاف تسمياتها ألا و هي حماية الأرواح و الممتلكات و البيئة". ذكر الموقع الرسمي للحماية المدنية في الجزائر أن البلاد انضمت إلى المنظمة الدولية للحماية المدنية في عام 1976، ومنذ ذلك الحين تُعتبر الجزائر من بين الدول الأعضاء النشيطة في المنظمة، وتتولى حالياً نيابة رئاسة المجلس التنفيذي للمنظمة.


موقع كتابات
منذ 3 ساعات
- موقع كتابات
خورُ عبدِ اللهِ منْ الباب الثقافيِ
قالَ الله- سبحانهُ وتعالى- في كتابهِ الكريم: ( واعتصموا بحبلِ اللهِ جميعا ولا تفرقوا، واذكروا نعمتْ اللهِ عليكمْ إذْ كنتمْ أعداء فألفَ بين قلوبكمْ، فأصبحتمْ بنعمتهِ إخوانا ، على شفا حفرةٍ منْ النار، فأنقذكمْ منها، كذلكَ يبينُ اللهُ لكمْ آياتهِ لعلكمْ تهتدون) صدقَ اللهُ العظيم. تناولُ العديدِ منْ الأساتذةِ والمتخصصين في: القانون، السياسة، التأريخ، الجغرافية، الهندسة، المساحة، البيئة، النقلُ البحري، وغيرهمْ منْ العلومِ ( اتفاقيةُ تنظيمِ الملاحيةِ البحريةِ في خور عبد الله) الموقعةِ بينَ العراقِ والكويتِ في العامِ 2012، والمصادق عليها منْ كلا البلدينِ في العامِ 2013، والموثقة لدى الأممِ المتحدة، وفقَ المادةِ (102) منْ ميثاقها. لقد استمعت جداً، لأحاديث بعض الأساتذة ممن تناولوا الاتفاقية ، وما قدموا من وثائق؛ كتب، مجلات، نشريات، خرائط، رسوم، مع شرح تفصيلي على بعض شاشات التلفزة للموضوع ، لدعم وجهات نظرهم، ورؤيتهم للموضوع ، وبحق فقد، أذهلتني والمشاهد والمستمع الكريم. لقد وجدت ضالتي القانونية في الموضوع، وأنا أتابع النقاشات والأطاريح، وخاصة من الأساتذة من ذوي الشأن في القانون الدولي والدستوري، لما تناولوه من آفاق وشروحات كبيرة ، تغطي الحدث . فقد ابدع المثقف العراقي، بما يمتلك من معلومات، في التطرق الى المواثيق الدولية سواءً ميثاق الأمم المتحدة أو محكمتا العدل الدولية، وقانون البحار، وقرارات مجلس الأمن ، والمعاهدات الدولية ، بتفاصيلها من إنشائها الى تصديقها، ثم طرق إنهائها، وأثر الإخلال بها. لقد سررت بهذه النقاشات، في تناول، موضوع الساعة العراقي، الذي يتعلق بالسيادة الوطنية، وتغطية الموضوع لجميع جوانبه، رغم اختلاف وجهات النظر بين بعض المتحاورين في الرأي لبعض المسائل ، والخلاف في الرأي لا يفسد في الود قضية . إنَ دلَ هذا على شيء، فأنما، يدل، على ما قالهُ التاريخُ عنْ أهلِ العراقِ في ثقافتهمْ في القراءة ( القاهرة- تكتب، بيروت- تطبع، وبغداد- تقرأَ ) ، ولكنَ اليومَ نقولُ لهم؛ والحمدِ لله، أصبحتْ بغداد؛ (تكتب- تطبع- وتقرأَ ) ، والدليلُ في ذلك، الذهابِ في صباحَ كلِ جمعة مباركةً إلى شارعِ المتنبي، لترى ضالتكَ في ما تراهُ من مثقفي بغداد، منْ شيبتها وشبابها، رجالها، ونساؤها، وعيونهمْ متجهةٌ صوبَ الكتاب في المكتبة أو الشارع الوسطي للسوق. أو في أيام السنة المختلفة ولمختلف فصولها الشتوية والصيفية في معارضِ الكتبِ المختلفة ، في بغدادنا، نجفنا، وأربيلنا، وبقيةَ مدننا الأخرى. لنتفقَ ونتوحد جميعاً، على شيءٍ مقدسٍ اسمه (خورُ عبدِ اللهِ عراقي) بموجبَ الوثائقَ التاريخية، والمواثيقُ والأعرافُ الدولية، والاستخدام له من العراق منذُ أكثرَ منْ مائةِ عام، دونُ أيْ معارضٍ سواءٌ منْ المملكةِ البريطانية المسؤولةِ عنْ المحميةِ (الكويت) المسماةُ حالياً، (دولةُ الكويتِ ) ، أوْ دولة أخرى، ولا نختلفُ بيننا على ذلكَ مطلقاً، مثلما، نقول: اللهُ ربنا، الإسلامُ ديننا، القرآنُ كتابنا. نقول: (خور عبد الله لعراقنا) . نقول: الحمدُ للهِ الذي علمَ بالقلم، علمُ الإنسان، ما لمْ يعلم، وعلمهُ البيان، وأنعمَ عليهِ بالإيمانِ والإحسانِ في كلِ زمانٍ ومكان.


