logo
لماذا تستحق محافظك المالية خريطة طريق؟

لماذا تستحق محافظك المالية خريطة طريق؟

صحيفة الخليج١٣-٠٥-٢٠٢٥

فيكتور بروكوبينيا*
تخيل أن تستيقظ صباح يوم ما لتجد حسابك المصرفي فارغاً - ليس بسبب عملية احتيال، بل بسبب قراراتكم الشخصية: فوائد على بطاقات الائتمان، أو استثمارات متسرعة، أو قرض غير مدروس، أو حتى راتب بالكاد يغطي الاحتياجات الأساسية. ليس ذلك سيناريو خيالياً مخيفا، بل واقع يومي يعيشه الملايين حول العالم.
ليست الأمية المالية مجرد مصدر إزعاج بل وباء مستفحل. فبحسب ستاندرد آند بورز، يمتلك 33% فقط من البالغين حول العالم معرفة مالية كافية، أي يجول ثلثا سكان العالم في متاهة مالية دون خريطة، متخذين قرارات قد تؤدي إلى الخراب بدلاً من الأمان.
ما الذي يحدث عند وقوع ظرف طارئ ما؟ يمتلك ما يقارب نصف جيل الألفية مدخرات تقل قيمتها عن ألف دولار. ولا تقتصر عواقب القرارات المالية السيئة على الأفراد فحسب بل تتردد أصداؤها عبر الاقتصادات، لتؤجج أزمات الديون، وتوسع الثغرات بين الثروات، وتنشئ أجيالاً مكبلة بصراعات مالية.
لكن عندما تبدو الأمور قاتمة يحصل تطور مفاجئ، إذ تبرز التكنولوجيا المالية.
غيرت التكنولوجيا كل شيء. وتماماً كما حل نظام تحديد المواقع العالمي محل الخرائط الورقية، حولت تطبيقات الهواتف الذكية أسلوب إدارتنا لأموالنا، فأصبح تداول الأسهم اليوم بسهولة طلب فنجان قهوة. وتستقطب تطبيقات الاستثمار عدداً مذهلاً من المستخدمين وصل إلى 117 مليون مستخدم عام 2023، وفي دولة الإمارات، ارتفع نشاط التداول بنسبة 75% على أساس سنوي، متجاوزاً عدة أسواق تضم إسبانيا وسنغافورة.
لكن سهولة الوصول دون فهم كافٍ تسفر عن كارثة، حيث تفتح نفس التطبيقات التي تتيح الاستثمار للجميع أبواباً للمضاربات المتهورة. وقد رأينا جميعاً تلك القصص - مراهنة بين متداولين بمبالغ كبيرة على أسهم «الميم»، فقاعات عملات مشفرة تنفجر بين ليلة وضحاها، ضياع مدخرات في دقائق. فدون التعليم المالي، تتحول تلك الأدوات إلى أسلحة لتدمير الذات.
تشير الحقيقة الصعبة إلى افتقار معظم الأشخاص لأبسط المهارات المالية. وقد أجرت ستاندرد آند بورز استطلاعاً عالمياً اختبر أربعة مبادئ أساسية: التضخم، وتنويع المخاطر، والمهارات الحسابية، والفائدة المركبة. ووجب على المشاركين في الاستطلاع تقديم إجابات صحيحة على ثلاثة من أصل أربعة أسئلة فقط لاعتبارهم مثقفين مالياً. وقد نجح فقط ثلث البالغين عبر أنحاء العالم في هذا الاختبار.
