
وداعاً لـ قطر: رحلة دبلوماسية وشراكة وتقدّم
78
السفير تيمي ديفيس
A+ A-
بينما أستعد لتوديع قطر، أتأمل بكل فخر وامتنان في الرحلة الاستثنائية التي ميزت فترة عملي كسفير للولايات المتحدة لدى هذا البلد النابض بالحياة والطموح. لقد كانت السنوات الماضية شهادة على قوة ومتانة العلاقة الأمريكية–القطرية، القائمة على الاحترام المتبادل، والقيم المشتركة، والالتزام بالتقدّم الذي يتجاوز الحدود.
منذ البداية، كانت مهمتي واضحة: تعزيز الروابط القوية بين بلدينا من خلال الدبلوماسية، والتبادل الثقافي، والتعاون الاستراتيجي. وقد بلغت هذه الجهود ذروتها بزيارة الرئيس دونالد ترامب الأخيرة إلى الدوحة. كان الترحيب الحار من صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أكثر من مجرد لفتة دبلوماسية، بل كان تأكيدًا على صداقتنا الراسخة وخطوة متقدمة نحو شراكة متطورة.
* سلّطت هذه الزيارة الضوء على أولوياتنا المشتركة في الاستقرار الإقليمي، والنمو الاقتصادي، والتعاون العالمي. ومن أبرز نتائجها، توقيع سلسلة من الاتفاقيات التاريخية بين الولايات المتحدة وقطر، تجاوزت قيمتها 243 مليار دولار— وهو دليل واضح على عمق تقاربنا الاقتصادي والاستراتيجي.
وكان من أبرز ملامح هذا التقدّم الاقتصادي، صفقة شراء الخطوط الجوية القطرية لأسطول من الطائرات كبيرة الحجم من شركة بوينغ الأمريكية ومحركات من GE Aerospace—وهي أكبر صفقة في تاريخ الشركة. يعكس هذا الاستثمار ثقة قطر في التصنيع والتكنولوجيا الأمريكية، ويبرز طموحنا المشترك لتعزيز العلاقات التجارية إلى آفاق جديدة.
* وإلى جانب قطاع الطيران، كان التعاون في مجال الطاقة ركيزة أساسية لعلاقتنا. فمع امتلاك قطر ثالث أكبر احتياطي للغاز الطبيعي في العالم، فإن لها دورًا محوريًا في تعزيز أمن الطاقة العالمي. ومنذ عام 2019، استثمرت شركة قطر للطاقة أكثر من 18 مليار دولار في قطاع الطاقة الأمريكي، بما في ذلك، مشاريع رائدة مثل محطة «غولدن باس» للغاز الطبيعي المسال التابعة لشركة إكسون موبيل ومنشأة «غولدن تراينجل بوليمرز» التابعة لشركة شيفرون فيليبس للكيماويات، وكلتاهما في ولاية تكساس. لا تُعزز هذه الاستثمارات روابطنا في مجال الطاقة فحسب، بل تُسهم أيضًا في مستقبل طاقة أكثر مرونة وتنوعًا واستدامة.
* أما على الصعيد الأمني، فلا تزال العلاقة بين قواتنا المسلحة متينة لا تهتز. في قلب هذا التعاون تقع قاعدة العديد الجوية، وهي أكبر منشأة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، وتشكل محورًا حيويًا للعمليات الإقليمية والعالمية. وتستمر شراكتنا الأمنية الاستراتيجية في النمو من خلال التدريب المشترك وتحديث الدفاع. وخلال زيارة الرئيس ترامب، وقّعت قطر اتفاقيات دفاعية مهمة، منها عقد بقيمة مليار دولار مع شركة رايثيون لتزويدها بأنظمة متقدمة لمكافحة الطائرات المسيّرة، واتفاقية بقيمة ملياري دولار مع شركة جنرال أتوميكس لتوريد أنظمة MQ-9B الجوية بدون طيار. كما تم توقيع بيان نوايا بقيمة 38 مليار دولار لتعزيز قدرات الدفاع الجوي والبحري مستقبلاً.