موقع كتابات
منذ 3 ساعات
- موقع كتابات
هل تتغير خارطة البرلمان باستبعاد مرشحين 'جدليين' ؟
قرار المفوضيَّة العليا المستقلّة للانتخابات استبعاد (70) مرشّحًا من سباق الانتخابات بعد تدقيق ملفاتهم، بسبب مخالفتهم شروط الترشّح قرارا يبدو عادلا نوعا ما، فالاستبعاد شمل مرشّحين لمْ يستكملوا متطلبات الترشيح، أو تجاوزتْ قوائمهم الحدَّ المسموح به من حَمَلَة الشهادة الإعداديَّة، والبالغ (20 %)، أو لمْ تستوفِ نسبة تمثيل النساء المحدَّدة بـ(25 %)، بعض المستبعدين قدَّموا وثائق دراسيَّةً غير صحيحة. المفوضية العليا استبعدت من ضمن المرشحين (قمر عباس يوسف عزيز السامرائي) من قوائم الترشيح لانتخابات مجلس النواب 2025 وذلك لمخالفتها قواعد سلوك المرشحين واخلالها بشرط حسن السيرة والسلوك المنصوص عليها في المادة (7/ثالثاً) من قانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات رقم (12) لسنة 2018 المعدل،لسوء السلوك وتبنيها لخطاب طائفي مقيت. المفوضية استبعدت بجانب السامرائي زينب جواد المثيرة للجدل من الانتخابات بسبب الخروج عن الذوق العام وبعض التصريحات غير اللائقة. هنالك في الغالب إيجابيات وسلبيات لوجود عدد كبير من المرشحين في الانتخابات، التي يمكن التخفيف من أضرارها من خلال التركيز على جانب الطلب، أي الحد من عدد المرشحين المتنافسين في كل دائرة انتخابية، ويمكن تحقيق هذا الهدف من خلال حصر عدد المرشحين لكل قائمة انتخابية بعدد المقاعد المتاحة في كل دائرة انتخابية، بدلاً من معالجة جانب العرض، بمعنى عدد الأحزاب السياسية المسجلة؛ لأنها قد تتعارض والمعايير الديمقراطية فيما لو وَضَعَ النظام الانتخابي في العراق قيوداً على تسجيل الكيانات السياسية. قرار الاستبعاد كان قرارا مناسبا وصحيحا بخصوص زينب وقمر لأنها يتحدثان بأمور تخالف الدين والعرف، فزينب جواد المعروف عنها أنها كثيرا الانتقاد للمذهب الجعفري والاستهزاء بتعاليم الدين وتبنيها لاتفاقية سيداو التي تضم فقرات تحث على المثلية وغيرها كما انها كثيرا الجدل ولها تسريبات خادشة للحياء،ورغم ظهور وثائق لم تتأكد صحتها بأنها اصلا من المذهب السني وهي عانية النسب وليس مياحية. اما الأخرى السامرائي فعرفت بخطابها الطائفي وتجاهلها للمكانة المقدسة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما أن سلوكها الطائفي يعني مزيدا من الانقسام في البرلمان ان فازت. وهنالك مرشحين عرفوا بتاريخهم الملوث بأفكار حزب البعث المحظور. غالبا ماتقع اعتداءات على صور المرشحين بتمزيقها أو اقتلاعها في حالة البوسترات الكبيرة، ويسرق الحديد والخشب الموجود فيها، وهناك اتهامات للحدادين أنفسهم الذين يعدّون وينصبون إطارات وقواعد الصور، ثم يتلفونها كي يعود المرشح إليهم مرة أخرى. في حين يتهم آخرون سكان العشوائيات والمناطق الفقيرة بتلك السرقات، لكن عمليات حرق وسرقة الإطار الحديدي والخشب فأعتقد أنه فعل متعمد. ولم تقف الظاهرة عند تمزيق الصور فحسب بل شملت عبارات وكتابات بالطلاء ترد على المرشحين مثل 'شعاراتك الآن نفس شعاراتك قبل 10 سنوات'، و'كذاب لا تصدقوا به'، و'العراق بخير إذا ترحلون'، و'لو كان البرلماني بلا مرتب ما رشحتم وهنا نقترح بابعاد كل النواب السابقين من المرشحين لعدم كفائتهم ونقضهم لوعودهم السابقة ولهاثهم وراء مصالحهم الشخصية والصفقات والقوميسيونات او أولئك الطائفيين المحرضين على الفتنة لأنهم لايستحقون العودة تحت قبة البرلمان من جديد. لو من عرفوا بسرقتهم للمال العام وخرجوا بالعفو من أمثال الحمد الجبوري ابو مازن واشباهه، أو حتى من تضخمت ثرواتهم بشكل فاحش بدل منهم حصانة للمزيد من السرقات او منهم منصب سيادي في الدولة العراقية.