جاءت النتائج في دولة الإمارات أفضل قليلاً بنسبة 38%، لكنها تظل متأخرة عن مراكز قوى مالية مثل الولايات المتحدة واليابان، حيث يمتلك ما يفوق نصف البالغين فهماً عميقاً لإدارة الأموال.
لكننا نتوقع من الأشخاص اتخاذ خيارات مالية ذكية، مثل شراء منزل، والاستثمار بحكمة، والاستعداد للتقاعد، دون تعليمهم كيفية فعل ذلك.
ولا تقتصر تلك الثغرة المعرفية على الضائقة الفردية، بل تمثل خطراً اقتصادياً. يشكل شيوع الاضطرابات المالية بين سكان دولة ما عبئاً على الاقتصاد الوطني، ويفضي إلى زيادة الاعتماد على البرامج الاجتماعية، والإقراض الجائر، وتقلبات السوق. لكن إذا غيرنا ذلك الواقع، تصبح الثقافة المالية إحدى أقوى محركات الاستقرار والنمو والازدهار.
لذلك، يجب على الحكومات والشركات التدخل.
في دولة الإمارات، تزود مبادرات تشمل أكاديمية الاقتصاد الجديد وبرنامج «غاية» الأشخاص بالمهارات اللازمة لإدارة أموالهم بذكاء.
وتعدّ أكاديمية الاقتصاد الجديد، التابعة لمكتب رئاسة مجلس الوزراء في الدولة، مركزاً رائداً للتدريب والتعليم والتثقيف المالي، حيث تقود الأكاديمية تنشئة جيل جديد من الإماراتيين الملمين بالشؤون المالية.
كما يوفر برنامج «غاية»، المدعوم من أكاديمية سوق أبوظبي العالمي وبالتعاون مع معهد لندن للصيرفة والتمويل، خدماته لسكان أبوظبي منذ عام 2020.
كذلك، عقدت شركة الصكوك الوطنية شراكة مع «تعليم» لتقديم مفاهيم الثقافة المالية للطلاب في مدارسها الاثنتي عشرة. كما طورت مبادرة «كيدز فينانس» المخصصة للأطفال برامج للمدارس والجامعات والشركات الخاصة.
إذا كان عليك استخلاص فكرة واحدة فقط من هذا المقال، فتذكر التالي: المعرفة المالية ليست خياراً، إنما تمثل الفارق بين الازدهار وشظف العيش، بين بناء الثروة والغرق في الديون، بين التحكّم في مستقبلكم والتحول إلى مجرد رقم إحصائي آخر.
ومن خلال تعزيز الثقافة المالية، يمكن ضمان إعداد مستثمرين ومدخرين أفضل وبناء مستقبل يمكن فيه للمزيد من الأفراد تحقيق الاستقلال المالي والاستقرار على المدى البعيد. فرحلة التمكين المالي تبدأ بالمعرفة، وعلينا ضمان عدم خوض أحد تلك المسيرة بمفرده.
* مؤسس شركة كابيتال

