
تفاصيل التقرير الفرنسي عن تغلغل الإخوان في المجتمع ومؤسسات الدولة.. أخطبوط الجماعة يحكم قبضته بفضل شبكة تضم نحو ثلاثين جمعية على الصعيد الوطني
كانت قضية تغلغل الإخوان المسلمين مثار اهتمام فرنسى وأوروبى واسع النطاق عقب رفع السرية عن
وعقد المجلس الأعلى للدفاع الوطنى اجتماعاً، برئاسة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون يوم الأربعاء الماضى، فى قصر الإليزيه، وانتهى إلى اتخاذ بعض القرارات، مع عقد اجتماع آخر أوائل يونيو المقبل لبحث إجراءات الوزارات المعنية فى مواجهة ما جاء فى هذا التقرير الذى يضم أكثر من ٧٣ صفحة فى وثيقة ترسم صورة صارخة لبلد مهدد من الداخل. ومن المنتظر أن يتم الإعلان عن عدة إجراءات مع بقاء بعض القرارات فى إطار سرى.
الغرغرينا الإخوانية تنتشر فى جميع أنحاء البلاد وتبدو أكثر كثافة فى 4 مناطق على مستوى الدولة
أعد
وخلص معدا التقرير إلى وجود "خطر الإخوان المسلمين"، مؤكدين على اختراق الإسلام المتطرف فى "حوالى عشرين دائرة خاصة فى مواجهة الافتقار المستمر إلى البنية فى تنظيم العقيدة الإسلامية"؛ وأوضحا أن "الإخوان المسلمين" تتبنى أساليب عمل مختلفة منها: "إعادة الأسلمة"، أو الانفصالية، أو "التخريب فى بعض الأحيان" بهدف زعزعة استقرار الجمهورية.
١٣٩ مكان عبادة
وتتضمن الوثيقة، التى تتألف من ٧٣ صفحة، والتى وثقتها أجهزة الاستخبارات، صورة لبلد تقوضه من الداخل جماعة الإخوان المسلمين التى بنت "شبكة كبيرة من المستوطنات". ويكشف التقرير أن "إجمالى ١٣٩ مكان عبادة، تابعة لمنظمة مسلمى فرنسا"، و"مسجلة على التراب الوطني، تقدم على أنها "المصدر الرئيسى للإخوان فى فرنسا" رغم نفيهم لذلك، يضاف إليها ٦٨ مكانا تعتبر قريبة من الإخوان، "موزعة على ٥٥ مقاطعة". يمثل هذا ٧٪ من ٢٨٠٠ مكان عبادة إسلامى مسجل على التراب الوطنى و١٠٪ من تلك التى تم افتتاحها بين عامى ٢٠١٠ و٢٠٢٠ (٤٥ من أصل ٤٤٧)"، حسبما يقول المؤلفان، ويقدران أن "إجمالى الحضور فى المساجد التابعة أو القريبة من الحركة يبلغ فى المتوسط ٩١ ألف مصلٍ يوم الجمعة". وعلى الرغم من أن "اتحاد المسلمين فى فرنسا يزعم حالياً أنه مرتبط بـ٥٣ جمعية فقط"، فإن الوثيقة، التى تم رفع السرية عنها قبل إصدارها، تنص على أن "المعلومات التى تم جمعها تشير مع ذلك إلى ٢٨٠ جمعية مرتبطة بالحركة، تعمل فى العديد من القطاعات المحيطة بحياة المسلمين (الدينية ولكن أيضاً الخيرية والتعليمية والمهنية والشبابية وحتى المالية)". يُقدّر عدد "الدائرة الداخلية" للحركة، أى "النواة الصلبة" "المُرجّح تنصيبها" لقيادة هذا التنظيم السري، بحسب "مراقبين مُتمعّنين للحركة"، بـ"٤٠٠ شخص، ولن يتجاوزوا، فى أى حال، ألف شخص كحد أقصى". ويقدّر محللون أن "ضعف تنظيم التجمع السنوى فى لو بورجيه، الذى جمع فى العقد الأول من القرن الحادى والعشرين أكثر من ١٠٠ ألف مسلم من جميع المذاهب، قد أثقل كاهل الموارد المالية". وبفضل صناديق الأوقاف التى "لجأت إليها الحركة بكثافة فى نهاية العقد الأول من القرن الحادى والعشرين"، بالإضافة إلى صندوق التنمية الاجتماعية، "استفادت مشاريع مسلمى فرنسا حتى عام ٢٠١٩ من تمويل أجنبى من قطر" حسبما يشير التقرير الذى يسرد مواقع ستراسبورج، ومولوز، وفيلنوف داسك، وشيلتيجهايم، وليل، ومرسيليا، ومساجد سين سان دوني. ويُقال أيضًا إن أموالًا من المملكة العربية السعودية استُخدمت لدعم مبنى فى مولوز والمعهد الأوروبى للعلوم الإنسانية المتخصص فى تعليم اللغة العربية وتعلم القرآن الكريم.