* ومع ذلك، فإن نطاق العلاقة الأمريكية–القطرية يتجاوز التجارة والدفاع. لقد عملنا بلا كلل من أجل الاستثمار في الجيل القادم من خلال برامج التبادل التعليمي، وتوسيع نطاق الحصول، والانخراط الثقافي. وقد سهّل إدراج قطر في برنامج الإعفاء من التأشيرة الأمريكية السفر للمواطنين القطريين لأغراض العمل، أو الدراسة، أو السياحة. كما أن افتتاح «الركن الأمريكي» الجديد في كلية المجتمع في قطر هو تأكيد على التزامنا المشترك بالتعليم والابتكار، وتزويد الطلاب بالمهارات والمعرفة اللازمة للنجاح في عالم متداخل.
وربما يكون الأهم من ذلك هو التزامنا المشترك بالسلام الإقليمي والقيادة الإنسانية. تواصل قطر لعب دور دبلوماسي محوري في بعض من أكثر الصراعات تعقيدًا في العالم. وتفخر الولايات المتحدة بالوقوف إلى جانب قطر في جهودها لخفض التوترات، ودعم الفئات الأكثر ضعفًا، وتغليب الدبلوماسية على الانقسام.
* الدبلوماسية في جوهرها، مسألة إنسانية. الروابط التي بنيناها مع القادة الحكوميين، ومنظمات المجتمع المدني، ورواد الأعمال، والمواطنين العاديين ستظل قائمة بعد مغادرة أي دبلوماسي. هذه الروابط، التي تُبنى بالتعاون بين المجتمعات، هي الأساس الحقيقي لتحالف دائم.
أنظر إلى المستقبل بثقة في العلاقة الثنائية بين بلدينا. إن رؤية قطر الوطنية 2030 تتماشى إلى حد كبير مع أولويات الولايات المتحدة، ما يوفر فرصًا واسعة للتعاون في مجالات الابتكار، والبنية التحتية، والتنمية البشرية. تُجسّد الشراكة بين الولايات المتحدة وقطر ما يمكن تحقيقه حين تتعاون دولتان برؤية وهدف مشترك. معًا، نخلق فرص عمل، ونعزز الازدهار، وندفع بعجلة السلام قدمًا.
* إلى أصدقائي وشركائي القطريين: شكرًا لكم على كرم ضيافتكم، وثقتكم، وتفانيكم الدائم في هذه الشراكة. أغادر وأنا أحمل إعجابًا عميقًا بإنجازات وطنكم وتفاؤلاً كبيرًا بما يحمله المستقبل.
لقد كان شرفًا عظيمًا لي أن أخدم كسفير للولايات المتحدة لدى دولة قطر. الجسور التي بنيناها—عبر السياسة، والثقافة، والمجتمع—ستبقى قائمة بعد مغادرتي.
** يُقال إن أصعب ما في الدبلوماسية هو البعد عن الوطن. لكن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة لي، إذ أصبحت أمتلك وطنين.
شكرًا جزيلًا، قطر. الرحلة مستمرة.