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترميم العملات المهترئة.. مهنة أفرزتها حرب غزة
ترميم العملات المهترئة.. مهنة أفرزتها حرب غزة

سكاي نيوز عربية

timeمنذ 28 دقائق

  • سكاي نيوز عربية

ترميم العملات المهترئة.. مهنة أفرزتها حرب غزة

وأصبحت مهنة إصلاح "العملات المهترئة" مصدر رزق لبعض الشباب ومصدر أمل لصمود الناس أمام واقع اقتصادي أنهكته الحرب الإسرائيلية، خصوصا مع اشتداد أزمة السيولة النقدية. وفي ظل انعدام مصادر الدخل وإغلاق البنوك وانهيار النظام المالي في قطاع غزة، يعتمد المواطنون على كل ورقة نقدية مهما كانت ممزقة أو محترقة جزئيا، فالحرب لم ترحم شيئا، ونيرانها طالت النقود وخصوصا العملات الورقية. في أحد زوايا سوق الشيخ رضوان"المؤقت" في مدينة غزة شمالي القطاع يجلس الشاب محمود إسماعيل خلف طاولة خشبية صغيرة، تبعثرت عليها بعض العملات الورقية المهترئة التي تنتظر إصلاحها. يعمل إسماعيل في مجال إصلاح العملات التالفة منذ عام ونصف، بعدما اكتسب خبرة التعامل معها من خلال عمله في مجال المجوهرات وإصلاحها، فيقول: "أثناء الحرب وجدت أن العملات المتوفرة التي يتداولها المواطنون في الأسواق أصبحت مهترئة، وهو ما دفعني للدخول في مجال إصلاحها". ويوضح إسماعيل لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه لجأ للعمل في هذه المهنة من أجل تمكين المواطنين من إعادة استخدام العملات الورقية المتوفرة لديهم لقضاء احتياجاتهم، خصوصا في ظل أزمة نقص السيولة المالية التي تعصف بالقطاع. يُدقق إسماعيل النظر في ورقة من فئة 100 شيكل (28 دولار) كانت بين يديه، يريد ترميمها فأخذ يقص بها باحترافية عالية، وعندما انتهى من إصلاحها بعد مرور عدة دقائق قال: "هذه المهنة تحتاج حرفية عالية ودقة كبيرة، كون الأمر يتعلق بالأموال الخاصة بالمواطنين". ويُكمل: "تأتي إليّ عملات ممزقة أو ملوثة أو حتى محترقة الأطراف. أقوم بلصقها وتغليفها بشكل يحافظ عليها لأقصى مدة ممكنة. الناس لا تفرّط بأي ورقة، حتى لو كانت مشقوقة نصفين". ويستخدم إسماعيل أدوات بسيطة للقيام بهذه المهمة التي تحتاج دقة عالية، وهي "شريط لاصق شفاف، ومقص دقيق، ومادة صمغية تُستخدم لالتئام العملة الممزقة". وخلال حديث إسماعيل وقف أحد الأشخاص أمامه طالبا منه اصلاح ورقة من فئة "100 شيكل"، وقال المواطن الذي يُكنى "أبو أحمد": "عندي 100 شيكل احترقت أطرافها، فرفض الباعة قبولها مني في السوق". ويبين أبو أحمد لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه اضطر لإصلاح الورقة المهترئة لديه نظرا لعدم توفر سيولة نقدية كافية تُعينه على قضاء احتياجات عائلته. فهو لا يمتلك غيرها". ويضيف: "بعد إصلاح العملة المهترئة أصبح يقبل بها الباعة والمتجولين في سوق مدينة غزة". مهنة لا غنى عنها على بعُد أمتار قليلة يجلس شاب آخر يُدعى محمد المدهون، ينهمك في إصلاح عُملة ورقية تالفة من فئة "200 شيكل"، وقال: "مهنة إصلاح العملات الورقية باتت مهمة في ظل استمرار الحرب ومنع إسرائيل ادخال العملات الورقية. ويؤكد المدهون الذي امتهن الحرفة منذ أقل من عام، أيضا بالتزامن اندلاع الحرب لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الناس يلجؤون لإصلاح العملات المهترئة القليلة المتوفرة لديهم في سبيل سد احتياجات عائلاتهم. ويوضح أن هناك إقبالا كبيرا من المواطنين على إصلاح العملات المهترئة، عازيا ذلك إلى تردي الأموال التي يحصلون عليها من وظائفهم أو من المساعدات الإنسانية القليلة التي تتوفر لديهم بين الفينة والأخرى. من ناحيته، يقول محمود جابر إن عدم توفر السيولة النقدية لديه، دفعه لإصلاح ورقتين مهترئتين من فئة "50 شيكل، و100 شيكل"، نظرا لعدم توفر أموال لديه. ويضيف جابر لموقع "سكاي نيوز عربية": "استمرار الحرب على غزة وإغلاق المعابر ينذر بكارثة اقتصادية وشيكة، ولذلك نأمل أن لا تطول هذه الأزمة، من أجل ضمان تدوير العملات بين الباعة والمواطنين دون وقوع أي مشاكل". ورغم تواضع الأدوات، يلعب هؤلاء دورا جوهريا في تسهيل حياة الناس، لا سيما في الأسواق الشعبية ومراكز التوزيع، حيث ترفض بعض المحال أو البائعين استلام العملات الممزقة. تجدر الإشارة إلى أنه منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، أغلقت البنوك أبوابها، ما تسبب في عدم ضخ السيولة النقدية في الأسواق، وامتنعت المصارف عن جمع العملات المتداولة واستبدالها بذريعة منع السلطات الإسرائيلية إدخال العملات الجديدة وخشية من استهداف اللصوص للمركبات التي تنقل تلك الأموال في حال تمت الموافقة على إدخالها.