التعليم أولوية
ويبدو أن قطاع التعليم يمثل أولوية الفرع الفرنسى لجماعة الإخوان المسلمين، إلى درجة تميزه عن نظرائه الأوروبيين، كما يشير التقرير، الذى يكشف أنه فى سبتمبر ٢٠٢٣، "تم تحديد ٢١ مؤسسة مرتبطة بحركة الإخوان (١٨ منها مباشرة وثلاث تعتبر قريبة) والتى تستقبل ما مجموعه ٤٢٠٠ طالب للعام الحالي". ويضيف التقرير، الذى يقدم على وجه الخصوص تحديثا عن الوضع فى ثانوية ابن رشد فى ليل، التى طلب محافظها إنهاء عقد الشراكة مع الدولة، أن "خمس مؤسسات إسلامية فقط لديها عقد شراكة مع الدولة، ثلاثة منها تابعة للاتحاد الوطنى للتعليم الإسلامى الخاص" ووصفت بأنها "المؤسسة الرائدة للتعليم الإسلامى فى فرنسا"، وكانت الأخيرة موضوع تدقيق أجرته غرفة التدقيق الإقليمية والتى "كشفت عن تلقى تمويل غير مشروع فى شكل قروض مع التنازل عن الديون من المساجد المجاورة ومن قبل المركز الإسلامى فى فيلنوف داسك، والذى تم تمويله من قبل الكويت وقطر"، كما كشفت عن وجود أعمال "تتعارض محتواها مع القيم الجمهورية"، وخاصة الأعمال التى وقعها الإمام إيكويوسين، من جماعة الإخوان المسلمين، المطرود إلى المغرب وتفوق القوانين الإلهية على جميع القوانين الأخرى".
وحذر التقرير من أن المعلومات التى تم جمعها عن ثانوية الكندى الواقعة فى ديسين بالقرب من ليون، قد تدفع المحافظة إلى تحريك "إجراءات ضدها"، مشيرا إلى أن هذه المؤسسة "النخبوية"، التى "تدرس لـ٦٠٨ تلاميذ"، "تشكل، إلى جانب مسجد فيلوربان، أحد الأسس الرئيسية لحركة الإخوان المسلمين فى منطقة الرون". "إن استثمار الإخوان فى قطاع التعليم يأتى فى سياق تزايد مستمر فى الهجمات على المناهج المسجلة فى المدارس، والتى تغذيها أنشطة الدعاة عبر الإنترنت"، حسبما تؤكد الوثيقة.
البيانات التى كشف عنها التقرير صادمة، مثل "تحديد ٨١٥ مدرسة قرآنية فى بداية عام ٢٠١٤ فى جميع أنحاء البلاد (باستثناء الأقاليم الخارجية وباريس)، والتى تستقبل ما مجموعه ٦٦٠٥٠ طالباً قاصراً". أكثر من ثلثهم "ينتمون إلى حركة أصولية إسلامية، بما فى ذلك ١١٤ ممن ينتمون إلى حركة الإخوان المسلمين".
"الوعظ ٢.٠"
على وسائل التواصل الاجتماعي، تسود "ديناميكية الوعظ ٢.٠"، مع "المؤثرين" الذين "غالبًا ما يكونون البوابة الأولى للترويج للإسلام السياسى والتشدد، وأصبحوا حلقة الوصل بين الأيديولوجيات الإسلامية والشباب الأوروبيين الناطقين بالفرنسية". تدق الوثيقة ناقوس الخطر بشأن "نشاط جيل جديد من الدعاة، الذين غالبًا ما يتدرّبون على يد القادة الدينيين الأوائل للحركة، والذين يخضعون لتهجين مع السلفية"، مما "يُشكّل عاملًا رئيسيًا فى انتشار الإسلاموية عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث يلتقون بجمهور واسع". من بين "نحو عشرين مؤثرًا على هذه المنصات"، يستشهد التقرير بـ"ناشط إسلامى يُشير غالبًا فى معظم أحاديثه إلى طارق رمضان". ووفقًا لمصدر مُطّلع، فإن المشتبه به هو مروان محمد، المدير السابق للتجمع ضد الإسلاموفوبيا فى فرنسا، والمقيم حاليًا فى كندا. فى هدوء، يُحكم أخطبوط الإخوان المسلمين قبضته بفضل شبكة تضم حوالى "ثلاثين جمعية خيرية إسلامية مُحدّدة على الصعيد الوطني، بما فى ذلك ١٦ جمعية يديرها السلفيون وأربعة كانوا جزءًا من حركة الإخوان المسلمين".