مساحة إعلانية

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الشرق
منذ ساعة واحدة
- صحيفة الشرق
العطية: الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل قطاع الطاقة
وتناول المشاركون التطبيقات المتقدمة للذكاء الاصطناعي في قطاع الطاقة، مثل الصيانة الدورية، وإدارة شبكات الكهرباء الذكية، وتحليل البيانات الزلزالية، وتحسين العمليات اللوجستية في المصافي. كما سلطوا الضوء على قدرة الذكاء الاصطناعي على دعم جهود تقليل الانبعاثات الكربونية، من خلال تعزيز كفاءة استخدام الطاقة وتعزيز استخدام مصادر الطاقة المتجددة. وكشفت المناقشات عن تسارع غير مسبوق في تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي على المستوى العالمي، حيث يُتوقع إنشاء أكثر من 500 مركز بيانات جديد، تدير كبرى شركات التكنولوجيا مثل أمازون، ومايكروسوفت، وغوغل نحو 60 % من طاقتها التشغيلية. إلا أن هذا النمو تصاحبه تحديات كبيرة، أبرزها الأثر البيئي والعبء المالي، إذ قد تصل تكلفة مركز البيانات الواحد إلى 200 مليار دولار، مع استهلاك طاقة يعادل تسعة مفاعلات نووية بحلول عام 2030، وفجوة تمويلية تُقدر بـ600 مليار دولار. ورغم هذه التحديات، اتفق الحاضرون على أن الذكاء الاصطناعي بات عنصرًا محوريًا في بناء منظومة طاقة ذكية وأكثر استدامة، فضلاً عن كونه محركًا رئيسيًا للابتكار والتنافسية على المستوى العالمي. وفي ختام الجلسة، عبّر سعادة عبدالله بن حمد العطية، رئيس مجلس إدارة مؤسسة العطية، عن اعتزازه بنجاح اللقاء، قائلاً: "لقد بات الذكاء الاصطناعي قوة دافعة لإعادة تشكيل قطاع الطاقة. وقد وفرت الطاولة المستديرة للرؤساء التنفيذيين منصة فريدة لاستكشاف الفرص والتحديات، وبحث كيفية توظيفها لخدمة الاستدامة والابتكار".


صحيفة الشرق
منذ ساعة واحدة
- صحيفة الشرق
الخطوط القطرية استلمت طائرة بوينغ 787-9
استلمت الخطوط الجوية القطرية طائرة واحدة من طراز بوينغ 787-9 في 27 مايو 2025، كما هو مسجل في قاعدة كابا لبيانات الأسطول. هذا وأتمت الخطوط الجوية القطرية أكبر عملية شراء لطائرات عريضة البدن في تاريخها، حيث وقعت اتفاقية مع شركة بوينج لشراء ما يصل إلى 210 طائرات، بما في ذلك 160 طلبية مؤكدة للطائرات وخيارات لشراء 50 طائرة. وتتضمن الصفقة 130 طائرة بوينج 787 دريملاينر و30 طائرة 777-9، وهي أكبر طلبية لطائرات دريملاينر في الولايات المتحدة. في الوقت نفسه، وقّعت شركة الطيران أكبر صفقة استحواذ على محركات طائرات عريضة البدن في تاريخ شركة جنرال إلكتريك للطيران، حيث اشترت أكثر من 400 محرك، بما في ذلك 60 محركًا من طراز GE9X و260 محركًا من طراز GEnx، مع خيارات إضافية وقطع غيار. ستُشغّل هذه المحركات طائرات بوينج 777-9 و787 التي طُلبت حديثًا. وفقًا لشركة الطيران، تتماشى هذه الخطوة مع استراتيجيتها للنمو طويلة الأجل والحاجة إلى أسطول حديث وفعال ذي انبعاثات أقل. صرحت ستيفاني بوب، الرئيسة والمديرة التنفيذية لشركة بوينغ للطائرات التجارية، قائلةً: "يشرفنا للغاية أن تُقدّم الخطوط الجوية القطرية هذه الطلبية القياسية لشركة بوينغ". فهي تُقدّر كفاءة وراحة طرازي 787 و777. وفيما يتعلق بالمحركات، وصف إتش. لورانس كولب الابن، الرئيس التنفيذي لشركة جنرال إلكتريك للطيران، هذه الصفقة بأنها "أكبر صفقة محركات عريضة البدن في تاريخنا"، وأقرّ الشراكة مع شركة الطيران. وقال: "محركاتنا من طرازي GE9X وGEnx تُعدّ من روائع الهندسة الحديثة، بفضل متانة وموثوقية تشغيلها للرحلات الطويلة". تُشغّل القطرية حاليًا أكثر من 150 طائرة بوينغ، بما في ذلك طائرات الشحن من طراز 777 و787 و777. وبهذه الصفقة الجديدة، من المتوقع أن تُصبح الشركة أكبر مُشغّل لطائرات دريملاينر في الشرق الأوسط، وفقًا للشركة. مع هذه الطلبية الجديدة، تضاعف عدد الطائرات المُسلّمة من بوينغ التي تُسلّمها الخطوط الجوية القطرية بمقدار الضعف، مُتجاوزةً 200 طائرة. وفقاً لبيانات حصلت عليها Aviacionline عبر Cirium Fleets Analyzer، لدى القطرية حالياً طلبيات متراكمة تتضمن 60 طائرة بوينج 777-9، و34 طائرة 777-8F، و10 طائرات 787-9. هناك 50 خياراً لطائرة 777-9 و16 خياراً لطائرة 777-8. كما لدى القطرية 50 طائرة A321neo و18 طائرة A350-1000 من إيرباص.