سيف بن زايد وأبوالغيط يبحثان الرؤية العربية للاقتصاد الرقمي
سيف بن زايد وأبوالغيط يبحثان الرؤية العربية للاقتصاد الرقمي

صحيفة الخليج

timeمنذ 2 ساعات

  • صحيفة الخليج

سيف بن زايد وأبوالغيط يبحثان الرؤية العربية للاقتصاد الرقمي

التقى الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، مع أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، وذلك خلال «سيملس الشرق الأوسط 2025». وناقش الاجتماع سبل تفعيل الرؤية العربية للاقتصاد الرقمي، التي انطلقت من أبوظبي برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله. كما جرى التأكيد خلال اللقاء على أهمية تعزيز التكامل التقني والمعرفي في العالم العربي، ودور الاقتصاد الرقمي في بناء نموذج تنموي عربي مستدام يواكب تحوّلات العصر، ويُسهم في صناعة مستقبل أكثر ازدهاراً واستقراراً للمنطقة. (وام)

شراكة استراتيجية للمستقبل
شراكة استراتيجية للمستقبل

صحيفة الخليج

timeمنذ 2 ساعات

  • صحيفة الخليج

شراكة استراتيجية للمستقبل

شهدت أبوظبي حدثاً بارزاً يعكس رؤيتها الطموحة نحو المستقبل، حيث حضر كل من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الإعلان الرسمي عن تدشين مجمّع الذكاء الاصطناعي الإماراتي – الأمريكي الشامل، ويأتي هذا المشروع الضخم كترجمة حقيقية لعلاقات الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، التي تمتد إلى مختلف المجالات، وخصوصاً المجالات العلمية والتقنية، والتي باتت تمثل حجر الزاوية في التنافسية العالمية. ويهدف المجمّع إلى تطوير بيئة بحثية وتقنية متقدمة تدفع بحدود الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في الحياة اليومية والصناعية. صُمِّم المجمّع ليكون أحد أكبر مراكز الذكاء الاصطناعي في المنطقة والعالم، مستفيداً من الإمكانات التقنية والبشرية في كلا البلدين. وسيضمّ المجمّع عدداً من المعاهد البحثية المتخصصة، إلى جانب حاضنات أعمال، ومراكز تدريب، ومنشآت تعليمية متطورة، إضافة إلى شراكات مع جامعات مرموقة ومؤسسات بحثية عالمية. وفي كلمته خلال حفل التدشين، أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد أن هذا المشروع يمثل خطوة مهمة في بناء اقتصاد معرفي مستدام قائم على الابتكار، مشيراً إلى أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي هو استثمار في مستقبل الأجيال القادمة، وتعزيز لمكانة دولة الإمارات كمركز عالمي للتقنية والبحث العلمي. كما أن هذه الشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية لها أهميتها، وتعكس رؤية القيادة الإماراتية الطموحة، والدور الريادي الذي تلعبه في تبنّي أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا العالمية. كما أن المجمّع يرتكز على عدد من المحاور الأساسية، منها تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي في مجالات الصحة، والتعليم، والطاقة، والبيئة، والنقل، والدفاع، بالإضافة إلى دعم الشركات الناشئة في هذا المجال، وتوفير فرص عمل نوعية للشباب، كما سيُسهم في بناء القدرات المحلية من خلال برامج تدريبية وتبادل معرفي بين الخبرات الإماراتية والأمريكية. لقد حظي ملف الذكاء الاصطناعي باهتمام كبير على مستوى القيادة الرشيدة، حيث تمّ في عام 2017 تعيين أول وزير دولة للذكاء الاصطناعي، وأطلقت الدولة أول استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي، وفي عام 2019 قامت بتأسيس جامعة متخصصة للذكاء الاصطناعي هي جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، ويتوقع أن يُحدث مجمع الذكاء الاصطناعي الإماراتي الأمريكي نقلة نوعية في المنطقة، حيث يوفر منصة عالمية لتطوير الحلول الذكية لمواجهة تحديات العصر، ويُسهم في ترسيخ مكانة أبوظبي كمركز عالمي للابتكار التكنولوجي. إن تدشين هذا المجمع لا يمثل مجرد تدشين مشروع تقني، بل هو إعلان عن مرحلة جديدة من الشراكة بين الإمارات والولايات المتحدة، قائمة على تبادل المعرفة والعمل المشترك لصناعة مستقبل أكثر ذكاءً واستدامة للعالم أجمع.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store