فى بحثها الدائم عن "الشرعية والاحترام"، تتقدم جماعة الإخوان المسلمين متخفية لخلق أنظمة بيئية حقيقية. ومنذ ثمانينيات القرن العشرين، سعت الحركة إلى الانضمام إلى الإطار القانونى لاتحاد المنظمات الإسلامية فى فرنسا (UOIF) السابق، الذى يقول التقرير إنه "لا يعلن إلا عن جزء من أنشطته والجمعيات التابعة له من أجل الحد من مراقبة السلطات الفرنسية للمدى الدقيق للحركة". ويصف واضعا الوثيقة: "يتم إنشاء منظمة مزدوجة، حيث يتم مضاعفة الهيكل الرسمى من خلال مجلس قيادة إسلامي، معروف فقط للأعضاء وهو المسؤول عن وضع استراتيجية المنظمة".
وبينما تجنب الخطاب العام لاتحاد المنظمات الإسلامية الفرنسية، ثم اتحاد مسلمى فرنسا، إشعال فتيل "الإسلاموفوبيا الرسمية"، تاركاً هذا المجال للجماعة السابقة لمناهضة الإسلاموفوبيا فى فرنسا، يُصرّ التقرير على دعوات "للمشاركة فى المجتمع والحياة العامة لتأكيد الهوية الإسلامية". وتعمل الحركة على تحسين صورتها تدريجياً لإرضاء السلطات، وخاصة وزارة الداخلية، إلى درجة دمج المجلس الفرنسى للديانة الإسلامية (CFCM).
تأطير حياة المسلم
ويشير التقرير إلى أنه "منذ تسعينيات القرن العشرين، تم السيطرة على النظم المحلية، التى تسمح "بمراقبة حياة المسلم من الولادة إلى الموت"، على المستوى الإقليمى بفضل تتابعات الجهات الفاعلة (الجمعيات، المؤثرين، وأحيانا المسؤولين المنتخبين) المرتبطة أحيانًا بالحركة ولكنها تعمل بشكل متزايد فى هجين مع السلفية. "تتشكل هذه النظم البيئية حول مسجد يقدم عادة دورات تعليمية قرآنية"، وتشمل "أعمالًا مجتمعية أو أنشطة رياضية منفصلة عن المسجد، مع استثمارات فى مجال التعليم الخاص". كما أن "السفر، والتطوير الشخصي، والمساعدة فى التوظيف، ومواقع المواعدة هى من بين مجموعة الأنشطة التى تم تطويرها"، كما يصف التقرير، الذى يحدد أن خريطة هذه الأنظمة البيئية تتداخل مع خريطة التجمعات الإسلامية. ويتجذرون فى الأحياء ذات الأغلبية المسلمة، والتى تعانى من الفقر عمومًا، والتى غالبًا ما تكون مجالًا ذا أولوية لتدخل السياسات الحضرية، فالإخوان يستجيبون لاحتياجات السكان، كما يؤكد التقرير، الذى يستطرد قائلًا: "يتفاعل هؤلاء القادة المسلمون، وهم فى الغالب ناشطون مخضرمون، مع البلدية، غالبًا فى إطار علاقة تبادلية، لتعزيز مواقعهم. تُفرض الأعراف الاجتماعية (الحجاب، اللحية، الملابس) هنا وهناك، مع ترسيخ النظام البيئي. وبينما يبدو أن الغرغرينا تنتشر فى جميع أنحاء البلاد، "يبدو أنها أكثر كثافة فى منطقة رون ألب، وفى الشمال، وجراند إيست، وإيل دو فرانس، وبوش دو رون ".