صحيفة الشرق
منذ ساعة واحدة
- صحيفة الشرق
المصرف يصدر صكوكاً بـ 750 مليون دولار
اقتصاد محلي 6 بمعدل ربح 4.803 % وبفترة استحقاق 5 أعوام.. نجح مصرف قطر الإسلامي المصرف، الحاصل على تصنيف A1 من موديز وA من فيتش، الثلاثاء الماضي، في إصدار صكوك بقيمة 750 مليون دولار أمريكي بمعدل ربح 4.803% وبفترة استحقاق 5 سنوات. ويعادل معدل الربح هامش ربح قدره 80 نقطة أساس فوق سعر سندات الخزانة الأمريكية، وهو هامش قريب جداً من القيمة العادلة للمصرف وأقل من المدى السعري في السوق الثانوية لجميع البنوك القطرية مما يعكس ثقة المستثمرين الدوليين بجودة المصرف الائتمانية. علاوة على ذلك فقد كان معدل الربح للمصرف هو الأدنى الذي يُصدِر به بنك خليجي لإصدار صكوك غير مضمونة برأس مال كبير لمدة 5 سنوات في عام 2025. وقد أعلن مصرف قطر الإسلامي المصرف عن نيته إصدار صكوك صباح يوم الاثنين، وأجرى اتصالات هاتفية طوال اليوم مع مستثمرين من أوروبا وآسيا والشرق الأوسط حيث كانت ردود الفعل الأولية من المستثمرين مشجعة، مما أتاح للمصرف فتح سجل الطلبات صباح يوم الثلاثاء. وسرعان ما ارتفع سجل الطلبات ليصل إلى ذروته عند 1.7 مليار دولار أمريكي، وهو ما يمثل معدل تغطية فائض قدره 2.3 مرة، وهو أحد أعلى مستويات الطلب على إصدارات الصكوك. وقد مكّن سجل الطلبات القوي المصرف من ضغط سعر الصكوك بثقة بمقدار 35-40 نقطة أساس من تقديرات السعر الأولي في جلسة واحدة إلى 80 نقطة أساس فوق سعر سندات الخزانة الأمريكية. وكان تنوع المستثمرين واسعاً، إذ شمل البنوك والبنوك الاستثمارية ومديري صناديق والوكالات من جميع أنحاء العالم. وعمل كلٌّ من مصرف أبوظبي الإسلامي، وبنك ABC، وبنك دبي الإسلامي، وبنك دخان، والإمارات دبي الوطني كابيتال، وإتش إس بي سي، وبك كابيتال، والمشرق، وبنك قطر الوطني كابيتال، وكيو إنفست، وإس إم بي سي، وبنك ستاندرد تشارترد، والمؤسسة الإسلامية لتنمية القطاع الخاص، كمديرين رئيسيين وحافظي سِجِل مشتركين. وقد علق السيد باسل جمال، الرئيس التنفيذي لمجموعة مصرف قطر الإسلامي (المصرف)، قائلاً: "يعتز المصرف بنجاحه في إصدار جديد في أسواق رأس المال العالمية، حيث بنى سمعة مرموقة وقاعدة واسعة من المستثمرين من جميع أنحاء العالم. ويؤكد الطلب القوي على صكوك المصرف ثقة المستثمرين في الوضع الاقتصادي القوي لدولة قطر والأسس المالية القوية للمصرف".