إن هذا "الشكل من أشكال العمل الإقليمي، الذى تم التعبير عنه، يتم تكراره اليوم من قبل جمعيات أخرى، مستقلة أو تنتمى إلى حساسيات أخرى، ومهجنة على المستوى الأيديولوجي، وخاصة للاستجابة للسعى إلى تأصيل الهوية بين الشباب المسلمين". ويشير المحللان إلى أن دعاة إعادة أسلمة المجتمع "يستعيرون من النضال الاحتجاجى لحركة الإخوان المسلمين ومن السلفية، وحتى من المالكية التقليدية، لتعبئة أتباعهم".
وفى منطقة ليون، تم تحديد ما لا يقل عن "نحو خمسين جمعية إسلامية تظهر بشكل عام تحيزًا لجماعة الإخوان المسلمين"، حسبما يكشف التقرير، الذى يوضح أن "مسجدين كبيرين"، بما فى ذلك مسجد فيلوربان وفقًا لمعلوماتنا، ومؤسسة مدرسية تلعب "دورًا هيكليًا". إن الشخصيات الدينية الحاضرة فى كل مكان لها تأثير فى جميع الاتجاهات "فى مجالات العمل الخيرى والإنساني، والتعليم الديني، والأسرة، والزواج، والتكامل المهني، وريادة الأعمال الإسلامية، وحماية المستهلك، والخدمات الشخصية، والتعليم للكبار" وبالطبع "مكافحة الإسلاموفوبيا". وتؤدى هذه السيطرة الشاملة إلى "تشديد الممارسة الدينية مع ارتفاع كبير فى عدد الفتيات الصغيرات اللاتى يرتدين العباءة وزيادة هائلة وواضحة فى عدد الفتيات الصغيرات اللاتى يرتدين الحجاب". وبدعم من "قوة وهابية سلفية قوية"، أصبحت "ظاهرة الحجاب" هذه تشمل الآن الأطفال "الذين تتراوح أعمارهم أحياناً بين ٥ و٦ سنوات" أو "أشبال الأسود" الإسلامية المتطرفة التى تنذر بالأسوأ بالنسبة للجمهورية المهددة.
هجوم لمدة ٧٠ عامًا
ويذكّر التقرير: أن هجوم الإخوان المسلمين فى فرنسا وأوروبا بدأ منذ نحو ٧٠ عاماً. "بسبب الحركات المهاجرة والقمع ضدهم فى العالم الإسلامى منذ الخمسينيات فصاعداً، استقر أول أعضاء جماعة الإخوان المسلمين من الشرق الأوسط فى بريطانيا العظمى وألمانيا وسويسرا ثم تم إنشاء فروع فى بلجيكا وفرنسا وإيطاليا". وفى فرنسا، وفى الخمسينيات من القرن العشرين أيضاً، نشأ "وعى دينى بين العمال المسلمين المهاجرين، ولا سيما حول شخصية الباحث الهندى واللاجئ السياسى محمد حميد الله، الذى كان يلقى خطبه فى باريس، فى مسجد الدعوة بشارع طنجة". وكان حميد الله وراء إنشاء جمعية الطلاب الإسلاميين فى فرنسا (AEIF) فى عام ١٩٦٣. وفى الوقت نفسه، اضطر صهر حسن البنا (مؤسس الإخوان المسلمين فى مصر عام ١٩٢٨)، سعيد رمضان، إلى مغادرة وطنه مصر والتوجه إلى سويسرا. وفى عام ١٩٦١ أسس المركز الإسلامى فى جنيف، "الذى تم إنشاؤه بدعم من المملكة العربية السعودية والذى أصبح سريعاً أقرب إلى الاتحاد الإسلامى الفرنسى الناشئ، والذى تطورت معه الروابط بينهما".
وفى فرنسا، فى سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، لاحظنا "هيكلة الحركة بمساهمة التيارات الإخوانية السورية والمصرية". وفى أوائل ثمانينيات القرن العشرين، تمكن طالبان متخصصان فى الدراسات الدينية من توحيدهما. فيصل المولوي، من الجنسية اللبنانية، والتونسى أحمد جاب الله، يعتبران "مبعوثين مباشرين للإخوان المسلمين ويعتبران من أهم المثقفين العضويين فى الحركة الفرنسية التى تأسست منذ عام ١٩٨٣ ضمن اتحاد المنظمات الإسلامية فى فرنسا.
ويمكن تفسير هذا التقدم الملحوظ بحقيقة مفادها أن "جماعة الإخوان المسلمين صممت منذ البداية مصفوفة الإسلام السياسى المعدلة لكى يتم إنشاؤها فى الغرب".. "منذ البداية" كما يوضح التقرير، "لقد تصور الإخوان المسلمون الإسلام باعتباره نظاماً متكاملاً يحكم جميع مجالات الحياة الإسلامية، بما يتجاوز المجال الدينى المحض". بالنسبة لحسن البنا، مؤسس الإخوان المسلمين عام ١٩٢٨ فى مصر التى كانت خاضعة لسيطرة الإنجليز، فإن "الإسلام هو الحل للغزو العسكرى والسياسى والعرقى والاجتماعى من الغرب". ويرتكز مشروعه على "هدفين: إنشاء الدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامية". وهو يطرح نظرية "استراتيجية الغزو الغربي": "سوف نطارد هذه القوة الشريرة حتى أراضيها، ونغزو قلبها الغربي، ونقاتل من أجل هزيمتها حتى يصرخ العالم أجمع باسم النبي".
بالنسبة للمقررين، فإن "مصفوفة الإسلاموية التى يفرضها الإخوان المسلمون، والتى تنبع من أيديولوجية سياسية تم تغريبها ليتم زرعها فى أوروبا، تجمع بين جعل التقاليد الشرق أوسطية ضمن ثقافة بلدان الزرع مع الإخفاء التكتيكى للأصولية التخريبية".
إن استراتيجية تأسيس جماعة الإخوان المسلمين تعتمد فى نهاية المطاف على الإخفاء، والسعى إلى الشرعية، وإدانة الإسلاموفوبيا. وتعتمد هذه الجماعة، التى ينضم إليها الأعضاء بعد اتباع "عملية من عشر خطوات"، على مبدأ السرية، كما يكشف التقرير، وتعتمد على "تنظيم مزدوج، مسؤول واحد يحترم الإطار القانونى والآخر سري، حول مجلس من القيادات يلتزم بتعليمات الجماعة". وفى موضوع المعايير المزدوجة، ينقل التقرير عن شكيب بن مخلوف، الرئيس السابق لاتحاد المنظمات الإسلامية فى أوروبا، الذى أصبح الآن مجلس المسلمين الأوروبيين، اعترافه بأن الإطار القانونى الأوروبى يسمح "بتقديم نموذج المسلم المحترم الذى يعتبر نموذجا جيدا لنشر الإسلام بطريقة إيجابية دون لفت الانتباه إلى حقيقة أننا نعمل على أسلمة الغرب ".
ويرى التقرير أيضا أن "جماعة الإخوان المسلمين، التى تفقد نفوذها فى العالم العربى الإسلامي، تركز نشاطها فى أوروبا". وتُقدَّم تركيا فى عهد أردوغان باعتبارها "استثناءً" و"مركز الإخوان المسلمين فى الشرق الأوسط " ويُقال: "على نطاق الشرق الأوسط، شكلت تركيا مع قطر محور دعم قوى لجماعة الإخوان المسلمين، التى تعارض المحور الذى شكلته الإمارات العربية المتحدة". وتقدم تركيا أيضًا "الدعم اللوجستى والمالى الأساسى للفرع الأوروبى للإخوان المسلمين".
أنشطة الأخوة تعتمد بشكل كبير على أوروبا. أولاً، من خلال "شبكة منظمة من المنظمات، وخاصة تلك التى تعمل على الضغط على المؤسسات المجتمعية" مع "حجر الأساس": مجلس المسلمين الأوروبيين ثم تأتى "المنظمات الناشطة، التابعة للمجلس الأوروبى للفتوى والبحوث (مع ثلاثة مسؤولين من مسلمى فرنسا)، ومنتدى منظمات الشباب الإسلامى الأوروبى والمعاهد الأوروبية للعلوم الإنسانية (التعليم العالى الخاص)، وأوروبا تراست (الذراع المالي)، وهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية (الإنسانية)، والمجلس الأوروبى للأئمة، ناهيك عن "بناء شبكة نسائية"
وتسمح هذه القاعدة التشاركية "بإستراتيجية دخول المؤسسات الأوروبية" إلى الخدمة، كما يلاحظ المقرران، من خلال "رؤية فريدة للحرية الدينية تتكون من إدانة الإسلاموفوبيا"، والمطالبة بتجريم التجديف، أو حتى نشر الحلال".. وهذه المؤسسات الأوروبية نفسها "هى أيضًا مصدر رئيسى لتمويل الحركة". لكن فى باريس، وفيما يتعلق بالتمويل الأوروبى وبرنامج إيراسموس+، سجلت وزارة التعليم العالى "زيادة فى التنبيهات خلال العامين الماضيين مرتبطة بتمويل مشاريع تتعارض مع القيم الجمهورية وترتبط بالإسلام المتطرف".
التوجه إلى البلقان
وتعتبر المملكة المتحدة، بحسب التقرير، "مركزاً متقدماً للحركة الشرق أوسطية" فى القارة. وأخيرا، يعتقد المحللون أنه بعد مرور نحو ثلاثين عاما على الحرب فى يوغوسلافيا السابقة، فإن منطقة البلقان تشكل "الاحتمال الرئيسى لتطور الحركة فى أوروبا" مع مشروع انتهازى للغاية للاستفادة من تقارب المنطقة مع الاتحاد الأوروبي. فى عام ٢٠٢٢، تم إنشاء المجلس الأوروبى للقرآن الكريم فى سراييفو قبل أن ينتقل إلى ميلانو. ويشير التقرير إلى أن "خطر توسيع نطاق تمويل إيراسموس ليشمل المؤسسات القرآنية الواقعة فى البلقان فى البلدان المرشحة للانضمام يشكل خطراً على الاتحاد الأوروبى وفرصة حددتها الحركة بوضوح".
وفى مسعى لاستعادة السيطرة، تريد الدولة الفرنسية إثارة "الوعى بتأثيرات الإسلام السياسى فى فرنسا". وفى مواجهة الاختراق الذى حققته حركة الإخوان المسلمين، فإن "تصرفات السلطات العامة لا تزال تواجه فهماً غير كاف للظاهرة"، بحسب التقرير. ولتفسير هذه "النقطة العمياء" القاتلة، يشير معدا التقرير إلى "الطبيعة الزمنية" للتهديد "الأقل إلحاحاً من التهديد الذى يفرضه خطر الإرهاب". يضاف إلى ذلك "سياسة التقية" التى تتبعها الجماعة، التى تزدهر بهدوء على "المستوى المحلى وليس الوطني". وعلى الرغم من "التقدم" الملحوظ بعد قانون ٢٤ أغسطس ٢٠٢١ بشأن الانفصالية ، فإن معدى التقرير يصدران حكماً لا لبس فيه: "لا تبدو التأثيرات المتوقعة كافية" بسبب "الصعوبة فى فصل الأهداف التخريبية عن التبشير العادي" ولكن أيضاً "عدم إعطاء الأولوية لهذا الهدف من قبل أجهزة الاستخبارات والمحافظات".
وفى إثارة للقلق، ينتقد التقرير "الفعالية المحدودة أحيانا لأدوات القانون العام المستخدمة فى مسائل العرقلة، إلى جانب الحذر الذى تبديه بعض الإدارات، والتى يستوعب بعضها خطر ردود الفعل الشبيهة بردود أفعال الضحايا فى وسائل الإعلام حول موضوع الإسلاموفوبيا". وفى جوهر الأمر، فإن سياسة النعامة هى سياسة مطبقة على أرض الواقع.
ويوصى التقرير بالتوعية ويقترح أن تقدم أجهزة الاستخبارات تقريراً "إلى البرلمان كل عامين حول حالة التهديدات التى تواجه الأمن الوطني". ويتابع معدا التقرير: "إن الإسلاميين يقترحون رواية عظيمة، وفى مواجهتها لا تكفى قيم الجمهورية". وسيتطلب الأمر "دعم السكان ككل، ودعم الفرنسيين ذوى الديانة أو الثقافة الإسلامية على وجه الخصوص".
لمطالعة التقرير الفرنسي حول جماعة الإخوان ..

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العين الإخبارية
منذ 16 ساعات
- العين الإخبارية
ماكرون و«استراتيجية المحيطين».. طريق ثالث» بين أمريكا والصين
إيمانويل ماكرون في سنغافورة بآخر محطات جولته في جنوب شرق آسيا، في محطات تندرج ضمن ستراتيجيته لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ. واليوم الخميس، وصل الرئيس الفرنسي إلى سنغافورة في المحطة الأخيرة من جولته بجنوب شرق آسيا التي قادته أيضا إلى فيتنام وإندونيسيا، بحسب ما أعلن قصر الإليزيه. ومن المقرر أن يلتقي الرئيس الفرنسي نظيره السنغافوري ثارمان شانموغاراتنام ورئيس الوزراء لورانس وونغ، ويلقي مساء غد الجمعة الكلمة الافتتاحية في حوار شانغريلا، أكبر منتدى للأمن والدفاع في آسيا. وهذه المرة الأولى يدعى زعيم أوروبي لإلقاء الخطاب الافتتاحي في المنتدى الذي استضاف العام الماضي خصوصا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. استراتيجية وعبر استراتيجيته لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، يريد ماكرون أن يقترح طريقا ثالثا بين واشنطن وبكين. كما يعتزم التأكيد على أن "الحرب التي تشنها روسيا في أوكرانيا هي نزاع له تداعيات عالمية"، بما في ذلك في آسيا، حيث تدعم موسكو وفقا له "برامج كوريا الشمالية البالستية والنووية". aXA6IDgyLjI2LjIzMC4xNTcg جزيرة ام اند امز LV


العين الإخبارية
منذ 2 أيام
- العين الإخبارية
خطوة غير مسبوقة.. أيرلندا تعتزم حظر منتجات المستوطنات الإسرائيلية
في خطوة غير مسبوقة أوروبيا أقرت حكومة أيرلندا مشروع قانون لحظر استيراد منتجات المستوطنات الإسرائيلية. وتُعتبر المستوطنات الإسرائيلية جميعها كيانات غير قانونية في نظر المجتمع الدولي، لكنها المرة الأولى التي تتحرك فيها دولة عضو في الاتحاد الأوروبي لاتخاذ موقف تجاهها. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأيرلندية لوكالة فرانس برس إنّ "الحكومة وافقت على المضيّ قدما في تشريع يحظر تجارة السلع مع المستوطنات غير الشرعية في الأراضي الفلسطينية المحتلّة... والحكومة تعتبر هذا التزاما بموجب القانون الدولي". ويتعيّن على البرلمان الأيرلندي التصويت على هذا الحظر الذي يشكل خطوة رمزية إذ لن يكون له تأثير اقتصادي يذكر. ويشمل القرار سلعا مثل الفاكهة والخضار والأخشاب، ولن يشمل مجال الخدمات، مثل السياحة أو تكنولوجيا المعلومات. وفي الفترة ما بين 2020 و2024، بلغ حجم التجارة بين أيرلندا والأراضي التي تحتلها إسرائيل أقلّ من مليون يورو. وقال وزير الخارجية الأيرلندي سايمون هاريس للصحفيين الثلاثاء "آمل أنه عندما تتخذ هذه الدولة الأوروبية الصغيرة هذا القرار وتصبح... بالتأكيد أول دولة غربية تضع تشريعات على هذا النحو، فإن ذلك سيلهم دولا أوروبية أخرى للانضمام إلينا". وستدرس لجنة برلمانية خطة الحكومة الأيرلندية في يونيو/ حزيران المقبل، وسيصوت النواب على النسخة النهائية في الخريف. وتستند أيرلندا في هذا القرار إلى رأي استشاري أصدرته محكمة العدل الدولية في يوليو/ تموز 2024. ويعيش نحو 500 ألف إسرائيلي في مستوطنات تعتبرها الأمم المتحدة غير قانونية بين ثلاثة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967. وفي مايو/ أيار 2024، أعلنت أيرلندا وإسبانيا والنروج الاعتراف بالدولة الفلسطينية وانضمت إليها سلوفينيا بعد شهر، ما دفع إسرائيل إلى اتخاذ إجراءات انتقامية. والشهر الماضي، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن باريس تنظر في إمكانية الاعتراف بالدولة الفلسطينية في مطلع يونيو/ حزيران. ويأتي قرار الحكومة الأيرلندية بعد أسبوع من قرار الاتحاد الأوروبي مراجعة اتفاقية الشراكة الموقعة بينه وبين إسرائيل في 1995 والتي تشكل إطارا للعلاقات، وخصوصا التجارية بين الطرفين. وقال كونور أونيل المسؤول في منظمة "كريستشن إيد أيرلند"، لوكالة فرانس برس، إن هذا القانون الإيرلندي سيكون أول "إجراء تجاري هادف" على الإطلاق داخل الاتحاد الأوروبي و"خطوة مرحب بها". aXA6IDgyLjIxLjI0MS4xNjIg جزيرة ام اند امز SI


العين الإخبارية
منذ 3 أيام
- العين الإخبارية
من التأييد إلى العقوبات.. الفرنسيون يعيدون رسم الموقف من إسرائيل
تحول في الرأي العام الفرنسي، كشف عنه استطلاع جديد أكد على الدعم الواسع لسياسات أكثر صرامة تجاه إسرائيل، مع استمرار هجومها على غزة. وبينما يلوّح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بإمكانية فرض عقوبات على إسرائيل وربما الاعتراف بالدولة الفلسطينية، تشير المؤشرات إلى أن غالبية الفرنسيين باتوا يشاركونه هذا التوجه، في مشهد قد يعيد رسم ملامح السياسة الخارجية الفرنسية في الشرق الأوسط. وأظهر أحدث استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "أودوكسا" أن 74% من المشاركين يؤيدون فرض عقوبات على إسرائيل إذا استمرت في عمليتها العسكرية ضد قطاع غزة. كما أبدى 63% من المستطلعة آراؤهم تأييدهم لاعتراف فرنسا بدولة فلسطين. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد وصف، خلال مقابلة مطوّلة أجراها مع قناة TF1 بتاريخ 13 مايو/أيار، تصرفات حكومة بنيامين نتنياهو في غزة بأنها "غير مقبولة"، ملمّحًا إلى إمكانية فرض عقوبات على إسرائيل في حال استمرت في تقييد دخول المساعدات الإنسانية، أو إذا مضت قدمًا في خطتها للسيطرة الكاملة على القطاع. وفي 19 مايو/أيار، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي عزمه "السيطرة على كامل قطاع غزة"، وهو ما دفع كلًّا من فرنسا وبريطانيا وكندا إلى إصدار بيان مشترك، طالبوا فيه إسرائيل بـ"وقف عملياتها العسكرية فورًا والسماح بدخول المساعدات الإنسانية دون تأخير". ويُظهر استطلاع أودوكسا السياسي، الذي أُجري لصالح قناة Public Sénat المتخصصة في الشؤون البرلمانية، إلى جانب عدد من الصحف الإقليمية، أن التوجه نحو فرض عقوبات يحظى بدعم شعبي واسع. فقد أعرب 74% من الفرنسيين عن تأييدهم لتلك الإجراءات. وتُظهر الأرقام أن هذا الدعم يبلغ 95% لدى أنصار حزب "فرنسا الأبيّة" والحزب الاشتراكي، و82% لدى أنصار حزب الخضر وحزب النهضة الحاكم. أما على اليمين، فقد انخفض التأييد إلى 65% بين أنصار حزب الجمهوريين، و59% لدى مؤيدي حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف. 63% من الفرنسيين يؤيدون الاعتراف بدولة فلسطين وعند التعمّق في تفاصيل الاستطلاع، يتضح أن 75٪ من المشاركين يدعمون وقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، بينما يطالب 62% بتعليق اتفاق الشراكة التجارية بين الاتحاد الأوروبي وتل أبيب. كما يرى 58٪ أن فرض حظر على المنتجات الإسرائيلية يُعدّ خيارًا فعّالًا. أما الإجراءات الرمزية، مثل استبعاد إسرائيل من المسابقات الرياضية أو الفنية الدولية، كمسابقة "يوروفيجن"، فحظيت بتأييد أقل، لم يتجاوز 4%. وتشير مصادر قريبة من قصر الإليزيه إلى احتمال إعلان ماكرون عن اعتراف فرنسا بدولة فلسطين خلال زيارته المرتقبة إلى نيويورك في يونيو المقبل، وهي خطوة يحظى بها بدعم 63٪ من الفرنسيين، خاصةً من التيارات اليسارية. أما بين صفوف اليمين واليمين المتطرف، فيتراجع التأييد إلى 41% فقط لدى أنصار التجمع الوطني. شعبية ماكرون ترتفع مجددًا يبدو أن مواقف الرئيس الفرنسي إزاء النزاع في غزة بدأت تؤتي ثمارها سياسيًا؛ فقد أظهر الاستطلاع أن شعبيته ارتفعت بـ3 نقاط، لتصل إلى 29٪ من الآراء المؤيدة، وهو أعلى مستوى لها منذ قرار حل الجمعية الوطنية في يونيو/حزيران 2024. أُجري الاستطلاع في 21 و22 مايو 2025 عبر الإنترنت، وشمل عينة ممثلة من 1005 فرنسيين بالغين. وقد رُوعيت في التمثيل معايير الجنس والعمر والمهنة، إلى جانب التوزيع الجغرافي. مع الإشارة إلى أن أي استطلاع للرأي يتضمن هامش خطأ، يقدّر هنا بـ**±2.5 نقطة**، ما يعني أن النتائج قد تتفاوت قليلاً في كلا الاتجاهين. aXA6IDgyLjI5LjIyMC4zMyA= جزيرة ام اند امز LV